بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

22 يونيو 2010

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى

عدم دستورية شرط ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسي والمتغير








عدم دستورية نص البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلاً بالمادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 فيما لم يتضمنه من استثناء المعاشات المستحقة وفقاً للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 من شرط ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير







باسم الشعب



ا لمحكمة الدستورية العليا





بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 مارس سنة 2007م، الموافق 21 صفر سنة 1428ه.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين :محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نواروحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن -أمين السر



أصدرت الحكم الآتى



فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 146 لسنة 26 قضائية "دستورية" المقامة من



السيد المستشار / حسين محمد حسن عقر



ضد



1 السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء



2 السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات



الإجراءات



بتاريخ الرابع عشر من شهر يونيه سنة 2004 ، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالباً الحكم بعدم دستورية ما اشترطته المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت اعتباراً من 1/7/1992 من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير .



كما قدمت الهيئة القومية للتأمين والمعاشات مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى.



وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.



ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، حيث قدمت الهيئة القومية للتأمين والمعاشات مذكرة طلبت فيها أصلياً إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير جديد فى ضوء مذكرتها المقدمة إلى الهيئة إبَّان تحضير الدعوى ، واحتياطياً رفض الدعوى ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.



المحكمة



بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.



حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد تقدم بالطلب رقم 84 لسنة 70 قضائية ، أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ، أبدى فيه أنه كان يشغل وظيفة رئيس محكمة بمحكمة استئناف القاهرة وأحيل إلى التقاعد فى 16/10/1999 لبلوغه السن القانونية . وإذ تمت تسوية معاشه على غير ما قضت به المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 والمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، فقد تقدم بتظلم إلى الهيئة القومية للتأمين والمعاشات فلم ترد عليه ، فأقام طلبه المشار إليه ، طالباً الحكم له أولاً : بأحقيته فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسى على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير ، ثانياً : بأحقيته فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه بحد أدنى 50% منه وبما لا يجاوز أجر الاشتراك الأخير ، ثالثاً : بأحقيته فى إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه . وبجلسة 3/7/2001 قضت تلك المحكمة أولاً : بأحقية الطالب فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسى على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه على أن يربط المعاش بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير ، وتضاف للمعاش الزيادات المقررة قانوناً اعتباراً من تاريخ إحالته إلى التقاعد فى 16/10/1999 ، ثانياً : بأحقية الطالب فى إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه طبقاً للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى ، على ألا يزيد المعاش على 80% من أجر التسوية فإن قل عن 50% من هذا الأجر رُفع إلى هذا القدر شريطة ألا تتجاوز قيمة المعاش 100% من أجر الاشتراك الأخير مضافاً إليه الزيادات المقررة قانوناً ، وذلك اعتباراً من تاريخ إحالته إلى التقاعد فى 16/10/1999، ثالثاً : بأحقية الطالب فى إعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر أجر أساسى كان يتقاضاه مضافاً إليه العلاوات الخاصة وقدره 49ر890 جنيهاً مع ما يترتب على ذلك من آثار .



ويبدى المدعى أن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات قامت عند تسوية المعاش المستحق له عن الأجر الأساسى بخصم الزيادة المقررة بالمادة (11) من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلة بالمادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 ، ومقدارها خمسة وثلاثون جنيهاً شهرياً من المعاش المستحق له ، بحجة أن نص المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 اشترط لمنح هذه الزيادة ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، مما دعاه إلى تقديم الطلب رقم 8 لسنة 73 قضائية إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ، طالباً الحكم له بأحقيته فى تلك الزيادة . وبجلسة 11/5/2004 دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (7) من القانون رقم 30 لسنة 1992 فيما اشترطه لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت بذات النص من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، وإذ قدرت المحكمة جدية دفعه ، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام دعواه الماثلة .



وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن فصلت فى المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة وذلك بحكمها الصادر بجلسة 9/9/2000 فى القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية " دستورية " والذى قضى بعدم دستورية نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى فيما تضمنه من اشتراط أن تكون سن المؤمن عليه 50 سنة فأكثر لزيادة المعاش المستحق فى الحالة المنصوص عليها فى البند الخامس من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .



وحيث إن هذا الدفع مردود بأن قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية " دستورية " بجلسة 9/9/2000 كان متعلقاً بنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 – المطعون عليه فى الدعوى الماثلة – منصباً على حكمه الذى أضاف شرطاً جديداً لاستحقاق الزيادة التى تقررت فى المعاشات اعتباراً من 1/7/1987 بالنسبة للمخاطبين بنص البند الخامس من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، حاصله أن يكون طالب الصرف قد بلغ من العمر خمسين عاماً فأكثر ، فى حين أن المسألة الدستورية محل الدعوى الراهنة تتعلق بما اشترطه النص الطعين بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 لاستحقاق الزيادة فى المعاشات التى تقررت من 1/7/1992 من ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير .



وحيث إنه عن طلب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعادة تحضيرها فى ضوء مذكرتها المقدمة إليها إبان تحضير الدعوى ، حيث لم يشر تقرير هيئة المفوضين الذى ضمنته رأيها فى الدعوى إلى مذكرة الهيئة ، كما لم يتناوله بالتعقيب ، فإن الثابت من الاطلاع على ملف الدعوى أن الهيئة القومية للتأمين والمعاشات كانت قد تقدمت بمذكرة بدفاعها وحافظة مستندات بجلسة التحضير المنعقدة فى 2/1/2005 ، ومن ثم فإن هذه المذكرة وما أرفق بها من مستندات كانت تحت نظر هيئة المفوضين عند إعداد تقريرها بالرأى القانونى فى القضية ، والذى عرض فيه لرأيين : أولهما يرى الحكم بعدم دستورية النص الطعين ، فى حين يرى الثانى الحكم برفض الدعوى ، وهو ما أيده تقرير هيئة المفوضين ، الأمر الذى يعنى أن الهيئة الأخيرة قد تبنت وجهة نظر الهيئة القومية للتأمين والمعاشات التى ضمنتها مذكرة دفاعها المشار إليها . ومن ثم فإن طلب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات إعادة القضية إلى هيئة المفوضين ، بعد أن أصبحت فى حوزة المحكمة ، ليس له من هدف سوى إطالة أمد النزاع وتعطيل الفصل فيه .



وحيث إن المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى ، تنص على أن : " يستبدل بنص المادة الحادية عشرة والمادة الثانية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى النصان الآتيان :

المادة الحادية عشرة – تزاد المعاشات التى تستحق اعتباراً من 1/7/1992 فى إحدى الحالات الآتية :



1- بلوغ سن الشيخوخة أو الفصل بقرار من رئيس الجمهورية أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه .



2- الحالة المنصوص عليها فى البند (5) من المادة 18 المشار إليها ......



3- ...... ..........

وتحدد الزيادة بنسبة 25% من المعاش بحد أدنى مقداره عشرون جنيهاً شهرياً وبحد أقصى مقداره خمسة وثلاثون جنيهاً شهرياً .



وتسرى فى شأن الزيادة الأحكام الآتية :



1- تحسب على أساس معاش المؤمن عليه عن الأجر الأساسى .



2- تستحق بالإضافة للحدود القصوى للمعاشات بما لا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير .



3- ........... .

4- .......... .

ويلغى نص المادة 165 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه ، وكذا أحكام الزيادات المنصوص عليها بالقوانين أرقام 61 لسنة 1981 بزيادة المعاشات و .......... " .

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع . وكان المدعى يستهدف من نزاعه الموضوعى الحكم بأحقيته فى الزيادة التى تقررت للمعاشات التى تستحق اعتباراً من 1/7/1992 ومقدارها خمسة وثلاثون جنيهاً ، وكان نص المادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 ، فيما اشترطه لاستحقاق تلك الزيادة ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، يحول دون إجابة المدعى إلى طلبه ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة تتحدد بالطعن على ما ورد بالبند (2) من الأحكام التى تسرى فى شأن الزيادة فى المعاشات التى تستحق اعتباراً من 1/7/1992 والواردة بنص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلة بالمادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992، والذى يشترط لاستحقاق تلك الزيادة ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية الماثلة .

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين – محدداً نطاقاً على النحو المتقدم – أنه يخالف أحكام المواد (32 و 34 و 40 ) من الدستور ، ذلك أنه يحرم فئة من رجال القضاء ممن تقاعدوا اعتباراً من 1/7/1992 من الزيادة فى المعاشات التى تقررت بذات النص ، فى حين أن زملاءهم الذين تقاعدوا قبل هذا التاريخ مُنحوا هذه الزيادة نزولاً على حكم النص عينه قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1992 ، وهو ما يناقض مبدأ المساواة ويُخَّل بالحماية التى أظل بها الدستور حق الملكية والتى تمتد إلى الحقوق العينية والشخصية جميعها ، فضلاً عن أن هذا النص صدر بالمخالفة لحكم المادة (173) من الدستور والتى تستلزم أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية فيه قبل صدوره باعتبار أنه يُنظم شأناً من شئون الهيئات القضائية .



وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره ، ذلك أن الدستور وإن فوض السلطة التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش ، إلا أن من المقرر – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن الحق فى المعاش إذا توافر أصل استحقاقه فإنه ينهض التزاماً على الجهة التى تقرر عليها مترتباً فى ذمتها بقوة القانون . وإذا كان الدستور قد خطا خطوة أبعد فى اتجاه دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة فى مادته السابعة عشرة تقرير معاش يواجه به المواطنون بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ، فذلك لأن مظلة التأمين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن فى غده ، ويرعى موجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع على ما تقضى به المادة السابعة من الدستور .



وحيث إن الدستور أفرد بابه الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة ، وصدَّره بالنص فى المادة الأربعين منه على أن المواطنين لدى القانون سواء ، وكان الحق فى المساواة أمام القانون ، هو ما رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى ، وعلى تقدير أن الغاية التى يتوخاها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم فى مواجهة صور من التمييز تنال منها ، أو تقيد ممارستها . وغدا هذا المبدأ فى جوهره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة ، والتى لا يقتصر تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور ، بل يمتد مجال إعمالها كذلك ، إلى تلك التى يقررها القانون ويكون مصدراً لها . وكانت السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق ، لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية المتماثلة التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون . وكان المشرع قد أصدر القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى ، مقرراً بمادته الحادية عشرة زيادة فى المعاشات التى تستحق اعتباراً من 1/7/1987 فى الحالات المشار إليها فيها ، محدداً الأحكام التى تسرى فى شأنها ، ناصاً فى البند (2) من تلك الأحكام على أن تستحق هذه الزيادة بالإضافة إلى الحدود القصوى للمعاشات بما لا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، مستثنياً من هذا الحكم المعاشات المستحقة وفقاً للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى . إلا أن المشرع حين أصدر القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات عَدَلَ عن مسلكه السابق ، ولم يستثن من قاعدة الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير أصحاب المعاشات التى تمت تسويتها طبقاً للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى ، رغم تماثل المراكز القانونية لكلتا الطائفتين باعتبار أنهم جميعاً سُويت معاشاتهم على أساس شغلهم منصب الوزير أو نائب الوزير ، مشترطاً فيمن أحيل إلى التقاعد اعتباراً من 1/7/1992 لكى يفيد من حكم المادة السابعة منه بزيادة معاشه بالنسبة التى حددتها ألا يجاوز المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، متبنياً بذلك تمييزاً تحكمياً - بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور - بين فئتين ، إحداهما تلك التى أحيل أفرادها إلى التقاعد قبل 1/7/1992 وأخراهما التى بلغ أفرادها سن التقاعد بعد ذلك التاريخ ، دون أن يستند التمييز بين هاتين الفئتين إلى أسس موضوعية ، إذ اختص الفئة الأولى بحقوق تأمينية – تتمثل فى زيادة معاشاتهم دون حد أقصى – وحجبها عن الفئة الثانية ، حال أن أفراد هاتين الفئتين سويت معاشاتهم وفقاً لحكم المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، وكان يجب ضماناً للتكافؤ فى الحقوق بينهما ، أن تنتظمها قواعد موحدة ، لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزاً بين المخاطبين بها .



وحيث إن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة (34) منه تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها ، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية . وكان الحق فى الزيادة فى المعاش – شأنه شأن المعاش الأصلى – إذا توافر أصل استحقاقه ينهض التزاماً على الجهة التى تقرر عليها وعنصراً إيجابياً فى ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه ، تتحدد قيمته وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعى بما لا يتعارض فيه وأحكام الدستور ، فإن النص الطعين ينحل – والحالة هذه – عدواناً على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .



وحيث إنه لذلك فإن النص الطعين يكون مخالفاً لأحكام المواد (17 و 34 و 40 ) من الدستور .



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 معدلاً بالمادة السابعة من القانون رقم 30 لسنة 1992 فيما لم يتضمنه من استثناء المعاشات المستحقة وفقاً للمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 من شرط ألا يجاوز مجموع المعاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسى والمتغير ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .









مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




عدم دستورية المادة 96 من قانون الضرائب على الدخل








حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية



نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل



باسم الشعب



المحكمة الدستورية العليا





بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 من ابريل سنة 2007 م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة



وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور



حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر





أصدرت الحكم الآتى



فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 178 لسنة 19 قضائية "دستورية" المقامة من

السيد/ حمدى محمد محمد الشرقاوي



ضد



1– السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب



2- السيد رئيس مجلس الوزراء



الإجراءات



بتاريخ السادس عشر من سبتمبر سنة 1997، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993، وكذا نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتان طلبت فيهما الحكم أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 تأسيساً على سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على هذه المادة، وثانياً رفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة أخيرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى برمتها واحتياطياً برفضها.



وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.



ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة



بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.



حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه سبق أن ثار خلاف بين المدعى وبين مصلحة الضرائب حول تقدير أرباحه عن نشاطه فى تجارة الحديد عن السنوات من 1980 حتى 1987 تم حسمه بالحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب بنها، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 267 لسنة 27 قضائية، قامت على أثره مصلحة الضرائب بتقدير ضرائب أرباح تجارية، وإيراد عام ورسم تنمية الموارد المالية للدولة المستحقة عليه عن السنوات من 1980 حتى 1986، إلا أن المدعى اعترض على هذا التقدير وما أضيف إليه من غرامات تأخير، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 362 لسنة 1997 مدنى كلى ضرائب بنها ضد وزير المالية طالباً الحكم بإعادة حساب الضرائب المستحقة بعد استنزال جميع المبالغ التى لم تستنزل وقصر المطالبة على المبلغ الذى يسفر عنه الحساب النهائى وإلغاء مقابل التأخير، واحتياطياً ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق أوجه اعتراضاته وإعادة حساب الضرائب المستحقة على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه. وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993 وكذا نص البند (1) أولاً من القانون رقم 147 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.



وحيث يبين من الوقائع أن الضرائب محل النزاع فى الدعوى الموضوعية مستحقة عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986، كما أن مصلحة الضرائب تطالب المدعى بفوائد تأخير عن قيمة الضرائب التى لم يسددها حتى سنة 1997، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فى المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، وكذا نص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، بالاضافة إلى نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984.



ولا ينال من ذلك إلغاء النصوص المذكورة بالمادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك فى ضوء ما هو مقرر من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل ممن طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن عليها.



وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وذلك بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 26 لسنة 16 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996، والقاضى برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، العدد رقم 47 بتاريخ 28/11/1996. وإذ كان مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، الأمر الذى يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى.



وحيث إنه عن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى برمتها على سند من أن تقدير الضرائب المستحقة على المدعى عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986 صار نهائياً بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب كلى بنها والمؤيد استئنافياً فى الدعوى رقم 267 لسنة 27 قضائية، بما تنتفى معه مصلحة المدعى فى الطعن على النصوص المتعلقة بفرض هذه الضرائب، فإن هذا الدفع مردود بأن ما قضى به الحكمان المذكوران يقتصر على تحديد الأرباح التى حققها المذكور خلال السنوات المشار إليها، أما تقدير الضرائب المختلفة المستحقة على هذه الأرباح فمازال محل نزاع متداول أمام محكمة الموضوع والتى ثار أمامها الدفع بعدم دستورية النصوص المقررة لهذه الضرائب على النحو سالف البيان.



وحيث إن المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 تنص على أن "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:-

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.



الشريحة الثانية: أكثر من 2000 جنيه حتى 10000 يكون السعر 8% عن الألف جنيه الأولى ويزاد بواقع 1% عن كل ألف جنيه تالية.



الشريحة الثالثة: أكثر من 10 آلاف جنيه حتى 50 ألف جنيه يكون السعر 8% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 2% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.



الشريحة الرابعة: أكثر من 50 ألف جنيه يكون السعر 22% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 5% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.



الشريحة الخامسة: أكثر من 75 ألف جنيه يكون السعر 50%



وتنص المادة المذكورة بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 بشأن تعديل قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:

الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.



الشريحة الثانية: أكثر من 2000 – 3000 جنيه 8%.



الشريحة الثالثة: أكثر من 3000 – 4000 جنيه 9%.



الشريحة الرابعة: أكثر من 4000 – 5000 جنيه 10%.



الشريحة الخامسة: أكثر من 5000 – 6000 جنيه 11%.



الشريحة السادسة: أكثر من 6000 – 7000 جنيه 12%.



الشريحة السابعة: أكثر من 7000 – 8000 جنيه 13%.



الشريحة الثامنة: أكثر من 8000 – 9000 جنيه 14%.



الشريحة التاسعة: أكثر من 9000 – 10000 جنيه 15%.



الشريحة العاشرة: أكثر من 10000 – 20000 جنيه 18%.



الشريحة الحادية عشر: أكثر من 20000 – 25000 جنيه 22%.



الشريحة الثانية عشر: أكثر من 25000 – 30000 جنيه 24%.



الشريحة الثالثة عشر: أكثر من 30000 – 35000 جنيه 26%



الشريحة الرابعة عشر: أكثر من 35000 – 40000 جنيه 28%.



الشريحة الخامسة عشر: أكثر من 40000 – 45000 جنيه 30%.



الشريحة السادسة عشر: أكثر من 45000– 50000 جنيه 32%.



الشريحة السابعة عشر: أكثر من 50000 – 60000 جنيه 35%.



الشريحة الثامنة عشر: أكثر من 60000 – 65000 جنيه 40%.



الشريحة التاسعة عشر: أكثر من 65000 – 70000 جنيه 45%.





الشريحة العشرون: أكثر من 70000 جنيه – 75000 جنيه 50%.



الشريحة الواحد والعشرون: أكثر من 75000 جنيه – 100000 جنيه 55%



الشريحة الثانية والعشرون: أكثر من 100000 جنيه – 200000 جنيه 60%



الشريحة الثالثة والعشرون: أكثر من 200000 جنيه 65%".



وتنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن "يستحق مقابل تأخير على:



1- ما يجاوز مائتى جنيه ما لم يورد من الضرائب الواجبة الأداء من واقع الإقرار أو الربط حتى لو صدر قرار بتقسيطها.



ويسرى مقابل التأخير إعتباراً من الشهر التالى لإنتهاء مدة شهر على تاريخ إخطار الممول بالتنبيه بصدور الورد أو من نهاية الميعاد المحدد لأداء الضريبة من واقع الإقرار.



2- ما لم يورد من المبالغ أو الضرائب التى ينص القانون على حجزها من المنبع............



وفى جميع الأحوال المبينة فى هذه المادة يحسب مقابل التأحير بواقع 1% عن كل شهر تأخير حتى تاريخ السداد مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل".



وتنص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة على أن " يفرض رسم يسمى" رسم تنمية الموارد المالية للدولة " على ما يأتى:



1 – الإيرادات التى تزيد على 18000 جنيه سنوياً:



أولاً : 2 % على ما يزيد على 18000 جنيه من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية.2 % على ما يزيد على ....."



وينعى المدعى على النصوص الطعينة فيما تضمنته من فرض ضريبة على الإيراد العام فضلاً عن الضريبة المقررة أصلاً على الأرباح التجارية وحساب مقابل تأخير عما لم يسدد منها، ثم إضافة ضريبة أخرى تحت مسمى "رسم تنمية الموارد المالية للدولة" بما يجاوز مجموعها – على حد قوله – صافى أرباحه المحققة عن نشاطه التجارى بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد العدالة ويشكل إعتداءً صارخاً على ملكيته الخاصة، وهو ما يتعارض مع المادتين (2 و 34 ) من الدستور.



وحيث إن هذا النعى مردود فيما يتعلق بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ذلك أن النص المذكور لايناقض حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، وإنما يقع فى إطار الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً وهى التى يجوز الإجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة. كما أن مقابل التأخير الوارد بالنص المذكور لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً فى صورته المتفق عليها، والتى تفترض اتفاق طرفيه على زيادة فى الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة فى أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل فى تعويض مقدر وفق الأسس التى بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها فى الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها فى المواعيد المقررة لها، وكان ايقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة فى مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل فى أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخى فى دفعها، فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا بالمعنى المتقدم، يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد فى مصدره المباشر إلى نص القانون، باعتباره محدداً – فى نطاق علائق القانون العام، وعلى ضوء قواعد آمرة لايجوز الاتفاق على خلافها- لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها.



وحيث إنه فيما يتعلق بنص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 سالف الإشارة إليه بفرض رسم مقداره 2% على ما يزيد على 18000 ج من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فإن هذا الرسم، وإن كان فى حقيقته ضريبة جديدة تضاف إلى الضرائب المفروضة على صافى الأرباح التجارية والصناعية، إلا أنه ورد بنسبة معقولة لا تصادر فرص رأس المال فى النمو ولا ترهق بأعبائها المكلفين بها فتصدهم عن مباشرة نشاطهم المشروع، أو تبهظ هذا النشاط بقيود لا مبرر لها، كما أنها جاءت موائمة للهدف من تقريرها – حسبما أفصحت الأعمال التحضيرية للنص المطعون عليه – والمتمثل فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعى وتدعيم المقومات الاقتصادية بإنماء الموارد المالية للدولة حتى تتمكن من تنفيذ خطة التنمية الشاملة دون زيادة أعباء القاعدة العريضة عن الشعب وذوى الدخول المحدودة أو الانتقاص من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الفئات، ومن ثم فإن النص المذكور لايخالف حكماً شرعياً ولا يشكل اعتداءً على حق الملكية.



وحيث إن إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والإدخار والعمل وحدود الانفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالى فى شأن الضريبة التى فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التى أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هى التى لاتنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها- أيا كان مصدرها- وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التى أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال فى ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها فى مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.



كذلك فإن المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التى يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً فى بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التى تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعنى أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولايجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.



وحيث إن الضريبة العامة على الدخل المفروضة بنص المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 محل الطعن الماثل يبين أنها فرضت – سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 أو بعد تعديلها بالقانون المذكور– بنسب عالية رغم أن وعاءها المتمثل فى الأرباح الناتجة عن نشاط تجارى أو صناعى أوغيره من مصادر الدخل الأخرى سبق أن فرضت عليه ضرائب مباشرة فى ذات القانون، الأمر الذى يشكل عبئاً ثقيلاً على الممول يتعارض من زاوية مع الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، ويؤدى من زاوية أخرى إلى احجامه عن التوسع فى نشاطه طالما لن يجنى من الأرباح الاضافية التى يحققها إلا الفتات بما يؤثر بالسلب على فرص الاستثمار والادخار والعمل، ومن ثم يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (13 و 23 و 34) من الدستور.



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى والحكومة المصروفات مناصفة ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


عدم دستورية   عبارة ( خدمات التشغيل للغير )








عدم دستورية عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997







باسم الشعب



المحكمة الدستورية العليا







بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 من ابريل سنة 2007 م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.

برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر أصدرت الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"



المقامة من السيد / جيرار د جميس بصفته الممثل القانونى لشركة دون للغطس



ضد



1 السيد رئيس الجمهورية .



2 السيد رئيس الوزراء .



3 السيد وزير المالية .



4 السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات .





الإجراءات



بتاريخ 15 ديسمبر سنة 2004 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، فيما تضمنه من فرض الضريبة على الخدمات الواردة بالجدول رقم ( ه ) المرافق لهذا القانون ، الواردة به تحت مسلسل رقم (11) " خدمات التشغيل للغير " ، وكذا جميع نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه .



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .



وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .



ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .



المحكمة



بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.



حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى بصفته مدير شركة دون للتدريب على الغوص وممارسته ، والممثل القانونى لها ، كان قد أقام ضد المدعى عليه الثالث الدعوى رقم 1031 لسنة 2004 مدنى كلى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، بطلب الحكم بإلغاء تسجيل الشركة لدى مصلحة الضرائب على المبيعات ، وأحقيتها فى استرداد مبلغ مقداره ثلاثون ألف جنيه قيمة ضريبة المبيعات التى قامت بسدادها ، على سند من أن المصلحة قامت بعد صدور القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه بإلزام الشركة بالتسجيل لديها ، وتقديم الإقرارات الضريبية ، وسداد الضريبة بفئة ( 10% ) من قيمة الخدمة ، عن نشاط الشركة فى التدريب على الغوص وممارسته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، السابقة على تسجيل الشركة لدى المصلحة ، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 فيما تضمنه من إضافة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون ، إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وكذلك كامل نصوص القانون رقم 11 لسنة 2002 سالف الذكر ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة ، خلال الأجل الذى حددته محكمة الموضوع ، وبجلسة 30/1/2005 قضت محكمة الموضوع برفض الدعوى .



وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ، أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، فلا يجوز بعد انعقادها ، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى قدرت جدية ما أثاره ذوو الشأن بخصوصها ، بما مؤداه أنه فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الدعوى الدستورية بقضاء من هذه المحكمة ، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال ترك الخصومة فيها ، أو انتهاء الدعوى الموضوعية صلحاً ، وفقاً للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات ، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته ، أو التى يكون عدولها عن تقدير الجدية مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن ذات النصوص التى كانت محلاً للدفع بعدم الدستورية ، وفيما عدا الحالات المتقدمة فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقدير جدية الدفع فلا تنحيه ، وأن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدعوى الدستورية ، فإذا ما خالفت ذلك وقضت فى الدعوى المطرحة عليها كما هو الشأن فى الدعوى الراهنة فإن قضاءها يقع بالمخالفة لنصوص المواد ( 65 ، 68 ، 175 ) من الدستور ، الأمر الذى ينحدر به إلى مرتبة الانعدام ، بما يقتضى إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل فى النزاع المطروح عليها فى ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بالحكم الصادر عنها فى النزاع الموضوعى .



وحيث إن المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه تنص على أنه " اعتباراً من 5/3/1992 : أولاً : ................................. ثانياً : تعدل فئة الضريبة الواردة قرين المسلسل رقم (3) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، لتكون 10% ، وتضاف إلى هذا الجدول الخدمات الواردة بالجدول ( ه ) المرفق بهذا القانون " .



وقد ورد بالمسلسل رقم (11) من الجدول آنف الذكر تحت عبارة نوع الخدمة " خدمات التشغيل للغير " ، ووحدة تحصيلها قيمة الخدمة ، وفئة الضريبة المستحقة عليها ( 10% ) .



وتنص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 آنف الذكر على أن : تفسر عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بأنها الخدمات التى تؤدى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير ويتم تشغيلها بمعرفة مورد الخدمة أو قوة العمل التابعة له أو تحت إشرافه ، وهى جميع أعمال التصنيع بما فى ذلك تشغيل المعادن ، وأعمال تغيير حجم أو شكل أو طبيعة أو مكونات المواد ، وأعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وأعمال مقاولات التشييد والبناء وإنشاء وإدارة شبكات البنية الأساسية وشبكات المعلومات ، وخدمات نقل البضائع والمواد ، وأعمال الشحن والتفريغ والتحميل والتستيف والتعتيق والوزن ، وخدمات التخزين وخدمات الحفظ بالتبريد ، وخدمات الإصلاح والصيانة وضمان ما بعد البيع ، وخدمات التركيب وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان ، وخدمات استإلال الأماكن المجهزة " .



وتنص المادة (2) من هذا القانون على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون ، ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ... " وقد نشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية العدد رقم (16) مكرر بتاريخ 21/4/2002 .



وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول مدى خضوع مركز الغوص التابع للشركة المدعية والمتمثل نشاطه فى التدريب على الغوص وممارسته ( رحلات غوص سفارى سنوركل ) طبقاً للترخيص رقم 204 الصادر بتاريخ 8/7/2003 من وزارة السياحة والمرفق صورته بالأوراق للضريبة العامة على المبيعات ، والتزام الشركة بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب على المبيعات عن هذا النشاط ، وأحقيتها فى استرداد قيمة الضريبة المسددة للمصلحة عن مزاولته فى الفترة من عام 2000 حتى عام 2002 ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الماثلة تكون متحققة فى الطعن على عجز البند ثانياً من المادة (3) من القانون رقم 2 لسنة 1997 المعمول به بأثر فورى مباشر من اليوم التالى لتاريخ نشره ، وذلك فيما تضمنه من إضافة عبارة " خدمات التشغيل للغير " إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قرين المسلسل رقم (11) ، وتحديد وعاء الضريبة وسعرها بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، ونص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فيما تضمنه من تحديد المقصود بخدمات التشغيل للغير ، ومن بينها أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة ، وكذا نص المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه ، وهى النصوص التى طبقت على نشاط مركز الغوص التابع للشركة المدعية ، وأضيرت منها ، وذلك لما للفصل فى دستوريتها من أثر على الفصل فى الدعوى الموضوعية .



وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها للمواد (12 ، 38 ، 86 ، 119 ، 120 ) من الدستور ، على سند من أن عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة بالمسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المشار إليه جاءت عامة وغير محددة ، بما يتضمن تفويضاً من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية بإضافة خدمات جديدة وإخضاعها للضريبة ، فضلاً عن عدم تحديد سعر عادل للضريبة على نشاط مراكز الغوص كنشاط سياحى ، إذ أخضعه المشرع لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، خلافاً للأنشطة السياحية الأخرى كخدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، وكذا خروج القانون رقم 11 لسنة 2002 فى تفسيره لعبارة " خدمات التشغيل للغير " وحصره للأنشطة التى تندرج تحتها عن إرادة المشرع وما مقصده منها .



وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السلطة التشريعية طبقاً لنصوص المواد ( 61 ، 119 ، 120 ) من الدستور هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون ، وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية على ما تنص عليه المادة (38) من الدستور مضموناً وإطاراً ، بما مؤداه أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها والمسئولين عنها ، فى تحصيلها وفق القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، وبغيرها تنحل الضريبة عدماً .



وحيث إن المقرر أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تحديد حقيقى للمال الخاضع لها ، باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لسلامة بنيان الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، وبالتالى يتعين أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها ، محققاً ومحدداً على أسس واقعية واضحة لا تثير لبساً أو غموضاً ، بما يمكن معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه ، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال ، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها ، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها ، وباعتباره منسوبا ً إليه ومحمولاً عليه ، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور ، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها ، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها ، إذ كان ذلك ، وكان المشرع قد حدد النشاط الخاضع للضريبة العامة على المبيعات فى الحالة المعروضة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، بأنه خدمات التشغيل للغير ، وعين وعاء هذه الضريبة فى قيمة تلك الخدمة ، وحدد سعرها بفئة مقدارها (10%) من تلك القيمة ، وكانت عبارة " خدمات التشغيل للغير " المشار إليها قد وردت عامة ، يشوبها الغموض وعدم التحديد ، ولم تأت واضحة صريحة ، مما أثار ظلالاً من الشك حول تحديد مضمونها ومحتواها ، وخلافاً حول تطبيقها ، وحال بين المكلفين بأدائها والإحاطة بالعناصر التى تقيم البناء القانونى لهذه الضريبة على نحو يقينى جلى ، استحال معه عليهم بوجه عام توقعها عند مزاولتهم للنشاط وأدائهم للخدمة ، وهو ما يناقض الأسس الموضوعية والإجرائية للضريبة ، ويجافى العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى طبقاً لنص المادة (38) من الدستور ، فوق كونه يعد إعراضاً من جانب السلطة التشريعية عن مباشرة ولايتها الأصلية فى تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها ، ونقل مسئوليتها إلى السلطة التنفيذية ، وتفويضها فى ذلك ، الأمر الذى يمس بنيان الضريبة التى فرضها القانون ، ويشرك تلك السلطة فى المجال المحجوز للسلطة التشريعية دون غيرها بصريح نص المادة (119) من الدستور ، ليغدو النص الطعين مصادماً لأحكام الدستور .



وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة تفسير النصوص التشريع سواء تولتها السلطة التشريعية أم باشرتها الجهة التى عُهد إليها بهذا الاختصاص ، لا يجوز أن تكون موطئاً إلى تعديل هذه النصوص ذاتها بما يخرجها عن معناها أو يجاوز الأغراض المقصودة منها ، ذلك أن المجال الطبيعى لهذا التفسير ، لا يعدو أن يكون وقوفاً عند المقاصد الحقيقية التى توختها السلطة التشريعية من وراء إقرارها للنصوص القانونية ، وهى مقاصد لا يجوز توهمها أو افتراضها كى لا تحمل هذه النصوص على غير المعنى المقصود منها ابتداء ، بل مناطها ما تغياه المشرع حقاً حين صاغها ، وتلك هى الإرادة الحقيقية التى لا يجوز الالتواء بها ، ويفترض فى النصوص القانونية أن تكون كاشفة عنها مبلورة لها ، وهى بعد إرادة لا يجوز انتحالها بما يناقض عبارة النص ذاتها ، أو يعتبر مسخاً أو تشويهاً لها ، أو نكولاً عن حقيقة مراميها أو انتزاعاً لبعض ألفاظها من سياقها ، كذلك لا يجوز أن يتخذ التفسير التشريعى ذريعة لتصويب أخطاء وقع المشرع فيها ، أو لمواجهة نتائج لم يكن قد قدر عواقبها حق قدرها حين أقر النصوص القانونية المتصلة بها ، إذ يؤول ذلك إلى تحريفها ، ويتمخص عن تعديل لها .



وحيث إن القانون رقم 11 لسنة 2002 ، وإن صدر بدعوى تفسير المقصود من عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، إلا أن نصوصه تقطع بعزوف المشرع عن التعريف العام المجرد وغير المحدد للخدمات والأعمال التى ارتأى إخضاعها للضريبة ، وتعداده لخدمات بعينها أضافها على سبيل الحصر والتعيين إلى الجدول رقم (2) المشار إليه ، رامياً بذلك إلى تصحيح الخطأ الذى وقع فيه عند تحديد النشاط الخاضع للضريبة ووعائها بالمسلسل رقم (11) آنف الذكر ، وتقنين ما صدر عن مصلحة الضرائب على المبيعات من قرارات ومنشورات فى هذا الشأن ، وذلك لتحقيق مصلحة مالية تتمثل فى الحفاظ على موارد الخزانة العامة من حصيلة تلك الضريبة ، ليغدو هذا القانون فى حقيقته تعديلاً لأحكام القانون رقم (11) لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 ، وليس تفسيراً له ، يؤكد ذلك أن مشروع القانون لم يقدم من الحكومة تفسيراً تشريعياً ، وإنما تم هذا التعديل بواسطة مجلس الشورى كما أشار وزير العدل بمضبطة مجلس الشعب بالجلسة السابعة والخمسين المعقودة فى 13/4/2002 إذ كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه قد جرى إنفاذه على الوقائع السابقة على تاريخ العمل به ، باعتباره تفسيراً تشريعياً ذا أثر كاشف ، حال كونه فى حقيقته الأثر الرجعى بعينه ، وعلى الرغم من أنه قد توافرت لهذا القانون على ما يبين من مضبطة مجلس الشعب الجلسة الستين المعقودة فى 15/4/2002 الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فى المادة (187) منه لإقرار القوانين رجعية الأثر ، وهى موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب ، غير أن ذلك لا يعصمه على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الرقابة التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا ، إذ لا يكفى لتقرير دستورية نص تشريعى أن يكون من الناحية الإجرائية موافقاً للأوضاع الشكلية التى يتطلبها الدستور ، بل يتعين فوق هذا أن يكون فى محتواه الموضوعى غير منطوٍ على إهدار لحق من الحقوق التى كفلها الدستور ، أو متضمناً فرض قيود عليه تؤدى إلى الانتقاص منه ، وأن يكون ملتئماً مع القواعد الموضوعية فى الدستور ، وهو ما يتقيد به المشرع عند تقرير الرجعية خاصة فى مجال الضريبة ، والتى يتعين أن يلجأ إليها إلا إذا أملتها مصلحة عامة جوهرية ، وذلك بالنظر للآثار الخطيرة التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية ، وهو ما لم يراعه المشرع بالنسبة للأثر الرجعى الذى تضمنه القانون الطعين ، الذى استهدف كما تقدم تصحيح الأوضاع التشريعية السابقة عليه وما شابها من أخطاء ، متخذاً من جباية الأموال فى ذاتها منهجاً ، بما لا يعد مصلحة جوهرية مشروعة تبرره ، كما لا يعتبر هدفاً يحميه الدستور ، فضلاً عن مصادمته للتوقع المشروع من جانب المكلفين بأداء هذه الضريبة ، والذى ينافيه غموض عبارة " خدمات التشغيل للغير " وعدم تحديدها للبناء القانونى للضريبة على نحو يتحقق به علم المكلفين بها بالأداة التى حددها الدستور بالعناصر التى يقوم عليها على نحو يقينى واضح ، بحيث لا يكون عبؤها ماثلاً فى أذهانهم ، بما يجعل تقرير الأثر الرجعى فى هذه الحالة ، نوعاً من المداهمة والمباغتة تفتقر لمبرراتها ، ليصير تقريره على هذا النحو بعيداً عن الموازين الدستورية لفرض الضريبة ، ومناقضاً لمفهوم العدالة الاجتماعية ، كما يعد عدواناً على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ ، الأمر الذى يضحى معه صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 فى نصها على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " مخالفاً لأحكام المواد ( 32 ، 34 ، 38 ، 61 ، 119 ) من الدستور .



وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه يسرى بأثر فورى مباشر من تاريخ العمل به فى 22/4/2002 ، وكان المشرع فى تحديده للنشاط الخاضع للضريبة ، وهو فى خصوصية الدعوى الراهنة أعمال تأجير واستغلال الآلات والمعدات والأجهزة التى يدخل ضمنها نشاط مراكز الغوص وهو النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية وكذا وعاء الضريبة ، وسعرها المحدد بفئة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، قد التزم القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواماً لها من زاوية دستورية ، فإن فرضها فى هذا الإطار وحده يكون متفقاً مع أحكام الدستور ، ولا ينال من ذلك ما نعاه المدعى على هذه النصوص مخالفتها للعدالة الاجتماعية ، لعدم تحديدها سعراً عادلاً للضريبة على نشاط مراكز الغوص ، إذ أخضع المشرع هذا النشاط لفئة ضريبة مقدارها (10%) من قيمة الخدمة ، على الرغم من كونه نشاطاً سياحياً مثله فى ذلك مثل خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى التى حدد لها فئة ضريبة مقدارها (5%) من قيمة الفاتورة ، فإن ذلك مردود بأن المشرع يتوخى بالضريبة التى يفرضها أمرين ، يكون أحدهماً أصلاً مقصوداً منها ابتداء ، ويتمثل فى الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها ، تصبها فى خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها . ويكون ثانيهما مطلوباً منها بصفة عرضية جانبية أو غير مباشرة كاشفاً عن طبيعتها التنظيمية ، دالاً على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة ، وبوجه خاص من خلال تشجيع مزاولة بعض الأنشطة أو تقييد مباشرتها أو حمل المكلفين بها عن طريق عبئها على التخلى عن نشاطهم ، وذلك كله فى إطار أحكام الدستور الضابطة لها ، وهو ما لم تخرج عليه النصوص المطعون فيها فى حدود نطاقها المتقدم ، إذ التزمت فى تحديد سعر الضريبة المعايير والضوابط والمقاصد الدستورية الحاكمة لها ، غير منافية فى ذلك للعدالة الاجتماعية ، هذا فضلاً عن أنه قد صدر القانون رقم 89 لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، وقضى فى المادة (1) منه بتعديل فئة الضريبة العامة على المبيعات المستحقة على خدمات الفنادق والمطاعم السياحية وخدمات شركات النقل السياحى ، لتصير (10%) من قيمة الفاتورة ، ليضحى سعر الضريبة بالنسبة لها مماثلاً فى فئته لما هو مقرر فى خصوص النشاط الذى تمارسه الشركة المدعية ، والمتمثل فى الخدمات التى تقدمها مراكز الغوص ، الأمر الذى يضحى معه ما ينعاه المدعى فى هذا الشأن فى غير محله حقيقاً بالرفض .



وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى ما تقدم جميعه ، فإن ذلك يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع ، لتفصل فى النزاع المطروح عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، دون التقيد بحكمها السابق صدوره فى النزاع الموضوعى .



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة :



أولاً : بعدم دستورية عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 .



ثانياً : بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذى ينص على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون " .



ثالثاً : رفض ما عدا ذلك من الطلبات ، مع إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .











مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن








عدم دستورية عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن عليها





قضية رقم 95 لسنة 20 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



جلسة 11 مايو سنة 2003



برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة



وعضوية السادة المستشارين: ماهر على البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى



وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين



وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر



الإجراءات



بتاريخ 30/4/1998، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983.



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.



وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.



المحكمة



بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.



حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة كانت قد أقامت ضد الشركة المدعية طلب التحكيم رقم 1164 لسنة 1983 " مكتب التحكيم بوزارة العدل " طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها لقطعتي أرض كائنتين بأول طريق مصر الإسكندرية الصحراوي وذلك تأسيساً على أن وزير السياحة سبق أن أصدر قراره رقم 287 لسنة 1975 والذي نص في مادته الأولى على أن تنقل إلى المؤسسة المصرية العامة للسياحة والفنادق (إيجوث) كافة الأصول الثابتة للفنادق والعقارات والبواخر المملوكة لشركة فنادق شبرد وشركة فنادق الوجه القبلي والشركة المصرية للفنادق والسياحة ومن هذه العقارات قطعتي الأرض محل النزاع والتي تدعى الشركة المدعية ملكيتها لهما. وإذ قضت تلك الهيئة برفض الطلب، فقد أقامت المدعى عليها الخامسة طلبي التحكيم رقمي 1064 و1065 لسنة 1986 أمام هيئتي تحكيم بوزارة العدل طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها لذات القطعتين وتسليمهما لها استناداً إلى المحرر المشهر رقم 100 لسنة 1980 المعدل بالمحرر المشهر رقم 2096 لسنة 1986، فقضت لها تلكما الهيئتان بطلباتها، ردت على ذلك الشركة المدعية بإقامة الدعويين رقمي 10592 و10628 لسنة 1987 مدني كلى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالبة الحكم ببطلان حكمي هيئتي التحكيم الصادرين في الطلبين رقمي 1064 و1065 لسنة 1986 على التوالي، فقضت تلك المحكمة بعدم قبول الدعويين المشار إليهما تأسيساً على أن نص المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 لا يجيز الطعن على أحكام هيئات التحكيم، فقامت الشركة المدعية بالطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 10592 لسنة 1987 بالاستئناف رقم 3166 لسنة 106 قضائية مستأنف شمال القاهرة حيث قُضى فيه بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وأقامت الاستئناف رقم 3167 لسنة 106 قضائية مستأنف شمال القاهرة طعناً على الحكم الصادر في الدعوى رقم 10628 لسنة 1987 مدني كلى شمال القاهرة، وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية نص المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 فقررت تلك المحكمة التأجيل لجلسة 3/5/1998 لإقامة الدعوى الدستورية فأقامتها بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا في 30/4/1998، وبجلسة 3/5/1998 قررت تلك المحكمة حجز الاستئناف للحكم فيه بجلسة 8/7/1998، حيث قضت بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.



وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة على وجهين، أولهما أنها قد اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا على خلاف الأوضاع المقررة في قانونها، وذلك تأسيساً على أن محكمة الاستئناف لا تختص بنظر النزاع الموضوعي استناداً إلى نص المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 الذي لا يُجيز الطعن في أحكام هيئات التحكيم بأي وجه من الوجوه، ومن ثم فلا اختصاص لها ببحث المسائل التي تتفرع عن هذه المنازعة ومنها الدفع بعدم الدستورية، إذ المستقر عليه أنه إذا امتنع على القاضي نظر الأصل، امتنع عليه بالتالي نظر الفرع، ثانيهما انتفاء شرط المصلحة بصدور حكم نهائي في موضوع الاستئناف رقم 3167 لسنة 106 قضائية الذي أُثير أثناء نظره الدفع بعدم الدستورية.



وحيث إن هذا الدفع بوجهيه مردود أولاً: بأن لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها، ذلك أنهما لا تختلطان ببعضهما، ولا تتحدان في شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى في موضوعها، وكذلك في الشروط المتطلبة قانوناً لجواز رفعها، فإذا رفعت الدعوى الدستورية في ميعادها القانوني، بعد تقدير المحكمة التي تنظر النزاع الأصلي لجدية الدفع بعدم الدستورية، فقد استقامت الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا التي تنحصر ولايتها في بحث المسائل الدستورية لتقرير صحة النصوص المطعون عليها أو القضاء بعدم دستوريتها، ومردود ثانياً: بأن الدفع بعدم الدستورية يتعلق بالنص الذي يحظر الطعن على أحكام هيئات التحكيم والذي اتخذته محكمة أول درجة سنداً لحكمها بعدم قبول الدعوى، والقضاء بعدم دستورية هذا النص إذا رأت هذه المحكمة مخالفته لأحكام الدستور سيُمكن محكمة الموضوع من نظر دعوى البطلان التي أقامتها الشركة المدعية، ومن ثم تضحى لها مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليه، ومردود ثالثاً: بأن الاختصاص بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح معقود للمحكمة الدستورية العليا وحدها ولا تنازعها فيه غيرها من المحاكم، والتي عليها إن قامت لديها شبهة مصادمة نص قانوني لازم للفصل في موضوع الدعوى لأحكام الدستور أن تعرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا لتقول فيه كلمتها، ومن ثم كان لزاماً على محكمة الاستئناف بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية وصرحت بقيام الدعوى الدستورية، أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن النص المطعون عليه لتُنزل حكمه على النزاع الموضوعي، لا أن تمضى في نظر النزاع وتصدر فيه حكمها، وإلا كان ذلك تسليطاً لجهة قضاء أدنى على جهة قضاء أعلى.



وحيث إن المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 المطعون عليها تنص على أن " تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن. ويسلم مكتب التحكيم إلى من صدر الحكم لصالحه صورة منه مذيلة بالصيغة التنفيذية ".



وحيث إنه ولئن كانت القاعدة العامة في قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره القانون الإجرائي العام أنه ليس من شأن أي نص يحظر أو يقيد حق الطعن في الأحكام ، الحيلولة دون الطعن عليها بدعوى البطلان الأصلية إذا لحق بها عيب شكلي أو موضوعي يصمها بالبطلان، باعتبار أن دعوى البطلان الأصلية لا تعتبر طريقاً من طرق الطعن في الأحكام، وإنما هي أداة لرد الأحكام التي أصابها عوار في مقوماتها، عن إنفاذ آثارها القضائية، إلا أن التعميم المطلق الذي أورده النص الطعين في حظره الطعن على أحكام هيئات التحكيم الخاضعة لقانون هيئات القطاع العام وشركاته، مؤداه كما استقر عليه فهم النص أن هذا الحظر يمتد أيضاً إلى دعوى البطلان الأصلية، وعلى أساس هذا النظر يجرى طرح الطعن الماثل.



وحيث إنه لما كانت المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بطلب الشركة المدعية الحكم لها ببطلان حكم هيئة التحكيم، فإن الفصل في دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (66) من قانون هيئات القطاع وشركاته من عدم جواز الطعن على هذه الأحكام بأي وجه من وجوه الطعن يكون لازماً للفصل في الطلب الموضوعي، وبهذه العبارة وحدها يتحدد نطاق الدعوى الدستورية، ولا يمتد إلى ما عداها من أحكام شملها النص الطعين.



وحيث إن المدعية تنعى على النص الطعين محدداً نطاقاً على النحو المتقدم مخالفته لأحكام المواد (32 و34 و40 و64 و65 و68 و69 و165) من الدستور، وذلك لما يتضمنه من إخلال بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون ولخضوع الدولة لأحكامه، واعتدائه على استقلال القضاء وحصانته، فضلاً عن إهداره لحق التقاضي والدفاع اللذين يكفلهما الدستور للناس كافة.



وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره، ذلك أنه إذا كان الأصل العام في التحكيم أن يكون وليداً لاتفاق الخصوم على اللجوء إليه كطريق بديل عن اللجوء إلى القضاء لفض ما يثور بينهم من منازعات، وفى الحدود والأوضاع التي تتراضى إرادتهم عليها، إلا أنه ليس هناك ما يحول والخروج على هذا الأصل العام إذا قامت أوضاع خاصة بخصوم محددين وفى شأن منازعات معينة لها طبيعتها المغايرة لطبيعة المنازعات العادية، وعلى ذلك فإنه إذ وقع في حقبة الستينيات أن انتهجت الدولة سياسة تأميم وحدات الإنتاج وصيرورتها مالكة لها، بما ترتب عليه إنشاء مؤسسات وشركات قطاع عام لإدارة الأنشطة التي تضطلع بها هذه الوحدات، فقد اتجه المشرع إلى إيجاد آلية لفض المنازعات التي تثور بين هذه الشركات من ناحية وبين غيرها من المؤسسات العامة أو الجهات الحكومية، تتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه الكيانات، كما تتفق مع حقيقة أن النتيجة النهائية لفض أية منازعة سترتد إلى الذمة المالية لمالكة هذه الكيانات وهى الدولة، أياً كان الأمر في ارتدادها إليها، إن سلباً أو إيجاباً، وعلى ذلك فقد رسم المشرع بقواعد آمرة وجوب أن تلجأ المؤسسات العامة وشركات القطاع العام والجهات الحكومية إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي تثور فيما بينها، أما عن قواعد وإجراءات هذا التحكيم فقد انتظمتها أحكام قوانين المؤسسات العامة وشركات القطاع العام المتعاقبة بدءاً من القانون رقم 32 لسنة 1964 ثم القانون رقم 60 لسنة 1971 وأخيراً القانون الطعين رقم 97 لسنة 1983.



وحيث إن أحكام هيئات التحكيم الصادرة طبقاً لقانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983، هي أحكام لها حجية، وهى نافذة، شأنها في ذلك شأن أحكام هيئات التحكيم التي تصدر في منازعات التحكيم المبنى على اتفاق الخصوم، فكلاهما يعد عملاً قضائياً يفصل في خصومة، بما مؤداه وجوب تقيدهما معاً بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي.



وحيث إن الالتزام بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي كان نهج المشرع عندما وضع تنظيماً تشريعياً للتحكيم المبنى على اتفاق الخصوم ، وهو التنظيم الذي اندرجت أحكامه في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، فهو وإن حظر الطعن على أحكام المحكمين بطرق الطعن العادية وغير العادية، إلا أنه أجاز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نَظمت أحكامها المادتان (512، 513) من هذا القانون ، وإذ صدر القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، فإن المشرع ظل ملتزماً بمنهجه في كفالة الضمانات الأساسية للتقاضي، فهو وإن حظر الطعن على أحكام المحكمين على نحو ما كان مقرراً من قبل، إلا أنه أجاز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نَظم أحكامها في المادتين (53، 54) منه.



وحيث إن حاصل ما تقدم أن المشرع ، وإن قرر قاعدة عامة في شأن أحكام المحكمين التي تصدر في منازعات التحكيم التي تبنى على اتفاق الخصوم، هي حظر الطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية، بتقدير أن اللجوء لهذا النوع من التحكيم إنما ينبني في نشأته وإجراءاته وما يتولد عنه من قضاء ، على إرادة الاختيار لدى أطرافه التي تتراضى بحريتها على اللجوء إليه كوسيلة لفض منازعاتهم ، بدلاً من اللجوء إلى القضاء، إلا أنه في توازن مع تقريره حجية لهذه الأحكام وجعلها واجبة النفاذ ، عمد إلى مواجهة حالة أن يعتور عمل المحكمين عوار يصيب أحكامهم في مقوماتها الأساسية بما يدفع بها إلى دائرة البطلان بمدارجه المختلفة، فكانت دعوى البطلان هي أداته في تحقيق التوازن، الذي به تتوافر ضمانة من الضمانات الأساسية للتقاضي، وهو بهذا قد بلغ نتيجة قوامها أنه إذا كانت القاعدة العامة هي جواز الطعن على أي حكم يصدر من المحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها، بدعوى البطلان، فضلاً عن جواز الطعن عليها بطرق الطعن الأخرى، فإن أحكام المحكمين التي تصدر طبقاً لأحكام قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية وإن لم تكن قابلة للطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية إلا أنها تشارك أحكام المحاكم الأخرى في جواز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نظمها القانون الأخير.



وحيث إن النص الطعين قد خالف هذا النظر وخرج على القواعد العامة في شأن قابلية الأحكام الصادرة من المحاكم وأحكام هيئات التحكيم للطعن عليها بالبطلان، حين قرر أن أحكام هيئات التحكيم التي تشكل استناداً لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983، نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن عليها بأي وجه من وجوه الطعن، فأسبغ على هذه الأحكام حجية مطلقة تعصمها من أية قابلية للتصحيح، أياً كانت العيوب الشكلية أو الموضوعية التي لحقت بها، وأياً كانت مدارج البطلان التي أنزلتها إياها هذه العيوب، إذ كان ذلك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التي تحكم الخصومة عينها، ولا في طرق الطعن التي تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة في مجال التداعي بشأنها أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها، فإن النص الطعين وقد مايز بين سائر الأحكام القضائية والتحكيمية وبين الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم التي تشكل وفقاً لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983، واختص الأخيرة بمعاملة تحول والطعن عليها بدعوى البطلان أو بأي طريق آخر من طرق الطعن، فإنه يكون قد خالف مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وخضوع الدولة لأحكامه، بما يوقعه في حمأة مخالفة المادتين (40، 65) من الدستور.



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.













مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




 



عدم دستورية الحجز الإداري من هيئة الأوقاف








عدم دستورية الحجز الإداري من هيئة الأوقاف







قضية رقم 104 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



باسم الشعب



المحكمة الدستورية العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 يناير سنة 2005 م ، الموافق 28 من ذي القعدة سنة 1425 هـ .



برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين : أنور رشاد العاصى وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف والسيد عبدالمنعم حشيش ومحمد خيرى طه وتهانى محمد الجبالى .



وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين



وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر



الإجراءات



بتاريخ 13 من يونية سنة 2001 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند ( ح ) من المادة ( 1 ) و والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها : لرفعها بعد الميعاد وثانيها : لعدم بيان نصوص الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية وثالثها : لانتفاء المصلحة فى الدعوى .



وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .



ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم



المحكمة



بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة .







حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وهو الحارس على الأشياء المحجوز عليها للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح بلقاس متهمة إياه أنه بتاريخ 10 / 11 / 1998 بدد الأشياء المحجوز عليها وهى عبارة عن إنتاج مساحة 12 سهم و 8 قيراط و 2 فدان كائنة ببلقاس محافظة الدقهلية المزروعة أرزاً يابانياً والمقدر إنتاجها بحوالى تسعة طن والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية وفاء لمبلغ 94ر9292 جنيها قيمة إيجار سنة 1998 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية ـ وقف خيرى ـ والمؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبى محمد يوسف وقد طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمواد 341 و 342 من قانون العقوبات .



وبجلسة 18 / 3 / 1999قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى أسبوعاً وكفالة قدرها عشرة جنيهات وقد عارض المدعى فى هذا الحكم وبجلسة 23/11/2000 قضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2712 لسنة 2001 جنح مستأنف المنصورة وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص البند ـ ح ـ من المادة ـ 1 ـ والمادة ـ2ـ من القانون رقم 308 لسنة 1955 المشار إليه وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام دعواه الماثلة . وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فهو مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة وعملاً بنص البند ـ ب ـ من المادة 29 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع لرفع الدعوى الدستورية لا يجوز زيادتها إلا من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها ، بما يكفل تداخلها معها وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية فلا يجاوزه من يقيمها



وحيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة الموضوع بعد أن قدرت جدية الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001 ، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001 لتقديم ما يفيد رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ثم قررت المحكمة إضافة مهلة جديدة إلى المدة الأصلية وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001 وهى إن جاءت متجاوزة مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية إلا أن الثابت أن المدعى أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001 ، فى غضون مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد مما يتعين معه القضاء برفضه .



وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة ، فهو مردود بأن ما تغياه قانون المحكمة الدستورية العليا بنص المادة ـ30ـ منه من وجوب أن تتضمن صحيفة الدعوى الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة هو ألا تكون صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة ضماناً لتعيينها تعييناً كافياً فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها أو اضطراباً حول نطاقها ليتمكن ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً فى المواعيد التى حددتها المادة ـ 37 ـ من ذلك القانون ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى وإعداد تقرير يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببا ومن ثم فإنه يكفى لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنا ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئاً عن حقيقتها



لما كان ذلك وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد أبانت فى غير خفاء نعى المدعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ خضوع الدولة للقانون ، وذلك بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية ، تخولها الحق فى اقتضاء حقوقها جبراً ، بقرار يصدر منها يكون معادلاً للسند التنفيذى ، ويتضمن تحديداً لتلك الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها ، وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة الدستورية كما ارتآها المدعى ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً يكون فى غير محله متعيناً رفضه . وحيث إن صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 ينصان على أن " يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإدارى المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية فى مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون .......................... (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التى تديرها الوزارة ..... "



وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن " لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال أو من ينيبه كل من هؤلاء فى ذلك كتابة " . وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . وكان البين من استعراض أحكام القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات البِرّ ، والقانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ، أنها ناطت بالوزارة النظر على الأوقاف الخيرية وإدارة أعيانها ، وبهذه الصفة أجاز البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى للوزارة توقيع الحجز عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف ، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة إعمالاً لنص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية فى الاختصاص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها ، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على تلك الأوقاف ، كما حلت الهيئة بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة 1971 محل الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه الأموال



وبالتالى أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف ، وهو الأساس القانونى لقيام الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز فى الحالة المعروضة ، لعدم الوفاء بالإيجار المستحق عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية ( وقف خيرى ) ، المؤجرة من الهيئة لورثة عبد النبى محمد يوسف ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى تكون متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى فيما تضمنه من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع الحجز الإدارى عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التى تديرها الوزارة بهذه الصفة . وحيث إن القواعد التى تضمنها قانون الحجز الإدارى غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهى بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل الطاقة المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها ، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن مدينيها بالقواعد التى فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ الجبرى ، وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها ، وهذه الطبيعة الاستثنائية لقواعد الحجز الإدارى تقتضى أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها ، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها ، ولا إعمالها فى غير نطاقها الضيق الذى يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها . إذ كان ذلك ، وكانت أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة 1971 أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره عملاً بنص المادة (52/3) من القانون المدني شخصاً اعتبارياً



وهو يدخل بحسب طبيعته فى عداد أشخاص القانون الخاص ، ولو كان من يباشر النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام ، إذ يظل النظر فى جميع الأحوال على وصفه القانونى مجرد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص ، وفى هذا نصت المادة (50) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أن " يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين ... " ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف ، إنما يكون كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص ، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للأوقاف ، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف في هذا النطاق بالأعمال التي تقوم عليها المرافق العامة ، واعتبارها من جنسها ، وإخضاع تحصيلها دون مقتض لتلك القواعد الاستثنائية التى تضمنها قانون الحجز الإداري ، بما يخالف نص المادة (65) من الدستور ، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها ، يفترض تقيد أشخاص القانون الخاص فى مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها ، فلا يكون الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها ، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص الطعين فإنه يكون قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية . وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى من شأنه عدم جواز اتخاذ إجراءات الحجز المنصوص عليها فى المادة (2) من ذات القانون قبل المدعى ، ومن ثم فإن الطعن عليها بعدم الدستورية أصبح ولا محل له .



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من النص على جواز إتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات للأعيان التي تديرها الوزارة ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .



أمين السر رئيس المحكمة








مكتب / محمد جابر عيسى المحامى







حكم المحكمة الدستورية في البهائية








حكم الدستورية في البهائية



الحكم في القضية رقم 7 لسنة 2 قضائية المحكمة العليا "دستورية"



باسم الشعب



المحكمة العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة أول مارس سنة 1975 م .



برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة



وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب وعمر حافظ شريف نائبي رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية والدكتور منير العصرة وطه أحمد أبو الخير أعضاء



وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ مفوض الدولة



وحضور السيد / سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر



أصدرت الحكم الآتي



في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 7 لسنة 2 قضائية عليا " دستورية " .



الوقائع



اتهم المدعون الأول والثالث والرابع و الخامس والسادس والخامس والعشرون والخامس والثلاثون و السادس والثلاثون والأربعون والحادي والأربعون والثاني والأربعون والثالث والأربعون وأخر توفي في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 67 الوايلي بأنهم في 20 من يونيه سنة 1967 بدائرة قسم الوايلي قاموا بنشاط كانت تباشره المحافل البهائية و مراكزها بأن قاموا بنشر الدعوة البهائية بتشكيل لجان لنشر العقيدة البهائية وعقدوا اجتماعات بمساكنهم دعوا إليها الأفراد لاعتناق هذه العقيدة و طلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقا لأحكام القرار بقانون رقم 263 لسنة 1967 و قضت المحكمة بجلسة 6 من مايو سنة 1971 بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إلى المتهم الذي توفي وحضوريا للمدعي الثالث والأربعون وغيابيا لباقي المتهمين بحبس كل منهم ستة شهور مع الشغل و كفالة عشرة جنيهات وغرامة مائة جنيها فعرض المحكوم عليهم غيابيا في هذا الحكم وحضروا بجلسة 30 من سبتمبر سنة 1971 وفيها دفعوا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 وقضت المحكمة بجلسة 23 من ديسمبر سنة 1971 بوقف السير في المعارضة حتى يفصل في الطعن بعدم الدستورية المرفوع أمام المحكمة العليا 0



كما اتهم المدعون الأول والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والعشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون والثامن والثلاثون والتاسعة والثلاثون في قضية الجنحة رقم 4068 لسنة 65 الزيتون بأنهم في خلال عامي 1964 و1965 بالجمهورية العربية المتحدة قاموا بنشاط مما كانت تباشره المحافل البهائية ومراكزها بأن قاموا بنشر الديانة البهائية بتشكيل لجان لنشر العقيدة البهائية وعقدوا اجتماعات في مساكنهم دعوا إليها الأفراد لاعتناق هذه العقيدة وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالقرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية وقضت المحكمة بجلسة 27 من إبريل سنة 1967 بحبس المدعى الأول سنة مع الشغل وحبس كل من المدعين الثالث والرابع والخامس والسادس والسادس عشر ستة شهور مع الشغل وتغريم كل من المدعين التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر خمسين جنيهاً . وتغريم كل من المدعين الثامن عشر والعشرين والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث والعشرين والثامن والثلاثين والتاسعة والثلاثين عشرين جنيهاً ، فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 1063 لسنة 1969 وبجلسة 22 من سبتمبر سنة 1971 دفع المدعى التاسع أمام المحكمة الإستئنافية بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 فقررت المحكمة تحديد مدة ثلاثين يوماً للمتهمين لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا بعدم دستورية هذا القرار بقانون وحددت جلسة 10 من نوفمبر سنة 1971 ليقدم المتهمون الدليل على رفع تلك الدعوى ، وبهذه الجلسة قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الطعن بعدم الدستورية . وقد أقام المدعون هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا في 13 من أكتوبر سنة 1971 قيدت برقم 7 لسنة 2 ق عليا دستورية وطلبوا الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية . وطلبت الحكومة الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام رافعيها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني وحدد لنظر الدعوى جلسة 2 ديسمبر سنة 1972 ، وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر ثم تقرر إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم .



المحكمة



بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .



من حيث أن المدعين الثاني والسابع والسابع عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والسابع والثلاثين والثالث والأربعين لم يدفعوا أمام محكمة الجنح في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 1967 الوايلي وقضية الجنحة رقم 4086 لسنة 1965 الزيتون بعدم دستورية القرار بقانون المطعون عليه ولم يلتزموا الأوضاع المقررة قانوناً فإن الدعوى تكون غير مقبولة بالنسبة إليهم .



ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي المدعين لأنهم لم يرفقوا بصحيفة الدعوى صورة من محضر الجلسة التي أمرت فيها المحكمة بوقف الدعوى طبقاً للمادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا .



ومن حيث إن المدعين أرفقوا بصحيفة دعواهم حافظة مستندات ضمت صورة رسمية من محضر جلسة 30 من سبتمبر سنة 1971 في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 1967 الوايلي تفيد أن المدعين الأول والثالث والرابع والخامس والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين والأربعين والحادي والأربعين والثاني والأربعين قد عارضوا في الحكم الغيابي الصادر بحبسهم ، وأن الأستاذ أحمد طلعت عبد العظيم المحامى الحاضر معهم دفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 والتمس تحديد موعد لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا ، وقدم المدعون بعد ذلك بجلسة التحضير في 12 من مارس سنة 1972 صورة رسمية من حكم محكمة الوايلي الصادر في 23 من ديسمبر سنة 1971 في قضية الجنحة المذكورة والقاضي بوقف السير في المعارضة حتى يفصل في الطعن المرفوع أمام المحكمة العليا . كما ضمت حافظة مستندات المدعين التي أرفقوها بصحيفة الدعوى صورة رسمية من محضر جلسة 22 من سبتمبر سنة 1971 بدائرة الجنح المستأنفة بمحكمة القاهرة الابتدائية في قضية الجنحة رقم 1063 لسنة 1969 تفيد حضور المدعى التاسع ومعه الأستاذ لبيب معوض المحامى الذي دفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 طالباً وقف الدعوى والإذن برفع الأمر إلى المحكمة العليا فقررت المحكمة تحديد مدة ثلاثين يوماً للمتهمين لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه ، وحددت جلسة 10 من نوفمبر لسنة 1971 ليقدم المتهمون الدليل على رفع الدعوى ، وقدم المدعون بعد ذلك بجلسة التحضير في 12 من مارس سنة 1972 شهادة من نيابة شرق القاهرة بناء على طلب المدعى الأول تفيد أن قضية الجنحة المستأنفة المذكورة حكم فيها بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1971 بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الطعن رقم 7 لسنة 2 قضائية عليا .



ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المدعين المشار إليهم أرفقوا بصحيفة الدعوى صورة رسمية من محضري الجلستين اللتين دفع في كلتيهما بعدم دستورية القرار بقانون المطعون فيه ، وقد رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا في الأجل الذي حددته لهم محكمة الجنح ومن ثم فإن الدعوى تكون قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة في القانون ولا محل لما تثيره الحكومة في هذا الصدد ، ويتعين لذلك الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى .



ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية استناداً إلى الأوجه الآتية :



الوجه الأول : أن القرار بقانون المطعون فيه إذ قضى بحل المحافل البهائية ومراكزها ووقف نشاطها قد خالف الأصول الدستورية الخاصة بحرية الاعتقاد والمساواة بين المصريين ، فحرية الاعتقاد مطلقة وللإنسان مطلق الحرية في أن يعتنق ديناً دون آخر كما أن المصريين جميعاً سواء لدى القانون لا فرق في ذلك بين البهائي وغير البهائي ، وقد انطوى هذا التشريع على التمييز بينهما فبينما يمارس غير البهائي شئون دينه حراً في معتقداته فإن البهائي ليس كذلك .



الوجه الثاني : أن هذا القرار بقانون هو إجراء مؤقت من إجراءات الطوارئ التي انتهت حالتها إذ أشار في ديباجته إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وإلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 باستمرار حالة الطوارئ مما يفيد أن هذا الإجراء التشريعي هو مجرد تدبير من تدابير الطوارئ التي رخص لرئيس الجمهورية في مباشرتها في حالة الطوارئ . ولما كانت هذه الحالة قد أنهيت بقرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 1964 الصادر في 24 من مارس سنة 1964 فإن القرار بقانون المطعون عليه ينتهي حتماً بانتهائها ولا يعتبر دستورياً بعد هذا التاريخ إذ فقد سنده التشريعي .



الوجه الثالث : أن هذا القرار بقانون لم يعرض على مجلس الأمة في أول انعقاد له طبقاً لنص المادة 53 من دستور سنة 1958 .



ومن حيث إنه عن الوجه الأول فإنه يبين من الإطلاع على قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية أنه يقضى في المادة الأولى بحل جميع المحافل البهائية ومراكزها الموجودة بإقليمي الجمهورية ووقف نشاطها ويحظر على الأفراد والمؤسسات القيام بأي نشاط مما كانت تباشره هذه المحافل والمراكز وأيلولة أموالها وموجوداتها إلى الجهات التي يعينها وزير الداخلية بقرار منه مع فرض عقوبة على مخالفة أحكامه .



ومن حيث إنه يبين من استقصاء النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة أنها بدأت في أصلها بالمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من دستور سنة 1923 وكانت أولاهما تنص على أن حرية العقيدة مطلقة ، وكانت الثانية تنص على أن تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب . وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا في الأصل نصاً واحداً اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع للدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون وزير خارجية انجلترا التي كانت تحتل مصر وكان يجرى على النحو الآتي :



" حرية الاعتقاد الديني مطلقة ، فلجميع سكان مصر الحق في أن يقوموا بحرية تامة علانية أو في غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة مادامت هذه الشعائر لا تنافى النظام العام أو الآداب العامة " ، وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور لأنه من العموم والإطلاق بحيث يتناول شعائر الأديان كافة في حين أن الأديان التي تجب حماية شعائرها هي الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية واستقر الرأي على أن يكون النص مقصوراً على شعائر هذه الأديان فحسب فلا يسمح باستحداث أي دين وصيغ النص مجزأ في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة اللذين تقدم ذكرهما وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة وتضمنت الثانية النص على حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد و... و... وظل هذان النصان قائمين حتى ألغى دستور سنة 1923 وحل محله دستور سنة 1956 وهو أول دستور للثورة فأدمج النصين المذكورين في نص واحد تضمنته المادة 43 وكان يجرى على النحو الآتي : " حرية الاعتقاد مطلقة وتحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافى الآداب " ثم تردد هذا النص في دستور سنة 1958 ( في المادة 43 ) ثم دستور سنة 1964 ( في المادة 34 ) واستقر أخيراً في المادة 46 من الدستور القائم ونصها " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ) .



ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع قد التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التي يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ، ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه . أما حرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها فهي مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله الدستور القائم وهو " قيد عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب " ولا ريب أن إغفاله لا يعنى إسقاطه عمداً وإباحة إقامة الشعائر الدينية ولو كانت مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب . ذلك أن المشرع رأى أن هذا القيد غنى عن الإثبات والنص عليه صراحة باعتباره أمراً بديهياً وأصلاً دستورياً يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه أما الأديان التي يحمى هذا النص حرية القيام بشعائرها فقد استبان من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 عن المادتين 12 ، 13 منه وهما الأصل الدستوري لجميع النصوص التي رددتها الدساتير المصرية المتعاقبة أن الأديان التي تحمى هذه النصوص ومنها نص المادة 46 من الدستور الحالي حرية القيام بشعائرها إنما هي الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة .



ومن حيث إن العقيدة البهائية على ما أجمع عليه أئمة المسلمين ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتداً ويبين من استقصاء تاريخ هذه العقيدة أنها بدأت في عام 1844 حين دعا إليها مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب في إيران عام 1844 معلناً أنه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد وتقيم ما اعوج من أمور الإسلام والمسلمين وقد اختلف الناس في أمر هذه الدعوة وعلى الخصوص في موقفها من الشريعة الإسلامية وحسماً لهذا الخلاف دعا مؤسسها إلى مؤتمر عقد في بادية " بدشت " بإيران في عام 1848 حيث أفصح عن مكنون هذه العقيدة وأعلن خروجها وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته ، كما حفلت كتبهم المقدسة وأهمها كتاب البيان الذي وضعه مؤسس الدعوة ثم الكتاب الأقدس الذي وضعه خليفته ميرزا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله وقد صيغ على نسق القرآن الكريم بما يؤيد هذا الإعلان من مبادئ وأصول تناقض مبادئ الدين الإسلامي وأصوله كما تناقض سائر الأديان السماوية وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة على مقتضى عقيدتهم تهدر أحكام الإسلام في الصوم والصلاة ونظام الأسرة وتبتدع أحكاماً تنقضها من أساسها . ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد ادعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحى إليهم من العلى القدير منكرين بذلك أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما جاء في القرآن الكريم " ما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " بل جاوزوا ذلك فادعوا الألوهية ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية فضلاً عن الإسلام والمسلمين فبشوا في كتبهم بالدعوة الصهيونية معلنين أن بنى إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة حيث تكون " أمة اليهود التي تفرقت في الشرق والغرب والشمال والجنوب مجتمعة " .



ومن حيث إن القانون المطعون فيه وهو القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية يقضى في مادته الأولى بحل جميع المحافل البهائية ومراكزها الموجودة في الجمهورية وبوقف نشاطها كما يقضى في المادة الثانية بأيلولة أموالها وموجوداتها ومراكزها إلى الجهات التي يعينها وزير الداخلية ، ويفرض في المادة الثالثة عقوبة جنائية على مخالفة أحكامه ويبين من هذه النصوص أن الشارع لم يتعرض لحرية العقيدة البهائية ولم يمسسها من قريب أو بعيد وإنما عرض لمحافلهم التي يجتمعون فيها ويمارسون نشاطهم وشعائرهم ويبثون دعوتهم المخلة بالنظام العام فقضى بحلها وقاية للمجتمع من شر هذه الدعوى .



ولم يخالف الشارع في هذه النصوص أحكام الدستور وبيان ذلك :



( أولاً ) إن الحماية التي يكفلها الدستور لحرية إقامة الشعائر الدينية مقصورة على الأديان السماوية الثلاثة المعترف بها كما تفصح عن ذلك الأعمال التحضيرية للمادتين 12 و13 من دستور سنة 1923 التي تقدم ذكرها وهما الأصل التشريعي الذي ترجع إليه النصوص الخاصة بحرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية في الدساتير المصرية التي تلت هذا الدستور . ولما كانت العقيدة البهائية ليست ديناً سماوياً معترفاً به فإن الدستور لا يكفل حرية إقامة شعائرها .



( ثانياً ) إن إقامة الشعائر الدينية لأي دين ولو كان ديناً معترفاً به مقيدة بألا تكون مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب . ولما كانت إقامة شعائر العقيدة البهائية مخلة بالنظام العام في البلد الذي يقوم في أصله وأساسه على الشريعة الإسلامية لا يكفل حمايتها .



( ثالثا ) إن المحافل البهائية وفقاً للتكييف القانوني السليم هي جمعيات خاصة تخضع لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة وقد حظر الدستور إنشاء هذه الجمعيات متى كان نشاطها معادياً لنظام المجتمع ( المادة 55 من الدستور ) ونظام المجتمع هو النظام العام الذي تقدم ذكره .



ومن حيث إنه لا تعارض بين القرار بقانون المطعون فيه وبين مبدأ المساواة ذلك أن هذا المبدأ لا يعنى التماثل من جميع الوجوه بين جميع الأفراد وإن اختلفت مراكزهم القانونية والمساواة بينهم مساواة حسابية مطلقة وإنما يعنى هذا المبدأ عدم التمييز والتفرقة بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت بينهم هذه المراكز ولم يتضمن القرار بقانون المطعون عليه أي تمييز من هذا القبيل ومن ثم فلا سبيل للنعي عليه بالإخلال بمبدأ المساواة .



ومن حيث إنه عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 من ديسمبر سنة 1948 ووقعته مصر ، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد توصية غير ملزمة وليست له قيمة المعاهدات الدولية المصدق عليها ، وحتى بالنسبة إلى هذه المعاهدات فإن صدور قانون داخلي بأحكام تغايرها لا ينال من دستوريته ذلك أن المعاهدات ليست لها قيمة الدساتير وقوتها ولا تجاوز مرتبتها مرتبة القانون بذاته ، هذا فضلاً عن أن القرار بقانون المطعون فيه لا يناهض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد نصت المادة 29 منه في فقرتها الثانية على أن الفرد يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها لتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ومن ثم فإنه متى اقتضت موجبات النظام العام في البلاد والذي يستمد حدوده أساساً من الشريعة الإسلامية حظر المحافل البهائية ووقف نشاطها فلا تثريب على هذا الحظر ولا تنافر بينه وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ومن ثم يكون هذا الوجه غير قائم على أساس سليم



ومن حيث إنه عن الوجه الثاني وهو أن القرار بقانون المطعون فيه يعتبر إجراء من إجراءات الطوارئ التي انتهت حالتها فإنه يبين من الإطلاع على هذا القرار بقانون أنه صدر بهذا العنوان " قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 263 لسنة 1960 " وقد نص في ديباجته على صدوره باسم الأمة واستناداً إلى الدستور المؤقت كما نصت المادة الخامسة منه على أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية وهذه سمات القرارات بقوانين . أما الإشارة في ديباجته إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وإلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 باستمرار حالة الطوارئ فإنها لا تخلع عن القرار بقانون وصفه هذا وتجعله مجرد أمر من أوامر الطوارئ الموقوتة بطبيعتها ولا تعنى أكثر من استظهار سبب من الأسباب التي استوجبت إصداره ويكون ما يثيره المدعون في هذا الوجه على غير أساس .



ومن حيث إنه عن الوجه الثالث القائم على أن القرار بقانون المطعون فيه لم يعرض على مجلس الأمة في أول انعقاد له فقد دفعت الحكومة بعدم قبول هذا الوجه لأن المدعين لم يثيروه إلا بجلسة التحضير على خلاف ما تقضى به المادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا من وجوب بيان الأسباب التي يبنى عليها الطعن بعدم الدستورية في صحيفة الدعوى ذاتها .



ومن حيث إن المادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 إذ نصت على أنه " يتعين أن تتضمن صحيفة دعوى الدستورية بيان النص القانوني وأوجه مخالفته الدستور " فهي لم تحظر إبداء أسباب إضافية أو تمنع استظهار أوجه مخالفة للدستور لم تتضمنها صحيفة الدعوى فلا يحال بين المحكمة أو المدعى وبين استظهار أسباب أخرى غير ما تضمنته صحيفة الدعوى ، وللمحكمة أن تبسط رقابتها كاملة في هذا الشأن ، ذلك أن الحكم بالدستورية من قبل المحكمة وهو ملزم لجميع جهات القضاء يعنى سلامة التشريع من جميع الوجوه وبراءته من جميع المثالب وأسباب البطلان وهو ما لا سبيل إليه إن قيل بقصر الدعوى على الأسباب المعلنة بصحيفتها ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس .



ومن حيث إنه عن موضوع هذا الوجه فإن دستور سنة 1958 قد نص في مادته الثالثة والخمسين على أن لرئيس الجمهورية أن يصدر أي تشريع أو قرار مما يدخل أصلاً في اختصاص مجلس الأمة إذا دعت الضرورة إلى اتخاذه في غياب المجلس على أن يعرض عليه فور انعقاده . فإذا اعترض المجلس على ما أصدره رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه سقط ماله من أثر من تاريخ الاعتراض . ويستفاد من هذا النص أنه وإن أوجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات تطبيقاً له على مجلس الأمة فور انعقاده ، إلا أنه لم يفرض جزاء لعدم العرض وذلك خلافاً لمسلك الشارع في سائر الدساتير الأخرى سواء السابقة على هذا الدستور أو اللاحقة له ( المادة 41 من دستور سنة 1923 والمادة 41 من دستور سنة 1930 والمادة 135 من دستور سنة 1956 والمادة 119 من دستور سنة 1964 والمادة 147 من دستور سنة 1971 ) إذ نصت جميعها على أن هذه القرارات بقوانين إذا لم تعرض على المجلس النيابي زال ما كان لها من قوة القانون ، وهذه المغايرة في الحكم بين دستور سنة 1958 وسائر الدساتير الأخرى تدل على أن الشارع في هذا الدستور قصد ألا يترتب ذلك الأثر على مجرد عدم عرض القرارات بقوانين على مجلس الأمة بل أوجبه فقط في حالة اعتراض المجلس عليها بالأغلبية التي نص عليها وهى أغلبية ثلثي أعضائه ، ومن ثم فإن هذا الوجه يكون غير قائم على أساس سليم .



ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الدعوى لا تقوم على أساس سليم فيتعين رفضها مع إلزام رافعيها المصروفات ومصادرة الكفالة .



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة :



( أولاً ) بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعين الثاني والسابع والسابع عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والسابع والثلاثين والثالث والأربعين .



( ثانياً ) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي المدعين وبرفض الدفع بعدم قبول الوجه الثالث من الدعوى .



( ثالثاً ) برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالة .













مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




حكم المحكمة الدستورية في البهائية








حكم الدستورية في البهائية



الحكم في القضية رقم 7 لسنة 2 قضائية المحكمة العليا "دستورية"



باسم الشعب



المحكمة العليا



بالجلسة العلنية المنعقدة أول مارس سنة 1975 م .



برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة



وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب وعمر حافظ شريف نائبي رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية والدكتور منير العصرة وطه أحمد أبو الخير أعضاء



وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ مفوض الدولة



وحضور السيد / سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر



أصدرت الحكم الآتي



في القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 7 لسنة 2 قضائية عليا " دستورية " .



الوقائع



اتهم المدعون الأول والثالث والرابع و الخامس والسادس والخامس والعشرون والخامس والثلاثون و السادس والثلاثون والأربعون والحادي والأربعون والثاني والأربعون والثالث والأربعون وأخر توفي في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 67 الوايلي بأنهم في 20 من يونيه سنة 1967 بدائرة قسم الوايلي قاموا بنشاط كانت تباشره المحافل البهائية و مراكزها بأن قاموا بنشر الدعوة البهائية بتشكيل لجان لنشر العقيدة البهائية وعقدوا اجتماعات بمساكنهم دعوا إليها الأفراد لاعتناق هذه العقيدة و طلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقا لأحكام القرار بقانون رقم 263 لسنة 1967 و قضت المحكمة بجلسة 6 من مايو سنة 1971 بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إلى المتهم الذي توفي وحضوريا للمدعي الثالث والأربعون وغيابيا لباقي المتهمين بحبس كل منهم ستة شهور مع الشغل و كفالة عشرة جنيهات وغرامة مائة جنيها فعرض المحكوم عليهم غيابيا في هذا الحكم وحضروا بجلسة 30 من سبتمبر سنة 1971 وفيها دفعوا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 وقضت المحكمة بجلسة 23 من ديسمبر سنة 1971 بوقف السير في المعارضة حتى يفصل في الطعن بعدم الدستورية المرفوع أمام المحكمة العليا 0



كما اتهم المدعون الأول والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والعشرون والحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون والثامن والثلاثون والتاسعة والثلاثون في قضية الجنحة رقم 4068 لسنة 65 الزيتون بأنهم في خلال عامي 1964 و1965 بالجمهورية العربية المتحدة قاموا بنشاط مما كانت تباشره المحافل البهائية ومراكزها بأن قاموا بنشر الديانة البهائية بتشكيل لجان لنشر العقيدة البهائية وعقدوا اجتماعات في مساكنهم دعوا إليها الأفراد لاعتناق هذه العقيدة وطلبت النيابة العامة معاقبتهم بالقرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية وقضت المحكمة بجلسة 27 من إبريل سنة 1967 بحبس المدعى الأول سنة مع الشغل وحبس كل من المدعين الثالث والرابع والخامس والسادس والسادس عشر ستة شهور مع الشغل وتغريم كل من المدعين التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر خمسين جنيهاً . وتغريم كل من المدعين الثامن عشر والعشرين والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث والعشرين والثامن والثلاثين والتاسعة والثلاثين عشرين جنيهاً ، فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 1063 لسنة 1969 وبجلسة 22 من سبتمبر سنة 1971 دفع المدعى التاسع أمام المحكمة الإستئنافية بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 فقررت المحكمة تحديد مدة ثلاثين يوماً للمتهمين لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا بعدم دستورية هذا القرار بقانون وحددت جلسة 10 من نوفمبر سنة 1971 ليقدم المتهمون الدليل على رفع تلك الدعوى ، وبهذه الجلسة قضت المحكمة بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الطعن بعدم الدستورية . وقد أقام المدعون هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا في 13 من أكتوبر سنة 1971 قيدت برقم 7 لسنة 2 ق عليا دستورية وطلبوا الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية . وطلبت الحكومة الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام رافعيها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني وحدد لنظر الدعوى جلسة 2 ديسمبر سنة 1972 ، وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر ثم تقرر إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم .



المحكمة



بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .



من حيث أن المدعين الثاني والسابع والسابع عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والسابع والثلاثين والثالث والأربعين لم يدفعوا أمام محكمة الجنح في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 1967 الوايلي وقضية الجنحة رقم 4086 لسنة 1965 الزيتون بعدم دستورية القرار بقانون المطعون عليه ولم يلتزموا الأوضاع المقررة قانوناً فإن الدعوى تكون غير مقبولة بالنسبة إليهم .



ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي المدعين لأنهم لم يرفقوا بصحيفة الدعوى صورة من محضر الجلسة التي أمرت فيها المحكمة بوقف الدعوى طبقاً للمادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا .



ومن حيث إن المدعين أرفقوا بصحيفة دعواهم حافظة مستندات ضمت صورة رسمية من محضر جلسة 30 من سبتمبر سنة 1971 في قضية الجنحة رقم 11278 لسنة 1967 الوايلي تفيد أن المدعين الأول والثالث والرابع والخامس والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين والأربعين والحادي والأربعين والثاني والأربعين قد عارضوا في الحكم الغيابي الصادر بحبسهم ، وأن الأستاذ أحمد طلعت عبد العظيم المحامى الحاضر معهم دفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 والتمس تحديد موعد لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا ، وقدم المدعون بعد ذلك بجلسة التحضير في 12 من مارس سنة 1972 صورة رسمية من حكم محكمة الوايلي الصادر في 23 من ديسمبر سنة 1971 في قضية الجنحة المذكورة والقاضي بوقف السير في المعارضة حتى يفصل في الطعن المرفوع أمام المحكمة العليا . كما ضمت حافظة مستندات المدعين التي أرفقوها بصحيفة الدعوى صورة رسمية من محضر جلسة 22 من سبتمبر سنة 1971 بدائرة الجنح المستأنفة بمحكمة القاهرة الابتدائية في قضية الجنحة رقم 1063 لسنة 1969 تفيد حضور المدعى التاسع ومعه الأستاذ لبيب معوض المحامى الذي دفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 طالباً وقف الدعوى والإذن برفع الأمر إلى المحكمة العليا فقررت المحكمة تحديد مدة ثلاثين يوماً للمتهمين لرفع الدعوى أمام المحكمة العليا بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه ، وحددت جلسة 10 من نوفمبر لسنة 1971 ليقدم المتهمون الدليل على رفع الدعوى ، وقدم المدعون بعد ذلك بجلسة التحضير في 12 من مارس سنة 1972 شهادة من نيابة شرق القاهرة بناء على طلب المدعى الأول تفيد أن قضية الجنحة المستأنفة المذكورة حكم فيها بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1971 بوقف الدعوى حتى يتم الفصل في الطعن رقم 7 لسنة 2 قضائية عليا .



ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المدعين المشار إليهم أرفقوا بصحيفة الدعوى صورة رسمية من محضري الجلستين اللتين دفع في كلتيهما بعدم دستورية القرار بقانون المطعون فيه ، وقد رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا في الأجل الذي حددته لهم محكمة الجنح ومن ثم فإن الدعوى تكون قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة في القانون ولا محل لما تثيره الحكومة في هذا الصدد ، ويتعين لذلك الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى .



ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية استناداً إلى الأوجه الآتية :



الوجه الأول : أن القرار بقانون المطعون فيه إذ قضى بحل المحافل البهائية ومراكزها ووقف نشاطها قد خالف الأصول الدستورية الخاصة بحرية الاعتقاد والمساواة بين المصريين ، فحرية الاعتقاد مطلقة وللإنسان مطلق الحرية في أن يعتنق ديناً دون آخر كما أن المصريين جميعاً سواء لدى القانون لا فرق في ذلك بين البهائي وغير البهائي ، وقد انطوى هذا التشريع على التمييز بينهما فبينما يمارس غير البهائي شئون دينه حراً في معتقداته فإن البهائي ليس كذلك .



الوجه الثاني : أن هذا القرار بقانون هو إجراء مؤقت من إجراءات الطوارئ التي انتهت حالتها إذ أشار في ديباجته إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وإلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 باستمرار حالة الطوارئ مما يفيد أن هذا الإجراء التشريعي هو مجرد تدبير من تدابير الطوارئ التي رخص لرئيس الجمهورية في مباشرتها في حالة الطوارئ . ولما كانت هذه الحالة قد أنهيت بقرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 1964 الصادر في 24 من مارس سنة 1964 فإن القرار بقانون المطعون عليه ينتهي حتماً بانتهائها ولا يعتبر دستورياً بعد هذا التاريخ إذ فقد سنده التشريعي .



الوجه الثالث : أن هذا القرار بقانون لم يعرض على مجلس الأمة في أول انعقاد له طبقاً لنص المادة 53 من دستور سنة 1958 .



ومن حيث إنه عن الوجه الأول فإنه يبين من الإطلاع على قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة بالقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية أنه يقضى في المادة الأولى بحل جميع المحافل البهائية ومراكزها الموجودة بإقليمي الجمهورية ووقف نشاطها ويحظر على الأفراد والمؤسسات القيام بأي نشاط مما كانت تباشره هذه المحافل والمراكز وأيلولة أموالها وموجوداتها إلى الجهات التي يعينها وزير الداخلية بقرار منه مع فرض عقوبة على مخالفة أحكامه .



ومن حيث إنه يبين من استقصاء النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة أنها بدأت في أصلها بالمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من دستور سنة 1923 وكانت أولاهما تنص على أن حرية العقيدة مطلقة ، وكانت الثانية تنص على أن تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب . وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا في الأصل نصاً واحداً اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع للدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون وزير خارجية انجلترا التي كانت تحتل مصر وكان يجرى على النحو الآتي :



" حرية الاعتقاد الديني مطلقة ، فلجميع سكان مصر الحق في أن يقوموا بحرية تامة علانية أو في غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة مادامت هذه الشعائر لا تنافى النظام العام أو الآداب العامة " ، وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور لأنه من العموم والإطلاق بحيث يتناول شعائر الأديان كافة في حين أن الأديان التي تجب حماية شعائرها هي الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية واستقر الرأي على أن يكون النص مقصوراً على شعائر هذه الأديان فحسب فلا يسمح باستحداث أي دين وصيغ النص مجزأ في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة اللذين تقدم ذكرهما وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة وتضمنت الثانية النص على حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد و... و... وظل هذان النصان قائمين حتى ألغى دستور سنة 1923 وحل محله دستور سنة 1956 وهو أول دستور للثورة فأدمج النصين المذكورين في نص واحد تضمنته المادة 43 وكان يجرى على النحو الآتي : " حرية الاعتقاد مطلقة وتحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافى الآداب " ثم تردد هذا النص في دستور سنة 1958 ( في المادة 43 ) ثم دستور سنة 1964 ( في المادة 34 ) واستقر أخيراً في المادة 46 من الدستور القائم ونصها " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية ) .



ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع قد التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التي يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ، ولا سبيل لأي سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه . أما حرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها فهي مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله الدستور القائم وهو " قيد عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب " ولا ريب أن إغفاله لا يعنى إسقاطه عمداً وإباحة إقامة الشعائر الدينية ولو كانت مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب . ذلك أن المشرع رأى أن هذا القيد غنى عن الإثبات والنص عليه صراحة باعتباره أمراً بديهياً وأصلاً دستورياً يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه أما الأديان التي يحمى هذا النص حرية القيام بشعائرها فقد استبان من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 عن المادتين 12 ، 13 منه وهما الأصل الدستوري لجميع النصوص التي رددتها الدساتير المصرية المتعاقبة أن الأديان التي تحمى هذه النصوص ومنها نص المادة 46 من الدستور الحالي حرية القيام بشعائرها إنما هي الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة .



ومن حيث إن العقيدة البهائية على ما أجمع عليه أئمة المسلمين ليست من الأديان المعترف بها ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتداً ويبين من استقصاء تاريخ هذه العقيدة أنها بدأت في عام 1844 حين دعا إليها مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب في إيران عام 1844 معلناً أنه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد وتقيم ما اعوج من أمور الإسلام والمسلمين وقد اختلف الناس في أمر هذه الدعوة وعلى الخصوص في موقفها من الشريعة الإسلامية وحسماً لهذا الخلاف دعا مؤسسها إلى مؤتمر عقد في بادية " بدشت " بإيران في عام 1848 حيث أفصح عن مكنون هذه العقيدة وأعلن خروجها وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته ، كما حفلت كتبهم المقدسة وأهمها كتاب البيان الذي وضعه مؤسس الدعوة ثم الكتاب الأقدس الذي وضعه خليفته ميرزا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله وقد صيغ على نسق القرآن الكريم بما يؤيد هذا الإعلان من مبادئ وأصول تناقض مبادئ الدين الإسلامي وأصوله كما تناقض سائر الأديان السماوية وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة على مقتضى عقيدتهم تهدر أحكام الإسلام في الصوم والصلاة ونظام الأسرة وتبتدع أحكاماً تنقضها من أساسها . ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد ادعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحى إليهم من العلى القدير منكرين بذلك أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما جاء في القرآن الكريم " ما كان محمداً أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " بل جاوزوا ذلك فادعوا الألوهية ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية فضلاً عن الإسلام والمسلمين فبشوا في كتبهم بالدعوة الصهيونية معلنين أن بنى إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة حيث تكون " أمة اليهود التي تفرقت في الشرق والغرب والشمال والجنوب مجتمعة " .



ومن حيث إن القانون المطعون فيه وهو القرار بقانون رقم 263 لسنة 1960 في شأن حل المحافل البهائية يقضى في مادته الأولى بحل جميع المحافل البهائية ومراكزها الموجودة في الجمهورية وبوقف نشاطها كما يقضى في المادة الثانية بأيلولة أموالها وموجوداتها ومراكزها إلى الجهات التي يعينها وزير الداخلية ، ويفرض في المادة الثالثة عقوبة جنائية على مخالفة أحكامه ويبين من هذه النصوص أن الشارع لم يتعرض لحرية العقيدة البهائية ولم يمسسها من قريب أو بعيد وإنما عرض لمحافلهم التي يجتمعون فيها ويمارسون نشاطهم وشعائرهم ويبثون دعوتهم المخلة بالنظام العام فقضى بحلها وقاية للمجتمع من شر هذه الدعوى .



ولم يخالف الشارع في هذه النصوص أحكام الدستور وبيان ذلك :



( أولاً ) إن الحماية التي يكفلها الدستور لحرية إقامة الشعائر الدينية مقصورة على الأديان السماوية الثلاثة المعترف بها كما تفصح عن ذلك الأعمال التحضيرية للمادتين 12 و13 من دستور سنة 1923 التي تقدم ذكرها وهما الأصل التشريعي الذي ترجع إليه النصوص الخاصة بحرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية في الدساتير المصرية التي تلت هذا الدستور . ولما كانت العقيدة البهائية ليست ديناً سماوياً معترفاً به فإن الدستور لا يكفل حرية إقامة شعائرها .



( ثانياً ) إن إقامة الشعائر الدينية لأي دين ولو كان ديناً معترفاً به مقيدة بألا تكون مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب . ولما كانت إقامة شعائر العقيدة البهائية مخلة بالنظام العام في البلد الذي يقوم في أصله وأساسه على الشريعة الإسلامية لا يكفل حمايتها .



( ثالثا ) إن المحافل البهائية وفقاً للتكييف القانوني السليم هي جمعيات خاصة تخضع لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة وقد حظر الدستور إنشاء هذه الجمعيات متى كان نشاطها معادياً لنظام المجتمع ( المادة 55 من الدستور ) ونظام المجتمع هو النظام العام الذي تقدم ذكره .



ومن حيث إنه لا تعارض بين القرار بقانون المطعون فيه وبين مبدأ المساواة ذلك أن هذا المبدأ لا يعنى التماثل من جميع الوجوه بين جميع الأفراد وإن اختلفت مراكزهم القانونية والمساواة بينهم مساواة حسابية مطلقة وإنما يعنى هذا المبدأ عدم التمييز والتفرقة بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت بينهم هذه المراكز ولم يتضمن القرار بقانون المطعون عليه أي تمييز من هذا القبيل ومن ثم فلا سبيل للنعي عليه بالإخلال بمبدأ المساواة .



ومن حيث إنه عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 من ديسمبر سنة 1948 ووقعته مصر ، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد توصية غير ملزمة وليست له قيمة المعاهدات الدولية المصدق عليها ، وحتى بالنسبة إلى هذه المعاهدات فإن صدور قانون داخلي بأحكام تغايرها لا ينال من دستوريته ذلك أن المعاهدات ليست لها قيمة الدساتير وقوتها ولا تجاوز مرتبتها مرتبة القانون بذاته ، هذا فضلاً عن أن القرار بقانون المطعون فيه لا يناهض الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فقد نصت المادة 29 منه في فقرتها الثانية على أن الفرد يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها لتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ومن ثم فإنه متى اقتضت موجبات النظام العام في البلاد والذي يستمد حدوده أساساً من الشريعة الإسلامية حظر المحافل البهائية ووقف نشاطها فلا تثريب على هذا الحظر ولا تنافر بينه وبين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ومن ثم يكون هذا الوجه غير قائم على أساس سليم



ومن حيث إنه عن الوجه الثاني وهو أن القرار بقانون المطعون فيه يعتبر إجراء من إجراءات الطوارئ التي انتهت حالتها فإنه يبين من الإطلاع على هذا القرار بقانون أنه صدر بهذا العنوان " قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 263 لسنة 1960 " وقد نص في ديباجته على صدوره باسم الأمة واستناداً إلى الدستور المؤقت كما نصت المادة الخامسة منه على أن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية وهذه سمات القرارات بقوانين . أما الإشارة في ديباجته إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وإلى قرار رئيس الجمهورية رقم 1174 لسنة 1958 باستمرار حالة الطوارئ فإنها لا تخلع عن القرار بقانون وصفه هذا وتجعله مجرد أمر من أوامر الطوارئ الموقوتة بطبيعتها ولا تعنى أكثر من استظهار سبب من الأسباب التي استوجبت إصداره ويكون ما يثيره المدعون في هذا الوجه على غير أساس .



ومن حيث إنه عن الوجه الثالث القائم على أن القرار بقانون المطعون فيه لم يعرض على مجلس الأمة في أول انعقاد له فقد دفعت الحكومة بعدم قبول هذا الوجه لأن المدعين لم يثيروه إلا بجلسة التحضير على خلاف ما تقضى به المادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا من وجوب بيان الأسباب التي يبنى عليها الطعن بعدم الدستورية في صحيفة الدعوى ذاتها .



ومن حيث إن المادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 إذ نصت على أنه " يتعين أن تتضمن صحيفة دعوى الدستورية بيان النص القانوني وأوجه مخالفته الدستور " فهي لم تحظر إبداء أسباب إضافية أو تمنع استظهار أوجه مخالفة للدستور لم تتضمنها صحيفة الدعوى فلا يحال بين المحكمة أو المدعى وبين استظهار أسباب أخرى غير ما تضمنته صحيفة الدعوى ، وللمحكمة أن تبسط رقابتها كاملة في هذا الشأن ، ذلك أن الحكم بالدستورية من قبل المحكمة وهو ملزم لجميع جهات القضاء يعنى سلامة التشريع من جميع الوجوه وبراءته من جميع المثالب وأسباب البطلان وهو ما لا سبيل إليه إن قيل بقصر الدعوى على الأسباب المعلنة بصحيفتها ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على أساس .



ومن حيث إنه عن موضوع هذا الوجه فإن دستور سنة 1958 قد نص في مادته الثالثة والخمسين على أن لرئيس الجمهورية أن يصدر أي تشريع أو قرار مما يدخل أصلاً في اختصاص مجلس الأمة إذا دعت الضرورة إلى اتخاذه في غياب المجلس على أن يعرض عليه فور انعقاده . فإذا اعترض المجلس على ما أصدره رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه سقط ماله من أثر من تاريخ الاعتراض . ويستفاد من هذا النص أنه وإن أوجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات تطبيقاً له على مجلس الأمة فور انعقاده ، إلا أنه لم يفرض جزاء لعدم العرض وذلك خلافاً لمسلك الشارع في سائر الدساتير الأخرى سواء السابقة على هذا الدستور أو اللاحقة له ( المادة 41 من دستور سنة 1923 والمادة 41 من دستور سنة 1930 والمادة 135 من دستور سنة 1956 والمادة 119 من دستور سنة 1964 والمادة 147 من دستور سنة 1971 ) إذ نصت جميعها على أن هذه القرارات بقوانين إذا لم تعرض على المجلس النيابي زال ما كان لها من قوة القانون ، وهذه المغايرة في الحكم بين دستور سنة 1958 وسائر الدساتير الأخرى تدل على أن الشارع في هذا الدستور قصد ألا يترتب ذلك الأثر على مجرد عدم عرض القرارات بقوانين على مجلس الأمة بل أوجبه فقط في حالة اعتراض المجلس عليها بالأغلبية التي نص عليها وهى أغلبية ثلثي أعضائه ، ومن ثم فإن هذا الوجه يكون غير قائم على أساس سليم .



ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الدعوى لا تقوم على أساس سليم فيتعين رفضها مع إلزام رافعيها المصروفات ومصادرة الكفالة .



فلهذه الأسباب



حكمت المحكمة :



( أولاً ) بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعين الثاني والسابع والسابع عشر والتاسع عشر والرابع والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والسابع والثلاثين والثالث والأربعين .



( ثانياً ) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي المدعين وبرفض الدفع بعدم قبول الوجه الثالث من الدعوى .



( ثالثاً ) برفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة الكفالة .