بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

28 يونيو 2010






مقدمة





الكتاب الذي بين أيدينا له أهمية خاصة، تنبع من أهمية الموضوع الذي يتناوله، موضوع الأدلة الجنائية بما لها من أهمية قصوى في مجال العمل الأمني، خاصة في مجال استجلاء غموض الجرائم عند التحقيق فيها، فعن طريق الأدلة الجنائية يثبت الجرم ويدان المتهم، أو تثبت براءته، ومما يزيد من قيمة هذا الكتاب وأهميته العلمية أنه يأتي كنتاج لخبرة مؤلفين متخصصين في مجال الأدلة الجنائية، اعتمدا في عرض محتوياته على الأسلوب العلمي المبسط بعيدا عن التكلف، وقد اشتمل هذا الكتاب على عرض متميز لجميع الآثار المادية، وطرق كشفها والتعامل معها على أساس علمي سليم، ومعالجتها عن طريق الخبرة الفنية، حتى تصبح دليلا جنائيا يعتمد عليه في الإثبات والإدانة أو النفي والبراءة.















مفردات الكتاب





الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه بعنوان (الأدلة الجنائية) وهو من تأليف كل من الدكتور/ منصور بن عمر المعايطة أستاذ الطب الشرعي المساعد بقسم العلوم الجنائية والعقيد الدكتور/ عبدالمحسن بن عبيد الله المقذلي أستاذ الأدلة الجنائية المساعد بقسم العلوم الجنائية في كلية الملك فهد الأمنية، صدر في طبعته الأولى عام 1421هـ، حيث يقع في 237 صفحة من القطع المتوسط، وقد تميزت هذه الطبعة بالإخراج الجيد، ووجود بعض الأشكال والصور التوضيحية.





الكتاب يشتمل بعد المقدمة على ستة أبواب، وذلك على النحو التالي:





الباب الأول: الأدلة الجنائية والآثار المادية من منظور علمي. ويتكون هذا الباب من فصلين.





الباب الثاني: آثار الجاني من منظور بيولوجي وأوجه دلالاتها. وهذا الباب يتكون من تسعة فصول.





الباب الثالث: آثار الجاني من منظور اجتماعي. ويتكون من ثلاثة فصول.





الباب الرابع: آثار أدوات ارتكاب الجريمة. ويتكون من أربعة فصول.





الباب الخامس: آثار مسرح الجريمة ومحتوياته وأوجه دلالاتها. ويتكون من خمسة فصول.





الباب السادس: التزييف والتزوير. ويتكون من فصلين.





يلي ذلك قائمة بأهم المراجع العربية والأجنبية. وسوف نستعرض فيما يلي بعض ما ورد في هذه الأبواب الستة بشيء من التفصيل.















الباب الأول:





في الباب الأول الذي جاء بعنوان (الأدلة الجنائية والآثار المادية من منظور علمي) تحدث الكتاب عن مفهوم الدليل الجنائي والأثر المادي والتمييز بينهما، فقد عرّف الدليل الجنائي بأنه (البرهان القائم على المنطق والعقل في إطار من الشريعة الإجرائية لإثبات صحة افتراض، أو لرفع درجة اليقين الإقناعي، أو حفظها في واقعة محل خلاف) ومن هذا التعريف تظهر حسب ما يرى المؤلفان السمات الأساسية المحددة للدليل الجنائي، والتي تتمثل في أنه برهان يقوم على المنطق والعقل، ويهدف إلى الإقناع بما يكفل الحرية في أسلوبه وشكله ونوعه، ويرفض القيود على إطلاقه إلا بما كان مرتبطا بالشرعية النظامية الإجرائية. وقد أوضح المؤلفان أنواع الأدلة الجنائية نسبة إلى مصدر هذه الأدلة إلى أدلة شرعية (قانونية) وأدلة مادية، وأدلة قولية، وأدلة فنية، فالأدلة الشرعية (القانونية) هي مجموع الأدلة التي حدد المشرع وعيّن قوة كل منها بحيث لا يمكن الإثبات بغيرها، كما لا يمكن للقاضي أن يعطي أي دليل منها قوة أكثر مما أعطاها المشرّع. أما الدليل المادي فهو الذي ينبعث من عناصر مادية كما سيأتي الحديث عنه لاحقا، والدليل القولي هو الذي يتمثل فيما يصدر عن الغير من أقوال تؤثر في قناعات القاضي (مثل اعتراف المتهم وشهادة الشهود ...) أما الدليل الفني فالمقصود به ما ينبعث من رأي الخبير حول تقدير دليل مادي أو قولي قائم في الدعوى، وهو عادة ما يقدمه الخبراء في مسائل فنية لا تستطيع المحاكم _ بحكم تكوين أعضائها_ الوصول إلى نتائج حاسمة بشأنها.





وقد لاحظ المؤلفان أن هناك خلطا لدى كثير من الناس بما فيهم العاملين في الأجهزة الأمنية بين المقصود بالدليل المادي والأثر المادي، ولذلك أوردا تعريفا لكل منهما، حيث يعرفان الدليل المادي بأنه (حالة قانونية تنشأ من استنباط أمر مجهول من نتيجة فحص علمي أو فني لأثر مادي تخلف عن جريمة، وله من الخواص ما يسمح بتحقيق هويته أو ذاتيته) أما الأثر المادي فقد عرّفاه بأنه (كل ما يمكن إدراكه ومعاينته بالحواس، سواء كان جسما ذا جرم، أو مجرد لون، أو شكلا أو رائحة) كأثر استعمال آلة، ووجود بقع دموية، أو غيرها. وبذلك يكون الأثر المادي مصدرا للدليل المادي، وقد يشكل هذا الأثر دليلا بعد الفحص والمعالجة.





بعد ذلك تحدث المؤلفان عن مناهج ووسائل فحص الدليل المادي، فمن حيث المناهج هناك منهجان؛ الأول يعتمد على الفحص الطبيعي والكيميائي على أساس تحديد الخواص الكيميائية والطبيعية لمادة الأثر المجهولة بالاعتماد على الأجهزة ذات التقنية العالية، والمنهج الثاني يقوم على المقارنة والمضاهاة، كما في حالة مقارنة بصمات الأصابع، ومضاهاة الخطوط اليدوية، ومضاهاة آثر الأسلحة النارية على المقذوفات والأظرف الفارغة، وهذه المقارنات تتم باستخدام الميكروسكوب بأنواعه المختلفة، أو باستخدام العين المجردة من قبل الخبراء.





وقد تطرّق المؤلفان بعد ذلك لمشروعية الدليل الجنائي في الشريعة الإسلامية وفي الأنظمة الوضعية، وختم هذا الفصل بالتعريف بالجهات المختصة المعنية بجمع الأدلة الجنائية، وأن ذلك لا يقتصر على المحقق الجنائي وحده بل يشمل مجموعة من الخبراء ضمن فريق كامل يطلق عليه فريق مسرح الحادث، ومنهم خبراء التصوير الجنائي، خبراء البصمات، خبراء الأسلحة، خبراء التزييف والتزوير، خبراء الكيمياء الجنائية، خبراء السموم والمخدرات، خبراء فحوص العوامل الوراثية DNA ، خبراء الفحوص الحيوية، الأطباء الشرعيون، وغيرهم.





أما الفصل الثاني من الباب الأول فقد خُصص للحديث عن الآثار المادية من حيث ماهيتها، ومصادرها، وأنواعها، وتقسيمها حسب مصادرها أو حسب ظهورها، والعوامل المؤثرة على الآثار المادية، والأصول الفنية للتعامل معها، وطرق تصويرها ورفعها وتحريزها، وأخيرا الأهمية الفنية للآثار المادية في المجالات الجنائية.





وفي هذا السياق أورد المؤلفان تعريفا أكثر وضوحا للأثر المادي بأنه (كل ما يعثر عليه المحقق الجنائي في مسرح الحادث، أو في جسم المجني عليه، أو ملابسه، أو يحمله الجاني نتيجة تفاعله مع المجني عليه، ويمكن إدراكه ومعاينته بإحدى الحواس أو بواسطة الأجهزة العلمية والتحاليل الكيميائية). ومن ذلك يتضح أن مصادر الآثار هي مسرح الجريمة، الجاني وملابسه وأدواته، المجني عليه وملابسه. بعد ذلك تحدث المؤلفان عن أهم العوامل التي لها تأثير على الآثار المادية ومن ذلك التدخل الخارجي، الجاني، أهل المجني عليه، والعوامل الطبيعية، كما بيّنا الأصول الفنية للتعامل مع الآثار المادية في مسرح الحادث من خلال العناصر الجوهرية التالية: المحافظة على الأثر، وصف الأثر، رفع الأثر، تحريز الأثر ونقله. موضحين بالتفصيل كيفية القيام بذلك وأهم الاعتبارات الواجب مراعاتها لضمان الاستفادة القصوى من الأثر.





وقد اختتم هذا الفصل بالحديث عن الأهمية الفنية للآثار المادية في المجالات الجنائية والتي تشمل التحقق ومعرفة صاحب الأثر، الإسهام في الإدانة بالنسبة للمتهم، أو تأكيد البراءة، إمكانية أن تدل الآثار على عادات صاحبها وحالته الصحية، معرفة عدد الجناة، إيجاد الرابطة بين شخص المتهم والمجني عليه ومكان الحادث، التعرف على كيفية ارتكاب الجريمة، وأخيرا تحديد نوع الجريمة المرتكبة ووسائل ارتكابها.



















الباب الثاني





خصص الباب الثاني من الكتاب للحديث عن آثار الجاني من منظور بيولوجي وأوجه دلالاتها في تسعة فصول. ففي الفصل الأول تحدث المؤلفان عن آثار الدماء وأوجه دلالاتها موضحين أماكن تواجد البقع الدموية على المتهم وتحت أظافرة وعلى ملابسه، أو على الجثة وما عليها من ملابس وتحت الأظافر، أو على مسرح الحادث وملحقاته وكل ما يتصل به من أماكن، وخاصة الأرضيات والجدران وقطع الأثاث الموجودة، وعلى الأسلحة والأدوات المستخدمة في الجريمة، وعلى السيارات وإطاراتها، وقد بين المؤلفان أشكال البقع الدموية ودلالة كل شكل فيها، وأهم الطرق الفنية لرفع البقع الدموية سواء كانت على شكل دم سائل أو متجلط، أو دم جاف، سواء كانت على الأرض أو على الأسطح المختلفة أو على المفروشات وغيرها. ثم إيضاح الفحوص التي تجري على البقع والتلوثات الدموية، وهي اختبارات مبدئية بالبنزدين والفينوفيثالين أو اختبارات تأكيدية بطريقة تيشمان أو طريقة تاكا ياما، أو الاختبارات الطيفية، أو الاختبارات الميكروسكوبية، وأخيراً الاختبارات الخاصة وتشمل اختبار الترسيب، واختبار تحديد فصيلة الدم، واختبار الحامض النووي.





أما الأهمية الفنية للبقع والتلوثات الدموية في مجال التحقيق الجنائي فتشمل معرفة هوية الجاني، ومعرفة حركة الجاني وسلوكه عند ارتكاب الجريمة، أو حركة المجني عليه بعد الإصابة، والمساعدة في معرفة الزمن التقريبي لوقوع الحادث أو الجريمة، ومعرفة سبب الوفاة في بعض الحالات، وإثبات حالات البنوة والأبوة أو نفيهما، وتحديد عدد الجناة وغير ذلك.





ثم تحدث المؤلفان عن اللعاب كأحد الآثار البيولوجية من حيث أماكن تواجدها في مسرح الجريمة وكيفية رفعها وفحصها، والأهمية الفنية والجنائية للتلوثات اللعابية، ثم توضيح آثار الأسنان وأنواعها وأماكن البحث عنها وطرق رفعها ومقارنتها ودلالاتها الفنية وأهميتها في التحقيق الجنائي، فقد تساعد على التعرف على الجاني، أو التعرف على الجثث المجهولة ا لهوية والمعالم، أو التعرف على الجثث عقب الكوارث والحوادث الجماعية، أو التعرف على بعض أسباب الوفاة الناتجة عن التسمم المزمن... وغيرها. بعد ذلك تطرّق المؤلفان للأظافر وآثارها وأنواعها وكيفية التعامل معها، وأهميتها من الوجهة الجنائية، ثم الحديث عن آثار الشعر معرفين بمكونات الشعر البشري وخصائصه، وأماكن العثور على الشعر في مسرح الجريمة، والطرق العلمية والمخبرية لفحص الشعر، ثم الأهمية الفنية للشعر كالتعرف على الجثث، والتعرف على أنواع الجروح والتفريق بينها وتحديد الأداة المستخدمة في إحداثها إذا وقعت الجروح في مناطق من الجسم مغطاة بالشعر، كما تساعد في التعرف على فتحة الدخول وفتحة الخروج في إصابات الأعيرة النارية في حالات الإطلاق من المسافات القريبة، وكذلك للتفريق بين آثار الحروق، وتشخيص بعض حالات التسمم المعدنية، وحوادث الدهس والكشف عن المخدرات وحدوث العنف أو المقاومة، وإثبات النسب وغير ذلك.





كما تحدث المؤلفان عن السائل المنوي وأهميته في الجرائم الجنسية موضحين أماكن البحث عن التلوثات المنوية، ووسائل وطرق كشف البقع والتلوثات المنوية، والطرق العلمية لرفع الآثار المنوية وأهم الفحوص المخبرية للكشف عنها والاستفادة منها، والأهمية الفنية للبقع والتلوثات المنوية في المجال الجنائي سواء في مجال إثبات المواقعة الجنسية، أو التعرف على هوية الجناة. بعد ذلك تحدث المؤلفان عن العرق كأحد الآثار البيولوجية وأوجه دلالته ومدى الاستفادة من وجوده في التحقيق الجنائي.





ونظراً لأهمية بصمات الأصابع فقد بين المؤلفان تعريف البصمة بأنها (خطوط البشرة الطبيعية على باطن أصابع اليدين والكفين والقدمين، حيث تتكون من خطوط حلمية بارزة تحاذيها خطوط أخرى منخفضة وعند ملامسة الأشياء تترك الخطوط الحلمية البارزة ما يسمى بطبعات البصمات أو الأثر) وقد أكد المؤلفان على أن البحوث الطبية أثبتت كثيراً من الحقائق العلمية المميزة للبصمات ومنها ثبات شكل الخطوط الحلمية بالبصمات منذ تكونها في الشهر الرابع من الحمل وحتى نهاية العمر، وعدم تأثر البصمات بعامل الوراثة حتى في حالات التوائم التي تنتمي لبويضة واحدة، وأن هذه الخطوط خاصة بكل فرد ولا تتطابق مع غيرها لأي شخص آخر. ثم بينا بعد ذلك أنماط وأشكال بصمات الأصابع، والأماكن المتوقع وجود البصمات فيها في مسرح الجريمة، والحالات التي تكون عليها البصمة، بعد ذلك تم الحديث بالتفصيل عن كيفية رفع البصمات وإظهار المستتر منها بمختلف الوسائل والأجهزة، وصولا إلى استخدام الحاسب الآلي في البحث والتصنيف مما سهّل عمل المختصين في مجال البحث وتتبع البصمة أو حتى جزءا منها عند العثور عليه في مسرح الجريمة.





بعد ذلك بين المؤلفان موقف الشريعة الإسلامية والقوانين والوضعية من البصمات، وأخيراً أهمية البصمات وأوجه دلالاتها الفنية حيث تعتبر من أهم الأدلة المادية المتخلفة عن الجاني، والتي تثبت بما لا يدع مجالاًُ للشك على وجود صاحبها في المكان التي رفعت منه، فالبصمة وسيلة لتحقيق شخصية صاحبها وتحديد ذاتية على وجه اليقين، كما تبين حركة الفاعل في مسرح الجريمة، وتبين عدد الجناة، وإمكانية التحديد التقريبي لحرفة أو لمهنة صاحب البصمة، وبعض الأمراض الجلدية لدى صاحبها، وخاصة التي تؤثر على الخطوط الحلمية المكونة للبصمة. بعد ذلك تحدث المؤلفان بشكل مختصر عن كل من بصمة الأذن وبصمة الصوت.





ونظرا لتطور علم الوراثة ودراسة الخلية فقد أدى اكتشاف البصمة الجينية إلى طفرة حقيقة في مجال تحقيق الذاتية للشخص اعتمادا على الحامض النووي، حيث ثبت أن الناس يختلفون عن بعضهم البعض في مواقع محددة على الحامض النووي DNA وقد سمي ذلك بصمة الحامض النووي. ولذلك بين المؤلفان ماهية الحامض النووي ومكوناته ومصادره، والطرق والتقنيات المستخدمة في تحليل الحامض النووي الذي عرّفاه بأنه الحامض النووي الرايبوزي منقوص الأكسجين Deoxyribonucleic ويرمز له بالحروف DNA، ويوجد الحامض النووي في نواة الخلية عدا كميات قليلة منه في الميتوكوندريا، ويشغل الحامض النووي الجزء الداخلي للكروموسوم، ويوجد على هذا الحامض النووي أجزاء تدعى (العقد الجينية أو الجينات) وهي الأجزاء التي تحمل الصفات الو راثية الموجودة في الجنين منذ بداية نشأته وتكوينه.





كما بين المؤلفان مكونات الحامض النووي والمواد ا لبيولوجية التي يمكن عن طريقها معرفة بصمة الحامض النووي DNA، بحيث تشمل هذه المواد عينات الدم، السائل المنوي، اللعاب، الشعر، الأنسجة بأنواعها، العظام، والبول. فالحامض النووي يوجد في جميع خلايا جسم الإنسان التي يوجد بها نواه.





وأخيرا استعرض المؤلفان طرق تحضير واستخلاص الحامض النووي من خلية إلى أخرى، والتقنيات والطرق المستخدمة في تحليل الحامض النووي. وأخيراً أهمية بصمة الحامض النووي وتطبيقاتها في مجال التحقيق الجنائي، ويشمل ذلك الاستعراف، إثبات البنوة والأبوة، وإثبات درجة القرابة.
















































الباب الثالث:



الباب الثالث جاء بعنوان "آثار الجاني من منظور اجتماعي في ثلاثة فصول، الأول خصص للملابس، والثاني لآثار الأقدام والأحذية، والثالث لآثار بعض العادات، فالمؤلفان يؤكدان أن ملابس الإنسان تعكس الكثير من الصفات والمميزات الخاصة به كالسن والميول والحرفة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي وغيرها من الأمور التي تميزه عن غيره، وهي صفات ومميزات على درجة كبيرة من الأهمية للباحث والمحقق الجنائي حيث تضيق دائرة البحث والتحري عن الأشخاص المشتبه فيهم، وقد بيّنا في هذا الفصل أهمية الملابس في التحقيق الجنائي، وأهمية رفعها وتحريرها، وكيفية فحصها سواء بالعين أو باستخدام الأشعة فوق البنفسجية أو باستخدام جهاز لاناميتر. ثم تحدثا عن أهمية الملابس ودلالاتها في التحقيق الجنائي في مجال الاستعراف بصورة عامة، والمساعدة في معرفة نوع الحادث، ومعرفة السلاح أو الأداة المستخدمة في الجريمة، والاستفادة من التلوثات العالقة بالملابس في تحديد نوع الفعل المرتكب.

وفي الفصل الثاني من هذا الباب يتحدث المؤلفان عن آثار الأقدام والأحذية وأنواعها وطرق رفعها من مسرح الجريمة، وطريق مضاهاتها مع آثار المتهمين. وأهمية آثار الأقدام في المجال الجنائي وأوجه دلالاتها من حيث معرفة عدد الأشخاص الذين كانوا متواجدين في مسرح الحادث، ومعرفة الجهة التي قدم منها الجاني، ومعرفة حالة القدم والعمر التقريبي لصاحبها، وحالة صاحبها وقت تركه للأثر من حيث الوقوف أو السير أو الجري أو حمل أشياء ثقيلة، أو الدلالة أحياناً على بعض صفات صاحب الأثر من حيث سلامة الجسم أو كونه أعرج أو أعور أو أنه في حالة سكر واضطراب أثناء تواجده في مسرح الجريمة.









الباب الرابع:



الباب الرابع من الكتاب خصص للآثار الناتجة عن أدوات ارتكاب الجريمة وذلك في أربعة فصول، شملت آثار الأسلحة النارية، آثار الآلات، آثار السيارات، آثار السموم. فالجريمة فعل يحتاج الفاعل لتنفيذه إلى بعض الأدوات وهذه الأدوات التي قد يلجأ الجاني لاستخدامها كثيرة ومتعددة بحيث يصعب حصرها، ولذلك اقتصر الحديث في هذا الباب على أربعة أنواع من الآلات نظرا لشيوع استخدامها من قبل الجناة في ارتكاب جرائمهم. فالأسلحة النارية من أكثر الوسائل استخداما، ولذلك نجد أن الآثار الناتجة عن استخدامها ذات حضور كبير في مجال الأدلة الجنائية، حيث يمكن الإجابة عن عدد من التساؤلات مثل: ما نوع السلاح المستخدم؟ كم تبلغ المسافة بين الجاني والمجني عليه عند الإطلاق؟ ومن مستخدم السلاح؟ وغيرها. فمن أهم النواتج التي ترافق عملية الإطلاق ما يلي: ( المقذوف الناري، الغازات، اللهب، الدخان، حبيبات البارود غير المحترقة أو المحترقة جزئياً، الظرف الفارغ، وغيرها) كما يرافق عملية الإطلاق الناري تشكّل مجموعة من الآثار ذات الأهمية البالغة في الإجابة على كثير من الأسئلة التي تدور في ذهن المحقق، وقد صنف المؤلفان هذه الآثار حسب مكان ظهورها وتواجدها على النحو التالي:

1-الآثار التي تظهر على السلاح المستخدم، وذلك يشمل بصمات مستخدم السلاح، بقع دموية في حالة الإطلاق من مسافة قريبة، نواتج احتراق البارود.

2- الآثار التي تظهر على الظرف الفارغ، يرى المؤلفان للظرف الفارغ أهمية كبيرة في مجال التحقيق، فعن طريقه يمكن معرفة نوع السلاح الناري المستخدم، وتحديد السلاح الذي أطلق منه إذا وجدت أسلحة مشتبه في استخدامها لتنفيذ الاعتداء، ومن أبرز الآثار التي تظهر على الظرف الفارغ أثر إبرة ضرب النار، أثر وجه الترباس، أثر ا لساحب (اللقاف)، أثر القاذف، أثر غرفة الإطلاق.

3- الآثار التي تظهر على المقذوف في الأسلحة ذات السدود والخدود، وذلك يشمل الخطوط الحلزونية من حيث عددها واتجاهاتها وزوايا ميو لها وعرضها، ويطلق على ذلك بصمة السلاح، آثار دوران المقذوف، آثار تشويه المقذوف.

4- الآثار المتخلفة على مستخدم السلاح ويشمل ذلك ما يتخلف عادة على يد الشخص الذي أطلق النار، مثل جزيئات البارود والرواسب المعدنية.

5- الآثار التي تظهر على جسم وملابس المصاب، ويشمل ذلك الجرح الناري وهو الإصابة الناتجة عن المقذوف الناري على الجسم، ويسمى ذلك فتحتي الدخول والخروج للمقذوف، وما يحدثه من تمزقات في الجسم وفي الملابس، كما يشمل آثار الغازات الناتجة عن الإطلاق حول مكان دخول المقذوف في حالة الإطلاق الملامس للجسم أو من مسافة قريبة جداً، الاسوداد في مكان دخول المقذوف، الحرق، التسحج الحلقي، المسحة الرصاصية.

بعد ذلك بين المؤلفان الخطوات الواجب إتباعها لرفع آثار الأسلحة النارية من مسرح الجريمة، وطرق ووسائل فحص الآثار الناتجة عن استخدام الأسلحة النارية سواء بالعين المجردة والعدسة المكبرة، أو باستخدام الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية، أو باستخدام الاختبارات الكيميائية، أو باستخدام الميكروسكوب المقارن، أو بالتحليل الطيفي بالامتصاص الذري اللا لهبي ، أو بالمسح الالكتروني المجهري، أو بالتصوير بالأشعة السينية.

أما الأهمية الفنية لآثار الأسلحة النارية في المجال الجنائي وأوجه دلالاتها فيرى المؤلفان أن آثار الأسلحة النارية تساعد على معرفة نوع السلاح المستخدم، التعرف على الشخص المستخدم للسلاح، معرفة مسافة الإطلاق، تحديد ومعرفة اتجاه وزاوية الإطلاق، تحديد وقت استخدام السلاح.

أما الفصل الثاني من الباب الرابع فقد خصصه المؤلفان للحديث عن آثار الآلات مثل العتلة، المنشار، المطرقة...وغيرها. وقد عرّفا الآلة بأنها (كل أداة سواء كانت قاطعة أو راضة أو ثاقبة أو كاسرة كالمنشار والعتلة والمفك والسكين...الخ).

وبينا أنواع آثار الآلات حيث يأخذ الأثر غالباً أحد الأشكال التالية: (أثر ضغط الآلة. أثر انزلاق الآلة، أثر قطع في اتجاهين أو اتجاه واحد) كما تم إيضاح الطرق المناسبة للمعاينة ورفع آثار الآلات المستخدمة، ومدى مهارة الجاني وخبرته في استخدام الآلة.

كما خصص الفصل الثالث لآثار السيارات الممكن العثور عليها في مسرح الحادث، حيث يوجد آثار للإطارات وآثار للزيت والسوائل المتساقطة من السيارة، أو ما يكون عالقا بها من مواد، وكذلك آثار الفرامل على الأرض، كما تحّدثا عن طرق رفع آثار السيارات سواء كانت أثاراً للإطارات أو للطلاء، وصولاً إلى إيضاح أهمية آثار السيارات ودلالتها من الناحية الجنائية، فقد تساعد على معرفة نوع السيارة وحجمها واتجاهها وسرعتها، ومعرفة السيارة المشتبه بها في حوادث الدهس من خلال تتبع الآثار العالقة بالسيارة.

أما الفصل الرابع من هذا الباب فقد ركّز على استخدام السموم في القتل والآثار المترتبة على ذلك، حيث عرّف المؤلفان السم بأنه " المادة التي إذا دخلت الجسم السليم عن أي طريق أحدثت اعتلالا بالصحة أو الوفاة " موضحين تصنيفات حالات التسمم وخاصة في المجال الأمني، وهو تصنيف حسب ظروف الحادثة يجعل التسمم على ثلاثة أنواع هي:

1-التسمم الجنائي، وهو الذي يكون بفعل فاعل، ومن أهم مميزات السموم المستخدمة في ذلك أنها لا طعم لها ولا رائحة، أو أن طعمها ورائحتها تلائم نوع الطعام أو الشراب الذي تدس فيه، كما تمتاز بأنها ذات مفعول بطيء ليتمكن الجاني من الابتعاد، وغالبية الأعراض التي تنشأ عن هذه السموم تشبه إلى حد كبير الأعراض التي تظهر نتيجة الإصابة ببعض الأمراض.

2-التسمم الانتحاري: ويستخدم في هذا المجال سموما سريعة المفعول لا تحدث آلاما شديدة.

3-التسمم العرضي: الذي يحدث عند اتصال الأشخاص بالمواد السامة أو غيرها.

وقد أوضح المؤلفان أهم آثار التسمم سواء كانت آثاراً موضعية تظهر على الشخص المصاب، أو آثاراً عامة، أو آثاراً في مكان الحادث، وأهم الأشياء التي يمكن وجود آثار السموم عليها لتحليلها الأكواب الزجاجية والأواني، بقايا المشروبات والأطعمة، القيء، العبوات الدوائية، والمحاقن الطبية الموجودة في المكان.









الباب الخامس:



الباب الخامس من هذا الكتاب خصص للحديث عن آثار مسرح الجريمة ومحتوياته وأوجه دلالاتها، حيث جاء في خمسة فصول، الأول منها لتحديد مفهوم مسرح الجريمة وأهميته في التحقيق الجنائي، والثاني لآثار الزجاج وأوجه دلالاته، والثالث لآثار الحريق العمد، والرابع لآثار الأتربة وأوجه دلالاتها، أما الخامس والأ خير في هذا الباب فقد خُصص للحديث عن آثار الانفجارات الجنائية.

وأشار المؤلفان إلى أهمية مسرح الجريمة في مجال التحقيق والبحث الجنائي، وخاصة في مجال كشف الغموض الذي يكتنف بعض الحوادث الجنائية، فهو مستودع أسرارها، ومنه تنبثق كافة الأدلة، وقد أعتبره البعض بمثابة الشاهد الصامت الذي إذا أحسن المحقق استنطاقه حصل على معلومات مؤكدة.

وقد بين المؤلفان اختلاف وجهات النظر في تحديد مسرح الجريمة وتعريفه، حيث قصره البعض على مكان ارتكاب الجريمة، بينما يرى البعض الآخر أنه يمتد إلى الأماكن التي تحتوي على الأدلة الجنائية أو التي تساعد المحقق على كشف الجريمة والتوصل إلى الحقيقة، ليشمل الطرق الموصلة إليه، والأماكن المحيطة به، وأماكن الإخفاء، وغيرها. وقد عرّفه البعض بأنه "المكان الذي تنبثق منه كافة الأدلة" إلا أن المؤلفين يريان أن النظرة الواسعة تقتضى التوسع في مفهوم مسرح الجريمة ويؤثران التعريف الذي يحدد مسرح الجريمة "بالمكان أو مجموعة الأماكن التي تشهد مراحل الجريمة من إعداد وتحضير وتنفيذ، والذي تنبثق منه كافة الأدلة".

كما يؤكد المؤلفان على اعتبار مسرح الجريمة ملكاً مؤقتا لسلطات التحقيق بعد علمها بالجريمة، يخضع لأشرافها المطلق و لها أن تتحفظ عليه، وتعين الحراسة اللازمة.

كما تم إيضاح الطرق والوسائل التي يلجأ إليها المجرم لاقتحام مسرح الجريمة ليشمل ذلك اقتحام النوافذ، الأبواب، فتحات السقف والجدران، مما يساعد المحقق على البحث عن الأدلة في هذه المواقع.

أما أهمية مسرح الجريمة من الناحية الجنائية فيرى المؤلفان أنها تتلخص فيما يلي:

1-يبين وقوع الجريمة ومكان فعلها المادي أو ينفى وقوعها في الأصل.

2- يعتبر مسرح الجريمة المصدر الرئيس للأدلة المادية التي يعتمد عليها في إدانة الجناة.

3- يساعد مسرح الجريمة في تحديد الأسلوب الإجرامي.

4- يساعد على معرفة تحركات الجاني والجناة في مسرح الجريمة.

5- يساعد في تحديد وقت ارتكاب الجريمة ومكانها والآلات المستخدمة فيها.

6- يشير إلى الصلات بين الجاني والمجني عليه، ومدى معرفة ودراية الجناة بمسرح الجريمة.

وقد ركز المؤلفان على واجبات ضابط الأمن تجاه مسرح الجريمة منذ لحظة تلقيه البلاغ، وذلك على النحو التالي:

1-الانتقال السريع إلى موقع الجريمة.

2- تأمين حياة الموجودين على مسرح الجريمة.

3- التحفظ على مسرح الجريمة وحمايته.

4- استدعاء الخبراء وتأمين وصو لهم إلى مسرح الجريمة.

5- إدخال الخبراء كل حسب الأهمية والأولوية.

6- تحرير المحضر اللازم بكامل الإجراءات التي تمت من جانبه وإثبات مشاهداته وملاحظاته.

كثيرا ما يصاحب بعض الحوادث والجرائم وجود قطع من الزجاج ناتجة عن كسر زجاج النوافذ أو الأبواب أو غيرها، أو ناتجة عن حوادث الاصطدام المروري، لذلك أفرد المؤلفان الفصل الثاني من الباب الخامس للحديث عن آثار الزجاج وأوجه دلالاته في التحقيق الجنائي، بدءا بالحديث عن كيفية التعامل مع الزجاج المكسور في مسرح الجريمة وأماكن تواجدها، ثم طرق التعرف وإجراء المقارنة على آثار الزجاج، وأهم هذه الطرق طريقة الملاءمة والمقارنة، واستخدام الاسبكتروا جراف ( التحليل الطيفي) ومقارنة قطع الزجاج بواسطة معامل الانكسار، ومقارنة قطع الزجاج باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، وصولا إلى توضيح الأهمية الفنية والجنائية لآثار الزجاج التي تتلخص في ما يلي:

1-الاستعراف.

2- معرفة مكان دخول وخروج المقذوف الناري على الزجاج.

3- تحديد اتجاه الإطلاق.

4- بيان التركيب الزمني للإطلاق الناري على الزجاج.

5- تحديد ومعرفة الجهة التي كسر منها الزجاج.

الفصل الثالث من الباب الخامس خصص للحديث عن آثار الحريق العمد، حيث يرى المؤلفان تزايد جرائم الحريق العمد على مستوى العالم، ومع ازدياد أعدادها تتعقد أساليبها وتتنوع دوافعها، وأبرز هذه الدوافع هو الحصول على التعويض من شركات التأمين، وقد تكون جرائم الحريق العمد انتقامية، أو لإخفاء معالم جرائم أخرى، لذلك تعد هذه الجرائم من أخطر أنواع الجرائم وأشدها ضرراً، ويعود السبب لعدم القدرة على التحكم في نتائجها، وإلى سهولة ارتكابها، وصعوبة تتبع الآثار المادية التي يتركها الجناة في مسرح الحادث، حيث تأتي النار على الأدلة أو الآثار الموجودة في مكان الحريق، كما أن استخدام المياه ومواد الإطفاء ودخول رجال الإطفاء والإنقاذ يساعد على إتلاف جميع الآثار المادية التي يمكن أن تساعد المحقق الجنائي في أداء واجبه.

وبعد أن تحدث المؤلفان عن الصفات المميزة لحوادث وجرائم الحريق العمد بينا أهم الآثار المادية في جرائم الحريق العمد، وتشمل:

1-المواد البترولية المستخدمة عادة في المساعدة وإحداث الاشتعال.

2- المواد الصلبة مثل مسحوق الكبريت أو الفسفور.

3- العثور على عيدان الثقاب المستعمل في المكان دون مبرر طبيعي لوجودها.

4- قطع القماش المبللة بالمواد البترولية أو أوعية نقل المواد البترولية.

5- وجود آثار تدل على اقتحام المكان قبل الحريق بطريقة غير مشروعة.

6- بقايا الأوراق التي يستخدمها الجاني أحياناً لإشعال الحريق.

7- الأدوات المعدنية الغريبة المتواجدة في مكان الحادث.

8- وجود آثار خاصة ترتبط بجريمة أخرى معاصرة لوقوع الحريق ومرتبطة به من أجل إخفاء معالمها وطمس آثارها.

9- آثار الإصابات على الجاني نفسه مثل الحروق أو الإصابات العرضية.

كما بين المؤلفان إجراءات التعامل مع آثار الحريق لأن هذه الآثار كغيرها من الآثار تتطلب أسلوبا علميا سليما في جمعها ونقلها إلى المختبرات، وقد يؤدي عدم استخدام الأساليب العلمية إلى إتلاف الأثر وعدم الاستفادة منه. ومن أهم الإجراءات الواجب مراعاتها عند التعامل مع آثار الحرائق حسب ما يرى المؤلفان ما يلي:

1-يجب جمع الآثار المحتمل أن تحتوي على مادة مساعدة للحريق ووضعها في وعاء متين لا يتسرب عبره ا لهواء.

2-يجب أن تشمل العينات التي تؤخذ من مسرح الجريمة عينات من الأثاث، بقايا الثياب، الجبس، الرماد، الحطام، السناج الأسود، عينه من التربة.

3-جمع عينات من السوائل التي يعثر عليها من مكان الحريق في زجاجات محكمة الإغلاق.

4-يجب جمع أي آثار أخرى مثل الأدوات والأوعية الموجودة في مكان الحادث والتي يحتمل أن تكون قد استخدمت في نقل المواد البترولية، الملابس، قطع الزجاج، رقائق الطلاء، المكونات البلاستيكية المنصهرة، الأسلاك وغيرها.

5-توضع العينات في أوعية نظيفة وجافة وذات حجم مناسب.

6-إغلاق جميع الأوعية بإحكام مع كتابة جميع البيانات المتعلقة بالأثر، ونوعه، والمكان الذي أخذ منه، والتاريخ، ورقم القضية واسم الشخص الذي رفع الأثر.

7-أن تتم عملية نقل الآثار بالسرعة الممكنة إلى المعامل الجنائية لإنهاء إجراء الفحص والتحليل.

ونظرا لأن الإنسان معرض لحمل الأتربة والغبار على جسمه وملابسه والأدوات التي يحملها معه، وهذه الأتربة عبارة عن ذرات دقيقة من تربة المكان الذي يقيم فيه الشخص أو يتواجد فيه، وهذه الأتربة تعد من الآثار الواجب الاهتمام بها من قبل المحقق الجنائي ولذلك جاء الفصل الرابع من الباب الخامس للحديث عن آثار الأتربة ودلالاتها، حيث بين المؤلفان أنواع الأتربة، ثم إجراءات جمع عينات التربة وطرق جمع هذه العينات، وأهم الطرق المستخدمة في فحص عينات التربة، وصولاً إلى إيضاح الأهمية الفنية لآثار التربة ودلالتها الجنائية، ومن ذلك:

1-التعرف على الأماكن التي يأتي منها الجناة.

2- تعقّب الجناة.

3- ربط المجرم بالجريمة أو الحادث.

أما الفصل الخامس من الباب الخامس فقد خصصه المؤلفان للحديث عن آثار الانفجارات الجنائية، انطلاقا من الأهمية القصوى لحوادث الانفجار حيث أنها تمس أمن الدولة مباشرة.

والمتفجرات عبارة عن مركبات كيميائية أو مخلوط من عدة مركبات من خصائصها الاحتراق السريع تحت مؤثرات معينة لتعطي كميات هائلة من النواتج في لحظة قياسية قد تصل إلى أجزاء من المليون من الثانية، ويكون لها قوة ضغط عالية مصحوبة بدرجة حرارة عالية جداً تؤثر فيما حو لها تأثيراً تدميريا تختلف شدته حسب نوع المادة المتفجرة المستخدمة.

وقد بين المؤلفان القواعد العامة في معاينة حوادث الإنفجارات، ومن ذلك:

1-سرعة الانتقال إلى المكان، والتحفظ على الموقع.

2- أخذ الحذر الشديد عند الاقتراب من منطقة الانفجار.

3- إنقاذ المصابين إن وجدوا.

4- تحديد مواقع المصابين والمتوفين وأماكن العثور عليهم بدقة لفائدة ذلك في التحقيق.

5- حصر كافة السيارات والمركبات الموجودة حول الموقع أو داخلة وإثبات حالة كل منها مع تمييز السيارات الغريبة عن المبنى.

6- الاهتمام بالسيارات التي يُحتمل أن تكون مصدر الانفجار، أو يظهر من خلال المعاينة الأولية الاشتباه بها، وهي السيارات الأشد تدميراً وإتلافاً.

7- العمل على دفع المخلفات الخرسانية بالاستعانة بروافع خاصة وذلك من أجل إنقاذ المصابين أولاً، وكشف أرضية مسرح الحادث تماماً لدراسة الآثار والعلامات المتواجدة على سطح الأرض، وجمع بقايا المكونات الموجودة الخشبية والبلاستيكية والمعدنية وغيرها.

8- يراعى نقل العينات والشظايا المختلفة والأجزاء المعثور عليها (سواء من جهاز التفجير أو العينات الأخرى ذات العلاقة) إلى المعامل الجنائية لإجراء الفحص والتحليل داخل أكياس نظيفة، ويوضع عليها من الخارج بيانات العينة، وأوصافها، ومكان العثور عليها.

وقد أوضح المؤلفان أهم الظواهر والصفات المميزة للانفجارات الجنائية، ومن ذلك شدة الآثار التدميرية للانفجار، وتناثر المخلفات والمحتويات ووجود إصابات بليغة، ووجود آثار موضعية تتمثل في وجود حفرة أرضية في مركز الانفجار، وتمثل هذه الحفرة أهمية قصوى في البحث عن الشظايا الأولية المنطلقة من الانفجار، ويتوقف شكل هذه الحفرة وعمقها على ثلاثة عوامل هي: (شدة الانفجار، موضع الشحنة المتفجرة بالنسبة لسطح الأرض، طبيعة الأرض ودرجة مقاومتها لتأثير الموجة الانفجارية) ومن الآثار المتخلفة من الإنفجارات الشظايا الأولية والثانوية.

وقد استعرض المؤلفان الآثار والعلامات الدالة على حدوث الإنفجارات في الطائرات، فالغموض دائما يكتنف حوادث انفجار وسقوط الطائرات، حيث لا يظهر عادة أي شهود سواء من الركاب أو الطاقم لإعطاء تفسير لما حدث، أو إلقاء الضوء على حقيقة ما حدث قبل السقوط، كما بيّن المؤلفان أهم الآثار والعلامات التي يريان ضرورة البحث عنها لما لها من أهمية في تحديد آثار الانفجار الجنائي في حوادث الطائرات. وأخيراً تحدثا عن الأهمية الفنية لآثار الإنفجارات الجنائية وأوجه دلالاتها في التحقيق الجنائي.









الباب السادس:



الباب السادس من الكتاب خصّصه المؤلفان للحديث عن التزييف والتزوير، فالمستندات والوثائق من أهم وسائل التعامل بين الأطراف المختلفة، سواء بين الأشخاص أو بين الدول، ومن ذلك جوازات السفر، الإقامات، البطاقات الشخصية، الشهادات الدراسية والعلمية، العقود التجارية، وغيرها. وهذه الوثائق أصبحت مع تطوّر المدنيّة عرضة للعبث والتحريف عن طريق التزوير. وقد عُرّف التزوير من الناحية العلمية والقانونية بأنه "تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد إثباتها بصك أو مخطوط يُحتج به، نجم أو يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي". وقد وضّح المؤلفان أنواع التزوير الذي يشمل التزوير المادي، والتزوير المعنوي، والتزوير الكلي أو الجزئي، فالتزوير المادي هو الذي يتناول إحداث تغييرات جوهرية في المحررات الصحيحة، تجري لصالح بعض المتعاقدين، وهذا التزوير يتم بتغيير الحقيقة المكتوبة أما بالحذف أو بالإضافة، أو بالتعديل، وذلك بعد إتمام المحرر أو المستند، وبدون علم ذوي الشأن ولا موافقتهم.

كما أورد المؤلفان أهم وأبرز أساليب وطرق التزوير ومنها ما يلي:

1-التزوير بالنقل.

2- التزوير بالتغطية سواء بالطمس أو بالشطب.

3- التزوير بالمحو، سواء كان بالمحو الآلي، أو بالمحو الكيميائي.

4- التزوير بالإضافة.

5- التزوير بالقطع.

أما طرق وإجراءات التعامل مع الوثائق والمستندات محل التحقيق، فإن ضمان استخلاص الآثار الموجودة من الوثائق يتوقف على إتباع الأساليب العلمية السليمة في التعامل مع تلك المواد، وقد لخصّها المؤلفان في الإجراءات التالية:

1-حفظ الوثيقة موضع التحقيق على حالتها الأصلية عند العثور عليها أو وقت تسليمها للمحقق.

2- عدم لمس أو إمساك الوثائق عند الحصول عليها في حالة غير محفوظة.

3- عدم استخدام الملقط أو غيره من أدوات الإمساك بالضغط، فقد يترك ذلك أثاراً غير مرغوب فيها.

4- الاهتمام بنوع الغلاف أو الحاوية التي تستخدم لحفظ الوثائق.

5- إذا كانت حالة الوثيقة تستدعى حمايتها من أي ثني أو تطبيق، يمكن وضع لوحين من الكرتون أو الورق المقوى على جانبي الوثيقة داخل المظروف لحمايتها.

6- كتابة البيانات اللازمة على المظروف من حيث تسلسل الأوراق وحيازتها....الخ.

7- يلصق المظروف أو يشمع لحمايته.

وقد استعرض المؤلفان أهم العوامل المؤثرة على الوثائق والمستندات ومنها: التعرض للعوامل البيئية المؤثرة، الضغط على الوثيقة، التداول المفرط وغير الضروري، إضافة مواد أخرى غريبة عن مكونات الوثيقة.

أما أهم العمليات والطرق المستخدمة في فحص الوثائق فهي:

1-المضاهاة (المقارنة) و لها شروط قانونية وفنية يجب توفرها في أوراق المضاهاة، فالشروط القانونية لأوراق المضاهاة تتمثل في سلامة العلاقة وصحة نسبة الأوراق إلى من قام بكتابتها، ومدى قبول أطراف الخصومة بها، أما الشروط الفنية فتشمل التماثل في مادة الكتابة، وكذلك الشمول، والمعاصرة، وأن تكون الكتابة طبيعية. وقد تحدّث المؤلفان عن الاستكتاب وضرورة توافر الشروط القانونية والفنية لذلك.

2-استخدام وسائل التصوير الضوئي، ومن أهم الوسائل المستخدمة في هذا المجال التصوير بالضوء النافذ، التصوير بالأشعة تحت الحمراء، التصوير بالأشعة فوق البنفسجية، التصوير الضوئي بواسطة أجهزة التكبير، والتصوير المجهري، ولكل منها مجال معين للاستفادة منه.

3-التحليل الكيميائي واللوني للحبر والورق.

4-تقدير عمر المستند.

كما بيّن المؤلفان نظرية فردية الكتابة الآلية، سواء كانت بالآلة الكاتبة أو غيرها، والتفريق بين خطوط طابعات الكمبيوتر سواء كانت طابعات ليزرية، أو طابعات نافثة للحبر، أو طابعات نقطية. وكذلك التفريق بين المستندات المنسوخة ضوئياً والمطبوعة بطابعات الليزر.

وقد اختتم المؤلفان الباب السادس بالحديث عن التزييف، الذي ارتبط بالعملات سواء كانت ورقية أو معدنية، وما يشابهها من إصدارات كطوابع البريد أو المسكوكات، سواء كان هذا التزييف كليا أو جزئيا. وأهم الطرق المستخدمة في تزييف العملات المعدنية سواء كان ذلك عن طريق إنقاص الوزن أو التزييف بطريق الصب، أو التزييف بطريق السك. أو طلاء العملات، كما استعرض المؤلفان أهم العلامات الظاهرية للعملة المعدنية المزيفة، وهي اختلاف اللون، اختلاف الرنين، اختلاف الحجم، عدم دقة وإتقان النقوش، الصلابة، الشرشرة المختلفة لحواف القطعة المعدنية.

أما العملات الورقية فقد تناو لها المؤلفان من حيث تحديد مكونات أوراق النقد الصحيحة. ومن حيث العناصر التي يجب التركيز عليها لكشف العملة الورقية المزيفة، ومن ذلك لون الورقة النقدية، ملمس الورقة، عيوب الكتابة والرسوم والزخارف في وجهي الورقة النقدية، علامات الضمان بالورقة، وأخيراً أبعاد الورقة النقدية، كما تعرض المؤلفان لكيفية التزييف باستخدام جهاز الحاسب الآلي.

وقد أُختتم هذا الباب بالحديث عن بطاقات الائتمان من حيث مادة صنعها ومواصفاتها الفنية ووسائل تأمينها.

وفي الختام نرى أن هذا الكتاب يعد إضافة مهمة للمكتبة الأمنية، لما تميز به من الدقة والشمولية والوضوح، في معالجة موضوع الأدلة الجنائية من جميع الجوانب التي تهم رجل الأمن بصفة عامة ورجال التحقيق والبحث الجنائي بصورة خاصة. حيث جمع المؤلفان فيه الكثير من المعلومات المتناثرة عن هذا الموضوع ليحويها الكتاب بين دفتيه في تبويب وتنسيق متميز، يساعد القارئ على الاستفادة القصوى مما حواه بعيدا عن الحشو، وإنما يوضح بصورة مباشرة علمية وعملية كيفية التعامل مع هذه الآثار لتحقيق الاستفادة القصوى مما تدل عليه. وبناء عليه نرى أهمية تعميم مثل هذا الكتاب على القطاعات الأمنية بصفة عامة، وعلى رجال التحقيق والبحث الجنائي وهيئة التحقيق والادعاء العام بصفة خاصة، لتعم الفائدة.






























































































































































ليست هناك تعليقات: