بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

21 يونيو 2010

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


النظام القانوني للمنافسة غير المشروعة في الاتفاقيات الدولية








النظام القانوني للمنافسة غير المشروعة



في الاتفاقيات الدولية







أين تقع مسائل المنافسة غير المشروعة من النظام الدولي لحماية الملكية الفكرية ؟؟







ان اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية تنص في في الفقرة الثانية من المادة الاولى على انه :-



( تشمل حماية الملكية الصناعية براءات الاختراع ونماذج المنفعة والرسوم والنماذج الصناعية والعلامات الصناعية أو التجارية وعلامات الخدمة والاسم التجاري وبيانات المصدر أو تسميات المنشأ وكذلك قمع المنافسة غير المشروعة and the repression of unfair competition. ).



كما تنص المادة 10 (مكررة - ثانيا) تحت عنوان المنافسة غير المشروعة على أنه:-



(( 1 - تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.



2 - يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أوالتجارية.



3 - ويكون محظورا بصفة خاصة ما يلي :



أ- كافة الأعمال التي من طبيعتها أن توجد بأية وسيلة كانت لبسا مع منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.



ب- الادعاءات المخالفة للحقيقة في مزاولة التجارة والتي من طبيعتها نزع الثقة عن منشأة أحد المنافسين أو منتجاته أو نشاطه الصناعي أو التجاري.



ج- البيانات أو الادعاءات التي يكون استعمالها في التجارة من شأنه تضليل الجمهور بالنسبة لطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها أو خصائصها أو صلاحيتها للاستعمال أو كميتها. )))



ويعد نص المادة (10- مكررة /ثانيا) من اتفاقية باريس الأساس التشريعي لنظام المنافسة غير المشروعة القانوني والمصدر للنصوص الوطنية المقررة لدى النظم القانونية التي تضمنت تشريعاتها تنظيما للحماية من المنافسة غير المشروعة ، وتجدر الإشارة أيضا أن المادة 9 والمادة 10 (مكررة -اولا) من اتفاقية باريس نظمتا حظر استيراد وأوجبت مصادرة المنتجات التي تحمل علامات تجارية واسماء تجارية غير مشروعة أو تحمل بيانات المصدر او بيانات الانتاج على نحو غير صحيح ، كما ان المادة 10 (مكررة- ثالثا) من ذات الاتفاقية أوجبت على الدولة العضو في الاتفاقية ان تكفل للدول الاعضاء فيها وسائل الطعن القانونية التي من شانها حمايتهم من المنافسة غير المشروعة ومن الاعمال المحظورة بموجب المواد 9 و10 و10(ثانيا) من الاتفاقية .







1. تنظيم قواعد المنافسة غير المشروعة ضمن اتفاقيات التجارة الدولية



لا تعود جذور حماية حقوق الملكية الفكرية إلى منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1995 بل وكما أسلفنا - إلى اتفاقية باريس عام 1883 الخاصة بحقوق الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لعام 1886 التي تتناول حقوق المؤلف ، لكن إطار هاتين الاتفاقيتين والمنظمة التي ترعاهما وترعى بقية الاتفاقيات (منظمة الوايبو) لم يتح تفعيل حماية تلك الحقوق بالقدر الذي تريده الدول المتقدمة التي تسعى للسيطرة على مقدراتها الابداعية والفكرية ومنع كل ما يعيق فعالية تجارتها عالميا ، وطبيعي ان لا يحقق نظام الوايبو مثل هذا الهدف لأنه يركز بالأساس على الجوانب الفنية البحتة وعلى الحقوق القانونية ، ولا يشمل علاقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية . وتحت ضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورغم معارضة غالبية البلدان النامية انتقلت أحكام الاتفاقيتين مع بعض التعديلات إلى جولة أوروغواي فظهر الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة (اتفاقية تربس) .







وتقرر هذه الاتفاقية في المادتين الثالثة والرابعة المبادئ العامة المطبقة على تجارة السلع والخدمات، الاول : مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، والثاني : مبدأ المعاملة الوطنية . وتضع الحدود الدنيا للحماية التي يتعين على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إدراجها في قوانينهم الداخلية ، ومن بين هذه الحدود مدة الحماية ، اذ ينبغي - على سبيل المثال - ألا تقل مدة حماية براءات الاختراع عن 20 سنة وحقوق الطبع عن 50 سنة ، وعلى القوانين الداخلية وضع الأحكام الكفيلة باحترام تلك الحقوق. ويجب أن تتضمن عقوبات مالية أو بدنية فاعلة ضد من يخالفها ، شريطة أن توقع من قبل سلطات قضائية . وحسب الاتفاقية يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الملكية الفكرية خلال سنة واحدة في الدول الصناعية وخمس سنوات في البلدان النامية و11 سنة في الدول الأقل نموا اعتبارا من بداية عام 1995.







ولا بد من الاشارة هنا وبكل حيادية وموضوعية ، ان إصرار الدول الصناعية أثناء جولة ألاورغواي على إدراج هذه الحقوق ضمن الاتفاقيات متعددة الأطراف كان نتيجة لضغوط مارستها شركات الأدوية والملابس الجاهزة التابعة لهذه الدول منطلقة من مبدا معلن قد لا يختلف عليه احد وهو عدالة حماية هذه الحقوق ووجوب احترامها ، لكن ذلك الاحترام يعرض صناعة وتجارة الدول النامية للتردي والخطر ، ونذكر على سبيل المثال صناعة الأدوية في العالم العربي التي هي في حقيقتها تعتمد على تكنولوجيا ومنتجات الدول الاجنبية ، ففي ظل التنظيم الجديد للمبادلات العالمية ستكون الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمام احد خيارين ، إما أن تدفع تعويضات مستمرة للشركات صاحبة براءة الاختراع أو تتوقف عن الإنتاج ، ويقود الحل الأول إلى ارتفاع أسعار الأدوية عند الاستهلاك ، ويفضي الحل الثاني إلى تبعية العالم العربي شبه الكلية للسوق الخارجية.







ولهذا ، وبحق ، فان اتفاقية تربس من حيث اثرها تعد الاتفاقية الأكثر خطورة من بين اتفاقيات التجارة الدولية من زاوية تاثيرها على اقتصاديات الدول النامية ومنها الدول العربية ، ومن وجهة نظرنا ، والتي قد يختلف الاخرون معنا بشانها او يتفقون ، فاننا نرى انه يمكن وضع الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية في مقدمة الاتفاقات التي ستكون سلبياتها على الاقتصاديات العربية أكبر بكثير من إيجابياتها.

ان اتفاقية تربس تعد اطارا شاملا لموضوعات الملكية الفكرية فهي تنظم حقوق المؤلف (وفي نطاقها نظمت حماية برامج الحاسوب وقواعد البيانات (م 10) وبذلك اضيفت هذه المصنفات الى مصنفات الملكية الادبية وتكون اتفاقية تربس قد استخدمت طريقة الاحالة المقررة في اتفاقية جنيف للمعاهدات بحيث اجرت تعديلا فعليا على المصنفات محل الحماية المقررة في اتفاقية بيرن) ونظمت الحقوق المجاورة لحق المؤلف والعلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات الصناعية وبراءات الاختراع والدوائر المتكاملة والاسرار التجارية والممارسات غير التنافسية في الرخص .



والى جانب هذا التنظيم تضمنت الاتفاقية قواعد عامة بشان الملكية الفكرية وتعامل الدول معها ومعاملتها فيما بينها كما تضمنت التزامات الدول تجاه الملكية الفكرية والتدابير الوقائية والتشريعية وآليات فض منازعات الملكية الفكرية . وقد احالت اتفاقية تربس الى عدد من اتفاقيات الملكية الفكرية مقررة سريان احكام مخصوصة منها على العناصر محل التنظيم التي تناولتها الاتفاقية ، واذا كان ثمة جديد في حقل الملكية الفكرية عالميا فيتمثل باتفاقية تربس ، لا لانها اطار شامل لموضوعات الملكية الفكرية كما قدمنا ، وليس لانها ايضا اضافت قواعد جديدة في حقل الملكية الفكرية (كالقواعد الخاصة بحماية برامج الحاسوب مثلا) ، بل لانها ولاول مرة اوجدت مركزا آخر لادارة نظام الملكية الفكرية عالميا ، الا وهو منظمة التجارة العالمية ، التي خصصت اتفاقية انشائها من بين هيئاتها مجلسا خاصا باتفاقية تربس ، وايجاد مركز جديد كان يوجب تنبه المجتمع الدولي لاحتمالات التناقض بين مركزي ادارة الملكية الفكرية ، الوايبو ومنظمة التجارة ، لهذا ابرم بروتوكول او اتفاق تعاون بين المنظمتين عام 1996 لتنظيم العلاقة بينهما وتعاونهما بشان ادارة نظام الملكية الفكرية دوليا .



وفي تنظيم اتفاقية تربس لمسائل المنافسة غير المشروعة المرتبطة بالملكية الفكرية اعتمدت بشكل اساسي على ما هو مقرر في المادة 10 (مكررا - ثانيا) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية السابق عرضها ، وباستقراء نصوص اتفاقية تربس يظهر ان النصوص المنظمة للمنافسة غير المشروعة تتمثل بما يلي :-



- تنص الفقرة 2 من المادة الاولى من اتفاقية تربس على انه (( في هذه الاتفاقية يشير اصطلاح الملكية الفكرية الى جميع فئات الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاقسام 1-7 من الجزء الثاني)) وبالرجوع الى الاقسام المذكورة نجدها تنظم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لحقوق المؤلف (القسم 1) والعلامات التجارية (القسم 2) والمؤشرات الجغرافية (القسم 3) والتصميمات الصناعية (القسم 4) وبراءات الاختراع (القسم 5) وتصميمات الدوائر المتكاملة (القسم 6) وحماية المعلومات السرية (القسم 7) ، وجرى في هذه الاقسام الاحالة للمادة 10 (مكررة) المنظمة لاحكام المنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس ، واهم احالة تلك الواردة في قسمي المؤشرات الجغرافية وقسم حماية المعلومات السرية – كما سنرى - وبهذا المفهوم فان المعلومات المتصلة بالمنتجات والخدمات والاسرار التجارية وما يتصل بالتعامل معها وما ترتبه من حقوق هي مسائل تدخل في مفهوم الملكية الفكرية وفق هذه الاتفاقية .



- تنص الفقرة (1) من المادة الثانية من اتفاقية تربس على انه :- (( فيما يتعلق بالاجزاء الثاني والثالث والرابع من الاتفاق الحالي تلتزم الدول الاعضاء بمراعاة احكام المواد 1-12 و19 من معاهدة باريس ( 1967 ) )) ، وبالتالي فان اتفاقية تربس احالت من ضمن ما احالت الى احكام المواد المنظمة للمنافسة غير المشروعة في اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ومنها المادة 10 (مكررة-ثانيا) السابق بيانها ، واما المقصود بمعاهدة باريس 1967 ، وثيقة معاهدة باريس لحماية الملكية الصناعية بصيغتها المقررة عام 1967 بموجب وثيقة استوكهولم الصادرة بتاريخ 14 تموز 1967 .



- وتنص الفقرة 2 من المادة الثامنة المتضمنة للمباديء العامة على انه :- (( قد تكون هناك حاجة لاتخاذ تدابير يشترط اتساقها مع احكام الاتفاق الحالي لمنع حائزي حقوق الملكية الفكرية من اساءة استخدامها او منع اللجوء الى ممارسات تسفر عن تقييد غير معقول للتجارة او تؤثر سلبا على النقل الدولي للتكنولوجيا )) وبهذا المبدأ تكرس الاتفاقية وجوب عدم اساءة استخدام حقوق الملكية الفكرية الاستئثارية على نحو يعرقل جهود نقل وتبادل التكنولوجيا.



- وتنص الفقرة 1 من المادة 16 (وتتعلق بالعلامات التجارية) على انه :- (( يتمتع صاحب العلامة التجارية المسجلة بالحق المطلق في منع جميع الاطراف الثالثة التي لم تحصل على موافقة صاحب العلامة من استخدام العلامة ذاتها او علامة مماثلة في اعمالها التجارية بالنسبة للسلع والخدمات ذاتها او المماثلة لتلك التي سجلت بشانها العلامة التجارية حين يمكن ان يسفر ذلك الاستخدام عن احتمال حدوث لبس . ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استخدام علامة تجارية مطابقة بالنسبة لسلع او خدمات مطابقة . ويحظر ان تضر الحقوق الموصوفة اعلاه باية حقوق سابقة قائمة حاليا ، او ان تؤثر في امكانية منح البلدان الاعضاء حقوقا في العلامات التجارية على اساس الاستخدام )). وهذه المادة تنظم واحدا من اهم صور وحالات المنافسة غير المشروعة والمتصلة باساءة استخدام العلامات التجارية ، وهي بحق الصورة الاكثر شيوعا في منازعات المنافسة غير المشروعة من ناحية التطبيق العملي.



- وتنص الفقرة الثانية من المادة 22 (وتتعلق بالمؤشرات الجغرافية) على انه :- (( فيما يتعلق بالمؤشرات الجغرافية ، تلتزم البلدان الاعضاء بتوفير الوسائل القانونية للاطراف المعنية لمنع:- (أ) استخدام اية وسيلة في تسمية او عرض سلعة ما توحي بان السلعة المعنية نشأت في منطقة جغرافية غير المنشأ الحقيقي باسلوب يضلل الجمهور بشان المنشأ الجغرافي للسلعة. (ب) اي استخدام يشكل عملا من اعمال المنافسة غير المنصفة حسبما يتحدد معناها في المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967. )) وهذه المادة تقر بشكل واضح ان مفهوم المنافسة غير المشروعة المعتمد في تطبيقات واحكام الحماية هو المفهوم المقرر في اتفاقية باريس ، كما ان هذه المادة تورد احدى الصور الشائعة من صور المنافسة غير المشروعة المتعلقة ببيانات المصدر او المنشأ .



- وتنص المادة 39 من اتفاقية تربس (وهي المتعلقة بحماية المعلومات السرية) على انه :- (( (1) اثناء ضمان الحماية الفعالة للمنافسة غير المنصفة حسب ما تنص عليه المادة 10 مكررة من معاهدة باريس 1967 ، تلتزم البلدان الاعضاء بحماية المعلومات السرية وفق الفقرة 2 والبيانات المقدمة للحكومات او الهيئات الحكومية وفقا لاحكام الفقرة 3 . (2) للاشخاص الطبيعيين والاعتباريين حق منع الافصاح عن المعلومات التي تحت رقابتهم بصورة قانونية لآخرين او حصولهم عليها او استخدامهم لها دون الحصول على موافقة منهم باسلوب يخالف الممارسات التجارية النزيهة طالما كانت تلك المعلومات :- أ- سرية من حيث انها ليست بمجموعها او في الشكل والتجميع الدقيقين لمكوناتها معروفة عادة او سهلة الحصول عليها من قبل اشخاص في اوساط المتعاملين عادة في النوع المعني من المعلومات . ب- ذات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية . ج- اخضعت لاجراءات معقولة في اطار الاوضاع الراهنة من قبل الشخص الذي يقوم بالرقابة عليها من الناحية القانونية بغية الحفاظ على سريتها . (3) تلتزم البلدان الاعضاء حين تشترط للموافقة على تسويق الادوية او المنتجات الكيماوية الزراعية التي تستخدم مواد كيماوية جديدة تقديم بيانات عن اختبارات سرية او بيانات اخرى ينطوي انتاجها اصلا على بذل جهود كبيرة بحماية هذه البيانات من الاستخدام التجاري غير المنصف . كما تلتزم البلدان الاعضاء بحماية هذه البيانات من الافصاح عنها الا عند الضرورة من اجل حماية الجمهور او ما لم تتخذ اجراءات لضمان عدم الاستخدام التجاري غير المنصف .)) وقد ورد ضمن المحاضر الارشادية والتوضيحية لنصوص الاتفاقية ان المقصود بالاسلوب المخالف للممارسات التجارية النزيهة "على الاقل ممارسات كالاخلال بالعقود والاخلال بسرية المعلومات المؤتمنة والحض على ذلك ، وتشمل الحصول على معلومات سرية من جانب اطراف ثالثة كانت تعرف او اهملت اهمالا جسيما في عدم معرفة ان حصولها على هذه المعلومات انطوى على استخدام هذه الممارسات " وتنظم هذه المادة بشكل رئيس الاسرار التجارية والمعلومات السرية المتعلقة ببعض تطبيقات الملكية الفكرية واتصال ذلك بالمنافسة التجارية غير المشروعة ، ولعل هذا احد مبررات تنظيم المشرع الاردني لموضوعي الاسرار التجارية والمنافسة غير المشروعة ضمن تشريع واحد ، طبعا الى جانب الشروط التنافسية في التراخيص وعقود نقل التكنولوجيا.



- وتنص المادة 40 من اتفاقية تربس تحت عنوان ( الرقابة على الممارسات غير التنافسية في التراخيص التعاقدية ) على انه :- (( (1) توافق البلدان الاعضاء على انه قد يكون لبعض ممارسات او شروط منح التراخيص للغير فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية المقيدة للمنافسة آثار سلبية على التجارة ، وقد تعرقل نقل التكنولوجيا ونشرها . (2) لا يمنع اي من احكام هذا الاتفاق البلدان الاعضاء من ان تحدد في تشريعاتها ممارسات او شروط الترخيص للغير التي يمكن ان تشكل في حالات معينة اساءة لاستخدام حقوق الملكية الفكرية او التي لها اثر سلبي على المنافسة في السوق ذات الصلة . وحسبما تنص عليه الاحكام الواردة اعلاه ، يجوز لاي من البلدان الاعضاء اتخاذ تدابير ملائمة تتسق مع الاحكام الاخرى المنصوص عليها في هذا الاتفاق لمنع هذه الممارسات او مراقبتها ، ويجوز ان تشمل هذه التدابير مثلا منع اشتراط عودة الحق في براءات اختراع ناجمة عن التراخيص الى المرخص وليس المرخص له ، ومنع الطعن في قانونية الترخيص او منع اشتراط الترخيص القسري بمجموعة من الحقوق بدلا من حق واحد ، في اطار القوانين واللوائح التنظيمية المتصلة بذلك في اي من الدول الاعضاء .)) وهذه المادة تنظم موضوع الشروط العقدية التنافسية في اتفاقيات التراخيص ونقل التكنولوجيا والتي ستكون محل بحث في الفصل الثالث فيما يأتي .



- وينظم الجزء الثالث من اتفاقية تربس انفاذ حقوق الملكية الفكرية من حيث اقرار القواعد اللازمة لضمان هذه الحقوق ومسؤوليات الدول الاعضاء في توفير واتخاذ تدابير ادارية وقضائية تكفل الحماية الادارية والجزائية والمدنية لحقوق الملكية الفكرية وتكفل وتنظم الاجراءات الوقتية والمستعجلة التحفظية وطبيعة العقوبات والجزاءات وقواعد التعويض التي تتصل بالمسؤوليات الناجمة عن الاعتداء على اي من حقوق الملكية الفكرية المنصوص عليها في الاتفاقية .



من هذه النصوص وما يتصل بها من نصوص جرت الاحالة عليها في اتفاقية باريس ، يظهر ان احكام المنافسة غير المشروعة تجد موقعها في اتفاقيات التجارة الدولية من خلال الاحكام المتصلة بها في اتفاقية تربس ، وهذا بالطبع لا يعني ان احكام المنافسة التجارية والممارسات التجارية لا تجد موقعها الا في هذه الاتفاقية من بين الاتفاقيات التي تمثل بمجموعها حزمة اتفاقيات التجارة الدولية ، فثمة عديد من النصوص ذات صلة بمسائل المنافسة ومنع الاحتكار وردت في اتفاقيات السلع والخدمات والتفاهمات الملحقة بها ، لكن موضوع المنافسة غير المشروعة المتصل بحقوق الملكية الفكرية وبالصور المقررة في اتفاقية باريس يجد تنظيمه في اتفاقية تربس تحديدا من بين اتفاقيات التجارة الدولية ، ولعل هذه الاتفاقية وبهذا التنظيم قد حققت الربط الشمولي بين جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة والاستثمار وبين مفاهيم حماية الملكية الفكرية المجردة عن النشاط التجاري ، لتكون مسائل المنافسة غير المشروعة اهم تطبيق من بين تطبيقات ومسائل الترابط بين الملكية الفكرية والتجارة الدولية .







الهوامش :-



1. تنص المادة 9 من اتفاقية باريس على انه :- (( (1) كل منتج يحمل بطريق غير مشروع علامة صناعية أو تجارية أو اسما تجاريا يصادر عند الاستيراد في دول الاتحاد التي يكون فيها لهذه العلامة أو لهذا الاسم حق الحماية القانونية. ( 2 ) توقع المصادرة أيضا في الدولة التي وضعت فيها العلامة بطريق غير مشروع أو في الدول التي تم استيراد المنتج إليها. ( 3 ) تقع المصادرة بناء على طلب النيابة العامة أو أية سلطة مختصة أخرى أو من صاحب مصلحة سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا وذلك وفقا للتشريع الداخلي لكل دولة. (4) لا تلتزم السلطات بتوقيع المصادرة على المنتجات التي تمر بالدولة في تجارة عابرة.( 5 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد فيستعاض عن ذلك بحظر الاستيراد أو بالمصادرة داخل الدولة. ( 6 ) إذا كان تشريع الدولة لا يجيز المصادرة عند الاستيراد ولا حظر الاستيراد ولا المصادرة داخل الدولة فيستعاض عن هذه الإجراءات بالدعاوى والوسائل التي يكفلها قانون تلك الدولة لرعاياها في الحالات المماثلة، وذلك حتى يتم التعديل اللازم في التشريع.))



2. كما تنص المادة 10 ( اولا ) من ذات الاتفاقية على انه :- (( (1) تسري أحكام المادة السابقة في حالات الاستعمال المباشر أو غير المباشر لبيان مخالف للحقيقة عن مصدر المنتجات أو عن شخصية المنتج أو الصانع أو التاجر. ( 2 ) وعلى أية حال يعتبر صاحب مصلحة، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، كل منتج أو صانع أو تاجر يزاول إنتاج أو تصنيع تلك المنتجات أو الاتجار فيها ويكون مقره في الجهة التي ذكرت على غير الحقيقة على أنها المصدر أو الإقليم الذي تقع فيه هذه الجهة أو في الدولة التي ذكرت على غير الحقيقة أو في الدولة التي استعمل فيها بيان المصدر المخالف للحقيقة. ))



3. وتنص المادة 10(ثالثا) من اتفاقية باريس ايضا على انه :- (( ( 1 ) تتعهد دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى وسائل الطعن القانونية الملائمة لقمع جميع الأعمال المشار إليها في المواد 9 و 10 و 10 ( ثانيا ) بطريقة فعالة. ( 2 ) وعلاوة على ذلك تتعهد دول الاتحاد بتوفير الإجراءات التي تسمح للنقابات والاتحادات التي تمثل ذوي الشأن من رجال الصناعة أو الإنتاج أو التجارة والتي لا يتعارض وجودها مع قوانين الدول التي تتبعها، بالالتجاء إلى القضاء أو السلطات الإدارية لقمع الأعمال المنصوص عليها في المواد 9 و10 و10 (ثانيا) في الحدود التي يجيزها قانون الدولة التي تطلب فيها الحماية للنقابات والاتحادات التابعة لتلك الدولة.))



4. حول هذه الموضوعات ولمزيد من البحث والاطلاع انظر الورقة القيمة التي اعدها الدكتور محمد حسام لطفي تحت عنوان - تأثير اتفاقية تربس على التشريعات









مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




عدم صحة اتفاق التحكيم - الجزء الأول








عدم صحة اتفاق التحكيم



مقدمــة:



الحمد لله رب العالمين ، والشكر له على ما أنعم وأولى ، فإنه أجدر بالشكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الصادق وعده ووعيده ، أوضح سبيل الهدى ، وأزال ظلم الشك والضلال فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه البررة ، وبعد .... فإن الاشتغال بالعلم والبحث من أفضل الطاعات ، وهو من أسباب الرفعة في الدنيا والآخرة لمن أخلص وابتغى وجه الله فقال عز من قائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُرُوا فَانشُرُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) ، وإذا كان هذا هو فضل العمل والعلماء ، فقد جعل لطالب العلم من الفضل ما لا يقل عن ذلك ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صنع ) .



بداية لا أدعي أن اخترت تلك الموضوعات حول التحكيم لأشيد بناء لم يكن موجوداً ، ولا لأتدارك موضوعاً من العلم كان مفقوداً ، لأنه لا يكاد يخلو أي مؤلف في التحكيم مما ذكرت ، فالأساس موجود والبناء مشيد ، ولكني أردت أن يوفقني الله في ربط الواقع العملي بذلك الأساس من واقع القضايا ، وأسأل الله تعالي أن يجعل عملي خالصاً لوجهه وأن يبرئه من كل رياء ظاهر وخفي وأن ينفع به .



عدم صحة أتفاق التحكيم :



قد يكون الاتفاق على التحكيم في صورة شرط التحكيم (6) ، وقد يكون في صورة مشارطه التحكيم (7) ، وفى كل من الصورتين فإن الاتفاق على التحكيم هو الذي يجعل النزاع المتفق عرضه على التحكيم غير جائز نظره من قبل محاكم الدولة (8) ، ومن هنا حرصت القوانين الداخلية في كل دوله على النص على ضرورة وجود اتفاق صحيح على التحكيم حتى يمكن الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الصادر بناء على هذا الاتفاق.



ولما كان الاتفاق على التحكيم هو تصرف قانوني شأنه في ذلك شأن أي تصرف قانوني أخر حيث أنه تصرف إرادي ينصب على محل معين لإحداث أثر قانوني معين (9) ، (10) ، فإنه كغيرة من الاتفاقات لابد أن يستند إلى قانون معين يمده بقوته الملزمة وينظم وجوده وآثاره ومصيره (11) ، لذلك فإن القانون الذي يخضع له اتفاق التحكيم هو الفيصل في كل ما يتعلق بوجوده وصحته .



ويكشف تتبع الفقه والقضاء عن وجود اتجاهين رئيسيين في تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم ، أحدهما ينحاز إلى تطبيق قانون مقر التحكيم والآخر ينحاز إلى تطبيق قانون الإرادة الحاكمة للعقود بصفة عامة (11) ، وقد أخذت محكمة النقض المصرية بالاتجاه الأول وقالت في حكم لها : " بأنه لما كان من الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن قد نص على أن يحال أي نزاع ينشأ عن هذا السند إلى ثلاثة محكمين في مرسيليا وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ، ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام فإنه يرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيب آثاره إلى قواعد القانون الفرنسي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه " (12) ، ومن الواضح أن هذا الاتجاه ينبع من الطبيعة القضائية للتحكيم لأنه يتجاهل أن اتفاق التحكيم عقد كسائر العقود ، وأن العقد يجب أن يخضع لقواعد الإسناد في تنازع القوانين لتحديد القانون الواجب التطبيق لمعرفة صحته من عدمه ، ومن الواضح أيضاً إذا ما سايرنا هذا الاتجاه أننا سنجد تنوع في الحلول بحسب الوقت الذي يتم فيه تقدير صحة اتفاق التحكيم من عدمه ، فإذا أثير البحث عن ذلك بمناسبة دفع بعدم اختصاص القضاء لسبق الاتفاق على التحكيم ، فسوف يطبق القاضي الذي يثار أمامه ذلك الدفع قانونه باعتباره القانون الذي يطبق على إجراءات التقاضي ، أما إذا أثير البحث عن ذلك بعد صدور الحكم من خلال دعوى البطلان فسوف يطبق القاضي الذي ينظر في هذا الدفع قانون البلد الأجنبي الذي تمت فيه إجراءات المحاكمة بوصفة القانون الذي تمت المحاكمة في ظله .



أما عن الاتجاه الثاني والذي يقرر خضوع اتفاق التحكيم لقانون الإرادة لتقدير صحته من عدمه فهو ينطلق من الاتجاه الذي يشايع الطبيعة التعاقدية للتحكيم ولذلك قد يكون ذلك القانون هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم أو أي بلد أخر بحسب اتفاق الأطراف ، وبحسب قواعد الإسناد في ذلك القانون التي قد تشير إلى قانون الجنسية المشتركة أو قانون الموطن المشترك أو قانون البلد الذي تم فيه العقد ، أو قانون البلد الذي يتم فيه تنفيذ العقد ، ومن الواضح أن هذا الاتجاه يؤدي إلى توحيد الحلول القضائية بشأن تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم لتقدير صحته من عدمه سواء كان بحث ذلك أثناء الدفع بعدم الاختصاص أو من خلال الدفع بالبطلان من خلال دعوى البطلان بعد صدور حكم التحكيم ، ولكن قد يسفر هذا الاتجاه عن صعوبة ليست بالهينة في حالة عدم وجود اتفاق بين الأفراد على تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم (13) .



أما على مستوى الاتفاقات الدولية فقد نصت اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية من خلال المادة 5/1/1 على أن تحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم لتحديد صحته من عدمه يكون طبقاً لاتفاق الأطراف ، فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق يتم تطبيق قانون محل صدور حكم التحكيم ، وبذلك يتضح أن اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية قد جمعت بين الاتجاهين السائدين في هذا المجال ، بحيث يكون الاتجاه الأول احتياطياً للاتجاه الثاني .



والواقع أن الاتجاه الثاني الذي يقضي بخضوع اتفاق التحكيم لقانون الإرادة لا يعني تمتع الأطراف بالحرية الكاملة طبقاً لما يوحيه ظاهر الاتجاه لأن ذلك يتوقف على العناصر التي يلزم من وجودها صحة اتفاق التحكيم ، لأن بعض القوانين تتطلب عنصر الكتابة كشكل لازم لإثبات اتفاق التحكيم بحيث يلزم من تخلفها بطلانه ، فلا يمكن مثلاً للأفراد تجاهل هذا العنصر عند اختيارهم لقانون يحكم اتفاق التحكيم لا يتطلب عنصر الكتابة لصحة اتفاق التحكيم ، وكذلك أيضاً عنصر قابلية النزاع للحل عن طريق التحكيم فلا يمكن للأفراد الاتفاق على حل نزاع معين عن طريق التحكيم ويخضعان اتفاق التحكيم لقانون يجيز حل مثل ذلك النزاع عن طريق التحكيم في حين أن القانون لا يجيز من الأصل حل ذلك النزاع عن طريق التحكيم .



ويكاد يجمع الشراح والقوانين على أن هناك عناصر معينة في اتفاق التحكيم يجب توافرها حتى يكون صحيحاً وهى على النحو:-



1- أن يكون مكتوباً



إذا كانت القاعدة العامة في شأن اتفاق التحكيم تقضي بخضوعه للقانون الموضوعي المطبق على العقد (14) ، لذلك يجب الرجوع إلى مثل هذا القانون لمعرفة مدى تطلبه شرط الكتابة لصحة اتفاق التحكيم من عدمه ، وباستقراء مواقف قوانين الدول من النص على هذا الشرط نجد أنها اختلفت وتباينت فمجموعة الدول ذات التقاليد اللاتينية سعت إلى إحاطة اتفاق التحكيم بضمانات معينة وإدخاله في دائرة التصرفات التي يجب إفراغها في شكل معين كالهبة والوصية والصلح ومن ثم تطلبت شرط الكتابة لصحة اتفاق التحكيم ، وذلك حتى يمكن التحقق من إرادة الأفراد قد اتجهت بالفعل إلى الالتجاء إلى التحكيم .



وعلى النقيض تماماً فإن الدول ذات النظم الانجلوسكسونية لم تجد مبرراً يوجب إخضاع اتفاق التحكيم لشكل معين فأخضعته للقواعد العامة التي تحكم التصرفات القانونية ، واكتفت بتدخل القاضي للتحقق من انصراف إرادة الأطراف إلى اللجوء للتحكيم في حالة ما إذا كان الاتفاق شفهياً أو يمكن استخلاصه ضمناً من الظروف القائمة (15) ، فعلي سبيل المثال يجري قضاء محكمة استئناف باريس على أن انعدام الكتابة في حد ذاتها لا يترتب عليه بطلان مشارطه التحكيم ، حيث يمكن التحقق من وجود مشارطه التحكيم من مسلك الخصوم أثناء سير خصومة التحكيم ، فإذا شارك الخصوم في خصومة التحكيم بدون أي تحفظ أو اعتراض على وجود مشارطه التحكيم أمكن القول بموجود اتفاق صحيح على التحكيم (16) .



وقد أختلف قوانين الدول العربية في النص على هذا العنصر ، فالقانون المصري يتطلب الكتابة لصحة اتفاق التحكيم من خلال نص المادة 12 من قانون التحكيم الجديد (17) ، وكذلك القانون الكويتي من خلال نص المادة 173/2 من قانون المرافعات ، وكذلك قانون الإمارات العربية المتحدة من خلال المادة 203/3 من قانون الإجراءات المدنية ، أما القانون اللبناني فيفهم من نص المادة 766/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية أن الكتابة شرط للإثبات .



أما بخصوص هذا العنصر على مستوى التنظيمات الدولية الموحدة ، فإن بروتوكول جنيف لعام 1923م واتفاقية جنيف لعام 1927م ، قد رأيا أن يتركا الأمر لتقدير كل دولة حسب قانونها الداخلي بالإحالة إلى التشريع الوطني لكل دولة لتحديد شروط إثبات اتفاق التحكيم ، ولكن اتفاقية نيويورك لعام 1958 حسمت هذا الأمر بالنص صراحة في المادة الثانية على ضرورة الكتابة لصحة اتفاق التحكيم (18) ، والكتابة في هذه الحالة تعد شرط لصحة الاتفاق وليست دليلاً للإثبات ، ولا يكفي أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً بل لا بد أن يكون موقعاً عليه من الطرفين ، وتعترف الاتفاقية كذلك بالخطابات أو البرقيات المتبادلة بين الأطراف دون اشتراط وجود عقد مسايرة لضرورات التجارة الدولية بموجب المادة 2/2 ، أما بالنسبة للاتفاقيات المتبادلة عن طريق الفاكس ، فلم تنص المادة 2/2 من الاتفاقية على هذا النوع من طرق الاتصال ، ولكن لا يوجد ما يمنع من الاعتراف بهذه الوسيلة من وسائل الاتصال حيث اعترفت القوانين الوطنية الحديثة بوسائل الاتصال المكتوبة كالفاكس مثل قانون التحكيم المصري رقم 27لعام 1994م في المادة (12) ، والقانون الإيطالي لعام 1994م في المادة (807) (19) .



ومن التطبيقات القضائية المهمة بخصوص هذا الشرط :



قامت شركة إيطالية باستئجار سفينة مملوكة لشركة مسجلة في بنما ومملوكة لمصالح يونانية ونص في عقد الإيجار المطبوع على التحكيم في لندن ، وعندما نشأ نزاع بين الطرفين امتنعت الشركة الإيطالية عن تعيين محكمها أو الاشتراك في إجراءات التحكيم ، فأصدرت محكمة التحكيم حكماً لصالح مالك السفينة ، وتقدم مالك السفينة بهذا الحكم لتنفيذه على المحكوم علية ( الشركة الإيطالية ) في إيطاليا ، فتمسكت الشركة الإيطالية أمام محكمة استئناف تريستا الذي طرح عليها طلب الأمر بالتنفيذ ، ببطلان اتفاق التحكيم في هذا النطاق لعدم توافر ما تتطلبه المادتين 1341و1342 من القانون الإيطالي التي تشترطان في العقود التي تتضمن شروط عامة مطبوعة أن يقوم الأطراف بالتوقيع على شرط التحكيم ذاته توقيعاً خاصاً بحيث لا يكفي التوقيع بصفة عامة على العقد في مجموعه فرفضت محكمة استئناف تريستا هذا الطعن وقالت أن التنفيذ يتم وفقاً لاتفاقية نيويورك لعام 1958م وهي لا تتطلب شيئاً من هذا القبيل ، وأعادت محكمة النقض الإيطالية التأكيد على انطباق المادة الثانية من اتفاقية نيويورك (20) .



ونخلص مما تقدم أن الدول قد تباينت في النص على اشتراط الكتابة في عقد التحكيم حسب سياستها التشريعية ، ولكن اتفاقية نيويورك قد اشترطته صراحة بموجب المادة الثانية ، ونرى أن التشريعات التي اعتبرت الكتابة شرط لصحة اتفاق التحكيم كالتشريع المصري بقوله في المادة 12 من قانون التحكيم الجديد ( يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً ) ، لم تكن موفقة تمام التوفيق لأن الهدف من الكتابة هو الإستيثاق من أن إرادة الأطراف كانت واضحة وصريحة على اللجوء إلى التحكيم ، وهو أمر قد يتحقق بوسائل أخرى غير الكتابة كرفع المدعى دعوى تحكيم وعدم اعتراض المدعى عليه على ذلك ، وعلى ذلك كان من الأجدر عدم ترتب البطلان كنتيجة مباشرة وتلقائية على عدم الكتابة كما فعل نص القانون المصري وعاود التأكيد على ذلك من خلال نص المادة 56 من ذات القانون باشتراط أن يرفق بطلب تنفيذ حكم التحكيم صورة من اتفاق التحكيم المشار إليه في المادة 12، وكان من الأفضل اشتراط الكتابة ، أما تقدير البطلان من عدمه كنتيجة مباشرة وتلقائية على عدم الكتابة فكان من الأجدر تركها للمحكم أو القاضي حسب الأحوال يعملها على حسب كل حالة طبقاً لمقتضيات الظروف ومن مسلك الأطراف في الدعوى ، أما تقدير البطلان مقدماً وصراحة من خلال النص ، فهو أمر قد لا يترك للمحكم أو القاضي أي سلطة تقديريه في تقرير البطلان من عدمه ، ونتوقع أن يجتهد القضاء المصري في تفسير هذا النص بطريقه تحقق الحكمة من وجودة وخصوصاً إذا ما أثيرت مسألة البطلان في مرحلة ما بعد صدور حكم التحكيم ( عند التنفيذ ، أو دعوى بطلان حكم التحكيم ) آخذاً في الاعتبار عنصري الرضائيه والحرية اللذين يسيطران على نظام التحكيم علماً بأن اتفاقية نيويورك لم تقرر البطلان كجزاء لعدم كتابة اتفاق التحكيم كما فعل المشرع المصري من خلال نص المادة 12 المشار إليه ، حتى يمكن القول أن المشرع المصري أراد مسايرة اتفاقية نيويورك ، فصحيح أن اتفاقية نيويورك اشترطت الكتابة لإثبات اتفاق التحكيم ، لكنها لم تقرر البطلان كجزاء لتخلف هذه الكتابة ، بل تركت ذلك حسب الأحوال وفقاً للقانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم ، وقالت في صدر المادة الخامسة أنه لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية أ- …. أن اتفاق التحكيم غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف … الخ .



2- صحة تراضي أطراف اتفاق التحكيم



التعبير عن الإرادة الذي يتم إفراغه كتابياً بما يفيد قبول التحكيم كوسيلة لحل المنازعات الحالة أو المستقبلة يصدر بالضرورة عن أشخاص أطراف التحكيم أو ممثليهم ، ومن هنا يجب التأكد من أهليتهم القانونية لإبرام هذا النوع من التصرفات وسلامة رضاهم ، والأهلية المشترطة في طرفي اتفاق التحكيم هي أهلية التصرف ، وأهلية التصرف لا تثبت بحسب الأصل إلا لمن بلغ سن الرشد غير محجور عليه لجنون أو عته أو سفه أو غفلة ، كذلك يجب ألا قد أشهر إفلاسه لأنه يترتب على شهر الإفلاس غل يد المدين عن التصرف في أمواله من تاريخ شهر الإفلاس ، ومن ثم فإنه يمتنع الاتفاق على التحكيم اعتباراً من هذا التاريخ ، غير أن المنع لا يشمل بالطبع الأموال غير الداخلة في التفليسة (21) .



وعدم توافر أهلية أحد أطراف التحكيم يعد سبباً لبطلان الاتفاق على التحكيم وهذا أمر مفترض ، ونصت عليه اتفاقية نيويورك صراحة في المادة 5/1/أ .



والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هو القانون الواجب التطبيق على أهليه أطراف اتفاق التحكيم حتى يمكن الرجوع إليه لمعرفة أهلية أطراف اتفاق التحكيم ؟



باستقراء قوانين الدول في هذا الشأن نجد أن بعضها تطبق على الأهلية قانون الجنسية بالنسبة للأفراد وقانون الموقع بالنسبة للأشخاص المعنوية كقوانين البلاد ذات التقاليد اللاتينية ، والبعض الأخر من القوانين يطبق قانون الموطن بالنسبة للأفراد وقانون بلد التأسيس بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة كقوانين البلاد ذات التقاليد الأنجلو سكسونية ، وقد تطبق بعض القوانين ضابطاً موضوعياً وليس شخصياً مثل ضابط محل إبرام العقد المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية ، أو أن يكون قانون الأهلية هو القانون الذي يخضع له العقد بوجه عام (22) .



ولم تقرر اتفاقية نيويورك مسألة القانون الواجب التطبيق على الأهلية بل تركت لمحاكم الدول المختلفة أن تطبق قواعد التنازع المعمول بها في كل دوله (23) ، ولعل السبب في عدم وضع قاعدة موحدة بخصوص أهلية أطراف التحكيم تخوف واضعي الاتفاقية من الدخول في مسألة تنازع التكييفات ، ونظراً لاختلاف قواعد الإسناد ولتعذر وضع نصوص موحدة ، لذا فقد آثروا ترك تقدير أهلية أطراف اتفاق التحكيم للقانون الذي تشير إليه قاعدة التنازع في قانون الدولة المطلوب إليها التنفيذ (24) ، ومن ثم فإن اتفاقية نيويورك قد تركت للقاضي الذي يطرح عليه طلب الأمر بالتنفيذ – عند النظر في مسألة الأهلية لتقرير مدي صحة الاتفاق على التحكيم صادر بناء على ذلك الاتفاق بيان ما هو القانون الذي يحكم أهلية طرفي الاتفاق على التحكيم ، فإذا كان الأمر مطروحاً على قاض فرنسي أو مصري مثلاً يأخذ نظامه القانوني بقانون الجنسية ، وجب تحديد مدى توافر أو عدم توافر أهلية الشخص وفقاً لقانون جنسيته ، أما إذا طرح الأمر على قاض بريطاني أو أمريكي يأخذ نظامه القانوني بقانون الموطن ، فإن المناط عندئذ لتقرير مدى توافر أو عدم توافر أهلية الشخص يكون بالقواعد الموضوعية في قانون موطن الشخص الطرف في اتفاق التحكيم (25) .



والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هو الحال عند وجود قيود في القوانين الداخلية للدول تؤثر على أهلية الأفراد عند إبرامهم لاتفاق التحكيم كما هو الحال في القانون الإيطالي الذي ينص في المادة الثانية من قانون المرافعات على بطلان أي اتفاق تحكيم بين أشخاص إيطاليين أو متوطنين في إيطاليا لإجراء تحكيم خارج إيطاليا ؟ وكما هو الحال في القانون الفرنسي الذي ينص على حظر الاتفاق على التحكيم من قبل أشخاص القانون العام كالدولة وأجهزتها وهيئاتها العامة ؟ .



بالنسبة للحالة الأولي حسم القضاء الإيطالي الإجابة على هذا التساؤل بقول محكمة النقض الإيطالية مراراً في العديد من أحكامها بتقرير وجوب الاعتراف بصحة الاتفاق على التحكيم في الخارج المبرم بن رعايا إيطاليين مقيمين في إيطاليا أو بينهم وبين أجانب متوطنين في إيطاليا إعمالاً لاتفاقية نيويورك ، لأنه بالتصديق على الاتفاقية صارت جزء من النظام القانوني الإيطالي بحيث يجب تطبيق مضمونها باعتبارها تتضمن قواعد تسمو على القواعد الداخلية ، ولكانت الاتفاقية لم تشترط انتماء أطراف التحكيم إلى جنسية دولة معينة أو توطنهم في دوله ما كشرط لصحة اتفاق التحكيم ، فلا يجوز الادعاء بعدم صحة اتفاق التحكيم لأم أحد طرفية جنسيته إيطالية أو متوطن في إيطاليا (26) .



وبالنسبة للحالة الثانية فقد استقر القضاء الفرنسي على أن القيود المذكورة تسري فقط في شأن المعاملات الداخلية ، ولكنها لا تمنع أشخاص القانون العام من أن تكون طرفاً في اتفاق تحكيم ذي طبيعة دولية ، وأثيرت هذه الحالة أيضاً أمام المحاكم التونسية في نزاع طرح أمام القضاء التونسي حول صحة اتفاق تحكيم أبرم بين شركة الكهرباء والغاز التونسية وهي مؤسسة عامة وبين شركة فرنسية ، وتمسكت الشركة التونسية ببطلان اتفاق التحكيم على أساس أن القانون التونسي يحظر على المؤسسات العامة الالتجاء إلى التحكيم ، ورفضت المحكمة التونسية هذا الدفع واستندت إلى واقعة انضمام تونس لاتفاقية نيويورك ، وقررت أن الحظر القائم في القانون الداخلي لا يسري على الحالات التي يكون فيها الاتفاق على التحكيم متعلقاً بمعاملة دولية وخلصت المحكمة إلى صحة اتفاق التحكيم بغض النظر عن القيود التي يفرضها القانون الداخلي (27) .



ويجب أن نلاحظ أن بطلان حكم التحكيم لبطلان اتفاق التحكيم لنقص أهلية أحد طرفية ، قد يكون بطلان مطلق وذلك إذا وجهت إجراءات المحاكمة إلى ناقص الأهلية نفسه أو باشرها بنفسه ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ، أما إذا وجهت إجراءات المحاكمة إلى ممثل أو نائب ناقص الأهلية القانوني ، فإن البطلان يكون بطلان نسبي ، حيث يجب على الممثل أو النائب القانوني أن يحضر إجراءات المحاكمة ويتمسك ببطلان اتفاق التحكيم لنقص الأهلية ، أما إذا حضر ولم يعارض في ذلك اعتبر اتفاق التحكيم صحيحاً من هذا الوجه لأن ذلك بمثابة إجازة من الممثل أو النائب القانوني لاتفاق التحكيم الذي وًّقعه ناقص الأهلية وعلى ذلك يجب على الطرف الأخر تجنب مباشرة إجراءات قابلة للزوال بأن يوجه إجراءات التحكيم إلى نائب أو ممثل ناقص الأهلية من البداية كمحاولة لتصحيح البطلان الذي أصاب اتفاق التحكيم لنقص أهلية الطرف الآخر .



ولا يكفي فقط أن يتمتع أطراف اتفاق التحكيم بالأهلية حتى يكون اتفاقهم على التحكيم صحيحاً ، بل يجب أيضاً أن تكون إرادتهم سليمة خالية من عيوب الرضا ( الغط ، والتدليس ، والإكراه والاستغلال ) ، وسلامة رضا طرفي اتفاق التحكيم مطلب ضروري لتلاقي إرادة الطرفين على الاتفاق على التحكيم ، والتحقق من وجود الرضا و عدم وجودة وما يتعلق بصحته أو فسادة إنما هي أمور تخضع للقانون الذي يحكم اتفاق التحكيم ذاته (28) ، والذي تجد الإشارة إليه حقاً في هذا النطاق أن هناك مبدأ يقتضي بإستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي ، أي أن إبطال العقد الأصلي لعيب من عيوب الإرادة لا يعني ذلك إبطال شرط التحكيم المحتوي عليه ذلك العقد بناء على ذلك العيب ، كما أن إبطال شرط التحكيم لعيب من عيوب الإرادة لا يعني ذلك إبطال العقد الأصلي المحتوى على ذلك الشرط بناء على هذا العيب (29) .



ولم تتضمن اتفاقية نيويورك نص يعالج المشكلات التي تتعلق بركن الرضا في اتفاق التحكيم ، واكتفت بما ورد في المادة الخامسة من بيان قاعدة الإسناد التي يتم على أساسها تحديد القانون الواجب التطبيق على المسائل المتعلقة بالرضا وهو القانون الذي أخضع الأطراف الاتفاق له ، وفى حالة غياب أية إشارة إلى ذلك يكون قانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم (30) ، ولهذا يجب الرجوع بصفة أصلية إلى القانون الذي اختاره الأطراف صراحة أو ضمناً ليحكم اتفاقهم على التحكيم أو قانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم للحكم على كافة المسائل المتصلة بالتراضي وصحته .



وتطبيقاً لذلك فقد ذهبت المحكمة العليا الألمانية بمناسبة إدعاء طرف ألماني أمامها أن اتفاق التحكيم تم توقيعه من قبله تحت ضغط اقتصادي ، إلى اتباع قاعدة الإسناد التي أوردتها المادة 5/1/أ من اتفاقية نيويورك ، والتي بإعمالها يتضح أن القانون الواجب التطبيق هو القانون التشيكي لكونه القانون الذي اختاره أطراف اتفاق التحكيم ، ولما كان هذا القانون لا يعترف بالضغط الاقتصادي سبباً لبطلان اتفاق التحكيم ، فإن إدعاء الطرف الألماني يكون مرفوضاً ، وقررت ذات المعني أيضاً محكمة استئناف نابولي عندما دفع المحكوم عليه أمامها بأن اتفاق التحكيم قد أبرم تحت تأثير الغش والتدليس ، وانتهت المحكمة إلى ضرورة الرجوع إلي القانون الواجب التطبيق وفقاً لقاعدة الإسناد المذكورة في اتفاقية نيويورك – المادة 5/1/أ والتي يتضح من خلالها أن القانون النمساوي هو الذي تشير إلى تطبيقه قاعدة الإسناد (31) .



ولا يختلف الحال بالنسبة إلى الشخص الاعتباري - كقاعدة عامة ، لأن الرأي الراجح لدي الشراح هو الاعتراف للشخص الاعتباري بأهلية الأداء بالنسبة لحقوقه والتزاماته التي تدخل في الغرض من إنشائه (32) ، غير أن الأمر هنا يتم على خطوتين ، الخطوة الأولي التحقق من أن الشخص الذي وقع الذي وقع نيابة عن الشخص الاعتباري يملك سلطة التوقيع بأسمه على اتفاق التحكيم عن طريق القانون الذي يحكم الشخص الاعتباري ، فإذا كان الشخص الاعتباري شركة وجب الرجوع إلى القانون الذي يحكم الشركة وهكذا ، والخطوة الثانية التحقق من توافر الأهلية وسلامة إرادة ممثله وخلوها من عيوب التراضي ، فتحدد أهلية الشخص الاعتباري وصحة إرادة وفقاً للقانون الواجب التطبيق ، وقد خلت المادة 5/1/أ اتفاقية نيويورك من نص يدل صراحة على من له سلطة تمثيل الشخص الاعتبار في اتفاق التحكيم والتوقيع نيابة عنه ولا عن أهليته وصحة إرادته ولكن الرأس استقر الحال على تطبيق ذات القواعد التي أوردتها المادة 5/1/أ من الاتفاقية على الشخص الطبيعي استصحاباً للحال على أساس أن العبرة بالقانون الذي يحكم الطرف الأصيل الصادر التصرف باسمه (33) .



وتطبيقاً لذلك أثير هذا الموضوع في قضية هضبة الهرم المصرية ، وتتلخص وقائع هذه القضية ، في أن شركة أوربية تدعي S.P.P أبرمت عقداً مع الهيئة المصرية للسياحة والفنادق من أجل بناء مركزيين سياحيين أحدهما في الأهرامات وصادق وزير السياحة على العقد بتوقيعه مع كلمات للموافقة والمصادقة والاعتماد وتضمن العقد شرطاً تحكمياً يحيل إلى تحكيم غرفة التجارة الدولية ، وآثار المشروع عاصفة في مصر ، لاسيما في البرلمان ، وكان المأخذ أن هذا المشروع من شأنه تشويه الأهرامات فتخلت عنه الحكومة المصرية وارتدت الشركة الأوربية S.P.P على الحكومة المصرية بدعوى تحكيمية تطالبها بالعطل والضرر لإخلالها بالتزاماتها التعاقدية وعدم إنفاذها للعقد ، وطرح موضوع العقد التحكيمي هل هو صحيح أم أنه باطل ، وبحث المحكمون أول ما بحثوا اختصاصهم واعتبروا أنفسهم مختصتين للنظر في النزاع ، وانحصر موضوع النزاع كله في معني توقيع الوزير على العقد .



أدلت الحكومة المصرية بأن توقيع الوزير هو عمل شكلي إداري بموجبة تخول سلطة الوصاية (أي الوزارة ) هيئة السياحة والفنادق المصرية ، وردت الشركة أنه طلبت توقيع الوزير على العقد لإثبات التزام الحكومة المصرية به ، وكان مكان التحكيم باريس ، وصدر الحكم التحكيمي في باريس يعطي للشركة الأوربية 12500000 دولار ، تقدمت الحكومة المصرية بطلب إبطال الحكم التحكيمي أمام المحاكم الفرنسية مدلية ، بغياب العقد التحكيمي كسبب للبطلان ، وفقاً لقانون التحكيم الدولي الفرنسي ، أبطلت المحاكم الفرنسية الحكم التحكيمي على أساس أن المحكمين نظروا بالدعوى دون أن يكون هناك عقد تحكيمي ، كما أبطلت المحكمة القضائية الفرنسية قرار المحكمين باعتبار أنفسهم مختصين للنظر بالنزاع الذي بني على أن هناك عقد تحكيمي صحيح ، وهكذا أبطلت المحكمة القضائية الحكم التحكيمي برمته (34) .









مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




عدم صحة اتفاق التحكيم - الجزء الثاني








1- أن يكون موضوع اتفاق التحكيم قابلاً للحل بالتحكيم .



يعد هذا العنصر من أهم عناصر اتفاق التحكيم ، لذلك غالباً ما تحدد قوانين الدول المسائل التي جوز حلها عن طريق التحكيم ، وبالتالي يعد الاتفاق على التحكيم بشأنها صحيحاً ، والمسائل التي لا يجوز حلها عن طريق التحكيم وبالتالي يعد الاتفاق على التحكم بشأنها باطلاً ، وبالتالي يجب النظر إلى هذه المسألة في قانون كل دولة ، والملاحظ أن بعض الدول تأخذ موقفاً مشجعاً للالتجاء إلى التحكيم ، وبالتالي تجعل الأصل فيه جواز ذلك في كافة المسائل مع وجود إستثناءات محدودة مقررة على سبيل الحصر في أضيق نطاق ممكن كما هو الحال في الدول الأنجلو أمريكية والاسكندنافية ، وعلى العكس تماماً فإن هناك دول تقف من التحكيم موقفاً حذراً باعتباره طريقاً استثنائياً مما ينعكس في توسيع نطاق المسائل التي يجوز التحكيم بشأنها واستعمال عبارات معروفة بأنها غير منضبطة الحدود في هذا المجال مثل فكرة النظام العام كما هو الحال في غالبية الدول اللاتينية والعربية ، وتوسطت دول أخري وأخذت بحلول توفيقية عن طريق النص على تحديد المسائل التي لا يجوز في شأنها التحكيم عن طريق نصوص القانون الداخلي أو الاجتهاد القضائي كما هو الحـال في فرنسا وإيطاليا واليابان ومصر (35) .



ولم تفصح اتفاقية نيويورك المسائل التي يجوز حلها عن طريق التحكيم ، أو تلك التي لا يجوز حلها عن طريق التحكيم حيث اكتفت بالإحالة إلى قانون الدولة التي يطلب إليها تنفيذ حكم التحكيم لمعرفة إذا كان قانون هذه الدولة يجيز حل النزاع الصادر فيه حكم التحكيم المراد تنفيذ من عدمه (36) ، ويعد هذا الشرط في حد ذاته حالة من الحالات التي يرفض فيها تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي الذي تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، ولذا نكتفي بما ذكرناه ، وسنعود للكلام عليه تفصيلاً عند تناول حالات رفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي التي يقضي بها القاضي من تلقاء نفسه في المطب الثاني .







2- أن يكون هناك نزاع ناشئ عن علاقة قانونية محدده .



من الطبيعي أن الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم يجب أن يكون لحل نزاع وان يكون ذلك النزاع بصدد علاقة قانونية محددة سواء كانت علاقة تعاقدية أو غير تعاقدية ، وإذا كان من الشائع أن يرد اتفاق التحكيم بمناسبة علاقة تعاقدية إلا أنه لا يوجد ما يمنع من ورود اتفاق التحكيم بمناسبة علاقة غير تعاقدية ، مثل التعويض عن العمل غير المشروع ، أو عن الإثراء بلا سبب ، أو التصادم البحري ، أو المسئولية عن حوادث النقل البري والبحري والجوي ، وما إلي ذلك من مجالات حديثة يلعب فيها التحكيم دوراً مهماً (37) ، وهذا هو ما نص عليه كل من قانون التحكيم المصري الجديد في المادة 10/1 ، وقانون التحكيم اليوناني في المادة 868 مرافعات ، والقانون التونسي في الفصل الثاني ، والقانون النموذجي للانسيترال في المادة 70 واتفاقية نيويورك في المادة 2 (38) ، أما بعض القوانين الأخرى فقد قصرت مجال اتفاق التحكيم عن العلاقة الناشئة عن عقد كالقانون الفرنسي في المادة 1442 مرافعات ، وقواعد الانسترال في المادة (39) ، وقواعد تحكيم غرفة التجارة الدوليةICC في المادة 3/2/ج والمادة 8/4 (40) ، والفارق بين الاتجاهين واضح حيث أن العلاقة القانونية في القوانين الأولي أوسع نطاقاً من العقد ، وتطبيقاً لذلك فقد عرض على القضاء البريطاني قضية أقامتها شركة LONRHO وشركة خط أنابيب MOCAMBIQUE ضد شركة SHLE للبترول وشركة BP و27 شركة بترولية أخري مناسبة نكولهم عن استخدام خط الأنابيب المذكور بناء على موصفه المدعون بأنه عمل غير مشروع ناتج عن تآمر ، فقد لجأت الشركات البترولية إلى التمسك بضرورة إحالة النزاع إلى التحكيم استناداً إلى المادة (22) من الاتفاقية المعروفة باسم SHIPPERS’ AGREEMENT الذي يتضمن اتفاقاً على اللجوء إلى التحكيم ، وانتهت المحكمة إلى قبول وجهة النظر هذه بعد أن تأكدت من أن صياغة اتفاق التحكيم تسمح بإدخال المطالبات الناشئة عن العمل غير المشروع في إطاره (41) ، ويثور التساؤل عن النزاع بصدد العلاقة القانونية المحددة الذي يبرر اللجوء إلى التحكيم وتأثير ذلك على الدعوى التي يقيمها أحد أطراف اتفاق التحكيم أمام القضاء ومدى دخولها في مجال اتفاق التحكيم من عدمه فقد عرض على القضاء البريطاني قضية متعلقة بهذا الشأن نعرض لها لأنها تفيد في تقريب وتحديد موضوع النزاع الذي يدخل في اتفاق التحكيم من عدمه فقد أبرمت شركة بريطانية مع شركة ألمانية عقداً للتعاون معاً في مجال تصنيع المنسوجات وتضمن عقد الشركة تحكيم من شأنه إحالة جميع الخلافات التي قد تثور بين الطرفين إلى التحكيم في ميونيخ ، وفى إطارا المعاملات بين الطرفين قامت الشركة البريطانية بتوريد آلات صناعية تم دفع ثمنها بكمبيالات استحق بعضها وتم سداده وظلت الكمبيالات الباقية تحت التحصيل في مواعيد استحقاقها ، وعندما نشأ خلاف بين الطرفين حول عدة أمور من بينها عدم قيام الشركة البريطانية بتنفيذ التزاماتها المتعلقة بالمعونة الفنية وكون الآلات الموردة معيبة ومستعملة على خلاف ما كان مشترطاً في العقد ، قامت الشركة الألمانية برفع الأمر إلى التحكيم مطالبة بالتعويضات المناسبة ، وعقب ذلك لجأت الشركة البريطانية من جانبها إلى إقامة دعوى قضائية للمطالبة بقيمة الكمبيالات التي حلت تواريخ استحقاقاتها ولم يتم دفعها فتمسكت الشركة الألمانية باتفاق التحكيم طالبة من المحكمة البريطانية وقف الإجراءات المقامة أمامها وإحالة المطالبة بقيمة الكمبيالات إلي هيئة التحكيم باعتبار أنها موضوع دعوى مضادة مرفوعة أمام هيئة التحكيم ، فرفضت محكمة أول درجة الأمر بوقف الدعوى المقامة للمطالبة سداد قيمة الكمبيالات على أساس أنها غير مجحودة وليست صحتها كورقة تجارية محلاً لأي نزاع ، فقامت الشركة الألمانية باستئناف هذا الحكم ، فحكمت محكمة الاستئناف بوقف الدعوى القضائية أمام المحاكم البريطانية باعتبار أن سبب الالتزام الصرفي هو بيع الآلات للشركة الألمانية حيث صدرت الكمبيالات وفاء بثمنها ،وما دام عقد البيع مطروحاً على هيئة التحكيم لتقدير مدي جودة الآلات واستحقاق الثمن المتفق عليه فإن الكمبيالات التي تمثل ذلك الثمن تعد من الأمور المتنازع عليها والتي تدخل بالتالي في إطار التحكيم ، وعندما طعن بعد ذلك في هذا الحكم أمام مجلس اللوردات ، قضي بإلغاء حكم محكمة الاستئناف مستنداً إلى أن الأوراق التجارية لا تعد متنازع عليها ومحلا لخلاف إلا في حالة واحدة وهي صدورها بناء على غش ، وبالتالي ففي غير هذه الحالة لا يجوز اعتبار قيمتها محلاً لخلاف بين الساحب والمسحوب عليها وإلا انهارت الثقة في الكمبيالات وما في حكمها (42) .



هذه هي شروط صحة اتفاق التحكيم من حيث كونه تصرف قانوني والتي إذا ما توافرت أنتج اتفاق التحكيم أثره ، وألزمت محاكم الدول المنتمي إليها أطرافه بالاعتراف به والامتناع عن نظر النزاع موضوع اتفاق التحكيم وإحالة الأطراف إلى التحكيم .



ويجب أن نلاحظ أنه قد يكون هناك عناصر أخرى لصحة اتفاق التحكيم بحسب القانون الذي يخضع له اتفاق التحكيم ، وإنما عنينا بالإشارة إلى العناصر السابقة بوصفها موضع تقدير من القانون والقضاء في مختلف الدول .



ومن العناصر الأخرى اللازمة لصحة اتفاق التحكيم تعيين أسماء المحكمين ، وقد أثار هذا العنصر خلافاً كبيراً بين الشراح المصريين ، حيث أن منهم رأي صحة اتفاق التحكيم الخالي من تعين أسماء المحكمين على أساس أن القانون المصري لم يجعل من تخلف هذا العنصر سبباً لبطلان الحكم التحكيمي (43) وأن ومنهم من رأي بأن تعيين أسماء المحكمين يعد ركنا من أركان اتفاق التحكيم لا ينعقد بدونه ، ويترتب على ذلك لزوماً الحكم بطلان اتفاق التحكيم إذا ما كان خالياً من أسماء المحكمين ولم يتم تعينهم في مرحلة لاحقة في اتفاق مستقل (44) ، ولم يكن الخلاف بين الشراح المصريين بشأن هذا العنصر أقل من الخلاف بين المحاكم المصرية حيث ذهبت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية إلي أن ( الثابت أنه لم يتم تحديد أسماء المحكمين أو المحكم في اتفاق مستقل أو لاحق لمشارطه التحكيم ومن ثم فإن الاتفاق على التحكيم في الدعوى الماثلة لم يستكمل شروطه وبالتالي فإن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم يكون قد قام على غير سند من القانون وترفضه المحكمة (45) ويتضح من هذا الحكم أنه رتب بطلان اتفاق التحكيم جزاء على مخالفة شرط تعيين أسماء المحكمين وذهبت محكمة استئناف الإسكندرية إلي أن ( عدم تضمين شرط التحكيم أسماء المحكمين لا يترتب عليه بطلان شرط التحكيم سواء في ذلك أن يكون متفقاً على إجراء التحكيم في الداخل أو في الخارج ) (46) .



وفى رأينا أن الخلاف الناشئ بين الشراح المصريين وبين المحاكم المصرية ناتج من الطريقة التي صيغت بها المادة 503 من قانون التحكيم المصري ، حيث لم تنص في الفقرة الثالثة التي تناولت أسباب البطلان على البطلان كجزاء على عدم تعيين أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل ، ومع ذلك نصت في الفقرة الثانية من نفس المادة على البطلان لمخالفة قاعدة الوترية ، حيث يصعب في رأينا الجمع بين الفقرتين بطريقة توضح مقصد القانون المصري ، وعلى كل فإن اتفاق التحكيم كغيرة من الاتفاقات لابد أن يستند إلى قانون معين يمده بقوته الملزمة وينظم وجودة وصحته ومصيره فإننا نرى هذا الخلاف لا تظهر أهميته إلا عند التمسك بالدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع لوجود اتفاق التحكيم بينما بعد صدور حكم التحكيم لا يمكن التمسك ببطلان حكم التحكيم لبطلان اتفاق التحكيم ما لم يكن قد تم التمسك بداية بالدفع بعدم صحة اتفاق التحكيم أمام محكمة التحكيم في بداية نظر النزاع ورفضته محكمة التحكيم واستمرت في نظر النزاع لأن البطلان الناشئ على عدم صحة اتفاق التحكيم في هذه الحالة هو بطلان نسبي يجب التمسك به من صاحب المصلحة في بداية نظر النزاع ، فقبول الخصوم المثول أمام محكمين معينين بالرغم من عدم تعينهم من قبلهم في اتفاق التحكيم أو اتفاق لاحق يعني تنازلهم عن التمسك بهذا البطلان .



وبالتالي في مقام تحليلنا لحالة بطلان حكم التحكيم لعدم صحة اتفاق التحكيم نقول في النهاية أنه يجب التمييز بين الحالات التي يكون فيها اتفاق التحكيم غير صحيحاً للوقوف على الغاية منها ، فمثلاً قد يكون اتفاق التحكيم غير صحيح لعدم كتابته ، ولما كانت الكتابة شرط لإثبات اتفاق التحكيم فإنه الاتفاق يكون صحيحاً متي كان ثابتاً بطريقة قاطعة من مسلك الخصوم في خصومة التحكيم كما إذا رفع المدعي دعوى إلى التحكيم ولم يعترض المدعى عليه على ذلك ، فما الفائدة من بطلان اتفاق التحكيم لعدم كتابته بينما يستفاد من موقف الطرفين إقرارهما بوجودة وبمضمونه ، وكذلك أيضاً قد يكون اتفاق التحكيم باطلاً لوقع إرادة أحد الطرفين في غلط ، فإذا ثبت بطريقة قاطعة تتضح من مسلك الخصوم علم الطرف الذي وقع في هذا الغلط بهذا الغلط ولم يتمسك به ، فإن اتفاق التحكيم يكون صحيحاً ، بعكس حالة عدم صحة اتفاق التحكيم لأن موضوع اتفاق التحكيم غير جائز حله عن طريق التحكيم حيث أن اتفاق التحكيم في هذه الحالة يكون غير صحيحاً لبطلانه بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام .



لذلك يمكن لنا في النهاية أن نضع قاعدة مهمة في حالة بطلان حكم التحكيم لعدم صحة اتفاق التحكيم وهي ، أن الدفع ببطلان حكم التحكيم لعدم صحة اتفاق التحكيم يجوز إثارته لأول مرة من خلال دعوى البطلان متي كان عدم صحة اتفاق التحكيم راجع إلى كون اتفاق التحكيم غير جائز حله عن طريق التحكيم أما إذا كان عدم صحة اتفاق التحكيم راجع إلى أسباب أخرى ، فإنه لا يجوز إثارة ذلك من خلال دعوى البطلان ما لم يتم التمسك به قبل ذلك أمام محكمة التحكيم .







الهوامش:



(3) غير أنه في إيطاليا تنص المادة 789 من قانون المرافعات على جواز مراجعة القرار الأجنبي المطلوب تنفيذه في ظروف معينة ، غير أن محكمة النقض الإيطالية قالت أن المادة المذكورة لا تنطبق على أحكام التحكيم الأجنبية - عزت البحيري ، تنفيذ أحكام التحكيم ، رسالة دكتوراه بإيطاليا ، 227 .



(4) فقد حكمت المحكمة السويدية العليا برفض اعتراض المحكوم عليه الليبي على طلب تنفيذ حكم التحكيم الصادر ضده ، والذي تقدم المحكوم له لتنفيذه في السويد ، حيث تمسك المحكوم عليه الليبي بطلب بطلان الحكم التحكيمي لأن المحكمين قد تناقضوا في أسباب حكمهم الصادر ضده ، حيث ذكروا أنه كان معذوراً في رفض استلام السفن المصنوعة بواسطة المحكوم له ، ومع ذلك حكموا في النهاية على المحكوم عليه الليبي بتسلم السفن التي قام بصنعها المحكوم له .



(5) غير أن ذلك لا يمنع المحكوم عليه في هذه الحالة إذا ما أراد أن يتمسك بهذه العيوب من رفع دعوى ببطلان الحكم التحكيم أمام محاكم الدولة التي صدر فيها الحكم ، كما حدث في الحكم السابق حيث قام المحكوم عليه الليبي برفع دعوى ببطلان حكم التحكيم أمام المحاكم الفرنسية لأن فرنسا بلد إصدار الحكم ، إلا أن طعنه قوبل بالرفض لأسباب أخرى .



(6) وشرط التحكيم هو نص وارد ضمن نصوص عقد معين يقرر الالتجاء إلى التحكيم كوسيلة لحل المنازعات التي قد تثور مستقبلاً بين المتعاقدين حول العقد وتنفيذه.



(7) ومشارطه التحكيم هي عبارة عن اتفاق يبرمه الأطراف منفصل عن العقد الأصلي وذلك للجوء إلى التحكيم في صدد نزاع قائم



فعلاً بينهما .



(8) ومن الجدير بالذكر أنه لا أهمية للتفرقة بين شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم ، لأنهما ليس في الواقع سوى اتفاق تحيكم وطبيعتهما القانونية واحدة ، والواقع أن شرط التحكيم هو الأكثر شيوعاً من الناحية العملية ، حيث تبين أن ما يقرب من 80% من عقود التجارة الدولية أصبحت تتضمن شرطاً تحكيمياً . ناريمان عبد القادر ، اتفاق التحكيم ، دراسة مقارنة ، ط1 ، ( القاهرة : دار النهضة العربية ، 1996م ) 45 .



(9) سامية راشد ، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة ( القاهرة : دار النهضة العربية ، 1984م ) ، 309 .



(10) غير أن ذلك لا يمنع من القول بوجود تحيكم إجباري يفرضه الشارع على الخصوم ويضع القواعد المنظمة لأحكامه ، ومن أمثلة ذلك التحكيم في منازعات القطاع العام الذي نظمه القانون المصري بالقانون رقم 60 لسنة 1971م - وحتى في هذا النوع من التحكيم لا يمكن القول بأن التحكيم خلى من طبيعة الإرادية لأن إرادة الأطراف لا تنمحي تماماً ، إذ يجب أن يكون لإرادتهم أثراً ، وإلا كان قضاء دوله ، فكل ما يفرضه الشارع في التحكيم الإجباري ، هو التحكيم ذاته من حيث المبدأ ، ويترك للأطراف حرية تنظيم عملياته كلها أو بعضها . ناريمان عبد القادر ، المرجع السابق ، 58 .



(11) مصطفي محمد الجمال ، وعكاشة محمد عبد العال ، المرجع السابق ، 299 .



(12) انظر في الاتجاهات المختلفة في هذا المقام لدى : فوزي محمد سامي ، التحكيم التجاري الدولي ، ط2 ، ( عمان : دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 1992م ) ، 188 وما بعدها .



(13) مجموعة أحكام محكمة النقض المصرية لسنة 36 قضائية ، حكم رقم 279 ، 1416 .



(14) وقد حاول البعض التغلب على هذه الصعوبة بالقول بوجوب إعمال قواعد الإسناد في قانون مقر التحكيم ، بينما ذهب البعض الأخر إلى ترك الحرية للمحكم لتحديد ذلك القانون . انظر ذلك تفصيلاً لدى : مصطفي محمد الجمال ، وعكاشة محمد عبد العال ، المرجع السابق ، 308 .



(15) محمود السيد عمر التحيوى ، عقد التحكيم وإجراءاته ، رسالة دكتوراه ( جمهورية مصر العربية : جامعة المنوفية ، كلية الحقوق ، 1995 ) ، 374 – 376 .



(16) المرجع السابق ، 232- 234 .



(17) محمد نور عبد الهادي شحاته ، المرجع السابق ، 306 .



(18) وإذا كان القانون المصري قد تطلب الكتابة لصحة اتفاق التحكيم ، إلا أنه يفهم من نص المادة الثانية عشر من قانون التحكيم الجديد والتي تنص على " يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً ، ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة " أنه لم يشترط شكلاً معيناً لهذه الكتابة .



(19) مصطفى محمد الجمال ، وعكاشة محمد عبد العال ، المرجع السابق ، 377 .



(20) عزت البحيري ، المرجع السابق ، 245 .



(21) سامية راشد ، المرجع السابق ، 242- 243 ، ويبدو لي أن هذه العلة التي قال بها القضاء الإيطالي لرفض تنفيذ حكم التحكيم المشار إليه في المتن ، لم تكن هي بمفردها وبالطريقة المصاغة بها من قبل المؤلفة القاضية برفض الطعن بالبطلان ، وإذا كان الأمر كذلك فيمكن لي القول أن محكمتي الاستئناف والنقض الإيطاليين لم تكونا موفقتين فيما قضيا به لأنه عند إثارة الطعن ببطلان اتفاق التحكيم ، يجب البحث كمسائلة أولية على القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم لمعرفة صحته من عدمه طبقاً للفقرة أ/1/5 من اتفاقية نيويورك ، وعلى هذا إذا كان القانون الإيطالي هو الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم في هذا الحكم كان لدفع المدعى عليها محلاً وسنداً من الاتفاقية نفسها لأنها تحيل إلى القانون الإيطالي في تقدير صحة اتفاق التحكيم ، ومن ثم يكون الحكم متناقضاً مع نفسه لأنه في الوقت الذي يتمسك به في الاتفاقية لإهمال القانون الإيطالي ، نجد أن الاتفاقية تشير إلى تطبيق القانون الإيطالي ، ولكن عموماً يبدو لي أن القانون الإيطالي لم يكن هو القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم ، وإنما القانون الإنجليزي لكون التحكيم قد تم في بريطانيا وقد لا يشترط القانون الإنجليزي في اتفاق التحكيم ما أشارت إليه الطاعنة في المواد 1341 ، 1342 من القانون الإيطالي .



(22)راجع تفصيلاً هذا الأمر لدى محسن شفيق ، القانون التجاري المصري ، ط1 ، ج2 ( القاهرة : دار النهضة العربية : 1951 ) ، 460 .



(23) عزت البحيري ، المرجع السابق ، 239 .



(24) المادة 5/1/أ من الاتفاقية .



(25) عصام الدين القصبي ، المرجع السابق ، 75 .



(26) المرجع السابق ، 333 .



(27) سامية راشد ، المرجع السابق ، 323 .



(28) سامية راشد ، المرجع السابق ، 330 .



(29) المرجع السابق ، 312 .



(30) غير أنه يجب ملاحظة ما تقضي به نظرية امتداد البطلان إذا تبين من الظروف إن إرادة المتعاقدين ما كانت لتنتهي إلى إبرام العقد الأصلي فيما لو كان قد تبين أن شرط التحكيم باطل عند التعاقد .



(31) سامية راشد ، المرجع السابق ، 313 ، حيث تري سعادتها أن الترجمة العربية لنص المادة 5/ا/أ من الاتفاقية قد خرجت إلى حد ما عن الأصل المعتمد ، حيث ورد بالترجمة العربية الرسمية والتي أعتمد فيها على المحلق المنشور لدي عبد الحميد الأحدب ، في المرجع السابق ، 380 - أنه لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم الدليل على " أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة الثانية كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحصح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم فقد خرجت عبارة ( أو عدم النص على ذلك ) إلى حد ما عن الأصل المعتمد الذي هو ( أو غياب أية إشارة إلى ذلك ) ، وهناك فارق بين عدم النص على اختيار القانون الواجب التطبيق وبين غياب أية إشارة ذات دلالة في شان اختياره ، فالعبارة الأخيرة تغطي بالضرورة الاختيار الضمني ، بينما يصعب تفسير العبارة الأولي على نحو يضم أية صورة أخرى غير الاختيار الصريح .



([1]) اعتمدت في هذا الحكم على سامية راشد ، المرجع السابق ، 313 .



(32) رضا محمد إبراهيم عبيد ، شرط التحكيم في عقود النقل البحري ، مجلة الدراسات القانونية ، كلية الحقوق جامعة أسيوط ، ع ،6 يونية 1984م ، 207 .



(33) سامية راشد ، المرجع السابق ، 334 .



(34) عبد الحميد الأحدب ، المرجع السابق ، 348- 349 .



(35) سامية راشد ، المرجع السابق ، 393- 394 .



(36) راجع ملحق الترجمة العربية لاتفاقية نيويورك ، المادة 5/2/أ ، عبد الحميد الأحدب ، المرجع السابق ، 379 .



(37) سامية راشد ، المرجع السابق ، 390 .



(38) عزت محمد على البحيري ، المرجع السابق ، 247 .



(39) المرجع السابق ، 248 .



(40) سامية راشد ، المرجع السابق ، 391 .



(41) سامية راشد ، المرجع السابق ، 384- 385 .



(42) أحمد أبو الوفاء ، المرجع السابق ، 15 .



(43) سامية راشد ، المرجع السابق ، 87 .



(44) حكم محكمة جنوب لقاهرة الابتدائية بتاريخ 26/4/1984م في الدعوى رقم 3061 لسنة 1983م . غير منشور .













مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


طبيعةأوامر الأداء والطعن فيها - الجزء الثاني








حكم المادتين 384 و 406 مرافعات .



نصت المادة 384 مرافعات في فقرتها الاولي علي مبدا عام هونسبة الاثر المترتب علي الطعن في الحكام فلا يفيد من الطعن الا رفعه ولا يحتج به إلا علي من رفع عليه ثم استثنت في فقرتها الثانية والثالثة من ذلك المبدأ حالات فنصت بانه " إذا كان الحكم صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة او في التزام بالتضامن او في دعوي يوجب القانون فيها اختصام اشخاص معينين جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم او قبل الحكم ان يطعن فيه اثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من احد زملائه منضما اليه في طلباته واذا رفع الطعن علي احد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم وكذلك يفيد الضامن وطالب الضمان ومن الطعن المرفوع من ايهما في الحكم الصادر في الدعوي الاصلية اذا اتخذ دفاعهما فيها واذا رفع طعن علي ايهما جاز اختصام الاخر فيه .



في حين نصت المادة406 مكرر مرافعات بشان الاستئناف المرفوع بتقديم عريضة الي قلم الكتاب علي انه " في الثلاثين يوما التالية لتقديم عريضة الاستئناف يجب علي المستانف ان يعلن استئنافه الي جميع الخصوم الذين وجه اليهم الاستئناف الذين وجه اليهم المستانف والا كان المستانف باطلا وحكمت من تلقاء نفسها ببطلانه



ولا مراء في ان مجال تطبيق نص المادة 406 مكرر مرافعات هو حالة الاستئناف المرفوع بعريضة الي قلم الكتاب لا بورقة تكليف بالحضور لأن ميعاد المادة 406 مكرر مرافعات خاص باعلان الاستئناف بعد رفعه عريضة الي قلم الكتاب .



أما ميعاد الطعن الذي تتحدث عنه المادة 384 مرافعات سالفة الذكر ميعاد رفع الاستئناف المقرر قانون في م 402 مرافعات وهو يسري كما قدمنا سواء رفع الاستئناف بطريق التكليف بالحضور او بتقديم عريضة الي قلم الكتاب وبذلك يتحدد في رأينا نطاق تطبيق حكم كل من المادتين 384/2و406 مرافعات ، فتطبق حكم المادة 384/2 مهما كان الطريق الذي رفع به الاستئناف في حالات عدم تجزئة موضوع الطعن او التضامن في الالتزام او وجوب اختصام اشخاص معنين قانونا في الدعوي فيما يختص بمواعيد الطعن ورفع الاستئناف في الميعاد أو بعد فواته .



فإذا كان الاستئناف قد رفع بأي طريقة علي احد المحكوم لهم في الميعاد واختصم اخر فيه بعد الميعاد فإنه لا يجوز اعتبار الاستئناف المرفوع علي من رفع عليه الاستئناف بعد الميعاد غير مقبول شكلا لان المادة 384/2 مرافعات قد اوجبت في تلك الحالات اختصام باقي المحكوم لهم ولو بعد الميعاد .



وينطبق حكم المادة 406 مكرر مرافعات فقط في حالة رفع الاستئناف بعريضة الي قلم الكتاب فيما يختص بصحة الاستئناف بعد رفعه وبعدم صحته فقد ابطلت المادة 406 مكرر الاستئناف المرفوع بعريضة الي قلم الكتاب الاستئناف كطريق من طرق الطعن – اذا لم يعلن خلال ميعاد ثلاثين يوما من رفعه( بتقديم العريضة الي قلم الكتاب ) إلي جميع الخصوم الذين وجه اليهم الاستئناف .



فإذا اعلن الاستئناف في هذه الحالة الي بعض المستأنف عليهم بعد الميعاد بطل بالنسبه له الا اذا كان موضوع الطعن غير قابل للتجزئة او كان عن التزام بالتضامن او في الحالات التي يوجب القانون اختصام اشخاص معينين ـ فإن بطلان الاستئناف بالنسبة لأحد المحكوم لهم يستوجب بطلانه بالنسبة للجميع ( المذكرة التفسيرية للقانون 264 سنة 1953 المعدل لقانون المرافعات ) ذلك لانه اذا بطل الاستئناف بالنسبة لاحدهم اصبح الحكم نهائيا بالنسبة له واصبح حقه المكتسب في هذه الحالة يفضل امل المستانف في كسب طعنه بالنسبة الي الباقين ( نقض 18 يونية سنة 1953 مجموعة الكتب الفني س 4 ص 1137 ) .



وتفريعا على الراى المتقدم نرى انه يجوزاعمال حكم المادة384\2مرافعات فى مرحلة رفع الاستئناف بعريضة فى حالات التضامن وعدم التجزئة او وجوب اختصام اشخاص معينين بالنسبة لميعاد رفع الاستئناف فيصبح رفع الاستئناف بتقديم عريضة قبل بعض المحكوم لهم ولو بعد الميعاد المبين بالمادة 402 مرافعات متي كانت قد قدمت عريضة استئناف في الميعاد بالنسبة لباقي المحكوم لهم وعلي العكس لا يجوز اعمال حكم 384/2 مرافعات بالنسبة لميعاد اعلان الاستئناف المرفوع بعريضة الي قلم الكتاب في تلك الحالات السالفة فلا يجوز اعلان بعض المحكوم لهم المستانف عليهم بعد ذلك الميعاد ويبطل الاستئناف كله حتي بالنسبة للمحكوم له الذي اعلن به في الميعاد .



ولكن يري الدكتور أبو الوفا في كتابيه المرافعات ونظرية المرفوع ان البطلان المقرر بالمادة 406 مكرر يحكم بخ بالنسبة لمن لم يعلن بالاستئناف المرفوع بعريضة في الميعاد ويكون صححا بالنسبة لمن اعلن به في الميعاد دون ان يستثني من ذلك احوال التضامن وعدم التجزئة وكذلك الاحوال التي يوجب القانون فيها اختصام اشخاص معينين واستدل علي هذا الراي



اولا :- ما نصت عليه المادة 384/2 مرافعات من انه يكفي رفع الاستئناف في الميعاد في الاحوال سالفة الذكر بالنسبة لاحد المحكوم لهم وانه لا يتصور ان يسقط حق المستانف بعريضة الي قلم الكتاب الذي وجهه الي جميه المحكوم عليهم مع ان حقه لا يسقط اذا وجهه الي بعضهم واعلنهم في الميعاد



ثانيا :- ان م 384/2 مرافعات اجازت للمحكوم عليه رفع الطعن ولو بعد فوات ميعاد الطعن او قبوله الحكم منضما الي الطعن المرفوع من احد زملائه في الميعاد في الاحوال الثلاثة سالفة الذكر



ثالثا :- انه لا يتصو التفرقة بين رفع الاستئناف بعريضة الي قلم الكتاب ورفعه بصحيفة تعلن الي المستانف عليه وانه لا معني لهذه التفرقه ( المرافعات للدكتور ابو الوفا ص 687 و 748 ونظرية الدفوع للدكتور ابوالوفا ص 287 )







علي اننا نري ان الراي المعارض مردود بما وضعه المشرع من فوارق بين رفع الاستئناف بعريضة ورفعه بورقة تكليف بالحضور من حيث اجراءات كل من الطريقين وحالاتهما والمواعيد التي حددها لتلك الاجراءات كما انه مردود بان الميعاد الذي تتحدث عنه المادة 384/2مرافعات – كما قدمنا – هو ميعاد رفع الطعن الذي قد يرفع بعريضة او بتكليف بالحضور اما الميعاد الذي تناولته المادة 406 مكرر مرافعات فهو ميعاد اعلان الاستئناف المرفوع بعريضة فى محل لتطبيق حكم المادة 384/2 في الحالة الثانية بالنسبة لميعاد اعلان الاستئناف المرفوع فلا بعريضة ومردود كذلك بان نص المادة 406 مكرر مرافعات مقابل لنص المادة 432 مكرر التي اوجبت في حاله الطعن بالنقض الذي يتم بتقرير يودع بقلم كتاب محكمة النقض اعلان الطعن بعد صدور قرار دائرة المطعون باحالته – الي جميع الخصوم الذين وجه الطعن اليهم بورقة من اوراق المحضرين وذلك خلال الخمسة عشر يوما التالية لقرار الاحالة كما ان نص المادة 406 مكرر يطابق لنص المادة 431 مرافعات ( قبل تعديلها بالقانون 401 سنة 955 ثم تضمنه نص المادة م 432 مكرر سالف الذكر )



قضاء النقض :-



وقد قضت محكمة النقض بان بطلان اعلان الطعن تقرير الطعن بالنقض بالنسبة لاحد الخصوم الواجب اختصامهم في موضوع غير قابل للتجزئه يترتب عليه بطلانه لجميع المطعون ضدهم ( المحكوم لهم ) استاذا الي انه لا يجوز التحدي في هذه الحالة بنص المادة 384/2 مرافعات لان حكمها ينصب علي مواعيد الطعن ولان الاصل انه اصبح الحكم نهائيا بالنسبة لبعض الخصوم في موضوع غير قابل للتجزئة فان حقهم المكتسب في هذه الحالة يفضل امل الطاعن في كسب طعنه بالنسبة للباقين ( نقض 18 يونيه سنة 1953 مجموعة المكتب الفني س 4 ص 1137 ونقض 7 فبراير سنة 1952 مجموعة المكتب الفني س 4 ص 444 ونقض 9 فبراير سنة 1956 ومجموعة المكتب الفني س 7 كما قضت بانه " لما كان الاختصام في الطعن بطريق النقض وفقا للمادة 429 مرافعات لا يكون الا بتقرير يحصل في قلم كتاب المحكمة شامل لاسماء الخصوم جميعا وكان يجب اعلانه اليهم في الخمسة عشر يوما التالية لتقرير الطعن وفقا للمادة 431 مرافعات ولا كان الطعن باطلا دون ان يعني من ذلك ما نصت عليه م 384 / 2 مرافعات لان هذا النص مقيد في الطعن بالنقض بما تفرضه المادتان 492 و 431 من قانون المرافعات فان مؤدي ذلك انه وان كان الطعن بطريق النقض في موضوع غير قابل للتجزئة او في دعوي يوجب اختصام القانون اشخاص معينين فيها يكون مقبولا متي قرر في ميعاده بالنسبة الي احد المحكوم لهم ولو كان هذا الميعاد قد فات بالنسبة للباقين الا انه يجب في هذه الحالة اختصام الجميع في ذات التقرير بالطعن واعلانهم به جميعا في الميعاد المنصوص في الماة 431 مرافعات ولا كان الطعن باطلا بالنسبة لجميع المطعون عليهم " ( نقض 11 مارس 954 مجموعة المكتب الفتي س5 ص 610 ) .



ثم قضت محكمة النقض بالنسبة لميعاد رفع الطعن بانه ط متي كانت الطاعنة قد قررت طعنها في الحكم بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات بالنسبة للمطعون عليه الاول الا انه لما كان الحكم قد صدر بالزام المطعون عليهما بالتضامن فانه وفقا لمادة 384/2 مرافعات يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا في غير محله طعن الطاعنة وهي محكوم عليها برفض بعض طلباتها قد رفع علي المطعون عليه الثاني ( المحكوم له في الميعاد اذ لم يعلن اليه الحكم ولم يعلنه هو ( نقض 30 ابريل سنة 1953 مجموعة المكتب الفني س 4 ص 963 ) كما قضت محكمة النقض باعمال حكم م 384 مرافعات " اذا كان الحكم المطعون فيه صادرا في موضوع غير قابل للتجزئة فان للطاعهن الاول وهو احد المحكوم عليها والذي قرر بطعنه بعد الميعاد القانوني ان يفيدمن الطعن المرفوع من الطاعنه التانية متي كان منضما اليها في طلباتها "( نقض 29 يناير سنة 1953 مجموعة المكتب الفني س 4 ص 411 )



ويبين من قضاء النقض سالف الذكر انه يفرق بين ميعاد رفع الطعن وميعاد اعلان تقرير الطعن فيجيز تطبيق المادة 384/2 مرافعات في الحالة الاولي ولا يعمل حكما في الحالة الثانية وليس في هذا القضاء ما يعيبه اذ ان نظام رفع الطعن بالنقض بالتقرير به قلم الكتاب قد اقتضي ان ينص المشرع علي ميعاد لرفع الطعن وميعاد اخر لاعلان الخصوم المطعون عليهم بتقرير الطعن كما ان صريح نص المادة 384/2 يقتصر حكمها علي ميعاد رفع الطعن بينما نص المادة 406 مكرر يقتصر علي حالة اعلان عريضة الاستئناف التي رفع بايداعها قلم الكتاب كما ان نص المادة 432 مكرر ( 431 قبل تعديلها ) لا يتناول الا حكم اعلان تقرير الطعن بالنقض للخصوم ولما كان المشرع في تفنينه المادة406 مكرر قد استلهم نظام الطعن بالنقض المقرر بالماتين 429و 431 مرافعات وطبقة في الاستئناف بصفه عامة فان مجال تطبيق المادة 384/2 مرافعات بالنسبة للطعن في امر الاداء او في الحكم الصادر في المعارضة في امر الاداء انما يتحدد بالنسبة لميعاد رفع الطعن سواء كان بعريضة الي قلم الكتاب ام بتكليف بالحضور اذ كان موضوع الامر من الدعاوي المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات او كان الحكم المطعون فيه صادرا في المعارضة في امر الاداء ولا يمتد حكم المادة384/2 الي ميعاد اعلان عريضة الطعن المودعة بقلم الكتاب اذا كان طريق الطعن هو بايداع عريضة بقلم كتاب المحكمة كما في حالة الاستئناف ( م 406 مكرر ) او النقض ( م 432 مكرر)







واذا كان مؤدي القواعد المتقدمة انه اذا كان موضوع الدعوي الصادرة فيها الحجكم المستانف بتاييد امر الاداء مثلا التزام بالتضامن اختصام الباقين ولو كان اختصامهم بعد الميعاد القانوني لرفع الاستئناف دون ان يبطل ذلك الاستئناف وذلك عملا بالمادة 384/2 التي تطبق في هذه الحالة وكان الحكم يتغير اذا استؤنف امر الاداء مباشرة ورفع الاستئناف بعريضة الي قلم الكتاب وكان موضوعه التزام بالتضامن او لا يقبل التجزئة فانه وان يختصم في عريضة الاستئناف بعض المحكوم لهم بعد الميعاد المقرر لرفع الاستئناف في الميعاد متي اختصم الاخرين في الميعاد الا انه لا يجوز له عند اعلان عريضة الاستئناف في الميعاد المحدد بالمادة 406 مكرر الا ان يعلن جميع الخصوم في الميعاد المذكور والا وقع الاستئناف باطلا اذ لا يمكن فياحوال التضامن وعدم التجزئة ابطال الاستئناف بالنسبة للاخرين . نقول اذا كان الحكم في الحالتين : حالة استئناف حكم المعارضة في امر الاداء واستئناف امر الاداء مباشرة دون معارضة متباينا او غير متجانس فان وزر ذلك يقمع علي المشرع الذي جعل لرفع الاستئناف طريقين مع انه كان يهدف الي تبسيط اجراءات الطعن بالاستئناف



20- اقتراح بتعديل بعض النصوص



واذا كان لنا ان نقترح بعض التعديلات في النصوص الخاصة باوامر الاداء في قانون المرافعات منعا للخلاف بشان طبيعتها وطرق الطعن فيها وزيادة في ايضاح مقصد الشارع في هذه المسالة وهدفه في تبسيط الاجراءات فانا تقترح التعديلات الاتية :-



اولا :- تعديل المادة852 فقرة اولي كالاتي :-



يكون رفع دعوي المطالبة بدين مما ذكر بالفقرة الاولي من المادة السالفة بعريضة يقدمها الدائن او وكيله الي قاضي محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المدين او رئيس الدائرة المختصة بالمحكمة الابتدائية بحسب الاحوال مالم يقبل المدين اختصاص محكمة اخري بالفصل في النزاع وذلك بعد ان يكلف الدائن مدينة اولا وفاء الدين بميعاد ثلاثة ايام علي الاقل ولا كانت الموفوعة علي غير تقدم غير مقبوله



ثانيا – تعديل المادة 853 فقرة اولي كالاتي :-



يجب ان يرفق بعريضة طلب الامر بالاداء سند الدين وما يثبت حصول التكليف بوفائه ويبقي هذا السند في قلم السند في قلم الكتاب الي ان يمضي الميعاد المنصوص عليه في المادة 855



ثالثا :- تعديل المادة 853 فقرة ثالثة كالاتي :-



" ويصدر الامر بالاداء علي احدي نسختي العريضة خلال ثلاثة ايام علي الاكثر من تقديمها ويجب ان يبين بالامر المبلغ الواجب اداؤه من اصل وفوائد ومصاريف ويعتبر الامر بمجرد صدوره بمثابة حكم غيابي "



رابعا:- تعديل المادة 857 مكرر كالاتي :-



م 857 مكرر :" تسري علي الامر بالاداء وعلي الحكم الصادر في المعارضة فيه الاحكام الخاصة بالنفاذ المعجل وطرق الطعن في الاحكام ويرفع الاستئناف عن ايهما بتكليف بالحضور علي الوجه المبين بالمادة 405/2 مهما كان موضوع الدعوي "....



وبالله التوفيق .







مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




طبيعةأوامر الأداء والطعن فيها - الجزء الأول








طبيعة اوامر الاداء والطعن فيها







مقدمات :



أوجب المشرع استثناء من القواعـد العـامة في رفع الدعوي الالتجاء الي نظام استصدار اوامر الاداء عند المطالبة بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة وحال الاداء ومعين المقدار .... سواء اكان الدين صغير ام كبير ( م 851 مرافعات ) .....



ولسنا نبغي من هذا البحث بسط احكام نظام اوامر الاداء وانما نهدف الي بيان طبيعة امر الاداء التي ثار حولها الخلاف في الفقه والقضاء لما لها من اهمية عملية سواء من حيث الاثار القانونية المترتبه علي امر الاداء او من حيث طرق الطعن فيه خصوصا بعد ان اصبح الدائن ملزما بأن يسلك طريق استصدار امر الاداء في مطالبته بدينة الثابت بالكتابة الحال الاداء والمعين المقدار دون ان يسلك الطريق العادي في رفع الدعاوي



ولكنا نري قبل تناول ما نهدف اليه من هـذا البحث أن نبين إجمالاً اجراءات استصدار امر الاداء التي أوجبها القانون والتي تبدأ بأن يكلف الدائن مدينة بالوفاء بميعاد ثلاثة ايام علي الاقل ثم يتقدم للقاضي المختص بعريضة مشتملة علي وقائع طلبه واسانيده واسم المدين كاملا ومحل اقامته مع المستندات المؤيدة لاستصدار امر الاداء - ثم يصدر القاضي الامر مبيناً به المبلغ الواجب الاداء من أصل وفوائد ومصاريف إذا رأى أن يجيب الدائن إلى كل طلباته - أما اذا رأى ألا يجيبه اليها أو إلي بعضها كان عليه ان يمتنع عن اصدار الامر وأن يحدد جلسة لنظر الدعوي أمام المحكمة بالطريق العادي مع تكليف الدائن خصمه بالحضور إليها ( م 852 و853 و854 مرافعات ) وإذا اصدر القاضي الاداء كان للمدين المعارضة فيه خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اعلانه .



والذي نراه في طبيعة أمر الأداء أنه ليس أمراً على عريضة لاختلافها من حيث إجراءات الصدور والآثار التي رتبها القانون لكل منها ---- رغم انهما يتفقان في انهما يصدرون من قاض علي عريضة في غيبة الخصوم وبدون سماع مرافعة وذلك للامور الاتية :-



أولا :- أن الأمر علي عريضة يصدر بإتخاذ اجراءات وقتية أو تحفظية أو إدارية لتنظيم سير الخصومة التي لم تبدأ بعد فهي لا تفضل في خصومة بين طرفين متنازعين أما أمر الأداء فهو يفضل في مطالبة بحق وخصومة قائمة حول الحق لا حول اجراءات وقتيةولذلك فعمل القاضي في اصداره الامر علي عريضة ولائي بعكس عمله في اصدار الامر بالاداء فهو عمل قضائي



ثانيا :- ان القانون قد جعل استصدار أوامر الاداء وجويا واعتبره طريقا لرفع الدعوي استثاء من القواعد العامة وذلك في حالات المطالبة بالديون الثابتة بالكتابة .... وعلي ذلك فإن طلب استصدار امر الاداء يعد مطالبة قضائية dema de en justice لأن فيه معي المطالبة امام القضاء بالحق مطالبة جازمة بعد تكليف المدين بالوفاء ، ولا ينال من ذلك ان القاضي يفضل في طلب امر الاداء في غيبة المدين ودون تكليف بالحضور ما دام ان المشرع قد اراد رفع الدعوي بهذا الطريق وجعل سلوك هذا الطريق حتميا في حالة الديون الثابتة بالكتابة فضلا عن انه في تكليف المدين بالوفاء قبل طلب استصدا الامر علي عريضة فلا يشترط فيه إعـلان الخصم قبل طلب استصدار الامر علي عريضة .



ثانيا :- أن المادتين 853 و 857 مرافعات قد قضتا صراحة بأن الامر بالاداء يعتبر بمثابة حكم غيابي كما ان الحكم في المعارضة يعتبر يمثابة حكـم حضوري مما تتنفي معه فكرة ان الامر بالاداء يأخذ حكم الامر علي عريضة بمعني ان يكون واجب النفاذ وبقوة بالقانون وقضاء حكم المادة 466/1 مرافعات ـ ولذلك قضت المادة 857 مكرر مرافعات علي انه سري علي الامر بالاداء والحكم الصادر في المعارضة فيه الاحكام الخاصة بالنفاذ المعجل حسب الاحوال التي يبينها القانون شأنها في ذلك شأن باقي الأحـكام مما يستدل منه علي ان امر الاداء ليس امرا علي عريضة بل هو حكم قضائي كغيرة من الاحكام ( المذكرة الايضاحية للقانون 485 سنة 1953 المعدل لقانون المرافعات ) .



أن أمر الاداء يعتبر كأن لم يكن إذا لم يعلن للمدين خلال سته شهور من تاريخ صدوره ( م 856 مرافعات ) وهو ذات الحكم اذا لم يعلن الحكم الغيابي خلال ستة اشهر من تاريخ صدوره وفقا للمادة 393 مرافعات فإنه يعتبر كذلك لم يكن ... أما الامر علي عريضة فإنه يسقط إذا لم يقدم للتنفيذ في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ صدوره



أمر الاداء حكم قضائي :-



وينبني علي ما تقدم ان امر الاداء غيابي فاصل في خصومة بحيث اذا لم يعارض فيه يصبح بعد فوات مواعيد المعارضة بمثابة حكم حضوري - كما انه اذا كانت قيمة الدعوي الصادر فيها الامر بالاداء لا تجاوز الخمسين جنيها فان امر الاداء بعد فوات مواعيد المعارضة يعتبر حكما نهائيا غير قابل للطعن ( راجع مستعجل مصر 12 ديسمبر سنة 1954 محاماة س 36 ص 1107 ) .



ولا ينال من كون أمر الأداء بمثابة حكم قضائي أنه لا تحرر له أسباب لأن المشرع هو الذي رسم طريق استصدار امر الاداء تبسيطا للاجراءات ولم يتطلب تحرير اسباب له علي اساس ان موضوعه من الوضوح فهو لا يصدر إلا في حالة الديون الثابتة بالكتابة والحـالة الاداء والمعينة المقدار – بحيث لا ضرورة أو أهمية من تحرير أسباب له . وعلي ذلك فلا نري صحيحا القول بان امر الاداء قضاء قطعي ملزم في مطالبة بحق وان كان معلقا علي شرط عدم التظلم فيه ، فإذا تحقق شرط عدم التظلم اصبح لامر الاداء كل حجية الحكم واثاره ، وذلك لأ ننا رأينا ان امر الاداء قبل المعارضة فيه بمثابة حكم غيابي فله حجة الحكم الغيابي واثاره ما لم يسقط بمضي ستة شهور من تاريخ صدوره دون إعلانه للخصم المدين ـ ولأنه بفوات مواعيد المعارضة يصح حكما حضوريا له آثاره كذلك وعلي ذلك فاالأمر بالاداء قوة الحكم مشمولا بالنفاذ ، كما انه تسري عليه احكام النفاذ المعجل المتعلقة بالاحكام الغيابية كما انه ينبني علي صدور امر الاداء قطع مدة التقادم وسريان الفوائد اذ يجوز للقاضي ان يأمر بالفوائد مع مبلغ الدين في امر الاداء بدليل ما نصت عليه المادة 853 فقرة اخيرة من انه يجب ان يبين بامر الاداء المبلغ الواجب الاداء من اصل وفائدة ومصاريف وتستند اثار امر الاداء الي تاريخ طلب الامر لا الي تاريخ صدوره



قضاء الاستئناف :



ومع وضوح القواعد المتقدمة وما جاء بالمذكرة الايضاحية سالفة الذكر رأت محكمة استئناف الاسكندرية ان امر الاداء لا يخرج في الواقع عن كونه امر صادرا علي عريضة ولا يرفع عنه هذا الوصف ان المشرع اعتبره بمثابة حكم غيابي اجاز فيه المعارضة وبمثابة حكم حضوري اذا لم ترفع المعارضة في الميعاد المحدد ـ اذا انه اذا اعتبره كذلك لم يقصد غير الاثار التي تترتب علي هذا الامر دون اعتباره حكما بمعناه المحدد كسائر الاحكام وان المعارضة في امر الاداء لا تعدو ان تكون تظلما كما هو الشان في الاوامر الصادرة علي عرائض وان معني اعتباره امر الاداء بمثابة حكم غيابي او حضوري هو ان يكون كذلك من حيث شموله بالنفاذ من عدم اما فيما ، عدا ذلك فلا يعتبر حكما كسائر الاحكام وذلك علي اساس انه لا يفصل في خصومة ولم يبن علي اسباب يمكن مناقشتها لدي استئنافه وان الخصومة لا تنعقد في الامر بالاداء الا عند الطعهن عليه بطريق المعارضة ( استئناف اسكندرية 6 ديسمبر سنة 1955 مجلة المحامة ص 1358 ) .



وبنت محكمة استئناف الاسكندرية علي ذلك في حكمها ان استئناف امر الاداء ذاته غير جائز سواء فوت المستانف ميعاد المعارضة فيه او لم يفوتها ويكون الحكم الصادر في المعارضة في امر الاداء هو الذي يقبل الطعن فيه بالاستئناف



علي ان هذا الراي مردود في نظرنا بما وردنا بالبند الثالث من هذا البحث وبين الشارع قد ساوي بين امر الاداء والحكم الغيابي من حيث احكام النفاذ وصرح في مذكرته الايضاحية بانه ليس من قبل الاوامر علي العرائض كما ساوي بينهما من حيث السقوط اذا لم يعلن اي منهما خلال ستة شهور من تاريخ صدوره ثم ساوى بينهما من حيث السقوط اذا لم يعلن اي منهما لكل منهما خمسة عشر يوما من تاريخ اعلان الحكم العيابي او امر الاداء ( م 288 – 855 مرافعات ) .



وقد كان للراي القابل بأن امر الاداء هو امر علي عريضة من نصوص قانون المرافعات الخاصة باستيفاء الديون الثابتة بالكتابة ( م 851 مرافعات وما بعدها ) قبل تعديلها بالقانون 265 و 485 سنة 1953 اذا كانت المادة 855 مرافعات تنص قبل التعديل علي ان التظلم من الامر يكون خلال ثمانية ايام من تاريخ اعلانه ، وكانت المادة 857 قبل تعديلها تنص علي ان امر الدفع يعتبر كان لم يكون اذا لم يعلن للمدين في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ صـدوره وذلك اسواه بالاوامر علي العرائض .



ولكن بتعديل المواد سالفة الذكر اتجه الشرع الي الوضع السليم للامر بالاداء من حيث انه فصل في خصومة حول حق بدون مرافعة فاعتبر امر الاداء بمثابة حكم غيابي واعتبر التظلم منه ومعارضة شان المعارضة في الحكم الغيابي مما حدا بالمشرع الي ان يستعمل لفظ المعارضة في امر الاداء بدلا من لفظ التظلم وان يجعل ميعاد المعرضة في الامر متفقا مع ميعاد المعارضة في الاحكام الغيابية وكذلك نص في المادة 856 علي ان يعتبر كان لم يكن اذا لم يعلن للمدين خلال سنة اشهر منتاريخ صدوره كما هو الحال في الاحكام الغيابية تماما علي ما تقدم ( راجع المذكرة التفسيرية للقانون 265 و 485 سنة 1953 المعدلين لقانون المرافعات



1- وينبني علي كون امر الاداء حكما لا امرا علي عريضة فضلا عن الاثار التي للاحكام الغيابية كما يينا :-



اولا :- انه يخضع للاحكام التي وضعها القانون لقواعد في الاحكام فلا يجوز للطعن فيه الا ممن صدر ضده الامر كما لا يجوز الطعن في الامر ممن قبله او ممن قضي له بكل طلباته كما ان مواعيد الطعن فيه لا تبدا الامن تاريخ اعلان الامر الي نفس المدين او في موطنه الاصلي كما ان المعارضة في امر الاداء ترفع بتكليف بالحضور امام المحكمة التي اصدرت الامر المعارض فيه سواء اكانت محكمة المواد الجزئية او المحكمة اابتدائية حسب الاحوال علي ان يراعي في صحيفة المعارضة ان تشتمل علي بيان الامر المعارض فيه واسباب والا كاننت باطلة ( 389 و 855 مرافعات )



ثانيا :- ان امر الاداء يجوز استئنافه قبل المعارضة فيه لانه بمثابة حكم غيابي والاحكام الغيابية يجوز استئنافها قبل الطعن فيها بالمعارضة علي ان يعتبر الطعن في الحكم اليابي بطريق الاستئناف نزولا عن حق المعارضة ( 387 مرافعات ) وكذلك يجوز الطعن في الحكم الصادر في المعارضة في امر الاداء بالاستئناف سواء اكان قد صدر بتاييد امر الاداء ام بالغائة ويبدا ميعاد استئناف امر الاداء اذا لم يطعن فيه بالمعارضة من اليوم التالي لانقضاء ميعاد المعارضة اما ميعاد استئناف الاحكام الصادرة في المعارضة فيبدا منتاريخ اعلانها للمحكوم عليه .



شكل استئناف امر الاداء :-



وليست التفرقة بين استئناف امر الاداء دون الطعن فيه بالمعارضة وبين استئناف الحكم الصادر في المعارضه المرفوعة عن امر الاداء قاصرة علي بدء ميعاد الاستئناف وانما ثار الخلا بصددها عن البحث في شكل الاستئناف المرفوع في الحاين اذ نصت المادة 405 مرافعات علي طريقين لرفع الاستئناف او لهما بان يرفع لاستئناف بعريضة تقدم الي قلم كتاب المحكمة المختصة وهذا الطريق هو طريق استئناف كافة الدعاوي فيما عدا المنصوص عليه في المادة 118 مرافعات والطريق التاني ان يرفع الاستئناف بتكليف بالحضور تراعي فيه الاوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوي وذلك طريق استئناف الاحكام الصادرة في الدعاوي المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات المعدلة بق 264 سنة 1953 وهي :-



(1) الدعاوي المستعجلة



(2) دعاوي شهر الافلاس والدعاوي البحرية متي كانت السفينة في المينا



(3) دعاوي السندات الاذنية والكمبيالات



(4) كل الدعاوي التي ينص علي وجوب الفصل فيها علي وجه السرعة



(5) دعاوي التماس اعادة النظر . وقد رتب القانون علي عدم مراعاة الطريق القانوني لرفع الاستئناف بطلانه الذي تملك المحكمة من تلقاء نفسها القضاء به ( م 405 مرافعات )



وقد انقسم الرائ في طريقة استئناف امر الاداء وطريقة استئناف الحكم الصادر في المعارضة الي ثلاثة اراء.-



الرأي الاول :- ذهب الي ان العبرة في استئناف الاحكام الصادرة في المعارضة في امر الاداء هو بموضوع الدعوي التي صدر فيها الاداء فان كانت ضمن الدعاوي المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات كان الاستئناف بتكليف بالحضور والا كان الاستئناف بطريق عريضة الي قلم الكتاب واتخاذ اجراءات الاستئناف المنصوص عليها قانونا في هذه الحالة وكذلك تكون العبرة في استئناف امر الاداء دون المعارضة فيه موضوع الدعوي التي صدر فيها



والرأي الثاني :- ذهب الي التسوية كذلك بين استئناف امر الاداء دون المعارضة في دين استئناف الحكم الصادر في معارضة من حيث شكل الاستئناف فاشترط ان يكون الاستئناف في الحالين بتكليف بالحضور استنادا الي ان المعارضة في امر الاداء يفصل فيها علي وجه السرعه عملا بنص المادة 855 مرافعات وعلي ذلك فتدخل ضمن الدعاوي التي تضمنها نص المادة 118 مرافعات سالف الذكر وان امر الاداء الذي لم يعارض فيه يصدر كذلك باجراءات رسمها القانون علي وجه السرعة اذ تطلب صدوره خلال ثلاثة ايام علي الاكثر من تقديم عريضة امر الاداء ( م 853 مرافعات ) .



ويعيب الرأي الأول : انه لم يعتد بما نصت عليه المادة 855/2 مرافعات من ان " قلم المحضرين يقيد دعويالمعارضة ( في امر الاداء ) من تلقاء نفسه ويحكم فيها علي وجه السرعه ...." مما يجعل المعارضة في امر الاداء من الدعاوي التي يحكم فيها علي وجه السرعة والتي يشملها نص المادة 118 مرافعات ، وبالتالي يكون استئنافها بطريق التكليف بالحضور .



كما يعيب الرأي الثاني : انه اعتبر امر الاداء صادرا في دعوي علي وجه السرعه مع ان القانون لم ينص صراحة علي ذلك ومن ثم فلا يمكن اعتبار امر صادرا في دعوي يحكم فيها علي وجه السرعه للماده 118 مرافعات التي اشترطت في الدعاوي التي يحكم فيها علي وجه السرعه ان ينص القانون علي وجوب ذلك ولا يمكن اعتبار دعوي انها من الدعاوي التي يحكم فيها علي وجه السرعة مالم يصرح بذلك القانون .



الرأي الثالث :- وهو الذي نراه – يفرق بين استئناف امر الاداء دون المعارضة فيه وبين دين استئناف الحكم االصادر في امر الاداء .







اما استئناف أمر الاداء دون المعارضة فيه فالعبرة في طريقة رفعه بموضوع الدعوي التي صدر فيها فان كانت ضمن دعاوي المادة 118 مرافعات كدعاوي السندات والكمبيالات كان استئناف الحكم الصادر فيها بطريق التكليف بالحضور لان امر الاداء الذي لم يعارض فيه بمثابة حكم حضوري فيرجع في تعرف طريقه استئنافه الي موضوع الدعوي فاذا خرج موضوعها عن الدعاوي المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات كان استئناف الحكم فيها بعريضة الي قلم كتاب المحكمة المختصة بالاستئناف



اما الاستئناف الحكم الصادر في المعارضة في امر الاداء فاننا نري دائما انه ينبغي رفعه بتكليف .



بالحضور دون اعتداد بموضوع الدعوي سواء كانت تدخل ضمن دعاوي المادة 118 مرافعات ام لا ذلك لان القانون قد افصح عن ان المعارضة في امر الاداء يفصل فيها علي وجه السرعة (1) ومن ثم فتعد من الدعاوي التي يتضمنها نص المادة 118 مرافعات وبالتالي يكون استئناف الاحكام الصادر فيها بتكليف بالحضور .



أهمية التفرقة :-



واهمية التفرقة بين طريقي الاسئتناف بالنسبة الامر الاداء او للحكم الصادر في المعارضة فيه تظهر في امرين :-



أولا :- مواعيد الطعن بالاستئناف .



ثانيا :- مدي انطباق قاعدة انه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا علي من رفع عليه المنصوص عليها في المادة 384 مرافعات .



أما من حيث مواعيد الطعن بالاستئناف فهي في حالة الاستئناف بطريق التكليف بالحضور عشرين يوما لاحكام محاكم المواد الجزئية واربعين يوما لاحكام المحاكم الابتدائية وينقض هذان الميعادان الي النصف في مواد الأوراق التجارية ويكون الميعاد عشرة ايام في المواد التي يوجب القانون فيها الفصل علي وجه السرعه ( م 402 مرافعات ) وفي حالة رفع الاستئناف بعريضة الي قلم الكتاب ينبغي ان تقدم العريضة الي قلم الكتاب خلال المواعيد سالفة الذكر وهي عشرين يوما لاحكام المحاكم الجزئية واربعين يوما لاحكام المحاكم الابتدائية ثم يعلن المستانف عليها خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم عريضة الاستئناف بالاستئناف المرفوع ( م 405 و 406 مرافعات ) .



ويعتبر الاستئناف مرفوعا في الحالة الاولي باعلان صحيفة الاستئناف ورقة تكليف بالحضور وفي الحالة الثانية بمجرد تقديم عريضة الاستئناف الي قلم كتاب المختصة وقبل اعلانها الي الخصوم وتفريعا علي ما تقدم يكون ميعاد استئناف امر الاداء دون المعارضة فيه اذا كان صادر في دعوي يوجب القانون الفصل فيها علي وجه السرعة او كان صادرا في مواد الاوراق التجارية كدعاوي السندات الاذنية او الكمبيالات عشرة ايام بالنسبة للأوامر الصادر من المحاكم الجزئية وعشرين يوما بالنسبة للاوامر الصادرة من المحاكم الابتدائية .



أما اذا كان أمر الاداء قد صدر في غير دعاوي المادة 118 مرافعات وكان استئنافه بطريق تقديم عريضة الي قلم الكتاب فان مواعيد الاستئناف تكون هي المبنية بالمادة 402 سالفة الذكر مع وجوب اعلان استئناف للخصوم بعد ذلك خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم عريضة الاستئناف .



أما مواعيد الاستئناف في حالة استئناف الحكم الصدر في المعارضة في امر الاداء فهي عشرة ايام دائما من تاريخ الاعلان فينبغي اعلان ورقة التكليف بالحضور ( صحيفة الاستئناف ) الي المستانف عليه خلال هذا الميعاد مهما كان موضوع الدعوي الصادر فيها امر الاداء المعرض فيه وذلك لما قدمنا من ان المعارضة في امر الاداء من الدعاوي التي اوجب القانون الفصل فيها علي وجه السرعة .









مكتب  /  محمد جابر عيسى المحامى


الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي - الجزء الثاني








اما الاعمال المادية الحقل الخصب للمسئولية فيتمتع علي مجلس الدوية نظرها وبذا يكون التحدث في امر النظرية الادارية معركة في غير ميدان وتظل الغلبة للنظرية المدنية التي تضاع لها علي الدوام محاكمنا المدنية .



فالواجب اذن علي الاقل في حدود التنظيم القضائي الحالي استبعاد النظرية الادارية والواقع اننا لو سايرنا الراي المضاد لوصلنا الي مفارقات لا يسيعتها الذوق القانوني فلو لجا شخص – ثري الحال- الي المحكمة الادارية التي لا تنعقد حتي الان الا في القاهرة والاسكندرية واستخلص منها حكما بالتعويض عن خطا للادارة بدعوي انه مصلحي واستعصي علي اخر متواضع الحال رفع الدعوي امامها بخصوص نفس الواقعة – بسبب ظروفه المادية التي تنوء بمصاريف الانتقال من بلدته التائية الي مقر المحكمة الادارية فاقام الدعوي امام المحكمة المدنية القريبة منه ووجدت الاخيرة نفسها مقيدة بالقواعد ثم حكمت في غير صالحة فان في هذه النتيجة التي تتاذي منها العدالة ردا مفحما لمن يقول بالنظرية الادارية في مصر .



ثانيا : في الموضوع :-هناك فكرة ملحة ظلت تداعب خاطري دائما ... لماذا لا نستظل بالقواعد المدنية بدلا من كل هذا العناء ؟ قد تلوح امامنا بعض الحجج الهزيلة , وهذه لن تقف امامها طويلا (1) فالتحجج – مثلا – بان القانون المدني لا ينظم الا علاقات الافراد فيما بينهم جوابه ان القانون المصري بالذات سوي بين الاشخاص الطبيعية والاعتبارية ( م 52 /53 مدني) واعطي للاخيرة كل الحقوق التي للاولي خلا ما استثي وحينما سن المشرع لائحة ترتيب المحاكم من قبل واعطي للقضاء ولاية التعويض عن القرارات الادارية المعيبة لم يفرد لذلك احكاما خاصة وفي هذ الدليل الكافي علي اعتباره القواعد المدنية القانون العام في هذا الميدان .



ما الزعم بان العلاقة بين الموظف والادارة ليست علاقة تعاقدية كتلك القائمة بين التابع والمتبوع فيرد عليه بان التعاقد ليس اساسا لقيام المسؤلية الاخيرة يؤكد هذا المعني العميد السنهوري احد واضعي القانون المدني في كتابه الوسيط حيث يقول " تقوم علاقة التبعية علي سلطة فعليه فليس ضروريا من جهته ان تكون هذه السلطة عقدية تقوم علي الاختيار



وهذه حجة ثالثة – القوعد المدنية عاجزة عن معالجة حالة خطا المصلحة اي عندما يكون الخطأ غير منسوب الي شخص معين " ويمكننا نفنيد هذه الحجة بانه يمكن مساءلة الادارة هنا علي اساس خطاها الشخصي ( المادة 163 مدني) لا خطاها المفترض بوصفها متبوعة (م 174 مدني) هذا ومن المتفق عليه في حالة الخطأ المصلحي الذي يكون فيه الموظف محدث الضرر غير معروف تطبق النظرية المدنية ( راجع السنهوري الوسيط ص 1018 والتطبيقات العديدة التي اوردها بالهامش )



ناتي الي حجة رابعة قد تكون براقة المظهر مجملها ان مجلس الدولة لا يسعه مجال – وهو المتحرر المتطور – ان يدور في فلك النظرية المدنية ؟؟؟



وقد رددنا علي ذلك – عند بحث الاختصاص - بما فيه الكفاية ومع ذلك دعنا نتامل قليلا النظرية المدنية لنحلها في الموضع الملائم لها في ركب التطور والارتقاء اشار القانون المدني القديم الي هذه النظرية في المادة 152 فنص علي انه " يلزم السيد ايضا بتعويض الضرر الناشئ عن افعال خمسة متي كان واقعا منهم حالة تادية وظائفهم والنص كما تدل صياغة يضيق رابطه التبعية ما امكنه ورغم ذلك فان القضاء المدني لم يقف مكتوف الايدي حيالة بل اشيعة تفريعا وتطويعا حتي وصل الي مساءلة المتبوع اذا كانت الوظيفة قد سهلت او ساعدت او هيات الفرصة لارتكاب الخطأ اي اذا كان الخطأ قد ارتكب بمناسبة تادية الوظيفة ( السنهوري المرجع السابق ص 1025 ) وشتان بين النص وبين ذلك القضاء



ثم جاء القانون الحالي بالمادة 174 قاصدا من ذلك توكيدا ما انتهي اليها القضاء المصري من نتائج ( السنهوري ص1013 ) فاذا كان القضاء المدني قد استبق التشريع بهذه الخطوات بل الطفرات الهائلة .. فكيف يري بعد ذلك بالجود ؟ لقد انتحي قضائنا المدني الي نفس النتيجة التي اعلنها مجلس الدولة الفرنسي ولكن علي اسس ثابتة وقواعد راسخة



واذا كانت سهام القصد قد تحطمت جميعا امام هذا الصرح الشامخ الذي شاده القضاء المدني فان نظرة واحدة داخل محراب ذلك القضاء – وكيف انه امسك العصا من وسطها معطيل كل ذي حق حقه كفيلة بان تزيدنا استمتاكا بالنظرية المدنية :



اولا – مركز المضرور : تسال الادارة عن خطا موظفها ايا كانت درجة الخطأ حتي ولو كان يسيرا والمضرور في هذا ينعم بميزة غير متوافرة في النظرية الادارية حيث لا تسال الادارة الا عن خطاها الجسيم فحسب , وحيث ينقسم الخطأ – علي غير اساس – سوي التحكم الذي لا سند له الي خطا ظاهر الوضوح , واخر جسيم علي النحو الذي قضلناه في حينه والادارة حيث يثبت الخطأ علي موظفها لا تستطيع المحاورة والمداورة ... عليها ان تكفكف الام المضرور لا يهم في ذلك ان يكون الخطأ شخصيا او مصلحيا . وبذلك نعفي انفسنا من مشكلتين نصطدم بهما في النظرية الادارية:



الاولي:- وضع معيار جامع مانع للخطا المصلحي اذ ان الادارة ازاء المضرور مسؤلة دائمة وفي مقابل ذلك انها ترجع علي الموظف من ناحية اخري في كل الاحوال .



الثانية :- تقدير درجة الخطأ المصلحي في كل حالة علي حدة وهل الخطأ علي قدر معين من الجسامة يبرر مسئولية الادارة . نحن هنا نكيل بكيل واحد واف . ان المعيار المجرد in abstract الذي شرعه القانون المدني ادعي الي الثبات واقرب الي الاطمئنان فالادارة تسال عن كل خطا لا تقع فيه ادارة متوسطة العناية وجدت في نفس الظروف الخارجية وعامل الظروف الخارجية هذه هي التي تضفي علي النظرية المدنية . الحيوية فيجعلها طازجة ابدا . ويقول اعميد السنهوري في وصف ذلك المعيار ( ويتبين ان الظرف الواحد قد يكون ظرفا داخليا شخصيا بالنسبة الي شيء معين ثم ينقلب الي ظرف خارجي عام بالنسبة الي شخص اخر وفي هذه القضية بها ما يجعل القياس المجرد او فر مرونة واكثر مطاوعة لمقتضيات الظروف ( السنهوري – المرجع السابق – ص 785 – بيذة 529 ) ويقصد بالظروف الخارجية : الظروف التي تحيط بكل الناس كظروف الزمان والمكان وهنا نستشعر حنين القضاء الاداري الي نظريتنا المدنية حينما اخد يحاسب المراق وفقا لهذه الظروف ( الزمان / المكان ) وعندما مال في نهاية الامر الي التاسي بالنظرية المدنية ووضع معيار موضوعي لقياس خطا المرفق ( ثانيا) مركز الادارة . ترجع الادارة علي الموظف في كل الاحوال هذا وان كان هناك تضامن دفع التعويض بين الادارة والموظف ( م 169 مدني) فان الادارة تكون متضامنة مع الموظف لا عنه ولا يجديه في حالة رجوعها عليه ان يدفع في مواجهتها بان خطاها مفترض اذ ان هذه قرينة اقامها المشرع لصالح المضرور ولا لصالح الموظف المسئول ومن ناحية اخري لا يمكن للموظف دفع مسئوليته بزعم ان الخطأ مصلحي ... وفي هذا تنحاز النظرية المدنية ايضا



( ثالثا ) مركز الموظف . قر في اذهاننا الان ان الموظف مسئول دائما حتي عن خطئه اليسير وعن ذلك الخطأ الذي يسميه الاداريون شخصيا وهذا امر مستحب بقدر ماهو مطلوب اذ بغير هذا السلاح المسلط لا يستقيم عمل ولا يرعوي مخطئ ومع ذك فان الموظف يستطيع ان يجعل له مخرجا من احكام هذه المسؤلية اذ بدت ثقيلة قاسية علي النحو الاتي ( ) الخطأ المباح تنص المادة 167 مدني علي " انه لا يكون الموظف العام مسؤلا عن عمله الذي اضر بالغير اذا قام به تنفيذ لامر صدر اليه من رئيس متي كانت اطاعة هذا الامر واجبة عليه او كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا علي اسباب معقولة وانه راعي في عمله جانب الحيطه" والاعفاء في هذه الحالة قاصر علي الموظف المرؤوس ولا يتمتع به الرئيس الا اذا انطبق عليه النص بشروطه الواردة فيه (2) الرجوع في حدود الخطأ " تقرر المادة 175 مدني" ان للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤلا عن تعويض الضرر والموظف غالبا ما تتقاسم معه الادارة وزر الخطأ وعلي هذا يتعين عليها الا تحاسبه الا عن خطئه وحده (3) حق العفو . الادارة ان ملكت حق الرجوع علي الموظف الا انها كثيرا ما تعفو عنه تخفيضا وترفيها وبديهي ان العفو هنا حق للادارة لا للموظف فهو منحه منها لا واجب عليها ويراعي بطبيعة الحال ظروف كل موظف علي حده وفي هذا مزيد من المرونه للقاعدة المدنية (4) التعسف في استعمال الحق : يري الدكنور سليمان الطحاوي ( المرجع السابق ص 250 ) انا رجوع الادارة علي الموظف واقتضائها التعويض منه كاملا عن خطا قد يكون تافها ان هو الا ضرب من الاعتساف في استعمال الحق مصدافا للمادة 5/3 مدني التي تجري عباراتها بالاتي : يكون استعمال الحق غير مشروع في الاحوال الاتية ............. ب- اذا كانت المصالح التي يري الي تحقيقها قليلة الاهمية بحيث لا تتناسب البته مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها



من جماع ما تقدم ننتهي الي الحقيقتين الاتيين :



اولا – ان القضاء الاداري المصري يتعذر عليه تطبيق نظرية الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي :



1- علي الاعمال المادية لانه غير مختص بها



2- وعلي الاعمال الادارية لانه مرتبط بالنصوص المدنية



ثانيا :- ان النظرية المدنية ادني الي صوالح كل من المضرور والادارة والموظف من النظرية الادارية وهذا هو راينا الخاص



وعسي الا نكون قد وقعنا في خطا .......... في معالجة ذلك " الخطأ "











مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي - الجزء الأول








الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي







لم تعد نظرية الخطأ المصلحي عصية علي النقد بعد ان فقدت التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي اهميتها بالنسبة للادارة – بعد ان طور القضاء الفرنسي النتائج المبنية عليها تطويرا لا يتلائم ومصلحة في كثير من الحالات وسنتناول في نقدنا الموضوع من زاويتين تشمل الاول . معايير التفرقة وتتصرف الثانية الي الاثار المترتبة علي التفرقة .



نقد معايير التفرقة :



لم نتوان في نقد كل مذهب من المذاهب المتقدمة التي حاولت إقامة حاجز فاصل بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي ، ونحن هنا ننقد المذاهب مجتمعه في إغفالها نوعا هاما من الخطأ المصلحي يسمي عند البعض بخطأ المصلحة عند faute service ذلك ان الخطأ المصلحي اما ان يقع من موظف يكون متسبباً فيه غاية ما هناك أنه يسأل عنه لوقوعه منه اثناء وبسبب الوظيفة ودون وجود قصد لديه للاضرار بشخص من وراء هذا الخطأ ويسمي في هذه الحاله : الخطأ المصلحي faute de service ، وقد يقع الخطأ المصلحي نتيجة سوء تنظيم الإدارة واختلال سيرها ويسمي في هذه الحالة خطأ المصلحة faute de service .



ومن أمثلة هذه الصورة قضية ( انجيه ) سالفة الذكر وقضية ( كليف ) وملخصها أن البوليس قبض علي أحـد المتظاهرين في عيد العمال ( اول مايو ) واودعه احدى الثكنات العسكرية تمهيدا لإستجوابه وهناك اعتدى أحـد الجنود عليه بالضرب المبرح ورغم عدم معرفة المعتدين بالتحديد فقد قضي مجلس الدولة في 13/3/1935 بمسؤلية الادارة لانها باهمالها الرقابة علي الثكنات قد سلمت الفرصة لوقوع الاعتداء . فالخطأ هنا ليس راجعا الي شخص بعينه بل الي الادارة في مجموعها ( سيري 1936 – ح 3 ص 37 ) .



ويعنينا ان نؤكد هنا ان خطا المصلحة وان نسب الي المرفق كله دون ان يلصق باحد عماله بالذات إلا ان هذا لا ينفي انه خطا وان الادارة تؤخذ به كوحدة ولذا يتعين علي المضرور ان يثبت هذا الخطأ وعلي ضوء ما تقدم تتحدد مسؤلية الإدارة عن خطأ المصلحة واضحة ومستقلة عن مسؤليتها من نظرية المخاطر التي تكتفي بالضرر دون الخطأ .



ولازالت حتي يومنا هذا – التفرقة بين الخطئين يعوزها الضابط القاطع – الذي فيه فصل الخطاب ومهما حاول انصار النظرية الإدارية التغطية علي هذا العيب الجوهري بالضرب علي نغمة وجوب انقضاء حل مناسب لكل حاله علي حدة ... فان الامر سيظل مختلفا غامضا . صحيح ان النظريات الادارية تتسم بالليونه والمرونه – ولكن فرق كبير بين المرونه داخل اطار ثابت الاركان معلوم لكل المعنيين بالامر فرق بين هذا وبين ذلك الاضطرب والاضطرام الذي يحلق بسحبه الكشيفة فوق نظريتنا الادارية هذه فيحيلها طلسها مجهلا لا معني له .. بلا اركان ولا اثار ...



ليس في هذا القول غلو ولا اسراف ، واذا ما شخصنا بابصارنا الي القضاء الفرنسي – مهد النظرية واحسسنا في غير جهد ما نقول .



فقد عرضت علي محكمة ديجون المدينة قضية المدرس ( مورزوت ) التي اقامها احد اولياء التلاميذ ضد هذا المدرس الذي كان يعمل بمدرسة ديجون ويلقن تلاميذه دروسا مشبعة بالاحاد والانحلال منها .



1- ان رجال الدين هم مشعلوا الحرب



2- وانهم مجرد طفيليات



3- وان الجنود الفرنسيين جبناء



4- وان الالمان في الحرب السبعينية احسنوا صنعا اذ قتلوا الاطفال



5- وان من يعتقد في وجود الله غبي



6- وعلي الطلبة الا يعترفوا بخطاياهم لرجال الدين بل لهؤلاء الذين يصيبهم ضرر منهم



7- وان الله – سبحانه وتعالي – محفظه نقود مليئة



8- وانه لا اختلاف بين الانسان والبقرة فلكل منهما ذيلا



(أ‌) حكمت محكمة ديجون بان ارهاصات الدرس المتقدمة ان هي الا مجرد اختلاف في تقدير الامور



(ب‌) لجا المدعي الي محكمة استئناف ديجون فقضت ان الاقوال (1) و (2) تنطوي علي خطا مصلحي بينما تعد بقية الاقوال خطا شخصيا تختص به المحكمة



(ت‌) رفع المدير اشكالا الي محكمة التنازع . وراي المفوض ان اقوال المدرس تعتبر خطا جسما عدا القول رقم (6) فهمو نصيحة خلفية .



(ث‌) قضت محكمة التنازع ان اقوال المدرس جميعها خطا شخصي جسيم .



( انظر في ذلك الدكتور الطماري في مسؤلية الادارة عن اعمالها غير التعاقدية ص 92 وامثلة اخري في هامش ص 94 )



ومهما يكن من امر فان الجهود ان ذهبت ادراج الرياح بصدد تجديد " مبدا الخطأ المصلحي ، فانها قد ادركت قسطا وفيرا من النجاح في تعيين " مدي ذلك الخطأ علي التفصيل الذي اورده دويز في عرض صور الخطأ المصلحي الثلاثة وعلي كل حال فنحن لا نستطيع مجال النظر الي هذه الصور كميعاد لفصل الخطأ المصلحي عن الخطأ الشخصي اذ انها اقرب الي التصنيف منها الي التعريف فضلا عن ان هذه الصور كثيرا ما تتداخل في بعضها فالخطأ الايجابي مثلا في حالة اصابة جندي البوليس لاحد المتظاهرين وقتله قد يعتبر خطأ سلبيا من حيث ان الادارة قد اهملت في اتخاذ الحيطة الازمة في تنفيذ اجراءاتها البوليسية كذا مسؤلية الادارة عن صيواناتها كالاهمال في الاشراف علي خيولها مما يؤدي الي دهسها شخصا ما . ماهو في الواقع خطا سلبي لحمته الامبالاة وعدم الاكثرات



في نقد اثار التفرقة :-



نقسم الكلام في هذه النقطة الي قسمين



(1) في العلاقة بين المضرور , وكل من الادارة والموظف



(2) في العلاقة بين الادارة والموظف



العلاقة بين المضرور . وكل من الادارة والموظف :



درج الفقهاء علي المجاهرة بان المضرور اذا قاضي الادارة مطالبا بالتعويض فانه لا يستطيع اثبات مسئوليتها الا اذا كان الخطأ مصلحيا ومن هنا نبتت الاهمية العملية لهذه التفرقة فان الادارة تستطيع نفي مسؤليتها اذا اقامت الدليل علي ان الخطأ شخصي , لا يسال عنه الا الموظف المتسبب فيه وحدة دون غيره وعلي ذلك اذا جاء القضاء يوما وقال للادارة . انني مسئوله . شخصا سواء كان الخطأ شخصيا او مصلحيا لهزلت – بلا شك – هذه التفرقة ـ واصبحت سفسطة جوفاء لا طائل تحتها وهذا هو الذي حدث فعلا علي النحو الذي عرضناه تفصيلا عند الكلام علي فكرة الجمع بين الخطئين الشخصي والمصلحي والتي انتهت بالامساك بتلايب الادارة عن خطا الموضف الشخصي حتي ذلك الذي ياتيه كالمفروض اصلا ام عن خطا شخصي , حسب تطور القضاء الاداري الفرنسي , غير ان هذا القضاء قد تحفظ بالنسبة للخطا الاخير فجعل المسئولية بصدوره نسبية لا مطلقة كالحال في الاول .



أولا :- الخطأ المصلحي



هنا تلتزم الادارة وتلتزم وحها دون الموظف , فالموظف غير مسئول سواء امام المضرور او الادارة ومعني ذلك ان مسؤلية الادارة مطلقة وهذا مسلم به قضاء ونستقي من الاحكام قضية ( بورسين ) حيث تبين لمجلس الدولة ان ضابطا خلال الحرب العالمية الاولي اعدم شخصا رميا بالرصاص لجريمة اعتقد انه قد ارتكبها ثم ظهرت براءته بعد ذلك واعترفت وزارة الحربية بخطئها في ذلك ومنحت ورثة المجني عليه تعويضا قدره 40 الف فرنك , غير ان وزير الحربية حاول الرجوع بالطريق الاداري علي الضابط واقتضاء مبلغ التعويض منه فالغي مجلس الدولة في 28 مارس 1924 قرار الرجوع هذا مقررا عدم جواز مساءلة الموظف في حالة الخطأ المصلحي ( داللوز 1924 – ح3 – ص 49 )



ثانيا – خطا المصلحة المفروض ان الخطأ هنا ناجم عن اضطراب سير المرفق الاداري عموما وان المتسبب فيه غير معلوم لهذا يكون من المنطقي بل من المحتم عدم امكان رجوع الادارة علي المتسبب في الخطأ



ثالثا :- الخطأ الشخصي .



هنا مسئولية الادارة نسبية بمعني ان التزامها بالتعويض زاء المضرور لا يمنع من رجوعها علي الموظف ولا يكون في هذا الموقف اي تناقض او غرابة . فان حكمة تقرير مسئولية الادارة عن اخطاء لم يكن لها دخل في حدوثها هي الاخذ بيد المضرور ومسح الامه عن طريق تيسير مورد التعويض له فملاءه الدولة مضمونه خلاف الموظف المحدود الدخل سند اذن اجتماعي لا قانوني واساسها اقرب الي فكرة تحمل التبعية منها الي الخطأ وهذه الحكمة تنتقي في العلاقة بين الادارة والموظف فلما ان تقتطع منه ما دفعته عنه , والقول بعكس ذلك فيه افساح لموجه الاهمال والاستهانة بين الموظفين ما دام لن يصيبهم ضر اذا ما حادوا عن جادة الصواب وما دام الموظف يخطا والدولة تدفع



غير اننا نري رجوع الادارة علي الموظف عديم الفائدة في اغلب الاحوال والادلة التالية شهود علي ذلك .



اولا - وجوب كون الخطأ شخصيا بحثا فلو كان مزدوج الصفة لامتنع الرجوع في حدود " مصلحية " الخطأ علي الاقل ولما كان الاتجاه الغالب الان في اعتبار الخطأ الشخصي قرينة علي الخطأ المصلحي لذلك يحب التحرز من تقرير الرجوع في كل الاحوال صحيح ان هذه القرينة بسيطة يمكن اثبات عكسها الا اننا ينبغي ان عبء الاثبات ملقي علي كاهل الادارة



ثانيا :- اشتراط اخفاظ الادارة في حلولها محل المضرور في الرجوع بالتعويض علي الموظف في الدعوي المرفوعة من المضرور علي الادارة واعتبار هذا الحل جوهريا في نظر الكثير من الفقهاء لامكان الرجوع وبذلك تضيع كثير من الفرص من يد الادارة نتيجة عدم اشتراطها ذلك عن جهل او عن سهو .



ثالثا – عسر الموظف المرجوع عليه : فالموظف المتسبيب في الخطأ عادة من صغار المستخدمين وهم عماد جهاز المرافق العامة التي يكثر تعامل الافراد معها واحتكاكهم بها ووقوع الخطأ من جراء ذلك الاحتكاك لهذا يبدو مقاضاة مثل هذا الموظف مضيعة للجهد وللمال ( المصروفات القضائية ) وتشتيتا لوقت المحاكم دون جدوي .



رابعا- تقييد الحجز علي راتب الموظف بنسب ضئيلة ( الربع عادة) ففضلا عن تفاهة مرتب الموظف – كما تقدم – فان نسبة اباحته مالا طليقا للادارة لتستادي حقها نسبة متواضعة لا تذكر بجانب التعويضات الطائلة التي يسخو بها القضاء الاداري مدفوعا وراء البواعث الاجتماعية والانسانية .



والخلاصة ان مسئولية عن خطا الموظف الشخصي تكاد تكون من الناحية العملية مطلقة شانها في ذلك شان مسؤليتها عن الخطأ المصلحي فقد اصبحت مسؤليتها كاملة تجاه المضرورين من جهة – وتعذر او تعسر عليها استرداد ما دفعته من الموظف المتسبب من جهة اخري وبذلك تكون التفرقة بين الخطأ المصلحي قد تضخمت ثم تمخصت عن ............ لا شيء



الراي الذي نقول به



هل يمكننا ان نقرر – بعد كل ما تقدم – ان النظرية المدنية القائمة علي اساس مسؤلية المتبوع ( الادارة ) عن فعل التابع ( الموظف ) نفضل النظرية الادارية المستوحاة من فكرة التفرية بين الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي



هذا ما سنحاول التدليل عليه الان :-



( أولا ) في الاختصاص :-



مؤدي الاخذ بالنظرية الادارية اختصاص القضاء الاداري بنظر ما يسمي بالخطأ المصلحي في حين تقتصر ولاية القضاء المدني علي الخطأ الشخصي ولما كانت المحكمة الادارية لا تتقيد بتقدير ونكييف المحكمة المدنية للوقائع فان رفع النزاع الي القضاء المدني ووصف الاخير للخطا بانه شخصي لا يمنح القضاء الاداري اذا اثير الموضوع امامه من اعتباره ذات الخطأ مصلحيا انسياقا وراء ضوابط غير محدة تتلوي و تتلون وفقا لكل حالة ( قضية انجية المتقدمة) .



وقد يحدث العكس فتري المحكمة المدنية ان الخطأ المطروح امامها خطا مصلحي , بينما تعارضها المحكمة الادارية مقررة انه خطا شخصي وهذا ما رايناه فعلا في قضية المدرس ( مورزوت ) ودروسه بمدرسة ديجون .



ولا يخفي مافي هذا التناقض من اشاعة للغموض واضاعة للجهود والوقت والمال



ولعل هذا المأخذ يزداد وضوحا عندنا في مصر حيث المحاكم المدنية – لا مجلس الدولة هي صاحبة الاختصاص العام في قضايا الادارة فمجلس الدولة حتي يومنا هذا لا يختص الا بالتعويض عن اعمال الادارية التي تقارب في ننطاقها احكام النظريتين المدنية والادارية (1) وحتي هذه يزاحمه في نظرها القضاء المدني بالشروط المنصوص عليها في 8 و9 من ق 165 سنة 1955 " فيمكنه التعويض عنها بل والغائها اذا هوي بها العيب الذي يشوبها الي درك الغضب المادي



ففي هذا المجال - وما اضيفه يعمل مجلس الدولة وحتي في تلك الشقة الضيقة تري من العسير اقحام النظرية فالقانون المدني الحالي صدر بعد مولد مجلس الدولة المصري ولم يورد في موادده سيما المنظمة المسؤلية التقصيرية تحفظا او استدراكا ما بشان القواعد الواجية التطبيق علي الاختصاص المتقدم ومعني هذا اعمال النظرية المدنية في كل الحالات ولو اختص مجلس الدولة ببعضها وقد يرد علي هذا بان طبيعة مجلس الدولة في فرنسا اذ ان القانون المدني هناك لا يحكم العلاقات بين الافراد والاشخاص المعنوية العامة – عكس الحال في مصر – وبالتالي فهو لا يخاطب المحاكم الادارية ويحق لها بذلك ان تخرج عن سلطانه .