بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

20 نوفمبر 2010

احكام متعددة فى اموال الدولة
بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / رائد جعفر النبراوى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة ومصطفى محمد المدبولى ابو صافى والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين ( نواب رئيس مجلس الدولة )

فى يوم الاثنين الموافق 24/4/1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1890 لسنة 35 ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 23/2/1989 فى الدعوى رقم 904 لسنة 40ق والذى قضى "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبقبولها وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة جهاز المدعي للأرض موضوع الدعوى وألزمت هيئة الأوقاف المصروفات" وطلب الطاعنون في ختام تقرير طعنهم وللأسباب الواردة به أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم لمطعون فيه وفي موضوع الطعن الحكم بقبول شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 3/7/1995 وبجلسة 20/11/1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولي ) لنظرة بجلسة 7/1/1996 وبجلسة 3/3/1996 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الإطلاع علي الأوراق والمستندات وسماع الإيضاحات والمداولة .

من حيث أن الحكم المطعون فيه صدر 23/2/1989 وأقيم الطعن الماثل في 24/4/1989 مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولا شكلا .

ومن حيث أن عناصر النزاع الماثل تتحصل في انه بتاريخ 22/5/1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1011 لسنة 1984 أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة مختص المطعون ضده الأول في الطعن الماثل فقط وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة برد حيازته للعقار المبين الحدود والمعالم بعريضة دعواه بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة مع إلزام المدعي عليه المصروفات، وقال شرحا لدعواه أنه يمتلك قطعة أرض فضاء بشارع 538 رقم 17 بسيدى بشر قسم المنتزة مساحتها 241 متر محددة المعالم علي النحو المبين بالعريضة ومسجلة بأسمه برقم 952 في 26/2/1978 توثيق إسكندرية وبحوزها حيازة هادئة ومستقرة مستند إلى العقد المسجل بأسمه وإلى حيازة أسلافه بعقود مسجلة بدأت بالعقد المسجل برقم 1055 لسنة 47 توثيق الإسكندرية الموضح به أن الارض آلت إلى البائع بطريقة وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ 1905 وأضاف المدعي أنه نما إلى علمه أن هيئة الأوقاف وضعت لافته وأحاطت الأرض بأسلاك شائكة مدعية ملكيتها، فقام في ذات اليوم بانذار الهيئة طالبا رفع هذه اللافته باعتباره المالك الوحيد للأرض .

وبجلسة 16/3/1995 قضت المحكمة المذكورة بندب خبير لبيان تاريخ حيازة المدعي وسنده فيها وقدم الخبير المنتدب تقريره في الدعوى بأنه طبق عقد الملكية المشهر برقم 952 لسنة 1978 باسم المدعي ووجده ينطبق علي الأرض موضوع النزاع واشار تقرير الخبير أن المدعي مالك وحائز للأرض موضوع النزاع حيازة مستقرة وظاهرة منذ شرائه لها بالعقد سالف الذكر حتى نوفمبر سنة 1983 حين قامت هيئة الأوقاف بوضعه سلك شائك ولافته تفيد ملكيتها للارض، وعلم المدعي بهذا التصرف وكتب اعتراضا علي ذلك إلى مديرية الأوقاف في 17/11/1983 .

وبجلسة 15/2/1986 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الأدارى بالأسكندريه سنة 40 ق وأثناء تحضيرها بهيئة مفوضي الدولة قدم المدعي عريضة بتعديل طلباته أعلنت في 17/6/1986 اختصم فيها إلى جانب رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف كلا من محافظة الإسكندرية والمدعي الاشتراكي وردد ما جاء بعريضة الدعوى السابقة وانتهي إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرارين الصادرين من هيئة الأوقاف برقم 62 لسنة 83، 91 لسنة 83 المستندين إلى قرار المدعي الاشتراكي رقم 7 لسنة 83 وقرار محافظ الإسكندرية رقم 183 لسنة 1973 المعدل بالقرار رقم 205 سنة 83 فيما تضمنه من التعرض لحيازته مع ما يترتب علي ذلك من آثار وكانت هيئة قضايا الدولة قد دفعت بعدم قبول الدعوى علي سند من القول بأن المطعون ضده علم بقرار هيئة الأوقاف في 17/11/1983 ولم يرفع دعواه إلا في 2/5/1984 كما طلبت رفض الدعوى قولا منها أن الأرض موضوع النزاع من بين أرض وقف صفران الخيري في ضوء ما استبان للجنة التى شكلها المدعي العام الاشتراكي بالقرار رقم 7 لسنة 1983 الصادر في 22/1/1983 بشأن الأوقاف الخيرية المغتصبة وبتاريخ 23/2/1989 صدر الحكم المطعون فيه والذي قضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وقبولها وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة حيلزة المدعى للألرض موضوع الدعوى وقد شيد الحكم المطعون فيه قضاءه فيما يتعلق برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بأنه وإن كان القرار المطعون فيه صدر في 4/9/1983 إلا أن المدعي لم يعلن به و أنه لا يكفي لتحقق هذا العلم إقامة الجهة الإدارية سور شائك حول الارض موضوع النزاع أو وضع لافتة علي تلك المساحة التى هي كما بدا من ظاهر الأوراق للمحكمة أرض مسجلة باسم المدعي إذ أن كل ذلك لا يوفر العلم اليقينى الكافي بالقرار ولا يحسب الميعاد في حق ذوي الشأن إلا من تاريخ العلم اليقيني الشامل الذي يمكن صاحب الشأن أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة للقرار وأن يحدد علي مقتضى ذلك طريقة في الطعن فيه، وفي موضوع الدعوى ارتأى الحكم المطعون فيه أن استناد المدعي (المطعون ضده في الطعن الماثل) في حيازته للأرض موضوع النزاع كما بد من أوراق الدعوى إلى عقد مسجل هو مما تنفي معه حالة الغصب أو الاعتداء ولا يسوغ للدولة في هذه الحالة أن تتدخل بسلطتها العامة لإزالة وضع اليد وأن جهة الإدارة في هذه الحالة لا تكون في مناسبة وضع اعتداء أو إزالة غصب وإنما تكون في معرض انتزاع ما تدعيه هى من حق، وهو أمر غير جائز بحسب الأصل الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم نزاعهما للسلطة القضائية المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية .

ومن حيث أن تقرير الطعن يقوم علي سند من القول بأن المادة 970 مدني تنص علي أنه " لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للاشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني علي هذه الأموال بالتقادم واشار تقرير الطعن ان استعمال جهة الإدارة لسلطة إزالة التعدي إداريا ليس بالضرورة يكون قاصرا علي الملكية التى لا تكون محل نزاع، واشار تقرير الطعن أن ملكية هيئة الأوقاف لقطعة الأرض محل النزاع ثابتة بمقتضى حجة وقف جامع صفوان الخيري المؤرخة 19 ذي الحجة سنة 1906، ومن ثم خلص تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السبق بيانها .

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جري علي أن سلطة جهة الإدارة في إزالة التعدي علي أملاكها الخاصة الطريق الإدارى المخولة لها بمقتضى المادة 970 مدني منوطة بتوافر أسبابها من اعتداء ظاهر علي ملك الدولة أو محاولة غصبه، فإذا كان واضع اليد يستند فى وضع اليد إلى عقد مسجل بالملكية فلا يكون ثمة غصب أو إعتداء وقع علي ملك الدولة يسوغ لها استخدام سلطتها المنصوص عليها في المادة 970 مدني وعلي الجهة الإدارية إذا استبان لها حق ملكيتها علي هذه الأرض أن تلجأ إلى القضاء المختص للفصل فيما تدعيه دون أن يكون لها أن تنتزع ما تراه حقا لها بقرار منها .

ومن حيث أنه ولئن كانت أراضي الأوقاف التى تتولى هيئة الأوقاف إدارتها واستثمارها نيابة عن وزير الأوقاف باعتباره ناظرا للوقف تتمتع بالحماية المنصوص عليها في المادة 970 مدني إلا أن هذه الحماية ترد عليها ذات القيود التى ترد علي استخدام السلطة العامة لصلاحيتها النصوص عليها في المادة المذكورة بحيث يمتنع علي هيئة الأوقاف أن تزيل حيازة سندها عقد مسجل، بالطريق الإداري فأن هي فعلت ذلك كان قرارها معيبا واجب الإلغاء .

ومن حيث أن وقد نهج الحكم المطعون فيه النهج السابق فأنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون ويغدو الطعن الماثل لذلك علي غير سند صحيح من القانون خليقا بالرفض .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه والزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/سعيد أحمد محمد حسين برغش وسامى أحمد محمد الصياغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة

فى يوم الاثنين الموافق 24/3/1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبا قانونيا عن الطاعنين- قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا- تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2710 لسنة 43 ق ع- فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية بجلسة 27/1/1997 فى الدعوى رقم 141 لسنة 1 ق- والذى قضى فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير النقل وبإخراجه من الدعوى بلا مصاريف، وبقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات

وطلب الطاعنون- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.

وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.

وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/10/1999، وبجلسة 7/2/2000قررت إحالته إلى هذه المحكمة فتداولته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/4/2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى إجراءاته الشكلية المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبولا شكلا.

ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق- فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 985 لسنة 3 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى ببورسعيد بتاريخ 28/4/1994، وأحيلت إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية تنفيذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 167 لسنة 1955، وقيدت برقم 141 لسنة 1ق، وطلب فى ختامها: الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 50 لسنة 1994 فيما تضمنه من إزالة التعدى على أملاك الهيئة القومية لسكك حديد مصر بمسطح مقداره (74.75 مترا مربعا) عبارة عن منزل بناحية عزبة الغطوس بالقنطرة شرق.

وقيل شرحا للدعوى أن المنزل المطلوب إزالته بنى على قطعة أرض ضمن مساحة أكبر آلت إلى والد المدعى بالتنازل من المواطن عبد النبى أحمد عبد العال، والأرض مملوكة لهيئة السكك الحديدية، وأن والده حل محل المواطن المذكور فى مواجهة الهيئة وقام بسداد رسوم الاشتغال ويحوز هو أولاده الأرض حيازة هادئة ومستقرة منذ عام 1985، وأضاف المدعى أن هناك منازل أخرى لجيرانه مخالفة لشروط وضع اليد ومع ذلك لم تصدر بشأنها قرارات إزالة- الأمر الذى يكشف عن أن القرار المطعون فيه لم يستهدف تحقيق المصلحة العامة وبذلك يكون مخالفا للقانون.

وبجلسة 27/1/1997 صدر الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المنوه عنه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن وضع يد المدعى له ما يبرره من حلول والده محل المواطن المذكور فى علاقته بهيئة سكك حديد مصر، وسداده رسوم الأشغال للهيئة، وصدور حكم استثنائى بجلسة 26/11/1996 ببراءة المدعى من جنحة التعدى على أملاك الدولة- الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لأن إزالة المنزل ستؤدى إلى نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى تشريده وأسرته.

ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الأرض المقام عليها المنزل من أملاك الهيئة القومية لسكك حديد مصر، واقتضاء المقابل المادى أو رسم الأشغال هو إجراء متبع للحفاظ على حق الهيئة دون أن ينطوى ذلك على إقرار التعدى أو تصحيح وضع اليد القائم على الغصب، ولا ينطوى على إنشاء علاقة عقدية مع المتعدى طبقا لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن.

ومن حيث أن المادة (970) من القانون المدنى تنص على أنه ".......... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية، أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم.

ولا يجوز التعدى على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفى حالة حصول التعدى يكون للوزير المختص حق إزالته إداريا.

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة سلطة جهة الإدارة فى إزالة التعدى على أملاكها بالطريق الإدارى المخول لها بمقتضى المادة (970) من القانون المدنى أن يتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على أملاك الدولة أو محاولة غصبها، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد التعدى الواقع من واضع اليد من أى سند قانونى يبرر وضع يده، أما إذا استند واضع اليد إلى ما يفيد وجود حق له على ملك الدولة فإن ذلك ينفى حالة الغصب أو التعدى، فالمقصود بالتعدى هو العدوان المادى على أموال الدولة الذى يتجرد من أى أساس قانونى.

ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن سند وضع يد المطعون ضده هو أيلولة قطعة أرض زراعية مملوكة لهيئة سكك حديد مصر- وذلك بمقتضى التنازل الذى تم من المواطن عبد النبى أحمد عبد العال- إلى والد المطعون ضده، واستمر وضع اليد على هذه الأرض بوصفها أرضا زراعية نظير مقابل انتفاع، ومن ثم تكون إقامة منزل على هذه الأرض تعديا يستوجب الإزالة، ولا ينال من ذلك التحدى بسداد مقابل الانتفاع عن تلك الأرض- لأن قيام الإدارة باقتضاء هذا المقابل هو إجراء متبع للحفاظ على حقوق الدولة المالية ولا يؤدى إلى إنشاء علاقة ايجارية مع المعتدى، ولا يحول دون إزالة التعدى عليها.

ومن حيث أنه عما جاء بدفاع المطعون ضده من أن تقرير الخبير المنتدب فى الجنحة رقم 605 لسنة 1994 انتهى إلى عدم وجود أية تعديلات على أرض النزاع- فهذا الدفاع مردود بما ثبت من الإيصال رقم 95355 المؤرخ 15/1/2000 المودع حافظة مستندات المطعون ضده بجلسة 16/1/2000- من أن مقابل الانتفاع عن اشغال أرض زراعية، وما جاء بأقوال والد المطعون ضده فى محضر الشرطة المؤرخ 19/10/1993 من أن هذه الأرض ملك هيئة السكك الحديدية وأنه يقوم بزراعتها بالأشجار المثمرة- الأمر الذى تستظهر معه المحكمة تحقق التعدى المبرر لقرار الإزالة وهو إقامة منزل على أرض رخص بالانتفاع بها لغرض الزراعة.

ومن حيث أن بناء على ما تقدم يكون ركن الجدية منتفعا ويتعين الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء.

ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضده المصروفات
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : د. أحمد مدحت حسن وأبو بكر محمد رضوان وغبريال جاد عبد الملاك وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة .

فى يوم السبت الموافق 21/1/1989 أودع الاستاذ/ ………. المحامى - بصفته وكيلا عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة تقريرى طعن قيدا بجدولها برقم 461، 462 لسنة35 ق، فى الحكمين الصادرين من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 23/11/1988 فى الدعويين رقمى 126، 127 لسنة 29 ق المقامتين من النيابة الإدارية ضد الطاعن، والقاضى كل منهما بمجازاته بعقوبة :اللوم.

وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقريرى الطعن - الحكم بإلغاء الحكمين المطعون فيهما، وبراءته مما نسب إليه.

وقد تم إعلان تقريرى الطعن إلى النيابة الإدارية بتاريخ 24/1/1989.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرين بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيهما الحكم بقبولهما شكلا ورفضهما موضوعا. وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/5/1993، وتم التأجيل لجلسة 9/6/1993، وفيها تقرر ضم الطعن رقم 462 لسنة35 ق إلى الطعن رقم 461 لسنة35 ق ليصدر فيهما حكم واحد، كما قدمت النيابة الإدارية مذكرتين طلبت فيهما رفض الطعنين وبجلسة 14/7/1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا " الدائرة الرابعة " وحددت لنظرهما جلسة 28/8/1993.

وقد تم نظر الطعنين بالجلسة المحددة، وتدوولا بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدم الحاضر عن الطاعن حافظة طويت على مستند واحد، وبجلسة 23/10/1993، قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 4/12/1993 مع مذكرات في ثلإثة أسابيع .

وفى هذا الأجل قدم الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته.

وقد صدر الحكم بجلسة اليوم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .

من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 23/11/1988، وأن تقريرى الطعن فيه المقيدين برقمي 461، 462 لسنة 35 ق - قد أودعا قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/1/1989 فمن ثم يكون الطعنان قد قدما بمراعاة المواعيد القانونية المقررة.

ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا - فضلا عما تقدم - بقية أوضاعهما الشكلية، فمن ثم يتعين قبولهما شكلا.

ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 461 لسنة35 ق - فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أن النيابة الإدارية كانت قد أقامت الدعوى رقم 126 لسنة 29 ق بايدا ع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، منطوية على تقرير باتهام الطاعن أنه خلال شهر نوفمبر 1986 بدائرة وزارة الزراعة، بوصفة وكيل أول وزارة الزراعة، لم يؤد عمله بدقة، وخالف الأحكام المالية، وخرج على مقتضى الواجب بأن أمر بتخصيص وتأجير بعضى أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية بالمخالفة للقرار الوزارى الصادر بتخصيصها لقطاع التنمية الزراعية لتنفيذ المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية .

وطلبت النيابة الإدارية محاكمة الطاعن طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام .

وبجلسة 23/11/1988 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما ثبت لها من أن الطاعن قد أجر بالفعل جزءا من أراضى طرح النهر والجزر بالقاهرة والمخصصة لإقامة المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية باعتبارهم من واضعى اليد عليها، على الرغم من علمه بأن الأراضى المؤجرة قى حيازة قطاع التنمية الزراعية الذى يرأسه، وعلمه أيضا بأنه سبق تطهير تلك الأراضى من التعديات عليها، كما أن الطاعن لم ينكر وقائع التأجير مبرراً إياها بأنها كانت بناء على تعليمات شفهية من وزير الزراعة.

ونعى تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون على أساس ان المحكمة قد أدانت الطاعن بفهم خاطئ لمستهدف المشروع القومى للصوب وإجراءات تشغيله، إذ المشروع لا يستهدف أن يحتفظ قطاع التنمية الزراعية بأرض المشروع لنفسه،وإن ما قام به الطاعن من إجراءات تأجير بعض تلك الأراضى لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية من خريجى كلية الزراعة باعتبارهم روادا لشباب الخريجين لا يمثل مخالفة لأهداف المشروع ولا ضوابط توزيعه، وأن التوزيع لم يتم على أساس وضع اليد وأن ما دون بأستمارات هؤلاء العاملين من أنهم واضعو يد، ليس إلا اتباعا للمألوف من الأمر فى استئجار أراضى الدولة وتملكها، وأن ما قام به الطاعن قد تم بتكليف شفهى من الوزير واستجابة لتعليماته لأغراض حزبية، هذا فضلا عن أن ما قام به الطاعن بشأن التأجير للعاملين بقطاع التنمية الإدارية كان رهينا بتركهم الوظيفة، وأنه لم ينشىء لهم حقا، إذ لم تترتب أية اثار لما قام به عند عدول الوزارة عن القيام بالمشروع .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق –وبغير منازعة من الطاعن- أنه قد وافق بالفعل على تأجير بعض أراضى طرح النهر بمحافظتى القاهرة والجيزة والمخصصة لتنفيذ المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية. وأنه ثابت فى استمارات طلب التخصيص والتأجير المقدمة منهم أن سند طلبهم هو وضع يدهم على تلك الأراضى .

ومن حيث إن الطاعن لم ينكر قيامه بالتأجير لمن قام بالتأجير لهم من العاملين بقطاع التنمية الزراعية باعتبارهم أولى وباعتبارهم روادا فى مجال الزراعة، كما أن ذلك قد تم بموافقة شفهية من وزير الزراعة وبعد استشارة المستشار/ …………… المستشار القانونى لوزير الزراعة.

ومن حيث إنه بتاريخ 11/1/1986 صدر قرار وزير الزراعة رقم 155 لسنة 1986 ونص فى مادته الأولى على إزالة التعديات الواقعة على أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة كما نص فى مادته الثانية على أن تخصص هذه الأراضى للمشروع القومى لإقامة صوب بلاستيك لإنتاج الخضر والفاكهة ونباتات الزينة الذى يقيمه قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة، ويستثنى من هذا التخصيص المساحات المؤجرة من من هذه الأراضى المخصصة لإقامة مشاتل الزينة بموافقة الوزير.

ومفاد هذا النص إنه اعتبارا من 11/2/1986 تعتبر أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة ضمن الحيازة القانونية لقطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة ومخصصة لإقامة صوب للزراعة المحمية، وذلك فيما عدا الأراضى المؤجرة لإقامة مشاتل الزينة بموافقة وزير الزراعة .

ومن حيث إنه بتاريخ 13/8/1986 صدر قرار وزير الزراعة رقم 759 لسنة 1986 متضمنا تحديد مساحة أراضى طرح النهر الواقعة بمنطقتى أثر النبى ودار السلام على كورنيش النيل بالمعادى مع تخصيصها لإقامة صوب عليها، وإزالة التعديات الواقعة عليها .

ومن حيث إن قرار وزير الزراعة رقم 646 لسنة 1986 بتاريخ 13/7/1986 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها قد نص فى مادته الاولى - ثالثا- على أن " تكون أولوية التأجير …………….. طبقا للترتيب الاتى : 1 - واضعو اليد على الأرض محل الإيجار بشرط أن يكونوا قائمين على زراعتها فعلا قبل طلب التأجير هم أو ورثتهم ، وذلك من واقع قوائم أو كشوف الحصر للمساحة السنوية 20- …………………. كما نصت الفقرة الرابعة على أن "- تعلن الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة عن الأراضى المعروضة للإيجار بطريق اللصق فى مقار مجالس المدن والقرى ومقار العمد والجمعيات التعاونية الزراعية الواقعة تلك الأراضى فى زمامها ، ويعلن واضعو اليد على تلك الأراضى بالطريق الإدارى..

