بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

10 يونيو 2011

الحقوق المترتبة علي الملكية العقارية وطرق إثباتها

تطرق المستشار ممدوح راغب عبد الظاهر وكيل قطاع الشهر العقاري والتوثيق بوزارة العدل في الورقة التي قدمها للمؤتمر إلى أنواع الملكية في القانون المصري والنصوص المتعلقة بحق الملكية كما ورد بالدستور وتعريف حق الملكية الذي يعطي لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعمال واستغلال التصرف فيه.

وتناول عبد الظاهر أسباب كسب الملكية وهي الوقائع القانونية المؤدية لذلك سواء كانت طبيعية أو أفعالا أو تصرفات قانونية ثم صور الملكية الخاصة أو العامة أو الملكية الشائعة وملكية الطبقات أو الشقق.

وبالنسبة للحقوق والدعاوى العقارية فقد رأي وكيل قطاع الشهر العقاري انه تأتي علي رأسها الحقوق العينية الأصلية التي تقع علي عقار والعقار الذي تقع عليه الحقوق العينية الأصلية قد يكون عقارا بطبيعته كما هو الغالب، وقد يكون عقاراً بالتخصيص.

وأول الحقوق العينية الأصلية هو حق الملكية ثم تأتي الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية وهذه تكون أيضا حقوقا عقارية إذا وقعت علي عقار وهذه حقوق الارتفاق وحق السكني وحق الحكر ومنه ما يقع علي عقار كان حقا عقاريا وهذه هي حق الانتفاع وحق الاستعمال وما وقع منهما علي عقار يكون حقا عقاريا.

كذلك يعتبر حقا عقاريا كل حق عيني تبعي يقع علي عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص ومن هذه الحقوق أيضا ما لا يقع إلا علي عقار فيكون حتميا عقاريا، وهذان هما حق الرهن الرسمي، وحق الاختصاص ومنها ما يقع علي عقار أو يقع علي منقول فإذا وقع علي عقار كان حقا عقاريا وهذه هي حق رهن الحيازة وحقوق الامتياز.

وتعتبر الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية الواقعة علي عقار دعاوى عقارية.


الحقوق المتفرعة عن حق الملكية:

الحقوق العينية الأصلية:

حق الانتفاع: نجد أن حق الاستعمال وحق السكني نوعا من حق الانتفاع وهو حق عيني يخول لشخص معين الخصوص علي منفعة شيء أو حق للغير، ويكون للمنتفع تتبع الشيء في اي يد يكون لاقتضاء حقه منه وباعتبار المنتفع صاحب حق علي منفعة الشيء فإنه يكون له استعماله كما يكون له استثماره المواد من 985 - 998.

حق الحكر: الحكر حق عيني يقوم علي ارض في حاجة إلى الإصلاح ويخول صاحبه وهو المحتكر الانتفاع بهذه الأرض نظير القيام بتعميرها بالبناء عليها أو بالغراس فيها بالإضافة إلى دفع أجرة المثل.

وهذا الحق مستمد من الشريعة الإسلامية وهو فيها يرد علي الاراضي المملوكة الموقوفة علي حد سواء.

وقد قصر القانون المدني الحكر علي الاراضي الموقوفة ونصت علي ذلك المادة 1012 مدني بقولها «لا يجوز ترتيب حق حكر علي ارض غير موقوفة».

وحق الحكر يخول للمحتكر الانتفاع بالأرض المحكرة بطاقة اوجه الانتفاع سواء كان ذلك باستعمالها أو باستثمارها المواد «999 - 1013).

حق الارتفاق:

كما عرفه القانون المدني بالمادة 1015 حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص أخر كحق شرب أو مجري أو مسيل أو مطل أو مرور يتقرر العقار علي عقار.

فالارتفاق عبء علي عاتق العقار المرتفق به.

ويجوز أن يترتب الارتفاق علي مال عام أن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال . المواد من (1015 - 1029).

الحقوق العينية التبعية:

الرهن الحيازي:

وهو عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو علي غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى اجنبي يعينه المتعاقدان شيئا يترتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين وان يتقدم الدائنون العاديون والدائنون التاليون له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في اي يد يكون . المواد من (1096 ـ 1129).

حقوق الامتياز:

الامتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفة ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون.

وترد حقوق الامتياز العامة علي جميع أموال المدين من منقول وعقار وعلي سبيل المثال: المصروفات القضائية، الضرائب والرسوم ، المواد من 1130 - 1149.


وسائل حماية حق الملكية:

تتمثل وسائل حق الملكية في أمرين:

1) تقترن بحق الملكية دعوي تحميه وهي دعوي الاستحقاق.

2 ) لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه ولا يجوز نزع ملكيته جبرا عنه إلا بشروط.

ــ دعوي الاستحقاق: هي التي يكون محلها المطالبة بملكية الشيء ، عقار كان أو منقولا فهي أذن الدعوى التي تقوم لحماية الملكية ولا تسقط دعوي الاستحقاق بالتقادم كما قضت محكمة النقض بأن دعوي الاستحقاق التي يرفعها المالك لاسترداد ملكه من غاصبه لا تسقط بالتقادم لكون حق الملكية حقا دائما لا يسقط بعدم الاستعمال.


طرق إثبات الملكية في دعوي الاستحقاق:


1 ) الطريق الأول السجل العيني: فمهمة السجل ا ن يجعل تسجيل ملكية العقار ذا دلالة يقينية قاطعة وهو حجة علي الكافة فمتي سجل عقار فيه باسم شخص معين كان الشخص هو المالك، ما في ذلك من ريب ولكن السجل العيني لم يعم بعد في مصر.

2) الطريق الثاني التقادم المكسب الطويل أو القصير وهذا طريق أخر للإثبات ذو دلالة يقينية قاطعة في ثبوت الملكية فمتي اثبت المدعي انه حاز العقار، هو وسلفه من قبله، مدة خمس عشرة سنة تملك العقار بالتقادم وكان هذا دليلا قاطعا علي ملكيته، وهو حجة علي الكافة ما في ذلك ريب بل يستطيع المدعي حسن النية ومعه سبب صحيح أن يمتلك العقار بحيازته مدة خمس سنوات متواليات ويكون التقادم القصير في هذه الحالة دليلا قاطعا علي الملكية.

3 ) الطريق الثالث الحيازة إذا استوفت شرائطها، وبوجه خاص إذا لم تقترن بإكراه ولم تحصل خفية ولم يكن فيها لبس، فعند ذلك تكون الحيازة قرينة قانونية علي الملكية ولكنها قرينة غير قاطعة فهي دليل علي الملكية إلى أن يقوم الدليل علي العكس نص المادة 964 مدني (من كان حائزا للحق اعتبر صاحبه، حتى يقوم الدليل علي العكس).


تحول نظام الشهر العقاري في مصر إلى نظام السجل العيني:

إذا كان تنظيم الشهر العقاري قد تطور تدريجيا علي مدي اكثر من نصف قرن في مصر، فإنه يمكن القول بأن قانون تنظيم الشهر العقاري الصادر عام 1946 يعد وبحق الخطوة النهائية التي خطاها المشرع المصري في سبيل الوصول إلى نظام السجلات العينية وتمهيدا لصدور قانون السجل العيني علي انه وبالرغم من هذا التحول الجوهري نحو تطلب التسجيل لانتقال الحق العيني سواء في العلاقة بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير، وبالرغم من الإصلاحات التي قام المشرع بها، إلا أن قانون تنظيم الشهر العقاري لم يزل يتسم بطابع الشهر الشخصي.

هذا وقد أوضحت الدراسة أن نظام السجل العيني يتميز علي نظام الشهر الشخصي بأن العقار يكون هو أساس التسجيل بحيث تخصص لكل عقار صفحة في السجل العيني يقيد بها محل ما يتعلق بالعقار من بيانات وصفية وقانونية.

ويتميز نظام السجل العيني باليسر في تطبيقه وفي انه يؤدي إلى تبسيط عملية الشهر وتمكين المتعاقدين من إتمام الإجراءات بسرعة ودقة.

كما يتميز السجل العيني بالوضوح وسهولة الكشف عن بيانات الوحدة العقارية في السجل بالمقارنة بالكشف في ظل نظام الشهر الشخصي هذا ويجنب المخاطرة المرتبطة يتشابه أسماء ملاك الوحدات واهم مزايا نظام السجل العيني انه يسمح باستقرار الملكية والحقوق العينية العقارية كما انه يؤدي إلى الفصل بشكل حاسم في الخصومات.

واخيرا فإن التنظيم الدقيق للصفحات المخصصة للعقارات يسمح بتحقيق الثقة للمتعاقدين علي العقار وذلك من خلال تسهيل التعرف علي كل ما يتعلق بالعقار بيسر وسهولة كما يسمح هذا النظام أيضا بتجنب تعارض سندات الملكية ويعد حاسما في شأن التعرف علي صاحب الحق العيني العقاري مما يحجب المشكلات التي تنشأ عن وضع اليد أو عن بيع ملك الغير.

ففي هذا النظام يصبح السجل العيني المصدر الوحيد الذي يمكن من خلاله الاطلاع علي الحقوق العينية العقارية واستخراج سندات الملكية

بحث في قانون الشفعة وقانون التسجيل

على أثر صدور القانون الخاص بالتسجيل قضى بعض المحاكم بعدم قبول دعاوى الشفعة التي لم يسجل المشترون فيها عقودهم مع إلزام رافعيها بالمصاريف وحفظ الحق لهم في العودة إلى الطلب في ظرف خمسة عشر يومًا من التاريخ الذي يسجل فيه المشتري عقده، وهذا بحجة أن القانون المذكور نص على عدم انتقال الملكية حتى بالنسبة للمتعاقدين إلا بالتسجيل وهذا رأي خطأ معطل لحق الشفعة الذي أقره الشرع والقانون معًا ومخالف للمبادئ والنصوص القانونية الصريحة، ويظهر هذا للقارئ بأجلي وضوح من البيانات الآتية:
( أ ) أن البيع شيء وانتقال الملكية للمشتري شيء آخر، فالبيع هو اتفاق إرادتي البائع والمشتري أحدهما على البيع والآخر على الشراء مع توافقهما على المبيع وثمنه. وأما انتقال الملكية للمشتري فهو نتيجة للبيع الذي يتم بتوفر أركانه المذكورة أي أنه ليس منه ولا ركنًا فيه بل ولا شرط صحة، وهذا متفق عليه من العلماء أجمع فضلاً عن النص عليه صريحًا في المادتين (236) و(266) مدني حيث بينت الأولى أركان البيع ونصت الثانية على أن انتقال الملكية للمشتري إنما هو نتيجة للبيع، ومن هذا يظهر خطأ المحاكم المذكورة مجسمًا فيما ذهبت إليه من تعليق الحكم بالشفعة على انتقال الملكية للمشتري بتسجيله عقده لأن الشفعة إنما تترتب على البيع وتوجد بوجوده لا على نتيجته التي هي انتقال الملكية ولا عن الاثنين مجتمعين كما ستراه بعد، ولو فرقت بينهما طبقًا لأحكام القانون وللمبادئ المتفق عليها من علماء الدنيا وتعرفت من طريق الشرع والقانون أن حق الشفعة يوجد من حيث يوجد البيع لا من حيث يوجد التسجيل الذي هو من عمل المشتري وحده لما وقعت فيما وقعت فيه من الخطأ.
(ب) كان انتقال الملكية يحصل بالنسبة للمتعاقدين بمجرد العقد وبالنسبة للغير بالتسجيل فجاء قانون التسجيل مسويًا بين الجميع في الحكم حيث نص على عدم انتقال الملكية حتى بالنسبة للمتعاقدين إلا بالتسجيل. وهذا النص لا يفهم منه البتة أن الشارع أراد أن يزيد على أركان البيع المعروفة ركنًا آخر جديدًا لا يتم ولا يقع بدونه وهو التسجيل حتى كان يصح القول بعدم وجود حق الشفعة لعدم وجود البيع بفقدانه ركنًا من أركانه، بل الذي يفهم منه هو أن الشارع أراد تعليق انتقال الملكية للمشتري على قيامه هو بتسجيل عقده أي أنه أراد تعليق نتيجة البيع على التسجيل حثًا للمشتري على التسجيل حتى تمتنع المنازعات التي كانت تنشأ من عدم التسجيل أو نقل، ويؤيد هذا من القانون المذكور أنه لم يحدد موعدًا للتسجيل بل ترك المشتري حرًا في اختيار الوقت الذي يسجل فيه عقده، ومعنى هذا أن البيع تام وحصل من قبل التسجيل وإلا لما أباح له التسجيل في الوقت الذي يختاره أو لحتم حصول التسجيل في مجلس العقد، على أن جواز التسجيل للمشتري في أي وقت شاء معناه أن التسجيل ليس ركنًا في البيع وأن انتقال الملكية بالتسجيل شيء غير البيع، وإذًا تكون المحاكم المذكورة مخطئة في رأيها لأن الشفعة مترتبة كما تقدم على البيع لا على انتقال لملكية.
(جـ) أن تعليق حق الشفيع على تسجيل المشتري خطأ لأنه في حالة القضاء له بالشفعة يعتبر متلقيًا للعين المشفوعة عن البائع لا عن المشتري وكل ما له من الضمانات القانونية يثبت له قانونًا على البائع دون المشتري ويكون حكمه بمثابة عقد بيع مبتدأ صادر له من البائع ومتى سجل هذا الحكم انتقلت الملكية إليه سواء كان المشتري سجل عقده أو لم يسجله.
(د) أن في الأخذ برأي المحاكم المذكور تعطيلاً للشفعة لأن التسجيل موكول لمشيئة المشتري، وهذا قد لا يسجل عقده حتى تمضي المواعيد المقررة لسقوط حق الشفعة وقد لا يسجل بالمرة لثقته بالبائع واكتفاءً بوضع يده حتى تمضي الخمس سنين المنصوص عليها في المادة (76) مدني فتنتقل له الملكية من هذا الطريق بدلاً من طريق التسجيل وفي كلتا الحالتين يكون حق الشفعة قد قضى نحبه.
(هـ) وفي أحكام المحاكم المذكورة مخالفة ظاهرة لقانون الشفعة وقضاء عليها حيث حفظت الحق للشفيع في العودة إلى الطلب في ظرف خمسة عشر يومًا من تاريخ التسجيل إذا حصل، ومفهوم ذلك أنه لا شفعة إذا لم يحصل التسجيل، وهذا خطأ لأن قانون التسجيل لم يشر إلى تعديل قانون الشفعة أو تقييده يقيد التسجيل، كما أنه لم يشر إلى تعديله من جهة جعل الخمسة عشر يومًا المقررة لإبداء الرغبة وعرض الثمن مبتدأة من تاريخ التسجيل بدلاً من أن تكون مبتدأة من تاريخ العلم بالبيع كما قضت المادة (19) وفي مقدور المشتري في حالة رفع الدعوى الجديدة بعد التسجيل أن يدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة لمضي خمسة عشر يومًا من تاريخ العلم بالبيع ولا يحولن بينه وبين هذا الدفع حفظ الحق للشفيع في الحكم السابق من رفع دعوى جديدة لأن عبارة حفظ الحق ليست من الأحكام في شيء ولا يتقيد بها القضاء في الدعوى الجديدة، ومن الخطأ في هذه الأحكام أيضًا أنها ألزمت رافعيها بالمصاريف مع أنها مرتكزة على عدم حصول التسجيل الذي هو من عمل المشتري وكان يجب لهذا السبب إلزامه بجميع المصاريف حتى غير الرسمية.

الإطار القانوني للملكية الفكرية

حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري



تعد الحيازة وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق , ووسيلة لاكتساب الحقوق , والتي يحميها الفقه الإسلامي والقانون.
%أهمية موضوع البحث
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي , ولهذه الدراسات لها أهمية بالغة في توضيح أوجه الشبه بين الشريعة والقانون , ولهذا فلقد اخترت موضوع هام لدراسته وتوضيح أحكامه سواء في الفقه الإسلامي أو في القانون المدني المصري , وهذا الموضوع هو حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري.
وكما ذكرنا من قبل فان الحيازة تعد وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق ووسيلة لاكتساب الحقوق , وتستند حماية الحيازة الي اعتبار هام يتعلق بالصالح العام , ويتمثل في ضرورة احترام الأوضاع الظاهرة والمستقرة وعدم التعرض لها , لان اعتراض حيازة الشخص بأي أمر من الأمور يؤدي الي تهديد الأمن والنظام في المجتمع , ومن هنا نشأت الحاجة الي حماية الحيازة , وبخاصة حماية حيازة العقارات, فعن طريق تلك الحماية تستقر المعاملات في المجتمع يما يؤدي الي استقرار الامن في المجتمع.
ولكن يجب أن أنبه إلى أمر هام هو أننا بمقارنتنا هذه بين الدية في الشريعة الإسلامية والتعويض عن الجرائم فى القانون الوضعى لا نساوى بين القانون الوضعى الذى تكفل بوضعه البشر وبين الشريعة الإسلامية التى تكفل بوضعها خالق البشر الله عز وجل , أو نضعهما فى منزلة واحدة , إذ كيف يستوى لعقل أن يقيس بين نفسه وبين ربه , فالشريعة الإسلامية تمتاز عن القوانين الوضعية بمميزات جوهرية منها:-
الكمال, فالشريعة الإسلامية غنية بالمبادئ والنظريات التى تكفل سد حاجات الجماعة فى الحاضر والمستقبل .
السمو, إذ أن قواعدها ومبادئها التى وضعها الله عز وجل أسمى دائما من القواعد التى وضعتها الجماعة.
الـدوام, فقواعد الشريعة الإسلامية تتميز بالدوام والثبات والاستقرار , فنصوصها لا تقبل التعديل مهما مرت الأعوام وطالت الأزمان , على العكس من القواعد التى وضعها البشر فهي دائما متغيرة ولا تصلح لكل وقت زمان.

%خطة البحـث
ينقسم البحث إلى ثلاثة فصول , الفصل الأول نتحدث فيه عن حماية الحيازة في الفقه الإسلامي , وفيه نتحدث عن تعريف الحيازة وعناصرها, ثم عن شروط الحيازة وموانعها , وأخيرا نتحدث عن حماية الحيازة في المذاهب الفقهية المختلفة , أما الباب الثانى نتحدث فيه حماية الحيازة في القانون المدني المصري , متناولين فيه المقصود بالحيازة وعناصرها , ثم وسائل حماية الحيازة في القانون المدني المصري, والباب الثالث نقارن فيه بين قواعد حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني.





الفصل الأول
حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى




تعددت التعريفات التى ذكرت فى شأن الحيازة، فكل مذهب فهى يعرفها تبعاً لوجهة نظره، وفى هذا الفصل سوف نتناول تعريف الحيازة فى اللغة وتعريفها الفقهى، كما سوف نتحدث عن عناصر الحيازة، وأقوال الفقهاء فى شأنها، ثم نتبعه بدراسة الشروط الواجب توافرها لقيام الحيازة، ثم موانع الحيازة، وذلك من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول : مفهوم الحيازة وعناصرها

المبحث الثانى : شروط الحيازة وموانعها

المبحث الثالث : حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية والمختلفة






المبحث الأول

مفهوم الحيازة وعناصرها


فى هذا المبحث سوف نتحدث عن المقصود بالحيازة، فى اللغة وفى الاصطلاح وبعد ذلك نتحدث عن عنصرى الحيازة ، العنصر المادى والعنصر المعنوى وذلك من خلال المطلبين التاليين :


المطلب الأول

مفهوم الحيازة


الحيازة فى اللغة تُطلق على عدة معان كثيرة منها الضم والجمع , فمن حاز مالاً فقد جمعه وضمه إلى بقية أمواله، وتعنى أيضاً الملك، فمن حاز الشيء فقد ملكه.
وفى الاصطلاح نجد أن الفقه المالكى قد عرَّف الحيازة بأنها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
ولقد عالج جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية الحيازة أو وضع اليد فى باب الدعاوى والبيان وباب الشهادات وباب القضاء.
ويستخدم غالبية الفقه لفظ وضع اليد على مال الغير مطلقاً، ولم يذكر لفظ الحيازة إلا عند بعض المالكية، هذا ولقد انفرد الفقه المالكى بدراسة الحيازة دراسة موسعة.




المطلب الثانى


عناصر الحيازة



تتكون الحيازة من عنصرين رئيسيين، أولهما هو العنصر المادى وثانيهما هو العنصر المعنوى.
فالحيازة تحتاج لمظهر مادى يدل عليها، كأن يمنع الحائز غيره من استعمال الشيء الذى يحوزه، أو أن يقوم الحائز بتأجير الشيء الذى يحوزه إلى الغير، أو أن يقوم الحائز بأعمال الهدم أو البناء.
ويقول الحطاب " الحيازة تكون بثلاثة أشياء، أضعفها السكنى والإزدراع ويليها الهدم والبنيان، والغرس والاستغلال، ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة، والعتق، والكتابة، والتدبير والوطء وما أشبه ذلك، مما لا يفعله الرجل إلا فى ماله.
ويكون الاستخدام فى الرقيق، والركوب فى الدابة، والسكنى فيما يسكن والازراع فيما يزرع، والاستغلال فى كالهدم لبنيان فى الدور، والغرس فى الأرض(، ويتضح هنا من عبارات الحطاب أنه يقيس الأعمال المادية فى حيازة المنقول على الأعمال المادية فى حيازة العقار.
وبالنسبة لهدم البناء فإنه لا يعد فعلاً من الأفعال المثبتة للحيازة إلا إذا كان ذلك الهدم للبناء له ضرورة.
ولا يكفى أن يحاز المال بل يجب أن يتصرف فيه الحائز تصرف المالك لأن التصرف فيه من خواص الملك، ولا يشترط أن يكون التصرف مستمراً فيكفى أن يكون موسمياً.
وكذلك ذكر السرخسى فى كتابه المبسوط ما يدل على السيطرة المادية على الشيء المحوز حيث قال "يزرع الأرض ويحصد الزرع ويقطع الشجر ويبنى الدار ويسكنها ويهدمها , ويبيع الشيء الذى يحوزه ويمنع غيره من التصرف فيه.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن قدامه " فإن كان فى يد رجل داراً أو عقاراً يتصرف فيه تصرف الملاك بالسكنى والإعارة والإجارة والعمارة والهدم والبناء من غير منازع يجوز أن يشهد له بملكيتها.
ويستخلص من أقوال الفقهاء السابقة أن السيطرة المادية تتحقق إما بالإستحواز الفعلى من الحائز وبالتصرف فيه بأنواع التصرف المختلفة.
وتكون الحيازة أيضاً فى الفقه الإسلامى بالواسطة،كان يباشر الحيازة بواسطة خدمه.
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفى هذا الشأن فإن للفقهاء أقوالاً كثيرة منها : -
ما قاله الحطاب " وإدعاه ملكاً لنفسه بإبتياع أو صدقة أو هبة.
ويقول العلامة الدسوقى " ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة الشيء المُحاز.
ولم يذكر بعض الفقهاء هذا الركن صراحة لأنهم يرون عدم سقوط الحق بمضى المدة، لأن الظاهر يدل على أن من يتصرف فى الشيء المُحاز تصرف المالك فى الزمن الطويل أنه مالك له، لأنه يدعيه لنفسه.
أما جمهور الفقهاء فيرون أنه يشترط فى الحائز أن يدعى ملكية المال المُحاز لأن الحيازة عندهم دليل على الملك.






المبحث الثانى

شروط الحيازة وموانعها




فى هذا المبحث سوف نتحدث عن الشروط الواجب توافرها حتى يتسنى للحائز المطالبة بالشيء الذى فى حيازته، ويستند فقهاء المالكية فى تحديد شروط الحيازة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه"، ولقد وضع هذا الحديث شرطين فقط ألا وهما، شرط وضع اليد على الشيء، والشرط الثانى هو شرط المدة وهو عشر سنين وأضاف الفقهاء شروط أخرى للحيازة منها سكوت المحاز عليه، وتصرف الحائز فى هذا الشيء. وسوف نتحدث بعد ذلك عن الموانع التى من شأنها تعطيل قيام الحيازة.


المطلب الأول

شروط الحيازة


الشرط الأول : حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه .
يقصد بحضور المحاز عليه، أن يكون موجوداً بالبلد الذى يوجد به المال المحاز ولايكفى الحضور فقط، وإنما يجب أن يثبت رؤيته للحائز وهو يتصرف فى المال المحاز.
ومعنى ذلك أن يشاهد المحاز عليه الحائز يستعمل الشيء الذى يدعى هو ملكيته استعمالاً مألوفاً، أى فيما أعد له هذا الشيء وبما يناسب طبيعته، فالأرض تزرع أو ترعى، أو يغرس فيها الأشجار، والدور تسكن.
والأمر كذلك بالنسبة للمنقولات، فالدواب قد تكون للركوب أو لأعمال الزراعة.
وفى شأن ذلك يقول الحطاب " فإذا كان هذا المدعى حاضراً يراه يبنى ويهدم ويكرى فلا حجة له.
ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء يتطلبون التصرف فى الشيء، عقاراً كان أو منقولاً, لأنهم لا يفرقون فى الحيازة بين العقار والمنقول.
ويشترط فى الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز ولا بينه وبين المحوز عليه قرابة ولا مصاهرة ولا مصادقة، وهذا ما سنتحدث عنه فى موانع الحيازة.
الشرط الثانى : علم المحوز عليه بالحيازة.
يشترط الفقهاء أن يعلم المحاز عليه بحيازة الشيء المملوك له , وفى شأن ذلك تعددت أقوال الفقهاء , فيقول السرخسى "وسبب الملك هو اليد وما يعاينه كل أحد".
ويقول أبو يوسف " على معاينة الشاهد لذى اليد يتصرف فى المال تصرف المالك من غير منازعة على أن يكون مقتنعاً أنه المالك فعلاً للمال الذى فى يده.
فإذا تأكد علم المحوز عليه بحيازة ماله، وتصرف الحائز فيه تصرف المالك فيما يملك ومع ذلك لم يعترض عليه ولم يطالب بحقه، فإنه بذلك يكون متنازلاً عنه.
وفى شأن إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله فلقد اختلفت آراء الفقهاء إلى ثلاثة آراء , الرأى الأول يذهب إلى أنه يفترض أن المحوز عليه الحاضر محمول على العلم حتى يتبين خلافه، وهذا الرأى غير مأخوذ به لأنه لا يتفق مع الاتجاه السائد فى الفقه المالكى الذى يحرص أشد الحرص على حماية حقوق المحوز عليه.
والرأى الثانى يفرق بين إذا ما كان المحوز عليه وارثاً أم لا، فإن كان وارثاً فهو محمول على عدم العلم حتى يتبين خلافه، أما إن لم يكن وارثاً فهو محمول على العلم حتى يتبين خلافه.
أما الرأى الثالث وهو الرأى الذى نأخذ به، فهو يحمل الحائز تبعة إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله، وهذا الرأى يتفق مع ما سار عليه فقهاء المذهب المالكى من إتباع شروط مشددة فى شأن الحيازة مراعيين مصلحة المحوز عليه.
الشرط الثالث : ادعاء الحائز ملكية المال المحاز.
لكى تكون الحيازة شرعية مستوفية لشروطها، يجب على الحائز أن يدعى ملكية الذى يحوزه.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة ملك الشيء، أما إذا لم يكن له حجة إلا مجرد الحوز فلا ينفعه".
وقال الإمام الشافعى " إذا تداعى الرجلان الشيء وهو فى يد أحدهما دون الآخر فالقول لصاحب اليد بيمينه.
ويقول ابن تيمية " الأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إذا ادعى ذلك".
ومعظم فقهاء المالكية لم يتعرضوا لهذا الشرط، ولكن هذا الشرط مفهوم ضمناً لأن الأصل فى نظام الحيازة كله، عند معظم فقهاء المذهب المالكى أنها دليل الملك، وأنها تجعل المالك فى وضع متميز من حيث عدم مطالبته بإثبات ملكيته.

الشرط الرابع : استمرار الحيازة مدة معينة.
اشترط الفقهاء استمرار حيازة الشخص للمال الذى يحوزه مدة معينة مع استمرار قيام بأعمال الحيازة كالاستعمال والتصرف.
وبعد شرط المدة شرط أساسى لقيام الحيازة، وقد حددها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين فهو أحق به".
ويتضح من هذا الحديث الشريف أن مدة الحيازة هى عشر سنين، ولم يفرق الحديث بين مدة حيازة المنقول والعقار، وذلك لأن الشيء يشمل العقار والمنقول على السواء، وعلى ذلك فمدد الحيازة هى عشر سنوات بالنسبة للمنقول والعقار وعلى السواء.
إلا أن فقهاء المذهب المالكى يرون أن حيازة العشر سنوات تكون للعقار فقط دون المنقول، فتكون المدة فى حيازة المنقول أقل من عشر سنوات.
وقد حددها البعض بسنتين فى العبد والأمة، أما الثياب فيحددها البعض بمدة سنة أو سنتين أو ثلاثة بالنسبة لدواب الركوب.
وفى المذهب الإباضى تكون مدة حيازة الحيوان والعروض ثلاثة أيام فقط , وذلك بشرط أن يكون المال فى يده فعلاً، ويظهر أمام الناس أنه له ففى هذه الحالة يجوز أن يشهد الشهود بالمشهود أن هذا المال مملوك له.
كما تثبت الحيازة بالنتاج إذا ولد الحيوان عند الحائز، بعد الثلاثة أيام أما إذا ولد قبلها فيثبت حقه فيه إذا لم يعارض المحوز عليه قبل انتهاء مدة الثلاثة أيام.



المطلب الثانى

موانع الحيازة




توسع الفقه الإسلامى فى الأسباب المانعة للحيازة من إنتاج آثارها الشرعية، ويترتب على وجود إحدى موانع الحيازة بالنسبة للمحوز عليه حفظ حقه فى المطالبة به مهما طالت مدة الحيازة، ومهما توافرت شروط الحيازة الاخرى، وتتمثل تلك الموانع فى :
1- الخوف أو الإكراه :
يشترط أن تخلو حيازة الحائز من الإكراه الذى يترتب عليه بث الخوف فى نفس المحوز عليه بما يؤدى إلى منعه من المطالبة بحقه فى ملكه.
ويتحقق الإكراه بالقول أو الفعل من الحائز، على المحوز عليه بما يضطره إلى السكوت عن المطالبة بحقه، ولذلك فإن الإكراه يعتبر عنصراً إيجابياً.
وقد يتحقق الإكراه أو الخوف من غير الحائز، كمن يستند إلى قريب له أو صديق له ذى سطوة.
ويقيس الفقهاء موقف المحوز عليه الحاضر الساكت، بموقف المالك لشيء يحضر مجلس البيع ولا يعتبر من على بيعه ولا يطالب به، فلا يجوز له بعد انتهاء المجلس أن يعترض على البيع أو أن يطالب بنقضه.
ومن أقوال الفقهاء فى ذلك الشأن قول الحطاب " الخوف أى خوف المدعى من الذى فى يده العقار لكونه ذا سلطان أو مستند إلى ذى سلطان.
ويقول الدردير "أو قام به مانع من إكراه ونحوه".
ويقول الدسوقى " خوف الحاضر من سطوة الحائز أو من سطوة من استند إليه الحائز".
ويتضح من أقوال الفقهاء السابق ذكرها أن العبارات التى استخدموها للتعبير عن الخوف والإكراه تدل على درجات مختلفة من الإكراه والخوف وأقوى هذه الدرجات هو الحائز ذو سلطان وأدنى هذه الدرجات هو خوف المدين المحوز عليه من أن يطالب الدائن الحائز بحقه.
2- المصاهرة والقرابة :
تعد القرابة عند بعض الفقهاء إحدى موانع الحيازة، وهناك من تشدد فى اعتبارها سبباً للحيازة، واشترطوا شروطاً خاصة ومشددة حتى تعتبر سبب للحيازة، فبالنسبة للحيازة بين الأب , تشدد الفقهاء فلقد ذكروا أنها لا تكون بالسكنى أو الإزراع، ولكن تكون بأعمال التفويت (وهى التى يتم بها نقل ملكية شيء من شخص إلى آخر كالبيع والهبة والصدقة).
كما اشترط الفقهاء أن تكون مدتها ستين سنة، ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "لا يصح حوز أحدهما على الآخر إلا أن يطول معهما، أى أمد الحيازة بين الأب والإبن طولاً، بحيث يكون من شأنه أن تهلك فيه البنيان.
وكذلك يقول العلامة الدردير "ولا يكون حيازة بين الأب وابنه وإن سفل إلا بهبة، إلا أن يطول معهما الهدم والبناء مما تهلك فيه البنيان ويتقطع العلم.
وعلى هذا فإن الحيازة بين الأب وابنه لا تكون إلا بأعمال التفويت، وهى التى يفوت بها ملكية الشيء فتنتقل ملكيته من شخص لآخر، وأنها لا تكون بالسكنى وإلازراع، ولقد اختلف الفقهاء فى أنه هل يمكن أن تكون الحيازة بين الأب وابنه بالهدم والبناء، هنا اختلف الفقهاء على قولين أحدهما ينفى الحيازة بينهما والثانى يجيز ذلك.
وبالنسبة للأقارب الشركاء، فلقد اختلف الفقهاء فى أنه هل تصح الحيازة بينهم أم لا. ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز الحيازة بين الشركاء الأقارب بشرط التغيير فى العقار المحاز كالهدم والبناء، مع اختلافهم فى مدة الحيازة فقيل عشر سنوات، وقيل أربعين سنة.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدردير "وفى حيازة الشريك القريب معهما قولان أى الهدم والبناء وما يقوم مقامهما قولان، الأول عشر سنوات والثانى الزيادة على الأربعين عاماً وهو الأصح.
والقول الثانى أنه لا تصلح الحيازة بينهما.
3- الغيبة :
تعتبر الغيبة إحدى موانع الحيازة، فلقد أجمع الفقهاء على أنه لا حيازة على الغائب، والمراد بالشخص الغائب هو الشخص الذى لا يكون موجوداً بالبلد التى يوجد بها المال المحاز.
ويعد الغياب مانعاً إذا كان غياب الشخص يحول بينه وبين العلم بحيازة ماله، أو إذا علم بهذه الحيازة ولكن وجد إلى جانب غيابه عذراً آخر لا يستطيع معه اتخاذ أى إجراء نحو الحائز، سواء بالحضور إلى موضع المال المحاز والاعتراض عليه، أو أن يوكل شخصاً آخر يقوم مقامه فى المطالبة بحقه.
وقد اختلف الفقهاء فى تحديد المسافة التى يعتبر الشخص بعدها غائباً، فيرى البعض أنه إذا كان على مسيرة أربعة أيام من موطنه فإنه يعتبر غائباً، وحددها البعض بمسافة سبعة أيام.
ومن موانع الحيازة أيضاً عوارض الأهلية، ولقد أطلق الفقهاء هذا المانع دون قيد بحيث يتحقق مادام المحجوز عليه صغير السن حتى ولو كان له ولي.






المبحث الثالث

حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية المختلفة





سوف نتحدث فى هذا المبحث سوف نتحدث عن حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى، وسوف نعرض لآراء الفقهاء فى هذا الشأن، وسوف نتحدث عن الحيازة العرضية والحيازة الشرعية من حيث وسائل حمايتها فى الفقه الإسلامى.
أولاً : حماية الحيازة العرضية.
الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر والمرتهن، ونجد أن الفقه الإسلامى قد عنى بحماية ذلك النوع من الحيازة.
ويقصد بالحيازة العرضية أن يسيطر الحائز على الشيء المحاز سيطرة مادية تامة دون أن تكون عنده نية تملكه.
ويميز الفقه الإسلامى بين نوعين من الحائزين العرضيين :
النوع الأول : وهم الذين يحوزون لحساب غيرهم بمقتضى سند شرعى ولا يعتبرون أتباعاً للمالك وهم كالمستأجر.
النوع الثانى : وهم أتباع الحائز الأصلى الذين يأتمرون بأمره وليس لهم حرية التصرف إلا فى حدود أوامره، وهم كالوكيل والحارس.
وبالنسبة لحماية حيازة المستأجر نجد أنه يشترط توافر شرطين حتى يحمى الفقه الإسلامى تلك الحيازة.
الشرط الأول : ألا يكون المؤجر غاصباً للعين المحازة.
الشرط الثانى : ألا يكون المستأجر عالماً بهذا الغصب أى أن يكون حسن النية وعلى هذا إذا كان المؤجر غاصباً والمستأجر لا يعلم بهذا الغصب، فإنه وفقاً للمذهب المالكى يكون له الحق فى حماية حيازته.



ثانياً : حماية الحيازة الشرعية.
الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى وهى التى تستأهل الحماية فى الفقه الإسلامى.
وفى الفقه الحنفى نجد أنه يحمى ذى اليد الأولى عند الاعتداء عليها من ذى اليد الأخرى.
ويقصد باليد هنا : هى اليد الدالة على الملك لا اليد العارضة، وفى هذا الشأن يقول الكاسانى "أن اليد المتصرفة فى المال من غير منازع دليل الملك فيه".
وفى الفقه المالكى نجد أن الحيازة الشرعية المستوفية لأركانها وشروطها تجعل الحائز أحق بالمال المحاز من المالك الذى أهمل ملكه وتركه بعلمه ورضاه، ويعتبر هذا إقرار منه بأنه لا حق له فيه.
وعلى هذا فالحائز الذى استوفيت حيازته لشروطها وأركانها، ولم ينازعه فيها أحد هو أحق وأجدر بالحماية من المالك الذى أهمل ملكه وتركه.
وفى الفقه الشافعى يحمى المدعى عليه والحائز "ضد من يدعى أن هذا المال كان فى يده فى وقت سابق، وذلك كان يكون هذا المال فى يده كوديعة أو إجارة أو غصب أو إعارة، أما إذا لو أثبت المدعى أن هذا المال كان فى يده واستولى عليه الحائز بسبب غير مشروع، فإنه يجب رد هذا المال إلى المدعى (المالك).
وفى الفقه الحنبلى نجد أنه إذا لم يكن للمدعى بينة تشهد بملكيته للمال المحاز فصاحب اليد يستحق ما فى يده مع يمينه.
وفى هذا الشأن يقول ابن القيم " وإذا أدعى على رجل عيناً فى يده أو ديناً فى ذمته فأنكره ولا يبينه له فالقول قول المنكر مع يمينه، ولأن الأصل براءة ذمة من الدين والظاهر من اليد الملك".
ونخلص من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.





الفصل الثانى


حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى




فى هذا الفصل سوف نتحدث عن تعريف الحيازة، وسوف نتناول عنصراها من عنصر مادى وعنصر معنى متناولين المقصود بكل عنصر، ثم نختم دراستنا بالحديث عن الوسائل التى وضعها القانون المدنى المصرى لحماية الحيازة وذلك من خلال المبحثين التاليين :
المبحث الأول : تعريف الحيازة وعناصرها

المبحث الثانى : وسائل حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى






المبحث الأول

تعريف الحيازة وعناصرها






فى هذا المبحث سوف نتحدث عن التعريف الفقهى للحيازة من الوجهة القانونية، وكنا قد عرفنا الحيازة فى اللغة وتبين أنه يقصد بها الضم أو الجمع أو الملك، وعرفها الفقهاء بأنها وضع اليد أو السيطرة المادية على الشيء، وسوف نتحدث بعد ذلك عن عناصر الحيازة وذلك من خلال المطلبين التاليين :


المطلب الأول

تعريف الحيازة




كان المشروع التمهيدى للقانون المدنى المصرى يعرف الحيازة بأنها "عبارة عن وضع مادى يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه، أو يستعمل بالفعل حق من الحقوق . وعند صدور القانون لم يرد المشرع تحديد تعريف معين للحيازة تاركاً المجال للفقهاء لتعريفها.
وقد عرفها الفقه المصرى بأنها "عبارة عن سلطة فعلية لشخص على شيء من الأشياء يستعمله بصفته مالكاً له أو صاحب حق عينى عليه، سواء استندت هذه السلطة إلى حق من الحقوق أو لم تستند.
وقيل أيضاً بأنها سيطرة شخص سيطرة فعلية مادية على حق سواء كان حقاً شخصياً أم حقاً معنوياً.
وعرفت أيضاً بأنها سيطرة الشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.






المطلب الثانى

عنصرا الحيازة






الحيازة تتكون من عنصرين هما العنصر المادى والعنصر المعنوى.
أولاً : العنصر المادى (السيطرة المادية)
يتكون الركن المادى من مجموعة الأعمال المادية التى يقوم بها الحائز، والتى تصدر عادة ممن يملك الشيء أو يستعمل عليه حقاً من الحقوق العينية.
وتتحقق السيطرة المادية للحيازة فى عدة صور منها :

1- السيطرة الفعلية : تتحقق تلك السيطرة على الشيء محل الحيازة بأن يحرز الشيء فى يده إحرازاً مادياً، ويباشر عليه من الأعمال المادية ما يباشره المالك فى ملكه عادة، وعلى ذلك إذا كان محل الحيازة أرضاً زراعية فتكون السيطرة الفعلية عليها بحيازتها واستزراعها.
ولا يشترط أن تكون الأعمال التى يباشرها الحائز على العقار متواصلة، بل يكفى أن تكون على اتصال مباشر بالعقار المحار وفقاً لطبيعة العقار.

2- السيطرة الفعلية بواسطة الغير (الاستخلاف)
تنص المادة 951 مدنى على أنه تصح الحيازة بالواسطة متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز، وكان متصلاً به اتصالاً يلزمه الإئتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة.
والأمثلة على ذلك النوع من الحيازة كثيرة منها أن يباشر الحائز السيطرة المادية بواسطة خدمه وأتباعه وعماله ومستخدميه، أو يكون الحائز شخصاً معنوياً كالشركات أو المؤسسات، فيباشر باسمه الأشخاص الذين يفوضهم.


ثانياً : العنصر المعنوى.
يقصد بالعنصر المعنوى انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه. ويحدده البعض بأنه عبارة عن نية الحائز فى استعمال حق من الحقوق.
ونظراً لأن العنصر المعنوى للحيازة قوامه نية الحائز، فإنه يشترط فى الحائز أن يكون مميزاً، أما إذا كان غير مميز فتتم الحيازة عن طريق نائبه القانونى.
ولقد افترض المشرع المصرى تواجد الركن المعنوى لدى الحائز بمجرد توافر الركن المادى، فمتى أثبت الحائز أن له سيطرة مادية على الشيء المحاز افترض أنه يحوز لحساب نفسه واعتبرت بالتالى حيازته حيازة قانونية.






المبحث الثانى

وسائل حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى






التقنين المدنى المصرى شأنه شأن الفقه الإسلامى قد وضع العديد من القواعد التى من شأنها حماية الحيازة، ووقع المشرع المصرى العديد من الدعاوى، دعوى استيراد الحيازة، ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة، وسوف نتحدث عن الحماية التى أقرها المشرع المصرى فى القانون المدنى المصرى من خلال التحدث عن تلك الدعاوى.
- خصائص دعاوى الحيازة :
تتميز الدعاوى الخاصة بحماية الحيازة بالعديد من الخصائص منها :
1- دعاوى الحيازة تحمل طابع الاستعجال :
تحمل دعاوى الحيازة طابع الاستعجال إذا توافر لها شرط الاستعجال، وتدخل تلك الدعاوى فى اختصاص القاض الجزئى.
2- دعاوى الحيازة ليست دعاوى تعويض :
لا يقصد بدعاوى الحيازة التعويض عن ضرر أحدثه المتعرض أو المغتصب، ولذلك فليس من شروط قبولها توافر الخطأ ولا يشترط لقبول الدعاوى سوء نية المغتصب.
3- دعاوى الحيازة تحمى حيازة العقار دون المنقول :
خص القانون المدنى دعاوى الحيازة لحماية العقار وما يقع عليه من حقوق عينية مثل حيازة حق الاستعمال والسكنى , ويشترط فى العقار أن يكون قابلا لا ترد عليه الحيازة حتى يمكن حمايته.

أولاً : دعوى استرداد الحيازة :
نظم المشرع دعوى استرداد الحيازة فى ثلاث مواد (958-959-960مدنى)، ويقصد بها " تلك الدعوى التى يرفعها حائز العقار الذى فقد حيازته ضد الغير طالباً فيها رد حيازته للعقار التى سلبها منه بالقوة.
وتتأسس تلك الدعوى على حماية الأمن العام والنظام، باعتبار أنه مغتصب الحيازة يعتبر معتديا على حق الملكية بما يؤدى إلى الإخلال باستقرار المعاملات.
ويشترط فى دعوى استرداد الحيازة عدة شروط منها :
- الشرط الأول : أن يكون المدعى حائزاً لعقار.
تتضمن الفقرة الأولى من المادة 958م على أنه لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب .... ردها إليه" ويتضح من تلك الفقرة أنه يجب أن يكون المدعى حائزاً للعقار المطلوب استرداد حيازته حيازة مادية صحيحة.
- الشرط الثانى : أن يقع اعتداء على الحيازة يؤدى إلى سلبها.
تنص المادة 958/1 مدنى على أن "...... لحائز العقار إذا فقد الحيازة "ومعنى فقد الحيازة أى سلبها من الحائز. حرمانه من الانتفاع الكامل بها.
ويتخذ سلب الحيازة صوراً عديدة قد تكون عن طريق القوة الظاهرة أو فى صورة خفية، وقد يتخذ صورة القوة المادية عن طريق الغصب سواء كان ذلك الغصب مصحوباً بالاعتداء على الحائز الأصلى أم لا. وقد يكون عن طريق استعمال الحيل والتدليس وأساليب الغش والخداع.
ويشترط فى العمل الذى يقع من المعتدى ثلاثة شروط.
1- أن يكون عملاً عدوانياً :
فلا يشترط أن يكون هذا العمل من الأعمال التى تعد جريمة فى القانون الجنائى، بل يكفى أن يكون هذا العمل عملاً غير مشروعاً من الناحية المدنية، ويكون اعتداءاً إيجابياً على حيازة العقار.
2- أن يقع الاعتداء على العقار الذى هو فى حيازة الحائز.
3- أن يكون هذا العمل العدوانى قد انتهى إلى سلب الحيازة من الحائز.
- الشرط الثالث : استمرار الحيازة مدة لا تقل عن سنة.
مدة حيازة المدعى سنة كاملة بدون انقطاع قبل سلبها منه، وذلك حتى يتمكن من رفع دعوى استرداد الحيازة، طبقاً للقاعدة العامة فى الحيازة، إلا أن المشرع قد خرج على تلك القاعدة، وأجاز للمدعى أن يطلب استرداد حيازته حتى ولو لم يكن قد مضى على حيازته سنة كاملة قبل فقدها وذلك فى الحالات التالية :
الحالة الأولى : إذا كان الحائز قد فقد حيازته بالقوة أو العنف، ففى هذه الحالة فإنه يكون له الحق فى طلب استرداد حيازته ولو لم يكن قد مضى عليها سنة.
الحالة الثانية : إذا كانت حيازة المدعى تقوم على سند قانونى دون حيازة خصمه كأن يكون حائزاً للعقار بمقتضى حكم صادر له أو عقد لم يكن الشخص المنازع له فى الحيازة طرفاً فيه.
الحالة الثالثة : إذا تعادلت السندات التى يتخذها كل حائز سبباً لحيازته، أو لم يكن بيد أحد منهم سنداً، فتكون الحيازة الأحق هى الأسبق فى التاريخ.
- الشرط الرابع : أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ السلب.
يجب على الحائز أن يرفع دعوى استرداد الحيازة خلال سنة من تاريخ سلب الحيازة، إذا كان هذا السلب قد وقع بالقوة. لأن الحائز فى هذه الحالة يكون عالماً بوقت سلب حيازته، أما إذا كان السلب قد وقع خفية ففى هذه الحالة تبدأ مدة السنة من تاريخ انكشاف سلب الحيازة.
- الشرط الخامس : أن يتوافر شرط الاستعجال فى الدعوى.
يشترط لاختصاص القضاء المستعجل ينظر دعوى الاسترداد توافر شرط الاستعجال، واذا تخلف هذا الشرط، كان ترفع الدعوى بعد مرور سنة ففى هذه الحالة يجب على القاضى الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم رفعها فى الميعاد.
- الشرط السادس : عدم المساس بأصل الحق.
إذا اتضح للقاضى المستعجل أن الفصل فى دعوى الاسترداد يقتضى بحث موضوعى يتطرق إلى أصل الحق المتنازع فيه ففى هذه الحالة يجب على القاضى أن يحكم بعدم الاختصاص.
ثانياً : دعوى وقف الأعمال الجديدة.
نظم المشرع المصرى تلك الدعوى فى المادة 962 من القانون المدنى، حيث نص على :
1- من حاز عقاراً، واستمر حائزاً له سنة كاملة، وخشى لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضى طالباً وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذى يكون من شأنه أن يحدث الضرر.
2- وللقاضى أن يمنع استمرار الأعمال أو يأذن فى استمرارها.
ومن النص السابق فإنه يمكن تعريفها بأنها الدعوى التى يرفعها الحائز ضد الغير الذى شرع فى عمل لو تم لأصبح تعرضاً للحيازة، وذلك بطلب منه من إتمام هذا العمل
وتتأسس تلك الدعوى على توافر مصلحة قائمة وحاله للحائز فى درء التعرض قبل حصوله، لأنه ليس من المتصور حرمان الحائز من الحماية القانونية إلى أن يتم الاعتداء على حيازته.

ويشترط لقبول دعوى وقف الأعمال الجديدة بعض الشروط منها :
1- أن يكون المدعى حائزاً للعقار.
وهذا الشرط نصت عليه المادة 962 مدنى بقولها "من حاز عقاراً " فيجب أن يكون المدعى حائزاً للعقار المطلوب وقف الأعمال الجديدة، التى لو تمت لأصبحت تعرضاً لحيازته، ويشترط فى حيازة المدعى أن تكون صحيحة وقانونية أى يتوافر فيها ركنى الحيازة المادى والمعنوى.
2- أن يشرع المدعى عليه فى عمل لو تم من شأنه أن يصبح عرضاً للحيازة.
ترفع دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا شرع المدعى عليه فى القيام بأعمال يخشى لأسباب معقولة، إذا تركت أن تصبح تعرضاً لحيازة المدعى ويشترط فى تلك الأعمال :
أ – أن يكون المدى عليه قد شرع فيها فعلاً أو على وشك القيام بها
ب- أن تكون تلك الأعمال قد بدأت فى عقار المدعى عليه. ليس فى عقار المدعى أو الغير.
ج- أن تؤدى تلك الأعمال إلى التعرض للحيازة ذاتها لا إلا مجرد الإضرار بالحائز.
3- أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة.
يشترط أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة بدون انقطاع وذلك قبل شروع المدعى عليه فى الأعمال الجديدة.
4- أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ بدء الأعمال.
يجب على المدعى رفع الدعوى خلال سنة من تاريخ بدء الأعمال التى تمثل اعتداء على وشك الوقوع على الحيازة، ومدة السنة هى مدة سقوط وليست مدة تقادم.
وينعقد الاختصاص بنظر تلك الدعاوى للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار الذى يوشك أن يقع الاعتداء على حيازته.


ثالثاً : دعوى منع التعرض.
تعتبر دعوى منع التعرض إلى الدعوى الرئيسية لدعاوى الحيازة، وذلك لأنها تحمى الحيازة فى ذاتها، لذا يصفها الشراح بأنها أهم دعاوى الحيازة.
ولقد نظم المشرع المصرى أحكام هذه الدعوى فى المادة 961 مدنى حيث نص على أنه "من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى منع التعرض".
ويمكن تعريف تلك الدعوى بأنها الدعوى التى يرفعها الحائز ضد المتعرض أو للغير، طالباً منع التعرض له فى حيازته للعقار.
وللتعرض الذى يبيح رفع هذه الدعوى هو كل عمل مادى أو قانونى من شأنه أن يعرقل انتفاع الحائز بالعقار ويتضمن إنكاراً لهذه الحيازة.
وللتعرض الذى يعرقل الانتفاع قد يكون فى صورة مادية أو قانونية، والتعرض المادى هو كل عمل مادى من أعمال التعدى الذى يضمن منازعة الحائز فى حيازته. وقد يتم ذلك بطريقة مباشرة، وذلك كان يقوم شخص بأعمال تمنع الحائز من ممارسة حق الارتفاق المقرر له على عقاره.
ولا يشترط فى التعرض أن يكون قد ألحق ضرراً بالمدعى، ولا يشترط كذلك أن تقع أعمال التعرض فى العقار الذى يحوزه المدعى، فقد تقع أعمال التعرض فى عقار المعتدى أو الغير ولكن يترتب عليها إضرار بالحائز.
أما التعرض القانونى فهو يقوم على تصرف يصدر من المدعى عليه (المعتدى) يعلن به عن نيته فى المعارضة فى حيازة الحائز، وذلك كان ينفرد المدعى عليه المستأجر بدفع الأجر له دون المدعى.


والتعرض القانونى قد يكون تعرضاً قضائياً أو تعرضاً غير قضائياً.
والتعرض القانونى قد يكون فى شكل خصومة أمام القضاء، أما التعرض غير القضائى هو الذى لا يكون بصدد خصومة قائمة أمام القضاء، وإنما يكون تمهيداً لقيام تلك الخصومة، وذلك كالإنذارات التى توجه للحائز وتتضمن تعرضاً له فى حيازته، كان يوجه المدعى عليه إنذاراً للحائز وعدم البناء فى العقار الذى يحوزه.
ويشترط فى تلك الدعوى ما يلى :
1- أن يكون المدعى حائزاً للعقار وقت التعرض الحاصل له حيازة قانونية صحيحة، أى مستوفية لشروطها وأركانها، وعلى هذا فإن تلك الحيازة المراد حمايتها يجب أن تكون حيازة قانونية وليست عرضية، أى يحوز الحائز لحساب نفسه لا لحساب غيره، لأن دعوى منع التعرض لا يحمى بها سوى الحيازة القانونية.
2- أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة بدون انقطاع.
3- أن يقع للحائز تعرض فى حيازته للعقار.
4- أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ التعرض، فسكون الحائز مدة تزيد عن سنة عما يحدث له من تعرض دليل على اعترافه بأحقية للمعترض فى اعتراضه.
ومما سبق يتضح لنا أن القانون قد حمى الحيازة شأنه فى ذلك شأن الفقه الإسلامى وذلك بأن قرر للحائز العديد من الدعاوى التى يجوز له الالتجاء إليها حالة وقوع اعتداء على حيازته.



الفصل الثالث

مقارنة بين حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى والقانون المدنى المصرى





فى هذا الفصل سوف نقارن بين الحماية المقررة للحيازة في الفقه الإسلامي والحماية التي قررها القانون المدني المصري.
فبالنسبة لتعريف الحيازة , نجد أن الفقه الإسلامي عرفها بانها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء
اما في القانون المدني نجد أن الفقهاء عرفوها بأنها السيطرة لشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.
ومن هنا نجد تشابه كلا التعريفين في الفقه الإسلامى والقانون المدني , فالفقه الإسلامى يعرفها بانها وضع اليد علي الشي , وهو ما يمثل السيطرة لشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً.
وبالنسبة لعنصري الحيازة , نجد ان الحيازة في كلا من الفقه الإسلامى والقانون المدني المصري, تتكون من عنصرين هما العنصر المادي والعنصر المعنوي.
وكذلك نجد انه في الركن المادي وهو الذي يمثل وضع اليد في الفقه الإسلامى , السيطرة المادية في القانون المدني , يمكن ان تكون الحيازة بواسطة الشخص الحائز نفسه , كما يمكن ان تكون من غير الحائز (الاستخلاف) كعماله او مستخدميه الذين يأتمرون بأوامره
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها واما في القانون المدني فيتمثل في انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه. ويحدده البعض بأنه عبارة عن نية الحائز فى استعمال حق من الحقوق.

وبالنسبة لحماية الحيازة , نجد انه في الفقه الاسلامي , قد فرق بين الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى , وبين الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر.
فنجد انه في الحيازة الشرعية يحمي الفقه الحنفى ذى اليد الأولى عند الاعتداء عليها من ذى اليد الأخرى.
وفى الفقه المالكى نجد أن الحيازة الشرعية المستوفية لأركانها وشروطها تجعل الحائز أحق بالمال المحاز من المالك الذى أهمل ملكه وتركه بعلمه ورضاه، ويعتبر هذا إقرار منه بأنه لا حق له فيه.
وفى الفقه الشافعى يحمى المدعى عليه والحائز "ضد من يدعى أن هذا المال كان فى يده فى وقت سابق، وذلك كان يكون هذا المال فى يده كوديعة أو إجارة أو غصب أو إعارة، أما إذا لو أثبت المدعى أن هذا المال كان فى يده واستولى عليه الحائز بسبب غير مشروع، فإنه يجب رد هذا المال إلى المدعى (المالك).
وفى الفقه الحنبلى نجد أنه إذا لم يكن للمدعى بينة تشهد بملكيته للمال المحاز فصاحب اليد يستحق ما فى يده مع يمينه.
وما هو الشأن في الحيازة الشرعية, نجد ان الفقه الإسلامى قد عني ايضا بحماية الحيازة العرضية.
ونخلص من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة بنوعيها , وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.
اما في القانون المدنى نجد انه ايضا قد حذا حذو الفقه الإسلامى في حماية الحيازة , وذلك بان قرر لها العديد من الدعاوي التي يجوز ان يلجا اليها الشخص الذي تم الاعتداء علي حيازته , ومنها دعوي منع التعرض , ودعوي وقف الاعمال الجديدة , ودعوي استرداد الحيازة.



} الخـــاتــمـة{


أولا وقبل كل شئ أحـمد اللــه عـز وجـل وأشكـره على فضله ونعمته علـىّ بأن أعانني ووفقني عـلـى إتمام هـذا البحـث.


وبعــد ,,


فإننا لا نقصد بهذه الخاتمة وضع تلخيص لما أشتمل عليه البحث من موضوعات , وانما أردنا بها إيضاح بعض النتائج التي توصلنا إليها من خلال بحثنا , وذلك على النحو التالي:-
تحدثنا في الفصل الأول عن حماية الحيازة في الفقه الإسلامى ,وقسمنا هذا الفصل الي ثلاثة مباحث, المبحث الأول تحدثنا فيه عن تعريف الحيازة وعناصرها , وتبن أن الفقهاء يعرفون الحيازة بانها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
وبالنسبة لعنصري الحيازة , نجد ان الحيازة في من الفقه الإسلامى , تتكون من عنصرين هما العنصر المادي والعنصر المعنوي.
ووجدنا انه في العنصر المادي يمثل وضع اليد في الفقه الإسلامى , يمكن ان تكون الحيازة بواسطة الشخص الحائز نفسه , كما يمكن ان تكون من غير الحائز (الاستخلاف) كعماله او مستخدميه الذين يأتمرون بأوامره
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفي المبحث الثاني , تحدثنا عن شروط الحيازة وموانعها , وحددنا بعض شروط الحيازة ومنها , الشرط الأول , حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه , والشرط الثانى علم المحوز عليه بالحيازة , والشرط الثالث إدعاء الحائز ملكية المال المحاز , والشرط الرابع استمرار الحيازة مدة معينة.
اما موانع الحيازة , فتتمثل في الخوف او الإكراه , المصاهرة او القرابة , الغيبة


وفي المبحث الثالث تناولنا دراسة حماية الحيازة في الفقه الاسلامي , ووجدنا ان الفقه الاسلامي قد فرق بين الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى , وبين الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر.
وخلصنا من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة بنوعيها , وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.
اما في الفصل الثاني تناولنا حماية الحيازة في القانون المدني المصري , وفسمنا ذلك الفصل الي مبحثين , المبحث الاول تناولنا فيه تعريف الحيازة وعناصرها , وتبين ان الفقهاء عرفوا الحيازة بانها سيطرة الشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.
اما عناصر الحيازة , فوجدنا انها شأنها في القانون المدني شان الفقه الاسلامي , تتكون من عنصرين , عنصر مادي يتمثل في السيطرة المادية , والعنصر الثاني وهو العنصر المعنوي ويتمثل في انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه.
وفي المبحث الثاني , درسنا حماية الحيازة في القانون المدني المصري , واتضح ان القانون المدني المصري , قد قرر العديد من الدعاوي التي يستطيع عن طريقها الشخص الغتصبة حيازته او الشخص المهددة حيازته , اللجوء اليها لحماية حيازته , وتتمثل تلك الدعاوي في دعوي منع التعرض , ودعوي وقف الاعمال الجديدة , ودعوي استرداد الحيازة.

المواعيد والمدد القانونية فى المدنى

حساب المواعيد والمدد في القانون المدني
مادة 3
تحسب المواعيد بالتقويم الميلادي ، ما لم ينص القانون على غير ذلك.

ميعاد بلغ الشخص سن الرشد القانوني
مادة 44
(1) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ، ولم يحجر عليه ، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
(2) وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة.

ميعاد وأسباب اعتبار عدم اكتمال الأهلية
مادة 45
(1) لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التميز لصغر في السن أو عته أو جنون.
(2) وكل من لم يبلغ السابعة يعتبر فاقدا للتميز.

ميعاد صدور الإيجاب والقبول
مادة 94
(1) إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد ، دون أن يعين ميعاد القبول ، فان الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا ، وكذلك الحال إذا صدر الإيجاب عن شخص إلى آخر بطريق التليفون او بأي طريق مماثل .
(2) ومع ذلك يتم العقد ، واو لم يصدر القبول فورا ، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب والقبول ، وكان القبول قد صدر قبل أن ينفض مجلس العقد.

ميعاد الإيجاب والقبول بين المتعاقدين الغائبين
مادة 97
(1) يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
(2) ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذان وصل إليه فيهما هذا القبول.

وقت رفع دعوي إبطال العقد لوقوع أحد المتعاقدين في غبن
مادة 129
(1) إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر ، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشا بينا أو هوى جامحا ، جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو ينقص التزامات هذا المتعاقد.
(2) ويجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد ، وإلا كانت غير مقبولة.
(3) ويجوز في عقود المعاوضة أن يتوفى الطرف الآخر دعوى الأبطال ، إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن.

ميعاد سقوط الحق في طلب الإبطال
مادة 140
(1) يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات.
(2) ويبدأ سريان هذه المدة ، في حالة نقض الأهلية ، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب ، وفي حالة الغلط أو التدليس ، من اليوم الذي ينكشف فيه ، وفي حالة الإكراه من يوم انقطاعه ، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الأبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد.

ميعاد سقوط دعوي البطلان
مادة 141
(1) إذا كان العقد باطلا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة.
(2) وتسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد.

ميعاد سقوط دعوي التعويض عن العمل الغير مشروع
مادة 172
(1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة ع العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . وتسقط هذه الدعوى في كل حال ، بانقضاء خمس عشرة سنه من يوم وقع العمل غير المشروع.
(2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة ، فان دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.

ميعاد دعوي التعويض عن الإثراء بلا سبب
مادة 180
تسقط دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض ، وتسقط الدعوى ، كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.

ميعاد سقوط دعوي الفضالة
مادة 197
تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه . وتسقط كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.

ميعاد سقوط دعوي عدم نفاذ التصرف
مادة 243
تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه.

ميعاد المعارضة في الأحكام الصادرة في حالات الإعسار المدني
مادة 252
مدة المعارضة في الأحكام الصادرة في شان الإعسار ثمانية أيام ، ومدة استئنافها خمسة عشرة يوما ، تبدأ من تاريخ إعلان تلك الأحكام.

ميعاد التظلم من الحجز الواقع علي إيرادات المدين
مادة 259
إذا أوقع الدائنون الحجز على إيرادات المدين ، كان لرئيس المحكمة المختصة بشهر الإعسار أن يقرر للمدين ، بناء على عريضة يقدمها ، نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة ، ويجوز التظلم من الأمر الذي يصدر على هذه العريضة ، في مدة ثلاثة أيام من تاريخ صدوره ، أن كان التظلم من المدين ، ومن تاريخ إعلان الأمر للدائنين إن كان التظلم منهم.


ميعاد الاعتراض علي حوالة الدين
مادة 322
(1) لا يتتبع بيع العقار المرهون رهنا رسميا انتقال الدين المضمون بالرهن إلى ذمة المشتري إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك.
(2) فإذا اتفق البائع والمشتري على حوالة الدين ، وسجل عقد البيع ، تعين على الدائن متى أعلن رسميا بالحوالة أن يقرها أو رفضها في ميعاد لا يجاوز ستة أشهر ، فإذا انقضي هذا الميعاد دون أن بيت برأي اعتبر سكوته إقرارا.

ميعاد تقادم الالتزام
مادة 374
يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية.

ميعاد تقادم الحقوق الدورية
مادة 375
(1) يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد واو اقر به المدين ، كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر ، وكالفوائد والإيرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات.
(2) ولا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية ، ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين ، إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.

ميعاد تقادم أتعاب الأطباء والمهندسين والمحامين والأطباء
مادة 376
تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات.
ميعاد تقادم الرسوم والضرائب المستحقة للدولة
مادة 377
(1) تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ويبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها ، وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ إنهاء المرافعة في الدعوى التي حررت في شانها هذه الأوراق ، أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة.
(2) ويتقادم بثلاث سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق . ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
(3) ولا تخل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة في القوانين الخاصة.

ميعاد تقادم حقوق الخدم والتجار والعمال والصناع
مادة 378
(1) تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية :
( أ ) حقوق التجار والصناع عن أشياء وردها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء ، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم.
( ب ) حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات.
(2) ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدي الدين فعلا . وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصرا ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء.

ميعاد تقادم دعوي تكملة الثمن بسبب غبن لحق بأحد أطراف العقد
مادة 426
(1) تسقط بالتقادم دعوى تكمله الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي بموت فيه صاحب العقار المبيع.
(2) ولا تلحق هذه الدعوى ضررا بالغير حسن النية إذا كسب حقا عينيا على العقار المبيع.

ميعاد سقوط دعوي الضمان
مادة 452
(1) تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول.
(2) على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالنسبة لتمام التقادم إذا ثبت به تعمد إخفاء العيب غشا منه.

ميعاد رفع دعوي الضمان - سقوط
مادة 455
إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع ، فعلي المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره وأن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار ، وإلا سقط حقه في الضمان ، كل هذا ما لم يتفق على غيره.

ميعاد انقضاء الشركة
مادة 526
(1) تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله.
(2) فإذا انقضت المدة المعينة أو انتهي العمل ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها.
(3) ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه.

ميعاد استحقاق فوائد الدين
مادة 544
إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت سنة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة اشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلا من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه.

ميعاد انتهاء عقد الإيجار إذا لم تحدد مده بعقد الإيجار أو حددت لأجل غير محدد
مادة 563
إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة ، اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة . وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها.
( أ ) في الأراضي الزراعية والأراضي البور إذا كانت المدة المعينة لدفع الأجرة ستة أشهر أو أكثر ، يكون التنبيه قبل إنهائها بثلاثة أشهر ، فإذا كانت المدة أقل من ذلك ، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير ، كل هذا مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقا للعرف.
( ب ) في المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة أربعة أشهر أو أكثر وجب تنبيه قبل انتهائها بشهرين ، فإذا كانت الفترة أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.
( جـ ) في المساكن والغرف المؤثثة وفي أي شيء غير ما تقدم إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة شهرين أو أكثر ، وجب التنبيه قبل نهائيا بشهر فإذا كانت اقل من ذلك ، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.

ميعاد أقصي مدة ينعقد لها إيجار الوقف
مادة 633
(1) لا يجوز للناظر بغير إذن القاضي أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول ، انقضت المدة إلى ثلاث سنين .
(2) ومع ذلك إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له ان يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه فى طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين.

ميعاد الضمان في عقود المقاولات
مادة 651
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها ، أو كان ر العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات .
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .

ميعاد سقوط دعوي الضمان
مادة 654
تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب .

ميعاد سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل الفردي
مادة 698
(1) تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت إنهاء العقد ، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة فى الأرباح والنسب المئوية فى جملة الإيراد ، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذى يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد .
(2) ولا يسرى هذا التقادم الخاص على الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرمة الأسرار التجارية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التى ترمى إلى ضمان احترام هذه الأسرار .

ميعاد تقادم الحقوق الناشئة عن عقد التأمين
مادة 752
(1) تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى .
(2) ومع ذلك لا تسرى هذه المدة :
أ. فى حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر المؤمن منه ، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عن هذا الخطر إلا من اليوم الذي علم فيه المؤمن بذلك .
ب. فى حالة وقوع الحادث المؤمن منه إلا من اليوم الذي علم فيه ذوى الشأن بوقوعه.

ميعاد دعوي براءة الذمة ذمة الكفيل
مادة 785
(1) لا تبرأ ذمة الكفيل لمجرد أن الدائن تأخر فى اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه لم يتخذها .
(2) على أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر نم إنذار الكفيل للدائن ؟، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا .

ميعاد رفع دعوي نقص القسمة
مادة 845
(1) يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون الغبرة فى التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة .
(2) ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة . وللمدعى عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعى نقدا أو عينا ما نقص من حصته .

مدة عقد قسمة المهاياة
مادة 846
(1) فى قسمة المهيأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته فى المال الشائع ، متنازلا لشركائه فى مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء . ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد على خمس سنين . فإذا لم تشترط لها مدة أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد ، كانت مدتها سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب فى التجديد .
(2) وإذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهائية ، ما بم يتفق الشركاء على غير ذلك . وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءا مفرزا من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة ، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهيأة .

مدة الاتفاق علي ملكية الأسرة
مادة 852
(1) يجوز الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ، على أنه يجوز لكل شريك أن طلب من المحكمة الأذن له فى إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل القضاء الأجل المتفق عليه إذا وجد مبرر قوى لذلك .
(2) وإذا لم يكن للملكية المذكورة أجل معين ، كان لكل شريك أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم ان يعلن إلى الشركاء رغبته فى إخراج نصيبه .

ميعاد فقد الملكية بسبب عدم الاستعمال
مادة 874
(1) الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة .
(2) ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقا للوائح .
(3) إلا أنه زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك فى الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات خلال الخمس العشرة السنة التالية للتمليك .

ميعاد الأخذ بالشفعة
مادة 942
(****1) إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسميا وإلا كان باطلا . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل .
(2) وخلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ هذا الاعلان يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذى حصل بع البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة.

ميعاد رقع دعوي المطالبة بالشفعة
مادة 943
ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار وتقيد بالجدول . ويكون كل ذلك فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الاعلان المنصوص عليه فى المادة السابقة وإلا سقط الحق فيها ويحكم فى الدعوى على وجه السرعة .

ميعاد سقوط الحق في المطالبة بالشفعة
مادة 948
يسقط الحق فى الأخذ بالشفعة فى الأحوال الآتية:
( أ ) إذا نول الشفيع عن حقه فى الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع.
(ب) إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع .
(جـ) فى الأحوال الأخرى التى نص عليها القانون .

ميعاد انقضاء الحيازة
مادة 957
(1) لا تنقضي الحيازة إذا حـال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتي .
(2) ولكن الحيازة تنقضي إذا أستمر هذا المانع سنة كاملة ، وكان ناشئا من حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه . وتحسب ابتداء من الوقت الذى بآت فيه الحيازة الجديدة ، إذا بدأت علنا ، او من وقت علم الحائز الأول بها إذا بدأت خفية .

ميعاد رفع دعاوى استرداد الحيازة
مادة 958
(****1) لحائز العقار أن يطلب خلال السنة التالية لفقدتها ردها إليه . فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك .
(2) ويجوز أيضا أن يسترد الحيازة من كل حائزا بالنيابة عن غيره .

ميعاد رفع دعوي الحيازة التي اغتصبت بالقوة
مادة 959
(1) إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقده فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . والحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة التى تقوم على سند قانوني . فإذا لم يكن لدى أى من الحائزين سند أو تعادلت سنداتهم كانت الحيازة الأحق هي الأسبق فى التاريخ .
(2) أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة فللحائز فى جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المتعدى .

ميعاد رفع دعوي منع التعرض
مادة 961
من حاز عقارا واستمر حائزا لسنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته جاز أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض .

المدة اللازمة لتملك العقار أو المنقول بحيازته
مادة 968
من حاز منقولا أو عقارا دون أن يكون مالكا له ، أو حاز حقا عينيا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به ، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة .

ميعاد التقادم المكسب
مادة 969
(1) إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات.
(2) ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقى الحق .
(3) والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون .

ميعاد اكتساب حقوق الإرث بالتقادم
مادة 970
فى جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة .
ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق أزالته إداريا .

مدة التحكير
مادة 999
لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة أعتبر الحكر معقوداًُ لمدة ستين سنة .

ميعاد انتهاء التحكير بسبب عدم سداد الأجرة
مادة 1009
يجوز للمحتكر إذا لم تدفع له الأجرة ثلاث سنين متوالية أن يطلب فسخ العقد .

ميعاد انتهاء حق الحكر
مادة 1011
ينتهي حق الحكر بعدم استعماله مدة خمس عشر سنة ، إلا إذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث ثلاثين سنة .

ميعاد انتهاء حقوق الارتفاق
مادة 1027
(1) تنتهي حقوق الارتفاق بعدم استعمالها مدة خمس عشرة سنة ، فإن كان الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة كانت المدة ثلاثا وثلاثين سنة . وكما يسقط التقادم حق الارتفاق يجوز كذلك بالطريقة ذاتها أن يعدل من الكيفية التى يستعمل بها .
(2) وإذا ملك العقار المر تفق عدة شركاء على الشيوع فانتفاع أحدهم بالإرتفاق يقطع التقادم لمصلحة الباقين ، كما أن وقف التقادم لمصلحة أحد هؤلاء الشركاء يجعله موقوفاً لمصلحة سائرهم .

مدة نفاذ مخالصة الأجرة
مادة 1046
(1) لا تكون المخالصة بالأجرة مقدما لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ولا الحوالة بها كذلك نافذة فى حق الدائن المرتهن إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية .
(2) أما إذا كانت المخالصة أو الحوالة لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، فأنها لا تكون نافذة فى حق الدائن المرتهن ما لم تكن مسجلة قبل قيد الرهن ، وإلا خفضت المدة إلى ثلاث سنوات مع مراعاة الحكم الوارد فى الفقرة السابقة .

ميعاد طلب بيع العقار المطلوب تطهيره
مادة 1067
يجوز لكل دائن قيد حقه ولكل كفيل لحق مقيد أن يطلب بيع العقار المطلوب تطهيره ، ويكون ذلك فى مدى ثلاثين يوما من أخر إعلان رسمي يضاف إليها مواعيد المسافة ما بين الموطن الأصلى للدائن وموطنه المختار ، على ألا تزيد مواعيد المسافة على ثلاثين يوما أخرى.

ميعاد إعلان الدائن بتخلية العقار المرهون
مادة 1071
(1) تكون تخلية العقار المرهون بتقرير يقدمه الحائز إلى قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة ، ويجب عليه أن يطلب التأشير بذلك فى هامش تسجيل التنبيه بنزع الملكية ، وأن يعلن الدائن المباشر للإجراءات بهذه التخلية فى خلال خمسة أيام من وقت التقرير بها .
(2) ويجوز من له مصلحة التعجيل أن يطلب إلى قاضى الأمور المستعجلة تعيين حارس تتخـذ فى مواجهته إجراءات نزع الملكية ويعين الحائز حارسا إذا طلب ذلك .

ميعاد الإنذار بدفع الدين أو تخلية العقار
مادة 1072
إذا لم يختر الحائز أن يقضى الديون المقيدة أو يطهر العقار من الرهن أو يتخلى عن هذا العقار ، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ فى مواجهته إجراءات نزع الملكية وفقا لأحكام قانون المرافعات إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار ، ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه فى وقت واحد .

تمسك الحائز بحقوق الدائن
مادة 1073
(1) يجوز للحائز الذى سجل سند ملكيته ولم يكن طرفا فى الدعوى التى حكم فيها على المدين بالدين ، أن يتمسك بأوجه الدفع التى كان للمدين أن يتمسك بها ، إذا كان الحكم بالدين لاحقا لتسجيل سند الحائز .
(2) ويجوز للحائز في جميع الأحوال أن يتمسك بالدفوع التى لا يزال للمدين بعد الحكم بالدين حق التمسك بها .

عرض الحائز ثمنا للعقار محل البيع - شروط
مادة 1074
يحق للحائز أن يدخل فى المزاد على شرط ألا يعرض فيه ثمنا أقل من الباقي فى ذمته من ثمن العقار الجاري بيعه .

ميعاد تملك الحائز للعقار المرهون الذي اشتراه بالمزاد
مادة 1075
إذا نزعت ملكية العقار المرهون ولو كان ذلك بعد اتخاذ إجراءات التطهير أو التخلية ورسا المزاد على الحائز نفسه ، اعتبر هذا مالكا للعقار بمقتضى سند ملكيته الأصلي ، ويتطهر العقار من كل حق مقيدا إذا دفع الحائز الثمن الذي رسا به المزاد أو أودعه خزانة المحكمة.

إيجار الدائن المرتهن للعقار المرهون
مادة5 1 1 1
يجوز للدائن المرتهن لعقار أن يؤجر العقار إلى الراهن دون أن يمنع ذلك من نفاذ الرهن فى حق الغير . فإذا أتفق على الإيجار فى عقد الرهن وجب ذكر ذلك فى القيد ذاته . أما إذا أتفق عليه بعد الرهن وجب أن يؤشر به فى هامش القيد ، إلا أن هذا التأشير لا يكون ضروريا إذا جدد الإيجار تجديدا ضمنيا .

ميعاد نفاذ الإيجار الخاص بالعقار المرهون وشروطه
مادة 1123
(1) لا يكون رهن الدين نافذا فى حق المدين إلا بإعلان هذا الرهن إليه أو بقبوله له وفقا للمادة 305 .
(2) ولا يكون نافذا فى حق الغير إلا بحيازة المرتهن لسند الدين المرهون ، وتحسب للرهن مرتبته من التاريخ الثابت للإعلان أو القبول .

لا حاجة إلى الإعلان عن الرهن – حالة خاصة
مادة 1124
السندات الاسمية والسندات الإذنية يتم رهنها بالطريقة الخاصة التي رسمها القانون لحوالة هذه السندات على أن يذكر أن الحوالة قد تمت على سبيل الرهن ، ويتم الرهن دون حاجة إلى إعلان.

إخطار الراهن بسداد الدائن المرتهن لدين مستحق
مادة 1126
(1) للدائن المرتهن أن يستولي على الفوائد المستحقة عن الدين المرهون والتي تحل بعد الرهن ، وكذلك له أن يستولي على كل الاستحقاقات الدورية التى لهذا الدين على أن يخصم ما يستولي عليه من المصروفات ثم من الفوائد ثم من أصل الدين المضمون بالرهن ، كل هذا ما لم يتفق على غيره .
(2) ويلتزم الدائن المرتهن بالمحافظة على الدين المرهون ، فإذا كان له أن يقتضي شيئا من هذا الدين دون تدخل من الراهن ، كان عليه أن يقتضيه فى الزمان والمكان المعينين للاستيفاء وأن يبادر بإخطار الراهن بذلك .

القواعد الفقهية المدنيه

القاعدة الأولى : الأمور بمقاصدها
الشرح

الأمور جمع أمر ، وهو : لفظ عام للأفعال والأقوال كلها ، ومنه قوله تعالى إليه يرجع الأمر كله ) ، ( قل أن الأمر كله لله ) ، ( وما أمر فرعون برشيد ) ، أي ما هو عليه من قول أو فعل . ( ر:مفردات الراغب) .

ثم أن الكلام على تقدير مقتضى ، أي : أحكام الأمور بمقاصدها لأن علم الفقه إنما يبحث عن أحكام الأشياء لا عن ذواتها ، ولذا فسر أمر المجلة القاعدة بقبولها : (( يعني أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ماهو المقصود من ذلك الأمر )) .
أصل هذه القاعدة فيما يظهر قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( إنما الأعمال بالنيات )) .

-----------------------------
القاعدة الثانية : العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني ، لا للألفاظ والمباني
الشرح

[ ((العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني )) ] في الباب الموفي أربعين من معين الحكام لكن بلفظ في التصرفات بدل العقود ، وهو أعم من التعبير بالعقود ، فيشمل الدعاوى كما سيأتي عن أصول الكرخي : (( ولذا يجري الرهن في بيع الوفاء)) .



هذه القاعدة بالنسبة للتي قبلها كالجزئي من الكلي ، فتلك عامة وهذه خاصة فتصلح أن تكون فرعاً منها .
والمراد بالمقاصد والمعاني : ما يشمل المقاصد التي تعينها القرائن اللفظية التي توجد في عقد فتكسبه عقد حكم آخر كما سيأتي قريباً في إنعقاد الكفالة بلفظ الحوالة ، وانعقاد الحوالة بلفظ الكفالة ، إذا إشترط فيها براءة المديون عن المطالبة ، أو عدم براءته .
وما يشمل المقاصد العرفية المرادة للناس في إصطلاح تخاطبهم ، فإنها معتبرة في تعيين جهة العقود ، فقد صرح الفقهاء بأنه يحمل كلام كل إنسان على لغته وعرفه . ( ر: رد المحتار ، من الوفق عند الكلام على قولهم : وشرط الواقف كنص الشارع ) .
ومن هذه القسم ماذكروه من إنعقاد بعض العقود بألفاظ غير الألفاظ الموضوعة لها مما يفيد معنى تلك العقود في العرف ، كانعقاد البيع والشراء بلفظ الأخذ والإعطاء . ( ر: مادة/ 169 و / 172 / من المجلة ) ، وكذا إنعقاد شراء الثمار على الأشجار بلفظ (( الضمان )) في عرفنا الحاضر .

------------------------------------
القاعدة الثالثة : اليقين لايزول بالشك
الشرح
اليقين لغةً : العلم الذي لاتردد معه ، وهو في أصل اللغة : الاستقرار ، يقال : يقن الماء في الحوض إذا أستقر . ( ر: تعريفات السيد ) . ولا يشترط في تحقق اليقين الاعتراف والتصديق بل يتصور مع الجحود ، كما قال تعالى : (وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ) .

واليقين في اصطلاح علماء المعقول هو : الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت . فخرج بالقيد الأول ، أعني الجازم ، الظن وغلبة الظن ، لانه لاجزم فيهما . وخرج بالقيد الثاني ماليس مطابقاً للواقع وهو الجهل وهو ان كان صاحبه جازماً . وخرج بالقيد الثالث إعتقاد المقلد فيما كان صواباً ، لأن إعتقاده لما لم يكن عن دليل كان عرضة للزوال . فكل ذلك ليس من اليقين في شيء .

لكن المناسب هنا تفسير اليقين بالمعنى الأول اللغوي ، لأن الأحكام الفقهية إنما تبنى على الظاهر ، فكثيراً ما يكون الأمر في نظر الشرع يقيناً لايزول بالشك في حين أنَّ العقل يجيز أن يكون الواقع خلافه ، وذلك كالأمر الثابت بالبينة الشرعية فإنه في نظر الشرع يقين كالثابت بالعيان ، مع أن شهادة الشهود لاتخرج عن كونها خبر آحاد يجيز العقل فيها السهو والكذب ، وهذا الإحتمال الضعيف لايخرج ذلك عن كونه يقيناً لأنه لقوة ضعفه قد طرح أمام قوة مقابله ولم يبق له اعتبار في نظر الناظر . ( ر: ما سيأتي قريباً ) .
والشك : التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما عن الآخر ، فإن ترجح أحدهما على الآخر بدليل ووصل ترجيحيه إلى درجة الظهور الذي يبنى عليه العاقل أموره لكن لم يطرح الإحتمال الآخر فهو الظن . فإن طرح الإحتمال الآخر ، بمعنى أنه لم يبقى له إعتبار في النظر لشدة ضعفه ، فهو غالب الظن ، وهو معتبر شرعاً بمنزلة اليقين في بناء الأحكام عليه في أكثر المسائل إذا كان مستنداً إلى دليل معتبر ، وذلك كما إذا رأى إنسان عيناً في يد آخر يتصرف بها تصرفاً يغلب على ظن من يشاهده أنها ملكه ، وكان مثله يملك مثلها ، ولم يخبر الرائي عدلان بأنها ملك غيره ، فإنه يجوز له أن يشهد لذي اليد بملكها. ( ر: الدر المختار وحاشيته رد المحتار ، آخر كتاب الشهادات ) .
ومن غير الأكثر بعض مسائل لا تعتبر فيها غلبة الظن ، بل لابد فيها من اليقين :
(أ) منها ما لو عقد الرجل على أختين بعقدين متعاقبين ونسي الأول فإنه يفرق بينه وبين الإثنتين ولايجوز ترجيح أولية عقد أحدهما على الأخرى بغلبة الظن ، بل لابد من العلم ، لأن العلم لايجري في مسائل الفروج . ( ر: الدرر ، كتاب النكاح ، محرمات النكاح ) .
(ب) ومنها ما لو طلق واحدة معينة من نسائه ثم نسيها فإنه لايجوز له أن يطأ واحدة منهن إلا بعد العلم بالمطلقة ، ولايكفي التحري أو تغليب الظن ولايسع الحاكم أن يخلي بينه وبين نسائه حتى يتبين ،لأن التحري إنما يجوز فيما يباح عند الضرورة ، والفروج لاتحل للضرورة . ( ر : الأشباه والنظائر ، القاعدة السابقة منه ) .
(جـ) ومنها الحبل ، فإنهم يعتبرو ظهور علاماته دليل جازماً على وجود الحمل ولم يبنوا عليه الأحكام الجازمه وإن كان يغلب على ظن كل من رأى المرأة أنها حامل . إنسان للحمل بشيء أو وقف لاتصح الوصية له أو الوقوف عليه إلاّ إذا ولد لاقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو الوقوف لكي يتقن بوجوده وقتهما . ( ر: الأشباه والنظائر ، القاعدة الرابعة منه ) .
ومثل الولادة لأقل من ستة أشهر ، فيما يظهر ، ما لو مات أبوه قبل الوصية له والوقوف فإنه تصح الوصية له والوقوف ، فقد قال في جامع أحكام الصغار ، في كتاب الشفعة : (( قال محمد رحمه الله تعالى في (( الأصل )) : والحمل في إستحقاق الشفعة والصغير والكبير سواء ، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر منذ وقع الشراء فله الشفعة ، وأن جات به لستة أشهر فصاعداً منذ وقع الشراء فإنه لاشفعة له إلا أن يكون أبوه قد مات قبل البيع وورث الحمل فحينئذٍ يستحق الشفعة ، ومن جاءت به لستة أشهر فصاعداً )) .
نعم جعلوا ظهور علامات الحبل إمارة رجحو بها قول المرأة أنها ولدت عند إنكار الزوج للولادة ووقفوا بها الميراث للحمل . ولينظر فيما علم وجود الحمل قبل الوصية أو الوقف بالمشاهدة بواسطة الأشعة المخترعة حديثاً المسماة (( أشعة رونتجن )) ، وكانت المشاهدة بطريق مشروع كالتداوي ، ثم ولدته لاكثر من ستة أشهر من وقت الوصية أو الوقف ، فهل يعتبر ذلك موجباً لصحة الوصية والوقف للتيقن بوجود الحمل أو لايعتبر ؟.
والظاهر عدم إعتباره ، فلابد من الولادة لأقل من ستة أشهر ، لا شكاً فيما أظهرته الأشعة ، بل لأنها إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر لا يتيقن حينئذٍ بأن المولود هو الحمل الذي كان شوهد بالأشعة ، لجواز أنَّ المشاهد أسقط ثم حصل بعده حمل جديد .
أما إذا كانت غلبة الظن غير مستندة إلى دليل فلا كلام في عدم أعتبارها مطلقاً ، كما لو غلب على ظن الغاصب حل العين المغصوبة له بناءً على احتمال جعل المالك إياه في حل منها ، وكما لو ظفر إنسان بمال الغير فأخذه على احتمال أن مالكه أباحه لمن يأخذه ، فإنه يكون ضامناً ولا يعتبر غلبة الظن هذه مهما قويت ، لأنها غير مستنده إلى دليل ، أنه من مجرد التوهم ، ولا عبرة بالتوهم . ( ر: المادة / 74/من المجلة ) .
إن هذه القاعدة من أمهات القواعد التي عليها مدار الأحكام الفقهية ، وقد قيل أنها تدخل في جميع أبواب الفقه ، والمسائل المخرجة عليها ، من عبادات ومعاملات وغيرها يبلغ ثلاثة أرباع علم الفقه .
ومعناها أن ماكان ثابتاً متيقناً لايرتفع بمجرد طروء الشك عليه لأن الأمر اليقيني لايعقل أن يزيله ما هو أضعف منه بل ما كان مثله أو أقوى .
هذا ، ولافرق بين أن يكون اليقين السابق : (1) مقتضياً للحظر ، (2) أو مقتضياً للإباحة ، فإن العمدة عليه في كلتا الحالتين ، ولا يلتفت إلى الشك في عروض المبيح على الأول ، وعروض الحاظر على الثاني.
فمن القسم الأول : ما لو غاب إنسان غيبة منقطعة بحيث لا يعلم موته ولا حياته ، فإن المعتبر اليقين السابق ، وهو على حياته ، إلى أن يعلم موته بالبينه أو بموت جميع أقرانه وأن كان إحتمال موته قائماً في كل لحظة ، فلا يجوز قسمة ماله بين الورثة ، ولو كان له وديعة عند آخر فيجب على المستودع حفظها ، فلو أعطاها للورثة يكون ضامناً .

----------------------------------
القاعدة الرابعة : الأصل بقاء ما كان على ما كان
الشرح
(( الأصل بقاء ما كان على ماكان ، حتى يقوم الدليل على خلافه )) لأن الأصل إذا أعترض عليه دليل خلافه بطل . ( ر : رد المحتار ، كتاب الدعوى ، آخر دعوى الرجلين ، نقلاً عن الزيلعي ) .

الأصل في اللغة : أسفل الشيء ، وفي الاصطلاح يطلق على معان كثيرة ، منها أن يستعمل بمعنى القانون والقاعدة المنطبقة على جزئياتها . ( ر : كليات أبي البقاء )، وهو المراد هنا .



ومعنى هذه القاعدة أنه إذا جهل في وقت الخصومة حال الشيء وليس هناك دليل يحكم بمقتضاه ، وكان لذلك الشيء حال سابقة معهودة ، فإن الأصل في ذلك يحكم ببقاءه وإستمراره على تلك الحال المعهودة التي كان عليها ، حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك فيصار حينئذ إليه .
وذلك الدليل أحد أربعة أشياء : البينة ، والإقرار ، والنكول ، والأمارة الظاهرة ، على أن النكول يرجع إلى مجرد القرينة الظاهرة ، ( ر: ما سيأتي عن الحكام أثناء الكلام على القاعدة الثامنة : (( الأصل براءة الذمة )) ). فأما البينة والإقرار والنكول فأمثلتها واضحة معلومة ، وأما الأمارة الظاهرة فتحكيم الحال الآتي قريباً في الكلام على النوع الثاني من نوعي الاستصحاب .
إن هذه القاعدة ليست من القواعد الكلية التي ليست داخلة تحت غيرها بل هي ـ وما بعدها من القواعد الآتية حتى المادة / 13 / ـ من فروع المادة الرابعة المتقدمة وهي (( اليقين لايزول بالشك )) وداخلات تحتها .
---------------------------------------
القاعدة الخامسة : القديم يترك على قِدمه
الشرح
[(القديم يترك على قِدمه )] إلا إذا قام الدليل على خلافه ، كما في المادة /1224 / من المجلة .
القديم : هو الذي لايوجد من يعرف أوله . ( ر: المدة / 166/ من المجلة ).
ومعنى هذه القاعدة أنَّ التنازع فيه إذا كان قديماً تراعى فيه حالته التي هو عليها من القديم ، بلا زيادة ولانقص ولا تغيير ولاتحويل .
وإنما لم يجز تغيير القديم عن حاله أو رفعه بدون إذن صاحبه لانه لما كان من الزمن القديم على هذه الحالة المشاهدة فالأصل بقاؤه على ما كان عليه ، ولغلبة الظن أنه ما وضع إلا بوجهه الشرعي ( ر: الفتاى الخيرية ، فصل الحيطان ) .

فلو كان لأحد جناح في داره ممدود على أرض الغير ، وكان ذلك الجناح أو المسيل أو الممر قديماًً لايعرف من الحاضرين مبدأ لحدوثه ، فأراد صاحب الأرض أن يمنع صاحب الدار من مد الجناح أو التسييل أو المرور في أرضه ، أو أراد أن يحول المسيل أو الممر و يغيره عن حاله القديم فليس له ذلك إلا بإذن صاحبه ( ر: المواد / 1224 و1225 و1229 / من المجلة ) .
وكذا ليس لصاحب الحق نفسه أن يحوله من جهة إلى جهة ، أو يصرف الممر مثلاً إلى دار أخرى له ،إلا إذا أذن له الآخر ، وللآذن ولورثته من بعده الرجوع عن هذا الأذن وتكليف صاحب الحق بإعادته إلى الحالة الأولى . ووجه جواز الرجوع ، كما في الخيانة ، أنَّ ذلك الإذن من قبيل الإعارة ، وهي غير لازمة . بخلاف ما لو بنى صاحب الأرض بناءً في الممر بإذن صاحب حق المرور فإنه يسقط حق مروره ولا يكون له بعد ذلك المخاصمة مع صاحب الأرض لاستعادته ، لأن إذنه ذلك إسقاط لحقه ، إلا إذا كان صاحب الحق مالكاً لرقبة الطريق فلا يمنع من المخاصمة واستعادته بعد إذنه بالبناء ، لأن الملك لايسقط بالإسقاط ، قال في فصل الأنهار من الفتاوى الخانية : (( ولو قال صاحب المسيل : أبطلت حقي في المسيل ، فإن كان له حق إجراء الماء دون الرقبة بطل حقه ، وأن كان له رقبة المسيل لا يبطل ذلك بالإبطال )) .
وكذلك لو كان نهر ، بين قوم ، يأخذ الماء من النهر الأعظم ، فمنهم من له فيه كوتان ومنهم من له ثلاث ، فقال أصحاب الكوى السفلى لأصحاب العليا : إنكم تأخذون من الماء أكثر من نصيبكم ، لأن كثرة الماء ورفعة يكون في أعلى النهر فيدخل في كواكم شيء كثير ، ونحن لا نرضى بهذا ، ونجعل لكم أياماً معلومة ونسدّ في أيامكم كوانا ولنا أياماً وانتم تسدون فيها كواكم ، فليس لهم ذلك ، بل يترك على حاله كما كان . وكذا لو أختصم أهل النهر فادعى بعضهم زيادة لم يكن ذلك إلا بحجة . والأصل في جنس هذا إن ما كان قديماً يترك على حاله ولايغير إلا بحجة ( ر : الفتاوى الخانية ، فصل الأنهار ) .
لايشترط في إعتبار التصرف القديم أن يكون ما يتصرف به قائماً في يد المتصرف إلى حين الخصومة ، بل يكفي أن يثبت المدعي وجوده في يده قبل الخصومة ، وأن المدعي عليه أحدث يده عليه ومنع المدعي منه ، فأنه يحكم به للمدعي ، لأن اليد الحادثه لاعبرة بها بل العبرة لليد الحقيقية ( ر: البحر الرائق ، شرح كنز الدقائق ، كتاب الدعوى ، أوائل دعوى الرجلين ، ج7 /256) .
وقد نصوا أنه لو كان لرجل نهر يجري في أرض غيره لسقي أراضيه وهو في يده يكريه ويغرس في حافتيه الأشجار مثلاً فأراد صاحب الأرض أن لا يجري النهر في أرضه فليس له ذلك بل يترك على حاله لأن من هو في يده يستعمله بإجراء مائه ونحوه فعند الاختلاف القول قوله فلو لم يكن في يده ولم يكن جارياً وقت الخصومة فإن كان يدعي رقبة النهر فعليه أن يثبت أنه له وإن كان يدعي حق الإجراء في النهر فعليه أن يثبت أنه كان يجري ما لقديم لسقي أراضيه فيحكم له حينئذ بملك رقبة النهر في الصورة الأولى وبحق الإجراء في الثانية وبمثل ذلك يحسم الاختلاف إذا وقع في حق المرور أو حق التسييل في أرض أو على سطح أو في دار أو في طريق خاص أو بين علو وسفل ( ر الهداية وشروحها والملتقى والتنوير فصل الشرب والمادة 1177 من المجلة ) . هذا ثم إذا جهل حال المتنازع فيه ولم يعرف هل هو قديم أو حادث فالأصل فيه أنه إن كان في طريق خاص يعتبر قديماً حتى يقوم الدليل على يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع الأحكام التي تذكر في غير النافذة ( ر جامع الفصولين الفصل الخامس والثلاثين صفحة 263 نقلاً عن خواهر زاده ) خلافه وإن كان في طريق العامة يعتبر حديثاً فللإمام أن ينقضه ( ر شرح المادة 224 من مرآة المجلة ) .
والمراد بالطريق الخاص في قولهم فالأصل فيه أنه إن كان في طريق خاص يعتبر قديماً هو ما كان مملوكاً رقبة لقوم وليس للعامة فيه حق أصلاً كما إذا كانت أرض مشتركة بين قوم بنوا فيها مساكن وجعلوا بينهم منها طريقاً حتى كان مملوكاً لهم على الخصوص فأما إذا كانت السكة مختطة من الأصل فحكمها حكم طريق العامة ولو غير نافذة إذ هي ملك العامة ألا يرى أن لهم أن يدخلوها عند الزحام وهذا التفسير يأتي في جميع الأحكام التي تذكر في غير النافذة ( ر جامع الفصولين الفصل الخامس والثلاثين صفحة 263 نقلاً عن جواهر زاده ) .
اختلف الإفتاء في اعتبار التصرف القديم في الحقوق فأفتى المرحوم خير الدين الرملي في سؤال رفع إليه بما يفيد عدم اعتباره وأنه لا بد من إقامة البينة على الحق المدعى به بخصوصه وتمسك بمسائل نصوا عليها وهي أن من ادعى حق المرور أو رقبة الطريق وأقام بينة شهدت له بأنه كان يمر في هذه لا يستحق بذلك شيئاً وأن الشاهد إذا فسر للقاضي أنه يشهد بالملك بناء على معاينة اليد لا تقبل شهادته واستشهد له المرحوم ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية بما نصوا عليه من أن الوقف إذا كان على القرابة وادعى رجل أنه من القرابة وأقام بينة شهدت أن الواقف كان يعطيه كل سنة مع القرابة لا يستحق بهذه الشهادة شيئاً وكذا لو شهدوا بإعطاء القاضي له مع القرابة كل سنة لا يكون إعطاء القاضي حجة انتهى وكل هذه الفروع لا تصلح للتمسك لأن الدعوى والشهادة فيها ليست من قبيل دعوى التصرف القديم المفسر بما تقدم ولا من قبيل الشهادة به كما هو ظاهر كيف وكتب المذهب والفتاوى ناطقة بلزوم اعتباره وقد أفتى باعتباره حامد أفندي العمادي في محلات عديدة من فتاويه ووافقه عليها نفس المرحوم ابن عابدين ونقل عن الشيخ إسماعيل الحائك أنه أفتى باعتباره أيضاً وكل ذلك بناء على ما صرحوا به في كتب المذهب من اعتباره وصرحوا أيضاً بأن اعتباره هو الاستحسان وأن عليه الفتوى لو ادعى أحد الخصمين الحدوث وادعى الآخر القدم فالقول قول من يدعي القدم والبينة بينة من يدعي الحدوث ( ر تنقيح الفتاوى الحامدية والمادة 1768 من المجلة ) .
بقي ها هنا شيء يكثر وقوعه ولم أر من تعرض له وهو ما لو ادعى أحدهما الحدوث وادعى الآخر مرور الزمن فهل يكلف مدعي الحدوث البينة أو يكلف البينة مدعي مرور الزمن لقائل أن يقول بالأول وأنه إذا ثبت الحدوث لا تسمع دعوى مرور الزمن وذلك لأن مدعي القدم يدعي مضي مدة على الأمر المتنازع فيه هي أضعاف مدة مرور الزمن لأن القديم كما تقدم ما لا يوجد من يعرف أوله وهذا لا يكون غالباً إلا بعد أن يمضي عليه أكثر من ثمانين أو تسعين سنة وقد تقدم في الكلام على القاعدة الثانية أن كون العبرة للمعاني يجري في الدعاوى والخصومات أيضاً فكأنه بدعوى القدم يدعي مرور الزمن مضاعفاً ولم يجعلوا له والحالة هذه غير كون القول قوله فقط ولم يجعلوا البينة بينته بل جعلوا البينة بينة مدعي الحدوث بلا استثناء ولو قلنا بتقديم بينة مرور الزمن لم يبق من فائدة لتدوين ما بني على اعتبار القدم والحدوث من الأحكام ولأصبح كثير من مواد المجلة التي تدور عليها سدى ومعطلاً عن العمل به كهذه المادة والتي بعدها ومادة 1224 و 1228 و 1229 و 1230 و 1232 وليس ادعاء ذلك والإقدام عليه بالأمر السهل ! .ولقائل أن يقول بتقديم بينة مدعي مرور الزمن وذلك لأن مدعيه يدعي عدم صلاحية الحاكم لرؤية الدعوى عليه فهو في الحقيقة ينازع الحاكم في ذلك قبل الدخول في الدعوى فإذا ثبت مرور الزمن تبين أن الحاكم ليس بحاكم في هذه الدعوى بخلاف ما إذا ادعى القدم دون مرور الزمن فإنه يكون حينئذ قد اختار جهة الدخول في الدعوى وأجاب خصمه عنها وذلك منه تسليم لصلاحية الحاكم لسماع الدعوى عليه وحيث كان خصمه يدعي الحدوث فالبينة بينته وهذا بلا شك أوجه وأمتن والله سبحانه أعلم .
---------------------------------
القاعدة الفقهية السادسة : الضرر لايكون قديماً:
المعنى أنَّ الضرر قديمه كحديثه في الحكم فلا يراعى قدمه ولا يعتبر بل يزال وليس المراد أنه لا يتصور تقادم عليه بحيث لا يوجد من يعرف أوله .
إنَّ هذه القاعدة بمنزلة القيد للتي قبلها فوضعت عقبها لإفادة أنَّ القاعدة السابقة ليست على إطلاقها بل هي مقيدة بأن لا يكون القديم ضرراً فلو كان ضرراً فإنه يزال ولا عبرة بقدمه على ما سيأتي تفصيله كما صرحت به المادة بقولها أي إذا كان القديم الخ وذلك لأن القديم إنما أعتبر لغلبة الظن بأنه ما وضع إلا بوجه شرعي ( ر ما قدمناه في القاعدة السابقة عن الفتاوى الخيرية ) فإذا كان مضراً يكون ضرره دليلاً على أنه لم يوضع بوجه شرعي إذ لا وجه شرعياً يجوز الإضرار بالغير.
--------------------------
القاعدة السابعةالمادة 8 ) : الأصل براءة الذمّة:
الشرح
الأصل براءة الذمة لأن الذمم خلقت بريئة غير مشغولة بحق من الحقوق ( ر ما ذكره الإمام النسفي في إيضاح قواعد الكرخي ) .الذمة لغة العهد واصطلاحاً وصف يصير الشخص به أهلاً للإيجاب له أو عليه ومنهم من جعلها ذاتاً فعرفها بأنها نفس لها عهد فإن الإنسان يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه ( ر تعريفات السيد ) من المعلوم أنه عند تنازع الخصمين تتخالف مزاعمهما نفياً وإثباتاً فيحتاج في فصل الخصومة إلى مرجح يرجح به في مبدأ الأمر زعم أحدهما على زعم الآخر ولدى تتبع المسائل والنظر في وجوه الترجيح الأولية وفي تقديم أحد المرجحات على الآخر إذا تعارضت بعد ذلك يظهر أن الترجيح في مبدأ الأمر يكون بأحد شيئين هما الأصل والظاهر أما الأصل ـ وقد تقدم تفسيره في شرح المادة الخامسة ـ فأنواعه كثيرة .

ـ منها هذه القاعدة وهي براءة الذمة ومنها كون اليقين لا يزول بالشك
ـ وكذا الأصل بقاء ما كان على ما كان
ـ وكون الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته
ـ وكون الأصل فيما جهل قدمه وحدوثه أن يعتبر قديماً إذا كان في ملك خاص وحادثاً إذا كان في غيره ( ر ما قدمناه عن جامع الفصولين الفصل الخامس والثلاثين في شرح المادة السادسة )
ـ وكون الأصل في الكلام الحقيقة
ـ والأصل في الصفات والأشياء العارضة العدم والصفات الوجودية الوجود
ـ وكون الأصل في البيع أن يكون باتاً قطعياً
ـ وكون الأصل في العقود ـ غير المزارعة بعد وجودها ـ أن تكون صحيحة فلو اختلف العاقدان في صحة البيع وفساده فالقول لمدعي الصحة أما المزارعة فالقول فيها قبل الزراعة لمدعي الفساد وبعدها لرب البذر سواء ادعى صحة أو فساداً والبينة لمدعي الصحة ( ر نور العين ترتيب جامع الفصولين الفصل التاسع والعشرين ).
ـ وككون الأصل في الوكالة والعارية الخصوص وفي المضاربة والشركة العموم ( ر ما يأتي تحت المادة 77 ).
ـ وككون الأصل فيما لا يعلم إلا من جهة أحد الخصمين أو كان أحدهما أدرى من الآخر أن يقبل قوله فيه بيمينه ولذا قبلوا قول المرأة في انقضاء عدتها ـ والمدة تحتمل ـ أو عدم انقضائها بيمينها لكون ذلك لا يعلم إلا من جهتها وقبلوا قول المملك في بيان جهة التمليك والدافع في بيان جهة الدفع لأنهما أدرى بها ممن تلقى الملك ومن القابض فلو ادعى المملك القرض وادعى الآخر الهبة مثلاً فالقول قول المملك وكذا لو كان عليه دينان وبأحدهما رهن أو كفيل فدفع له مبلغاً ثم اختلفا فطلب الدافع رد الرهن إليه بزعم أن ما دفعه عن دين الراهن أو زعم براءة الكفيل وأن ما دفعه إنما دفعه عن دين الكفالة وزعم الدائن أنه عن الدين الآخر فالقول قول الدافع بيمينه لأن المملك والدافع أدرى بجهة التمليك والدفع .
ـ وككون الأصل هو الجد في البيع لا الاستهزاء ( ر جامع الفصولين الفصل الرابع والعشرين ) فلو اختلف المتعاقدان فيهما فالقول لمدعي الجد لأنه الأصل .
ـ وككون الأصل في مطلق الشركة التنصيف فلو أقر بأن هذا الشيء مشترك بيني وبين فلان أو هو لي ولفلان أو هو بيني وبينه فهو على المناصفة ( ر رد المحتار كتاب الإقرار إقرار المريض صفحة 465 ) فيكون القول قول من يدعيها لأنها الأصل ومن يدعي خلافها فعليه البرهان إلا إذا بين المقر خلاف المناصفة موصولاً بإقراره كقوله هو مشترك بيني وبينه أثلاثاً ثلثاه لي وثلثه له مثلاً صدق كما في المحل المذكور والظاهر أنه يصدق بيمينه إلى غير ذلك من الأصول التي يعسر استقصاؤها ولا يخفى أن هذه الأصول يتداخل بعضها في بعض لأن بعضها فرع عن الآخر كفرعية بقاء ما كان على ما كان عن اليقين لا يزول بالشك وفرعية براءة الذمة عن الأصل في الصفات العارضة العدم
فأي واحد من المتنازعين يشهد له أصل من هذه الأصول يترجح قوله حتى يقوم دليل على خلافه لقولهم إن القول قول من يشهد له الأصل وأمثلة كل من هذه الأصول تعلم من كلامنا عليها فيما تقدم من المواد وفيما سيأتي وأما الظاهر ـ وهو الحالة القائمة التي تدل على أمر من الأمور ـ فهو قسمان ( 1 ) القسم الأول هو ما لم يصل في الظهور إلى درجة اليقي .
( 2 ) والقسم الثاني هو الذي وصل فيه إلى درجة اليقين وهو غير مراد هنا في هذا التقسيم لأن الكلام الآن في المرجحات الأولية غير اليقينية وسيأتي الكلام عليه بعد سطور القسم الأول الظاهر الذي جعلناه قسيم الأصل ويقع به الترجيح في الابتداء وتحته نوعان :
ـ النوع الأول : هو تحكيم الحال الذي يتوصل به إلى الحكم بوجود أمر في الماضي بأن يجعل ما في الحاضر منسحباً على الماضي وهو الاستصحاب المعكوس المتقدم في شرح المادة الخامسة فانظره .
ـ النوع الثاني: هو دلالة الحال التي ليس فيها سحب ما في الحاضرعلى الماضي بل يستأنس بها ويعتمد عليها في ترجيح أحد الزعمين على الآخر وذلك .
ـ كوضع اليد فيما لو ادعى شخصان ملك عين وهي في يد أحدهما فإن القول قول ذي اليد
ـ وكالحمولة على الجدار واتصال التربيع فيه فإنه يترجح به زعم من يشهد له أحدهما من الخصمين على الآخر ( ر معين الحكام الباب التاسع والأربعين ومثله في كثير من الكتب )
ـ وكتأييد مهر المثل لقول أحد الزوجين فيما لو اختلفا في مقدار المهر المسمى فادعى الزوج الأقل وادعت الزوجة الأكثر فإن القول لمن يشهد له مهر المثل بيمينه فإن كان كما قال أو أقل فالقول قوله وإن كان كما قالت أو أكثر فالقول قولها في الزيادة ( ر الدرر وغيره كتاب النكاح باب المهر )
ـ وكتأييد نقصان الثمن المسمى عن ثمن المثل فيما لو تبايعا عقاراً ولم ينصا على البتات ثم اختلفا فادعى أحدهما أن البيع كان باتاً والآخر أنه كان وفاء فإن القول لمدعي البتات لأنه الأصل في البيع إلا إذا كان الثمن المسمى ناقصاً عن ثمن المثل فإن القول حينئذ لمدعي الوفاء لأن الظاهر شاهد له .
ـ وكتأييد قرائن الحال فيما إذا كان رجلان في سفينة مشحونة بالدقيق فادعى كل واحد السفينة وما فيها وأحدهما يعرف ببيع الدقيق والآخر يعرف بأنه ملاح فإنه يحكم بالدقيق للذي يعرف ببيعه وبالسفينة لمن يعرف بأنه ملاح عملاً بالظاهر من الحال ( ر تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار كتاب الدعوى من آخر باب التحالف ) .
ـ وككون أحد المتداعيين متضمناً سعيه في إسقاط واجب عن ذمته كما لو بعث الزوج إلى زوجته شيئاً ثم اختلفا فقالت أرسلته هدية وقال أرسلته من المهر فالقول قول الزوج بيمينه في غير المهيأ للأكل لأن الهدية تبرع والمهر واجب في ذمته فالظاهر أنه يسعى في إسقاط الواجب عن ذمته ( ر الدرروغيره كتاب النكاح من باب المهر ) ومقتضى هذا التعليل جريان الحكم المذكور بين كل دائن ومدين وقع بينهما نظير هذا الاختلاف يؤيد ذلك أن المديون إذا كان له كفيل وقد كفله بأمره فدفع له الدين فإن كان دفعه له على وجه قضاء الدين ثم أراد استرداده منه فإنه ليس له ذلك لأنه ملكه بالدفع وإن كان دفعه له على وجه الرسالة ليدفعه إلى الطالب ثم أراد استرداده منه فله الاسترداد لأنه أمانة في يد الكفيل وإن أطلق المديون عند الدفع للكفيل ولم يبين أنه على وجه القضاء أو الرسالة فإنه يقع عن القضاء فلا يملك استرداده ( ر رد المحتار كتاب الكفالة من بحث الكفالة بالمال عند قول المتن لا يسترد أصيل ما دفعه إلى الكفيل نقلاً عن الشرنبلالية عن القنية ونقلاً عن غيرها ) فقد حمل عند الإطلاق على جهة القضاء لما عليه من الدين لكون القضاء فيه تفريغ الذمة وإسقاط الواجب والأليق بالمديون أن يكون ساعياً وراء ذلك وهذا كما ترى مؤيد لما قلناه .
ـ وكظهور الثيوبة أو البكارة فيما لو تزوج العنين بكراً ثم طلبت التفريق بدعوى عدم وصوله إليها وادعى هو الوصول فأراها الحاكم للنساء وقلن إنها ثيب أو بكر فإن القول لمن يشهد له الحال من الثيوبة والبكارة ( ر ما سيأتي في شرح المادة التاسعة ) إلى غير ذلك من مسائل الظاهر المذكور فهذه مقتضيات الترجيح الأولية التي يتقوى بها زعم أحد المتنازعين على الآخر والتي يجمعها كلمتا الأصل والظاهر .
ثم إن هذا الأصل والظاهر إذا تعارضا مع بعضهما تقدم جهة الظاهر لأنه أمر عارض على الأصل يدل على خلافه وقدمنا في أول الكلام على المادة الخامسة على رد المحتار عن الزيلعي أن الأصل إذا اعترض عليه دليل خلافه بطل وذلك كالقضاء بالنكول فإن اعتباره في الأحكام ليس إلا رجوعاً إلى مجرد القرينة الظاهرة فقدمت على أصل براءة الذمة ( ر معين الحكام الباب الحادي والخمسين ) .
وكما في مسألة العنين إذا ادعى الوصول إلى زوجته التي تزوجها بكراً وأنكرت الوصول إليها وقال النساء إنها ثيب فإن الوصول إليها من الأمور العارضة فالأصل عدمه لكن لما عارضه الظاهر وهو الثيوبة قدم عليه فكان القول للزوج .
وكما في مسألة اختلاف الزوجين في مقدار المهر المسمى المتقدمة إذا كان مهر المثل شاهداً لقول الزوجة فإن الأصل وهو عدم الزيادة التي تدعيها المرأة شاهد للزوج ولكن لما عارضه الظاهر الذي هو شهادة مهر المثل المؤيدة لدعوى المرأة بالزيادة قدم عليه فكان القول قولها .
وكذلك مسألة اختلاف متبايعي العقار في كون البيع باتاً أو وفاءً المتقدمة فإنه قدم فيها الظاهر على الأصل حينما كان الثمن دون ثمن المثل .
وكما في مسألة الاستصحاب المعكوس إذا دل تحكيم الحال لمن يدعي وجود ما أصله العدم فإنه يقدم قوله ( ر ما تقدم في شرح المادة الخامسة ).
وكما لو أشهد المشتري أنه يشتري هذا الشيء لفلان ثم بعد أن اشتراه ادعى فلان أن شراءه كان بأمره وأراد أخذه وأنكر المشتري كونه بأمره فالقول لفلان ( ر رد المحتار ملخصاً من أوائل باب الفضولي عن قول الشارح قيد بالبيع لأنه لو اشترى لغيره نفذ عليه ) فإن الأصل عدم الأمر من فلان , ولكن رجحت دعواه الأمر حيث أيدها الظاهر وهو إشهاد المشتري على أنه يشتري له وكدفع الوكيل بشراء شيء غير معين الثمن من دراهم الموكل أو إضافة العقد إليها فإن كلاً منهما ظاهر في نية الشراء للموكل فإذا تكاذبا في النية يكون القول قول من يشهد له هذا الظاهر من بائع أو مشتر ( ر ما تقدم في الكلام على القاعدة الأولى عن الهداية ).
وكما لو اشترى دابة ثم اطلع على عيب قديم فيها فركبها وجاء ليردها فقال البائع ركبتها لحاجتك وقال المشتري بل ركبتها لأردها فإن القول للمشتري ( ر الدرر وحاشيته كتاب البيوع من خيار العيب قبيل قول المتن اختلفا بعد التقابض في عدد المبيع ) وذلك لأن الظاهر من حاله لما جاء وابتدأ ردها راكباً أن يكون ركوبه لأجل الرد .
القسم الثاني : وأما وجوه الترجيح الثانوية فهي حجج الشرع الثلاثة البينة والإقرار والنكول عن اليمين وكذا القرينة القاطعة المذكورة في المادة 1741 من المجلة النتاج بتاريخ تنافيه سن الدابة وتكذبه ترد الشهادة وتترك الدابة في يد من هي في يده ولو تنازع رجلان الدابة التي في يد ثالث وكل منهما يدعي ملكه لها ونتاجها عنده وأقام كل منهما بينة شهدت له بالملك والنتاج وأرخت البينتان النتاج بتاريخين مختلفين وكانت سن الدابة توافق جحد التاريخين دون الآخر يحكم بالدابة لمن وافقت سنها التاريخ الذي أحد بينته ( ر شرح الزيلعي للكنز وشروح الهداية ) وإن رد الشهادة حين مخالفة سن الدابة فهذه الأربعة إذا تعارض أحدها مع أحد المرجحات الأولية التي هي الأصل والظاهر يتقدم عليها ويترك الأصل والظاهر لأن الترجيح بهما إنما كان استئناساً حتى يقوم دليل أقوى على خلافهما فإذا قام عليه أحد الأدلة الأربعة القوية التي هي في نظر الشرع تعتبر بمنزلة اليقين يتبع ويحكم بمقتضاه دون الأصل والظاهر هذا ثم البينة إنما تترجح على القسم الأول من قسمي الظاهر المتقدمين أما القسم الثاني ـ الذي ذكرنا أنه وصل في الظهور إلى درجة اليقين القطعي ـ فإنه يترجح على البينة حتى لا تقام على خلافه بدليل ما نصوا عليه من أن الوصي إذا ادعى أنه أنفق على اليتيم أو على عقاره مبلغاً معيناً فإن كان مبلغاً لا يكذبه فيه الظاهر فالقول قوله بيمينه وإن كان مبلغاً يكذبه فيه الظاهر فإنه لا يقبل فيه قوله ولو أراد أن يقيم على ذلك بينة لا تقبل بينته أيضاً ( ذكره ابن بلبان الفارسي في شرح تلخيص الجامع الكبير للخلاطي ونقله عنه في تنقيح الفتاوى الحامدية أوائل باب الوصي ) وبدليل ما نصوا عليه في باب دعوى الرجلين من أنه لو ادعى رجل دابة في يد آخر وذكر أنها ملكه ومنتوجه عنده وأقام بينة شهدت بذلك وأرخت النتاج بتاريخ تنافيه سن الدابة وتكذبه ترد الشهادة وتترك الدابة في يد من هي في يده ولو تنازع رجلان الدابة التي في يد ثالث وكل منهما يدعي ملكه لها ونتاجها عنده وأقام كل منهما بينة شهدت له بالملك والنتاج وأرخت البينتان النتاج بتاريخين مختلفين وكانت سن الدابة توافق جحد التاريخين دون الآخر يحكم بالدابة لمن وافقت سنها التاريخ الذي أحد بينته ( ر شرح الزيلعي للكنز وشروح الهداية ) وإن رد الشهادة حين مخالفة سن الدابة لما أرخته البينة لدليل على أنه لو بين المدعي في دعواه تاريخاً للنتاج وظهر مخالفة سن الدابة للتاريخ الذي ذكره ترد دعواه من أصلها ولا يكلف إقامة البينة ( ر ما سيأتي نقله عن الفتاوى البزازية في المادة الخامسة والستين الوصف في الحاضر لغو ) وبدليل ما نصوا عليه أيضاً من أنه لو أقر إنسان لمن كان مجهول النسب بأنه ابنه وكان لا يولد مثله لمثل المقر فإن الإقرار يبطل وذلك يفيد أن البينة أيضاً لا تقبل عليه بالأولى لأن الإقرار قد بطل مع أنهم صرحوا أن الإقرار أقوى من البينة حتى لو أقر الخصم بعد إقامة البينة فقضى الحاكم عليه يعتبر القضاء قضاءً بإقراره لا بالبينة ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الدعوى باب الاستحقاق ) إلا في سبع مسائل يقضى فيها بالبينة دون الإقرار مذكورة في رد المحتار آخر باب دعوى النسب سنذكر بعضها في الكلام على المادة التاسعة عشرة فظهر من ذلك أن قولهم إن البينات تقام لإثبات خلاف الظاهر إنما يراد به النوع الأول الذي يذكر بإزاء قسيم الأصل لا النوع الثاني الذي وصل في الظهور إلى درجة يطرح معها احتمال خلافه والحاصل أن ترجيح زعم أحد المتخاصمين على زعم الآخر في الابتداء يكون بشهادة الأصل والظاهر حتى يقوم دليل من المرجحات الثانوية على خلافه فإذا كان الأصل شاهداً لجهة والظاهر لجهة يرجح زعم من يشهد له الظاهر ثم إذا عارض الأصل أو الظاهر شيء من المرجحات الثانوية يقدم عليهما وهذا في النوع الأول من الظاهر أما النوع الثاني فإنه لا تقام بينة على خلافه لأن احتمال خلافه معدوم وهذا البيان والتفصيل الذي أتينا به يقرب المسائل من الأذهان ويسهل معرفة الوجوه والعلل وتطبيق الفروع على قواعدها بصورة معقولة إذا علمنا ذلك ظهر أن القول الراجح هو قول من يتمسك ببراءة ذمته لأنه يشهد له الأصل وهو عدم شغلها حتى يقوم دليل على خلافه .
------------------------------

القاعدة الثامنة ( المادة 9 ) :الأصل في الصفات العارضة العدم:
الشرح

الأصل في الصفات العارضة العدم كما أن الأصل في الصفات الأصلية الوجود ( ر الأشباه والنظائر ) حتى يقوم الدليل على خلافه الصفات بالنسبة إلى الوجود والعدم على قسمين الأول هو الصفات التي يكون وجودها في الشيء طارئاً وعارضاً بمعنى أن الشيء بطبيعته يكون خاليًا عنها غالباً وهذه تسمى الصفات العارضة ، والأصل فيها العدم ومثل هذه الصفات غيرها من الأمور التي توجد بعد العدم كسائر العقود والأفعال كما سيتضح من الأمثلة الآتية وهذا القسم وما ألحق به من العقود والأفعال هو موضوع هذه القاعدة .



الثاني هو الصفات التي يكون وجودها في الشيء مقارناً لوجوده فهو مشتمل عليها بطبيعته غالباً وهذه تسمى الصفات الأصلية والأصل فيها الوجود كبكارة الجارية وسلامة المبيع من العيوب والصحة في العقود بعد انعقادها ويلحق بالصفات الأصلية الصفات العارضة التي ثبت وجودها في وقت ما فإن الأصل فيها حينئذٍ البقاء بعد ثبوت وجودها ( ر ما تقدم في شرح المادة الخامسة وهو أيضاً معنى المادة العاشرة الآتية ) فلو اختلف العاقدان في سلامة المبيع من العيوب وعدم سلامته أو في صحة البيع مثلاً وفساده فالقول لمن يتمسك بسلامة المبيع وصحة العقد لأنه يشهد له الأصل بخلاف ما لو اختلف المتعاقدان في صحة البيع وبطلانه فإن القول قول من يتمسك بالبطلان لأن الباطل غير منعقد فهو ينكر وجود العقد والأصل عدمه ( ر الأشباه والنظائر من قاعدة الأصل العدم ومن كتاب البيوع )
----------------------------------
القاعدة التاسعة (المادة /10): ما ثبت بزمان يحكم ببقاءه مالم يقم الدليل علة خلافة
الشرح
ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يقم الدليل على خلافه لأنه إذا اعترض على الأصل دليل خلافه بطل ( ر ما قدمناه في شرح المادة الخامسة ) ولذلك كانت الشهادة بالملك المنقضي أي الماضي والإقرار به أيضاً مقبولين فإذا ثبت في زمان ملك شيء لأحد يحكم ببقاء الملك ما لم يوجد ما يزيله سواء كان ثبوت الملك الماضي بالبينة أو بإقرار المدعى عليه هذه المسألة على ثلاثة أوجه:

الأول : أن يدعي ملكاً خالياً عن الإسناد إلى الماضي بأن يقول إن العين التي بيد المدعى عليه هي ملكي ( سواء بين سبباً للملك أو لا ) ويشهد الشهود له بالملك في الماضي فيقولوا إنها كانت ملكه أي في صورة ما إذا أطلق المدعي الملك أو يقولوا إنها كانت ملكه بالسبب الذي ادعاه أي في صورة ما إذا بين المدعي سبباً للملك
الثاني : أن يدعي ملكاً ماضياً فيقول إنها كانت ملكي ويشهد الشهود بالملك المطلق كذلك وهو عكس الأول
الثالث: أن يدعي ملكاً ماضياً ويشهد الشهود بالماضي أيضاً ففي الصورة الأولى تصح الدعوى من المدعي وتقبل من الشهود فيحكم للمدعي بالملك لأنه لما ثبت ملكه في الزمن الماضي فالأصل أن يحكم ببقائه حيث لم يقم دليل على خلافه إلى أن يوجد ما يزيله كأن يقيم المدعى عليه بينة على الشراء منه مثلاً وأما في الصورتين الثانية والثالثة فإن دعوى المدعي غير صحيحة وشهادة الشهود المترتبة عليها غير مقبولة أيضاً لأن إسناد المدعي ملكه إلى الماضي يدل على نفي الملك في الحال إذ لا فائدة للمدعي في إسناده مع قيام ملكه في الحال بخلاف الشاهدين لو أسند ملكه إلى الماضي لأن إسنادهما لا يدل على النفي في الحال لأنهما قد لا يعرفان بقاءه إلا بالاستصحاب ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الشهادات باب الاختلاف في الشهادة وجامع الفصولين الفصل الحادي عشر ) هذا وفي الصورة الأولى المقبولة لو سأل القاضي الشاهدين هل تعلمان ملكه للحال لا يجبران على الجواب لكن لو أجاباه بقولهما لا نعلم قيام الملك للحال ترد شهادتهما لأنهما لما صرحا بجهلهما قيام الملك للحال لم يبق إمكان للحمل على أنهما يعرفان بقاء الملك بالاستصحاب فلم تعد شهادتهما صالحة لأن يحكم بها في ذلك ( ر المادة 1695 من المجلة ) ومثل الشهادة بملك العين في جميع الصور المتقدمة الشهادة بالدين فلو ادعى إنسان ديناً في ذمة حي أو ميت وأقام بينة شهدت له أنه كان له عليه هذا المبلغ المدعى به تقبل الشهادة ويحكم به ( ر المادة 1694 من المجلة ) تنبيه إن قبول الحاكم البينة وإلزام الخصم بما قامت عليه في الصورتين أعني فيما إذا شهدت الشهود أن العين كانت ملك المدعي أو شهدت انه كان له عليه كذا ـ إنما هو عمل بالاستصحاب وهو عمل بالظاهر والظاهر يصلح حجة للدفع لا للاستحقاق كما تقدم الكلام عليه في المادة الخامسة الأصل بقاء ما كان والحكم بهذه الشهادة حكم بالاستحقاق لا بالدفع فينبغي أن لا تقبل لكن نقل في جامع الفصولين في أوائل الفصل الحادي عشر هذا الإشكال عن صاحب القنية وأنه أجاب عنه بأن في رد مثل هذه البينات حرجاً فتقبل دفعاً للحرج انتهى موضحاً وقد نقل في معين الحكام في الباب الثامن عشر منه في القضاء بغلبة الظن عن القرافي المالكي ما لفظه اعلم أن قول العلماء إن الشهادة لا تجوز إلا بالعلم ليس على ظاهره فإن ظاهره يقتضي أنه لا يجوز أن يؤدي الشاهد إلا ما هو قاطع به وليس كذلك بل حالة الأداء دائماً عند الشاهد الظن الضعيف في كثير من الصور بل المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علماً فقط فلو شهد بقبض الدين جاز أن يكون الذي عليه الدين قد دفعه فتجوز الشهادة عليه بالاستصحاب الذي لا يفيد إلا الظن الضعيف وكذلك الثمن في البيع يشهد به مع احتمال دفعه ويشهد في الملك الموروث لوارثه مع جواز بيعه بعد أن ورثه ويشهد بالإجارة ولزوم الأجرة مع جواز الإقالة بعد ذلك بناء على الاستصحاب والمحقق في هذه الصور كلها وشبهها إنما هو الظن الضعيف ولا يكاد يوجد ما يبقى فيه العلم إلا القليل من الصور منها النسب والولاء فإنه لا يقبل النقل فيبقى العلم على حاله ومنها الوقف إذا حكم به حاكم أما إذا لم يحكم به حاكم فإن الشهادة إنما فيها الظن فقط فإذا شهد بأن هذه الدار وقف احتمل أن يكون حاكم حنفي حكم بنقضه انتهى وهو كلام وجيه جداً مؤيد لجواب صاحب القنية ( تنبيه ) الشهادة باليد المنقضية لا تقبل وعلى الملك المنقضي تقبل فلو ادعى أحد على آخر بأن العين التي في يد المدعى عليه كانت في يد المدعي حتى أخذها ذلك منه بلا حق فيطلب إعادتها إليه وأقام بينة شهدت بأنها كانت في يده لا تقبل حتى يشهدا أن المدعى عليه أخذها منه بلا حق فحينئذ يقضى بإعادتها إليه فقط لا بالملك وهذا يسمى قضاء ترك وإنما لم تقبل الشهادة باليد المنقضية كما قبلت على الملك المنقضي لأنها شهادة بمجهول والشهادة بالمجهول لا تقبل وذلك لأن أنواع وضع اليد كثيرة فقد تكون اليد يد ملك أو وديعة أو إجارة ويحتمل أيضاً أن العين كانت للمدعي فاشتراها المدعى عليه منه بخلاف الملك فإنه غير متنوع فلذلك كان الأصل أن الشهادة بالملك المنقضي مقبولة لا باليد المنقضية حتى لو ثبتت باليد المنقضية بإقرار الخصم أنها كانت في يد المدعي أو بالبينة على الإقرار فإنها تعتبر ويؤمر المدعى عليه بدفعها للمدعي على الوجه المتقدم لأن الإقرار لا تضره الجهالة ( ر تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار قبيل باب الشهادة على الشهادة والمادة 1579 من المجلة ) هذا كله فيما إذا كانت الشهادة باليد المنقضية لشخص حي أما إذا شهدا بيد شخص ميت فإنها تقبل مطلقاً وإن كانت غير منقضية لأنها إن كانت في الواقع يد ملك فالأمر ظاهر وإن كانت يد غير ملك فبموت من هي في يده مجهلاً أي من غير أن يبين أنها ليست له يملكها وتكون مضمونة لصاحبها في التركة ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار من المحل المذكور .
-------------------------------
القاعدة العاشرة (المادة / 11 ) : الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته
الشرح
يعني أنه إذا وقع الاختلاف في زمن حدوث أمر فحينئذ ينسب إلى أقرب الأوقات إلى الحال ما لم تثبت نسبته إلى زمن بعيد فإذا ثبتت نسبته إلى الزمن البعيد يحكم بذلك وهذا إذا كان الحدوث متفقاً عليه وإنما وقع الاختلاف في تاريخ حدوثه كما يفيده قولهم في المادة المذكورة يعني أنه إذا وقع الاختلاف في زمن حدوث أمر أما إذا كان الحدوث غير متفق عليه بأن كان الاختلاف في أصل حدوث الشيء وقدمه كما لو كان في ملك أحدٍ مسيل لآخر ووقع بينهما اختلاف في الحدوث والقدم فادعى صاحب الدار حدوثه وطلب رفعه وادعى صاحب المسيل قدمه فإن القول لمدعي القدم والبينة لمدعي الحدوث حتى إذا أقام كل منهما بينته رجحت بينة مدعي الحدوث وهو صاحب الدار ( ر المادة 1768 من المجلة ومرآة المجلة نقلاً عن القنية )

وذلك لأن بينته تثبت ولاية النقض فكانت أولى أما مدعي القدم فهو منكر متمسك بالأصل ( ر تنقيح الفتاوى الحامدية ) ثم إن الوجه في كون الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته هو أن الخصمين لما اتفقا على حدوثه وادعى أحدهما حدوثه في وقت وادعى الآخر حدوثه قبل ذلك الوقت فقد اتفقا على أنه كان موجوداً في الوقت الأقرب وانفرد أحدهما بدعوى أنه كان موجوداً قبل ذلك والآخر ينكر دعواه والقول للمنكر إن اعتبار هذه القاعدة مقيد بأن لا يؤدي إلى نقض ما هو ثابت مقرر
فقد نقل علي حيدر أفندي في شرحه عن الفتاوى الولوالجية في كتاب الدعوى ما نصه الأصل في الحوادث أن يحكم بحدوثها لأقرب ما ظهر إذا لم يتضمن الحكم بحدوثها للحال نقض ما هو ثابت لأن الحكم بحدوثها لأقرب ما ظهر ثابت باستصحاب الحال لا بدليل أوجب الحدوث للحال والثابت باستصحاب الحال لا يصلح لنقض ما هو ثابت ونظير هذا ما نقله في رد المحتار من باب المهر عن الرحمتي عن قاضيخان عند قول المتن وهذا إذا لم تسلم نفسها إن الظاهر لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتاً وستتضح فائدة هذا القيد من مستثنيات هذه القاعدة التي سنذكرها لأن معظم تلك المستثنيات إنما خرجت عن هذه القاعدة لأن تطبيقها عليها يستلزم نقض ما هو ثابت متقرر.
-------------------------
القاعدة الحادية عشر : الأصل في الكلام الحقيقة
الأصل في الكلام الحقيقة والمجاز فرع فيه وخلف عنها ولكونها أصلاً قدمت على المجاز وكان العمل بها أولى من العمل به ما لم يوجد مرجح له فيصار إليه الحقيقة في اللغة من حق الشيء إذا ثبت وهي فعيلة بمعنى فاعلة وهي في الاصطلاح الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب كاستعمال لفظة القتل مثلاً في إزهاق الروح فإنه حقيقة لاستعماله في المعنى الوضعي له وكاستعمال لفظ الوصية مثلاً عند أهل الشرع في التمليك المضاف لما بعد الموت فإنه حقيقة أيضاً بالنسبة لاصطلاحهم وتخاطبهم والمجاز هو استعمال الكلمة في غير ما وضعت له لقرينة ( ر تعريفات السيد ) وذلك كاستعمال لفظة القتل المذكورة في الإيلام واستعمال لفظة الوصية عند أهل الشرع في العهد الذي هو معناه اللغوي فإن كلاً منهما مجاز لاستعمال الأول في غير ما وضع له لغة واستعمال الثاني في غير ما وضع له اصطلاحاً المراد بهذه القاعدة أنه إذا كان للفظ معنيان متساوٍ استعمالها معنى حقيقي ومعنى مجازي وورد مجرداً عن مرجح يرجح أحد المعنيين على الآخر وذلك كلفظة النكاح فإنها حقيقة في الوطء مجاز في العقد وقد تساوى استعمالهما فيهما فإذا جاء مجردا عن مرجح يرجح أحد المعنيين على الآخر كما في قوله تعالى 2 ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء 2 ترجحت الحقيقة لأنها الأصل ولم يوجد صارف عنها إلى المجاز فتكون حرمة موطوءة الأب ثابتة بالنص وأما حرمة من عقد عليها الأب عقداً صحيحاً ولم يدخل بها فثابتة بالإجماع .

وإذا قدمت الحقيقة على المجاز عند تساويهما في الاستعمال كان تقديمها حين تكون هي أكثر استعمالاً بالأولى أما إذا وجد مرجح للمجاز فلا شك في تقديمه على الحقيقة كما في قول الأعشى :
فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا فإن المراد المعنى المجازي وهو العقد والقرينة فيه صدر البيت وقد تتحتم الحقيقة لاستحالة المعنى المجازي كما في قول الفرزدق :
إذا سقى الله قوماً صوب غادية فلا سقى الله أهل الكوفة المطراالتاركين على طهر نساءهم والناكحين بشطي دجلة البقرا وكما يصار إلى المجاز عند وجود مرجح له على الحقيقة يصار إليه أيضاً عند تعذر الحقيقة أو تعسرها أو معارضة العرف والعادة لها أما تعذرها فإنه يكون إما باستحالتها لعدم وجود فرد لها في الخارج كما لو وقف على أولاده وليس له إلا أحفاد فإنه يصرف إليهم لأنهم أولاده مجازاً فإذا ولد له ولد صلبي يصرف إليه تقديماً للحقيقة وإما بكونها غير جائزة شرعاً كالوكالة بالخصومة فإنها بالمعنى الحقيقي غير جائزة شرعاً لأن معناها الحقيقي هو المنازعة والمنازعة منهي عنها قال سبحانه 2 ولا تنازعوا 2 ) فتحمل على المعنى المجازي لها وهو إعطاء الجوابوأما تعسرها فإنه يكون بعدم حصولها إلا بمشقة كما سيأتي توضيحه في الكلام على المادة 61 وأما مخالفة العرف والعادة لها فسيأتي في الكلام على المادة الموفية أربعين وأما إذا كان المعنى المجازي أكثر استعمالاً من المعنى الحقيقي فالعمل بالمجاز على وجه عام يجعل الحقيقة فرداً من أفراده أولى عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ترجيحاً بكثرة الاستعمال وهذا هو الذي يريدونه من لفظة ( عموم المجاز ) وعند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه العمل بالحقيقة والحالة هذه أولى أيضاً لأنها الأصل فما دامت مستعملة لا يعدل عنها وإن قل استعمالها وذلك كما لو حلف بطلاق امرأته على أن لا يأكل من هذه الحنطة أو على أن لا يأكل من هذه الغنم وكانت مقتناة للدر والنسل فإن المعنى الحقيقي وهو الأكل من عين الحنطة أو الغنم مستعمل ولكن المعنى المجازي وهو الأكل مما يخرج منهما أكثر استعمالاً فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق على الحالف إلا بالأكل من عينها لأنه المعنى الحقيقي وعندهما يقع عليه بالأكل من عينهما وبالأكل مما يخرج منهما وذلك بأن يراد بما يقع عليه الأكل منهما معنى أعم تكون الحقيقة فرداً من جملة أفراده كأن يراد لا يوقع فعل الأكل على شيء حاصل من هذه العين مثلا .
---------------------------------------
القاعدة الثانية عشر : لاعبرة بالدلالة في مقابلة التصريح:
الشرح

لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح لأنها دونه في الإفادة وهو فوقها والدلالة بفتح الدال في المعقولات وبكسرها في المحسوسات وهي كون الشيء بحال يفيد الغير علماً وتكون لفظية وغير لفظية وكل منهما ثلاثة أقسام وضعية وعقلية وطبيعية فاللفظية الوضعية كدلالة الألفاظ على ما وضعت له واللفظية
العقلية كدلالة اللفظ على وجود اللافظ واللفظية الطبيعية كدلالة ( أح ) على وجع الصدر و ( أخ ) على مطلق الوجع وغير اللفظية الوضعية كدلالة الدوال الأربع على مدلولاتها وغير اللفظية العقلية كدلالة المصنوعات على وجود الصانع وغير اللفظية الطبيعية كدلالة الحمرة على الخجل والصفرة على
الوجل والظاهر أن الدلالة الوضعية اللفظية والدلالة العقلية بقسميها اللفظي وغيره غير مرادتين في القاعدة المذكورة لأن اللفظية الوضعية هي التصريح الذي تلغى الدلالة بمقابله ولأن العقلية بقسميها إذا لم نقل إنها فوق التصريح فليست دونه فيبقى المراد حينئذ بالقاعدة المذكورة دلالات ثلاثاً

وهي اللفظية الطبيعية وغير اللفظية الوضعية وغير اللفظية الطبيعية فالأولى كما إذا قبل التهنئة بعد تزويج الفضولي له كان ذلك إجازة منه للعقد طبعاً ولكن إذا كان وقع رده قبل ذلك صريحاً ارتد والثانية مثل المحاريب والأعلام والأميال والحفر والأغلاق والستور التي تتخذ وتنصب بإزاء ملك الغير من أرض أو بستان أو حانوت لتدل على الإذن بالدخول أو على عدمه فإنها تعتبر ويعتمد عليها ولكن إذا وجد التصريح بخلافها تلغى تلك الدلالة والثالثة مثل دلالة ضحك البكر بلا استهزاء عندما بلغها خبر تزويج الولي فإنه يعتبر إجازة لكن إذا وجد قبله أو معه تصريح بالرد تلغى تلك الدلالة.
----------------------------------

القاعدة الثالثة عشر : لامساغ للاجتهاد في مورد النّص:
لا مساغ للاجتهاد في مورد النص لأن الحكم الشرعي حاصل بالنص فلا حاجة لبذل الوسع في تحصيله ولأن الاجتهاد ظني والحكم الحاصل به حاصل بظني بخلاف الحاصل بالنص فإنه يقيني ولا يترك اليقيني للظني المراد بالنص الذي لا مساغ للاجتهاد معه هو المفسر المحكم وإلا فغيرهما من الظاهر والنص لا يخلو عن احتمال التأويل وبيان ذلك أن أقسام الدليل اللفظي بحسب الإفضاء إلى الأحكام أربعة
- ظاهر: وهو ما ظهر المراد منه بصيغته مع احتمال التأويل
- ونص وهو ما ازداد وضوحاً على الظاهر بمعنى سيق له الكلام لأجله لا من نفس الصيغة مع احتمال التأويل أيضاً .

- ومفسر وهو ما ازداد وضوحاً على النص على وجه لا يبقى معه احتمال التأويل .

- ومحكم وهو ما أحكم المراد منه من غير احتمال تأويل ولا نسخ فحيث كان الأولان لا يخلوان عن احتمال التأويل يكون مساغ للاجتهاد موجود معهما .
المراد بالنص ها هنا الكتاب والسنة المشهورة والإجماع فلا يجوز الاجتهاد في مقابلة المفسر والمحكم منها فبطل القول بحل المطلقة ثلاثاً للأول بمجرد عقد الثاني عليها بلا وطء والقول بحل نكاح المتعة والقول بسقوط الدين بمضي سنين بلا مطالبة والقول بالقصاص بتعيين الولي واحداً من أهل المحلة وحلف أيماناً على أنه هو القاتل وبطل القول بأن لا دخل للنساء في العفو عن دم العمد والقول ببطلان إقرار المرأة وبطلان وصيتها بغير رضاء زوجها لعدم استنادها إلى دليل معتبر ولمخالفتها للنصوص الشرعية التي لا تحتمل التأويل ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب القضاء ومعين الحكام من فصل فيما لا ينعقد من أحكام القاضي ) ومثل لفظ الكتاب والسنة لفظ شرط الواقف ولفظ الموصي فإنهما كنص الشارع في المفهوم والدلالة ووجوب العمل به ( ر التنقيح ) ما لم يكن فيه تغيير لحكم الشرع فلو كان كما لو شرط أن المتولي أو الوصي لا يحاسب فإن شرطه لا يراعى ( ر الدر المختار وغيره من كتاب الوقف ) ( تنبيه ) قولهم لا مساغ للاجتهاد في مورد النص لا فائدة لوضعه هنا فيما يتبادر لأن باب الاجتهاد مسدود الآن في وجه من يتصدى لدخوله مطلقاً سواء كان في مورد نص لا يسوغ الاجتهاد فيه أولا ففي الخلاصة من آخر فصل الحبس ليس أحد من أهل الاجتهاد في زماننا ويحتمل أن يكون المقصود من وضع هذه القاعدة المذكورة الإيماء للمفتين والقضاة بأن يقفوا عند حدهم ويقصروا أنظارهم أن تتطلع وأعناقهم أن تمتد إلى مجاوزة ما فوض إليهم من الاجتهاد في ترجيح إحدى روايتين متساويتين أو أحد قولين متعادلين يختلف الترجيح فيهما بحسب الحوادث والأشخاص إلى ما لم يفوض إليهم وذلك مثل ما قالوا في الزوج إذا أوفى زوجته معجل مهرها فهل له أن يسافر بها أو لا فظاهر الرواية أن له ذلك وقال أبو القاسم الصفار وأبو الليث ليس له ذلك لفساد الزمان وسوء حال الأزواج واختار بعضهم تفويض ذلك للمفتي فمتى علم من حاله الإضرار بها أفتاه بعدم الجواز ومتى علم منه غير ذلك أفتاه بالجواز وقد نصوا في مثل هذا على أن المفتي لا بد له من نوع اجتهاد وأنه يفتي بما وقع عنده من المصلحة وكما قالوا في حق سقوط نفقة الزوجة بالطلاق البائن إذا كانت غير مستدانة بأمر القاضي أن القاضي ينظر في حال الزوج فإن كان طلقها بائناً توصلاً لإسقاط النفقة المتراكمة عن نفسه رد قصده عليه وحكم عليه بعدم سقوطها عنه وإن كان أبانها لا لهذا حكم بسقوطها ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار من النفقة ) وكما فوض إليه الاجتهاد في تقدير حبس المديون مدة يغلب على ظنه أنه لو كان له مال لأظهره وفوضوا إليه الاجتهاد في تقدير تعزير المذنب بحسب ما يراه كافياً لزجره من حبس أو ضرب أو تعبيس في وجهه وفوضوا إليه النظر والاجتهاد في بيع الأب والوصي عقار الصغير فإن رأى أن نقضه أصلح للصغير وأنفع فله نقضه ( ر فيض المستفيض في مسائل التفويض للغزي ) وقد فوضوا أيضاً للحاكم تحليف الشهود إذ رأى ذلك لفساد الزمان كما سيأتي في الكلام على المادة 39 لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان نقلاً عن معين الحكام فيحتمل أنهم أرادوا بوضع هذه القاعدة هنا إيقاف اجتهادهم وقصره على مثل هذا وأما فيما عداه مما لم يفوض إليهم وقد وقع فيه الخلاف فلا مساغ لاجتهادهم فيه بل الترجيح فيه تابع لترجيح المرجحين من علماء المذهب على حسب ما هو مبسوط في رسم المفتي فليس للمفتي ولا للقاضي مخالفة ما رجحوه باجتهاد منه ولو فعل لا يقبل منه لأنه اجتهاد في مورد النص والنص لا مساغ للاجتهاد في مورده وإذا صح ما ذكرناه يكون المراد بالنص ها هنا هو المنقول في كتب المذهب لا ما سبق.
-----------------------------
القاعدة الرابعة عشرة ( المادة / 15 ) : ماثبت على خلاف القياس فغيرة لايقاس عليه:

الشرح
ما ثبت من الأحكام بالنص الوارد على خلاف القياس فغيره لا يقاس عليه القياس جعل الحكم في المقيس مثل الحكم في المقيس عليه بعلة واحدة فيهما وهو حجة عند الفقهاء والمتكلمين بقوله سبحانه وتعالى 2 فاعتبروا يا أولي الأبصار 2 لأن الاعتبار هو النظر في الثابت لأي معنى ثبت وإلحاق نظيره به وهو القياس بعينه



وشرط الاستدلال بالقياس عدم وجود النص في المقيس لأن القياس إنما يصار إليه ضرورة خلو الفرع عن حكم ثبت له بطريق التنصيص فإذا وجد التنصيص على الحكم فلا قياس والاستدلال في بعض المسائل بالنص والقياس معاً إنما هو لأجل أن الخصم إن طعن في النص بأنه منسوخ أو غير متواتر أو غير مشهور أو مؤول يبقى القياس سالماً لا مطعن فيه لا لأنه دليل على تقدير سلامة النص من الطعن وليس القياس عملاً بالظن كما يقول البعض بل هو عمل بغالب الظن وأكبر الرأي والعمل بغالب الظن واجب وإن بقي معه ضرب احتمال والمماثلة بين المقيس والمقيس عليه من جميع الوجوه غير واجبة لصحة القياس بل الواجب المماثلة في علة الحكم فقط .
--------------------------------------------------
القاعدة الخامسة عشرة ( المادة / 16 ) : الأجتهاد لاينقض بمثله:
الشرح
الاجتهاد لا ينقض بمثله إجماعاً أي في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد لأنه لو نقض الأول بالثاني لجاز أن ينقض الثاني بثالث لأنه ما من اجتهاد إلا ويجوز أن يتغير وذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار
وهذا في حق الماضي فلو كان قضى قاض في حادثة باجتهاده ثم تبدل اجتهاده فرفع إليه نظيرها فقضى فيها باجتهاده الثاني لا ينقض الأول كما في الأشباه والنظائر لقول عمر رضي الله عنه حين قضى في حادثة بخلاف ما قضى في نظيرها قبلاً تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي ( ر شرح السراجية للسيد ) وكذلك لو كان بين قاضيين بأن قضى شافعي مثلاً في حادثة مجتهد فيها بمذهبه ثم رفعت لآخر حنفي مثلاً يرى فيها غير ذلك لا يجوز له نقض قضاء الأول بل يجب عليه تنفيذه ويحكم في غيرها بما يراه وهذا أي عدم جواز مخالفة قضاء القاضي السابق فيما هو محل النزاع الذي ورد عليه القضاء



أما فيما هو من توابعه فلا يتقيد بمذهب الأول فلو قضى شافعي بالبيع في عقار فللقاضي الحنفي أن يقضي فيه بالشفعة للجار وإن كان القاضي الأول لا يراها وكذلك لو حكم قاضٍ بصحة الوقف لا يكون حكماً بالشروط فلو وقع التنازع في شيء من الشروط عند من يخالف فيها فله أن يحكم فيها بمذهبه لأن ذلك ليس محل النزاع لدى القاضي الأول كما لو حكم بالوقف ثم وقع التنازع في رجوع الشرط المتأخر للجملة المتقدمة مثلاً كما هو مذهب الحنفية أو للأخيرة كما هو مذهب الشافعي فإنه يقضي القاضي الحنفي بمذهبه ( ر الأشباه والنظائر لابن نجيم ) وكذلك لو كان مقلد المجتهد في عمل فاستفتي فأفتى فيها بمذهب مجتهد آخر يخالف اجتهاد المجتهد الأول لا ينقض عمله السابق أما في حق المستقبل فلا يتقيد باجتهاده واستفتائه السابق أصلاً ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب الطلاق من باب تعليق الطلاق ) ( تنبيه )
ما ذكر هو في القاضي المجتهد أما المقلد الذي تقلد القضاء مقيداً بمذهب معين فإنه يتقيد به فلو حكم بخلافه ينقض وإن وافق أصلاً مجتهداً فيه ( ر الدر المختار وحاشيته رد المحتار كتاب القضاء من فصل الحبس )
ولذا لو أخطأ في تطبيق الحادثة على الحكم الشرعي ثم ظهر أن النقل الشرعي بخلافه فإن حكمه ينقض ( ر المادة 1838 من المجلة ) ( تنبيه آخر ) القاضي إذا قضى بالجور ثم ظهر الحق فإن كان قضى خطأ فإما أن يكون التدارك ممكناً أولاً فإن أمكن كما إذا قضى بمال أو طلاق ثم ظهر أن الشهود محدودون في قذف مثلاً بطل القضاء وعادت المرأة إلى زوجها ورد المال إلى من أخذ منه وإن لم يمكن التدارك كالقصاص إذا نفذ لا يقتل المقضي له بل تجب الدية في ماله هذا إذا ظهر خطؤه بالبينة أو بإقرار المقضي له فلو بإقرار القاضي
لا يظهر في حق المقضي له حتى لا يبطل القضاء في حقه كل ذلك في حق العبد أما في حق المولى سبحانه وتعالى كحد الزنى والسرقة والشرب إذا نفذ ثم ظهر خطؤه فالضمان في بيت المال وإن كان قضى بالجور عمداً وأقر به فالضمان في ماله في الوجوه كلها ويعذر ويعزل عن القضاء ( ر رد المحتار كتاب القضاء من فصل الحبس