بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

29 أغسطس 2011

تعريف العقد

:

العقد في اللغة :

يطلق العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، ويطلق أيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمة للربط المعنوي للكلام أو بين الكلامين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيء أُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق، والضمان، وكل ما يُنشئ التزاما.

وعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاً كان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، لما في كل أولئك من معنى الربط والتوثيق.



ثانيا : العقد عند فقهاء الشريعه :

من الفقهاء من توسع فى إطلاق لفظ العقد كل إلتزام لا يخلو من عهد والعهد يطلق على العقد .
ومن ضيق فيه وقصره على أنه لا يكون إلا بين تصرفين صادرين من شخصين يرتبط كل منهما بالاخر .

أما المعنى الذي اصطلح عليه الفقهاء لكلمة العقد فانه لا يبعد عن المعنى

اللغوي له، بل هو حصرُ له وتخصيص لما فيه من العموم، وللعقد معنيين عندهم،

ويطلق بإطلاقين: فمن عباراتهم ما يفيد أن العقد هو ربط بين كلامين ينشأ عنه حكم شرعي بالتزام لأحد الطرفين أو لكليهما.

ولذا فإن أكثر الفقهاء لا يطلقون اسم العقد على الطلاق، والإبراء، والإعتاق وغيرها مما يتم بكلام طرفٍ واحدٍ من غير كلام الطرف الثاني. في حين يطلقون اسم العقد على البيع، والهبة، والزواج، والإجارة وغيرها مما لا يتم إلاّ بربط كلامين من طرفين.

وبجوار هذا فإن هناك من الكتاب في الفقه من يعممون، فيطلقون كلمة العقد على كل تصرف شرعي، سواء أكان ينعقد بكلام طرفٍ واحد أم لا ينعقد إلاّ بكلام طرفين.

وفي الجملة أن كتب الفقه تذكر كلمة العقد، وتريد بها أحياناً المعنى العام،

وهو المرادف للتصرف، وتذكرها أحياناً وتريد بها المعنى الخاص، وهو ما لا يتم إلاّ من ربط كلامين يترتب عليه أثرُ شرعي. وهذا هو المعنى الشائع المشهور حتى يكاد ينفرد هو بالاصطلاح، وهو المعنى الذي يتبادر إلى الذهن إذا أطلقت كلمة العقد. أما المعنى الثاني فلا تدل عليه كلمة العقد، إلاّ بتنبيه يدل على التعميم.



مقارنه بين تعريف الفقهاء ورجال القانون :
كل منهما يخص العقد بما يتم بإرادتين أما ما يتم بإرادة منفردة فليس بعقد عندهم .
تعريف الفقهاء قد يكون أحكام منطقيا , وادق تصورا من تعريف رجال القانون .
للأمور الاتية :
1- أن العقد فى نظر الفقهاء ليس هو اتفاق الارادتين نفسه بل الارتباط الذى يعتبره الشارع حاملا بهذا الاتفاق .
أما التعريف الفقهى فأنه يعرفه بحسب واقعته الشرعيه , وهى الارتباط الاعتبارى .
2- أن تعريف العقد عند الفقهاء قد أمتاز ببيان الاجزاء التى يتركب منها فى نظر التشريع , وهى الايجاب والقبول , .
أما تعريف العقد عند رجال القانون فقد اغفل هذا البيان .
موازنة بين التعريفين الفقهي والقانوني:
فالعقد في نظر فقهائنا ليس هو اتفاق الارادتين نفسه، بل الارتباط الذي يعتبره الشارع حاصلاً بهذا الاتفاق، إذ قد يحصل الاتفاق بين الارادتين دون أن تتحقق الشرائط المطلوبة شرعاً للانعقاد، فلا يعتبر إذ ذاك انعقاد رغم اتفاق الارادتين، وهي حالة بطلان العقد في نظر الشرع والقانون.
فالتعريف القانوني يشمل العقد الباطل الذي يعتبره التشريع لغواً من الكلام لا ارتباط فيه ولا ينتج نتيجة. ذلك لأن هذا التعريف القانوني إنما يعرف العقد بواقعته المادية، وهي اتفاق الارادتين. أما التعريف الفقهي فيعرفه بحسب واقعته الشرعية، وهي الارتباط الاعتباري. وهذا هو الأصح، لأن العقد لا قيمة فيه للوقائع المادية لولا الاعتبار الشرعي الذي عليه المعول في النظر الحقوقي.
وهذا التعريف الفقهي أيضاً قد امتاز في تصوير الحقيقة العقدية ببيان الأداة العنصرية المكونة للعقد. أي الأجزاء التي يتركب منها في نظر التشريع، وهي الايجاب والقبول، فاتفاق الارادتين في ذاته لا يعرف وجوده، وإنما الذي يكشف عنه هو الايجاب والقبول اللذان يعتبران عناصر العقد الظاهرة بما فيها من إعراب هن تحرك كل من الارادتين نحو الأخرى وتلاقيهما وفاقاً فهذا التحرك والتلاقي هو المعول عليه في معنى الانعقاد، إذ قد تكون إرادتان متفقتين على التعاقد، ولا تتحرك إحداهما نحو الأخرى فلا يكون عقد، كما في حالة الوعد ببيع أو برهن أو بقرض مثلاً. فالتعريف القانوني يشمل الوعد أيضاً لوجود اتفاق الارادتين فيه مع أنه ليس بعقد.
فالتعريف القانوني غير مانع. فلذا قلنا ان تعريف فقهائنا للعقد أدق تصوراً وأحكم منطقاً، وإن كان التعريف القانوني أوضح تصويراً وأسهل فهماً في طريق التعليم.

أركان العقد



الأركان جمع ركن وهو جانب الشيء القوي الذي يتوقف عليه وجوده بكونه جزء ماهيته، كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة والصيغة بالنسبة للعقد.



فركن الشيء جزؤه الذي يتركب منه ويتحقق به وجوده في الوجود، بحيث إذا انتفى لم يكن له وجود.



وأركان العقد هي: التراضي، المحل، السبب.



أولاً: التراضي :

التراضي هو تطابق إرادتين. والمقصود بالإرادة، هنا، هي الإرادة التي تتجه إلى

إحداث أثر قانوني معين، هو إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والتراضي، كذلك، هو توافق الإرادتين على إحداث أثر قانوني معين. ويُعَدّ

التراضي ركن العقد الأساسي. فإذا فُقِدَ، لم ينعقد العقد.

وسائل التعبير عن الإرادة :

الإرادة أمر كامن في النفس لا يمكن أن تحدث أثراً قانونياً

معيناً، إلا إذا ظهرت إلى الخارج، أي إلا إذا أفصح صاحبها عنها.

والتعبير عن الإرادة، يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المتداولة عرفاً.

كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود،

أي يكون التعبير عن الإرادة مطابقاً لحقيقة ما قصدت إليه. ويجوز أن يكون

التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون، أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

ويعتبر من قبيل القبول الضمني قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة، إذ يدل هذا على

قبوله لها.

وهناك فرق كبير بين السكوت والتعبير الضمني. فالتعبير الضمني، يفترض أن الشخص

قد سلك مسلكاً معيّناً، يمكن أن يقطع في الدلالة على إرادته. أما السكوت، فهو

أمر سلبي، لا يقترن بأي مسلك أو موقف، فضلاً عن أنه غير مصحوب بلفظ أو كتابة

أو إشارة.

والسكوت لا يمكن أن يُعدّ طريقاً للتعبير عن الإيجاب. ذلك أن الإيجاب عرض،

والعرض لا يمكن أن يستفاد إلا بفعل إيجابي، أي بفعل إيجابي محدد موجّه إلى

الغير.

أمّا فيما يتعلق بالقبول، فالقاعدة، كذلك، أن القبول لا يمكن أن يستفاد من

مجرد السكوت، إذ لا ينسب إلى ساكت قول. وكقاعدة عامة من غير المتصور أن يكون

السكوت تعبيراً عن الإرادة والتي هي عمل إيجابي، في حين لا يتضمن السكوت

إيجاباً لأنه عدم، والعدم لا ينبئ بشيء وهو كذلك لا يتضمن قبولاً. إلا أنه

إذا كان مجرد السكوت لا يُعدّ قبولاً، فإن هناك حالات استثنائية، يمكن أن

يكون السكوت فيها دليلاً على القبول، وهي حالات يقترن فيها بالسكوت ظروف

وملابسات، ويسمى السكوت الملابس. ومثال ذلك: مثل ما جرت عليه عادة

المصارف من إرسال بيان إلى عملائها بالحساب الجاري، فإن عدم اعتراض العميل

على هذا البيان، في وقت مناسب، يُعدّ اعتماداً له.

إذا كان الإيجاب يسفر عن منفعة خالصة للموجّه إليه، فإن سكوت من وُجّه إليه

البيان يُعدّ قبولاً.

مثال ذلك، أن يَعِد شخص آخر بأن يبيع له ما له، بمبلغ معين، إذا أظهر رغبته

في ذلك، في ظرف مدة محددة. فيسكت هذا الأخير، فيكون سكوت الموعود قبولاً.

مفهوم العقد - تعريف العقد - مجال العقد و نطاقه - مبدأ سلطان الإرادة



المبحث الأول: ماهية العقد.
لقد وضع الفقهاء و الشراح موسوعات عديدة تناولت تفسير و شرح هذا النظام المحكم الذي يعرف باسم "العقد" لما له من أهمية في خلق معادلة متوازنة بين أطرافه على اعتباره الضابط الرئيس لأسس المعاملات التي تجري في مختلف الميادين، و سنحاول قدر الإمكان تسليط الضوء عليه من خلال إعطاء مفهوم له و كذا أسسه و أركانه.
المطلب الأول: مفهوم العقد.
من الناحية النظرية، وقبل إعطاء مفهوم للعقد لابد من معرفة معنى الالتزام، فيعرف بأنه "سلطة لشخص على آخر محلها عمل أو الامتناع عن عمل ذي قيمة مالية أو أدبية، بمقتضاها يلتزم شخص نحو شخص آخر موجود أو سيوجد.

و تتبلور هذه السلطة في شكل عقد يبرمه الدائن و المدين فيصبح الطرفان متعاقدان و العقد شريعتهما.
الفرع الأول: تعريف العقد.
تطلق تسمية العقد في اللغة على الجمع بين أطراف الشيء وربطها، وضده الحل، وتستعمل أيضاً بمعنى إحكام الشيء وتقويته. ومن معنى الربط الحسي بين طرفي الحبل أخذت الكلمة للربط المعنوي للكلام أو بين الكلامين، ومن معنى الإحكام والتقوية الحسيّة للشيء أُخذت اللفظة وأُريد بها العهد، ولذا صار العقد بمعنى العهد الموثّق، والضمان، وكل ما يُنشئ التزاما.وعلى ذلك يكون عقداً في اللغة، كل ما يفيد الالتزام بشيء عملاً كان أو تركاً، من جانبٍ واحد أو من جانبين، بما يتصل بمعنى الربط والتوثيق[2] (والعقد اصطلاحا هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني[3] (سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه. و عرّفه المشرع الجزائري في المادة 54 من القانون المدني بقوله "العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص، أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين، بمنح، أو فعل، أو عدم فعل شيء ما"، من هذا التعريف، يتضح لنا بأن القانون المدنـي الجزائري قد سار مسار القانـون المدني الفرنسي في تعريف العقد بترجمة حرفية لنص المادة 1101، حيث جمع بين تعريف العقد والالتزام.
الفرع الثاني: مجال العقد و نطاقه.
يتحدد مجال العقد بالاتفاقات المنشئة للالتزامات بين أشخاص القانون الخاص، فتخرج من مجاله الاتفاقات المتعلقة بفروع القانون العام كالمعاهدة وهي اتفاق بين دولة ودولة أخرى وتحكمها قواعد القانون الدولي، والنيابة البرلمانية وهي اتفاق بين النائب وناخبيه وتحكمها قواعد القانون الدستوري، والوظيفة وهي اتفاق بين الحكومة والموظف وتحكمها قواعد القانون الإداري.
غير أنه حتى في مجال القانون الخاص تقتصر منطقة العقد على الاتفاقات المتعلقة بالذمة المالية، فنستبعد من مجاله الاتفاقات المتعلقة بروابط الأحوال الشخصية كالزواج، لأن الزواج ولو أنه، اتفاق بين الزوجين، إلاّ أن القانون وحده هو الذي يحدد آثاره، ولذا لا يعتبر عقداً بالمعنى الصحيح[4]
الفرع الثالث: مبدأ سلطان الإرادة.
إذا كان العقد، عبارة عن توافق أو اتفاق يقوم بين شخصين أو أكثر فهذا يعني أن إرادة أطراف العقد هي صاحبة السلطان الأكبر في تكوين العقد وفي تحديد الآثار التي تترتب عليه، لكن إلى أي مدى تعتبر هذه المقدمة صحيحة ؟
يذهب أنصار مبدأ سلطان الإرادة، إلى أن الإرادة الحرة الواعية هي أساس كل اتفاق، فهي العنصر الجوهري في تكوين العقد، وهي العنصر الجوهري في تحديد الآثار التي تترتب عليه كيفما يريد أطـراف العقد، مادامت هذه الإرادة لم تخرج في ذلك عن أوامر القانون ونواهيه. و أساس ذلك يرجع إلى منطلق أصحاب مبدأ سلطان الإرادة. و الذين يرون أن النظام الاجتماعي لا يقوم إلا على أساس الفرد ومدى حريته في إبرام التصرفات القانونية وتحديد مضمونها و بالتالي لابد أن يستمر الجميع لخدمة هذا الفرد فالفرد هو غاية القانون وهو الذي يجب حمايته لا العكس. و يترتب على هذا الاتجاه المبدآن الآتيان:
المبدأ الأول: أن كل الالتزامات، بل جميع النظم القانونية ترجع في مصدرها إلى الإرادة الحرة دون حاجة لأي إجراء أو شكل خاص يفرضه القانون وهذا عكس ما كان عليـه الحال في القانون الروماني، الذي كان يشترط لينتج التعبير عن الإرادة أثره القانوني أن ينصب في قالب معين من الأشكال والألفاظ التي يحـددها القانـون وإلا كان التصـرف القانوني باطلا بطلانا مطلقا .
المبدأ الثاني: إن الإرادة وحدها التي تحـدد جميع الآثار التي تترتب على كافة العلاقات والروابط القانونية التي تنشأ بين الأفراد. إلا أن هذا المبدأ سرعان ما بدأ يختفي بَريقه أمـام التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي أصابت المجتمعات والتي أدت إلى ظهور المذاهب الاشتراكية والتي تنظر إلى العقد كنظرتها إلى أي نظـام اجتماعي غايته تحقيق التضامن الاجتماعي وتوجيه الإرادة إلى تحقيق ذلك، فغاية القانون ليست حمايـة الفرد، وإنما حماية المجموعة، وحماية الفرد تأتي من خـلال حماية المجموعة ويترتب على ذلك، أن الإرادة وان كانت تلعب دورا في إبرام التصرفات القانونية و تحديد آثارها، إلا أنها ليست كل شيء. و لو أمعنا النظر في جميع الروابط والعلاقات القانونية، لوجدنا صحة ما ذهبت إليه بعض المذاهب في تحديد الإرادة في إنشاء وتحديد آثار الروابط والاتفاقات القانونية في علاقات القانون العام و هي المصلحة العامة وليست مصلحـة الفرد بنفسه،ومن ثم يستقل القانون في تنظيمها دون تدخل الإرادة
أما في نطاق علاقات القانون الخاص، فان سلطان الإرادة يكون له دور كبير في تكوين عقد الزواج، إلا أن هذا السلطان لا يرتقي إلى تحديد الآثار القانونية التي تترتب على عقد الزواج، ويستقل القانون في ذلك ابتغاء حماية المصلحة العامة.
وفي مجال العلاقات المالية، نفرق بين الحقوق الشخصية والحقوق العينية فالإرادة في مجال الحقوق الشخصية يكون لها الدور الأساسي والجوهري في تكوينها وتحديد آثارها بل تعتبر الإرادة المصدر الأساسي لها، أما في مجال الحقوق العينية وان كانت الإرادة مصدرها في معظمها، إلا أن القانون هو الذي يحدد الآثار التي تترتب عليها، بالإضافة إلى ذلك، فان الإرادة لا تستطيع وحدها إنشاء الحقوق العينية والتي لم يذكرها القانون، فالحقوق العينية وردت على سبيل الحصر لا على سبيل المثال.
و الإرادة تتقيد كذلك في نطاق الالتزامات التعاقدية -على الرغم من حريتها الواسعة- بالقيود الناشئة عن فكرة النظام العام والآداب العامة، فأي اتفاق يخالف النظام العام أو الآداب العامة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا. و الإرادة كذلك تتقيد بالأشكال التي يحددها القانون لبعض التصرفات القانونية كعقد البيـع وعقد الهبة والرهن الرسمي وبالأشكال التي يحددها أطراف العقد.
هكذا نرى أن دور الإرادة في القوانين المعاصرة،لم يعد كما كان يذهب إليه أنصار مبدأ سلطان الإرادة، فلم تعد هي صاحبة السلطان الأكبر لا في مجال تكوين العقد ولا في مجال تحديد آثاره.

أركان العقد



المبحث الأول – ركن التراضي

في ركن التراضي نتكلم عن أمرين لازمين :

وجود الرضاء .

صحة الرضاء .



المطلب الأول – وجود التراضي



التعبير عن الإرادة :-

الإرادة هي أمر نفسي ، فلا يعتد بها القانون إلا إذا جرى التعبير عنها ، بنقلها أو إخراجها من عالم النيات إلى الواقع الخارجي.



أنواع التعبير عن الإرادة :-

أولاًً :- التعبير الصريح :



تعريفه : هو التعبير الذي يؤدي إلى فهم الإرادة بطريقة مباشرة لا مجال فيها للجوء إلى الاستنتاج أو التخمين .



وسائله(1) :

أ – التعبير الصريح باللفظ : أي باللسان ، أيا ًً ما كانت اللغة المستخدمة في هذا التعبير ، و أياًً ما كانت الألفاظ المتلفظ بها ، بشرط أن تكون هذه الألفاظ بصيغة الماضي ، و لا يجوز التعبير عن الإرادة بصيغة المضارع أو الأمر إلا إذا اقترن بهما دليل يفيد أن المراد بهما هو الحال لا الاستقبال .



ب- التعبير الصريح بالكتابة : و يجوز التعبير عن الإرادة بالكتابة بأي لغة بأي لغة و لو اقتضى الأمر الاستعانة بمترجم ، بشرط أن تكون الكتابة مفهومة للمتعاقدين .



ج- التعبير الصريح بالإشارة : بشرط أن تكون متداولة كهز الرأس أفقياًً تعبير عن الرفض ، و هزها رأسياًً تعبير عن الموافقة .

د- التعبير الصريح باتخاذ موقف لاتدع ظروف الحال شكاًً في دلالته على التراضي :- كوقوف سيارات الأجرة في مواقفها المعدة لذلك ، و عرض البائع في واجهة المحل مع بيان أثمانها .



هـ- التعبير الصريح بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي كمبادلة الدراهم مع صحيفة افترشها بائع الصحف .



ثانياًً :- التعبير الضمني :

تعريفه : هو االتعبير الذي لا يؤدي إلى فهم إرادة التعاقد بطريقة مباشرة ، بل لا بد من اللجوء إلى الاستنتاج و التخمين ، مثل استمرار المستأجر في شغل العين المؤجرة بعد انتهاء مدة الإيجار ، مما يدل على إرادته في تجديد عقد الإيجار .



قيمة كل من التعبيرين : يجوز للشخص أن يعبر عن إرادة التعاقد سواء بشكل صريح أو بشكل ضمني فللتعبير نفس القيمة القانونية ، ما لم يشترط القانون أو المتعاقدان ضرورة استلزام التعبير الصريح ، فهنا لا قيمة للتعبير الضمني في الدلالة على إرادة التعاقد . كان يتفق المتعاقدان في عقد الإيجار على عدم جواز التأجير من الباطن إلا بموافقة صريحة من المؤجر .



مدى صلاحية السكوت في التعبير عن الإرادة:-

هل يمكن اعتبار السكوت ايجاباً؟ :- لما كان السكوت أمراًً سابياًً ، بينماالايجاب هو أمر ايجابي ، فلا يمكن اذن اعتبار السكوت ايجاباًً .

هل يمكن اعتبار السكوت قبولاًً؟ :- الأصل ... أن السكوت لا يعتبر قبولا ًً لأن المادة 135 معاملات تقرر أنه " لا ينسب غلى ساكت قول ........... "

ولكن استثناء يمكن اعتبار السكون قبولاًً في حالة السكوت الملابس ، أي السكوت التس تحيط به ظروف معينة ترجخ أن المخاطب بالإيجاب سيلتزم السكوت ان قبل العرض ، أما لو رفض العرض فسيخرج عن صمته و يرفض الإيجاب صراحة ...... و قد أوردت المادة 135/2 معاملات مدنية(2) تطبيقات للسكوت الملابس ، و هي أمثلة فحسب ، و ليست تعداد على سبيل الحصر ، و هذه الأمثلة هي :-

اتصال الإيجاب بمعاملات سابقة بين المتعاقدين : ففي هذه المعاملات السابقة اذا كان المخاطب بالإيجاب يلتزم السكوت في كل حالة يقبل فيها الإيجاب ، فيقاس على ما سبق من حالات ، المعاملة الحالية ، و يعتبر سكوته قبولاًً . مثل التاجر الذي اعتاد توريد بضاعة إلى مستهلك في منزله ، على أن تجرى بينهما المحاسبة في نهاية الشهر ، فطالما كان المستهلك يسكت ولا يعبر عن قبوله للبضاعة الموردة ، و كان سكوته يعتبر قبولاًً فيفاوض ، فسكوته يعتبر قبولاًً كذلك فيما لحق من معاملات .

إذا تمخض الإيجاب عن منفعة محضة لمصلحة المخاطب به :- فسكوت الموهوب له يعتبر قبولاًً ، لأن الإيجاب المتضمن عرض بالهبة إنما يحقق منفعة صرف للمخاطب به .



العرف التجاري : فالعرف التجاري يجري أحياناًً على اعتبار السكوت قبولاًً ، فسكوت العميل عن الاعتراض صراحة على كشف الحساب المرسل إليه من البنك يفسر على أنه قبول لما جاء في كشف الحساب .





الإرادة الظاهرة و الإرادة الباطنة :-

المشكلة : أحياناًً تثور مشكلة تعارض الإرادة الظاهرة للمتعاقد مع إرادته الباطنة ، أو ما يعبر عنه بمشكلة تعارض العبارة ( الإرادة الظاهرة ) مع الإرادة ( الإرادة الباطنة ) . فأحياناًً يعبر المتعاقد عن إرادته بما يغاير نيته أو إرادته الباطنة ، فهنا بأي من الإرادتين نعتد ؟. فمثلا ًً ينوي التاجر بيع السلعة بثمن معين ، إلا أنه يعلن - عن غير قصد – ثمنا ًً مخالفاًً ، فبأي الثمنين نعتد : المقصود ( الإرادة الباطنة ) أم المعلن ( الإرادة الظاهرة)؟



* الحل : تتباين الدول في موقفها من هذا المشكلة ،و تنقسم إلى فريقين:



- فريق يعتد بالإرادة الباطنة :- و هو يتخذ هذا الموقف احتراماًً لمبدأ سلطان الإرادة فالعبرة بالإرادة و ليس بالعبارة ، فالأولى هي الغاية أما الأخيرة فهي مجرد وسيلة .



- فريق يعتد بالإرادة الظاهرة:- و هو يتخذ هذا الموقف احتراماًً لاستقرار المعاملات فالإرادة الباطنة أمر نفسي لا يستدل عليه إلا إذا طابقت الإرادة الظاهرة ، لذلك لا يجوز التمويل على الإرادة الباطنة .



موقف قانون المعاملات الإماراتي :- أخذ قانون المعاملات المدنية بالإرادة الباطنة و على هذا نصت المادة 131 معاملات بقولها " الإيجاب و القبول كل تعبير عن الإرادة يستعمل لإنشاء العقد ......."



متى ينتج التعبير عن الإرادة أثره :-

أخذ قانون المعاملات المدنية الإماراتي كقاعدة عامة بنظرية العلم بالقبول (3) ... فالتعبير عن الإرادة و سواء كان إيجاباًً أو قبولاًً – لا ينتج أثره إلا في اللحظة التي يعلم بها المتعاقد الآخر بهذا التعبير . و بناء على ذلك : لا ينتج الإيجاب أثره إلا عند على المخاطب بالإيجاب به ، و لا ينتج القبول أثره إلا عند علم الموجب بهذا القبول . و معنى ذلك أن العقد لا ينعقد لمجرد صدور قبول من المخاطب بالإيجاب ، بل لا بد من على الموجب بهذا القبول حتى ينعقد العقد .



و لكن نظراًً لصعوبة إثبات العلم بالتعبير عن الإرداة ، فقد أقام المشرع الإماراتي قرينه عليه (4) . فمجرد وصول التعبير عن الإرادة إلى المخاطب به ، يعتبر قرينه على علم الأخير به حتى يثبت عكس ذلك .



تنص م 132 معاملات مدنية على أنه " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو الكتابة و يجوز أن يكونا بصيغة الماضي ، كما يكونان بصيغة المضارع أو الأمر اذا اريد بهما الحال ، أو بالإشارة المعهودة عرفاًً و لو من غير الأخرس ، أو المبادلة الفعلية الدالة على التراضي ، او باتخاذ أي مسلك آخر حتى لا تدع ظروف المال شكاًً في دلالته على التراضي ".

تنص المادة 135 معاملات مدنية على أنه " أ- لا ينسب إلى ساكتا قول و لكن السكوت في معرض الحاجة بيان ، و يعتبر قبولاًً .

ب- و يعتبر القبول سكوتاًً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين ، و اتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو اذا تمخض الإيجاب المنفعه من وجه إليه ."

3- تنص المادة 142/1 معاملات مدنية إماراتي على أنه " أ- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين تم في المكان و

الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضى بغير ذلك .

4 - المادة 142/2 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 2- و يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في

المكام و في الزمان للذين وصل إليه فيهما هذا القبول ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك ".









الايجاب :-



* تعريفه :- هو التعبير عن إرادة أحد المتعاقدين و المتضمن عرضاًً بالتعاقد موجهاًً إلى المتعاقد الآخر .



* شروطه:- لا بد و أن يشتمل الإيجاب على جميع العناصر الأساسية للعقد المزمع إبرامه و إلا اعتبر مجرد دعوة إلى التعاقد .

و بناء عليه فالإيجاب في عقد البيع لا بد و أن يتضمن تحديد المبيع و تعيين الثمن و إلا كان مجرد دعوة إلى التفاوض أو التعاقد .



* تمييزه :- و لكن ما هو الفارق بين الإيجاب و الدعوة إلى التفاوض ؟ تنحصر الفروق فيما بينهما فيما يلي :-
مــــــــن حــــــيـــــث
الإيــــــــــــــجــــــــــاب
الـدعــوة إلــى الـــتـعاقــد

1- وقــت صدوره
لاحق للدعوة إلى التعاقد
سابق على الإيجاب

2- مـــكــونــاتــــه
يتضمن جــميع العناصـــر الأساسية للعقد .
لا يتضمن جميع العناصر الأساسية للعقد .

3- جواز الرجوع فيه
لا يجوز الرجوع فيه طالما لحقه قبول .
يجوز الرجوع فيه و لو لحقه قبول .




* تكراره :- اذا صدرت عدة ايجابات من المتعاقد ، اختلف مضمونها في كل مرة . فما حكم ذلك ؟

هنــا لا يـعتد إلا بـالإيـجـاب الأخـير ، فـكـل إيـجـاب يـصـدر يؤدي إلى سـقـوط ما قـــبله ( م 138 معاملات ) .





حكم النشرات و الإعلانات الموجهة للجمهور :-

رغم أن المشرع الإماراتي (1) نص على أن عرض البضائع و الخدمات ،

مع بيان المقابل لها ، يعتبر إيجاباًً . إلا أنه حرص على أن يضع حكماًً خاصاًً

بالنشرات و الإعلانات الموجهة للجمهور ، فاعتبرها مجرد دعوة إلى التعاقد

حتى لو تضمنت بياماًً بالأسعار الجاري التعامل بها ، طالما ثار شك حــــول

اعتبارها إيجاباًً.(2)

و هذا الحكم الوارد في المادة 134/2 معاملات مدنية إماراتي فنقد ، لأن صياغته توحي بأن للنشرات و الإعلانات الموجهة إلى الجمهور حكماًً خاصاًً

يختلف عن القاعدة العامة في الإيجاب . و هذا الإيحاء غير صحيح لأنه بعد أن

ذكر النص لفظ الاستدراك " أما ........ " عاد و قرر ذات الحكم و هو أن

النشرات و الإعلانات الموجهة إلى الجمهور طالما لم يثر شك حول دلالتها فهي

إيجاب ما دام بها تجديد لعناصر العقد الأساسية من مبيع و ثمن ، و هو ذات

القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 134/1 معاملات مدنية إماراتي.



القوة الملزمة للإيجاب: ينقسم الإيجاب من حيث الزامه للموجب إلى نوعين:-



إيجاب ملزم :- و هو الإيجاب الذي لا يجوز للموجب أن يرجع عنه خلال فترة إلزامه (3) و الإيجاب الملزم نوعان :-

إيجاب ملزم صريح :- و هو الإيجاب الذي اقترن بمدة إلزام صريحة . كأن يعرض شخص بيع منزله بمائة ألف درهم على شخص آخر و يقرر أنه ملتزم بالبقاء على إيجابه لمدة شهر. فعندئذ لا يجوز للموجب أن يتراجع عن الإيجاب الذي عرضه على الشخص الآخر في خلال مدة الشهر المحدد ، و أن حدث مثل هذا التراجع ، فلا يعتد به ، بحيث إذا صدر خلال مهلة الشهر قبول من الشخص الآخر لانعقد العقد .

إيجاب ملزم ضمناًً:- و هو الإيجاب الذي اقترن بمدة الزام ضمنية . كحالة التعاقد بالمراسلة فهنا يكون الإيجاب ملزماًَ للموجب – ضمناًً- خلال الفترة الزمنية التي يستغرقها الإيجاب حتى يصل إلى المخاطب به ، و أيضاًً الفترة الزمنية التي يستغرقها تفكير المخاطب بالإيجاب في العرض الوارد بالإيجاب ، و أيضاًً الفترة الزمنية التي يستغرقها القبول حتى يصل إلى الموجب . فمجموع الفترات الزمنية الثلاثة يشكل مدة إلزام الإيجاب للموجب .



إيجاب غير ملزم :- و هو الإيجاب الذي لم يقترن بمدة إلزام صريحة و لا ضمنية ، و فيه يجوز للموجب أن يرجع عن إيجابه ، في أي وقت ، ما دام لم يلحقه قبول بعد . كحالة التعاقد بين حاضرين يجمعهما مجلس عقد واحد ، فعندئذ متى صدر الإيجاب ، في مجلس العقد يكون الموجب حراًً في أن يرجع عن إيجابه في أي لحظة طالما لم يصدر قبولاًً من المتعاقد الآخر.





ســـقوط الإيـــجاب :- يسقط الإيجاب ولا يعتد به و لو لحقه قبول في الحالت الآتية :-

إذا رجع الموجب عن إيجابه قبل أن يصدر قبولاًً من المتعاقد الآخر .

إذا انقضت مدة إلزام الإيجاب دون يصدر قبولاًً من المتعاقد الآخر . فهنا إذا صدر القبول بعد انتهاء مدة إلزام الإيجاب ، يعتبر هذا القبول إيجاباًً يحتاج بدوره إلى قبول من الشخص الآخر .

إذا رفض المخاطب بالإيجاب العرض الذي تضمنه هذا الإيجاب ، حتى لو كانت مدة إلزام الإيجاب ما زالت قائمة لم تنقضي بعد.

إذا صادف الإيجاب قبولاًً غير مطابق له ، فهنا يعتبر هذا القبول إيجاباًً جديداّّ يحتاج بدوره إلى قبول (4). كمن يعرض بيع سيارة بــ 50000 درهم ، فيقبلها الآخر و لكن بــ 40000 درهم ، عد ذلك إيجاباًً جديدا ًً.





القبول :-



* تعريفه : القبول هو التعبير البات الصادر عن إرادة الطرف الموجه إليه الإيجاب ، و الذي يتضمن موافقة مطابقة للعرض الوارد في الإيجاب .



* شروطه:

1- أن يصدر القبول في وقت يكون فيه الإيجاب قائماًً لم يسقط بعد ، فإن صدر القبول بعد سقوط الإيجاب ، لم يؤد إلى انعقاد العقد، بل يعتبر إيجاباًً جديداًً يحتاج إلى قبول من الطرف الآخر.

2- أن يصدر القبول مطابقاًً للإيجاب ، فإن جاء مخالفاًً للإيجاب في أ عنصر من عناصره عد إيجاباًً جديداًً يحتاج إلى قبول .



* حرية قبول الإيجاب :-

1- الأصل ...... هو حرية المخاطب بالإيجاب في أن يقبل أو أن يرفض الإيجاب حسبما يتراءى له ، و بما يتفق و مصلحته، دون أن يكون هناك معقب غليه في ذلك .

2- الاستثناء ..... لا يجوز للمخاطب بالإيجاب ان يرفض الإيجاب – و بالتالي يرفض التعاقد- إذا كان خو الداعي إلى التعاقد ، ما لم يكن لديه سبباًً مشروعاًً للرفض. فصاحب الفندق لا يحق له أن يرفض استقبال نزيل جديد أبدى الرغبة في الإقامة في الفندق ، ما لم يكن هناك سبب مشروع للرفض كعدم وجود غرفة خالية بالفندق ، فإن لم يكن هنال سبب مشروع لرفض الإيجاب ، عد صاحب الفندق متعسفاًً في استعمال حقه في رفض الإيجاب ، و وجب عليه التعويض .



مطابقة القبول للإيجاب :-



القاعدة :- يحب أن يصدر القبول مطابقاًً للإيجاب تمام المطابقة ، و إلا عد رفضاًً للإيجاب و عومل معاملة الإيجاب الجديد الذي لا يؤدي إلى انعقاد العقد إلا إذا لحقة قبول من الطرف الآخر و هكذا إن صدر قبول للعرض الوارد في الإيجاب ، و لكن بثمن يختلف عما ورد في الإيجاب فلا يعد قبولاًً مطابقاًً للإيجاب ، نفس الحكم لو صدر قبول للإيجاب و بذات الثمن الوارد فيه و لكن مقترحا سداده مقسطاًً على خلاف الإيجاب المتضمن السداد الفوري ، أو مقترحاًً السداد الفوري على خلاف الإيجاب المتضمن السداد على آجال .

مدى المطابقة :- يجب أن يطابق القبول الإيجاب في جميع العناصر التي اشتمل عليها . و لا يشترط في الإيجاب أن يشتمل على جميع عناصر العقد المزمع إبرامه ، سواء كانت جوهرية أو ثانوية ، بل يكفي في الإيجاب حتى يكون صحيحاًً أن يشتمل على عناصر العقد الجوهرية . لكن يثور التساؤل عندئذ عم حكم المسائل التفصيلية و الثانوية للعقد و التي لم يتعرض لها الإيجاب ؟

بشأن هذه المسائل التفصيلية و أثرها على العقد ، نفرق بين فرضين:-

أن يعلق المتعاقدان إبرام العقد على الاتفاق على هذه المسائل التفصيلية:- و عندئذ لا ينعقد العقد إلا بالاتفاق على هذه المسائل التفصيلية .



ان لم يعلق المتعاقدين ابرام العقد على الاتفاق على هذه المسائل التفصيلية:

هنا ينعقد العقد بمجرد اقتران القبول بالإيجاب ، ثم يتحدد حكم المسائل

التفصيلية بحسب الظروف :-

* فإن اتفق المتعاقدان فيما بعد على المسائل التفصيلية ..... كان بها و ينتهي الأمر .

* إن لم يتفق المتعاقدان فيما بعد على المسائل التفصيلية التفصيلية ..... جاز القاضي ان يحدد حكم هذه المسائل وفقاًً لطبيعة المعامله و الإحكام و القانون ، بشرط (5) :-

أ- اتفاق الطرفين على المسائل الأساسية في العقد .

ب- اتفاق الطرفين على إرجاء المسائل التفصيلية لاتفاق لاحق يبرم فيما بعد.

ج – ألا يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناًً على أن العقد لا يتم بدون الاتفاق على حكم هذه المسائل التفصيلية ، لأنهما ان فعلا ذلك ، افصحا عن اعتبارهما هذه المسائل في حكم للمسائل الجوهرية .





اقتران القبول بالإيجاب :-

الغرض ... لا ينعقد العقد لمجرد وجود إيجاب بذاته ، و لاحق لوجود قبول مطابق للإيجاب ، بل يجب ان يقترن القبول بالإيجاب ، وهو امر يختلـف بحسب:



أولاًً: التعاقد بين حاضرين :-

متى يكون التعاقد بين حاضرين :- عندا لا يوجد فاصل زمني بين صدور القبول و علم الموجب به .



مثال التعاقد بين حاضرين :- وجود المتعاقدان في مجلس عقد واحد ، و التعاقد بالتليفون.



حكم التعاقد بين حاضرين :- ينبغي التفرقة بين فرضين:-

إن كان الإيجاب ملزماًً :- في هذه الحالة يقترن القبول بالإيجاب إذا صدر القبول أثناء مدة إلزام الإيجاب ، و عندئذ ينعقد العقد في اللحظة التي يعلم فيها الموجب بالقبول. و يعتبر وصول القبول إلى الموجب قرينة بسيطة على علم الأخير به ، ما لم يثبت العكس.

إن كان الإيجاب غير ملزم :- يقترن القبول بالإيجاب إذا صدر القبول أثناء قيام مجلس العقد ، و مجلس الـــعقد يظل قائمـاًً طالما لم يتفرق بـالأقــوال ( بالانشغال في حــديث آخر غير موضوع العقد ) أو بالأبدان ( بمغادرة مجلس العقد أو غلق الهاتف ) . إلا أن هذا الاقتران بين الإيجاب و القبول و أن أدى إلى انعقاد العقد ، فأنه يؤدي إلى انعقاد عقد غير لازم يجيز لكل من المتعاقدين ( الموجب و القابل ) أن يرجع عنه ، ذلك ان قانون المعاملات المدنية (6) عطى لكل من المتعاقدين " خيار المجلس " ، أي الخيار في الرجوع عن العقد طالما كان المجلس قائماًً لم ينفض ، و لا يصبح العقد لازما ًً إلا بتوافر أمرين :-

انتهاء مجلس العقد و انفضاضه .

بقاء كل من المتعاقدين على رغبتهما في إبرام العقد ، أي دون استعمال خيار المجلس .



ثانياًً : التعاقد بين غائبين :-

متى يكون التعاقد بين غائبين :- عندما يوجد فاصل زمني بين صدور القبول ، و علم الموجب به .



مثال التعاقد بين غائبين :- التعاقد بالمراسلة ، بالبرقيات، برسول .



طبيعة الإيجاب في التعاقد بين غائبين :- هو إيجاب ملزم ، أما إلزاماًً صريحاًً بأن يحدد ميعاد للقبول ، و إما إلزاماًً ضمنياًً في حالة عدم تحديد ميعاد للقبول إذ في هذه الحالة يفترض ان ميعاد القبول يشمل ثلاث فترات زمنية :

مدة تفكير المخاطب بالإيجاب في العرض .

مدة وصول القبول إلى الموجب .



حكم التعاقد بين غائبين :- توجد عدة مذاهب في تحديد زمان انعقاد العقد في حالة التعاقد بين غائبين ، و هي :-

1- مذهب إعلان القبول :- و فيه يعتبر التعاقد قد تم بمجرد إعلان القبول ، و لكن يؤخذ على هذا الرأي :

أن القابل قد يقبل ثم يسحب قبوله ، ولا يستطيع الموجب أن يثبت أن الرجوع في القبول قد تم بعد إعلان القبول و انعقاد العقد .

أن العقد لا ينعقد إلا باقتران القبول بالإيجاب ن و التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره بمجرد صدوره ، بل لا بد أن يصل إلى علم المخاطب به ن و من ثم فالقبول لا يحدث أثره في انعقادالعقدإلا بوصوله إلى علم الموجب.



2- مذهب تصدير القبول :- و فيه ينعقد العقد منذ اللحظة التي يصدر فيها القابل القبول ، أي أن يخرج القابل قبوله من حيازته كأن يرسله في خطاب بوضعه في صندوق البريد . و ينتقد هذا الرأي :-

أن القابل و رغم تصديره للقبول ، فأنه يستطيع أن يسترد قبوله باسترداد خطابه من مكتب البريد .

أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا بوصوله إلى علم المخاطب به ، و من ثم فالقبول و باعتباره تعبيراًً عن الإرادة لا يحدث أثره في انعقاد العقد إلا إذا وصل القبول إلى علم الموجب .



3- مذهب استلام القبول:- و فيه ينعقد العقد لحظة استلام الموجب للقبول ، و يؤخذ على هذا الرأي:-

التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم المخاطب به ، و

بالتالي فمجرد وصول القبول إلى الموجب ليس دليلا ًً على علم الأخير به.



4- مذهب العلم بالقبول :- و فيه ينعقد العقد منذ الــلــحظة التي يعلــم فــيهــا الموجب بالقبول . و لكن يعيب هذا الرأي :-

أن العلم بالقبول أمر داخلي يخص الموجب و قد يعجز المقابل عن إقامة الدليل عليه ، إذا ما أنكره الموجب.

صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع ((في القانون المدني الأردني))








ملخص

التعبير عن الإرادة أمر ضروري ، وهو قد يتم باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود.
ولقد أثير نقاش في الفقه القانوني عن مدى اعدّ السكوت تعبيراً عن الإرادة ؟
ولقد حاولنا الإجابة عن جانب من هذا السؤال في مجال عقد البيع في القانون الأردني، سواء فيما يتعلق بأركان عقد البيع أو محله أو الآثار المترتبة عليه، فضلاً على بعض البيوع التي تقع على ملك الغير.وكذلك البيوع الموصوفة والمختلفة.


Abstract

Expression of will administration is a necessity and there are many means to do so.
The following question has been raised in the legistlation of law: Does silence suit to be a mean of expression of will administration?
In this study, we have tried to answer one aspect of this question in the field of sale contracts according to the texts of the Jordanian Civil Law in relation to the sell contract, its place and the consequences it brings about.

المقدمة

لا ريب أن الإرادة هي قوام التصرف القانوني، ومن غير المتصور أن ينشأ التصرف بدونها، لكن هذه الإرادة أمر نفسي داخلي تظل حبيسة داخل الشخص حتى يتم التعبير عنها فتظهر إلى العالم الخارجي.
فالتعبير عن الإرادة أمر ضروري، وقد وُجدت وسائل كثيرة لهذا التعبير، فقد يتم باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود. وعبرت المادة (93) من القانون المدني الأردني عن ذلك بقولها "التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس، وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي، وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي .

وإذا كان الأمر على هذا النحو، فقد يثار تساؤل مؤاده هل يصلح السكوت أن يكون وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة ؟

وقد اخترنا لهذا البحث جانباً من هذا السؤال حاولنا الإجابة عنه، وهو " عقد البيع" ومن ثم كان العنوان " صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع " وكان تركيزنا الأساسي على بيان هذا الدور في ظل القانون المدني الأردني مع المقارنة بغيره من التشريعات كلما استلزم الأمر ذلك.

ولما كان عقد البيع هو عقد يقصد به نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر لقاء عوض، ومن ثم فهو من عقود المعاوضة، فإن هناك أركاناً لا يقوم بدونها، كما أن هناك آثاراً تترتب على وجود هذا العقد، وأيضاً هناك قواعد مكملة واتفاقات لاحقة، هذا فضلاً على بعض البيوع التي تقع على ملك الغير كما أن هناك بيوعاً موصوفة وأخرى مختلفة كما نص عليها المشرع الأردني، وقد حاولنا من خلال تتبع هذه الموضوعات أن نتبين دور السكوت فيها، وهل يعد تعبيراً عن الإرادة من عدمه.
وقد سلكنا في سبيل ذلك خطة تمثلت في خمسة مباحث على النحو التالي:

التعريف بالسكوت وتحديد طبيعته. المبحث الأول:
التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت المطلب الأول:
طبيعة السكوت المعبر عن الإرادة. المطلب الثاني:
*عرض للخلاف الفقهي في هذا الشأن والرأي المختار

السكوت في التراضي على البيع. المبحث الثاني:
السكوت في مجال الإيجاب بالبيع. المطلب الأول:
السكوت في قبول عقد البيع المطلب الثاني:
السكوت في بعض البيوع الموصوفة المطلب الثالث:
البيع بشرط التجربة الفرع الأول:
بيع المذاق الفرع الثاني:
البيع بالنموذج الفرع الثالث:
السكوت في مجال القواعد المكملة والاتفاقات اللاحقة المطلب الرابع:
القواعد المكملة أولاً:
الاتفاقات اللاحقة. ثانياً:

السكوت في إطار محل عقد البيع المبحث الثالث:
السكوت في تعيين المبيع المطلب الأول:
السكوت في تحديد الثمن. المطلب الثاني:
السكوت في البيوع الواقعة على ملك الغير المطلب الثالث:
السكوت في بيع ملك الغير . أولاً :
السكوت في بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع. ثانياً:
السكوت في بيع المريض مرض الموت. ثالثاً:

السكوت في مجال آثار عقد البيع المبحث الرابع:
السكوت في تسليم المبيع وتسلمه.
1-السكوت عن اختلاف المبيع عن حالته وقت التعاقد
2-السكوت عن نقص أو زيادة مقدار المبيع .
3-سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع المطلب الأول:

السكوت في التزام البائع بضمان العيوب المطلب الثاني:
السكوت في التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق المطلب الثالث:

السكوت في بعض البيوع المختلفة المبحث الخامس:
بيع السلّم المطلب الأول:
بيع المخارجة الطلب الثاني:
بيع النائب لنفسه المطلب الثالث:
المقايضة المطلب الرابع:

في أهم النتائج المستخلصة من البحث. خـاتـمـة

المبحث الأول
التعريف بالسكوت وتحديد طبيعته

وسوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نتحدث في أولهما عن التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت ثم في المطلب الثاني نُحدد طبيعته.

المطلب الأول
التعريف اللغوي والاصطلاحي للسكوت

أولاً: التعريف اللغوي: وردت معانٍ متعددة للسكوت في معاجم اللغة العربية ( ) نذكر منها:

- السكوت خلاف النطق: سكت: السكْتُ والسكوت: خلاف النطق.

- السكوت بمعنى الصمت: يقال سكت الصامت يسكت سكوتاً إذا صمت.
- السكوت بمعنى قطع الكلام وتركه: يقال تكلم الرجل ثم سكت بغير ألف، إذا انقطع كلامه فلم
يتكلم.
- السكوت بمعنى الإعراض المتعمد عن الكلام.
- السكوت بمعنى السكون، ومنه قوله تعالى "ولما سكت عن موسى الغضب"

وواضح من هذه التعريفات اللغوية السابقة أن القاسم المشترك بينها أن السكوت هو عدم النطق.



ثانياً: التعريف الاصطلاحي للسكوت: يكاد الفقه القانوني يتفق على أن السكوت موقف سلبي لا يدل على شيء بحسب الأصل، لكن هذا السكوت إذا أحاطت به ظروف وملابسات تجعل السكوت يؤخذ على تعبير معين، فإنه يعتد به على هذا النحو، وهذا ما يُعرف بالسكوت الملابس، ومثل هذا السكوت يعدُ تعبيراً عن الإرادة ( ).

وقد تناولت التشريعات الإطار العام لدلالة السكوت، فتنص المادة (95) مدني أردني بأنه " 1-لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً 2- ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه"( ).

وما ورد بهذا الخصوص تتفق عليه معظم القوانين العربية، وإن اختلفت ألفاظ الصياغة، فالأصل عندها هو أن السكوت عدم، لكنه إذا صاحبته ظروف وملابسات تصرفه إلى معنى معين اعتبر كذلك على سبيل الاستثناء ولا يختلف الأمر عما سبق في ظل الفقه الفرنسي ( ).

كما نصت المادة (1751) من مجلة الأحكام العدلية على أنه " إذا عرض الحاكم اليمين على من توجهت عليه في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، ونكل عنها صراحة بقوله لا أحلف أو دلالة كسكوته بلا عذر حكم الحاكم بنكوله، وكان للحاكم أن يعامله كما لو قال أرفض حلف اليمين " ( ).


المطلب الثاني
طبيعة السكوت المعبر عن الإرادة

لقد تناولت التشريعات المختلفة طرق التعبير عن الإرادة، ولكنها لم تحدد السكوت باعتباره تعبيراً صريحاً أو ضمنياً، لكنها عدّت السكوت قبولاً في حالات استثنائية إذا لابسته ظروف معينة، كما أن هناك أموراً معينة نصت عليها التشريعات وعدّت السكوت فيها قبولاً أو رفضاً وهي ما تسمى بالسكوت الموصوف. فتنص المادة (144) مدني أردني على أنه " يعتبر السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة تغريراً إذا ثبت أن المغرور ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة " ( ).

ولكن الفقه اختلف في تحديد طبيعة هذا التعبير بطريق السكوت إلى عدة آراء : فقد ذهب الرأي الأول إلى أن السكوت ليس تعبيراً عن الإرادة، وإن كانت تترتب عليه بعض الآثار القانونية باعتباره موقفاً موضوعياً. ويقيم هذا الاتجاه تفرقة بين السكوت الموصوف والسكوت الملابس فيقول" إن السكوت باعتباره مجرد موقف عضوي لا يتضمن سوى القصد، فإنه لا يعد أصلاً تعبيراً عن الإرادة باستثناء تلك الحالة التي يكون فيها موصوفاً حيث يشكل تعبيراً صريحاً عن الإرادة، وفي غير هذه الحالة المحددة، فإنه لو ترتبت آثار قانونية أحياناً على السكوت، فإن ذلك لا يعني مطلقاً أنه تعبير عن الإرادة ولكن باعتباره مجرد واقعة قانونية مادية خاضعة لتقدير القضاء في كل حالة خاصة" ( ).

وواضح من هذا الاتجاه الفقهي أنه ينظر إلى السكوت الملابس باعتباره واقعة قانونية مادية، قد تترتب عليها بعض الآثار القانونية، لكن ذلك لا يعني أنه وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة .


وقد ذهب رأي ثان في الفقه إلى أن التعـبير عن الإرادة إما أن يكـون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً، ولكل منهما طريقته المستـقلة، وبالتالي فإن السكوت الملابس لا يُعدُّ طريقاً من طرق التعبير الصريح أو الضمني وإنما هو طريق استثنائي بحت، له طبيعة خاصة، ولا يشاركه فيها أي من نوعي التعبير الصريح أو الضمني ( ).

أما الرأي الثالث، الذي عليه غالبية الفقه، فيقول بأن السكوت المجرد لا يعد إرادة ضمنية ولا تعبيراً عن الإرادة، لكن السكوت المعبر عن الإرادة – الموصوف أو الملابس –وسيلة استثنائية للتعبير عن الإرادة في مجال القبول وليس الإيجاب ( ) .

وإذا كان الفقه قد اختلف في تحديد نوع التعبير عن الإرادة بالسكوت، فإن القضاء بدوره لم يحسم الأمر في هذا الصدد، فغالبية الأحكام قد ذهبت إلى أن السكوت تعبير ضمني عن الإرادة، فتقول محكمة النقض المصرية إن "عدم اعتراض الشركة المؤجرة على واقعة تبادل المستأجرين بذات العقار

للعين المؤجرة لكل منهما، رغم إخطارها بذلك مع استمرارها في تقاضي الأجرة مدة طويلة يعتبر إقراراً ضمنياً من المؤجر بالموافقة على هذا التبادل، ويغنى عن إصدار تصريح كتابي بذلك ( ).

كما قضى بأن " عدم منازعة الخصم في بعض وقائع الدعوى (سكوته عنها)، يجيز للمحكمة أن تعتبر ذلك إقراراً ضمنياً بها ..."( ) لكن بعض الأحكام- وهي قليلة- قد عدّت السكوت بمثابة التعبير الصريح عن الإرادة ( ).
وفي رأينا، وبعد عرض موقف كل من الفقه والقضاء، فإن السكوت يعدّ وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة، وهو يدل عليها بصورة صريحة في حالات السكوت الموصوف، وبشكل ضمني في حالات السكوت الملابس ( ).

المبحث الثاني
السكوت في التراضي على البيع

تمهيد وتقسيم : من المعلوم أن عقد البيع هو عقد يقصد به نقل ملكية شيء أو حق مالي آخر لقاء عوض، وقد عرّفت المادة (465) مدني أردني البيع بأنه " تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض" ، وعرفته المادة (418) مدني مصري بقولها " البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً آخر في مقابل ثمن نقدي"

وفي الفقه الإسلامي قيل إن له معنيين، عاماً وخاصاً، فالبيع بمعناه العام هو "معاوضة مال بمال تمليكاً وتملكاً على التأبيد " فيشمل بذلك المقايضة والصرف والسلم، أما المعنى الخاص فهو " معاوضة عين بدين تمليكاً وتملكاً على التأبيد" وإذا أطلق البيع كان المقصود به هذا المعنى الخاص ( ).

ومن كل ذلك يتبين أن عقد البيع يكون ملزماً لكل من البائع والمشتري وهو من عقود المعاوضة، فكل من طرفيه يأخذ ويعطي في ذات الوقت، وهو بحسب الأصل عقد رضائي يتم بمجرد أن يتبادل طرفاه الاتفاق على المبيع والثمن أيا كانت وسيلة ذلك باللفظ أو الكتابة أو الإشارة ( ).


وبالتالي، فإن هناك أركاناً يقوم عليها عقد البيع، كما أن هناك آثاراً تترتب على وجود هذا العقد، وكل هذا يتطلب منا أن نعرض من خلالها للحالات التي يعد فيها السكوت معبراً عن الإرادة. وسوف نتحدث في هذا المبحث عن التراضي على البيع- الإيجاب والقبول- وذلك في مطلبين: ثم نعرض في مطلب ثالث للسكوت في مجال القواعد المكملة والاتفاقات اللاحقة .

المطلب الأول
السكوت في مجال الإيجاب بالبيع

المقصود بالإيجاب هو التعبير الذي يصدر من أحد المتعاقدين متضمناً رغبته الأكيدة في التعاقد مع آخر فيما لو صدر قبول من هذا الأخير ( ).

وتنص المادة (91/1) مدني أردني بأن " الإيجاب والقبول كل لفظين مستعملين عرفاً لإنشاء العقد وأي لفظ صدر أولا فهو إيجاب والثاني قبول " ( ).

وينبغي أن يتوافر في الإيجاب العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه، ففي عقد البيع يتضمن الإيجاب تحديد الشيء المبيع والثمن وأيّة شروط لها أهمية في التعاقد . وإذا كان الأمر على هذا النحو، وكان الإيجاب لا بد أن يتضمن الأمور الجوهرية في العقد، وبالتالي فإن السكوت لا يمكن اعتباره معبراً عن الإيجاب، إذ من غير المتصور أن يتضمن السكوت، هذا التحديد، كما أنه لا يمكن القول إن من يسكت يُفترض أنه يعرض شيئاً على آخر محدد المعالم، فالسكوت إذن لا يعمل به في مجال الإيجاب ( ).

وإذا كان ما تقدم هو ما عليه غالبية الفقه، فإن هناك اتجاهاً في الفقه الفرنسي يذهب إلى أن السكوت يمكن أن ينشئ إيجاباً إذا كان سكوتاً ملابساً، وذلك عندما يعرض التجار بضاعتهم في واجهات المحلات التجارية، أو وقوف سيارات الأجرة في الأماكن المخصصة لها ( ).
والحق أن الإيجاب في الأمثلة المتقدمة لم ينشأ عن السكوت، وإنما نشأ من اتخاذ موقف معين لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على الإيجاب، والإيجاب يستفاد من هذا الموقف وليس من السكوت( ).

المطلب الثاني
السكوت في قبول عقد البيع

القبول في البيع هو التعبير عن الإرادة الصادر ممن وجه إليه الإيجاب والمتضمن موافقته على الإيجاب الصادر إليه بكل عناصره . وهو قد يكون باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو الفعل أو بالسكوت( ) .

وإذا كان السكوت ليس مؤهلاً لإنشاء الإيجاب، فإنه على العكس يصلح للتعبير عن القبول، وهذا أمر مستقر لدى غالبية التشريعات وكذلك الفقه والقضاء، سواء فيما يتعلق بعقد البيع أو عقد آخر .

فقد نصت المادة (95) مدني أردني على أنه " 1-لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً 2-ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه "( ).


لقد بيّن هذا النص القاعدة في السكوت، وهي أنه " لا ينسب لساكت قول" ولكن هذا السكوت إذا لابسته ظروف معينة فإنه يعدُ قبولاً كأن تقتضيه طبيعة المعاملة أو العرف التجاري أو يكون مسبوقاً بتعامل يدل عليه، أو أن يؤدي إلى منفعة خالصة لمن وجه إليه.والذي يعنينا في هذا المقام هو عدّ السكوت قبولاً للإيجاب المعروض بالبيع أيا كانت الملابسات التي أدت إلى ذلك:

1. القبول بالسكوت بناء على تعامل سابق: فقد يكون هناك تعامل سابق بين المتعاقدين، ومن ثم فإن الموجب لا ينتظر في هذه الحالة تصريحاً بالقبول من الطرف الآخر، فالبائع الذي يرسل بضاعة إلى المشتري في مواعيد منتظمة وهو لا ينتظر منه رداً بالقبول، فهنا يعد سكوت العميل " المشتري" قبولاً. أو أن يعتاد المشـتري " تاجر التجـزئة" أن يطلب من البائع بضاعة معينة فيـقوم الأخير بإرسالها له دون أن يصرّح بالقبول، ومن ثم فإن طلبات المشـتري فيما بعد مع سكوت البائع كالمعتاد، يفسر على أنه قبول( ) .

2. القبول بالسكوت استناداً إلى طبيعة التعامل: قد تكون هناك ملابسات معينة في البيع والشراء مما يعد السكوت معه قبولاً. فإذا أرسل البائع فاتورة البضائع متضمنة شروط البيع إلى المشتري، ولم يعترض عليها الأخير، اعتبر سكوته قبولاً، أو أن يُدخلها مخازنه دونما اعتراض، فلا ريب أن كل ذلك يفسر منه على أنه قبول، إذ لو أراد الاعتراض لقام به( ).

3. القبول بالسكوت استناداً إلى العرف التجاري: للتجارة دائماً ظروفها الخاصة من حيث سرعة التعامل وما تقتضيه من ثقة بين التجار وحسم سريع لما ينشب من منازعات، فإذا جرى العرف التجاري على أن الموجب لا ينتظر تصريحاً بالقبول ممن وجه اليه الايجاب، كأن يوجه شخص إيجاباً بشراء بضاعة من آخر، تكون هذه البضاعة هي من صميم اختصاصه، عندئذ يعد سكوت هذا الأخير قبولاً طالما أن العرف التجاري يقضى بذلك ( ).

4. القبول بالسكوت عندما يؤدي الإيجاب إلى منفعة خالصة للقابل: لا ريب أن تمخض الإيجاب لمصلحة القابل، أمر يسهل تصوره في مجال التبرعات، أما أن يحدث ذلك في عقد البيع، وهو من عقود المعاوضات كما نعلم، فإن هذا أمر مستغرب، وإن كان الفقه يشـير "إلى إمكانيـة ذلك، فيقـول د. السنهوري " قد يحدث أن المشتري يبدأ بعرض ثمن معين، ويأبى ضمير البائع أن يسـايره في هذا الثمن فيـقبل البيع بثمن أقل، هو الثمن العادل في نظره، فهنا يكون إيجاب المشتري قد عارضه قبول البائع، فيعتبر قبول البائع إيجاباً جديداً... ويعتبر سكوت المشتري والإيجاب الجـديد نافع له نفعاً محضاً قبولاً لهذا الإيجاب الجديد فيتم البيع على الثمن الأقل. وإذا بدأ البائع بطلب ثمن معين، فأبى ضمير المشتري إلاّ أن يزيد في الثمن فقبول المشتري الشراء بالثمن الأكبر إيجاب جديد يقبله البائع بسكوته فيتم البيع على الثمن الأكبر"( ).

يتبين من كل ما تقدم أن السكوت يعدَّ قبولاً إذا أحاطت به ملابسات معينة تنبئ عن ذلك، كتعامل سابق أو طبيعة التعامل أو عرف تجاري أو منفعة خالصة لمن وجه إليه الإيجاب، بل إن هناك حالات للسكوت الموصوف أيضاً والتي تكون بنص أو عرف أو اتفاق ( ).



المطلب الثالث
السكوت في بعض البيوع الموصوفة

قد تدخل على عقد البيع- كما هو الشأن في سائر العقود- أوصاف مختلفة، كأن يعلق على شرط أو يضاف إلى أجل. فإذا لم يلحق الوصف كل آثار العقد فلا يعدُّ العقد نفسه موصوفاً، أما إذا لحق لوصف كل آثار العقد فإن العقد يكون موصوفاً. والكثير من التشريعات تشترط في بعض الأحوال قدراً

من الوضوح في التعبير عن الإرادة بقبول الشيء أو رفضه، ومن هذا القبيل ما هو موجود في البيع بشرط التجربة وبيع المذاق، حيث نلمس للسكوت دوراً في ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر.ثم نتحدث عن البيع بالنموذج. وسوف نعرض في ثلاثة فروع على التوالي لهذه الموضوعات:

الفرع الأول
السكوت في البيع بشرط التجربة

البيع بشرط التجربة هو البيع الذي يتفق فيه على احتفاظ المشتري بحق تجربة المبيع، وقد يكون هذا الاتفاق صريحاً وقد يكون ضمنياً يستخلص من طبيعة المبيع وظروف التعامل، وعادة ما يرد في المنقولات كالسيارات والآلات الميكانيكية وغير ذلك، والتي لا يستوثق منها إلاّ بعد تجربتها، كما يرد في العقارات ( ).

والتجربة يقوم بها المشتري أو من يُنيبه في ذلك، وقد تتم بحضور البائع أو بدون حضوره. وفي القانون المدني الأردني يعدُّ البيع بشرط التجربة عقداً صحيحاً ونافذاً لكنه غير لازم في حق المشتري الذي يكون له أن يستقل بفسخه( ).

أما في ظل القانون المدني المصري فهو بيع معلق على شرط واقف هو قبول المشتري المبيع بعد تجربته ما لم يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناً على اعتباره بيعاً مُعلقاً على شرط فاسخ هو عدم قبول المشتري المبيع بعد تجربته( ).

وقد أوجب القانون على المشتري في البيع بشرط التجربة أن يعلن البائع ويخطره برفضه المبيع إن شاء ذلك، وبالتالي فإن سكوته يعد رضاء بالمبيع وقبولاً له. كما ورد في المادة (471/2) مدني أردني بأنه ( إذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولاً). والبيع بشرط التجربة يلزم له مدة يتفق عليها الطرفان، لكن عدم وجود مدة معينة ليس معناه أن هذا البيع باطل، بل يبقى العقد صحيحاً نافذاً في حق الطرفين، وتحمل المدة على المدة المعتادة وهي التي تعارف الناس على أنها تكفي لتجربة المبيع. وهذا ما ذهب إليه القانون المدني الأردني في المادة (470/1) مدني حين قال ( يجوز البيع بشرط التجربة مع الاتفاق على مدة معينة فإن سكت المتبايعان عن تحديدها في العقد حملت على المدة المعتادة). وهكذا نجد في هذا النص المتقدم دوراً آخر للسكوت، وذلك عندما لا يتفق الطرفان على مدة محددة، فإن سكوتهما يمكن القاضي من تطبيق النص المكمل الإرادة المتعاقدين فتحمل المدة على المدة المعتادة.

وإذا لم تكن المدة كافية لفحص المبيع وتجربته وطلب المشتري أجلاً جديداً لكن البائع سكت، فإن سكوته يُعدُّ قبولاً( ).

الفرع الثاني
السكوت في بيع المذاق

البيع بشرط المذاق هو نوع من تجربة المبيع لبيان مدى ملاءمته لذوق المشتري، وهو قد يتفق عليه صراحة وقد يستخلص من ظروف المبيع ذاته.

وقد نص القانون المدني الأردني في المادة 477 مدني على أنه (تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق إلاّ أن خيار المذاق لا يورث).

يتضح من هذا النص أن المشرع الأردني قد عدّ بيع المذاق نوعاً من البيع بشرط التجربة، ومن ثم يأخذ حكمه أي أنه بيع صحيح ونافذ لكنه غير لازم ( ).

وبالتالي فإن للمشتري في البيع بشرط المذاق أن يجيز البيع، وعندئذ يصبح العقد لازماً في حقه بعد أن كان غير لازم على الرغم من صحته ونفاذه، وإذا قرر إجازة البيع فيجب أن يكون ذلك خلال المدة المحددة أو التي جرى عليها العرف، فإذا سكت بعد هذه المدة يعدُّ ذلك إجازة ضمنية للبيع ويصبح العقد لازماً في حقه من تاريخ البيع وليس من وقت المذاق والرضا بالمبيع ( ).

الفرع الثالث
السكوت في البيع بالنموذج

يتم البيع بالنموذج عندما لا يكون المبيع حاضراً لدى المتعاقدين في مجلس العقد ويجري ذلك في الأموال المثلية كالمكيلات والموزونات والعدديات. وهو بيع شائع في الحياة، فقد يقدم البائع للمشتري نموذجاً يدل على نوعية المبيع وصفته وجودته. وللبيع بالنموذج شرطان أولهما أن يكون النموذج دالاً على المبيع، بحيث يعد المشتري عالماً به علماً نافياً للجهالة الفاحشة، وثانيهما أن يكون المبيع مطابقاً للنموذج، ولا تبرأ ذمة البائع إذا سلم شيئاً مختلفاً عن النموذج، وإذا حدث ذلك، فإن المشتري يكون مخيراً بين قبول المبيع أو إعادته أو فسخ العقد ( ).

وقد تناولت هذه الأحكام المادة (468) مدني أردني حيث جاء فيها:

( 1. إذا كان البيع بالنموذج تكفي فيه رؤيته ووجب أن يكون البيع مطابقاً له. 2.فإذا ظهر أنه غير مطابق له فإن المشتري يكون مخيراً إن شاء قبله وإن شاء رده).

والحقيقة أنه لا مجال للاعتداد بالسكوت في إطار النصوص التي تعالج البيع بالنموذج، فقد جاءت هذه النصوص دالة دلالة صريحة على ما قصده المشرع.




المطلب الرابع
السكوت في مجال التراضي على المسائل التفصيلية

أولاً: القواعد المكملة :
لكي يتم عقد البيع، فإنه ينبغي الاتفاق على المسائل الجوهرية، أما المسائل التفصيلية، فإنه يكفي في شأنها عدم اختلاف كل من البائع والمشتري عليها، فالعقد ينعقد حتى وإن سكت الطرفان عن الاتفاق على وقت دفع الثمن أو وقت تسليم المبيع أو من يلتزم بدفع مصروفات الشيء المبيع وغير ذلك من هذه الأمور، وإذا قام خلاف بين المتعاقدين على واحدة من هذه المسائل، فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة ( ).

ولكن إذا عرض المتعاقدان لشيء من ذلك عند التعاقد ولم يتفقا على مسألة منها أو اختلفا حولها، عندئذ فإن البيع لا يتم، وقد عالج ذلك المشرع الأردني فنص في المادة (100) مدني على أن:

1. يطابق القبول الإيجاب إذا اتفق الطرفان على كل المسائل الجوهرية التي تفاوضا فيها، أما الاتفاق على بعض هذه المسائل، فلا يكفي لالتزام الطرفين حتى لو أثبت هذا الاتفاق بالكتابة .

2. وإذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد انعقد، وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة " ( ) .

يتضح إذن أن القانون في تنظيمه للعقود يورد أحكاماً تُكمل إرادة المتعاقدين، وهذه الأحكام تُطبق إذا لم يرد في العقد ما يخالفها، فإذا سكت ذوو الشأن عن تنظيم أمر معين، فيفترض أنهم رضوا بما نظمه المشرع في هذا الصدد، من ذلك التزام البائع بتسليم المبيع بالحالة التي هو عليها عند

العقد، فسكوت المتعاقدين في هذه الحالة افترض معه المشرع، أن نيتهما قد اتجهت إلى أن يحل القاضي محل المتعاقدين في الفصل في هذه المسائل غير الجوهرية ( ).

ثانياً : الاتفاقات اللاحقة
يتفق المتعاقدان على جميع المسائل الجوهرية ويحتفظان بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد، ولا ريب أن القانون يتكفل بمثل هذه المسائل إذا سكت ذوو الشأن عنها، لكن ذلك ليس حائلاً دون تنظيمها من قبل المتعاقدين، وتتأكد إرادتهما في تنظيم هذه الأمور التفصيلية إذا اشترطا ضرورة الاتفاق اللاحق بشأنها، إذ تكون نيتهما قد اتجهت إلى استبعاد القواعد المكملة في هذا الصدد ( ).

وقد نظم القانون المدني الأردني هذا الموضوع حين قال " وإذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد، واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد، ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل، فيعتبر العقد قد انعقد، وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة"( ).

هذا وقد يثار تساؤل آخر في شأن الأمور التفصيلية مفاده مدى إمكانية الاتفاق على هذه الأمور، في حالة العرض الذي يُبديه أحد المتعاقدين بشأنها وسكوت المتعاقد الآخر؟ وهل يعدُ ذلك قبولاً ؟

نرى في هذا الصدد أن مبادرة أحد المتعاقدين بتنظيم بعض الأمور التفصيلية وإرسالها إلى الطرف الآخر في التعاقد، لا يعتد به بحسب الأصل، إذ هو عمل فردي قام به، ولكنه يسري في مواجهة الطرف الآخر في حالة موافقته على ذلك، وهذه الموافقة تُستمد من سكوت الطرف الآخر وعدم اعتراضه، إذ لو أراد الاعتراض لفعل.

فمثلاً إذا اتفق البائع والمشتري على المسائل الجوهرية، كتحديد الشيء المبيع والثمن، ولكنهما تركا المسائل التفصيلية كلها أو جانباً منها، وبعد ذلك أرسل البائع الشيء المبيع إلى المشتري متضمناً فاتورة حدّد فيها هذه المسائل التفصيلية التي لم يكن قد تم الاتفاق عليها، عندئذ فإن استلام المشتري الشيء المبيع والفاتورة مع سكوته أو دون اعتراض ، يعدُ قبولاً من جانبه ( ).

يتبين إذن أن سكوت المشتري بعدما يتسلم البضاعة مصحوبة بقائمة الثمن تلابسه ظروف معينة تدعم القول بأن سكوته هذا ليس له من تفـسير إلاّ أنه قد قبل العـرض بشـروطه المرفقة معه . فلقد كان أمامه حق الاعتراض إذا اتجهت نيـته لذلك، وبالتالي فإن سكوته في هذه الحالة يعدُ سكـوتاً ملابساً ويفسر بأنه قبول .

المبحث الثالث
السكوت في إطار محل عقد البيع

يتضمن محل عقد البيع ركنين أساسيين لا يقوم بدونهما، هما الشيء المبيع والثمن، تسليم المبيع التزام يقع على عاتق البائع، وتسليم الثمن التزام يتكفل به المشتري ( ).

ومن الشروط اللازمة للشيء المبيع – كما هو معلوم – أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود، ومعيناً أو قابلاً للتعيين، كما يلزم ملكية البائع للمبيع وكونه غير مخالف للنظام العام والآداب .

ومن الشروط المتطلبة في الثمن كونه محدداً وجديّاً ونقدياً ونريد في هذا المقام أن نبين الدور الذي يناط بالسكوت في مجال بعض شروط محل عقد البيع، وبالتالي سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نعرض في أولهما للسكوت في تعيين المبيع، ونبين في ثانيهما السكوت في تحديد الثمن.

المطلب الأول
السكوت في تعيين المبيع

لا يتم البيع إلاّ إذا كان الشيء المبيع معيناً تعييناً نافياً للجهالة بالقدر الذي يميزه عن غيره، ومن ثم يمنع الجهالة الفاحشة، بل إن بعض التشريعات اتجهت إلى منع الجهالة اليسيرة أيضاً، فاشترطت علم المشتري بالشيء المبيع علماً كافياً ( ).



وقد نظم القانون المدني الأردني هذا الموضوع في المادة (466) مدني بقوله " 1-يشترط أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة 2-يكون المبيع معلوماً عند المشتري ببيان أحواله وأوصافه المميزة له وإذا كان حاضراً تكفي الإشارة إليه" ( ).

يتضح من هذا النص أنه في حالة كون المبيع ليس حاضراً لدى المتعاقدين فإن البيع يتم على أساس بيان أحواله وأوصافه المميزة له ( كأن تكون سيارة فيذكر أنها من نوع كذا وموديل الصنع سنة كذا، وسعة المحرك كذا وكذلك قوته وغير ذلك) أما إذا كان المبيع حاضراً فليس هناك داعٍ لبيان أحواله وأوصافه المميزة له، وإنما تكفي الإشارة إليه فيقول البائع للمشتري بعتك هذا التلفاز مثلاً، فيقول المشتري قبلت.

لا بد إذن أن يكون المبيع معيناً بذاته أو بنوعه، ويحق للمشتري الذي لم يتوفر له العلم الكافي بالمبيع أن يطلب فسخ العقد (حالة العقد غير اللازم).

وقد يثبت للمشتري خيار الرؤية إذا لم ير المعقود عليه، فإن رأى المشتري الشيء المبيع وسكت" بحيث يفهم من سكوته رضاؤه بالمبيع، فقد سقط خياره ( ) لكنه إذا أعلن أن المبيع ليس على النحو المطلوب فيعدُّ العقد غير لازم بالنسبة له، ويستطيع المطالبة بفسخه.

المطلب الثاني
السكوت في تحديد الثمن

من المعلوم أن الثمن ركن في عقد البيع لا يقوم إلاّ به، وفي حالة عدم تحققه لا يمكن وصف العقد بالبيع، لكن المتعاقدين قد لا يحددان الثمن وقت العقد، ويقتصران على بيان الأسس التي يتحدد الثمن بناءً عليها في وقت لاحق، تحديداً يمنع النـزاع وينفي الجهالة .

ومن ثم فإن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن عند العقد، واعتماد بعض الأسس التي يتحدد بمقتضاها مستقبلاً، لا يجعل العقد باطلاً، طالما أمكن استخلاص ذلك من الملابسات المحيطة بالعقد .

وقد نصت المادة (479) مدني أردني على أنه " يشترط أن يكون الثمن المسمى حين البيع معلوماً، ويكون معلوماً: 1- بمشـاهدته والإشـارة إليه إن كان حاضراً 2-ببيان مقداره وجنسه ووصفه إن لم يكن حاضراً 3- بأن يتفق المتبايعان على أسس صالحة لتحديد الثمن بصورة تنتفى معها الجهالة حين التنفيذ " ( ).

يتضح من ذلك أن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن في العقد يتوقف على إمكانية هذا التحديد فيما بعد من عدمه، فإن لم يكن ممكناً تحديد الثمن، فالبيع باطل لتخلف ركن الثمن ، وإن كانت الأخرى وأمكن تحديد الثمن كان العقد صحيحاً. فالعقد يعدُّ صحيحاً بالرغم من سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن وقت العقد، طالما قد حددا أسساً لاحتساب ذلك مستقبلاً أو أمكن استخلاص ذلك من إرادتهما.




ويعدُّ الثمن غير قابل للتحديد، إذا سكت عن بيانه المتعاقدان، ولم يحددا بعض الأسس التي يمكن تقديره بناء عليها فيما بعد، ولم يكن هناك من الملابسات التي يستفاد منها هذا التحديد، ففي كل هذه الحالات لا نستطيع القول إن المتعاقدين قد ارتضيا ثمناً معيناً، ومن ثم يكون العقد باطلاً لانعدام الثمن .

وعلى العكس يكون الثمن قابلاً للتقدير، إذا سكت المتعاقدان عن تحديده، ولكنهما حددا الأسس التي يتم بمقتضاها هذا التقدير، أو كانت هناك من الملابسات ما يبعث على ذلك، كاعتماد السعر المتداول في التجارة أو الذي جرى عليه التعامل بينهما، عندئذ يُفسر سكوت المتعاقدين على انصراف نيتهما إلى اعتماد الثمن المحدد حسب الأسس المتفق عليها سواءً كان ذلك صراحة أو ضمناً ( ).

ومن الأسس التي يقول بها الفقه، والتي يعتمد عليها في تقدير الثمن عند سكوت المتعاقدين ( ) سعر السوق والثمن الذي اشترى به البائع، وأيضاً السعر المتداول في التجارة، أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتعاقدين أو قد يُحددا شخصاً أو عدة أشخاص ليقوموا بهذا التقدير.


المطلب الثالث
السكوت في البيوع الواقعة على ملك الغير

تمهيد :
لكي يصح البيع ينبغي أن يكون الشيء المبيع مملوكاً للبائع، وهذا شرط بديهي سواء في القانون أو حتى في الفقه الإسلامي . لكن الواقع العملي يشهد بأن أناساً قد يبيعون ما لا يملكون، فيبيعون ملك غيرهم، وقد يكون هذا الملك خالصاً للغير، وقد يكون للبائع حصة فيه وتوجد صورة أخرى لمن يبيع شيئاً لا يملكه – حكما- كأن يبيع شيئاً وهو في مرض الموت .

في مثل هذه الحالات السابقة قد توجد دلالات معينة لسكوت أطراف التعاقد، مما يجعلنا نحاول إبرازها على النحو التالي:

أولاً: السكوت في بيع ملك الغير :
نصت المادة (550) مدني أردني على أنه " إذا باع شخص ملك غيره بدون إذنه جاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع 2-ولا يسري البيع في حق مالك العين المبيعة ولو أجازه المشتري"
وجاء بالمادة (551/1) بأنه " إذا أقر المالك البيع سرى العقد في حقه وانقلب صحيحاً في حق المشتري"( ).

وواضح من ذلك أن بيع ملك الغير هو عقد قابل للفسخ لمصلحة المشتري في القانون المدني الأردني .
وقابل للإبطال في القانون المدني المصري لمصلحة المشتري، غير أنه في الحالتين لا يسري في مواجهة المالك الحقيقي للشيء المبيع إلاّ بإقراره، وفي هذه الحالة ينقلب البيع صحيحاً بالنسبة للمالك وأيضاً المشتري،في ظل القانون المصري،ويكون نافذاً في ظل القانون المدني الأردني،(إذ إن العقد الموقوف هو صحيح بحسب الأصل لكن غير نافذ) .



يحتاج بيع ملك الغير إذن إلى أمرين أساسيين، إجازة تصدر من المشتري، وأيضاً إلى إقرار من المالك الحقيقي( ).

وهذه الإجازة قد تكون في صورة صريحة أو ضمنية، وتستفاد هذه الأخيرة من قيامه بتنفيذ بنود العقد مع أنه يعلم عدم ملكية البائع للشيء المبيع، كأن يدفع ثمن هذا المبيع أو يتسلمه، أو أن يسكت عن الطعن عليه بالفسخ. كما أن الإقرار الصادر عن المالك الحقيقي قد يكون أيضاً في صورة صريحة أو ضمنية ( ).

فالسكوت يُفسر على أنه إجازه الدائن عن المطالبة به، كما تقضي بذلك القواعد العامة( ) . هذا، وقد ذهب بعض الفقهاء المحدثين إلى أن المذهب الحنفي يتجه إلى اعتبار السكوت إجازة لتصرف الفضولي( ).

ثانياً : السكوت في بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع .

نصت المادة (1031/2) مدني أردني على أنه " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة، وإذا كان المتصرف إليه يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة حين العقد، فله الحق في إبطال التصرف "( ).

يشير هذا النص إلى أنه في حالة بيع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من المال الشائع، ثم قُسّم هذا المال، وكانت حصة البائع نتيجـة لذلك جزءاً آخر غير الذي باعه، عنـدئذ فإن حـق المشتري ينتقل إلى هذا الجزء الواقع في نصيب البائع ومنح المشرع حقاً للمشتري في إبطال البيع حالة جهـله وقت العقد أن البائع لا يملك العين المبيعة مفرزة. وبالتالي فإن الخيار للمشتري بين إبطال عـقد البيع أو أن يأخذ الجزء الذي وقع في نصيب البائع نتيجة للقسمة، فإذا سكت المشتري عن التمسك بالإبطال فإن هذا يعدُ قبولاً من جانبه ( ).

ثالثاً: السكوت في بيع المريض مرض الموت :

تنص المادة (544) من القانون المدني الأردني على أن " 1-بيع المريض شيئاً من ماله لأحد ورثته لا ينفذ ما لم يُجزه باقي الورثة بعد موت المورث" وتنص المادة (545) مدني على أن " 1-بيع المريض

من أجنبي بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت نافذ في حق الورثة إذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تتجاوز ثلث التركة داخلاً فيها المبيع ذاته . 2-أما إذا تجاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع ما لم يقره الورثة أو يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع وإلاّ كان للورثة فسخ البيع " ( ).

لا ريب أن السبب في تقييد تصرف الشخص في مرض الموت إنما يرجع إلى وجود حق للورثة في هذا المال، فمن المعلوم في الفقه الإسلامي أن حق الورثة يتعلق بأموال المورث منذ مرضه الذي يموت فيه ( ) فإذا باع بثمن أقل من قيمة المبيع، فإنها تأخذ حكم الوصية، وبالتالي فإذا كان التصرف منطوياً على تبرع يجاوز ثلث التركة، فهو غير نافذ في مواجهة الورثة إلاّ إذا أجازوه، أو بسقوط حقهم في دعوى عدم نفاذ التصرف .

وفي رأينا أن سكوت الورثة في هذه الحالة مدة معقولة حسبما يقدرها القاضي يُفسر على أنه إجازة، ذلك أنه كان بمقدورهم الاعتراض على تصرف المورث، فإذا سكتوا ولم يعترضوا فمعنى ذلك أن هذا السكوت إجازة، إذ ينطوي على احترام لإرادة المورث وهو يحقق أيضاً مصلحة المشتري ( ).

المبحث الرابع
السكوت في مجال آثار عقد البيع

من أهم الآثار التي ينتجها عقد البيع، بعـدما اكتملت أركانه، التـزام البائع بتسليم المبيع للمشتري، وأيضاً التزامه بضمان العيوب . وبالتالي فإننا سنعالج هذا الموضوع في مطلبين لنبين دور السكوت في هذه الحالات .

المطلب الأول
السكوت في تسليم المبيع وتسلمه

1- السكوت عن اختلاف المبيع عن حالته وقت التعاقد :
الأصل أن يلتزم البائع بالمحافظة على الشيء المبيع وتسليمه للمشتري بالحالة المتفق عليها عند العقد، لكن المشتري إذا سكت عن تسليم المبيع مع تغير حالته، يفسر ذلك على رضاه ( ) والتزام البائع على

هذا النحو مرجعه نص المادة (489) مدني أردني التي تقول "يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع" ( ).

ويعني ذلك أن تكون حالة المبيع عند تسليمه للمشتري هي نفس الحالة التي كان عليها عند التعاقد، لكن المشتري إذا تسلم المبيع ولم يعترض عليه ومضت على ذلك مدة كافية، فإن سكوته معناه أن هناك تطابقاً بين حالة المبيع عند التسليم وحالته عند العقد ( ).

ولكي يعتد بالسكوت، ينبغي أن تمضي فترة معقولة يحددها القاضي، بحيث يمكن معها القول إن الساكت قد عاين الشيء وارتضاه ( ).

2- السكوت عن نقص أو زيادة مقدار المبيع
هناك التزام يقع على عاتق البائع وهو أن يسلم المشتري الشيء المبيع بالمقدار المتفق عليه عند التعاقد، فإذا حدث زيادة أو نقصان فإن للمشتري – في حالات معينة – الحق في طلب الفسخ كما يكون له الحق في إنقاص الثمن بقدر نقصان المبيع، ويكون للبائع طلب تكملة الثمن بمقدار الزيادة في المبيع ( ) وقد حدد القانون المدني الأردني مدة قصيرة لا تسمع بعدها الدعوى في هذه الحالات، فتقول المادة (493) مدني أردني بأنه " لا تسمع الدعوى بفسخ العقد أو إنقاص الثمن أو تكملته إذا انقضت سنة على تسليم المبيع "( ).

والذي يعنينا في هذا الصدد، وكما يقول بعض الفقه – بحق – أنه " يجوز للمشتري أن ينـزل عن حقه في الدعاوي التي يخولها إياه نقص مقدار المبيع نزولاً صريحاً أو ضمنياً، ويعتبر نازلاً ضمنياً عن حقه في طلب الفسخ إذا تسلم المبيع مع علمه بالعجز دون أن يبدي أي تحفظ، كما يعتبر نازلاً عن طلب إنقاص الثمن إذا وفّى بعد التسليم بالثمن كاملاً، ولم يثر مسألة عجز المبيع دون أن يكون هناك ما يمنعه من ذلك "( ).

وفي هذا الإطار فإن سكوت البائع حال تسليم المبيع إلى المشتري وهو يعلم بزيادة مقداره، يعد رضاءً منه بالبيع بالثمن الذي اتفق عليه، ولا يحق له بعد ذلك أن يطلب تكملة الثمن، إذ إن ذلك يعدُ من جانبه موقفاً واضحاً بالرضاء.

3- سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع.
لا ريب أن البائع يلتزم بتسليم الشيء إلى المشتري في الوقت المتفق عليه بينهما، وإلاّ حسبما يقضي العرف أو طبيعة الشيء المبيع ( ) فإذا تأخر البائع في تنفيذ التزامه هذا، فإن للمشتري أن يطالبه بالتنفيذ العيني حسبما تقضي بذلك القواعد العامة، لكن المشتري قد يسكت عن المطالبة بحقه، عندئذ يفسر سكوته على أنه قد تنازل عن حقه في طلب التنفيذ العيني إلى الفسخ ( ).

المطلب الثاني
السكوت في التزام البائع بضمان العيوب

من الالتزامات التي تُثقل كاهل البائع، التزامه بضمان العيوب التي تظهر بالمبيع، ذلك أنه من المفروض أن يمكّن المشتري من الانتفاع الكامل بالشيء المبيع، وبالتالي فكل عيب خفي هو ضامن له.

لكن العيوب الظاهرة لا يضمنها إلاّ إذا كان سيئ النية، باعتبار هذا العيب الظاهر من السهل على المشتري أن يتبينه. وينبنى على ذلك أنه إذا كان العيب موجباً للضمان، تقوم مسئولية البائع بضمانه، ويحق للمشتري الرجوع على البائع بضمان هذا العيب، ويبقى حقه قائماً لا يسقط إلاّ إذا رضى بالعيب أو تنازل عن حقه في الرجوع صراحة أو ضمناً .

وبالتالي فإن هناك نوعين من العيوب تكتنف الشيء المبيع، عيب ظاهر وآخر خفي، والعيب الظاهر لا يضمنه البائع، لكنه يضمن العيب الخفي فقط، فهو ما تستلزمه طبيعة الأشياء وقصد المتعاقدين ويوجبه حسن التعامل بين الناس، فمن يشتري شيئاً من آخر يفترض أنه بحالة تمكنه من الانتفاع به الانتفاع الأمثل، وإذا علم بغير ذلك لما تعاقد عليه( )، وتنص المادة (512/1) مدني أردني على أن (يعتبر البيع منعقداً على أساس خلو المبيع من العيوب إلاّ ما جرى العرف على التسامح به).

أما السكوت عن العيب الخفي، فإنه يسقط حق المشتري في الرجوع على البائع، في حالة علم المشتري بالعيب، وقد تناول ذلك نص المادة (514) مدني أردني حين قال: " لا يكون البائع مسؤولاً عن العيب القديم في الحالات التالية: 1-إذا بيّن البائع عيب المبيع حين البيع 2- إذا اشترى المشتري المبيع وهو عالم بما فيه من العيب 3- إذا رضى المشتري بالعيب بعد اطلاعه عليه أو بعد علمه به من آخر 4-إذا باع البائع المبيع بشرط عدم مسؤوليته عن كل عيب فيه أو عن عيب معين إلاّ إذا تعمد البائع إخفاء العيب أو كان المشتري بحالة تمنعه من الاطلاع على العيب " .

والعيب الخفي كما يقول المشرع الأردني هو " الذي لا يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع أو لا يتبينه الشخص العادي أو لا يكشفه غير خبير أو لا يظهر إلاّ بالتجربة " ( ) .



وإذا كان العيب خفياً على هذا النحو، فإن البائع يضمنه، ما لم يثبت أن المشتري كان يعلم به وقت التسليم، ويستطيع الإثبات بكافة الطرق. فإذا كان المشتري يعلم بوجود العيب، ومع ذلك تعاقد على الشيء المبيع فإن سكوته هذا يفسر من جانبه على أنه قد تنازل عن حقه في الرجوع بالضمان ( ). وهو موقف واضح من جانبه.

فالعيب الذي يصيب الشيء المبيع قد يكون خفياً لا يُكتشف بالطرق العادية لكنه قد يكون معلوماً لدى المشتري، ومن ثم فإن سكوته مع علمه بالعيب يكون دلالة على سوء نيته، إذ إن العيب في هذه الحالة عيب ظاهر، ولا يعتبر عيباً خفياً، وإذا أقدم المشتري على الشراء بالرغم من وجود العيب، فإنه يفترض عندئذ أن هذا العيب لا أثر له في استعمال الشيء، وأنه قد تنازل عن حقه بالرجوع بالضمان .
إذن ننتهي إلى القول بأن علم المشتري بالعيب وسكوته عن ذلك عند التعاقد أو التسليم يسقط حقه في الضمان ( ) .

المطلب الثالث
السكوت في التزام البائع بضمان التعرض والاستحقاق

يلتزم البائع بتسليم الشيء إلى المشتري بحالة تمكنه من الانتفاع الهادئ دون أن يتعرض له عائق يحول بينه وبين هذا الانتفاع وهذا ما يطلق عليه "ضمان التعرض والاستحقاق".

والتعرض هو قيام البائع أو الغير بأعمال من شأنها أن تحول دون الانتفاع الهادئ للمشتري، أو الإدعاء بملكية المبيع ملكية تامة أو ناقصة. والبائع يضمن تعرض الشخص سواءً كان مادياً أو قانونياً، لكنه يضمن تعرض الغير إذا كان قانونياً فقط ( ).

أما الاستحقاق فهو انتهاء حالة التعرض القانوني بثبوت الحق للمدعي (مدعي الاستحقاق) على الشيء المبيع ولو كان ثبوته قضاء بالإقرار أم النكول عن حلف اليمين أو التصالح ( ).

ويعدُ الالتزام بالضمان متصلاً اتصالاً وثيقاً بالتزام البائع بنقل الملكية إذ إن هذا النقل يقتضي حيازة المشتري وتمتعه به بكامل سلطاته ولن يتحقق ذلك إذا كان هناك أيّ تعرض للمشتري في حيازته للمبيع أو في استعماله إياه- وهو التزام مقرر بنص القانون ولا يجوز الاتفاق على مخالفته ( ).

وفي الحقيقة نكاد نلمس دوراً للسكوت في مجال الالتزام الواقع على البائع بضمان التعرض والاستحقاق، وهي حالة كون سبب الاستحقاق ظاهراً، وفي حالة قيام البائع بإعلام المشتري بسبب استحقاق المبيع وسكوت المشتري عن ذلك وإقدامه على الشراء فإنه يفترض من سكوته أنه قد قبل عدم الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق، فلا تُقبل دعواه بعد سكوته على النحو المذكور ( ).



المبحث الخامس
السكوت في بعض البيوع المختلفة

بعد أن تحدث المشرع في عقد البيع عن أركانه وآثاره، تحدث عن بعض أنواع البيوع المختلفة وسوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب، نعرض في المطلب الأول لبيع السلّم وفي المطلب الثاني نتناول المخارجة، ثم في المطلب الثالث بيع النائب لنفسه وأخيراً المقايضة.

المطلب الأول
السكوت في بيع السلّم

عرفت المادة (532) مدني أردني بيع السلّم بأنه ( بيع مال مؤجل التسليم بثمن معجل). وحددت المادة ( 533) الشروط اللازم توافرها لصحة بيع السلّم:

1. أن يكون المبيع من الأموال التي يمكن تعيينها بالوصف والمقدار ويتوافر وجودها عادة وقت التسليم.
2. أن يتضمن العقد بيان *** المبيع ونوعه ومقداره وزمان إيفائه.
3. إذا لم يعين في العقد مكان التسليم لزم البائع تسليم المبيع في مكان العقد. وتعنى الفقرة الثالثة من هذا النص، أنه لا بد من معرفة مكان تسليم المبيع، إذ إن عدم معرفته ستؤدي إلى نزاع بين الطرفين، فإذا كان هذا المكان ليس محدداً في اتفاق المتعاقدين فليس معنى ذلك بطلان الاتفاق، إذ جعل المشرع هذا النص مكملاً لإرادة المتعاقدين، فإن اتفقا على مكان معين للتسليم عُمل به، وإلاّ فإن سكوتهما يُفسر على أنهما ارتضيا حكم القانون بأن يكون مكان التسليم هو المكان الذي تم فيه التعاقد.

المطلب الثاني
السكوت في المخارجة

جاء تعريف المخارجة في المادة (539) مدني أردني بأنها بيع الوارث نصيبه في التركة بعد وفاة المورث لوارث آخر أو أكثر بعوض معلوم ولو لم تكن موجودات التركة معينة.

يتبين من هذا التعريف أن المخارجة هي اتفاق يبيع بمقتضاه أحد الورثة نصيبه في الأموال التي آلت إليه من مورثه بعد وفاته لوارث آخر أو أكثر بعوض معلوم يتفقان عليه، وتعدُّ المخارجة صحيحة حتى وإن كانت موجودات التركة غير معينة ( ).

ويشترط لصحة المخارجة شروط عدة أولها أن يبيع الوارث نصيبه في التركة إلى وارث آخر أو أكثر، وثانيهما أن يكون البيع بعد وفاة المورث وثالثها أن يتم البيع بعوض معلوم.

ونلحظ دوراً للسكوت في مجال المخارجة مستفاداً من نص المادة (542) مدني التي ألزمت المشتري اتباع الإجراءات التي يوجبها القانون لنقل كل حق اشتملت عليه الحصة الإرثية محل التخارج.



وإذا كان المشرع قد ألزم المشتري بمصاريف نقل الملكية ونفقات التسليم وغير ذلك من أجور، فإنه قد جعل هذا النص مكملاً لإرادة المتعاقدين فإن اتفقا على خلافها عُمل باتفاقهما وإلاّ فإن سكوتهما معناه أنهما تركا الأمر لما قرره المشرع ( ).

المطلب الثالث
السكوت في المقايضة

يقترب تعريف المشرع الأردني للمقايضة من تعريفه للبيع، إذ قرر في المادة (552) مدني أردني بأن المقايضة: مبادلة مال أو حق مالي بعوض من غير النقود ( ).

ولهذا فإن المشرع لم يفرد للمقايضة فصلاً مستقلاً، وإنما جعلها تطبيقاً للبيع وأوردها ضمن تطبيقاته تحت عنوان "بيوع مختلفة".

وقد أكدت المادة (556) مدني أردني هذا المعنى بقولها " تسرى أحكام البيع المطلق على المقايضة فيما لا يتعارض مع طبيعتها". وبالتالي فإن خصائص البيع هي ذاتها خصائص المقايضة، وأركانهما واحدة، ففي المقايضة ينبغي وجود إرادتين متطابقتين ليس بهما عيوب كالغلط والإكراه والتغرير مع الغبن، وأن تتوافر الأهلية اللازمة لإبرامها، كما أن المقايضة يمكن أن توجد على أساس النموذج أو بشرط التجربة أو المذاق ( ).

وقد نصت المادة (555) مدني أردني على أنه " مصروفات عقد المقايضة ونفقات التسليم وما ماثلها تكون مناصفة بين طرفي العقد ما لم يتفق على غير ذلك".

يتضح من هذا النص أنه جاء مكملاً لإرادة المتعاقدين فإن اتفقا على تقسيم معين للمصروفات فإن هذا الاتفاق هو الذي يُعمل به، فإن سكتا فسر سكوتهما على الرضاء بحكم القانون ( ).

المطلب الرابع
السكوت في بيع النائب لنفسه

بيع النائب لنفسه عالجه المشرع الأردني من خلال نصين هما المادة (548)، (549)، فقد جاء في الأولى " لا يجوز لمن له النيابة عن غيره بنص في القانون أو باتفاق أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه مباشرة أو باسم مستعار ولو بطريق المزاد ما نيط به بمقتضى هذه النيابة وذلك مع مراعاة أحكام الأحوال الشخصية" وفي الثانية نص على أنه " لا يجوز للوسطاء أو الخبراء أن يشتروا بأسمائهم أو باسم مستعار الأموال التي عهد إليهم في بيعها".

ويظهر من هذين النصين أن المنع يشمل فئتين من الأشخاص، الأولى ينوبون عن غيرهم في بيع الأموال وهم إما أن يكونوا نواباً بنص تشريعي أو بأمر من السلطة أو بالاتفاق، والفئة الثانية هم من يقومون ببيع أموال غيرهم كالوسطاء والخبراء ويشترط المشرع لكي يمنع هؤلاء من شراء الأموال أن يعهد إليهم ببيعها لكن إذا عهد إليهم شيء آخر كالإيجار وليس البيع فلا يكون هناك منع بشأنهم والمنع هنا يرتبط بقاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ( ).

وهكذا لا نجد في الواقع مجالاً للسكوت في هذا الموضوع سواءً في إطار المادة (548) أو في مجال المادة (549) وهاتان المادتان هما اللتان عالجتا موضوع بيع النائب لنفسه.

الخاتمة

هذه دراسة تناولت موضوع " صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في مجال عقد البيع" ، وكما نعلم، فإن القانون المدني الأردني قد نص في المادة (93) مدني على أن " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالكتابة وبالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس وبالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي وباتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي" .

ولقد أثير نقاش في الفقه القانوني عن مدى صلاحية السكوت لأن يشكل تعبيراً عن الإرادة، وقد حاولنا المساهمة بجهد متواضع في تبيان جانب من هذه الإجابة في مجال عقد البيع في ظل نصوص القانون المدني الأردني، من حيث انعقاد البيع (الايجاب والقبول) .

ومن حيث محل العقد (المبيع والثمن ) ، وأيضاً بعض البيوع التي تقع على ملك الغير، وأخيراً فيما يتعلق بآثار عقد البيع وبخاصة التزام البائع بضمان العيوب الخفية، وكذلك في مجال البيوع الموصوفة والبيوع المختلفة.

وقد خلصنا من هذه الدراسة إلى أن للسكوت عدة دلالات في مواضع كثيرة بحسب الملابسات التي يوجد فيها هذا السكوت على النحو التالي:

أولاً: لقد اختلف الفقه والقضاء في تحديد نوع التعبير عن الإرادة بالسكوت ، وقد انتهى بنا الرأي إلى اعتباره وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة، وهو يدل عليها بصورة صريحة في حالات السكوت الموصوف، وبشكل ضمني في حالات السكوت الملابس.

ثانياً: فيما يتعلق بالإيجاب لا يصلح السكوت لأن يكون إيجاباً سواءً في القانون أو في الفقه الإسلامي، وإن كان سكوت الموجب بعد صدور الإيجاب – فترة من الزمن- يعدُ دليلاً على رغبته في استمرار ايجابه حتى يلاقي قبولاً أو رفضاً ممن وجه إليه

ثالثاً: إن القاعدة العامة في السكوت، أنه لا ينسب لساكت قول ولكن السكوت يعدُ قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الايجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه .

رابعاً: يورد القانون في تنظيمه للعقود أحكاماً تكمل إرادة المتعاقدين وهذه الأحكام تُطبق إذا لم يرد في العقد ما يخالفها، فإذا سكت ذوي الشأن عن تنظيم أمر معين، فيفترض أنهم رضّوا بما نظمه المشرع في هذا الصدد.

خامساً: إن سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن في العقد يتوقف على مدى تحديده مستقبلاً، فإن كان من الممكن تحديده فالعقد يعتبر صحيحاً بالرغم من سكوت المتعاقدين عن تحديد الثمن وقت العقد، طالما قد حددا أسساً معينة لاحتساب ذلك في المستقبل أو أمكن استخلاص ذلك من إرادتهما الضمنية.

سادساً: إذا ثبت للمشتري خيار الرؤية لعدم رؤيته المعقود عليه، فإن سكوته بعد الرؤية يفسر على رضائه بالمبيع وإسقاطه لخياره في الفسخ .

سابعاً: إن سكوت المشتري عند تسلمه المبيع مع تغير حالته التي كان متفقاً عليها، يُفسر على أنه رضي بذلك، ولكن ينبغي أن تمضي على ذلك فترة معقولة يقدرها القاضي بحيث يمكن معها القول إن الساكت قد عاين الشيء ورضي به .

ثامناً: إن سكوت البائع عند تسليم المبيع للمشتري مع علمه بزيادة مقداره يعدُ رضاءً من جانبه بالبيع بالثمن المتفق عليه ولا يحق له بعد ذلك أن يطلب تكملة الثمن .

تاسعاً: إن سكوت المشتري عن تأخر البائع في تسليمه المبيع في الوقت المحدد، يفسر على أنه قد تنازل عن حقه في المطالبة بالتنفيذ العيني واكتفى بالفسخ .

عاشراً: إذا كان المشتري يعلم بوجود العيب الخفي، ومع ذلك تعاقد على الشيء المبيع، فإن سكوته هذا يفسر على أنه قد تنازل عن حقه في الرجوع بالضمان على البائع .

حادي عشر: إذا قام البائع بإعلام المشتري بسبب استحقاق المبيع- حالة كون سبب الاستحقاق ظاهراً- وسكوت المشتري عن ذلك وإقدامه على الشراء فإنه يكون قد قبل بعدم الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق.

ثاني عشر: لاحظنا اختلافاً بين موقف كل من المشرع المصري والمشرع الأردني في تكييف البيع بالمذاق، إذ اعتبره الأول وعداً بالبيع، بينما اعتبره الثاني عقداً صحيحاً ونافذاً لكنه غير لازم، وهذا الاختلاف في التكييف قد أدى إلى اختلاف نظرة كل منهما للسكوت بعد المذاق، فقد جعله المشرع المصري رفضاً، في حين اعتبره المشرع الأردني قبولاً.

ثالث عشر: هناك دور للسكوت في مجال البيع بشرط التجربة وذلك عندما لا يتفق الطرفان على مدة محددة، فإن سكوتهما يعني أن القاضي يحمل هذه المدة على المدة المعتادة كما أشارت إلى ذلك المادة (470/1) مدني أردني.

وكذلك الشأن في مجال السلّم والمخارجة والمقايضة إذ جاءت النصوص في كل منها مكملة لإرادة المتعاقدين، فإن سكتا فمعنى ذلك أنهما ارتضيا حكم القانون

الدفع ببطلان عقد البيع على اساس انة يستر وصية (قاعدة )

الدفع ببطلان عقد البيع على اساس انة يستر وصية وإن وصف بأنة دفع بالبطلان
القاعدة: الدفع ببطلان عقد البيع على اساس انة يستر وصية وإن وصف بأنة دفع بالبطلان , الا انة فى حقيقتة وبحسب المقصود منة وعلى ماجرى بة قضاء هذة المحكمة – انما هو دفع بصورية هذا العقد صورية نسبية بطريق التستر , ولا يسقط بالتقادم , لان مايطلبة التمسك بهذا الدفع انما هو تحديد طبيعة التصرف الذى قصدة العاقدان وترتيب الاثار القانونية التى يجب ان تترتب على النية الحقيقية لهما , واعتبار العقد الظاهر لا وجود لة ,وهذة حالة واقعية قائمة ومستمرة لاتزول بالتقادم , فلا يمكن لذلك ان ينقلب العقد الصورى صحيحا مهما طال الزمن .
رقم النقض: الطعن المقيد برقم 109 لسنة 1968 وبجدول المحكمة برقم 109 لسنة 38 ق جلسة
تاريخ النقض: 10/4/1973
السنة: 1968

أركان العقد






الأركان جمع ركن وهو جانب الشيء القوي الذي يتوقف عليه وجوده بكونه جزء ماهيته، كتكبيرة الإحرام بالنسبة للصلاة والصيغة بالنسبة للعقد.



فركن الشيء جزؤه الذي يتركب منه ويتحقق به وجوده في الوجود، بحيث إذا انتفى لم يكن له وجود.



وأركان العقد هي: التراضي، المحل، السبب.



أولاً: التراضي :

التراضي هو تطابق إرادتين. والمقصود بالإرادة، هنا، هي الإرادة التي تتجه إلى

إحداث أثر قانوني معين، هو إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهاؤه.

والتراضي، كذلك، هو توافق الإرادتين على إحداث أثر قانوني معين. ويُعَدّ

التراضي ركن العقد الأساسي. فإذا فُقِدَ، لم ينعقد العقد.

وسائل التعبير عن الإرادة :

الإرادة أمر كامن في النفس لا يمكن أن تحدث أثراً قانونياً

معيناً، إلا إذا ظهرت إلى الخارج، أي إلا إذا أفصح صاحبها عنها.

والتعبير عن الإرادة، يكون باللفظ، وبالكتابة، وبالإشارة المتداولة عرفاً.

كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود،

أي يكون التعبير عن الإرادة مطابقاً لحقيقة ما قصدت إليه. ويجوز أن يكون

التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون، أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

ويعتبر من قبيل القبول الضمني قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة، إذ يدل هذا على

قبوله لها.

وهناك فرق كبير بين السكوت والتعبير الضمني. فالتعبير الضمني، يفترض أن الشخص

قد سلك مسلكاً معيّناً، يمكن أن يقطع في الدلالة على إرادته. أما السكوت، فهو

أمر سلبي، لا يقترن بأي مسلك أو موقف، فضلاً عن أنه غير مصحوب بلفظ أو كتابة

أو إشارة.

والسكوت لا يمكن أن يُعدّ طريقاً للتعبير عن الإيجاب. ذلك أن الإيجاب عرض،

والعرض لا يمكن أن يستفاد إلا بفعل إيجابي، أي بفعل إيجابي محدد موجّه إلى

الغير.

أمّا فيما يتعلق بالقبول، فالقاعدة، كذلك، أن القبول لا يمكن أن يستفاد من

مجرد السكوت، إذ لا ينسب إلى ساكت قول. وكقاعدة عامة من غير المتصور أن يكون

السكوت تعبيراً عن الإرادة والتي هي عمل إيجابي، في حين لا يتضمن السكوت

إيجاباً لأنه عدم، والعدم لا ينبئ بشيء وهو كذلك لا يتضمن قبولاً. إلا أنه

إذا كان مجرد السكوت لا يُعدّ قبولاً، فإن هناك حالات استثنائية، يمكن أن

يكون السكوت فيها دليلاً على القبول، وهي حالات يقترن فيها بالسكوت ظروف

وملابسات، ويسمى السكوت الملابس. ومثال ذلك: مثل ما جرت عليه عادة

المصارف من إرسال بيان إلى عملائها بالحساب الجاري، فإن عدم اعتراض العميل

على هذا البيان، في وقت مناسب، يُعدّ اعتماداً له.

إذا كان الإيجاب يسفر عن منفعة خالصة للموجّه إليه، فإن سكوت من وُجّه إليه

البيان يُعدّ قبولاً.

مثال ذلك، أن يَعِد شخص آخر بأن يبيع له ما له، بمبلغ معين، إذا أظهر رغبته

في ذلك، في ظرف مدة محددة. فيسكت هذا الأخير، فيكون سكوت الموعود قبولاً، لأن

الوعد مفيد له فائدة بحتة، ولا يلزمه بأي التزام.

أو كعارية استعمال تعرض على المستعير فيسكت فيعتبر سكوته في هذه الحالة

قبولاً. حيث أن الإيجاب يتضمن منفعة ظاهرة لمن وجه إليه.



التعاقد بين غائبين:

لا يزال الإنسان يستعمل الكتابة من بدء وضعها لهذا اليوم للتعبير عن مقاصده وأفكاره وأكثر الناس استعمالاً لها جماعة المشتغلين بالتجارة وما شابهها من أعمال الأخذ والعطاء بين الناس في بلد واحد أو في بلدان مختلفة فهي عند المتراسلين مقام المشافهة لا بل إنهم يلجأون إليها مع استطاعتهم أن يتشافهوا ويتباحثوا ويجعلونها واسطة التعاقد بينهم. كانت هكذا في أيام الرومان وفي بدء الإسلام ولا تزال ليومنا هذا على ما هي عليه.

ولا يخفى على أحد ما يبرمه الناس وينقضونه بين بعضهم بالمكاتبة بواسطة البريد في صورة رسائل أو خطابات أو محررات وكذلك بواسطة الفاكس والبرقيات أيضًا فإن الناس في معترك الحياة الهائل يطلبون السرعة في العمل وقد يعدون الدقائق من ذهب فالفاكس في معاملاتهم القانونية شأن عظيم مثل شأن رسائل البريد على السواء.

وقد أضاف تقدم العلم والتمدن واسطة ثالثة للمخاطبة بين الناس البعيدين بعضهم عن بعض وهو الإنترنت مما يثير الحيرة في معرفة المكان المعتبر محلاً للعقد كما أنه قد يخطئ الرجل فيخاطب رجلاً آخر ليس بالمقصود فيفقد شرطًا من شروط التعاقد وهو معرفة حقيقة شخص المتعاقد معه، وصور التعاقد على شبكة الإنترنت متنوعة من أشهرها: العقود الإلكترونية على الويب (CLICK WRAP CONTRACTS أو WEB WRAP AGREEMENT) والتعاقدات بالمراسلات الإلكترونية عبر البريد الإلكتروني حيث تتلاقى إرادة المزود أو المنتج أو البائع مع إرادة الزبون، وهنا تظهر مجموعة من المشاكل:

• توثق كل طرف من صفة وشخص ووجود الطرف الآخر أي التوثق من سلامة صفة المتعاقد .

• عيوب الإرادة: حيث يصعب إثباتها ، فمثلا يمكن في البيع عن بعد أن يوجه البائع إيجابا للمشتري يعرض فيه رغبته في بيعه إياه إحدى السلع، وبدل أن يحدد الثمن في 5000ريال للوحدة ونتيجة خطأ وقع فيه أثناء كتابة الرقم، بنسيان أحد الأصفار، يظهر على الشاشة المقابلة للمشتري 500 ريال لكل وحدة، ففي هذه الحالة يصعب كثيرا إثبات الخطأ، وطبيعي فإن البائع لا يمكن له في هذه الحالة التراجع عن إيجابه إذا صادف هذا الإيجاب قبولا من طرف المشتري احتراما لقاعدة عدم التراجع عن العقد المبرم.

• حجية العقد الإلكتروني أو القوة القانونية الإلزامية لوسيلة التعاقد: فقد أفرز هذا النوع من العقود إشكاليات عدة خصوصا فيما يتعلق بالسلع والخدمات الغير مادية كبيع وشراء البرامج المعلوماتية.

وإيضاحا للفكرة نتصور الحالة التالية: أن يقوم بائع بعرض رغبته في بيع برنامج معلوماتي على موقع له على الشبكة فيصادف هذا العرض قبولا من مستهلك، وهكذا يتم التسليم بشكل أوتوماتيكي بمجرد عرض هذا الأخير رقم بطاقته البنكية للبائع عبر الشبكة، ويمكن للمستهلك في هذه الحالة أن يعرض هذا البرنامج لفيروس يؤدي إلى تخريبه. السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للبائع أن يثبت أنه سلم البرنامج في حالة سليمة من كل عيب للمستهلك في حالة ما إذا أقدم هذا الأخير على رفع دعوى ضده على أساس العيوب الخفية؟ يصعب في واقع الأمر أن يثبت البائع عكس ذلك لأن البرنامج المعلوماتي شيء غير مادي وغير ملموس ومن ثمة يصعب تحديد وضعيته وحالته الحقيقية قبل إبرام البيع.

ومن أهم الإشكاليات التي تثار عند حسم منازعات التجارة الإلكترونية، تلك المتعلقة بمسائل الإثبات، فإذا كان الدليل الكتابي هو سيد الأدلة، فقد أدى انتشار استعمال الحاسب الآلي، وبالصورة المعروفة حاليا، إلى ظهور أنواع من الكتابة تختلف إلى حد ما عن الكتابة التقليدية المعروفة لنا منذ القديم، بل وإلى ظهور بدائل لهذه الكتابة التقليدية وإن كانت بعض مخرجات الحاسب الآلي لا تثير أية صعوبة من هذه الناحية فالبطاقة والأشرطة المثقبة والدعامات الورقية المتصلة، تتضمن دون شك "كتابة" بالمعنى التقليدي في قانون الإثبات إلا أن هناك بالمقابل بعض المخرجات التي تبدو محل شك كالأشرطة الممغنطة، والأسطوانات الممغنطة، والميكروفيلم بنوعيه العادي والأسطوانات. فبالنسبة للميكروفيلم يمكن القول أنه يأخذ قانونا حكم الكتابة التقليدية مع فارق وحيد بينهما كما يرى البعض والمتمثل في ركيزة أو دعامة الدليل، فهي من الورق بالنسبة للكتابة العادية ومن مادة بلاستيكية بالنسبة للميكروفيلم.

أما بالنسبة للأشرطة الممغنطة فهي تحتوي على معلومات تم تخزينها مباشرة على ذاكرة الحاسب الإلكتروني دون أن يكون لها أصل مكتوب، ولا يمكن الاطلاع عليها إلا من خلال عرضها على شاشة الحاسب. وقد يقال لذلك أنها لا تتضمن كتابة على الإطلاق في أي شكل من الأشكال، بل هي أقرب إلى التسجيلات الصوتية.





والتراضي لا يكون صحيحاً، إلا بشرطين:

1 ـ أن يكون صادراً من ذي أهلية:

الإنسان، لدى ولادته، تكون له شخصية قانونية، صالحة لأن تثبِت له حقوقاً،

ولأن تقرر عليه واجبات والتزامات. ولكنه لا يستطيع أن يباشر الأعمال

والتصرفات القانونية بنفسه، فهو غير أهل لمباشرة هذه الأعمال. ويجب التفرقة بين تمتع الشخص بالحقوق وقابليته لتحمل الالتزامات، وهو ما يطلق عليه "أهلية الوجوب"، وبين قدرة الشخص على أن يقوم بالأعمال الناجمة عنها تلك الحقوقوالالتزامات، والتي تسمى " أهلية الأداء ".



ويمر الإنسان، من حيث أهليته، ومن وقت ولادته، بأدوار ثلاثة، هي:

1. الدور الأول:ويبدأ من ولادة الطفل، وينتهي ببلوغ سن التمييز، وهي سن سبع سنوات. ويكون الشخص، في هذا الدور، صغيراً، غير مميز (عديم الأهلية).

2. الدور الثاني : ويبدأ من سن التمييز، وينتهي ببلوغ الإنسان سن الرشد. وفي هذا الدور، يكون الشخص صبيّاً مميزاً، ولكنه غير كامل عناصر الرشد ( ناقص الأهلية ).

إذا كان الصبي مميزاً، كانت تصرفاته المالية صحيحة، متى كانت نافعة نفعاً

محضاً، وباطلة، متى كانت ضارّة ضرراً محضاً. أما التصرفات المالية، الدائرة

بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال، لمصلحة القاصر، ويزول حق التمسك

بالإبطال، إذا أجاز القاصر التصرف، بعد بلوغه سن الرشد، أو إذا صدرت الإجازة من وليّه، أو من المحكمة، بحسب الأحوال".

3. الدور الثالث : ويبدأ ببلوغ الشخص سن الرشد، وهي خمسة عشرة سنة على المذهب الحنبلي وثمانية عشر سنة على المذهب الحنفي وإحدى وعشرون سنة، بالنسبة إلى القانون المصري. وفي هذا الدور، يُعَدّ الشخص رشيداً بالغاً (كامل الأهلية)، ما لم يحدث له عارض من عوارض عدم الأهلية، يؤدي إلى انعدام أهليته أو نقصها.

وعوارض الأهلية : بعضها يؤثر في العقل، وهي: الجنون، والعُتْه، والسَّفَه، والغفلة.

وبعضها يصيب الجسم، فيجعل الشخص عاجزاً عجزاً، جزئياً أو كلياً، عن القيام على أمر نفسه، كإصابة حواسّ الشخص ببعض العاهات.

وبعضها يمنع الشخص عن الإشراف على أمواله كالغَيبة.

والبعض الآخر يفرض على الشخص لمصلحة الغير مثل الحجر على المفلس .





2 ـ أن يكون صادراً من ذي إرادة سليمة، غير مشوبة بعيب من عيوب الرضا.

وعيوب الرضى هي:

الغلط، والتدليس، والإكراه، والاستغلال.

أ. الغلط

هو وهم، يقوم في ذهن الشخص يحمله على اعتقاد غير الواقع. أي اعتقاد خاطئ يقوم

في ذهن المتعاقد، فيدفعه إلى التعاقد. فإذا وقع المتعاقد في غلط جوهري، جاز

له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر، قد وقع، مثله، في هذا الغلط،

أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه. ومعنى ذلك أن الغلط لا

يؤدي إلى إبطال العقد إذا تعذر على الذي وقع في الغلط إثبات أن الغلط كان

مشتركاً أو كان المتعاقد الآخر يعلم به، أو يسهل عليه العلم به. ولا يؤثر في

صحة العقد مجرد الغلط في الحساب، ولا غلطات القلم. ولكن، يجب تصحيح الغلط،

وليس لمن وقع في غلط، أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.

ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد، الذي قصد إبرامه، إذا أظهر الطرف الآخر استعداده

لتنفيذ هذا العقد. وعلى ذلك يظل من يشتري شيئاً معتقداً غلطاً أن له قيمة

أثرية، مرتبطاً بعقد البيع، إذا عرض البائع استعداداً لأن يسلمه نفس الشيء

الذي انصرفت نيته إلى شرائه.

والغلط في القانون كالغلط في الواقع يؤدي إلى بطلان العقد بطلاناً نسبياً إذا

توافرت فيه شروط الغلط في الواقع. فإذا كان الغلط في القانون جوهرياً وتناول

قاعدة قانونية لا تتصل بالنظام العام فيمكن التمسك به لإبطال العقد، ومن

الغلط في القانون أن يبيع شخص نصيبه في التركة معتقداً أنه يرث الربع في حين

أنه يرث الثلث.

ب. التدليس

هو إيهام الشخص بغير الحقيقة، بقصد حمْله على التعاقد.

ويجوز إبطال العقد، للتدليس، إذا كانت الحيل، التي لجأ إليها أحد المتعاقدين،

أو نائب عنه، من الجسامة، أنه لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد. ويُعَدّ

تدليساً السكوت، عمداً، عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أن المدلَّس عليه، ما

كان ليبرم العقد، لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.

وظاهر من هذا التعريف أن التدليس لا يعتبر عيباً مستقلاً من عيوب الرضا، بل

هو علة تعيب آخر، وهذا العيب هو الغلط. ذلك أن الغلط إمَّا أن يكون تلقائياً

أي ينزلق إليه الشخص من تلقاء نفسه وإما أن يكون مستثاراً، أي تثيره في الذهن

الحِّيل التي استعملها المتعاقد الأخر، وفي الحالتين يكون العقد قابلاً

للإبطال.

ج. الإكراه

الإكراه هو ضغط، يتعرض له أحد المتعاقدين، يولّد في نفسه رهبة، تدفعه إلى

التعاقد.

والإكراه المبطل للرضا لا يتحقق إلاّ بالتهديد المفزع في النفس أو المال أو

باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قِبَل للمكره باحتمالها أو التخلص منها ويكون من

نتائج ذلك خوف شديد يحمل المكره على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله

اختياراً.

وهذا هو الإكراه المفسد للرضا وهو يختلف عن الاكراه المعدم للرضا والذي يترتب

عليه بطلان العقد بطلاناً أصلياً، كما لو أمسك المكرِه بيد المكرَه والقلم

فيها للتوقيع على العقد حيث لا يمكن القول حينئذٍ بوجود الإرادة بعكس الإكراه

المفسد للرضا فالإرادة موجودة وإن لم تكن مختارة. وإذا صدر الإكراه من غير

المتعاقدين فليس للمتعاقد المكره أن يطلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد

الآخر كان يعلم أو كان من المفروض حتماً أن يعلم بهذا الإكراه. والإكراه يكون

مشروعاً أو غير مشروع بحسب الغرض منه. فإذا كان الغرض من الإكراه مشروعاً

فانه لا يفسد العقد سواء كانت وسيلة الإكراه مشروعة أو غير مشروعة. كل هذا

بشرط ألاّ تصل الوسيلة غير المشروعة على درجة الجريمة المعاقب عليها.

د. الاستغلال

قد ينظر إليه من الناحية المادية فيسمى غبناً، وقد ينظر إليه من الناحية

النفسية فيسمى استغلالاً.

فإذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا

المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر، وتبيّن أن

المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلاّ لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشاً

بيناً أو هوى جامحاً، جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل

العقد.

وعدم التعادل يكون عادة في العقود المحددة، إلا أنه أيضاً قد يكون كذلك في

العقود الاحتمالية إذا كان احتمال الخسارة في جانب أحد الطرفين يرجح كثيراً

على احتمال الربح. وذلك متى اجتمع في العقد الاحتمالي معنى الإفراط ومعنى

استغلال العاقد. كما في بيع عقار مقابل إيراد مرتب لمدى حياه البائع، إذا كان

احتمال وفاة البائع قريبة الحدوث بسبب كبر السن وضعف الصحة وتفاقم العلة.

والاستغلال كما يقع في عقود المعاوضات سواء أكانت محددة أم احتمالية، قد يقع

كذلك في أعمال التبرعات سواء أكانت عقوداً كالهبة أم أعمال قانونية صادرة من

جانب واحد كالوصية.

28 أغسطس 2011

الفرق بين ((...)) و ((... )) في القانون المدني



1- التمييز بين الخلف الخاص والدائن.

-الخلف الخاص هو من يتلقى شيئاً سواء كان هذا الشيء حقاُ عينياُ كملكية عقار أو حقاً شخصياُ كحوالة الحق.

-أما الدائن فهو من يترتب له حق شخصي في الذمة المالية للمدين.

ففي الدين العلاقة هي علاقة مديونية وليست علاقة خلافة (فالمستأجر هو صاحب الحق شخصي مترتب له في ذمة

المؤجر – لا يعد خلفاً خاصاً للمؤجر بل هي علاقة مستأجر بمؤجر).

2-الفرق بين المتعهد عن الغير والكفيل.

-المتعهد عن الغير يكفل قيام التزام لم يوجد بعد في ذمة الغير دون أن يكفل تنفيذه .

-الكفيل يكفل تنفيذ التزام موجود دون أن يكفل إيجاده.

3- الفرق بين الوعد بعقد والتعهد عن الغير.

الوعد بعقد هو عقد وليس تصرفاً من تصرفات الإرادة المنفردة .فحتى ينشأ الوعد بعقد صحيحاً يجب أن تحدد

شروطه وأن تحدد مهلة قصوى لهذا الوعد .

وأن يتم تثبيت الوعد بعقد وفق الشروط الشكلية التي يحتاجها إبرام العقد النهائي.

-فالوعد بعقد هو عقد تمهيدي يمهد لعقد ثان هو العقد النهائي .

-أيضاً في الوعد بعقد لا تتغير أطرافه في العقدين المنفصلين, وإذا رفض الملتزم بموجب الوعد بعقد تنفيذ التزامه

استطاع المستفيد من إبرام العقد التقدم للقضاء وإلزامه بإبرام العقد النهائي.

-أما في التعهد عن الغير فتتغير أطرافه.

4-الفرق بين حجية العقد وبين أثره بالنسبة للغير

- حجية وجود العقد معناها أن العقد باعتباره تصرفاً قانونيا يحتج به في مواجهة الكافة فلا يجوز لأي شخص أن

ينكر وجود العقد.

- أما أثر العقد فمعناه أن يصبح الشخص بمقتضى العقد دائناً يمكنه أن يطالب بتنفيذ الالتزامات الناشئة عنه أو مديناً

يمكن مطالبته بتنفيذ تلك الالتزامات.

5-الفرق بين الاشتراط لمصحة الغير والتعاقد وكالة.

الوكيل لا يتعاقد شخصياً وإنما باسم الأصيل الذي يعد هو الطرف الأخر للعقد.

أما المشترط فيتعاقد باسمه وهو طرف في العقد

6-الفرق بين التفسير والتكييف بالنسبة للعقد.

يختلف التفسير عن التكييف بأن التفسير وسيلة لمعرفة إرادة الطرفين المتعاقدين

في حين يهدف التكييف لمعرفة طبيعة العقد والقواعد القانونية التي ستطبق عليه- فأساس التفسير هو الواقع أما

أساس التكييف فهو القانون

7- الفرق بين التفسير الذاتي و التفسير الموضوعي.

التفسير الذاتي يلزم القاضي بطريقة معينة في القانون دون تحقيق نتيجة معينة.

أما التفسير الموضوعي فلا يلزم القاضي بطريقة معينة بقدر مايملي عليه نتيجة معينة حيث أن القانون هو الذي يفسر

العقد وليس القاضي.

8-التمييز بين الحادث الطارئ و القوة القاهرة.

فإن كانا يشتركان بكون كلاهما أمر غير متوقع الحدوث عند التعاقد ولايُمكن دفعه إلا أنهما يفترقان بمايلي:

1- الحادث الطارئ لا يؤدي الى استحالة تنفيذ الالتزام بل جعله مرهقاً للمدين ولذا يكون الجزاء فيه هو رد الالتزام

الى الحد المقبول

أما القوة القاهرة فإنها تؤدي إلى استحالة تنفيذ الالتزام وانقضائه تبعاً لذلك.

2- الحادث الطارئ يجب أن يكون عاماً يشمل على الأقل فئة من الناس,أما القوة القاهرة فمن الممكن أن تكون

عامة أو خاصة.

3- الحادث الطارئ من متعلقات النظام العام فلا يجوز الإتفاق مسبقاً على استبعاد تطبيق نظرية الظروف الطارئة

في حين أنه يجوز للمتعاقدين الإتفاق على استبعاد القوة القاهرة.

9-التمييز في عقود التبرع بين ما يسمى بعقود الهبات وعقود التفضل.

1-عقود الهبات:هي عقود مجانية يلتزم بموجبها المتعاقد بإثراء الذمة المالية للأخر,كالهبة

2- عقود التفضل:هي عقود خدمة مجانية ,لايلتزم بموجبها المتعاقد بإثراء الذمة المالية للأخر ,وإنما بإسداء خدمة أو

منفعة,كإعارة شيئ للاستعمال دون مقابل .

10-الفرق بين التعبير الضمني والسكوتي.

التعبير الضمني :هو عمل تستخلص فيه الإرادة من ظروف إيجابية تدل عليها.

أما السكوت فلا يعبر عن ذاته بأي مظهر خارجي ,فهو أمر سلبي.

11-الفرق بين الإيجاب والدعوة للتفاوض.

1-إذا قبل الطرف الآخر الإيجاب ,فنكون عندئذ أمام إيجاب وقبول وينعقد العقد,ولايمكن التحلل منه بإرادة منفردة.

في حين لاتعد الدعوة للتفاوض إيجاباً,وإنما هي إبداء رغبة بالتعاقد,كإعلان شخص عن بيع منزله دون ذكر

الثمن,لذلك إذا رفض الشخص إبرام العقد بعد قبول الدعوة من قبل الطرف الآخر فلا يعد ذلك إخلالاً بالعقد لعدم

وجود العقد أصلاً.

2-الإيجاب يكون محدداً أما الدعوة للتفاوض فهي عامة وغير محددة.

12-المقارنة بين الوعد بالعقد و الإيجاب الملزم.

!وجه الشبه:يتفق الإيجاب الملزم مع الوعد بالعقد بأن كلاً منهما يقترن بمدة لإظهار الرغبة في التعاقد.

!وجه الخلاف:إلا أنهما يختلفان بأن الإيجاب الملزم هو تصرف من جانب واحد يلزم صاحبه(أي الموجب)استناداً

لإرادته المنفردة.

أما الوعد بالعقد فهو تصرف من جانبين, أي عقد حيث يتضمن إيجاباً وقبولاً.

13-الفرق بين العقد بعربون والعقد بدون عربون.

-إذا كانت النقطة المشتركة بينهما هي انعقاد العقد,فإن نقطة الخلاف هي أن العقد غير مقترن بعربون لا يستطيع أي

من الطرفين المتعاقدين أن يتحلل منه بإرادته المنفردة وإنما يحتاج إلى قبول الطرف الآخر .د

-أما في العقد المقترن بعربون فكل واحد من الطرفين المتعاقدين يستطيع أن يتحلل من العقد بإرادته المنفردة رغم

معارضة الطرف الآخر, ولكن مقابل خسارة العربون ,أما إذا رجع عن التزاماته الشخص الذي قبض العربون فإنه

يدفع الضعف.

14-التمييز بين النائب والرسول.

يعتبر دور النائب قانونياً باعتباره يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل.أما الرسول فدوره مادي بحت يقتصر

على نقل إرادة الأصيل دون أن يعبر عن إرادته الشخصية.وبالتالي فدوره لايزيد عن دور الخطاب أو البرقية أو

الشريط المسجل حيث أنه ما على الرسول إلا البلاغ.

15-التمييز بين النائب والعضو.

العضو هو جزء مكون للشخص الاعتباري فهو ليس شيئاً خارجاً عنه وقائماً بذاته كما هو حال النائب بالنسبة

للأصيل .

فالنائب يعبر عن إرادته هو لاعن إرادة الأصيل. أما العضو فهو الذي يعبر عن إرادة الشخص الاعتباري.

16-التمييز بين الغلط بالقانون ومبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون.

فيقصد بعدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون منع استبعاد تطبيق حكم القانون بحجة عدم العلم به.

أما التمسك بالغلط في القانون فيقصد به إعمال حكم القانون وليس استبعاد

17-التمييز بين التدليس والغش.

فإذا جاءت الخديعة سابقة لإبرام العقد أي أثناء تكوينه فتسمى تدليساً وتطبق أحكامه.

أما إذا كانت الخديعة مرافقة لتنفيذ العقد فلا تسمى تدليساً وإنما غشاً .

18-التمييز بين محل العقد ومحل الالتزام.

محل العقد هو الأثر القانوني الذي أراد الطرفان إحداثه نتيجة إبرام العقد أي هو الأثر المتوخى إحداثه

نتيجة اتفاق إرادتين كالبيع أو الآجار أو الرهن.

أما محل الالتزام فهو الأداء الملقى على عاتق الملتزم في العقد والذي جاء نتيجة إبرام العقد أي هو كل ما يلتزم به

المدين.

18- التمييز بين سبب الالتزام.و سبب العقد.

فسبب الالتزام هو الغرض المباشر الذي يهدف إليه الملتزم من وراء التزامه .

أما سبب العقد فهو الغرض الشخص البعيد الذي دفع المتعاقد للتعاقد.

19-التمييز بين المسؤولية العقدية والتنفيذ العيني.

التنفيذ العيني هو حق الدائن في إجبار مدينه على تنفيذ التزامه قضاءً إن لم ينفذه طوعاً.ولا تحكم المحكمة بالتنفيذ

العيني إلا بتوافر الشروط التالية: 1- أن يطلب الدائن من المحكمة الحكم على المدين بالتنفيذ العيني .

2-أن يكون هذا التنفيذ العيني ممكناً.

3-أن لا يؤدي التنفيذ العيني إلى إرهاق المدين أما لو كان مرهقاً فإنه بإمكان المدين أن يطلب من القضاء استبدال

التنفيذ

العيني بالتنفيذ عن طريق التعويض.

أما المسؤولية العقدية هي الجزاء المترتب على عدم تنفيذ المدين لالتزامه العقدي ويتمثل هذا الجزاء بالتعويض

المستحق للدائن جبراً للضرر الذي لحق به من جراء إخلال المدين في تنفيذ التزامه.

20-الفرق بين الفسخ والبطلان .

الفسخ كالبطلان يؤدي لزوال العقد دون تنفيذ ويختلفان في:

أن البطلان خلل رافق تكوين العقد .أما الفسخ فنحن أمام عقد صحيح ومنعقد ونافذ المفعول ويستطيع كل منهما أن

ينفذ العقد رضاءً أو قضاءً لكن أحدهما آثر عدم الاستمرار في تنفيذ العقد فتحلل منه.

21-التمييز بين فسخ العقد و انفساخه.

1-لا محل لاعذار المدين: لأن الاعذار لايتطلب إلا إذا كان التنفيذ ممكناً في حين أنه في انفساخ العقد يكون الالتزام

قد استحال تنفيذه.

2- كذلك لاوجه للرجوع على المدين بالتعويض:لأن استحالة التنفيذ ليست راجعة إلى خطئه بل إلى سبب أجنبي.

3-يقع الانفساخ في العقود الملزمة لجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد,

- أما الفسخ فيقتصر على العقود الملزمة لجانب واحد.

22-التمييز بين تبعة هلاك الشيء وتبعة العقد.

- يراد بتبعة هلاك الشيء الخسارة التي تتمثل في ضياع قيمة الشيء بسبب هلاكه.

- أما تبعة العقد فيراد بها الخسارة التي تتمثل في انقضاء الالتزام لاستحالة تنفيذه.

23-التمييز بين الإرادة المنفردة و العقد الملزم لجانب واحد.

-العقد الملزم لجانب واحد لا ينشأ إلا بطابق إرادتي شخصين وإن كان لا يرتب التزاماً إلا في ذمة أحدهما فقط ولذا

فهو ثنائي من حيث انعقاده وأحادي من حيث آثاره.

-أما التصرف بالإرادة المنفردة فهو أحادي من حيث نشوءه ولذا يمكن تعريفه بأنه تصرف قانوني يرتب التزاماً في

ذمة شخص بالإرادة المنفردة لهذا الشخص .

!-فالإرادة المنفردة قد تكون سبب في كسب الحق العيني كالوكالة أو سبباً في انقضائه كالنزول عن حق الارتفاق أو

حق الرهن أو سبباً في بقاء الحق الشخصي كإجازة العقد القابل للإبطال أو كإقرار العقد الصادر من الغير أو سبباً

في زوال الرابطة التعاقدية كعزل الوكيل والنزول عن الوكالة أو سبباً في إسقاط الحق الشخصي كالإبراء.

24-أهمية التمييز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية.

تنحصر أهمية التمييز بين هاتين المسؤوليتين في الأمور التالية:


1-الأهلية : فأهلية التمييز تكفي لقيام المسؤولية التقصيرية ,على حين أن كمال الأهلية لازم في أكثر العقود لنشوء

العقد ولتحقق المسؤولية العقدية.

2-الإعذار:فالإعذار كقاعدة عامة شرط لقيام المسؤولية العقدية و المطالبة بالتعويض ,أما في المسؤولية التقصيرية

فلا حاجة إلى إعذار.

3-شرط الإعفاء من المسؤولية:يجوز في الأصل الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية العقدية ,في حين أن مثل هذا

الاتفاق يقع باطلاً بالنسبة للمسؤولية التقصيرية.

4-مدى التعويض:ففي المسؤولية العقدية يكون التعويض عن الضرر المباشر المتوقع فقط دون الضرر غير المتوقع

باستثناء حالتي العمد والخطأ الجسيم.أما في المسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وغير

المتوقع.

5-التضامن:فالتضامن في حال تعدد المسؤولين تعاقدياً لا يفترض وإنما يكون بناء على اتفاق أو على نص في

القانون ,في حين أنه ثابت قانونا في حالة تعدد المسؤولين في المسؤولية التقصيرية.

6-التقادم:تتقادم المسؤولية العقدية بخمس عشر سنة ,أما المسؤولية التقصيرية فتتقادم بثلاث سنوات من يوم علم

المضرور بالضرر أو بخمس عشر سنة من وقوع العمل غير المشروع على حسب الأحوال.



25-الفرق بين الوعد بالجائزة والإيجاب الموجه للجمهور.

-تنشأ إرادة الواعد في الوعد بالجائزة دون الحاجة إلى صدور إي تعبير من شخص لأخر فلا ضرورة لوصولها إلى

علم المستفيد من الوعد


-أما الإيجاب الموجه إلى الجمهور فلا يتم إلا بوصوله إلى علم المخاطب.

26-الفرق بين مسؤولية الناقل بالمجان ومسؤولية الناقل بالأجرة.

-في النقل بالأجرة مسؤولية عقدية, أما النقل بالمجان مسؤولية تقصيرية.

27- الفرق بين النقل بالمجان و النقل بالأجرة في مجال الإثبات.

-في النقل بالأجرة يمكن للمضرور الحصول على تعويض بمجرد الضرر وعلاقة السببية.

-أما في النقل بالمجان حتى يتمكن المضرور من الحصول على تعويض فيجب عليه إثبات الضرر والخطأ وعلاقة

السببية.

28-الفرق بين حالة الضرورة والدفاع الشرعي .

1-الخطر الذي يهدد المدافع في الدفاع الشرعي يعتبر عملاً غير مشروع مما يؤدي لانعدام مسؤولية المدافع,

في حين لايعتبر كذلك في حالة الضرورة وإنما يؤدي إلى مسؤولية الفاعل مسؤولية مخففة.

2-إن المضرور في الدفاع الشرعي هو المعتدي مصدر الخطر , بينما يكون المضرور في حالة الضرورة شخصاُ

بريئاُ ليس له يد في الضرر.

29-الفرق بين رضاء المضرور بالضرر والعلم بالضرر مع مثال.

* رضا المضرور بالضرر من شأنه الإعفاء من مسؤولية المدعى عليه .

=فمن يشترك في إحدى الألعاب الرياضية الخطرة ,كالملاكمة يُعتبر قابلاُ بالضرر الذي قد يصيبه من خصمه ,


وبالتالي يعفي خصمه من المسؤولية. *

أما علم المضرور بالضرر فليس من شأنه الإعفاء من المسؤولية

=فمن يركب سيارة يعلم مسبقا بماقد يقع من حوادث ولكن لا يُعتبر قابلاُ لها وبالتالي لايعفى السائق من المسؤولية.

30-ما الفرق بين الضرر الأدبي الذي يصيب المتوفى نفسه قبل وفاته و الضرر الأدبي الذي يصيب ذوي المتوفى

من جراء وفاته.

-التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصاب المتوفى نفسه

لاينصب مباشرة في ذمة المضرورين وإنما ينتقل إليهم عن طريق الميراث وذلك إذا تحدد بمقتضى اتفاق ,أو طالب

به المتوفى قبل وفاته أمام القضاء وهو يشمل الورثة.

-أما التعويض الضرر الأدبي الذي أصاب ذوي المتوفى ,فهو ينصب مباشرة في ذمتهم دون أية واسطة ويقتصر

على الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية.

31-ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الضرر المستقبل والضرر الاحتمالي .

-يتشابهان في أن كلاُ منهما لم يقع

ويختلفان في أن الضرر المستقبل مؤكد الوقوع في المستقبل وبالتالي يتم التعويض عنه

-أما الضرر الاحتمالي فهو غير مؤكد الوقوع وبالتالي فلا تعويض عنه.

32-بما يختلف مسؤولية المتبوع عن مسؤولية متولي الرقابة.

-ففي مسؤولية متولي الرقابة تكون الرقابة عامة وليست لحساب المتبوع ومصلحته.

-أما في مسؤولية المتبوع فيجب أن تكون الرقابة في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع ومصلحته.




33-قارن بين خصائص دعوى الإثراء بلا سبب في القانون المدني السوري وخصائصها في القانون المدني الفرنسي

- اعتبر القانون المدني الفرنسي دعوى الإثراء بلا سبب دعوى احتياطية لايحق للدائن اللجوء إليها إلا إذا لم يخوله

القانون أي دعوى أخرى. كما اشترط أن يكون الإثراء قائماً وقت رفع الدعوى .

-أما القانون المدني السوري فلم يجعل دعوى الإثراء بلا سبب دعوى احتياطية إذ يمكن اللجوء إليها في هذا القانون

ولو كان هناك دعوى أخرى يمكن اللجوء إليها,كما أنه يشترط أن لم يكون الإثراء قائماً وقت رفع الدعوى .لأن

مصدر الالتزام بالتعويض هو واقعة الإثراء ولا أثر لزوال الإثراء بعد ذلك.

34-التمييز بين الفضالة والإثراء بلا سبب.

-تلتقي الفضالة مع الإثراء بلا سبب كونها تعتبر تطبيقاً خاصاً للقاعدة العامة في الإثراء بلا سبب

حيث أن الفضولي يهدف لتحقيق منفعة رب العمل دون أن يوجد سبب لإثراء هذا الأخير .

ويختلفان بأنه لايُشترط في الإثراء أن يقصد المفتقر إثراء الغير في حين أننا نشترط في الفضالة أن يعمل الفضولي

لتحقيق مصلحة رب العمل.

إن المفتقر في الإثراء بلا سبب لا يستطيع الحصول على تعويض يفوق الإثراء الذي حصل عليه و إنما فقط في

حدود أقل قيمتي الإثراء والافتقار

أما الفضولي فيحصل على تعويض يتناسب مع المصاريف الضرورية أو النافعة التي أنفقها ومع الضرر الذي وقع

عليه بسبب تدخله لصالح غيره ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة من هذا التدخل.

35-التمييز بين الفضالة والاشتراط لمصلحة الغير.

تتشابه الفضالة مع الاشتراط لمصلحة الغير في أن كليهما يكسب الغير حقوقاً دون تدخل من جانبه.

ويختلفان :في أن الفضالة تبنى على أساس فكرة النيابة ,في حين أن الاشتراط لمصلحة الغير يكسب المنتفع حقاً

مباشراً تجاه المتعهد نتيجة التصرف المبرم بين هذا الأخير والمشترط دون أن ينطوي الأمر على نيابة

36-التمييز بين المسؤولية التعاقدية والمسؤولية التقصيرية.

تنقسم المسؤولية إلى مسؤولية عقدية وتقصيرية وتحقق المسؤولية العقدية إذا امتنع المدين من تنفيذ التزامه العقدي أو

نفذه على وجه معيب ألحق ضرراً بالدائن.

مثال: إصابة الراكب أثناء نقله بوسيلة نقل كسيارة أو قطار تستوجب مسؤولية الناقل مسؤولية عقدية لإخلاله بالالتزام

الذي يفرضه عقد النقل بسلامة الركاب .

-أما المسؤولية التقصيرية فتتحقق إذا أخل شخص بما يفرضه عقد القانون من الالتزام بعدم الإضرار بالغير .

وتمثل المسؤولية التقصيرية الأصل العام في المسؤولية نظراً لعموم تطبيقها واتساع نطاقها فهي لا تتطلب سوى

الضرر وتحقق الفعل الموجب للمسؤولية.

-أما المسؤولية العقدية فتتطلب إلى جانب ذلك قيام علاقة عقدية بين المسؤول و الضرر وأن يكون الضرر الذي

لحق هذا الأخير قد ترتب إثر الإخلال بالتزام ناشئ عن العقد.

37-التمييز بين الفضالة والوكالة.

تلتقي الفضالة مع الوكالة من حيث أن كلاً منهما :

يعد مصدراً للنيابة,فقد تنقلب الفضالة إلى وكالة إذا أقرّ رب العمل عمل الفضولي ,وكذلك قد تنتهي الوكالة إلى

فضالة إذا تجاوز الوكيل حدود نيابته أو استمر في عمله بعد انتهاء الوكالة.

وتختلف الفضالة عن الوكالة في أن ما يترتب عليها من التزامات بالنسبة إلى الفضولي مصدره القانون,في حين أن

مصدر التزام الوكيل هو العقد. في الفضالة لم تختر رب العمل الفضولي ولم يكلفه القيام بشؤونه في حين أن الموكل

يختار وكيله ويفوضه بالقيام بما فوضه فيه.

قد تكون الفضالة في تصرف قانوني أو عمل مادي في حين تقتصر الوكالة على التصرفات القانونية.

38-الفرق بين النظرية الذاتية و النظرية الموضوعية.

النظرية الذاتية تقيم المسؤولية على الخطأ سواء كان هذا الخطأ مفترضاً كالمسؤولية عن فعل الغير والمسؤولية عن

الأشياء.

أما المسؤولية الموضوعية فتقيم المسؤولية على الضرر كالتعويض عن إصابات العمل.

39-بماذا يفترق الإجازة عن الإقرار ؟أعط مثالاً على استعمال كل منهما.

- الإجازة تصدر من أحد المتعاقدين (صاحب الحق بالإبطال ) مثال:إجازة المتعاقد الذي وقع في الغلط للعقد.

-أما الإقرار فيصدر من شخص خارج عن العقد,و به يضيف آثار العقد إليه.مثال:بيع ملك الغير لايسري في مواجهة

المالك الحقيقي إلا إذا أقره.