ومفاد هذا النص أن بيع أملاك الدولة الخاصة يتم عن طريق الإعلان حتى بالنسبة لواضعى اليد ذوى الأولوية فى تأجير أراضى وضع يدهم وأنه ليست هناك وسيلة أخرى للتصرف فى أملاك الدولة الخاصة ومنها أراضى طرح النهر.

ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الطلبات المقدمة من بعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية لاستئجار بعض أراضى طرح النهر بناحية جزيرة الذهب بالجيزة وبناحية أثر النبى ودار السلام بالقاهرة، أنها تستند إلى وضع يدهم على تلك الأراضى، وأنه مؤشر عليها بالموافقة استنادا إلى استيفائهم لشروط القرار الوزارى رقم 646 لسنة1986، أى باعتبارهم واضعى يد، وأن غالبية هذه الطلبات مؤشر عليها بالموافقة خلال شهرى اكتوبر ونوفمبر سنة 1986 .

ومن حيث إنه متى كان الثابت أن بعض الأراضى التى وافق الطاعن على تأجيرها لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر سنة 1986 هى من الأراضى الصادر بتخصيصها لقطاع التنمية الزراعية لتنفيذ المشروع القومى للصوب قرار وزير الزراعة رقم 759 بتاريخ13/8/1986، فى تاريخ لم يكن قرار وزير الزراعة بالتخصيص قد جف مداده بعد، وهو وكيل أول الوزارة المشرف على قطاع التنمية الزراعية والذى يعلم - أو المفروض أنه يعلم - أن تلك الأراضى وضع يد القطاع الذى رأسه وليست وضع يد أولئك العاملين ممن وافق على التأجير لهم، فمن ثم فإن موافقة الطاعن على تأجير تلك الأراضى لمن تم التأجير لهم لا يمكن أن تتم إلا مجاملة ومحاباه لهؤلاء العاملين على حساب الصالح العام أو غفلة شديدة فى مجال اليقظة والحذر، وكلاهما يمثل ذنبا إداريا جسيما، يستوجب أخذ مرتكبه بجزاء رادع .

ولا يغنى الطاعن ما تذرع به دفاعا عن نفسه من أن ما تم قد تم بتوجيهات سيادة وزير الزراعة، إذ أنه على الرغم مما تشىء به ظروف الاحداث من أن الوزير كان عالما بالضرورة بما يتم، إلا أن ذلك لا يشفع فى دفع المسئولية عنه طالما لم يصدر الوزير قرارا بتعديل قراره الأول المتضمن قواعد الإيجار إذ كان أولى به أن يرعى الله فيما ناطه الله من أمانة رعاية أموال الشعب ، لا أن يرعى وزيره فيما يناط به من أمانة الحزب الوطنى.

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، فإنه لا تثريب على الحكم الطعين فيما قضى به من مجازاة الطاعن باللوم، ويكون طعنه الماثل قد استند إلى غير سند صحيح، ومن ثم يكون خليقاً بالرفض .

ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 462 لسنة35 ق، فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية كانت قد أقامت الدعوى رقم 127 لسنة 29، بايداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بتاريخ 4/7/1987، منطوية على تقرير باتهام الطاعن في بأنه خلال الفترة من 28/8/1986 حتى 16/11/1986 بدائرة وزارة الزراعة، وبوصفه رئيس قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة والمشرف العام على الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بدرجة وكيل أول وزارة ، لم يؤد العمل المنوط به بأمانة، ولم يحافظ على ممتلكات الجهة التى يعمل بها ، وخالف القانون واللوائح والتعليمات الصادرة إليه، وذلك بأن أصدر تعليماته إلى المختص بإدارة أملاك الجيزة بربط مساحات من أراضى طرح النهر بناحية دار السلام بدائرة قسم المعادى بأسماء كل من ……………. و ………. و…………… باعتبارهم واضعى اليد عليها خلافا للحقيقة والواقع كما وافق على الطلبات المقدمة من الأشخاص سالفى الذكر لتأجير المساحات التى تم ربطها في بأسمائهم - دون أن يكون مختصا بذلك - وبالمخالفة لقرارى وزير الزراعة رقمى155، 579 لسنة 1986 بتخصيص هذه المساحات لقطاع التنمية الزراعية لإقامة صوب بلاستيك عليها لإنتاج الخضر والفاكهة ونباتات الزينة

وطلبت النيابة الإدارية محاكمة الطاعن طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام .

وبجلسة 23/11/1988 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم . وأقامت المحكمة قضاءها على أساس صحة ما نسب للطاعن من واقع شهادة الشهود والتأشيرات الواردة على طلبات التأجير وصورة الاستمارة رقم 31 حصر أموال ناحية دار السلام لعام 1986.

ونعى تقرير الطعن على الحكم الطعين مخالفة القانون على أساس أن الحكم قد انتزع المخالفتين المنسوبتين للطاعن من أوراق وأقوال لا تؤدى إلى ثبوتها اذ أدان الطاعن بمخالفة إصدار تعليمات إلى المختص بإدارة أملاك الجيزة بربط مساحات من أراضى طرح النهر بناحية دار السلام بدائرة قسم المعادى بأسماء بعض الأشخاص باعتبارهم واضعى اليد. عليها خلافا للحقيقة على أساس شهادة كل من ……………و…………. وهما المسئولان عن عملية الربط الخاطىء ويهمهما تبرئة نفسيهما بإلقاء المسئولية على الطاعن، كما ادين الطاعن بالحكم الطعين بالتأجير لغير مستحقين لمجرد تأشيرة على طلبات التأجير بالاعتماد والموافقة، وحال أن هذه الموافقة قد صدرت منه باعتباره رئيسا لقطاع التنمية الزراعية لا يوصفه مشرفا عاما على أملاك الدولة، إذ أن تأشيرته لا تعنى سوى أن هذه الأرض غير صالحة لإقامة صوب زراعية، وأنه قد تم عرض الطلبات عليه لهذا السبب وحده، باعتبار أن تأجير ما يقل عن عشرة أفدنه يدخل فى اختصاص مدير عام الأملاك بالمحافظة ولا يحتاج لموافقته هذا فضلا عن أن التأجير قد تم لكبار القوم ممن يتصلون بصلة قرابة وصداقة بسيادة رئيس الجمهورية وحرمه، وأنه لا يهمه مجاملة مثل هؤلاء سوى وزير الزراعة تقربا وزلفى.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومما سبق إيراده بأسباب الحكم فى الطعن رقم 461 لسنة35 ق، أن أراضى طرح النهر بمحافظتي القاهرة والجيزة - جزيرة الذهب وأثر النبى ودار السلام - قد خصصت لاقامة مشروع قومى للصوب الزراعية عليها بمعرفة قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة، كما تقرر إزالة التعدى عليها لهذا السبب، وأن ذلك قد تقرر بمقتضى قرارى وزير الزراعة رقم 155 بتاريخ 11/2/1986، 759 بتاريخ 13/8/1986، وأنه قد تمت بالفعل إزالة وضع اليد على تلك المساحات ، وتم تسليمها لقطاع التنمية الزراعية رئاسة الطاعن .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أشر بعبارة "يعتمد وأوافق" على طلبات تأجير بعض أراضى طرح النهر بناحية دار السلام التابعة لقسم المعادى، المقدمة من كل من السيد……………… نجل وزير الثقافة الأسبق. والسيد/ ……………… نجل اللواء/……………. مدير سلاح الشرطة العسكرية والسيدة /…………… زوجة اللواء/ ……………….. وأن هذه الموافقة قد تمت بتاريخ 16/11/1986 بعد قرابة شهرين ونصف من إزالة وضع اليد عليها وتسليمها لقطاع التنمية الزراعية رئاسة الطاعن لتنفيذ المشروع القومى للصوب الزراعية، بما يقطع بعلمه يقينا بأنه لا وضع يد لهؤلاء الذين تقدموا لاستئجارها بوصفهم واضعى اليد عليها، فمن ثم فإنه ما كان يجوز له الموافقة على تأجير تلك الأراضى لهم، حتى بغرض استبعادها من مشروع إقامة الصوب الزراعية لعدم صلاحيتها، باعتبار أن تأجيرها فى هذه الحالة لا يتم إلا باعلان طبقا لقرار وزير الزراعة رقم 646 لسنة 1986 بتاريخ 13/7/1986

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان الثابت من كتاب مفتش الأملاك إلى مدير منطقة أملاك الجيزة المورخ في 30/9/1986 إن طلبات التأجير سالفة الذكر قد قدمت فور إزالة التعدى عليها وتسليمها لقطاع التنمية الزراعية وأن حصرها بأسماء هؤلاء قد تم بايعاذ من الطاعن، وأن الأراضى المطلوب تأجيرها كانت من أراضى الصوب، فمن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى ما ورد بهذا الكتاب، إذ أنه محرر فى تاريخ لم تكن وقائع الموضوع محل تحقيق أو مساءلة، بما يؤكد صحة المخالفتين المنسوبتين للطاعن بتقرير الاتهام، بما يستوجب مساءلته ومجازاته عنهما .

ومن حيث إنه علي الرغم مما تقدم، فإن الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة للطاعن بكل من الدعويين رقمى 126، 127 لسنة 29 ق، والمطعون على الحكمين الصادرين فيهما بالطعن رقم 461 لسنة35 ق والطعن الماثل قد أبلغت النيابة الإدارية فى وقت واحد، بما كان يتعبن معه إجراء تحقيق واحد بشأن تلك المخالفات لإرتباطها ارتباطا لا يستساغ تجزئته، فإن هذه المحكمة تقديرا منها لما تم من افراغ تحقيق لتلك المخالفات، وتقديم الطاعن منهما فى دعويين، تري أن فى مجازاته باللوم فى الدعوى رقم 126 لسنة 29 ق ، ما يستوجب تخفيف العقوبة المقضى بها فى الدعوى رقم 127 لسنة 29 ق - المطعون فى الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل - من اللوم إلى التنبيه .

ومن حيث إن الحكم الطعين قد قضى بمجازاة الطاعن باللوم، بغير مراعاة للظروف التى تمت بها إجراءات التحقيق وبغير مراعاة سبق مجازاته عن مخالفات من نفس النوع تمت تجزئتها دون مقتضى، فإن الجزاء الموقع على الطاعن باللوم يكون مشوبا بالغلو الذى يخرجه من دائرة المشروعية بما يتعين معه تخفيض الجزاء إلى ما يدخله دائرة المشروعية، وهو ما تقدره المحكمة بعقوبة التنبيه .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة

أولا: بقبول الطعن رقم 461 لسنة35 ق شكلا ورفضه موضوعا.

ثانيا: بقبول الطعن رقم 462 لسنة 35 ق شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة الطاعن بعقوبة التنبي
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / جوده عبد المقصود فرحات رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: السيد محمد السيد الطحان وسامى احمد محمد الصباغ ومصطفى محمد عبد المعطى واحمد حلمى محمد احمد نواب رئيس مجلس الدولة .

فى يوم السبت الموافق 22 / 3 / 1997 اودع الاستاذ / ................ المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2657 لسنة 43ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقنا فى الدعوى رقم 979 لسنة 4ق بجلسة 23 / 1 / 1997 القاضى بقبول الدعوى شكلاً ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام جهة الادارة مصروفات هذا الطلب .

وطلب الطاعن للاسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلاً وبالغاء الحكم المطعون فيه والزام المطعون ضدهم المصروفات .

وتحددت جلسة 1 / 3 / 1999 لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضرها , و بجلسة 3 / 5 / 1999 حضر الوكيل عن / ................ وطلب تدخل الاخير خصما منضما الإدارية , وقد طلبت منه المحكمة اعلان الخصوم بعريضة منضما إلى الجهة الإدارية , وقد طلبت منه المحكمة اعلان الخصوم بعريضة التدخل و بجلسة 2 / 8 / 1999 حضر الوكيل عن المتدخل وقدم عريضة تدخل غير معلنة ثم قررت الدائرة احالة الطعن إلى الدائرة الاولى ( موضوع ) لنظره بجلسة 9 / 1 / 2001 , وقد نظرته هذه الدائرة حتى جلسة 3 / 9 / 2000 وبمناسبة اعادة توزيع الاختصاص بين دوائر المحكمة الإدارية العليا اختصت الدائرة السادسة بنظره بجلسة 27 / 12 / 2000 إلى ان قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم , وفيها صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق والاستماع الى الايضاحات وبعد المداولة.

من حيث ان الطعن استوفى اوضاعة الشكلية المقررة قانونا .

ومن حيث أن عناصر هذا النزاع حسبما يبين من الاوراق تخلص فى ان المطعون ضدهم اقاموا الدعوى رقم 979 لسنة 4ق بايداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بقنا بتاريخ 3 / 9 / 1996 مختصمين فيها وزير الزراعة ومحافظ قنا ومدير الزراعة ومدير منطقة املاك الدولة بقنا , وطلبوا فى ختامها وقف تنفيذ والغاء القرار رقم 943 لسنة 1996 الصادر من نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الاراضى فيما تضمنه من ازالة التعدى الواقع على مساحة 20 سنة , 5ط , 14 ف بناحية توماس وعافيه خارج زمام اسنا قنا وما يترتب على ذلك من اثار والزام الجهة الإدارية المصروفات .

وقال المدعون شرحا لدعواهم بانهم قاموا باستصلاح المساحة المذكورة عام 1991 ثم تقدموا لنطقة املاك الدولة بقنا بطلب لربطها باسمائهم وتم ذلم فعلا , وقاموا بسداد مقابل الانتفاع إلى تقدموا بطلب ثان لشراء الاراضى ووافق على ذلك رئيس هيئة الاملاك فى 1 / 3 / 1993 الإ انه بايجاء من بعض البرلمانيين لرواسب انتخابية قام المجلس المحلى بالناحية بالموافقة على تحصيصها لاقامة مساكن عليها وذلك بالمخالفة لاحكام قانون الزراعة والقانون رقم 116 لسنة 1983 الذى يحظر اقامة ايه مبان على ارض زراعية كما صدر بعد ذلك القرار المطعون فيه بازالة التعدى الواقع عليها بالطريق الإدارى رغم مخالفة ذلك للقانون حيث ان لهم حق البقاء فى هذه المساحة لقيامهم باستصلاحها بمعرفتهم ودون معاونة من الدولة وسبق موافقة الجهة الإدارية على ربطها باسمائهم ثم تحصيل مقابل انتفاع عنها .

واختتم المدعون عريضة دعواهم بطلباتهم المذكورة .

وبتاريخ 23 / 1 / 1997 اصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزمت جهة الادارة مصروفات هذا الطلب .

واقامت المحكمة قضاءها تاسيسا على ان المدعين تقدموا بمستندات صادرة عن املاك الدولة الخاصة بقنا موجهة إلى المهندس المهندس المختص للاحاطة حتى لا تتعرض شركة الوجه القبلى الزراعية لواضعى اليد على هذه المساحة بعد ان ثبت من المعاينة الرسمية ان الشركة المذكورة لم تقم باى عمل فى البنية الاساسية لها وانها اصبحت مستصلحة وبها زراعة قمح وشعير والباقى جارى تجهيزه للزراعة بعد تدبير مصدر رى خاص على حسابهم بقوة 120 حصان , وكذلك المذكرة المعروضة على رئيس الادارة المركزية للملكية والحيازة والتى تضمنت انه بالرجوع سجلات الملكية الزراعية ( 7 ) توماس وعافية الخاص بتسكين النوبيين تبين ان القطعتين 236,235 وضع يد المدعين خارج ما هو مخصص للسكن وانه ازاء ما قام به المذكورين من جهد يقترح الموافقة على السير فى اجراءات بيع المساحة لهم وهو الامر قامت بناء عليه اللجنة العليا لتقدير اثمان اراضى الدولة باعداد محضرها بتقدير السعر قرين كل مساحة , وتم اعتماد هذا التقرير من المحافظ بناء على التفويض الصادر له فى هذا الشان من الوزير المختص طبقا للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تاخير العاقارت المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها الامر الذى يستشف منه ان وضع يد المدعيين يقوم على سند من القانون ويكون بذلك القرار الطعين فاقد لسبب الذى يقوم عليه مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على التنفيذ من نتائج يتعذر تدراكها .

وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق .

ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل يقوم على اساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطا فى تطبيقا , ذلك لان اراضى النزاع تعتبر من اراضى الهيئة طبقا للقانون رقم 100 لسنة 1964 وانه لم يصدر منها موافقة على البيع او التاخير وان مجرد الربط بمقابل الانتفاع هو نتيجة طبيعية لاشغالات هذه المساحة وكلها امور لا ترتب اى التزام على الهيئة لصالح المذكورين ومن ثم كان للسلطة المختصة الحق فى اصدار القرار المطعون فيه استنادا للمادة 970 من القانون امدنى .

واختتمت الهيئة الطاعنة طعنها بطلباتها المتقدمة .

ومن حيث أنه عن طلب التدخل الانضمامى فضلا عن عدم اعلانه للخصوم وكان المتدخل قد انضم للجهة معلنا عن مصلحته فى الدعوى على اساس انه من اهالى توماس وعافية المهجرين من بلاد النوبة الذين خصصت هذه الارض لاسكانهم الإ ان الأوراق قد افصحت عن القطعتين 236,235 وضع يد المدعين خارج ما هو مخصص للتسكين مما يجعل طلب تدخله غير مقبول لانتفاء الصفة والمصلحة معا .

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على ان ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الالغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التى بسلطها القضاء الإدارى على القرار على اساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدا المشروعية اذ يتعين على القضاء الإدارى الإدارى يوقف قرار اداريا الإ اذا تبين له بحسب الظاهر من الاوراق ودون مساس باصل الحق ان طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان اولهما : ركن الجدية ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار بحسب الظاهر من الاوراق على اسباب جدية من حيث قيام الطعن فى القرار بحسب الظاهر من الاوراق على اسباب جدية من حيث الواقع القانون تحمل على ترجيح الحكم بالغائه عند نظر الموضوع . ثانيهما : ركن الاستعجال بان يكون من شان استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لوقضى بالغائه .

ومن حيث أنه عن ركن الجدية فان اللجوء إلى اسلوب ازالة التعدى بالطريق الإدارى استناد لحكم المادة 970 من القانون المدنى والمادة 26 من قانون الإدارة المحلية بعد استثناء ما رتبه القانون على حق باعتباره حقا مدنيا سواء كان للدولة للافراد بحيث اذا وقع نزاع بشأن هذه الاموال لزم الالتجاء للقضاء للفصل فيه بحكم قابل للتنفيذ , ولكن لاعتبارات المصلحة العامة التى قد تقضى مواجهة التعدى بطريقة مباشرة فقد اجاز المشرع هذا الاستثناء ومن هنا يتعين على جهة الادارة فى استعمالها لحقها فى ازالة التعدى الوقاع على اموالها الخاصة ان تتاكد من ملكيتها لهذا المال او ان يمون مستند ادعائها بملكيته هو سند جدى له اصول ثابتة فى الأوراق حتى يمكن القول بان القرار الصادر بازالة التعدى على هذا المال على سبب يبرره , وعلى ذلك فاذا كان الفصل فى دعاوى الملكية هو مما يدخل فى حدود ولاية القضاء المدنى فمن ثم فان القضاء الإدارى عند نظره مدى مشروعية قرار ازالة التعدى لا يقتضى فى منازعة قائمة بين الطرفين المتنازعين بشان الملكية بل يقف عند التحقق من ان سند الجهة الإدارية فى ادعاءاتها له اصل فى الأوراق او انه ادعاء جدى له من الشواهد وادلائل ما يبرر اصدار القرار .

ومن حيث أن الثابت بالاوراق ان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة بصفته رئيسا للهيئة العامة للاصلاح الزراعى قد فوض محافظ قنا بخطابه رقم 2994 / 5 / 2 / 1 فى 29 / 6 / 1993 فى الاختصاصات المخولة بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1964 و القانون رقم 7 لسنة 1991 فى شان بعض الاحكام المتعلقة باملاك الدولة الخاصة منها الارض الزراعية المملوكة للدولة داخل الزمام او خارج الزمام لمسافة كيلو مترين , وكان ان قام المطعون ضدهم استصلاح وزراعة مساحة الارض خارج الزمام الموضحة الحدود والمعالم على نفقتهم الخاصة وبدون مساعدة او مشاركة من اى جهة وقد طلبوا ربط المساحة باسمائهم وقاموا بسداد مقابل الانتفاع عنها ثم تقدموا بطلب شرائها فقامت اللجنة العليا لتقدير الاثمان بتقويم الارض وتحديد سعرها وعرضت مذكرتها المحررة فى هذا الشأن على المحافظ وتم اعتمادها ثم بعد ذلك صدر القرار المطعون فيه بالازالة ولما تقدم المتضررون بشكواهم إلى مصدره افادهم بانه طالما انهم قاموا بزراعتها واتخذوا اجراءات التقدم للجهات الحكومية فلا يصح اتمام اى ازالة وهو ما ابلغ به مدير منطقة املاك قنا بخطاب رئيس الادارة المركزية مدير مديرية الزراعة بها فى هذا الشأن كما انه صدر حكم اسنا الجزئية فى القضية رقم 1404 لسنة 1995 جنح اسنا ببراءة المذكورين من تهمة التعدى على الارض القضاء المملوكة للدولة بقيامهم بزراعتها وذلك تأسيسا على انهم قاموا باستصلاحها وزراعتها على نفقتهم الخاصة ثم قامت الجهة المالكة وهى تفتيش املاك قنا بربطها باسمائهم , وهذا جمعية يدل على وجود سند جدى لتواجد هؤلاء فىارض النزاع ويجعل القرار الطعين مفتقدا لسببه الصحيح خاصة وبعد ان تراجع مصدره عن اتمام الازالة واصبح الحكم الجنائى الصادر ببرائتهم حجيته عند نظر النزاع امام القاضى الإدارى , ومن ثم يكون قد تحقق ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما فى تنفيذ القرار من مساس باهدار اموال خاصة يعنى القانون بالاهتمام بها وعدم اهدارها .

واذ اخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فانه يكون اصاب الحقيقة متفقا وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير سند مما يتعين معه القضاء برفضه .

ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً , ورفضه موضوعا والزمت الهيئة الطاعنة المصروفات
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : د. أحمد مدحت حسن وأبو بكر محمد رضوان وغبريال جاد عبد الملاك وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة

إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 21/1/1989 أودع الاستاذ/ ………. المحامى - بصفته وكيلا عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة تقريرى طعن قيدا بجدولها برقم 461، 462 لسنة35 ق، فى الحكمين الصادرين من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 23/11/1988 فى الدعويين رقمى 126، 127 لسنة 29 ق المقامتين من النيابة الإدارية ضد الطاعن، والقاضى كل منهما بمجازاته بعقوبة :اللوم.

وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقريرى الطعن - الحكم بإلغاء الحكمين المطعون فيهما، وبراءته مما نسب إليه.

وقد تم إعلان تقريرى الطعن إلى النيابة الإدارية بتاريخ 24/1/1989.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرين بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيهما الحكم بقبولهما شكلا ورفضهما موضوعا. وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/5/1993، وتم التأجيل لجلسة 9/6/1993، وفيها تقرر ضم الطعن رقم 462 لسنة35 ق إلى الطعن رقم 461 لسنة35 ق ليصدر فيهما حكم واحد، كما قدمت النيابة الإدارية مذكرتين طلبت فيهما رفض الطعنين وبجلسة 14/7/1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا " الدائرة الرابعة " وحددت لنظرهما جلسة 28/8/1993.

وقد تم نظر الطعنين بالجلسة المحددة، وتدوولا بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، حيث قدم الحاضر عن الطاعن حافظة طويت على مستند واحد، وبجلسة 23/10/1993، قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 4/12/1993 مع مذكرات في ثلإثة أسابيع .

وفى هذا الأجل قدم الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته.

وقد صدر الحكم بجلسة اليوم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .

من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 23/11/1988، وأن تقريرى الطعن فيه المقيدين برقمي 461، 462 لسنة 35 ق - قد أودعا قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/1/1989 فمن ثم يكون الطعنان قد قدما بمراعاة المواعيد القانونية المقررة.

ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا - فضلا عما تقدم - بقية أوضاعهما الشكلية، فمن ثم يتعين قبولهما شكلا.

ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 461 لسنة35 ق - فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أن النيابة الإدارية كانت قد أقامت الدعوى رقم 126 لسنة 29 ق بايدا ع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، منطوية على تقرير باتهام الطاعن أنه خلال شهر نوفمبر 1986 بدائرة وزارة الزراعة، بوصفة وكيل أول وزارة الزراعة، لم يؤد عمله بدقة، وخالف الأحكام المالية، وخرج على مقتضى الواجب بأن أمر بتخصيص وتأجير بعضى أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية بالمخالفة للقرار الوزارى الصادر بتخصيصها لقطاع التنمية الزراعية لتنفيذ المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية .

وطلبت النيابة الإدارية محاكمة الطاعن طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام .

وبجلسة 23/11/1988 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما ثبت لها من أن الطاعن قد أجر بالفعل جزءا من أراضى طرح النهر والجزر بالقاهرة والمخصصة لإقامة المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية باعتبارهم من واضعى اليد عليها، على الرغم من علمه بأن الأراضى المؤجرة قى حيازة قطاع التنمية الزراعية الذى يرأسه، وعلمه أيضا بأنه سبق تطهير تلك الأراضى من التعديات عليها، كما أن الطاعن لم ينكر وقائع التأجير مبرراً إياها بأنها كانت بناء على تعليمات شفهية من وزير الزراعة.

ونعى تقرير الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون على أساس ان المحكمة قد أدانت الطاعن بفهم خاطئ لمستهدف المشروع القومى للصوب وإجراءات تشغيله، إذ المشروع لا يستهدف أن يحتفظ قطاع التنمية الزراعية بأرض المشروع لنفسه،وإن ما قام به الطاعن من إجراءات تأجير بعض تلك الأراضى لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية من خريجى كلية الزراعة باعتبارهم روادا لشباب الخريجين لا يمثل مخالفة لأهداف المشروع ولا ضوابط توزيعه، وأن التوزيع لم يتم على أساس وضع اليد وأن ما دون بأستمارات هؤلاء العاملين من أنهم واضعو يد، ليس إلا اتباعا للمألوف من الأمر فى استئجار أراضى الدولة وتملكها، وأن ما قام به الطاعن قد تم بتكليف شفهى من الوزير واستجابة لتعليماته لأغراض حزبية، هذا فضلا عن أن ما قام به الطاعن بشأن التأجير للعاملين بقطاع التنمية الإدارية كان رهينا بتركهم الوظيفة، وأنه لم ينشىء لهم حقا، إذ لم تترتب أية اثار لما قام به عند عدول الوزارة عن القيام بالمشروع .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق –وبغير منازعة من الطاعن- أنه قد وافق بالفعل على تأجير بعض أراضى طرح النهر بمحافظتى القاهرة والجيزة والمخصصة لتنفيذ المشروع القومى لصوب الزراعة المحمية لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية. وأنه ثابت فى استمارات طلب التخصيص والتأجير المقدمة منهم أن سند طلبهم هو وضع يدهم على تلك الأراضى .

ومن حيث إن الطاعن لم ينكر قيامه بالتأجير لمن قام بالتأجير لهم من العاملين بقطاع التنمية الزراعية باعتبارهم أولى وباعتبارهم روادا فى مجال الزراعة، كما أن ذلك قد تم بموافقة شفهية من وزير الزراعة وبعد استشارة المستشار/ …………… المستشار القانونى لوزير الزراعة.

ومن حيث إنه بتاريخ 11/1/1986 صدر قرار وزير الزراعة رقم 155 لسنة 1986 ونص فى مادته الأولى على إزالة التعديات الواقعة على أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة كما نص فى مادته الثانية على أن تخصص هذه الأراضى للمشروع القومى لإقامة صوب بلاستيك لإنتاج الخضر والفاكهة ونباتات الزينة الذى يقيمه قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة، ويستثنى من هذا التخصيص المساحات المؤجرة من من هذه الأراضى المخصصة لإقامة مشاتل الزينة بموافقة الوزير.

ومفاد هذا النص إنه اعتبارا من 11/2/1986 تعتبر أراضى طرح النهر والجزر بمحافظتى القاهرة والجيزة ضمن الحيازة القانونية لقطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة ومخصصة لإقامة صوب للزراعة المحمية، وذلك فيما عدا الأراضى المؤجرة لإقامة مشاتل الزينة بموافقة وزير الزراعة .

ومن حيث إنه بتاريخ 13/8/1986 صدر قرار وزير الزراعة رقم 759 لسنة 1986 متضمنا تحديد مساحة أراضى طرح النهر الواقعة بمنطقتى أثر النبى ودار السلام على كورنيش النيل بالمعادى مع تخصيصها لإقامة صوب عليها، وإزالة التعديات الواقعة عليها .

ومن حيث إن قرار وزير الزراعة رقم 646 لسنة 1986 بتاريخ 13/7/1986 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها قد نص فى مادته الاولى - ثالثا- على أن " تكون أولوية التأجير …………….. طبقا للترتيب الاتى : 1 - واضعو اليد على الأرض محل الإيجار بشرط أن يكونوا قائمين على زراعتها فعلا قبل طلب التأجير هم أو ورثتهم ، وذلك من واقع قوائم أو كشوف الحصر للمساحة السنوية 20- …………………. كما نصت الفقرة الرابعة على أن "- تعلن الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة عن الأراضى المعروضة للإيجار بطريق اللصق فى مقار مجالس المدن والقرى ومقار العمد والجمعيات التعاونية الزراعية الواقعة تلك الأراضى فى زمامها ، ويعلن واضعو اليد على تلك الأراضى بالطريق الإدارى..

ومفاد هذا النص أن بيع أملاك الدولة الخاصة يتم عن طريق الإعلان حتى بالنسبة لواضعى اليد ذوى الأولوية فى تأجير أراضى وضع يدهم وأنه ليست هناك وسيلة أخرى للتصرف فى أملاك الدولة الخاصة ومنها أراضى طرح النهر.

ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الطلبات المقدمة من بعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية لاستئجار بعض أراضى طرح النهر بناحية جزيرة الذهب بالجيزة وبناحية أثر النبى ودار السلام بالقاهرة، أنها تستند إلى وضع يدهم على تلك الأراضى، وأنه مؤشر عليها بالموافقة استنادا إلى استيفائهم لشروط القرار الوزارى رقم 646 لسنة1986، أى باعتبارهم واضعى يد، وأن غالبية هذه الطلبات مؤشر عليها بالموافقة خلال شهرى اكتوبر ونوفمبر سنة 1986 .

ومن حيث إنه متى كان الثابت أن بعض الأراضى التى وافق الطاعن على تأجيرها لبعض العاملين بقطاع التنمية الزراعية خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر سنة 1986 هى من الأراضى الصادر بتخصيصها لقطاع التنمية الزراعية لتنفيذ المشروع القومى للصوب قرار وزير الزراعة رقم 759 بتاريخ13/8/1986، فى تاريخ لم يكن قرار وزير الزراعة بالتخصيص قد جف مداده بعد، وهو وكيل أول الوزارة المشرف على قطاع التنمية الزراعية والذى يعلم - أو المفروض أنه يعلم - أن تلك الأراضى وضع يد القطاع الذى رأسه وليست وضع يد أولئك العاملين ممن وافق على التأجير لهم، فمن ثم فإن موافقة الطاعن على تأجير تلك الأراضى لمن تم التأجير لهم لا يمكن أن تتم إلا مجاملة ومحاباه لهؤلاء العاملين على حساب الصالح العام، أو غفلة شديدة فى مجال اليقظة والحذر، وكلاهما يمثل ذنبا إداريا جسيما، يستوجب أخذ مرتكبه بجزاء رادع .

ولا يغنى الطاعن ما تذرع به دفاعا عن نفسه من أن ما تم قد تم بتوجيهات سيادة وزير الزراعة، إذ أنه على الرغم مما تشىء به ظروف الاحداث من أن الوزير كان عالما بالضرورة بما يتم، إلا أن ذلك لا يشفع فى دفع المسئولية عنه طالما لم يصدر الوزير قرارا بتعديل قراره الأول المتضمن قواعد الإيجار إذ كان أولى به أن يرعى الله فيما ناطه الله من أمانة رعاية أموال الشعب ، لا أن يرعى وزيره فيما يناط به من أمانة الحزب الوطنى.

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، فإنه لا تثريب على الحكم الطعين فيما قضى به من مجازاة الطاعن باللوم، ويكون طعنه الماثل قد استند إلى غير سند صحيح، ومن ثم يكون خليقاً بالرفض .

ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 462 لسنة35 ق، فإن وقائعه تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدارية كانت قد أقامت الدعوى رقم 127 لسنة 29، بايداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بتاريخ 4/7/1987، منطوية على تقرير باتهام الطاعن في بأنه خلال الفترة من 28/8/1986 حتى 16/11/1986 بدائرة وزارة الزراعة، وبوصفه رئيس قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة والمشرف العام على الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بدرجة وكيل أول وزارة ، لم يؤد العمل المنوط به بأمانة، ولم يحافظ على ممتلكات الجهة التى يعمل بها ، وخالف القانون واللوائح والتعليمات الصادرة إليه، وذلك بأن أصدر تعليماته إلى المختص بإدارة أملاك الجيزة بربط مساحات من أراضى طرح النهر بناحية دار السلام بدائرة قسم المعادى بأسماء كل من ……………. و ………. و…………… باعتبارهم واضعى اليد عليها خلافا للحقيقة والواقع كما وافق على الطلبات المقدمة من الأشخاص سالفى الذكر لتأجير المساحات التى تم ربطها في بأسمائهم - دون أن يكون مختصا بذلك - وبالمخالفة لقرارى وزير الزراعة رقمى155، 579 لسنة 1986 بتخصيص هذه المساحات لقطاع التنمية الزراعية لإقامة صوب بلاستيك عليها لإنتاج الخضر والفاكهة ونباتات الزينة

وطلبت النيابة الإدارية محاكمة الطاعن طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام .

وبجلسة 23/11/1988 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم . وأقامت المحكمة قضاءها على أساس صحة ما نسب للطاعن من واقع شهادة الشهود والتأشيرات الواردة على طلبات التأجير وصورة الاستمارة رقم 31 حصر أموال ناحية دار السلام لعام 1986.

ونعى تقرير الطعن على الحكم الطعين مخالفة القانون على أساس أن الحكم قد انتزع المخالفتين المنسوبتين للطاعن من أوراق وأقوال لا تؤدى إلى ثبوتها اذ أدان الطاعن بمخالفة إصدار تعليمات إلى المختص بإدارة أملاك الجيزة بربط مساحات من أراضى طرح النهر بناحية دار السلام بدائرة قسم المعادى بأسماء بعض الأشخاص باعتبارهم واضعى اليد. عليها خلافا للحقيقة على أساس شهادة كل من ……………و…………. وهما المسئولان عن عملية الربط الخاطىء ويهمهما تبرئة نفسيهما بإلقاء المسئولية على الطاعن، كما ادين الطاعن بالحكم الطعين بالتأجير لغير مستحقين لمجرد تأشيرة على طلبات التأجير بالاعتماد والموافقة ، وحال أن هذه الموافقة قد صدرت منه باعتباره رئيسا لقطاع التنمية الزراعية لا يوصفه مشرفا عاما على أملاك الدولة، إذ أن تأشيرته لا تعنى سوى أن هذه الأرض غير صالحة لإقامة صوب زراعية، وأنه قد تم عرض الطلبات عليه لهذا السبب وحده، باعتبار أن تأجير ما يقل عن عشرة أفدنه يدخل فى اختصاص مدير عام الأملاك بالمحافظة ولا يحتاج لموافقته هذا فضلا عن أن التأجير قد تم لكبار القوم ممن يتصلون بصلة قرابة وصداقة بسيادة رئيس الجمهورية وحرمه، وأنه لا يهمه مجاملة مثل هؤلاء سوى وزير الزراعة تقربا وزلفى.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومما سبق إيراده بأسباب الحكم فى الطعن رقم 461 لسنة35 ق، أن أراضى طرح النهر بمحافظتي القاهرة والجيزة - جزيرة الذهب وأثر النبى ودار السلام - قد خصصت لاقامة مشروع قومى للصوب الزراعية عليها بمعرفة قطاع التنمية الزراعية بوزارة الزراعة، كما تقرر إزالة التعدى عليها لهذا السبب، وأن ذلك قد تقرر بمقتضى قرارى وزير الزراعة رقم 155 بتاريخ 11/2/1986، 759 بتاريخ 13/8/1986، وأنه قد تمت بالفعل إزالة وضع اليد على تلك المساحات ، وتم تسليمها لقطاع التنمية الزراعية رئاسة الطاعن .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أشر بعبارة "يعتمد وأوافق" على طلبات تأجير بعض أراضى طرح النهر بناحية دار السلام التابعة لقسم المعادى، المقدمة من كل من السيد……………… نجل وزير الثقافة الأسبق. والسيد/ ……………… نجل اللواء/……………. مدير سلاح الشرطة العسكرية والسيدة /…………… زوجة اللواء/ ……………….. وأن هذه الموافقة قد تمت بتاريخ 16/11/1986 بعد قرابة شهرين ونصف من إزالة وضع اليد عليها وتسليمها لقطاع التنمية الزراعية رئاسة الطاعن لتنفيذ المشروع القومى للصوب الزراعية، بما يقطع بعلمه يقينا بأنه لا وضع يد لهؤلاء الذين تقدموا لاستئجارها بوصفهم واضعى اليد عليها، فمن ثم فإنه ما كان يجوز له الموافقة على تأجير تلك الأراضى لهم، حتى بغرض استبعادها من مشروع إقامة الصوب الزراعية لعدم صلاحيتها، باعتبار أن تأجيرها فى هذه الحالة لا يتم إلا باعلان طبقا لقرار وزير الزراعة رقم 646 لسنة 1986 بتاريخ 13/7/1986

ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من كتاب مفتش الأملاك إلى مدير منطقة أملاك الجيزة المورخ في 30/9/1986 إن طلبات التأجير سالفة الذكر قد قدمت فور إزالة التعدى عليها وتسليمها لقطاع التنمية الزراعية وأن حصرها بأسماء هؤلاء قد تم بايعاذ من الطاعن، وأن الأراضى المطلوب تأجيرها كانت من أراضى الصوب، فمن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى ما ورد بهذا الكتاب، إذ أنه محرر فى تاريخ لم تكن وقائع الموضوع محل تحقيق أو مساءلة، بما يؤكد صحة المخالفتين المنسوبتين للطاعن بتقرير الاتهام، بما يستوجب مساءلته ومجازاته عنهما .

ومن حيث إنه علي الرغم مما تقدم، فإن الثابت من الأوراق أن المخالفات المنسوبة للطاعن بكل من الدعويين رقمى 126، 127 لسنة 29 ق، والمطعون على الحكمين الصادرين فيهما بالطعن رقم 461 لسنة35 ق والطعن الماثل قد أبلغت النيابة الإدارية فى وقت واحد، بما كان يتعبن معه إجراء تحقيق واحد بشأن تلك المخالفات لإرتباطها ارتباطا لا يستساغ تجزئته، فإن هذه المحكمة تقديرا منها لما تم من افراغ تحقيق لتلك المخالفات، وتقديم الطاعن منهما فى دعويين، تري أن فى مجازاته باللوم فى الدعوى رقم 126 لسنة 29 ق ، ما يستوجب تخفيف العقوبة المقضى بها فى الدعوى رقم 127 لسنة 29 ق - المطعون فى الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل - من اللوم إلى التنبيه .

ومن حيث إن الحكم الطعين قد قضى بمجازاة الطاعن باللوم، بغير مراعاة للظروف التى تمت بها إجراءات التحقيق وبغير مراعاة سبق مجازاته عن مخالفات من نفس النوع تمت تجزئتها دون مقتضى، فإن الجزاء الموقع على الطاعن باللوم يكون مشوبا بالغلو الذى يخرجه من دائرة المشروعية بما يتعين معه تخفيض الجزاء إلى ما يدخله دائرة المشروعية، وهو ما تقدره المحكمة بعقوبة التنبيه .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة

أولا: بقبول الطعن رقم 461 لسنة35 ق شكلا ورفضه موضوعا.

ثانيا: بقبول الطعن رقم 462 لسنة 35 ق شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجسى،لدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد و محمد عبد الغنى حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع المستشارين

فى يوم الاثنين الموافق 22/5/1989 أودع الأستاذ / محمد طاهر عبد الحميد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد أمامها برقم 2514 لسنه 35 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية.

بجلسة 16/5/1989 فى الدعوى رقم 3933 لسنه 40 ق والقاضى برفضى الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.

وطلب الطاعن - للأسباب التى أوردها بتقرير طعنه - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه مع القضاء أصليا : بوقف الدعوى، حتى تفصل المحكمة الدستورية العليا فى طلب التنازع رقم 3 لسنه 11 ق تنازع، واحتياطيا : بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع المصروفات.

وفى يوم الاربعاء الموافق 18/4/1990، أودع الأستاذ الدكتور محمد مرغنى خيرى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن - قيد بجدولها برقم 1819 لسنة 36 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 18/2/1990 فى الدعوى رقم 7078 لسنه 34 ق، والقاضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض الشق العاجل من الدعوى، وإلزام المدعى مصروفاته، والأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها فى موضوعها.

وطلب الطاعن - للأسباب التى أوردها فى تقرير طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضدهم المصروفات.

وقد تم اعلان الطعنين الى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.

وقد أودع الأستاذ المستشار حمد القاسم مفوض الدولة - تقرير هيئة مفوضى الدولة فى الطعنين انتهى فيه الى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلا و:

أولا : بالنسبة للطعن رقم 2514 لسنه 32 ق عليا بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .

ثانيا : بالنسبة للطعن رقم 1819 لسنه 36 ق عليا بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذه القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات .

وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فقررت إحالته الى هذه المحكمة فنظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 6/12/1992 حجز الطعن للحكم ثم قررت مد أجل النطق بالحكم الى جلسة 17/1/1993 ثم الى جلسة 28/2/1993 ثم جلسة 14/3/1993 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 2/5/1993 لاستكمال المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة و المداولة .

من حيث ان الطعنين قد استوفيا إجراءات قبولهما الشكلية .

ومن حيث انه عن الموضوع فانه يخلص بالنسبة للطعن رقم 2514 لسنه 32 ق عليا فى أن المدعى كان قد أقام دعواه بموجب عريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 3/6/1986 قيدت أمامها برقم 3933 لسنه 40 ق . وطلب فى ختامها الحكم، بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ قرار حى غرب القاهرة بعرض استغلال "كازينو قصر النيل السياحى" فى المزاد العلنى وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وبوقف كافة أعمال الاعتداء الجارى التى يتعرض لها، وبعدم التعرض له فى حيازته القانونية "لكازينو قصر النيل" وكازينو كليوباترا السياحيين واستغلاله المشروع لهما وفقا لنصوص العقدين المبرمين بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والاعتراف بهذين العقدين مع تنفيذ الحكم بمسودته ودون حاجة إلى اعلان أو انذار وإلزام المدعى عليهم المصروفات .

وقال المدعى شرحا لدعواه انه بموجب الترخيص رقم 1 لسنة 1981 رخص له باستغلال "كازينو قصر النيل السياحى" لمدة خمس سنوات من 1/7/1981 الى 30/6/1986 نظير جعل شهرى مقداره خمسة وثلاثون ألف ومائه جنيه وبمقتضى عقد مماثل حصل على حق استغلال "كازينو كليوباتره السياحى" لمدة تبدأ من 25/5/1983 الى 24/5/1988وبمقابل جعل شهرى مقداره أربعة عشر ألف ومائه جنيه، وأضاف انه فى عام 1985 تعرض له بعض العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى بادعاء ملكية الهيئة للأرض ومن ثم أحقيتها هى دون الجهة المرخصة له فى إبرام العقد معه تطبيقا للفتوى الصادرة من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع رقم 929 بتاريخ 16/9/1972 وذلك وفقا لأحكام القانون رقم 100 لسنه 1964 والذى يقضى باختصاص الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى التصرف فى الأراضى الداخلة فى الزمام ولمسافة كيلو مترين.

واستطرد المدعى قوله، انه استنادا إلى ذلك ابرم معه عقدا آخر طرفه الثانى هو الهيئة العامة للإصلاح الزراعى باعتباره صاحب الحق فى التعاقد بتاريخ 19/11/1985 ولمدة عشر سنوات مقابل جعل تقدره اللجنة العليا المختصة بتثمين أراضى الإصلاح الزراعى ويتغير كل ثلاث سنوات وأجرى مثل ذات التعاقد بالنسبة لكازينو كليوباتره السياحى. ثم تقدم بهذين العقدين الى حى غرب القاهرة - المتعاقد السابق معه - بصور العقدين الجديدين للإلغاء تعاقده السابق وأجريت له إجراءات استلام جديدة للموثقين من قبل الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى يومى 3، 4/3/1986 .

وبتاريخ 19/2/1986 فوجئ بخطاب حى غرب القاهرة يخطره بعدم الاعتداد بأية عقود أبرمت عن طريق الحى. وأعقب ذلك مطالبة الحى له بسداد قيمة الإيجار وفقا للعقدين سالفا الاشارة إليهما مما ألجأه إلى عرض الأمر على القضاء المدنى المختص .

واستطرد المدعى قوله انه فوجى باعلان منشور بجريدة الأخبار عن قيام حى غرب القاهرة بالاعلان عن استغلال كازينو النيل السياحى بالمزاد لجلسة615/6/1986.

فبادر بإقامة دعوا ه ناعيا على القرار مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه إستنادا إلى أن الحى لم يخطره بانهاء العقد معه، كما ان الهيئة العامة للإصلاح الزراعى يجب أن تضمن له حيازة هادئة. قدم المدعى تأييدا لدعواه حافظة مستندات اشتملت على الترخيص رقم 1 لسنة 1981 لاستغلال كازينو قصر النيل السياحى والترخيص رقم 54 لسنه 1983 باستغلال كازينو كليوباتره السياحى، وصور محاضر تسليمه الكازينوهين من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى كما أودع صورة من الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الصادر فى الدعوى رقم 1517 لسنه 85 م . ك . ج والقاضى بصحة ونفاذ عقد الإيجار المؤرخ 19/11/1985 المبرم بين المدعى والهيئة العامة للإصلاح الزراعى وصورة من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1571 لسنه 1985 م .ك .ج بتاريخ 19/11/1985 بصحة ونفاذ العقد المبرم بين المدعى والهيئة العامة للإصلاح الزراعى بتاريخ 1/12/1985. وأودع مذكرة ضمنها أن حى غرب القاهرة استكمل إجراءات المزاد وارسى المزاد على شقيقه بمبلغ خمسة وثمانون ألف جنيه شهريا. وأضاف إلى طلباته السابقة طلبا جديدا بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مرسى المزاد.

وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بإيداع حافظة مستندات طويت على كتاب نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة بشأن أراضى طرح النهر والموجه الى محافظ القاهرة بتاريخ 13/4/1986 وصورة ضوئية من مذكرة المستشار القانونى للمحافظة وصورة من حكم محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2528 لسنة 39 ق بجلسة 14/5/1985 ومذكرة بدفاعها .

وبجلسة 6/1/1987 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وألزمت المدعى المصروفات . وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لاعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء

وشيدت المحكمة قضاءها على سند من ان البادى من الأوراق أنه قد صدر حكم من قاضى الأمور الوقتية بوقف قرار مرسى المزاد على السيد ................... وبذلك فقد استمرت حيازة المدعى للعين مما يفتقد معه الشق العاجل من الدعوى ونظرت المحكمة الشق الموضوعى من الدعوى. حيث أودع الحاضر عن المدعى صورة رسمية من دعوى التنازع رقم 3 لسنة 11 ق المقامة من المدعى أمام المحكمة الدستورية العليا ومستندات أخرى تعلقت بذات الموضوع. طلب الحاضر عن المدعى وقف الفصل فى الدعوى حتى تفصل المحكمة الدستورية فى طلب التنازع.

وبجلسة 16/5/1989، قضت محكمة القضاء الإدارى برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات، وشيدت قضاءها على سند من ان تصديها للفصل فى الدعوى، لا يمس اختصاص المحكمة الدستورية فى نظر دعوى التنازع المقامة أمامها.

كما انه بالنسبة لموضوع الدعوى فان أراضى طرح النهر الغير مزروعة والتى تستخدم لأغراض السياحة يكون التصرف فيها مناط بالوحدات المحلية، حيث يقتصر اختصاص الهيئة العامة للإصلاح الزراعى على هذه الأراضى لو كانت مزروعة فقط، ومن ثم يكون المعول عليه هو الترخيص الصادر من محافظة القاهرة ومن ثم لا يعتد بالعقد المبرم بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى والمدعى، واستنادا إلى قرار محافظ القاهرة رقم 33 لسنة 1983 بشأن تعديل القواعد التى أقرها المجلس الشعبى المحلى لمحافظة القاهرة بموجب قراراه رقم 102 لسنه 1983 فيما ينص عليه فى البند الثانى منه بأنه لا يجوز الترخيص بإقامة واستغلال أى كازينو إلا بعد طرحه فى المزاد العلنى طبا للمادة 107 من لائحة المناقصات والمزايدات، واستطردت المحكمة الى أنه يبنى على ما تقدم أن يضحى القرار المطعون عليه متفقا وصحيح حكم القانون دون ان ينال من ذلك اعتداد محافظة القاهرة بالعقد المبرم بين المدعى والهيئة العامة للإصلاح الزراعى باعتباره إجراء مؤقت حتى يستبين الأمر بتحديد الجهة المسئولة عن التعاقد مع المدعى .

وقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تأويله وتطبيقه إستنادا الى أن المادة (31) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنه 1979 التى تقضى بأنه يتعين وقف الدعوى حتى تفصل المحكمة الدستورية فى الطعن المقام أمامها ذلك ان الدفع أمام المحكمة للفصل فى دعوى التنازع يعتبر فصلا فى مسألة أولية تؤثر فى الحكم وفى ولاية المحكمة بالقضاء فى الدعوى.

ان قضاء المحكمة قد انتهى إلى ان العقد المبرم بين المدعى - الطاعن - والهيئة العامة للإصلاح الزراعى عقد مدنى مما يدخل النظر فيما يثيره من نزاع فى اختصاص القضاء المدنى، وحيث أن النزاع المذكور مازال منظورا أمام القضاء المدنى فان الحكم يكون معيبا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظره وفق ما أوردته بحكمها المطعون فيه. ويكون فى ذات الوقت قد تهاترت أسبابه وتأييدا لطعنه أودع الطاعن حافظه مستندات اشتملت 1) صورة ضوئية من تقرير مفوض الدولة فى الطعن 2) صورة من محضر جلسة 9/12/1989 للمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لفحص الطعون والمقضى فيها برفض الطعن. وانتهى الى طلب الحكم له بطلباته كما يخلص الموضوع بالنسبة للطعن 1819 لسنه 36 ق عليا - فى أنه قد اقام المدعى دعواه بتاريخ 20/8/1989 أمام محكمة القضاء الإدارى وقيدت أمامها برقم 7078 لسنة 43 ق وطلب فى ختامها الحكم أولا : وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 238 لسنة 1989 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بموجب مسودة الحكم الأصلية وبدون إعلان ثانيا : وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقرار الضمنى الذى قضى بفسخ عقد إيجار المدعى للكازينو مع الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بتاريخ 19/11/1985 والذى ينتهى فى 18/11/1995 ثالثا : واحتياطيا إلزام وزارة الزراعة ورئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة بالتضامن فيما بينهما بان يدفعا للمدعى مبلغ وقدره عشرة ملايين جنيه عما لحقه من خساره وفاته من كسب نظير فسخ عقد إيجاره على الكازينو .

رابعا : الحكم على جهات الإدارة المدعى عليها بالمصروفات .

وأورد المدعى شرحا لدعوا ذات موضوع الدعوى رقم 3933 لسنه 40 ق المشار إليها سلفا وأضاف إليه انه أثر صدور الحكم فى الدعوى رقم 3933 لسنه 40 ق المشار إليها برفض الدعوى أصدر محافظ القاهرة قراراه رقم 238 لسنة 1989 المطعون فيه بأن يزال بالطريق الإدارى وضع يد السيد / ……………. (المدعى) على كازينو النيل السياحى. ونعى المدعى على هذا القرار العيب الجسيم ومخالفة القانون واغتصاب السلطة لصدوره من غير مختص ليس من رئيس حى غرب القاهرة والتى تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية محافظة القاهرة التى يرأسها مصدر القرار

كما أن القرار يعد تعديا على السلطة القضائية حيث أنه يعتبر إيقافا للأمر الوقتى رقم 23 لسنه 1986 باعتباره إجراء قضائى له حجيته. فضلا عن مساسه بأحكام قضائية حصل عليها المدعى فى مواجهة مصدر القرار .

وأضاف المدعى انه لا يقدح فيما تقدم صدور الحكم فى الدعوى رقم 3933 لسنه 40ق بالرفض اذ أن الحكم لم يصبح نهائيا بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 2514 لسنه 35 ق (موضوع هذا الطعن) فضلا عن ان المالك الحقيقى للكازينو هو الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وليس محافظة القاهرة وفقا لأحكام القانون رقم 100 لسنه 1964 كما لا ينال من ذلك تسليم الكازينو وفقا للقرار الطعين إلى الراسى عليه المزاد فى 15/6/1989 وتمكينه من استلامه مرة أخرى من خلال الحكم له بطلباته .

وبجلسة 18/2/1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبرفض الشق العاجل من الدعوى وألزمت المدعى مصروفاته ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها فى موضوعها.

وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن، حى غرب القاهرة، وعلى خلاف الوضع الظاهر وما تقتضيه طبيعة الاستخلاف وتوزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية المختلفة واحترام حقوق الأفراد ومراكزهم القانونية التى تنتقل تبعا لانتقال المرفق، وأن معاملة المدعى معاملة غاصب وجحد العقد القائم بينه وبين إدارة أملاك الدولة الخاصة. مجافاة للوضع الظاهر وتعاقده مع جهة إدارية باعتبارها المالك الظاهر على التفصيل الوارد بالأوراق ، فانه ما كان يجوز لحى غرب القاهرة معاملة المدعى معاملة غاصب، واهدار علاقته القانونية بها كمستأجر منها لعين النزاع ثم من أملاك الدولة الخاصة، دونما سند لها فى ذلك من إخلال من جانب المدعى بالتزاماته أو مبرر من المصلحة العامة الأولى بالرعاية .بينما كان عليها ان تلجأ الى طرح النزاع برمته على جهات الاختصاص لحسمه فيما بينها وغيرها من الجهات الا أن المدعى لم يقف من هذه الإجراءات موقفا سلبيا، بل سارع باللجوء الى الجهات القضائية المختلفة. وحصل على حكمين بصحة ونفاذ العقد المبرم بينه وبين أملاك الدولة الخاصة وفى مواجهة محافظ القاهرة - مصدر القرار المطعون فيه ورئيس حى غرب القاهرة. كما حصل على الأمر الوقتى رقم 23 لسنة 1986 بإيقاف كافة الاجراءات، التى اتخذها فى تأجير الكازينو لآخر وقد تأيد هذا الأمر استئنافيا بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 1018 لسنه 1987 مستأنف مستعجل جنوب القاهرة بجلسة 16/6/1986، فى الوقت الذى لم يكن قد تسلم بعد من الإدارة العامة لأملاك الدولة مستندات وعقود الايجار التى سلمت إليها بتاريخ 25/1/1988. واستطردت المحكمة انه صدر الحكم بجلسة 16/5/1989 فى الدعوى رقم 3933 لسنه 40 ق التى أقامها المدعى ضد المطعون ضدهم طالب وقف تنفيذ قرار حى غرب القاهرة، وبطرح استغلال الكازينو فى المزاد العلنى وإلغاء هذا القرار ووقف كافة أعمال الاعتداء المادى التى يتعرض لها وبعدم التعرض له فى حيازته للكازينو، والاعتراف بالعقد المبرم بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فان صدور الحكم فى هذه الدعوى برفضها يغل يد المحكمة من التطرق لبحث مدى مشروعية القرار المطعون عليه رقم 238 لسنه 1989 الصادر من محافظ القاهرة بتاريخ 17/7/1989، وانتهت المحكمة الى إصدار حكمها المطعون فيه.

ومن حيث ان مبنى الطعن فى هذا الشق ان الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك ان صدور القرار المطعون فيه من المحافظ يمثل غصبا لسلطة رئيس حى غرب القاهرة باعتبار ان الحى هو احدى وحدات الإدارة المحلية، التى تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة .

ثانيا : ان الحكم المطعون فيه اكد عدم مشروعية القرار المطعون فيه، فى أسبابه وتناقض مع نفسه فى النتيجة

ثالثا : مخالفة الحكم الطعين، للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى قضايا مماثلة .

رابعا : ان الحكم أخطأ فى تكييف القرار المطعون فيه باعتبار أنه جاء تنفيذا للحكم الصادر فى الدعوى رقم 3933 لسنه 40 ق. وهو أمر غير صحيح . ذلك ان القرار يعتبر نسخا ضمنيا للعقد الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى المؤرخ فى 19/11/1985 قبل انتهاء مدته.

ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة يجرى على ان مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى هو توافر ركنان أساسيان فى طلب وقف التنفيذ :

أولهما : ركن الجدية بأن يقوم الطلب بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب يرجح معها الحكم بالإلغاء .

ثانيها : ركن الاستعجال بان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.

كما انه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه طبقا لأحكام الدستور والقانون فان رقابة القضاء الإدارى ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هى رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون عليها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين لها صدورها مخالفة للقانون أو ان الجهة الإدارية تقاعست عن إصدار قرار يلزمها القانون بإصداره. أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التى حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهى تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة .

ويلزم القاضى الإدارى فيما يقضى بوقف تنفيذه من قرارات ادارية بحسب الظاهر من الأوراق وفى الحدود التى يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو ظاهرا من عدم مشروعيته فضلا عن توافر نتائج يتعذر تداركها على الاستمرار فى التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال، وهذه الرقابة للمشروعية التى يقوم عليها قضاء محاكم مجلس الدولة لا تحل المحكمة بمقتضاها فيها محل الإدارة مصدرة القرار،فى أداء واجباتها ومباشرة نشاطها فى تسيير المرافق العامة. وإدارتها أو فى مباشرة السلطة الإدارية والتنفيذية لسلطاتها الممنوحة لها طبقا للدستور والقانون.

ومن حيث انه بناء على هذه المبادئ الأساسية الحاكمة لرقابة المشروعية على القرارات الإدارية بواسطة محاكم مجلس الدولة فان الوقائع التى استند إليها القرار المطعون فيه هى عدم مشروعية وضع يد وحيازة الطاعن لعين النزاع مع مخالفة ذلك للواقع لقيام حيازته بحسب المظاهر على سند من العقد المبرم بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى.

ومن حيث انه مع التسليم بان المحكمة لا تتصدى للفصل فى تحديد المالك للأرض أو العقار كما لا تتدخل فى دعاوى الملكية إثباتا أو نفيا، اذ يدخل ذلك أصلا فى اختصاص جهات قضائية أو ادارية أخرى من جهة كما انه لا يدخل بأى وجه فى ولاية وقف التنفيذ كل ما يقتضى التوغل فى الموضوع وقائعا أو بالنسبة للمسائل القانونية محل البحث وموضوع النزاع، وينبنى على ذلك ان تقف المحكمة رقابتها على ما يبدو من ظاهر الأوراق عند نظرها لطلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية المطعون فيها . حتى لا تتجاوز حدود ولايتها واختصاصها بما يتعارض مع الطبيعة المستعجلة لهذه الطلبات .

ولما كانت السلطة التنفيذية بجميع فروعها الإدارية قد نظم أدائها لنشاطها وواجباتها الدستور والقوانين واللوائح التنفيذية لها، وفقا لقواعد الإدارة العامة المنظمة والتى تقوم أساسا على خضوع التصرف الذى يصدر عن جهة الإدارة للدراسة والبحث السابق، ووفقا لما لديها من بيانات ثابتة بالسجلات والأوراق، وبمراعاة البحث المتوالى من المستويات الأدنى الى الاعلى فى الاجهزة الإدارية بمراعاة السلطة الرقابية والتسلسل الرئاسى لاجهزة الإدارة العامة، وبمعاونة رأى الاجهزة القانونية والفنية المتخصصة التى نظمها المشرع لتبصير الإدارة بصحيح حكم القانون وباحتياجات المصلحة العامة فى أى موضوع مطروح عليها قبل التصرف والبت فيه، ومن ثم فانه بناء على طبيعة تنظيم الإدارة العامة والتزامها الأساسى باحترام سيادة القانون والصالح العام. فان الأصل هو حمل قرارات وتصرفات الإدارة على محمل الصحة والسلامة من الوجهة القانونية فضلا عن استهدافها الصالح العام. كما أن الاصل أيضا هو نفاذ القرارات الإدارية الصادرة بالارادة المنفردة مادامت فى إطار من الشرعية وسيادة القانون : ويتعين اذن على أصحاب الشأن فى طلب وقف التنفيذ للقرار الإدارى النافذ قانونا ان يثبتوا بصورة ظاهرة وكافية ومعقولة مخالفة هذا القرار لصحيح أحكام القانون أو خروجه على غايات الصالح العام. ذلك فى إطار وحدود ما يقتضيه قيام وقف التنفيذ للقرار الإدارى المطعون عليه بحسب الظاهر من الأوراق على سند جدى ومقبول قانونا وعقلا ودون حاجة من القاضى الإدارى إلى البحث والتحقيق والتدقيق فى المستندات أو التوغل فى موضوع النزاع الخاص بدعوى الإلغاء أو ماهية الجهة صاحبة الاختصاص على عين النزاع. فاذ لم يكن ذلك ظاهرا بصورة كافية ومعقولة لبيان العيب الذى يشوب القرار المطلوب وقف تنفيذه. وجب قانونا على القاضى الإدارى رفض وقف تنفيذ القرار والعكس صحيح.

ومن حيث ان الظاهر من الأوراق ان الطاعن ……………. قد رخص له بموجب الترخيص رقم 1 لسنة 1981 باستغلال كازينو قصر النيل السياحى لمدة خمس سنوات تبدأ من 1/7/1981 حتى 30/6/1986 وقبل انتهاء مدة الترخيص تعرضت له فى حيازته واستغلال القائم على هذا الترخيص الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفتها المالكة لأرض الكازينو ومستنده فى ذلك الى الفتوى الصادرة من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع. فبادر الطاعن باختيار حى غرب القاهرة باعتباره مصدر الترخيص إليه الا أنه لم يحرك ساكنا ومن ثم ألزم بإجراء تعاقد مع إدارة أملاك الدولة - بصفتها المالكة لأرض الكازينو - بالقيد المؤرخ 19/11/1980 ولمدة عشر سنوات، وأجرت الجهة المتعاقدة معه إجراء تسليم واقعى للكازينو إليه بصفته مستأجرا بتاريخ 3/3/1986 ومع ذلك فقد فوجئ بخطاب حى غرب القاهرة فى 19/2/1986 تخطره فيه بعدم اعتدادها بالعقد المبرم مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وأعقب، ذلك صدور القرار المطعون فيه بإزالة تعديه على الكازينو ثم القرار رقم 238 لسنه 1989 بالاعلان عن مزايدة لتأجير الكازينو المشار إليه .

ومن حيث أن الثابت من الوقائع السالف بيانها انه قد صدر القرار الصادر من حى غرب القاهرة بطرح استغلال كازينو قصر النيل السياحى للتأجير فى مزاد علنى يوم 15/6/1986، فى الوقت الذى كان الطاعن قائما فيه على استغلال الكازينو بموجب عقد الايجار المبرم بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعى - إدارة أملاك الدولة - ودون ان يثبت فى حقه أية مخالفات ثم تبع ذلك صدور قرار محافظ القاهرة رقم 238 لسنة 1989 بإزالة تعدى الطاعن على أرض الكازينو دون سند .

ومن حيث – الإدارة العامة بحكم أنها وفقا لأحكام الدستور والقانون ملتزمه باحترام سيادة القانون من جهة ووظيفتها الأساسية هى تسيير وإدارة دقة الخدمات والانتاج لمصالح الشعب وتوفير احتياجاته بعداله وعلى سبيل المساواة بين المستحقين. ولهذا فان الإدارة تتمتع تصرفاتها على أساس احترامها لسيادة القانون واستهدافها الصالح العام بقرينه الصحة ومطابقة القانون عند المنازعة أمام القضاء. وعلى من يدعى العكس إثبات ذلك وعليه ان يقيم الدليل عليه (المواد 64، 65، 73، 74، 153، 156، من الدستور).

ومن حيث انه قد جرى - قضاء هذه المحكمة على انه لا يسوغ ان يوصف وضع يد أحد الأفراد على أملاك الدولة بالتعدى بما يبيح لها إزالته بالطريق الإدارى تطبيقا لأحكام المادة (970) من القانون المدنى - الا لو كان هذا التعدى متوافرا فيه الغصب غير المشروع لمركز قانونى يتعلق بهذه الأملاك وبحيث لا يكون ثمة سند ظاهر له سوى الأمر الواقع الذى يدحضه واقع الحال وظاهره ويتناقض مع مشروعية الأوراق والمستندات الرسمية، فإذا كانت حيازة الفرد للمال العام لها سند ظاهر من تصرفات الإدارة أو غيرها تثبته الأوراق كما اذا كان مرخصا له باستعماله واستغلاله بموجب عقد رسمى مع جهة إدارية قررت ملكيتها للعين ودون ان يكون لواضع اليد الحائز شأن فيما ثار أو يثور بين الجهات الإدارية الاخرى حول أيهما هو المختص بالتصرف أو المالك الحقيقى لعين النزاع أو صاحب الحق فى إصدار قرارات استغلالها ما كان مركزه القانونى ووضعه اليد على العقار مركز الغاصب ووضع اليد غير المشروع الواجب الإزالة إداريا - حيث يلزم ان تتفق إجراءات الإدارة للشرعية فى التنفيذ ومن حق الأفراد فى ظل الشرعية وسيادة القانون وقرينة الصحة والمشروعية المقررة لصالح القرارات الإدارية بحكم افتراضى التزام الإدارة بالمشروعية فى إصدارها وطبيعة ما تقتضيه الإدارة العامة من دراسة لتصرفاتها والتزام عام بالقانون - من ان يثقوا ثقة مشروعة فى التصرفات التى تصدر عن أية جهة إدارية عامة مادامت هذه التصرفات ليست متعارضة بحسب الظاهر وعلى نحو يدركه المواطن العادى مع الدستور أو القانون او لم تقم على غش من جانبهم فللفرد الحق فى إطار الشرعية وسيادة القانون ووفقا لاصول الإدارة السليمة والمنظمة لاجهزة الدولة فى أن يثق فى القرار الصادر من الجهة الإدارية وان يتعامل معها على أساسه وان يتمسك بمركزه القانونى الذى قرره ولو كان التصرف من اختصاص جهة إدارية أخرى وأن يعدل أو يرتب أحواله وأوضاعه على ما أجرته الجهة الإدارية التنفيذية من تعاقد أو أصدرته له من تراخيص أو تصرفات ولو كانت محددة المدة وذلك دون ان يكون مركزه مركز غاضب غير مشروع يبيح للجهة المختصة قانونا الإزالة الإدارية فلا يجوز للإدارة بذاتها أن تباشر هذه السلطة الاستثنائية فى الإزالة بالطريق الإدارى قى هذه الحالة بل يتعين عليها اللجوء إلى القضاء .

ومن حيث انه وقد قام استغلال الطاعن للكازينو على سند مشروع من عقد ابرم مع احدى الجهات الإدارية العامة بإجراءات قانونية لم يدخر فيها الطاعن جهدا فى إحاطة الاطراف الإدارية المتنازعة بيانا بموقف كل منهما تجاه الآخر حول إصدار ترخيص باستغلال الكازينو فان إجراء أى من هذه السلطات قراراتها على العين محل النزاع بالخلاف لتعاقد أو ترخيص قائم فعلا صدر للمستأجر أو المرخص له من جهة إدارية أخرى لا يجب ان يحرم المستأجر أو المرخص له من حقوقه القانونية التى استمدها من تعاقده مع الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، ولا يجوز بقرارات إدارية تصدرها الجهة الإدارية منفردة وقبل اللجوء الى القضاء - وبطريق التنفيذ المباشر إن تنال من مركزه القانونى أو ان يعدل فيه أو يلغيه ما قد يطرأ بعد ذلك فى اختصاصها من تفسير بأداة قانونية جديدة أو من خلال تفسير الجهة الإدارية للنصوص التشريعية حماية للمركز القانونى والوضع الظاهر الذى تحتم احترامه لحين ما يفصل القضاء فى النزاع إعمالا للاستقرار الواجب للعلاقات مع جهات الإدارة العامة ولعدم زعزعة التبعية المشروعة للأفراد فى تصرفات الإدارة التنفيذية التى يتعاملون معها ولعدم المساس بإرادة الإدارة وحدها وبأثر رخصة لفرد بواسطة سلطة لم تكن مختصة وقتئذ بتصرفات سلطة أخرى.

ومن حيث انه بناء على ما سلف بيانه فأنه اذ ثبت عدم مشروعية القرار الطعين على النحو السابق بيانه لاخلاله بالثقة المشروعة التى من حق كل مواطن الاستناد إليها فى تعامله مع الإدارة التنفيذية العامة.

ومن حيث انه قد تبين من الأوراق ان قرار الاعلان عن تأجير الكازينو بالمزاد العلنى يكون قد قام على سند غير سديد من القانون.

ومن حيث ان الثابت بحسب الظاهر من الأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى قد استندت الى فتوى صادرة من الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة من أنها هى صاحبة الاختصاص الإدارى فى التصرف السابق على عين النزاع وفقا لتفسيرهما لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه (وهى التى انتهي فى الفتوى رقم 929 بتاريخ 19/9/1982) الى اختصاص الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالتصرف فى الأرض الداخلة فى الزمام ولمسافة كيلو مترين خارج الزمام، وأجرت التعاقد بناء على ذلك على عين النزاع مع الطاعن الذى لم يدخر جهدا فى إحاطة حى غرب القاهرة باعتباره مصدر الترخيص رقم 1 لسنه 1981 للطاعن باستعمال عين النزاع كازينو سياحى بذلك ومن ثم فان قرار محافظ القاهرة رقم 238 لسنه 1989 المتضمن إزالة استعمال الطاعن للكازينو باعتبار ان يده على عين النزاع مفتقدة السند القانونى المبرر لها - يكون قد قام وبحسب الظاهر على غير سند من القانون حريا والحال هذه بوقف تنفيذه .

وحيث أن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقا لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى موضوع الطعن رقم 2514 لسنه 35 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وفى موضوع الطعن رقم 1819 لسنه 36 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة رقم 238 لسنه 1989 مع ما يترتب على ذلك من باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد أمين العباسى المهدى ومحمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين

فى يوم الاثنين الموافق 31 من مارس سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن محافظ كفر الشيخ ورئيس مركز بيلا بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1538 لسنة 32 القضائية عليا ، ضد...........فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة30/1/1986 فى الدعوى رقم 1916 لسنة 39 ق الذى قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعنان – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضده المصروفات .

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .

وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأمرت باحالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره أمامها جلسة 13/10/1990وتداولت المحكمة نظره على النحو الثابت بالمحضر واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوى الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 10/11/1990 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 24/11/1990 وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة .

ومن حيث أ، عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من أوراقها – تتحصل فى أنه بتاريخ 16/1/1985 أقام السيد /..........الدعوى رقم 1916 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد محافظ كفر الشيخ ورئيس مركز مدينة بيلا بصفتيهما ، وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مركز بيلا رقم 599 لسنة 1984 مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال بيانا لداعوه أنه يمتلك قطعة أرض مبنية بمدينة بيلا مساحتها أربعة قراريط ونصف تقع على شارع عبد المنعم رياض بجوار المدرسة الثانوية الزراعية وحدها الشرقى شارع نهضة مصر ، وبتاريخ 24/12/1984 فوجئ برجال الوحدة المحلية يقومون بتسوير تلك القطعة تنفيذا لقرار رئيس مركز ومدينة بيلا رقم 599 لسنة 1984 بإزالة تعدى المدعى على الأرض المذكورة باعتبارها ملكا للدولة ، وأنه اعترض على استيلاء الحكومة على الأرض وحرر محضر لدى الشرطة أثبت فيه مهندس الوحدة المحلية وجود عشتين مبنيتين على تلك القطعة ، وأن تلك المساحة تم نزع ملكيتها لإقامة مشروع مياه بيلا رقم 2739 لسنة 1931 وتم صرف التعويض فى حينه إلى المواطن .........، وفقا لما جاء بكتاب المساحة بكفر الشيخ رقم 4615 فى4/10/1984 وقدم المدعى عقد شراء تلك القطعة ضمن مساحة ستة قراريط وأربعة أسهم من ورثة المرحوم......بتاريخ 10/3/1944 ونص فى العقد على أن مورث البائعين تملك الأرض بوضع اليد والشراء من الخواجة جون هندرسون كما حول البائعون إلى المدعى عقد إيجار الأرض المبيعة السارى من أول يناير سنة 1944 ومؤشر عليه من مأمورية الضرائب مما يجعله ثابت التاريخ، كما قدم المدعى عقود إيجار تلك الأرض المتتالية بما عليها من مبان تستعمل لحفظ الدواب نظرا لقربها من سوق المواشى وسكن من يستأجرها ، وهى عقود ثابتة التاريخ بمكتب توثيق بيلا فى9/1/1967 و 11/3/1973 و 3/10/1981 وأن عوائد الأملاك ربطت على الأرض باسمه وحددت بالملك رقم /10 شارع مزلقان الطيارة ، كما قدم المدعى قسائم الضرائب العقارية بتاريخ 9/12/1984 واستخراج كشفا رسميا من سجلات مصلحة الضرائب العقارية باسم المدعى من سنة 1981 وأنها مسورة وبها حجرتين وتستعمل وكالة للمواشى وأن مديرية المساحة بكفر الشيخ عادت فقررت فى22/12/1984 أنه ببحث سجلات نزع الملكية تبين صرف مبلغ 4.125 جنيه قيمة أتعاب مصاريف الخبير المنتدب من رئاسة محكمة المنصورة لمعاينة وتثمين الأرض، أما بخصوص صرف تعويضات نزع الملكية فلم يستدل عليها بالفهرست الخاص بنزع الملكية وجارى الاتصال بمديرية المساحة بالمنصورة وهى الجهة التى كان المشروع يتبعها فى ذلك الحين ، وأن النيابة العامة قررت إفهام الطرفين إلى القضاء المدنى ، وأن مورث البائعين كان يمتلك الأرض فى سنة 1931 ووضع هو يده عليها منذ سنة 1944 وبذلك تبلغ مدة وضع يده وسلفه أكثر من 28 عاما تالية للشروع فى نزع الملكية عام 1931 فلا ينطبق فى حقه القانون 39 لسنة 1959 بعدم تملك أموال الدولة بالتقادم ، وأنه لا يصح استناد القرار المطعون فيه إلى القانون رقم 577 لسنة 1954الخاص بنزع الملكية لأنه يصدر بعد سنين عديدة من الشروع فى نزع ملكية الأرض ، حيث كان القانون السارى هو الصادر سنة 1907 ولم تكن ملكية العقار تنتقل إلى الدولة إلا بنشر الأمر العالى الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة فى الجريدة الرسمية ، وقد ثبت لمجلس المدينة حين أصدر قراره المطعون فيه أن العقار مكلف باسم المدعى وأنه هو الذى يقوم بسداد العوائد ورسم النظافة مما يعد إقرارا بملكيته وأن المياه دخلت مدينة بيلا بشبكة تمت منذ سنين وانتفت الحاجة إلى المشروع الذى كان مقترحاً بما يزيد على اثنين وخمسين سنة مما تنتفى معه كافة الشواهد والدلائل التى يمكن اتخاذها سند للقرار المطعون فيه.

وأجابت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة حاصل ما جاء بها أن أرض النزاع نزعت ملكيتها بالمرسوم الملكى الصادر سنة 1931 طبقا لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1907 وأصبحت مخصصة للمنفعة العامة ، ولا يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة ، وأنها لا تفقد هذه الصفة إلا إذا زال تخصيصها للمنفعة العامة ، وأنه عند رفع المساحة لمدينة بيلا سنة 1960 وقعت هذه الأرض على الخريطة بالقطعة رقم 28 ولما لم ينفذ المشروع قامت الوحدة المحلية بتسليم الأرض إلى قسم الأملاك لتحويلها الأملاك خاصة ، وأنه بافتراض أن المدعى اشترى الأرض عام 1944 وظل حائزا لها حتى تاريخ صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 فإنه لم يكمل حتى هذا تاريخ مدة الخمسة عشر عاماً التى كانت تكفى لكسب ملكية أموال الدولة الخاصة بالتقادم ، وأن القرار المطعون فيه صدر بالتطبيق لنص المادة 970 مدنى ولقرار التفويض الصادر من المحافظ والمادة 26 من قانون الحكم المحلى وأن ملكية الدولة ثابتة من الخريطة المساحية سنة 1960 ومن ثبوت تقدير اتعب الخبير فيكون القرار المطعون فيه صحيحا .

وبجلسة 30/1/1986 أصدرت المحكمة حكمها محل هذا الطعن على أسباب محصلها أن ثمة مرسوما صدر فى سنة 1931 بنزع ملكية أرض النزاع لإقامة مشروع مياه بيلا، واتخذت إجراءات نزع الملكية إلا أنه لم يثبت أن هذا المشروع تم تنفيذه أو أن الجهة نازعة الملكية وضعت يدها على العقار منذ تاريخ صدور المرسوم حتى الآن، ورغم مرور ما يزيد على خمسين سنة ، مما يستفاد منه حتما أن الجهة نازعة الملكية لم تكن فى حاجة إلى الأرض المنزوعة ملكيتها ، ومن ثم فيكون القرار الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة قد ولد معدوما لفقدانه ركن الغاية ، ويعتبر فى مرتبة العمل المادى المعدوم الأثر ولا تلحقه حصانة ويجوز الطعن فيه فى أى وقت ، وأنه لما كان السبب الذى بنى عليه القرار المطعون فيه بإزالة تعدى المدعى على أرض النزاع هو اعتبارها من أملاك الدولة بموجب هذا المرسوم الملكى ، فإنه يكون قد قام على سبب مخالف للقانون مما يتوافر معه ركن الدية فضلا عن ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذه.

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله بمقولة أن الدعوى الماثلة وأن كانت لا تعد طعنا فى المرسوم الملكى الصادر سنة 1931 بنزع ملكية أرض النزاع للمنفعة العامة إلا أن مقتضى الحكم فى دعوى الإلغاء التعرض له والمساس به وبالمراكز القانونية المترتبة عليه ، وهو ما يخرج عن ولاية مجلس الدولة فى التعرض للقرارات السابقة على إنشائه مما يتعين معه التسليم به وبأثاره فى نقل ملكية أرض النزاع إلى الدومين العام للدولة ثم قيام جهة الإدارة بنقلها إلى الدومين الخاص وأنه لا يجوز تملك أملاك الدولة العامة والخاصة بالتقادم مهما طالت مدته وأن المدعى لم تكتمل له المدة اللازمة لكسب الملكية قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 .

ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن سلطة جهة الإدارة فى إزالة التعدى على أملاكها بالطريق الإدارى المخولة لها بمقتضى المادة970 من القانون المدنى ، مناط مشروعيتها وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أى سند قانونى لوضع يده أما إذ استند واضع اليد إلى ادعاء بحق ما على عقار له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعيه من حق على هذا العقار له ما يبرره من مستندات تؤيد فى ظاهرها ما يدعيه من حق على هذا العقار أو كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانونى بالنسبة إلى العقار ، انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجبة لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها فى إزالته بالطريق الإدارى ، فلا يحق لها أن تلجأ إليها ، إذ أنها فى هذه الحال لا تكون بصدد دفع اعتداء أو إزالة غصب عن أملاك الدولة وإنما تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه هى منفردة من حق فى محل النزاع بطريق التنفيذ المباشر وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصل الذى يجعل الفصل فى المنازعات معقودا للسلطة القضائية المختصة، بحكم ولايتها الدستورية والقانونية فى حماية الحقوق العامة والخاصة للمواطنين وإقامة العدالة وتأكيد سيادة القانون.

ومن حيث إن البادى من ظاهر أوراق ومستندات الطرفين فيها أنه ولئن صدر عام 1931 مرسوم ملكى بنزع ملكية قطعة الأرض محل النزاع للمنفعة العامة لاقامة مشروع مياه بناحية بيلا رقم 2739 عليها ، إلا أن هذا المشروع لم ينفذ على الأرض المذكورة ونفذ فى مكان أخر ، وكانت الأرض آنذاك كما ينص عليه المرسوم الملكى بنزع الملكية باسم الخواجة امبراوز هندرسون وضع يد.........من رعايا الحكومة المحلية ويقيم بناحية بيلا، وخلت الأوراق مما يثبت دفع تعويض نزع الملكية سواء المالك أو الواضع ليد ، كما أن الثابت من مستندات المدعى أنه بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ10/3/1944 باع ورثة المرحوم...........تلك المساحة إلى المدعى وحولوا إليه عقد إيجارها ومنذ هذا التاريخ وهو يضع يده عليها ، ويقوم بتأجيرها إلى الغير بعقود إيحار قدم صورها ضمن حافظة مستنداته ، كذلك انطوت هذه الحافظة على ما يثبت قيام المدعى بسداد عوائد المبانى ورسم النظافة وضريبة الأرض الفضاء عن هذه القطعة كما قدم مستنداً رسمياً مؤرخا 22/1/1986 عن كشف طوى مستخرج من مأمورية الضرائب العقارية ببيلا ثابت فيه أن الأرض مكلفة باسم الخواجة امبراوز جون هندرسون أى أنها ليست مكلفة باسم الحكومة ، وهذه المستندات فى مجموعها تجعل لوضع يده سندا قانونيا ينفى عنه حالة التعدى والغصب لأملاك الدولة ، ويضحى الأمرعلى هذا النحو منازعة بين الطرفين فى ملكية الأرض فلا يحق لجهة الإدارة أن تستعمل السلطة المخولة لها بمقتضى المادة 970 مدنى لانتزاع ما تدعيه من حق منفردة فى موضوع النزاع وبطريق التنفيذ المباشر إنما عليها نزولا على الشرعية وسيادة القانون اللجوء إلى المحكمة المختصة لاستصدار حكم بملكيتها لهذه الأرض مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فضلا عن توافر ركن الاستعجال فيه ، وإذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون صائبا فى النتيجة التى انتهى إليه مما يتعين معه القضاء برفض الطعن وإلزام جهة الإدارة المصروفات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفاتآثار وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة ، وعضوية السادة المستشارين السيد محمد السيد الطحان وسامي أحمد محمد الصباغ وأحمد عبد العزيز أبو العزم و مصطفي محمد عبد المعطي نواب رئيس مجلس الدولة .

في يوم الأحد الموافق 26/5/1996 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن علي الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري بالمنصورة في الدعوي رقم 896 لسنة 17 ق بجلسة 30/3/1996 والذي قضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي وباختصاصها بنظرها ، وبقبول الدعوي شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام الجهة الأدارية مصروفات هذا الطلب وطلب في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام المطعون ضدهم المصروفات .

وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق .

ونظرت الدائرة الاولي فحص طعون بالمحكمة الادارية العليا الطعن وفقاً لما هو مبين بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 3/5/1999 احالة الطعن الي الدائرة الاولي موضوع بالمحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 13/6/1999 وفقاً لذلك ورد الطعن الي الدائرة المحال اليها ونظرته وفقاً لما هو موضح بمحضر جلستها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 29/10/2000 قررت المحكمة احالتها الي هذه الدائرة للاختصاص فورد الطعن الي هذه الدائرة ونظرته بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/11/2000 وبجلستها المنعقدة بتاريخ 3/1/2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 21/2/2001 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/4/2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .



المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانوناً .

ومن حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .

ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص في انه بتاريخ 7/3/1995 أودع المطعون ضدهم عريضة الدعوي رقم 896 لسنة 17 ق قلم كتاب محكمة القضاء الاداري بالمنصورة طالبين في ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 204 لسنة 1995 الصادر من محافظ الدقهلية بتاريخ 11/2/1995 وفي الموضوع بالغاء هذا القرار وما يترتب علي ذلك من آثار والزام جهة الادارة بالتعويض المناسب عما أصابهم من أضرار والمصاريف ، وذلك علي سند من القول ان القرار المطعون فيه صدر بازالة تعديهم علي قطعة أرض كائنة بناحية جمصة بمدخل مدينة جمصة بحري الطريق الدولي مركز بلقاس مساحتها 15 ط 15 ف بدعوي انهم متعدين علي املاك الدولة الخاصة في حين انهم يضعون يدهم عليها من اربعين عاماً امتداداً لوضع يد سلفهم وانهم يستأجرون تلك الارض من أملاك الدولة الخاصة ويقومون بسداد القيمة الايجارية الي الاصلاح الزراعي الذي أبرم تلك العقود معهم ، هذا بالاضافة الي عدم وجود سبب للقرار واساءة استعمال الادارة لسلطتها المقرره في هذا الشأن .

ونظرت المحكمة المذكورة الدعوي وفقاً لما هو موضح بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 30/3/1996 أصدرت قرارها المطعون فيه واقامت قضاءها علي أنه يلزم لوقف تنفيذ القرار الاداري توافر ركني الجدية والاستعجال بأن يكون القرار غير مشروع وأن يترتب علي تنفيذ نتائج يتعذر تداركها ، وفي مجال الجدية في بحث مشروعية القرار الاداري وازالة ما يقع من تعد علي املاك الدولة الخاصة بالطريق الاداري منوط بتوافر أسباب ذلك من اعتداء ظاهر علي ملك الدولة أو محاولة غصبه ، فاذا استند واضع اليد في وضع يده الي ادعاء ما يبرره من مستندات تؤيده او كانت الحالة الظاهرة تدل علي جدية ما ينسبه صاحب الشأن الي نفسه من مركز قانوني بالنسبة للعقار فلا يكون ثمة غصب أو اعتداء وقع علي ملك الدولة وفي هذه الحالة لا يسوغ للادارة ان تتدخل بسلطتها العامة لازالة وضع اليد لأنها حينئذ لا تكون في مناسبة ازالة اعتداء علي ملكها وانما يكون في معرض انتزاع ما تدعيه من حق وهو أمر غير جائز قانوناً بحسب الأصل العام الذي يجعل الفصل في حقوق الطرفين وحسم النزاع فيه لسلطة القضاء المختص بحكم ولايته الدستورية ، وفي الحالة المعروضة فإن المدعين تربطهم بادارة املاك الدولة الخاصة علاقة ايجارية للمساحات وضع يدهم وبذلك يكون لوضع يدهم علي الاراضي الزراعية المحصورة عليهم خفية من املاك الدولة الخاصة بالناحية المذكورة سالفة الذكر ما يبرره وكان يتعين علي الجهة الادارية فسخ عقود الايجار أو عدم تجديدها قبل الازالة ، واذا لم يتم ذلك فان قرار الازالة المطعون فيه يكون مخالفاً صحيح القانون ويتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ ذلك القرار بازالة المزروعات الموجودة بالارض وطرد المدعين اصابة لهم باضرار يتعذر تداركها ، ويكون طلب وقف التنفيذ بحسب الظاهر من الاوراق موافقاً صحيح القانون .

ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدي الجهة الادارية الطاعنة فأقامت هذا الطعن ناعية علي الحكم المطعون فيه بالمخالفة لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن حكم المادة 79 مدني وأحكام القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن الادارة المحلية تخول الجهة الادارية اصدار قرارات بازالة التعديات التي تقع علي أملاك الدولة الخاصة وأن أرض النزاع تدخل في أملاك محافظة الدقهلية بموجب قرار محافظة الدقهلية رقم 519 لسنة 66 وعلي ذلك فإن الجهة الأدارية صاحبة التصرف في الأرض هي محافظة الدقهلية وليست ادارة املاك الدولة الخاصة والعقود المحررة بين أملاك الدولة والمدعين لا يعتد بها فضلاً ان هذه العقود انتهت في 31/10/1995 قبل صدور الحكم المطعون فيه ولم يثبت ان الادارة جددت هذه العقود لمدة أو مدد أخري .

ومن حيث ان المادة 2 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها تنص علي أن " تنقسم الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة الي ما يأتي :

أ – الاراضي الزراعية – وهي الاراضي الواقعة داخل الزمام والاراضي المتضامة الممتدة خارج حد الزمام الي مسافة كيلو متر التي تكون مزروعة بالفعل وكذا أراضي طرح النهر وهي الاراضي الواقعة بين جسري نهر النيل وفرعيه التي يحولها النهر من مكانها او ينكشف عنها والجزر التي تتكون في مجراه .

ب – الاراضي البور .......... ج – الاراضي الصحراوية ........... ثم صدر القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الادارة المحلية وبين الاراضي المملوكة للدولة والتي كانت خاضعة للقانون رقم 100 لسنة 1964 وآل الاختصاص فيها للادارة المحلية من الاراضي البور والقابلة للاستصلاح والاستزراع وصدر القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الاراضي الصحراوية وبين الجهة التي آل الاختصاص لها بتلك الاراضي ، وأخيراً صدر القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة ونص في المادة الثانية منه علي آن تكون ادارة واستغلال والتصرف في الاراضي الصحراوية الخاضعة لاحكام القانون رقم 43 لسنة 1981 في شأن الاراضي الصحراوية وفقاً للاوضاع والاجراءات الآتية : أ - ............... ب - ................ " وتنص المادة الثالثة من هذا القانون علي أن اراضي البحيرات والمساحات التي يتم تجفيفها واراضي طرح تتولي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية استغلالها والتصرف فيها ونصت المادة 4 من القانون المذكور علي أن " تتولي وحدات الادارة المحلية كل في نطاق اختصاصها ادارة واستغلال والتصرف في الاراضي المعدة للبناء المملوكة لها وللدولة والاراضي القابلة للاستزراع داخل الزمام ويضع المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة طبقاً للقواعد التي يقررها مجلس الوزراء قواعد التصرف في هذه الأراضي ...... وفيما يتعلق بالاراضي المتاخمة والممتدة خارج الزمام الي مسافة كيلو متر فيكون استصلاحها وفق خطة قومية تضعها وزارة استصلاح الاراضي وتتولي تنفيذها او عن طريق الجهات التي تحددها بالتنسيق مع المحافظة المختصة ، وتتولي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ادارة هذه الاراضي واستغلالها والتصرف فيها ......... " وتنص المادة 5 من القانون 7 لسنة 1991 المشار اليه علي ان " يحظر استخدام الاراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون في غير الاغراض المخصصة من أجلها ..... ، عند الخلاف بين الوزارات والهيئات العامة ووحدات الادارة المحلية او بين هذه الجهات وبعضها البعض حول تحديد الجهة المختصة بادارة واستغلال والتصرف في أية أراضي أو عقارات من المشار اليها يعرض الامر علي مجلس الوزراء ويكون قراره في هذا الشأن ملزماً للجميع ويسري هذا الحكم علي الخلافات القائمة بين الجهات المذكورة عند العمل بهذا القانون .

ومن حيث انه وفقاً لما سلف ولما كان البادي من الاطلاع علي الاوراق ان المطعون ضدهم متعاقدين مع الهيئة العامة للاصلاح الزراعي – الادارة العامة لأملاك الدولة الخاصة عن الأراضي الزراعية الموضح مساحتها بعقد تم بينهما والواردة أيضاً بكتاب الإدارة العامة لأملاك الدولة الخاصة – منطقة املاك كفر الاطرش المؤرخ 26/4/1995 بناحية رزاعة الوكالة منطقة جمصة محافظة الدقهلية وان هذه المساحة محرر عنها عقود ايجار منذ فترة طويلة ويقومون بسداد الايجار سنوياً ، وفقاً لما جاء بالكتاب المشار اليه وعززه من كتب أخري من الادارة المذكورة وهذه العقود سارية حتي 31/10/1995 ومن ثم فان المدعين وقت صدور القرار المطعون فيه رقم 204 لسنة 1995 بتاريخ 11/2/1995 تربطهم باملاك الدولة الخاصة علاقة ايجارية عن ارض زراعية تفيد بحسب الظاهر انها مالكة لهذه الارض ولم يثبت من الاوراق انه ثار نزاع حول تبعيتها لأي من المحافظة والادارة المذكورة قبل صدور القرار المطعون فيه ومن ثم يكون القرار الصادر بازالة تعديهم غير قائم بحسب الظاهر من الاوراق علي اساس صحيح من القانون يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لانه يترتب علي تنفيذه اصابتهم باضرار يتعذر تداركها وبالتالي يكون طلب وقف التنفيذ قائماً علي سنده المبرر له قانوناً ، واذ انتهي الحكم المطعون فيه الي ذلك فانه يكون قد صادف صواب القانون مما يتعين معه رفض هذا الطعن والزام جهة الادارة المصروفات طبقاً لحكم المادة 184 مرافعات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً والزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسرى عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدى وحسن حسنين على وعادل محمود فرغلى المستشارين.

في يوم الأحد الموافق 20 من يونيو سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة - نائبة عن محافظ القاهرة - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1298 لسنة 28 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في الدعوى رقم 2070 لسنة 33 ق بجلسة 20/4/1987 والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وطلب الطاعن قبول الطعن شكلا وإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانون في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.

وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/3/1986 التى نظرته على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 7/7/1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 11/10/1986 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة اليوم، وفها صدر الحكم الآتى وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده أقام دعواه رقم 2070 لسنة 33 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 15/9/1979 طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة بالاستيلاء على قطعة الأرض رقم 4 بحوض داير الناحية رقم 8 بالبساتين بالمعادى المملوكة له وطرده منها وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب على ذلك من آثار. مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات.

وبجلسة 20/4/1982 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى يستند في ملكيته للأرض محل النزاع إلى عقد بيع مسجل برقم 3511 لسنة 1920 اشترى بمقتضاه مورثه عباس عبد الخالق الطحاوي قطعة الأرض المذكورة من والده عبد الخالق الطحاوى، كما يستند الى أنه هو ومورثه يضعان اليد على الأرض منذ سنة 1920 ويحوزانها حيازة هادئة مستقرة، في حين تستند الحكومة في ملكيتها للأرض الى محضر مرمى المزاد مشهر برقم 3056 لسنة 1944 يفيد أيلولة ملكية الأرض اليها عن المدعو عبد الخالق الطحاوى. وبالرغم من أن المدعى لجأ إلى القضاء المدنى فأقام الدعوى رقم 5062 لسنة 1979 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المدعى عليه طالبا منع تعرضه له في حيازته للأرض، والدعوى رقم 9782 لسنة 1979 مدنى كلى جنوب القاهرة طالبا الحكم ببطلان تسجيل محضر مرسى المزاد المشهر برقم 3056 لسنة 1994 - إلا أن جهة الإدارة لم تنتظر حكم القضاء المدنى فى الدعويين المذكورتين، وبادرت بإصدار قرارها المطعون فيه على الرغم من المستندات التى قدمها المدعى لإثبات ملكيته للأرض ووضع يده عليها، وذلك استنادا إلى حكم المادة 970 مدنى التى تجيز لجهة الإدارة إزالة التعدى على أموال الدولة الخاصة بالطريق الإدارى. وأردفت المحكمة أن الاستناد الى حكم هذه المادة يفترض أن هناك عدوانا ظاهرا وعلى غير أساس على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة، أما إذا كان هناك خلاف جدى بين الإدارة والأفراد حول ملكية الأرض، أو كان وضع يد الفرد على الأرض مقرونا بسند له أصل يبرره كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - فلا يجوز للإدارة أن تلجأ الى استعمال سلطتها العامة لتنتزع ما تدعيه حقا لها بل تعين عليها أن تحتكم إلى السلطة القضائية لحسم النزاع الذى يثور بينها وبين خصمها من الأفراد.

ومن حيث أن مبنى الطعن في الحكم أن ملكية الدولة للأرض موضوع النزاع ثابتة بيقين من المستندات التى قدمتها في الدعوى ومن بينها محضر مرسى المزاد المسجل برقم 3056 لسنة 1994 الذى آلت بموجبه إليها ملكية الأرض، ومن ثم فلا مجال للجدل حول ملكية الدولة لأرض النزاع، ولا ما يلزمها بانتظار حكم القضاء في الدعوى التى أقامها المطعون ضده ببطلان تسجيل مرسى المزاد، وأن سند ملكيتها لظل صحيحا ومنتجا آثاره الى أن يقضى في شأنه بالبطلان سيما وأن سند ملكية الدولة للأرض مشهر في تاريخ لاحق على سند المطعون ضده، ومن ثم يلغى كافة الوثائق السابقة عليه ويطهر العين من كافة الحقوق العينية المتعلقة بها قبل شهر محضر مرسى المزاد. ومتى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يغدو مطابقا لأحكام القانون ولا مطعن عليه.

ومن حيث أن الثابت من مستندات الدعوى أنه بتاريخ 26 من يوليو سنة 1939 عقد مجلس مزايدة لبيع قطعة أرض مساحتها 90 س 19 ط 1 ف وهى القطعة رقم 4 بحوض داير الناحية رقم 8 بالبساتين والموقع عليها حجز بمعرفة الحكومة بتاريخ 23/12/1936 نظر مطلوباتها على هذه الأرض، والمكلفة باسم ورثة عبد الخالق الطحاوى. وقد رسا المزاد على الحكومة وتم شهر محضر رسو المزاد برقم 3056 لسنة 1944، ومن ثم يكون البيع قد تم للحكومة وانتقلت ملكية الأرض لها منذ تسجيل محضر رسو المزاد سنة 1944. ومتى ثبت ذلك فلا وجه لاحتجاج المطعون ضده بعقد شراء مورثه للأرض من والده عبد الخالق الطحاوى المسجل برقم 3511 لسنة 1920 وأيلولة الأرض المشتراة اليه بالميراث، لأن واقعة تملك الدولة للأرض تالية على تاريخ ذلك العقد ومنهية لآثاره. كما لا وجه أيضا للمحاجة بوضع اليد على الأرض منذ شرائها عام 1920، ذلك أن مدة وضع اليد المكسب لملكية العقار بالتقادم ومقدارها خمس عشرة سنة من تاريخ انتقال ملكية الأرض للدولة سنة 1944 لم تكمل للمطعون ضده اذ صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل حكم المادة 970 من القانون المدق ونص على عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة بالتقادم.

ومن حيث أنه متى استبان أن ملكية الدولة للأرض تستند الى سند جدى له أصل ثابت بالأوراق نسخ قانونا ما يستند اليه المطعون ضده من سنوات في ادعائه ملكية هذه الأرض، فإن للإدارة ممارسة سلطتها المخولة لها في المادة 970 من القانون المدنى فى إزالة التعدى الواقع على الأموال المملوكة لها ملكية خاصة بالطريق الإدارى. ولا ينال من سلطتها في هذا الشأن أن ينازع واضع اليد على الأرض في ملكية الدولة الثابتة أو يدعى بحقوق له عليها ولو أقام بهذه الادعاءات دعاوى أمام القضاء - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ذلك أن المشرع عندما سن حكم المادة 970 من القانون المدنى - حسبما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون - افترض قيام النزاع في الأفراد الحائزين للمال وجهات الإدارة المالكة، وقد يعمد هؤلاء الأفراد الى اصطناع الأدلة لتأييد وضع يدهم وإطالة المنازعات لاستمرار- الحيازة، فعمد الى إعفاء جهات الإدارة من الالتجاء الى القضاء للمطالبة بحقها الثابت بمستندات وأدلة جديدة وخولها حمايته بالطريق الإدارى، والقى عبء المطالبة على الحائزين من الأفراد. وبناء عليه فلا صحة فيما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أنه كان يتعين على محافظة القاهرة - الطاعنة - أن تنتظر حكم القضاء فى الدعوى رقم 6782 لسنة 1979 سالفة الذكر التى أقامها المطعون ضده طالبا الحكم ببطلان تسجيل محضر رسو المزاد. ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات
باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم. رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة .

فى يوم الإثنين الموافق 2/6/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2402 لسنة 32ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1918 لسنة 36ق بجلسة 3/48/1986 والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.

وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.

قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً بشقيه العاجل والموضوعى وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

تحدد لنظر الطعن جلسة 20/3/1989 أمام دائرة فحص الطعون والتى نظرته بالجلسة المذكورة والجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 3/6/1991قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 27/7/1991وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 9/10/1994قررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 27/11/1994 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث ان الوقائع تخلص - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن - فى أنه بتاريخ 25/2/1982أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1918 لسنة 36ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس حى حلوان والمعادى رقم 22 الصادر بتاريخ 19/10/1981 بإزالة التعدى الواقع على مساحة 100 متر مربع من نهر شارع الجمهورية بعزبة جبريل وكافة ما يترتب على ذلك من آثار، وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى جزء من الأرض المتنازع عليها بالقطعة رقم 193 بحوض الأبعدية رقم 18 بزمام البساتين بعقد مشهر برقم 6947 فى 26/9/1957 من عزيز عبد النور سمعان المالك بموجب العقد المسجل بقلم رهون محكمة مصر المختلطة برقم 948 جيزة ورقم 1632 مصر فى 26/2/1946، وأنه يضع يده على الجزء الباقى من الأرض المتنازع عليها المملوك ........... التى صدر لصالحها حكم فى الدعوى رقم 2227 لسنة 1976 كلى جنوب القاهرة فى مواجهة محافظ القاهرة، وأكد المدعى أنه لم يصدر قرار بنزع ملكية العقار موضوع النزاع أو بتقسيم المنطقة التى تقع بها تلك الأرض، وأنه لذلك يطلب إلغاء قرار الإزالة المطعون فيه، وقدم المدعى لإثبات دعواه صورة عقد البيع المشهر برقم 6947 فى 26/9/1957 مأمورية السيدة زينب عن مساحة 112.5 متراً مربعاً والحكم الصادر فى الدعوى رقم 2227 لسنة 1976، وترخيص بناء صادر فى 4/11/1981 لـ............... بإقامة منشآت فى الأرض رقم 18 قطعة رقم 10 بالبساتين.

وقد طلبت الحكومة رفض الدعوى على أساس أن المبانى أقيمت فى الشارع الملحق بالمنفعة العامة بمقتضى القانون رقم 135 لسنة 1981 لوقوعه بتقسيم غير معتمد، وقدمت الحكومة لإثبات دفاعها صورة من القرار المطعون فيه وكتاب مؤرخ 26/1/1984 تضمن أن الشارع اعتمد بالقرار الوزارى رقم 1163.

وبجلسة 3/4/1986 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة الثالثة من القانون رقم 135 لسنة 1981 فى شأن الأبنية والأعمال التى تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضى المعدة البناء والتى تلحق بالمنافع العامة دون مقابل الشوارع والميادين والمتنزهات التى تحددت على الطبيعة فى التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التى تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء فى الفترة المحددة بالمادة الأولى، وقد حددت المادة الأولى تلك الفترة من 6يوليو سنة 1966 حتى 31 يوليو سنة 1981 تاريخ العمل بأحكام هذا القانون. وأنه بناء على حكم هذا النص فإن شارع الجمهورية بعزبة جبريل الذى آل إلى الدولة والمنفعة العامة فى تقسيم تلك العزبة المخالف تتحدد مساحته وأبعاده وفقاً لحالته التى كان عليها فى 31/7/1981 وبالتالى فإن أى بناء يتم عليه بعد هذا التاريخ يشكل اعتداء على أملاك الدولة يكون للمحافظ أو من يفوضه حق إزالته بيد أنه إذا كانت المبانى قد أقيمت قبل 31/7/1981 فإنها تكون مقامة فى الأملاك الخاصة للأفراد ولا يجوز لذلك إزالتها ولما كان الثابت أن المساحة التى أقام عليها المدعى المبانى التى صدر القرار المطعون فيه بإزالتها بتاريخ 19/108/1981 تدخل ضمن القطعة المملوكة لـ................... والتى صدر ترخيص بالبناء عليها فى 24/1/1981فإنه يكون قد أقام المبانى موضوع الإزالة قبل 31/7/1981 وإذ لم تقدم الإدارة ما يفيد إقامته المبانى بعد هذا التاريخ فإن الأرض التى أقيمت عليها المبانى تظل على ملك المدعى ولا تعد جزءاً من شارع الجمهورية بعزبة جبريل وبالتالى يكون القرار المطعون فيه الصادر بإزالتها غير قائم على سند يبرره ويتعين لذلك الحكم بإلغائه.

ومن حيث ان مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ذلك أنه طبقا لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 135 لسنة 1981 فإن المبانى والمنشآت المقامة على أراضى التقاسيم المخالفة خلال الفترة من 6/7/1966 وحتى 30/7/1981 تلحق شوارعها بالمنفعة العامة دون مقابل وبالتالى فإن شارع الجمهورية بعزبة جبريل ألحق بالمنافع العامة وتم اعتماد ذلك بالقرار الوزارى رقم 1163 باعتبار أن تقسيم تلك العزبة مخالف لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940وعلى ذلك فإن قيام المطعون ضده بالبناء فى نهر شارع الجمهورية يشكل اعتداء على أملاك الدولة يحق لجهة الإدارة إزالته إدارياً بالطريق المباشر وقد صدر القرار الطعين فى 19/10/1981 بناء على معاينة الجهة الإدارية لتقسيم المنطقة ومن ثم يكون قراراً صحيحاً متفقاً وحكم القانون، فضلاً عن أن استخلاص الحكم المطعون فيه لقيام المطعون ضده بالبناء قبل 31/7/1981 بناء على الترخيص بالبناء الصادر للسيدة/ ........................ فى 24/1/1981 استخلاص لا تنتجه أوراق الدعوى ذلك أن الأرض المتنازع عليها ليست جميعها ضمن القطعة المملوكة لـ...................... بل الثابت طبقا لإقرار المدعى وما ورد بحيثيات الحكم المطعون فيه أن جزءاً فقط من أرض النزاع يقع فى أرض السيدة المذكورة وضع يد المطعون ضده وقد خلت أوراق الطعن مما يقطع بدخول هذا الجزء من الأرض الصادر عنها ترخيص البناء، وصدور الترخيص للسيدة المذكورة ينفى وضع يد المطعون ضده على تلك القطعة مما يفيد بأن الأرض محل النزاع غير تلك الأرض الصادر عنها ترخيص البناء ومن ناحية أخرى فإن صدور الترخيص بالبناء فى تاريخ معين لا يعنى بالضرورة إقامة المبانى فى ذات التاريخ على وجه التحديد.

ومن حيث ان المادة الثانية من القانون رقم 29 لسن 1966 فى شأن الأبنية والأعمال التى تمت بالمخالفة لأحكام قوانين المبانى وتقسيم الأراضى المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم قد نصت على أنه يلحق بالمنافع العامة بدون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات المنشأة فى التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التى تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء فى الفترة المبينة بالمادة الأولى ( وهى الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1940 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 29 لسنة 1966 فى 7/7/ 1966) والتى ترى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أنها تحددت على الطبيعة بإقامة مبان عليها بكيفية يتعذر معها تطبيق القانون المشار إليه ......" ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 135 لسنة 1981 فى شأن الأبنية والأعمال التى تمت بالمخالفة لأحكام قانون تقسيم الأراضى المعدة للبناء، وقد تضمن حكما مشابها لحكم المادة السابقة فنصت المادة الثالثة منه على أن "يلحق بالمنافع العامة دون مقابل الشوارع والطرق والميادين والمتنزهات التى تحددت على الطبيعة فى التقاسيم أو أجزاء التقاسيم التى تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضى المعدة للبناء فى الفترة المبينة بالمادة الأولى "وهى الفترة من 6 من يوليو سنة 1966 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 135 لسنة 1981 فى 31/7/1981.

ومن حيث ان مفاد ما تقدم أنه لكى تلحق الشوارع المشار إليها بالمنافع العامة دون مقابل يتعين أن تكون قد تحددت على الطبيعة فى تقاسيم أو أجزاء تقاسيم تمت بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 فى فترة زمنية تنتهى فى ى31/7/1981 فإذا لم تكن هذه الشوارع قد تحددت على الطبيعة فى تلك التقاسيم أو أجزائها حتى التاريخ الأخير بل تحددت بعد ذلك فإن الأرض التى تشغلها تلك الشوارع تظل فى الملكية الخاصة لأصحابها، ويتعين على جهة الإدارة أو صاحب المصلحة حسب الأحوال إقامة الدليل على أن الشوارع قد تحددت على الطبيعة فى فترة سابقة على 31/7/1981، وبعد أن تتحدد الشوارع على الطبيعة فى التاريخ المذكور تلحق بالمنافع العامة ويعتبر التعدى عليها بعد ذلك تعد على أملاك الدولة العامة تجرى إزالته، فإذا لم تكن قد تحددت على الطبيعة فى التاريخ المشار إليه فإن البناء عليها من مالكها لا يعد تعدياً على أملاك الدولة العامة ولا يجوز إزالتها إدارياً.

ومن حيث انه بإنزال ما تقدم على وقائع الطعن الماثل وإذ استندت جهة الإدارة فى دفاعها منذ مراحل الطعن الأولى على أن شارع الجمهورية بعزبة جبريل قد تحدد بالفعل على الطبيعة ثم اعتمد بالقرار الوزارى رقم 1163 دون أن تقدم صورة من هذا رقم تكليف المحكمة لها بتقديمه أكثر من مرة بمرحلة الطعن بل انها قدمت بجلسة 17/7/1994 حافظ مستندات طويت فى كتاب صادر من الإدارة العامة للتخطيط العمرانى بمديرية الإسكان والمرافق بمحافظة القاهرة مؤرخ 19/5/1994 مفاده أنه بالبحث فى السجلات الموجودة لدى الإدارة لم تستدل على القرار رقم 1163 الصادر فى 8/8/1955 باعتماد شارع الجمهورية عزبة جبريل البساتين، كذلك لم تكلف الإدارة نفسها عناء إثبات أن الشارع المذكور منفذ بالطبيعة طيلة مراحل التداعى أمام القضاء والتى استطالت للعديد من الجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وقد فى مكنه الإدارة أن تدلل على قيام الشارع المذكور بالطبيعة بمستخرج من الضرائب العقارية أو خريطة مساحية معتمدة لا يغنى عنها الرسم الكروكى المقدم منها وأن تثبت أنه قائم بالطبيعة فى فترة سابقة على 31/7/1981 وإذ تقاعست الإدارة عن إثبات ذلك فإن الأرض المقام عليها البناء تعد مملوكة للمطعون ضده وبالتالى فإن القرار المطعون فيه رقم 22 لسنة 1981 الصادر فى 19/10/1981 بإزالة المبانى التى أقامها المطعون ضده والتى تمت بمعاينتها فى 18/10/1981يكون قد صدر مخالفاً للقانون لأن الإدارة لم تثبت حتى تاريخ المعاينة فى 18/10/1981 أن هذه الأرض قد خرجت عن ملكية صاحبها (المطعون ضده) ومن ثم يغدو قرار الإزالة الطعين بإزالة المبانى إداريا قد صدر غير مستند إلى أسباب تبرره جديراً بالألغاء، وقد ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وأن استند إلى أسباب أخرى ومن ثم يكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.

ومن حيث ان من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات
أثر امتناع الإدارة عن تقديم المستندات.يقيم قرينة لصالح المدعي بصحة ادعائه
بسم الله الرحمن الرحيم


المحكمه الاداريه العليا
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1972 لسنة 33 القضائية

( أ ) دعوى - إثبات - عبء الإثبات - أثر امتناع الإدارة عن تقديم المستندات.
يقع عبء الإثبات على عاتق المدعي - لا يؤخذ بهذه القاعدة على إطلاقها في مجال المنازعات الإدارية حيث تحتفظ الإدارة بجميع الوثائق والملفات المتعلقة بالمنازعة - أثر ذلك: أنه يتعين على جهة الإدارة تقديم الأوراق والمستندات اللازمة للفصل في الدعوى - نكول الإدارة عن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي بصحة ادعائه وسلامة ما قدمه من أدلة - تسقط هذه القرينة في حالة ثبوت التواطؤ والغش مع عمال الإدارة - تطبيق.
(ب) دعوى - أدلة الإثبات - ندب خبير في الدعوى.
الاستعانة بأهل الخبرة من الأمور المتروكة للسلطة التقديرية للمحكمة – لا تثريب على المحكمة إن هي رفضت طلب إحالة الدعوى إلى خبير بعد أن تبين لها أن الطلب قدم من خصم امتنع عن تنفيذ قراراتها رغبة في تعطيل الفصل في الدعوى رغم ثبوت الحق المدعى به - تطبيق.[(1)]

إجراءات الطعن

في يوم الإثنين الموافق 27/ 4/ 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1972 لسنة 33 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 26/ 2/ 1987 في الدعوى رقم 78/ 36 ق والقاض بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقدم الأستاذ المستشار/ مصطفى عبد المنعم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/ 10/ 1990 حيث نظر بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر إحالته بجلسة 1/ 7/ 1991 إلى هذه المحكمة "حيث تم تداول الطعن أمامها ومناقشة أدلته - التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 78 لسنة 36 ق بتاريخ 15/ 10/ 1981 أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من مجلس مدينة شبرا الخيمة برفض طلب الترخيص رقم 24 لسنة 1980 مع إلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك تأسيساً على أنه، تقدم إلى الإدارة الهندسية بمجلس مدينة شبرا الخيمة طالباً الترخيص بالتعلية فوق المباني السابق إقامتها بملكه رقم 21 طريق الإسكندرية الزراعي وقيد الطلب برقم 24/ 10/ 1980 وتم إخطاره من قبل مجلس المدينة بالكتاب رقم 5372 في 8/ 4/ 1980 بدفع مقابل التحسين المستحق على عقاره الجاري تعليته وقام بدفع مقابل التحسين المطلوب بتاريخ 12/ 7/ 1980 بقسيمة السداد رقم 265424 غير أنه فوجئ بعد تسعة أشهر بخطاب مجلس المدينة رقم 2088 في 21/ 4/ 1981 يخطره فيه برفض طلب الترخيص بناء على رأي الشئون القانونية بالمجلس وتم له التظلم من هذا القرار إلى لجنة التظلمات التي لم تجبه بالقبول أو الرفض.
واستطرد المطعون ضده قائلاً أن القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون والإجراءات حيث اعتبرت المادة السادسة من القانون أن مرور ستين يوماً على تقديم طلب الترخيص دون صدور قرار من الجهة الإدارية المختصة بالرفض يعد بمثابة موافقة على طلب الترخيص، ومن ثم فما دام المطعون ضده المدعي قد قدم الطلب مستوفياً ودفع مقابل التحسين المطلوب وانقضت المدد الواردة في القانون فقد أصبح ممنوحاً الترخيص بقوة القانون ويكون القرار الصادر بالرفض صادراً ممن لا يملكه ومشوباً بعيب انعدام السلطة، كما أن إخطار المدعي لم يتضمن تسبيباً للقرار الأمر الذي يجعله غير قائم على سبب يبره قانوناً.
وبجلسة 26/ 2/ 1987 قضت محكمة أول درجة بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وشيدت قضاؤها على أن جهة الإدارة تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إثباته إيجاباً أو نفياً عما طلب منها، فإذا تنكلت الحكومة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعي تلقى عبء الإثبات على عاتق الحكومة، وإذ امتنعت الحكومة عن تقديم المستندات والأوراق التي استندت إليها في إصدار قرارها رغم تكرار مطالبتها سواء في مرحلة التحضير أو أمام المحكمة، الأمر الذي يؤيد دعوى الطاعن والتي لم تنفيها جهة الإدارة أو بتقديم أي دليل ينقضها، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر على غير أسباب سليمة منتجة واقعاً وقانوناً مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون للأسباب الآتية أولاً: أن ثمة قصوراً واضحاً في التسبيب وذلك لأن المستندات المقدمة من المطعون ضده في الدعوى لا تكفي لإلغاء القرار ولم يظهر الحكم في أسبابه كيفية انتهائه إلى عدم أحقية الجهة الإدارية في رفض طلب الترخيص وكان الواجب على المحكمة أن تحيل الأمر إلى خبير للتعرف على مدى سلامة القرار من الناحية الفنية والواقعية.
ثانياً: أن الجهة الإدارية كانت بسبيلها لتقديم مستندات قاطعة في الدعوى تفيد تنازل المطعون ضده عن طلب الترخيص بعد رفع الدعوى إلا أن المحكمة لم تفسح للجهة الإدارة الوقت الكافي لتقديم المستندات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان عبء الإثبات على عاتق المدعي استناداً إلى القاعدة الأصولية أن البينة على من أدعى، إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه في مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال وطبيعة النظام الإداري الذي يقوم على مبدأ التنظيم اللائحي المسبق لإجراءات وخطوات أداء العمل الإداري وتوزيع الاختصاص بين العاملين في إنجاز مهامه بصورة محددة وضرورة تنظيم حفظ الوثائق والمستندات المتعلقة به للرجوع إليها سواء لضمان حقوق المواطنين والإدارة أو لتحديد المسئولية ومن ثم تحتفظ الإدارة طبقاً لمقتضيات النظام العام الإداري بجميع الوثائق والملفات المتعلقة بالأعمال التي تقوم بها أو بصور رسمية فيها وهي الأوراق ذات الأثر الجسيم في المنازعة الإدارية.
ومن حيث إنه بناء على ما أورده الدستور من خضوع الدولة للقانون وعدم تحصن أي عمل أو إجراء يصدر عن الجهات الإدارية من حصانة القضاء ومسئولية السلطة القضائية وبصفة خاصة مجلس الدولة عن تحقيق سيادة القانون ومباشرة الرقابة على مشروعية تصرفات وقرارات الجهات الإدارية فإنه يتعين على هذه الجهات الإدارية نزولاً على سيادة القانون ولعدم تعويق العدالة أن تقدم لمحاكم مجلس الدولة....... سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة في إظهار وجه الحق فيه إثباتاً أو نفياً متى طلب إليها ذلك، فإذا تنكلت تلك الجهة عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع وكان المدعي يعتمد في تعييب قرارها على ما تضمنته المستندات التي تحتفظ بها وامتنعت عن تقديمها انزاحت قرينة الصحة التي تتمتع بها القرارات الإدارية، وقامت لصالح المدعي قرينة جديدة على صحة ما أقامه أمام القضاء من ادعاءات وسلامة ما قدمه من مستندات، وألقت عبء الإثبات من جديد على عاتق الإدارة.
وإذا كانت..... هذه القاعدة العادلة تنبثق من أصل دستوري عام هو إزالة كافة العوائق التي تواجه المواطن في سبيل لجوئه إلى قاضيه الطبيعي للانتصاف هو الحق الذي كفله الدستور وأكدته القوانين التي أتاحت أحكامها للقاضي وسائل ممارسته لوظيفته الطبيعية في تحقيق العدالة بتهيئة كافة السبل لاستيفاء الأوراق والمستندات المعينة على معرفة الحقيقة وحسم النزاع، فإن هذه القاعدة تجد حدها الطبيعي في ألا تستغل من جانب الأفراد أو عمال الإدارة لطمس الحقيقة وإخفائها وتضليل العدالة لتحقيق مصلحة خاصة على حساب الحق والعدل والصالح العام، ومقتضى ذلك أن القرينة التي قامت لصالح الأفراد بسبب الإدارة أو تقاعسها عن الرد أو تقديم المستندات تسقط - في مجال الإثبات إذ وقع من جانبهم إهمال أو غش أو تواطؤ مع عمال الإدارة لتحقيق هذه الغاية على حساب المصلحة العامة أو إذا كان الاعتداد بهذه القرينة من شأنه تهديد سير وانتظام مرفق عام أو تعرض الأمن العام أو المصلحة العامة أو السكينة العامة للخطر أو انهيار آخر للمقومات الأساسية للمجتمع مثل القيم الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، وعلى المحكمة أن تكتشف من سير الدعوى قيام أي من هذه الاعتبارات أو انتفائه حتى تستقيم القاعدة ولا تستغل هذه القرينة التي تقضيها العدالة - لتحقيق مآرب شخصية بتضليل العدالة وللامتناع عن تقديم المستندات المعينة على استجلاء الحقيقة فإذا ما تأكد للمحكمة - من واقع الحال - أن العاملين بالجهة الإدارية قد امتنعوا عمداً عن تقديم ما لديها من مستندات كلفت بتقديمها لفترة طويلة، وأن المدعي قد قدم بحسن نية كل ما لديه من أوراق ومستندات تؤيد ادعاءاته، ولم يثبت لديها وقوع غش أو تواطؤ بين المدعي وعمال الإدارة لتضليل المحكمة أو إبعادها عما في طلبات المدعي من تهديد للصالح العام وتابعت بصبر لفترة معقولة تكليف الإدارة بإيداع المستندات اللازمة للفصل في الدعوى واستنفذت وسائل إجبارها على تقديمها، فلا تثريب عليها إن هي اقتنعت بأن نكول الإدارة عن تقديم الأوراق المطلوبة دليل على صحة ادعاءات الطرف الآخر وسلامة موقفه في الدعوى، ولا سبيل لدحض سلامة هذه الأسس بالقول بإحالة الدعوى إلى خبير في حالة امتناع الإدارة عن تقديم المستندات المطلوبة، ذلك أن الاستعانة بأهل الخبرة وإن أجازة القانون للمحكمة عند الاقتضاء فإنه أمر متروك لمطلق تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ووزنها في مجال إثبات الحق أو استجلاء الحقيقة لتؤدي رسالتها في إحقاق الحق وإقامة العدل وحسم الأنزعه في أقرب وقت مستطاع، ومن ثم فلا تثريب عليها إن هي رأت في حدود سلطتها عدم جدوى اللجؤ إلى أهل الخبرة في تحصيل الحق الثابت في الموضوع والذي لم تجحده الإدارة، فضلاً عن أن إحالة الدعوى إلى الخبير لا يسوغ اللجؤ إليه لتحقيق أهداف ولصالح الخصم الممتنع عن تنفيذ قرارات المحكمة في تعطيل الفصل في الدعوى ومكافأته على امتناعه وإعناتاً للطرف الآخر في سبيل اقتضائه لحق التقاضي وهو متنزه عنه القضاء القائم على الحياد والموضوعية والنزاهة والعدل.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد امتنعت عن تقديم أسباب رفضها لطلب الترخيص المقدم من المدعي "المطعون ضده أو ملف الترخيص الذي تحتفظ به تحت يدها يعتبر مبرر معقول رغم تكرار مطالبتها بها على الوجه المبين بمحاضر الجلسات التي عقدتها هيئة مفوضي الدولة لتحضير الدعوى أو التي عقدتها المحكمة للفصل فيها قرابة أربع سنوات من تاريخ رفع الدعوى استنفذت خلالها المحكمة كل وسائلها القانونية في سبيل إجبار الإدارة على تنفيذ ما كلفت به فإن المحكمة تكون قد أصابت الحق إن هي استخلصت من ذلك دليلاً على سلامة ادعاء المطعون ضده في تعيب القرار المطعون واعتبرته غير قائم على سببه وانتهت إلى إلغائه.
ومن حيث إنه لا ينال من سلامة هذا النظر ما قدمته الجهة الطاعنة من أوراق تحصلت في مستند واحد اعتبرته قاطعاً في الطعن لتضمنه تأشيرة من المطعون ضده على الطلب المقدم منه بالترخيص له بتعلية عقاره، ذلك أنه فضلاً عن أن المستند المقدم منها هو عبارة عن صورة فوتوغرافية لم يقدم أصلها للمحكمة، فإنه يبين من مطالعة الأوراق في الظروف والملابسات الدالة على مخالفة الإدارة لروح التشريع، إن المستند المدعى به لا يوفر لدى المحكمة الاقتناع الكامل بسلامة صدوره من المطعون ضده عن إرادة حرة واعية، ذلك أنه ولئن كانت الجهة الطاعنة تعتمد في طعنها المقام في 27/ 4/ 1987 على التنازل المدعي بوقوعه من المطعون ضده في 18/ 10/ 1981 أي بعد رفع دعواه بثلاثة أيام فقط فإنها، كما امتنعت عن تقديمه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري - امتنعت عن تقديمه برفقة تقرير الطعن أو أثناء نظر الجلسات ولم تقدمه إلا في 1/ 10/ 1990 على ما هو ثابت بمحاضر الجلسات أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف من تاريخ رفعها للطعن الذي يقوم أساساً كما ادعت على المستند المذكور، كما أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده بعد أن تقدم بطلب الترخيص رقم 124/ 1980 ببناء أربعة أدوار علوية واستوفى جميع الإجراءات ومضت المدد القانونية اللازمة لاعتبار الترخيص ممنوحاً أرسلت الإدارة الهندسية بمجلس مدينة شبرا الخيمة خطاباً إلى المطعون ضده في 21/ 4/ 1981تفيده فيه بأن طلبه قد رفض بناء على رأي إدارة الشئون القانونية وتحذره فيه من إقامة البنى المرخص به، وفي 8/ 6/ 1981 أرسلت له خطاباً آخر، وتفيده فيه أن رئيس المدينة قد وافق على إقامة مبنى من دور واحد في جزء من طول المبنى الحالي دون الجزء الآخر وطلبت منه إرسال رسومات هندسية معدلة للجزء الذي تمت الموافقة عليه، وبتأشيرة مؤرخه 18/ 10/ 1981 وبتوقيع منسوب صدوره إلى المطعون ضده تأشر على هامش طلب الترخيص رقم 124/ 1980 السابق تقديمه منه بعبارات تنازلت عن الترخيص رقم 24/ 1980 وذلك لتأجيل عملية البناء حالياً.." وإذا كان السبب الذي تم التنازل من أجله وهو تأجيل عملية البناء يتنافى مع حقيقة عقد الاتفاق المبرم بين المطعون ضده في 31/ 7/ 1980 ويتعهد فيه المطعون ضده ببناء دور أول فوق الأرضي "محل الترخيص" ليكون مقراً للبنك الأهلي فإذا تأخر الطرف الثاني المطعون ضده "عن البناء التزم بدفع عشرة جنيهات عن كل يوم من أيام التأخير الفعلي.." يتأكد لدى المحكمة الاقتناع بأن التنازل المقدم من المطعون ضده قد صدر تحت تأثير الإكراه الذي استغلت فيه الإدارة حاجته إلى بناء الدول الأول المشار إليه للوفاء بالتزامه قبل البنك خشية وقوعه تحت طائلة الغرامات الجزائية التي تعهد بدفعها عن كل يوم تأخير عن بناء الدور الأول الخاص بالبنك في جزء من مساحة الأرض تفادياً للخسارة الفادحة التي سوف تتهدده في حالة منع الإدارة له بطريق التنفيذ المباشر وبالقوة من البناء مقابل تنازله عن الترخيص الذي أصبح ممنوحاً له بقوة القانون باستيفاء شروطه وفوات المدة المقررة قانوناً من تاريخ تقديمه دون اعتراض من الجهة الإدارة المختصة، مما يتظاهر على أن التنازل المذكور قد صدر عن إرادة معينة فاسدة لما شابها من إكراه يترأ بتحذيره من اتخاذ كافة الوسائل لمنعه من البناء وانتهاء بالموافقة له على البناء على جزء من مساحة العقار في حدود دور واحد فقط هو الدور المخصص في عقد الاتفاق ليكون مقراً للبنك الأهلي، وهو أمر لم يكن المطعون ضده في حاجة إليه أصلاً، ما دام قد حصل بقوة القانون على ترخيص ببناء أربعة أدوار علوية على كامل ملكه، لولا تدخل الإدارة بوسائل غير مشروعية لمنعه من البناء بمراعاة خشيته وخوفه من عدم تمكينه من الوفاء لالتزاماته قبل البنك على النحو سالف البيان، كما أن المطعون ضده لم يكن بحاجة في الظروف الطبيعية إلى التنازل المكتوب عن ترخيص حصل عليه بالفعل بحجة تأجيل البناء إذ كان يكفيه أن يمتنع بالفعل عن البناء المدة المحددة قانوناً لاعتبار الترخيص كأن لم يكن، ولو أصر المطعون ضده على أن يكون التنازل إيجابياً لأرسله في خطاب مستقل إلى الإدارة الهندسية دون حاجة إلى الانتقال إلى مقرها الذي يوجد به ملف الترخيص ليؤشر على هامشه بما يفيد التنازل، الأمر الذي يؤكد أنه استدعى للإدارة المذكورة لاستكتابه التنازل المذكور كرهاً عنه مما ترى معه المحكمة طرح هذا التنازل لصدوره عن إرادة معيبة وإلغاء كافة الآثار المترتبة عليه مما يجعل الطعن على الحكم الطعين غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الحكومة وقد أصابها الخسر في طعنها تلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
جمعيات تعاونية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ عزيز بشاى سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير و د/ محمد جودت الملط ومحمد معروف محمد وفريد نزيه تناغو المستشاريين .

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 9/3/1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن السيد/ مدير النيابة الإدارية بصفته بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية العليا بجلسة 9/1/1985 فى الدعوى التأديبية رقم 88 لسنة 26 قضائية والقاضى ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، و طلبت النيابة الإدارية فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضدهم طبقا لمواد الإتهام الواردة بتقرير الإتهام .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن بتاريخ 7/2/1987 انتهت للأسباب الواردة فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا .و بجلسة 28/10/1987 والجلسات التالية نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن الماثل حيث حضر محامى هيئة قضايا الدولة كما حضر حامى المطعون ضدهم الأربعة الأول وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات ، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة-موضوع -بالمحكمة الإدارية العليا حيث نظرت المحكمة هذا الطعن بجلسة 21/11/1987 و حضر محامى المطعون ضدهم الأربعة الأول كما قدم المطعون ضده الخامس مذكرة بدفاعه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به .

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا .
وحيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا .
وحيث أن عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أنه بتاريخ 10/1/1984 أودعت النيابة الإدارية بقلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقرير إتهام ضد :
1 - ……….مدير عام الإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "مدير عام ".
2 - ……… موظف بالإدارة العامة للتعاون بمحافظة الجيزة "الدرجة العالية " .
3 - ……… مراقب التعاون الإنتاجى بالمحافظة (درجة عالية ).
4 - ……… موظف بديوان عام المحافظة "درجة ثالثة ".
5 - ……… مدير عام الإدارة العامة للإنتاج والشئون القتصادية بمحافظة الجيزه بدرجة مدير عام .
6 - ……… أخصائى بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
7 - …….. موظف بسكرتارية مكتب محافظ الجيزة "درجة أولى ".
8 - …….. موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
9 - ……… موظف بإدارة التعاون بمحافظة الجيزة "درجة ثالثة ".
وذلك لأنهم خلال المدة من 1978 إلى 1983 بديوان محافظة الجيزة وحى شمال وجنوب الجيزة .
من الأول إلى الرابع : جمعوا بين عملهم وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظائفهم بأن عملوا كأعضاء فى مجلس إدارة جمعية الأفق الجديد للإسكان الزراعى وتقاضوا منها مبالغ مالية طائلة رغم اتصال نشاطها بأعمال وظائفهم .
الخامس : جمع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشارا فنيا لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى ورغم اتصال نشاطها بإعمال وظيفته وتقاضى نظير مبالغ ومكافآت .
من السادس حتى التاسع : أدوا أعمالا نظير أجر لجمعية الأفق الجديد للإسكان التعاونى بغير تصريح من السلطة المختصة ورغم إتصال نشاط الجمعية بأعمال وظائفهم .
وأضافت النيابة الإدارية بتقرير الإتهام أن بذلك يكون المحالون قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها فى المواد 77/11 ، 12، 14 ،78/1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 المعدل بالقانون رقم 115/1983 والمادة 42/7 من القانون رقم 114/1981 بشأن الإسكان التعاونى .
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيا طبقا للمواد السالفة والمادتين 80،82 من قانون العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117/1958 المعدل بالقانون رقم 171/1981 والمادتين 15/19 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة .
وبجلسة 9/1/1985 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام ، وأشارت المحكمة فى أسباب حكمها إلى أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحاليين من الأول إلى الرابع وهما الجمع بين عملهم وعمل آخر كأعضاء فى مجلس إدارة الأفق الجديد للإسكان التعاونى فقد تبين من مذكرة النيابة أنها استندت فى اعتبار عذه الواقعة مخالفة إلى أن ذلك تم بالمخالفة لحكم المادة 42/7 من قانون الإسكان التعاونى رقم 114 لسنة 1981 إلا أنه تبين للمحكمة أنه تم انتخاب مجلس إدارة الجمعية المشار إليها فى عام 1978 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 114/1981 المشار إليه الذى يسرى وفقا للمادة الثامنة من مواد إصداره من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية وقد تم نشر هذا القانون فى 5 مارس 1981 ومن ثم فإن أحكام هذا القانون لا تسرى على عضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة التى تمت قبل العمل به فى عام 1978 مما ينهار معه الأساس الذى تم على مقتضاه إعتبار الواقعة المنسوبة إلى المحالين مخالفة إدارية الأمر الذى يتعين معه تبرئتهم من هذه المخالفة وحيث أنه بالنسبة لإعتبار عضوية مجلس إدارة الجمعية مخالفة للحظر الوارد فى المادة 77/11 من قانون العاملين المدنيين بالدولة فإن الفقرة 11 من المادة 77 تنص على أنه يحظر على العامل الجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر يؤديه باذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإصدار بأداء واجبات الوظيفة أو غير متفق مع مقتضياتها والمقصود بذلك الالتحاق بطريق التعيين أو التعاقد ولا يمتد ذلك ليشمل عضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية الذى لا يعتبر عملا فة مفهوم هذه المادة ولم يحظر المشرع على العاملين ولو أراد حظر الترشيح بعضوية مجالس إدارة تلك الجمعيات على العاملين فى الدولة لنص على ذلك صراحة كما نص فى الفقرة 4 من المادة 77 على حظر قبول عضوية مجالس إدارة الشركات وبالتالى فإن ترشيح المذكورين أنفسهم لعضوية مجلس إدارة الجمعية المذكورة وفوزهم بعضوية مجلس إدار تها لا يشكل مخالفة إدارية بالنسبة لهم على التفصيل النتقدم .
وأضافت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بأن فضلا عما سلف فإن الثابت من الرجوع لأقوال المحالين فى التحقيق أنهم ذكروا جميعهم أنه لا يوجد أى إتصال بين أعمال وظائفهم التى يشغلونها فى المحافظة وبين جمعيات الإسكان وأن إدارة التعاون بالمحافظة ليست مسئولة عن جمعيات الإسكان وليست الجهة الإدارية المختصة بالإشراف عليها ولم تقدم النيابة الإدارية دليل أن لوظائف المحالين صلة بأعمال هذه الجمعيات خلافا لما قرروه .
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحال الخامس من أنه جميع بين عمله وعمل آخر لا يتفق ومقتضيات وظيفته بأن عمل مستشار فنيا للحمعية رغم إتصال نشاطها بأعمال وظيفته ، فإن مناط تطبيق المادة 77/11 من قانون نظام العاملين المدنيين متفق مع مقتضياتها ولم تبين سلطة الإتهام أوجه اضرار عمل المحال الخامس كمستشار فنى للجمعية بواجبات وظيفته الأصلية وقد للمحكمة أن انتهت إلى أنه لا يوجد دليل على وجود صلة بين إدارة التعاون بالمحافظة وبين نشاط جمعيات الإسكان التعاونى فضلا عن أنه ثبت من الأوراق ومن دفاع المحال وحافظة المستندات التى قدمها أنه تم التصريح له من السلطة المختصة بالجهة التى يعمل بها بالعمل كمستشار فنى للجمعية وفقا لأحكام القانون ولا شك أن جهة العمل التى يتبعها المحال لو رأت أن فى هذا العمل الآخر ما يضر بأداء وظيفته لما منحته مثل هذا التصريح وبذلك فإن المحال إذ قام بالعمل كمستشار فنى للجمعية إنما قام به بناء على إذن له بذلك من جهة عمله وفقا لأحكام القانون وعلى ذلك فإن القول بأن هذه الواقعة تشكل مخالفة للقانون فى غير محله مما يتعين معه تبرئه المحال مما نسب إليه فى قرار الإتهام .
وأضافت المحكمة التأديبة لمستوى الإدارة العليا أنه لالنسبة للمخالفة المنسوبة للمحالين من السادس إلى التاسع من أنهم أدوا أعمالا للجمعية المذكورة بأجر وبغير تصريح من السلطة المختصة فإن الثابت للمحكمة من المستندات المقدمة منهم أنه تم التصريح منهم انه تم التصريح منهم بالعمل بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية طبقا للطلب المؤرخ 23/1/1979 المرفوع من إدارة التعاون للسكرتير العام لمحافظة الجيزة لندب المحالين الأربعة بالجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية والمؤشر عليه بالموافقة ، وبذلك يكون الثابت من الأوراق أنهم عملوا بالجمعية بناء على قرار ندب صحيح وقانونى ولا تكون هناك أية مخالفة قانونية تستوجب إتهامهم .
ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا إلى الحكم ببراءة جميع المحالين مما نسب إليهم فى قرار الإتهام .
ومن حيث أن مبنى الطعن المقام من النيابة الإدارية أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وشابه الفساد فى الإستدلال أولا بالنسبة للمحالين الأربعة الأول فإن النيابة الإدارية قدمت قرار محافظ الجيزة رقم 1747 / 1979 بشأن إعادة تنظيم أجهزة الديوان العام والموضح به إختصاصات إدارة التعاون ومن ناحية أخرى فإن القانون رقم 114/1981 بشأن التعاون الإسكانى أعطى فى المادة 18 أجهزة الحكم المحلى بعض الاختصاصات فى مجال قبول وقيد عقد التأسيس الإبتدائى والنظام الداخلى للجمعية وإجراءات شهرها ، ولما كان المحالين يعملون بإدارة التعاون فى المحافظة ونص القانون رقم 114/1981 المشار إليه على أنه يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهة الإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية ، فإن المذكورين قد خالفوا أحكام هذا القانون على الأقل من تاريخ صدوره والعمل به
وفضلا عن ذلك فإن المشرع حظر فى المادة 77/11 ،12 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة على العامل أن يؤدى عملا للغير بأجرا وبدون أجر ولو فى غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن واستثنى من ذلك بعض الأعمال على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها ولم ترد فيها عضوية مجالس إدارة الجمعيات .
كما استند تقرير الطعن ثانيا بالنسبة للمخالفين من الخامس إلى التاسع إلى أن الثابت من قرار المحافظة رقم 1747/1979 والمادة الثامنة عشر من القانون رقم 114/1981 وباعتراف المخالف الخامس نفسه بوجود علاقة بين إدارة التعاون بالمحافظة والجمعيات مما يؤكد أن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه مستمدة من أصول تخالف الثابت فى الأوراق ، فضلا عن استناد هذا الحكم إلى وجود تصريح مع المخالفين بالعمل فى جمعية الأفق الجديد ، وهذا التصريح مخالف للقانون لأن العمل بهذه الجمعية من شأنه الإضرار بأعمال وظيفته بالمحافظة وكان على المحكمة أن تطرح هذا الدليل وتنزل على مصدره الجزاء الملائم إعمالا لنص المادتين 40،41 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة ، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المطعون ضدهم طبقا لمواد الاتهام .
ومن حيث أن المادة 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 حظرت فى الفترة الحادية عشرة على العامل أن يجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات الوظيفة أو كان غير متفق مع مقتضياتها كما حظرت فى الفقرة الثانية عشر على العامل أن يؤدى أعمالا للغير بأجر أو مكافأة إلا بإذن من السلطة المختصة .
ونصت المادة 42 من قانون النعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 114/1981 على لأن يشترط فيمن يرشح بعضوية مجلس إدارة الجمعية ألا يكون من العاملين بالجمعية أو الجهةالإدارية المختصة أو بإحدى الجهات التى تتولى الإشراف أو التوجيه أو التمويل بالنسبة للجمعية .
ومن حيث أن المادة السادسة من مواد إصدار القانون رقم 114/1981 المشار إليه تنص على أنه تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالوزير المختص بالإسكان وبالجهة الإدارية المختصة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان وبالاتحاد الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى ونصت المادة 83 من هذا القانون على أن يتولى الوزير المختص بالنسبة للاتحاد جميع الاختصاصات المقررة للجهة الإدارية المختصة فى هذا القانون ونصت المادة 86 من هذا القانون على أن الجهة الغدارية المختصة لها حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة من وحدات التعاون الإسكانى ولها بقرار مسبب أن توقف ما يكون منها مخالفا لأحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذا له وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها … ونصت المادة 87 من هذا القانون على أن الجهة الإدارية المختصة بعد موافقة الاتحاد إسقاط العضوية عن عضو مجلس الإدارة فى وحدات التعاون الإسكانى فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة على أن يكون قرار إسقاط العضوية مسببا وأن يسبقه تحقيق يسمع فيه دفاع عضو المجلس كتابة ، ونصت المادة 89 على أن الوزير المختص بناء على ما عرض الاتحاد وبعد أخذ رأى الجهة الإدارية المختصة أن يصدر قرارا مسببا بحل مجلس إدارة الجمعية فى الحالات المشار إليها فى هذه المادة ونصت المادة 90 على أن يتمن قرار حل مجلس إدارة الجمعية تعيين مجلس إدارة وؤقت .
ونصت المادة 79 من هذا القانون على أن يتولى الاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى عدة اختصاصات ضمنها مراقبة انتظام وحسن سير العمل بالوحدات التعاونية ويشمل ذلك المراحعة الدورية والسنوية لحسابات الوحدات يميز إثباتها وتلقى صور محاضر جلسات مجلس الإدارة والجمعيات العمومية وما يصدر عنها من قرارات وفحص أعمال الوحدات التعاونية ومتابعة نشاطها .
ونصت المادة 93 من هذا القانون على أن تخصص الدولة سنويا بموازنة الجهة الإدارية المختصة المبالغ اللازمة لإعانة وحدات التعاون الإسكانى .
ومن حيث أن المستفاد من نصوص هذا القانون أن الرقابة على أعمال الجمعيات التعاونية للاسكان منوطة بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى باعتباره جهة الرقابة الشعبية والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان باعتبارها جهة الرقابة الإدارية على التفضيل السالف وللوزير المختص بالإسكان ممارسة السلطات سالفة الذكر وضمنها إصدار قرار مجلس إدارة الجمعية بناء على ما يعرضه الاتحاد التعاونى الاسكانى المركزى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ، ومن ثم فإن المحافظات لا تعد من قبيل جهات التوجيه والإشراف أو التمويل بالنسبة لجمعيات الإسكان فى مفهوم المادة 44 من قانون التعاون الإسكانى المشار إليه ، ولا يقدح فى ذلك ما أشاره تقرير الطعن من أن المادة 18 من هذا القانون نصت على اختصاص المحافظة بتلقى طلبات شهر الجمعية للبت فيه حيث يتم الشهر بالقيد فى السجل المعد لذلك بالمحافظة ، ذلك أن قيام المحافظة بإجراءات شهر الجمعية وقيدها فى السجل المعد لذلك لا يضفى على المحافظى سلطة الإشراف أو التوجيه على الجمعيات المشار إليها ، بل تظل ممارسة تلك السلطات للاتحاد التعاونى والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ووزير الإسكان طبقا لما سلف .
وعلى هذا المقتضى فإن ترشيح بعض العاملين بالمحافظة وانتخابهم كأعضاء لمجلس إدارة الجمعيات التعاونية لللإسكان لا يعد مخالف لأحكام القانون رقم 114 لسنة 1981 المشار إليه أو قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 طالما أن الثابت أن المحافظة لا تعتبر من قبيل سلطات الإشراف أو التمويل بالنسبة لتلك الجمعيات طبقا لأحكام القانون رقم 114/1981 ، أو غير ذلك من القوانين .
كما لا يقدح فى ذلك أيضا ما أشار إليه تقرير الطعن من صدور المشار إليه من محافظة الجيزة عام 1979 بممارسة العاملين بإدارة التعاون لالمحافظة لبعض الاختصاصات بالنسبة لتلك الجمعيات ، ذلك أن العبرة هى بكون تلك الاختصاصات مخولة قانونا للمحافظة طبقا للقوانين التعاونية أو لأى قانون آخر يصدر فى هذا الشأن ، ولا يكفى لاحتفاء صفه التوجيه والإشراف صدور أى قرار إدارى يقضى بذلك طالما خلا من السند القانونى لإصداره ، خاصة وأن الجهة الطاعنة لم تقدم صورة كاملة لقرار المحافظ المشار وإنما اكتفت بتقديم أحد المحالين صور فوتوغرافية لبعض أوراق متأخرة من هذا القرار غير مشتملة على ديباجته أو السند القانونى لإصداره أو القرارات الوزارية المفوضة للمحافظ بممارسة بعض الاختصاصات رغم أن عبء الإثبات يقع على الجهة الطاعنة فى هذا الشأن ومن ثم يتعين رفض هذا الوجه من أوجه الطعن .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة فى الدعوى أن سكرتير عام محافظة الجيزة المفوض بقرار من المحافظ ، قد وافق على ترشيح المطعون ضدهم الأربعة الأول لعضوية مجلس إدارة جمعية الإسكان المشار إليها ، كما وافق على عمل باقى المطعون ضدهم بتلك الجمعية فى غير أوقات العمل الرسمية ، فإن ما أثاره تقرير الطعن من أن المطعون ضدهم لم يحصلوا على إذن من جهة عملهم الأصلية وهى محافظة الجيزة للترشيح لعضوية مجلس إدارة تلك الجمعية أو للعمل بها يعد حقيقا بالرفض ، هذا فضلا عن موافقة لجنة التنسيق بالاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى بمحضرها المؤرخ 8/5/1983 على ترشيح العاملين بالمحافظة لعضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية للإسكان بإعتبار أن المحافظات ليست من جهات الرقابة أو الإشراف بالنسبة لتلك الجمعيات ، كما أن تقرير التفتيش المقدم من الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان للنيابة الإدارية لم يشر إلى مخالفة فى هذا الشأن .
وبالبناء على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يعد قدأصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به من براءه المطعون ضدهم من التهم المسندة إليهم ، الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن الماثل موضوعا لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا