بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

23 سبتمبر 2011

أموال الدولة العامة والخاصة

مجلة المحاماة - العدد الثالث
السنة العشرون سنة 1939

بحث في أموال الدولة العامة والخاصة
بحث عام وتطور تاريخي
لحضرة الأستاذ عبد العزيز سليمان القاضي بالمحاكم الأهلية

كانت فكرة الأموال العامة في مبدأ أمرها غير معروفة ولما رأى رئيس الدولة أن يحكم اختص بنفسه بملكية كل ما يراه صالحًا لخدمة ملكه وللإدارة الخاصة بعرشه، ولم يكن معروفًا وقتئذٍ من الملكيات الرئيسية إلا أموال الملك وأملاك التاج - ولما غزا الغزاة الدولة اختص الفاتحون أنفسهم كلاً منهم بجزء عظيم من الأملاك والبلاد التي كانوا يفتحونها - فكان يتبع إدارة هذه الأملاك كافة ما هو مخصص الآن للمنفعة العامة ولم تكن هذه الأموال كما هي الآن غير قابلة للتصرف بل تناولها التصرف والتقسيم وآلت من يد إلى يد إما بطريق الإقطاعات أو بطريق الميراث أو بطريق الهبات والوصايا لأشراف الدولة وكبار حكامها وأمرائها، وفي كل ذلك كان من الطبيعي أن تفقد هذه الأموال صفة ما خصص منها للمنفعة العامة وأن لا يستفيد منها الجمهور الذي تمثله الحكومة، ولكن الأمر تطور إلى إصدار الأوامر والقوانين التي تدور بين منع الهبات والإقطاعيات طورًا وبين تحديد التصرفات في حين آخر، وفي فرنسا بالذات فكرة تطور ووجود الأموال العامة هي فكرة عامة في فرنسا بالذات صدر أول قانون هو قانون MOULIN في فبراير سنة 1566 فمنع التصرف في أموال التاج المخصصة للمنفعة العامة وجعلها غير قابلة للتملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة (بند (7) من المرجع الموضح أدناه [(1)]) اللهم إلا في بعض أحوال استثناها القانون وأباح فيها التصرف والتملك بند (10)، وأخيرًا ظهرت فكرة الأموال العامة إلى الوجود بمعناها الحديث وهي تخصيصها للمنفعة العامة على أن تديرها وتستغلها الحكومة أو الدولة التي تمثل الأفراد والجماعات.

طبيعة وصفة الأموال العامة

وأول ما يتبادر إلى الذهن هي أن هذه الأموال هي كل ما يستعمله ويستفيد منه الجمهور PUBLIC وبما أنها للشعب والكافة فلا يمكن أن تكون للفرد الذي يجب أن تفني مصلحته أمام مصلحة المجموع بند (36)، وقد أخذت هذه الأموال تسميتها من الغرض الذي أعد لها أما لأنها خضعت للخدمة العامة وإما لأن حمايتها وإدارتها بيد القوة العامة تحميها من الاعتداء عليها لصالح الهيئة الاجتماعية ولمصلحة الناس سواء أكانوا وطنيين أم أجانب ما دام للجميع حق الاستفادة منها ومن الخدمات التي تؤديها بند (27)، وينتج من هذا أن الحكومة ما هي إلى سلطة عليها واجب حماية هذه الأموال لتؤيد للناس حق تمتعهم جميعًا بهذه الأموال وليس لها حق الملكية في الأموال العامة لأن الحكومة انتدبت لحراسة الناس وحراسة أموالهم المشتركة ذات الفائدة العامة ولحماية ملحقات هذه الأموال les dépendances - وهذه الملحقات شأنها شأن الأموال التي التحقت بها لا تقبل التصرف أيضًا حتى ولو كان التصرف حاصلاً من الحكومة نفسها اللهم إلا إذا كان هذا التصرف بأمر أو قانون بند (39)، ولكن هذا لا يمنع من أن تؤجر وتستولي على ريع الأمكنة العامة لتضيف الحكومة المتحصل من الريع إلى الخزينة العامة كما يحصل عند تأجير بعض الأملاك العامة، وكما يحدث في تأجير الشواطئ Les plages للذين يريدون أن يروحوا عن أنفسهم في نظير أجر بسيط قد يستخدم في المصلحة العامة بند (40) و(41).
وأن من أهم صفات الأموال العامة:
أولاً: هو عدم قابليتها للتصرف.
ثانيًا: وعدم قابليتها لوضع اليد عليها وتملكها بمضي المدة الطويلة.
ثالثًا: ولا يمكن رفع دعاوى اليد بالنسبة إليها من الأفراد ضد الحكومة ولكن للحكومة أن ترفع دعاوى اليد عنها ضد الأفراد.
رابعًا: عدم إمكان تقرير حقوق عينية عليها بارتفاق أو خلافه.
خامسًا: وعدم رفع أحد الأفراد دعوى متعلقة بتملكها أمام المحاكم المدنية إذا ثبتت صفتها العامة.
1 - صفة عدم التصرف فيها:
وفكرة عدم إمكان التصرف في الأموال العامة جاءت من القول بأن كل ما هو قابل للاتجار يمكن التصرف فيه وكل ما لا يقبل الاتجار لا يمكن التصرف فيه - وبما أن الأموال العامة لا يمكن الاتجار فيها لأنها خصصت لخدمة كافة الناس فلهذا يكون التصرف فيها غير متفق مع الغرض الأسمى الذي أعدت له - ويجب أن لا يغيب عن البال أن الأموال العامة وإن كانت تقارب بعض الشيء فيما تحتويه الدنيا من النور والهواء وقد أعدها الله سبحانه وتعالى لفائدة الخلق كافة إلا أنها على كل حال قد نتجت من تفكير الإنسان ووضعه لقانون وضعي يمكن تغييره وتعديله أما النور والهواء فهما من الأشياء الثابتة في الكون لا تتغير وليس للإنسان عليها حول ولا سلطة بند (43) - وينتج من ذلك أن السلطة التي في مقدورها أن تحدد هذه الأموال ذات المنفعة العامة في استطاعتها أن تضعها في حيز التداول الخاص بند (44) ولطالما يستمر تخصيصها للمنفعة العامة فهي إذن وملحقاتها أملاك عامة (م(541) فرنسي، وبند (45) من المرجع السابق)، وإذا زالت هذه الصفة العامة فهي أملاك خاصة - وتطبيقًا لهذا المبدأ فقد حكم أن محلات العبادة (كالمساجد في مصر) أو الكنائس (في فرنسا) المعدة للعبادة لا يمكن أن تكون محلاً للارتفاق عليها ما دامت صفتها العامة لم تفقد بند (46) و(47)، ولا يعتبر تصرفًا يخل بالمنفعة العامة إذا تصرفت الدولة في الملك العام من غرض عام إلى غرض عام ومن مصلحة عامة إلى مصلحة عامة بند (49) les concessions وتصرف الحكومة إلى بعض الأفراد بإعطائهم امتياز الملاحة في قناة لا يعطيهم حق التملك بل هذا يعتبر امتيازًا للملاحة للحصول لأنفسهم على أجر من الجمهور، ولا يعتبر مثل هذه القناة ولا شواطئها ملكًا خاصًا بند (50) و(51)، والأشخاص الذين أعطى لهم هذا الامتياز Concessions بالصيد وإقامة المعامل على الشواطئ ليس لهم الحق أن يأخذوا شيئًا من أتربة هذه الشواطئ (53) و(54)، ومثل هذا الامتياز يعتبر مؤقتًا ويمكن سحبه وإلغاؤه إذ أضر بمجموع الكافة، ووفقًا لهذا حكم بأن حق الممتاز الذي له وبمقتضاه أن يأخذ ماء من fontaine public ما هو إلا حق مؤقت يمكن سحبه إذا أضر هذا بالسكان وبمبانيهم مهما طالت مدة الامتياز، وأن التعدي على الطرق العامة مهما كان قد حصل من مدة طويلة ومهما حصل التسامح فيه من جانب الحكومة فإنه لا يمكن ملكيته لمضي المدة الطويلة ولا يمكن أن يكون هذا الاعتداء محلاً لحق مكتسب لهؤلاء الذين ارتكبوه مهما طالت مدة التعدي بند (57)، ومهما حصل من بيع الأملاك العامة للأفراد فهو بيع باطل، وإذا كان هذا البيع نتيجة خطأ أو إهمال من رجال السلطة الإدارية فكل ما للمشتري والحائز هو تعويض يطلبه بند (58) و(59).
2 - عدم قابلية الأموال العامة للملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة:
لا يجوز تملك الأموال العامة بوضع اليد بمضي المدة الطويلة ومثال ذلك محلات العبادة وملحقاتها فإنها لا تملك بهذه الكيفية بند (72)، وكذلك لا يمكن تملك الطرق بوضع اليد عليها ولا الأموال الأثرية بند (75) و(28)، ولكن إذا زال استعمال الأحوال العامة زالت صفة عدم إمكان تملكها بمضي المدة الطويلة بند (81)، ولقد صار البحث في ماهية وطبيعة عدم استعمال non usage المؤدي إلى زوال الصفة العامة، فقيل هل يكفي عدم الاستعمال نفسه لإيقاف تخصيص المال للمنفعة العامة أم لا ؟ أم أنه يجب صدور أمر من الجهة المختصة بإيقاف هذا التخصيص ؟ فأجيب على ذلك وعلى هذه المسألة بالذات بأنه إذا كان القانون الوضعي نفسه يمكن إزالته وتعديله باتباع عرف معين فلماذا لا تزول الصفة العامة عن الأموال العامة بعدم استعمالها وعدم رعايتها من الحكومة…. بند (82) أما كيف يكون تقدير عدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة وكيف يكون الوصول إلى معرفة الدليل والمعيار الذي يقلب الأموال العامة إلى خاصة بزوال صفتها وعدم استعمالها فقد قيل ما يأتي:
أولاً: حكم بأن دليل تغيير غرض هذه الأملاك العامة يمكن أن ينتج من الحيازة الطويلة التي لا يمكن تذكرها بإثبات التعدي على ملك الحكومة وسكوتها على ذلك واستنتاج رضائها بند (83).
ثانيًا: قيل أن المشرع لم يضع نصوصًا خاصة (خصوصًا في مصر) بانقلاب الأموال العامة إلى خاصة déclassement وخصوصًا فيما يختص بالطرق العامة والميادين والبوابات ولهذا يجب الاحتراس من الاستنتاج بأن عدم الاستعمال يؤدي إلى نية نقل الأموال العامة إلى خاصة إذ قد ينتج عدم الاستعمال من إهمال مراقبة الموظفين فلا يدل هذا على نية الحكومة في التنازل عن الصفة العامة بند (84).
ثالثًا: وقرر أيضًا أنه يجب صدور الأوامر لإخراج الأموال العامة من حيزها إلى حيز الأموال العامة بند (90) (أن هذا الرأي عسير تطبيقه بالنسبة للأموال العامة التي نشأت من غير قانون، وقد يفهم تطبيقه ويكون معقولاً لو أن الأموال العامة تقررت بقانون إذن لأمكن تركها بقانون ولكن الأصح أنه قد يمكن انقلابها من عام إلى خاص بحسب الأمر الواقع والفعل).
رابعًا: ويرى Mr de Récy بأن الأموال العامة إذا مر عليها زمن طويل فزالت وتهدم أثرها فإن فكرة عدم تملكها بمضي المدة تزول بزوال معالمها بند (91).
خامسًا: وقيل أيضًا بأن صفة المنفعة العامة تزول بتملك المال بوضع اليد بمضي المدة الطويلة إذا زالت الصفة العامة إما:
( أ ) بصدور قانون.
(ب) وإما بوجود ظروف ظاهرة واضحة (clairs) تبيح الاعتقاد بتنازل الحكومة عن الصفة العامة لأموالها بشرط أن لا يكون هناك أي غموض في استنتاج التنازل عن هذه الصفة (لكون أن الحكومة لم تستعمل المال العام لإهمال موظفيها الإداريين) بند (9).
وقد قرر Proud hon تطبيقًا لهذا المبدأ أن الطريق العام إذا لم يقف عدم استعماله إطلاقًا (بأن كان يستعمل في فترات متقطعة)، فإنه لا يمكن استنتاج التنازل وتغيير الصفة العامة إذا بدل من جوانبه بواسطة تعد من مجاوريه، وعندئذٍ لا يمكن تملك المناطق والأجزاء المتعدي عليها بمضي المدة الطويلة بند (94).
3 - الصفة التي تخول للأفراد:
- رفع دعاوى اليد على الأموال العامة ضد الحكومة:
قد مر ذكر ذلك ولكن هذا لا يمنع الحكومة من أن تدعي وضع يدها على هذه الأموال برفع دعاوى اليد ضد الأفراد.
4 - الصفة الرابعة:
ولا يمكن تقرير حقوق عينية على الأموال العامة أو تقرير حقوق ارتفاق عليها اللهم إلا إذا كانت هذه الارتفاقات قد تقررت وقت إنشاء تلك الأموال، كأن يبيع شخص للحكومة أعيانًا تقررها للمنفعة العامة ويشترط عليها تقرير حق الارتفاق بنود (103) و(104) و(105).

أنواع الأموال العامة

الأموال العامة إما طبيعية naturels وإما أن تحتاج في إنشائها إلى عمل الفرد artificiel والأموال الطبيعية هي الأملاك البحرية بند (108)، وشاطئ البحر والأملاك النهرية بند (131)، والأنهر ذات الملاحة أو ليس فيها ملاحة وتعتبر من الأملاك العامة وأذرع الأنهر والنهيرات.
والأملاك غير طبيعية، وهي الطرق العامة وملحقاتها كالبوابات والميادين والأرصفة والنباتات التي تنمو على جوانب الطرق، والتماثيل، وشواطئ الأنهر، والمين (يراجع من أول بند (145) وما بعده)، والأملاك الحربية كالاستحكامات والحصون والمباني العامة، والمنقولات المخصصة للمنفعة العمومية.

كيفية إدارة الأموال العامة

1 - أن السلطات المخولة لها هذه الإدارة (صـ 26 من أول بند (182) إلى بند (214)) لا يهم التشريع المصري بحثها وكل وزارة لها الإدارة فيما يخصها من الأملاك العامة المتعلقة بها.
2 - (أما تكوين الأملاك العامة Sa constitutnon artificielle
فلأجل أن يكون المال ملكًا للحكومة أو الدولة يجب أن يقوم الدليل على أن الحكومة تملكه لغرض المنفعة العامة بند (215)، وتطبيقًا لهذا المبدأ قرر ما يأتي:
أولاً: ممكن للحكومة أن تدعي قبل الغير التملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة مهما كان للغير من حق بشرط أن تثبت الحكومة بحكم الواقع أن المال خصص للمنفعة العامة بند (216).
ثانيًا: ولكن مسيو دي récy قرر أنه يجب التفرقة بين دعوى وضع اليد التي ترفعها الحكومة على الأفراد ادعاءً منها أن المال خصص للمنفعة العمومية بوضع اليد المدة الكافية، وبين دعوى الملكية استنادًا على وضع اليد بمضي المدة الطويلة، غير أن هذه التفرقة لا سند لها والواقع أن ثبوت الصفة العامة هو أهم ما يجب ملاحظته بند (217).
ثالثًا: قيل أيضًا إنه يوجد لتكوين الملك العام غير ما مر ذكره من الوسائل وسائل أخرى تؤدي لتملك الحكومة تخصيصًا للمنفعة العمومية ومن هذه الوسائل طريق التملك بالتصرف إلى الحكومة من الأفراد بعوض أو بغير عوض وبالشراء الاختياري أو الجبري وبالمبادلة والهبات وبميراث من لا وارث له، أو بنزع الملكية للمنفعة العامة بند (218).

تحديد الأموال العامة
délimitation

استقر الفقه والقضاء على أن السلطة الإدارية هي المختصة بالاعتراف وبتحديد الأملاك العامة فيما بين نفسها وفيما بينها وبين الأملاك الخاصة سواء أكانت للحكومة أو للأفراد - ومرجع التحديد هو قانون خاص صادر في 22 ديسمبر سنة 1789م ، وبمقتضاه إذا حصل نزاع في تحديد الملك الخاص أو العام يجب الالتجاء إلى رجال السلطة الإدارية للتحديد قبل الفصل في النزاع القضائي بند (240)، ويكون حصول هذا التحديد طبقًا للنصوص المنصوص عليها في القانون ولا يكون مطلقًا بالطريق الودي بين الهيئة التنفيذية وبين الأفراد المجاورين للملك العام، بند (241)، والتحديد ليس طريقًا موصلاً للتملك العام - إنما هو تقرير لحالة حاصلة وثابتة بالفعل - ولو أنه مقرر لإثبات المنفعة العامة إلا أنه ليس له أثر رجعي ولا أثر له في المستقبل بل أثره في يوم تقريره فقط وقد يتغير التحديد في المستقبل وقد يكون في الماضي خلال ما أنشئ عليه الآن بند (243) - وهذا التحديد ذاته ليس نزعًا للملكية يترتب عليه التعويض بل الغرض منه تحديد الحد الفاصل بين الأملاك العامة والأملاك الخاصة - ومع ذلك فقد حكمت محكمة النقض الفرنسية بأنه يمكن تعويض أصحاب الأملاك المجاورة إذا ترتب على هذا التحديد نعد على أملاكهم بند (246) - أما مجلس الدولة conseil d’état - هذا فقد أباح إلى الأفراد الحق في الالتجاء للطعن في الأمر الإداري الخاص بالتحديد بطلب تعويض أمام مجلس الدولة وهو المختص دون غيره بمنح التعويض بند (347)، وبقرار صادر في 11 يناير سنة 1873 فصلت محكمة المنازعات في الاختلاف في هذا الرأي بأن أعطت الأمر الإداري صبغته الإدارية مع منع المحاكم من تفسيره أو إلغائه وأعطت المحاكم الحق في أن تمنح الأفراد التعويض إذا اعتدى على أملاكهم أثناء التحديد بند (248)، ويمكن للأفراد فقط أما الالتجاء للسلطة الإدارية لتعديل خط التحديد وإما لمجلس الدولة لإلغاء خط التحديد بند (251) - أما السلطة القضائية وظيفتها محصورة إما بإعادة ما اعتدى عليه من الملك إذا ثبت أن المعتدى عليه ليس له الصفة العامة ومملوك لأصحاب الأملاك المجاورة وإما بإعطاء تعويض مقابل لهذا الاعتداء بند (253).

(التخصيص من الملك الخاص إلى الملك العام Classement )

التخصيص للملك العام من الملك الخاص هو الأمر الذي يصدر بإدراج classement العقار أو المنقول من الملك الخاص إلى الملك العام بند (343) - وهذا الأمر لا ضرورة له بالنسبة للأملاك العامة بطبيعتها لأنها بذاتها موسومة بصفة المنفعة العامة ومع ذلك فتخصيص الأنهر لبعض المنافع العامة وتخصيص مناطق الصيد في البحار قد صدر به قانون 10 يوليه سنة 1835 - أما كون أن النهر صالح للملاحة أو غير صالح فقد يثبت إما بقانون أو بتقرير الواقع بلا حاجة إلى أمر أو قانون بند (346).
أما الأموال التي ليست طبيعية وترجع لعمل الإنسان كالقنوات والطرق والملحقات الطرق (كالميادين والبوابات - والأرصفة - والنباتات التي على الطرق والتماثيل) والطرق الحديدية والاستحكامات والحصون وأبنية الحكومة والجبانات ومحلات العبادة ففي أمرها تفصيل.
أما الطرق العامة وملحقات الطرق فليس هناك ضرورة لإصدار أمر أو قانون لتخصيصها للمنفعة العمومية وهذا ما قضى به مجلس الدولة في فرنسا بند (349) - وأهم ما يجب مراعاته هو ثبوت صفة المنفعة العامة بشكل حقيقي - وليس هناك ما يمنع من إصدار قانون ويكون صدوره عندئذٍ تقريرًا للواقع وإثباتًا للحقيقة ولتنظيم هذا الواقع وتلك الحقيقة بند (350).
أما الاستحكامات والحصون والميادين الحربية والأراضي الحربية فلا يمكن أن تعتبر من الأملاك العامة إلا بصدور قانون يدرجها في حيز الأملاك العمومية وقد صدر بشأنها قانون 10 يوليو سنة 1851 - كما أن مثل هذه الأموال لا تزول ولا تهدم ولا يقضي على صفتها العامة إلا برأي لجنة الدفاع الوطني وبمقتضى قانون يصدر بذلك بند (352).

طرق التصرف في الملك العام

والمقصود بالتصرف هنا ليس البيع ولا الرهن لأن هذا ممنوع لطبيعة تلك الأموال وعدم قابليتها للتصرف إنما التصرف فيها إما أن يكون بطريق déclassement بقلبها من الملك العام إلى ملك خاص - وإما بمنح امتيازات خاصة للأفراد Concesions بند (360).
وأما عن منح الامتيازات الخاصة فهذا يقتضي بيان هذا الامتياز ويُقصد به أنه عقد خاص بمعناه الإداري وغرضه منح شخص معين حق التمتع بجزء من الملك العام وتكون الحكومة قد قامت في تصرفها بالعقد وقتئذٍ لا كأحد الأفراد ولكن يكون قيامها في العقد وقتئذٍ كحارس على المصلحة العامة ونائب عن كافة الجمهور بند (361)، وتطبيقًا لهذا المبدأ يكون الامتياز مؤقتًا مهما طالت مدته كاستقرار الأفراد على شاطئ البحر - وكامتياز مد أنابيب الغاز والكهرباء والمياه في ملك الحكومة - وكامتياز مد أشرطة الترام وامتياز الأشغال المؤقت Stationement وهذا لا يمنع من أن يكون الامتياز على ملك الحكومة الخاصة.
وتوجد في فرنسا امتيازات عديدة تمنح للأفراد ودراستها لا تهم إلا بالقدر السالف ذكره بند (367).

عن إيقاف تخصيص الأملاك العامة وقلبها من عامة إلى خاصة
déclassement

فقد يكون ذلك إما بقانون يغير صفتها العامة وإما من الواقع الذي يثبت منه عدم الاستعمال من (أول بند (432) صـ 40)، وقد مرت دراسة عدم الاستعمال وبيان الأداة التي يفهم منها أن عدم الاستعمال مؤدٍ إلى قلب الأملاك العامة إلى خاصة.
وتتبع نفس قواعد الـ déclassement عن التفرقة بين أنواع الأموال كما سبق بيانه في تخصيص الأموال من خاص إلى عام بند (433).
وزوال الصفة العامة فيما يختص بالأملاك الحربية لا يكون إلا بقانون وكذلك تقليل عرض الطرق الحربية بند (436).
أما زوال الصفة العامة الذي ينتج من الواقع والفعل فقد يكون من زوال عمل الملك العام زوالاً تامًا كتهدم القنطرة وانهيار الأثر - وجفاف القناة الطويل - وزوال معالم الطريق بند (437).
وعدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة يعادل تمامًا صدور قانون بزوال الصفة العامة بند (438)، ومسألة عدم الاستعمال non usage والترك القطعي abandon définitif هي من المسائل الواقعية التي يمكن حلها وفقًا للظروف بند (44)، ودليل تغيير الغرض العام الذي أعدت له الأملاك العمومية (كحالة الطريق العمومي) لا يمكن أن يثبت إلا بوضع يد الأفراد من مدة طويلة لا يمكن تذكرها والرجوع إليها بند (441).
وطبقت محكمة النقض الفرنسية القاعدة السالفة الذكر بأن قالت إن دليل تغيير الصفة العامة لا يمكن أن يستنتج (فيما يختص بطول الطريق وعرضه) ووضع اليد على جزء منه إلا من وضع اليد الذي لا يمكن تذكره (م 442).
وقد صدر قانون في 24 مايو سنة 1842 عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير نافع إلا للمرور المحلي والقروي - أو عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير معدٍ للمنفعة فقضت المادة الأولى منه أنه في الحالة التي تكون فيها أجزاء الطريق portions قد تركت بعدم الاستعمال العام فإن هذه الأجزاء من الطرق يمكن إعادتها إلى المنفعة العامة بناءً على طلب وموافقة المجلس العامة والمجالس البلدية على أن إدراجها بعد تركها لا يكون إلا بأمر ملكي بند (444).
وفي 10 أغسطس سنة 1871 أصبح الأمر فيما يختص بإدراج هذه الطرق بعد تركها ضروريًا بواسطة اجتماع كل المجلس لا جمعيته العمومية - ولا ضرورة لأمر ملكي.
ولا يكون الأمر إلا لإخراج هذا الطريق من منفعته العمومية إلى المنفعة الخاصة إذا ثبت بطريق يقيني أنه عام بند (446).
وإذا تحولت الطرق العامة إلى ملك خاص فهل إذا باعتها الحكومة يكون البيع لمصلحة الحكومة نفسها أو لمصلحة المجالس البلدية والقروية بند (450) قرر مجلس الدولة أن مال هذا البيع يكون للمجلس المحلي.

إجارات الأملاك العامة

الأصل أن الأموال العامة لا يمكن التعامل فيها ولكن ذلك ليس معناه عدم إمكان إعطاء حقوق بالمنفعة لآخرين على أن يكون الغرض من هذا الانتفاع للمستأجر انتفاع الجمهور أيضًا بند (466).
ومع ذلك فقد قضى من محكمة النقض ومجلس الدولة بأنه غير ممكن للإدارة أن تمنح امتيازات على الأملاك العامة (نقض 7 يوليه سنة 1869)، وبعد هذا الحكم الذي صدر في سنة 1869 صدر قانون في 20 ديسمبر سنة 1872 ذكر بالمادة (2) منه (أنه مصرح للحكومة بالحصول على أجرة الأشغال المؤقت occupation أو بالحصول على الأجرة الناشئة عن تأجير الشواطئ وتأجير كل ملحقات الأملاك العامة البحرية) - ثم صدر قانون في 29 يوليه سنة 881 طبق وشمل أجرة كل أشغال ووضع يد مؤقت أو محلي - كما شمل التصريح للحكومة بالحصول على أجرة كل ما هو متحصل من الأملاك العامة بطبيعتها كحق الصيد في الأنهر بند (467) فأصبحت قانونية الحصول على إيجار هذه الأملاك أمرًا لا شك فيه واستقر الفقه والقضاء على ذلك بند (468)، وهذه الامتيازات سواء أكانت إجارة bail أو إشغالاً مؤقتًا Stationnement - هذه الامتيازات - تقترب في شبهها من عقد الإيجار من وجهة أنها تعطي للممنوح له هذه الامتيازات حق التمتع jouissance على شرط أن يدفع الأجر rédevance المقابل لهذا التمتع في نظير أن يتمتع الكافة من هذا الامتياز لفائدة تعود على الناس جميعًا - غير أن هذا لا يمنع بأي حال من الأحوال فكرة توقيت هذه الامتيازات précarité فيمكن إلغاؤها في أي وقت للمصلحة العامة إذا كان وجودها يضر المرور العام Circulation générale بند (469).
وهذه الامتيازات ولو أنها عقود ثنائية إلا أنها أوامر إدارية يمكن إلغاؤها والعدول عنها - ولا يمكن إلغاء أوامر العدول عنها أمام السلطة القضائية إذ أنه ليس في استطاعتها أن تغير ما تجريه جهة الإدارة في هذا الشأن بند (471).

الأملاك الخاصة

1 - هي كل ما تملكه الحكومة كالأفراد (يمكنها التصرف فيه بند (546) صـ 48) والأملاك الخاصة يدخل فيها في فرنسا:
1/ أملاك التاج (بخلاف في مصر فإن القصور الملكية من الأملاك العامة) وأملاك التاج كما عرفها العلامة شوبان chopin هي كل ما أعد لأن يصرف منه على مائدة الملك وحشمه وتوابعه وكل ما أعد لأن يكون مشرفًا لصيانة الملك والعرش وكراهته بند (549).
2 - ويدخل من ضمن الأملاك الخاصة ما يطلق عليه اسم الأملاك الغير عادية بند (590) وهي أملاك الهبات - وأملاك الغزو والفتح.
3 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الـ dotations:
1/ أو هي الأملاك التي تمنح من الحكومة إلى الضباط وأولادهم الذكور إذا قتلوا في ميدان الحرب - وهي خلاف المعاشات لأنها لا تنتقل إلا من الأولاد الذكور إلى أولادهم ولا تنتهي إلا بانتهاء الخلف وانقطاع الذرية - وأما المعاشات فتنتهي بانتهاء الجيل الثاني seconde géneration - وهبات الحكومة هذه لضباطها وأولادهم مقررة محدودة في بعض مناطق فرنسا - في أورليان - وفي جهة القنال دي ميدي.
4 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الغابات - وملحقات الأملاك العامة التي أدرجت ضمن الأملاك الخاصة - والوصايا للحكومة - وما ترثه ممن لا وارث له - والهبات التي تمنح للحكومة والأملاك الخالية التي لا مالك لها Yacants.

إدارة الأملاك الخاصة

تكون إدارتها والتصرف فيها بالبيع الاختياري - أو بالمزاد العلني - ويجوز البيع إذا كان الطريق قد زالت صفته العامة déclassée - ويجوز التصرف في الأموال بطريق المبادلة.
وللمجاورين للطرق Rivérains الحق في الأخذ بالشفعة عن الأجزاء من الطرق (بند (885) صـ 66) المتروكة والتي زالت صفتها العامة وفقًا لقانون 20 مايو سنة 1836 بالمادة الرابعة التي تلزم الحكومة بأن تتنازل عن هذه الأجزاء بشروط خاصة.
وقد قررت المادة السالفة الذكر ما يأتي:
(أجزاء الأرض المخلفة عن طرق قديمة غير مطروقة أصلاً - أو أجزاء الطرق التي أصبحت عديمة الفائدة - إما لتعديل مجرى الطريق - وإما لتغيير فتحته - هذا الأجزاء - يمكن بيعها للملاك المجاورين على شرط أن يعتمد ذلك من وزير المالية وشرط هذا القانون واضح وهو عدم الاستعمال المطلق المؤدي إلى زوال الصفة العامة (يراجع في معنى عدم الاستعمال الذي يزيل الصفة العامة ما سبق ذكره من الشروط التي تزيل الصفة العامة).

التشريع في مصر

أما في مصر فالقانون المختلط قد وصفت الأموال العامة في المادتين (25) و(26) منه وصفًا غير كافٍ إذ قرر أن أملاك الأميري كالاستحكامات والمواني لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد (م 25)، وأن الأشياء المعدة للمنافع العامة كالطرق والقناطر ونحو ذلك لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد.
وجاء القضاء المختلط في أحكامه مقررًا أن أموال الحكومة لا يحجز عليها - وأن الأشياء المنقولة ملحقة بالأموال العامة إذا تخصصت للمنفعة العامة (بوريلي بك صـ 66 - 67).
أما القانون الأهلي فالمادتان (9) و(10) مدني منه قد تكفلتا ببيان ما هو من الأموال العامة على سبيل البيان إلى أن نص في المادة (10) (بأنه يعتبر من الأملاك العامة كافة الأموال الأميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر).
ثم قرر القانون أيضًا في المادة التاسعة عدم جواز تملكها بمضي المدة الطويلة وعدم إمكان التصرف فيها اللهم إلا إذا كان التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر.

بحث في الطرق العامة

ومن بين ما نصت عليه المادة التاسعة الطرق والشوارع وهذه الممرات إذا كانت غير مملوكة لفرد من الأفراد اعتبرت عامة بوجه عام سواء أكانت ببلد يسري عليه قانون التنظيم الصادر في 8 ديسمبر سنة 1889 أو لا يسري - ومسألة الصفة العامة للطرق العامة مرجعها تخصيص الطرق نفسه لمنفعة الجمهور - فإذا كان الفرد يستعمله لمنفعته الخاصة اعتبر مملوكًا ملكًا خاصًا رغم مرور الناس عليه لأن المرور فيه عندئذٍ يعتبر من قبيل التسامح - إلا إذا راعته الحكومة بالرش والكنس والرصف واهتمت به وأهمله صاحبة المدة المكسبة للملكية بالتقادم الطويل وعندئذٍ يصبح عامًا - فكأن الحكومة نفسها تكسب الملكية العامة بالتقادم من الملكية الخاصة ولكن لا تسمح للأفراد بالتملك بمضي المدة على الأملاك العامة.
والأصل في الطريق العام أن يكون مطروقًا - ولو يستعمله الناس في فترات متقطعة - والقرينة المفروضة بالنسبة إليه هو أن الطريق ملك عام (وعلى من يدعي صفته الخاصة إثبات ذلك بكافة أوجه الإثبات) - ولا يهتم بعدم وجود قرار من الحكومة بانقلاب الطريق إلى ملك خاص - لأن انقلاب الأملاك العامة إلى خاصة قد يرجع إلى الواقع أو القانون (م. أ).
وقد حكم بأنه لا يشترط وجود إجراءات التنظيم لاعتبار الشارع عموميًا (بند (839) من مرجع القضاء)، وقد حكم بأنه إذا ترتب على تعديل خط التنظيم تحويل شارع من جهة إلى أخرى تنتقل أرض الشارع القديم من ملك الدولة العام إلى الملك الخاص فإذا ترتب على تعديل خط التنظيم إلغاء شارع أو جزء من شارع فإنه يصبح ملكًا خاصًا للحكومة باعتباره من زوائد التنظيم - ويتحول من الملك العام إلى الملك الخاص فيجوز للحكومة أن تتصرف فيه - ويكتسب للأفراد بمضي المدة.
أما عن الأرض الأثرية فقد حكم أنه لا تعتبر الأرض أثرية إلا إذا صدر قرار من السلطة المختصة بإدراجها بالكشف الملحق بقرار وزارة الأشغال الصادر في 7 ديسمبر سنة 1909 - وأن الحجارة والأتربة لا تعتبر من المنافع العامة إلا بعد صيرورتها ملكًا للحكومة وبعد وضعها في محلات الآثار حيث تكون المحاكم الأهلية غير مختصة بالفصل في أصل ملكيتها (بند (841) مرجع القضاء) - وهذا المبدأ أقررته المادة السادسة من القانون الصادر في سنة 1912 الذي وضح به أن الأرض الأثرية هي المقررة فعلاً أو التي ستقرر بمقتضى قرار من السلطة المختصة - وفي هذا قرر أن اعتبار الأرض أثرية هو أمر متعلق بقرار يصدر من وزارة الأشغال وعلى ذلك لا يفيد القول بأن القطعة المتنازع عليها بين الجمهور - والحكومة معينة ومرسومة بخريطة فك الزمام وأن مصلحة الآثار قد أدرجتها في بياناتها ورسومها ولا يقيد ذلك إلا صدور القرار الصادر من الجهة المختصة بعد إدراجها بالكشف الملحق.
1 - الترع والجسور:
صدر بشأنها حكم من محكمة النقض المصرية في 4/ 2/ 1937 بالمجموعة الرسمية السنة 38 صـ 272 رقم (107) قيل فيه إن شرط بقاء الملك العام أن تكون الحكومة دائبة على وضع يدها عليه مظهرة سلطتها فترك الحكومة ترعة أو جزءًا من ترعة حصل تعديل مجراها يعد في ذاته نقلاً لهذه الترعة أو لهذا الجزء من الأملاك العامة إلى الأملاك الخاصة التي يجوز فيها التملك بمضي المدة الطويلة - وقد رجع هذا الحكم إلى الـ Pandectes صحيفة 243 - نبذة 1376 - 24 ت ب تحت كلمة Domaine public وإلى أن كثيرًا من الشراح يرون أن الأموال العامة التي لا تقبل التصرف بسبب تخصيصها للمنفعة العامة تكون خاصة إذا وقف وزال هذا التخصيص (يراجع أيضًا أحكام استئناف مصر 2 - 1 - 1907 لسنة 8/ 11/ 110 واستئناف مصر 9/ 4/ 1930 - 11/ 1/ 20).
وقد حكمت محكمة النقض فيما يختص بثبوت الصفة العامة وعدمها بالنسبة للترع والجسور حكمًا في 14 إبريل سنة 1938 السنة 19 عدد 1 صـ 48 رقم (47) ذكر فيه:
( أ ) أن المحاكم الأهلية ممنوعة من نظر الدعاوى المتعلقة بالأموال الأميرية العامة من وجهة طلب الملكية المدعى بها من الأفراد ضد الحكومة وفقًا للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية إذا خصصت هذه الأموال للمنفعة العامة:
أولاً: بالرغم من أنه يتبين أن ملكية الأفراد لهذه الأعيان ثابتة لم تزل عنهم سبب من الأسباب القانونية.
وثانيًا: بالرغم من أن الحكومة لم تتبع طريقًا رسميًا لنقلها للمنفعة العامة (وهذا معقول لأن الملكية العامة قد تتقرر من الملكية الخاصة إما بالقانون وإما بالواقع وإذا تقررت بالواقع فلا حاجة لإجراء رسمي).
(ب) وقرر هذا الحكم مبدأ هامًا هو أن ثبوت الصفة العامة للأعيان العامة هو أمر جوهري وأساس لمنع المحاكم من سماع الدعوى المتعلقة بها من حيث الملكية - فإن كانت الصفة العامة محل نزاع فإن المحاكم تملك البحث في ثبوت هذه الصفة أو عدم ثبوتها ثم تبني حكمها على نتيجة هذا البحث.
(ج) وقررت أيضًا أن كون ترعة عمومية أو غير عمومية هو وصف قانوني حددت لائحة الترع والجسور معناه فمن واجب المحكمة الرجوع إلى هذه اللائحة والأخذ بها في إثبات هذه الصفة وليس بكافٍ ولا يعتبر الاعتماد على تقرير الخبير وحده المبني على خريطة فك الزمام.
وقد حكم أيضًا بالنسبة للمصارف - أن المصرف الذي يصرف لبلاد متعددة يكون عموميًا بشرط أن تصرف عليه وزارة الأشغال، وبشرط أن يكون مندرجًا في جدول وزارة الأشغال (بند (844) مرجع القضاء) وقيل بأن حرم الترعة وجوانبها المنصوص عليه بالمادة (9) لا يكون ملكًا خاصًا - ولا يصح الادعاء بأن الترعة بغير حرم ارتكانًا على أن في الحرم مبانٍ للغير لأن تلك المباني إما أن تكون قد حصلت بطريق التعدي وأما أن تكون الحكومة قد أباحتها من طريق التسامح بند (845) من المرجع السابق.
وقد حكم بأن الجبانات تعتبر من المنافع العامة وملكًا عامًا حتى ولو منعت الحكومة الناس من الدفن فيها بل تبقى هذه الصفة ما دامت الحكومة لم تقرر إعادتها للأملاك الخاصة بأمر (وهذا الحكم لا يتفق مع الرأي بأن الأموال تتغير إما بقانون أو بالواقع من خاصة إلى عامة والعكس جائز (وهذا الحكم منشور بالبند (858) من مرجع القضاء).
وهي تبقى كذلك جبانات ما دامت حافظة لمعالمها غير قابلة للتملك بمضي المدة حتى ولو - أوقف الدفق فيها مدة طويلة والعبرة بزوال الصفة العامة وهي لا تزول إلا بزوال المعالم.
ومن المفهوم بداهة أن المنافع العامة تزول بالترك فإذا تركت الحكومة عقارًا من أملاكها العامة ولم تعد معتبرة جزءًا من تلك الأموال بفقد ذلك العقار صفته ويصبح جزءًا من أملاكها الخاصة التي يجوز التصرف فيه وتملكه بمضي المدة بند (861) - المرجع السابق ولا حق للحكومة في هدم المباني التي تشاد على أرض جبانة لإقامة زائري المقابر بشرط أن لا تحول تلك المباني إلى مساكن مستديمة بند (864).
والجوامع - يمكن أن يكتسب بمضي المدة حق المطل على كل مسجد لا تكون الحكومة قائمة بإدارته أو بالصرف عليه - والمسجد الموقوف والمخصص للعبادة الذي تقوم به الحكومة لا يمكن اكتساب حق المطل عليه ولا يتملك بمضي المدة.
والأملاك العامة من المسلم أنها ني التي تملكها الدولة وللحكومة عليها حق استغلالها وإدارتها والإشراف عليها - ولها حق نقلها إلى أملاك خاصة والتصرف في الملك الخاص - وإذا كانت عامة فهي لا يتصرف فيها - ولا يحجز عليها - ولا تملك بوضع اليد المدة الطويلة - ولا ترفع الدعوى بشأن ملكيتها أمام المحاكم المدنية.
والتفرقة بينهما ليست قديمة بل هي من عمل رجال الفقه الفرنسي ولم يرد نص لا في الفرنسي ولا في المصري في بيان الأداة المميزة للتفرقة بينهما.
وقد اختلف الشراح في بيان هذه الأداة فقال هوريو أن الصفة العامة التي تفرق بينهما هي الوقف والرصد والوجود - وقال Domat أن الأملاك العامة هي ما كانت بحسب طبيعتها وذاتها لا يمكن أن تملك بمضي المدة - ورأى كولان وكابيتان صـ 708 هي أن تكون هذه الأموال لأجل أن تسبغ عليها الصفة العامة - في خدمة المجموع - والواقع أن هذه التعاريف لا تغني عن وجود النص الصريح.
وحق الحكومة على الملك العام لا يأتي من أنها تملك ملكًا خاصًا إنما يأتي من أن الكافة وجمهور الناس هم الملاك للمنفعة العامة وليس للحكومة إلا حق الإشراف والإدارة وعليها جباية هذه الأموال العامة وحفظها وما دام أن الحكومة لا تملكها ملكًا خاصًا فهي لا تستطيع التصرف فيها بالبيع أو بالرهن - إنما لها حق الاستغلال فيجوز لها تأجيرها وضم الإيجار إلى ملك الحكومة.
وتتقرر الملكية العامة من خاصة إلى عامة بمقتضى النص بالمادة (10) إما بفعل الواقع أو بفعل القانون وإما تقرير القانون فالأمر واضح وإما تقريرها بفعل الواقع فمضمونه أن الحكومة تملك الأملاك الخاصة وتقرر عليها المنفعة العامة وتتملكها بمضي المدة الطويلة وتقرير الملك الخاص من عام إلى خاص فيكون بزوال الصفة العامة، وما دام أن القانون يقرر أن اكتساب الملك العام يكون القانون أو الواقع فالعكس صحيح أيضًا أي أن الملك العامة يزول بزوال الصفة العامة وعندئذٍ يترتب للفرد حقوق خاصة على هذا المال ولا يتعارض ذلك مع المبدأ القائل بعدم تملك حقوق عينية على المال العام - لأن محل البحث هو وجود الصفة العامة أو عدم وجودها وليس الأمر خاصًا بوجود حق عيني على المال العام لأن زوال الصفة العامة هو ما يقتضي بحثه أولاً ثم يبحث بعد ذلك فيما إذا كان قد تقرر حق عيني على الملك الخاص أم لا.
وقد اتفق العلم والعمل على أنه إذا فقد العقار صفته العمومية أصبح من الأملاك الخاصة التي يجوز التصرف فيها (ويمكن تملكها بوضع اليد المدة الطويلة) (محاماة 10 سنة 6 صـ 865).
والأملاك الأميرية إذا لم تستمر مخصصة للمنفعة العامة يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة مثلها في ذلك مثل ما إذا كانت قد أخرجت من الملك الخاص إلى الملك العام بمقتضى قانون أو أمر (مجموعة رسمية نمرة 91 صـ 195 محاماة سنة 7 عدد 480 صـ 826).
وقد حكم في كيفية انقلاب الصفة العامة وإرجاع المال العام إلى خاص أن الفقه والقضاء توافقا على التفرقة بين الملك الميري بطبيعته والملك الميري حكمًا (يراجع ما ذكر بالحكم المنشور بمجلة المحاماة لسنة 11 صـ 38).
والملك الميري حكما الذي يصير ملكًا ميريًا بمقتضى قانون أو أمر - والأول (الطبيعي) كمجرى النهر والطرق (وهذا خطأ لأن الطرق ليست أموالاً طبيعية بل هي أموال عامة حكمًا)، وهذا النوع الأول لا حاجة به إلى إصدار قانون أو أمر.
(وهذا صحيح بالنسبة للأموال العامة الطبيعية أما أمر الطرق ولو أنها طبيعية فهي ليست في احتياج إلى إصدار أمر أو قانون لتنقلب إلى ملك خاص بل قد تنقلب إلى ملك خاص بحكم الواقع كما مر ذكره في أكثر التشريع المدني) - أما النوع الثاني كالحصون والقلاع فلا يمكن تغيير من صفة عامة إلى صفة خاصة إلا بمقتضى قانون أو أمر (وهذا صحيح لأن الاستحكامات والحصون في فرنسا صدر بشأن إدراجها في الملك العام وبشأن إخراجها من هذا الملك - صدر بشأن ذلك - قانون خاص قيل فيه أن الأملاك الحربية -……… لا تزول ولا تهدم إلا بمقتضى قانون).
(يراجع الحكم المعلق عليه السابق الإشارة إليه بمجلة المحاماة السنة 11 صحيفة 38).

بحث ملحق في الصفة العامة التي للطرق العمومية

وإتمامًا للدراسة السابق إيضاحها عن التشريع والقضاء من المحاكم المصرية يجب الإشارة إلى ما قضت به محكمة النقض المصرية في هذا الموضوع.
وفي الدعوى رقم (16) لسنة 3 قضائية بالحكم الصادر في 7 ديسمبر سنة 1933 كانت الحكومة قد باعت بمقتضى حجة شرعية بتاريخ 8 إبريل سنة 1886 إلى أحد الأفراد أرضًا على جملة مساحات محددة فيما بينها بطرق لم يشملها البيع فرفعت الحكومة دعوى لأن المشتري اغتصب هذه الطرق وأقام عليها جملة مبانٍ فرفع المجلس المحلي دعوى تثبيت ملكية للقدر المغتصب وإزالة هذه المباني في ظرف مدة معينة وإلا تجري الحكومة إزالتها بمصاريف ترجع بها على المغتصب فقضت المحكمة الابتدائية بالطلبات فاستأنف المغتصب الحكم بالاستئناف رقم (1130) سنة 45 قضائية، وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بإلغاء الحكم المستأنف بعد أن ندبت خبيرًا لأداء الأعمال المبينة بأسباب الحكم التمهيدي.
فطعنت النيابة وبنت طعنها على أن المحكمة الاستئنافية أخطأت في تطبيق القانون لأن الطرق العامة لا تتحول إلى خاصة بمجرد الترك abandon وأنها لا تزول صفتها العامة بفعل الغصب.
وأما محكمة الاستئناف الأهلية فقد قررت في أسباب حكمها:
1 - أن ورود الطرق في حجة المشتري من الحكومة لا يدل في ذاته على تخصيص هذه الطرق للمنفعة العامة بل يجب أن تكون قد خصصت هذه الطرق فعلاً للمنفعة العامة بمرور الأهالي عليها وأن يستمر هذا التخصيص بعد شراء المدعي فإذا أهملت الحكومة هذه الطرق ولم تستعملها للمرور ولم تلاحظها ولم تمنع تعدي الغير عليها زالت عنها الصفة العامة وأصبحت من الأملاك الخاصة التي يجوز تملكها بمضي المدة واستندت في هذا إلى ما جاء بالفقرة (11) من المادة (9)، والمادة (10) من القانون المدني من أن الأملاك العامة تتقرر بمقتضى القانون أو الفعل وبديهي أن الترك وعدم الاستعمال يقلبانها من عامة إلى خاصة، ولكن محكمة النقض رأت أن الحكم المنقوض قد تأثر بأقوال شراح وأحكام المحاكم في فرنسا مع أن نظام القانون المدني في مصر يختلف اختلافًا كليًا عن نظام القانون المدني الفرنسي.
والمادة (538) فرنسي لما نصت عن الطرق اعتبرت الطرق والشوارع والحارات التي على نفقة الحكومة à la charge de l’Etat - فكانت هذه العبارة مدعاة للتفسير وللتأويل وأخيرًا أجمع الشراح في فرنسا على أن الطريق يجب أن يكون مخصصًا لمنفعة الجمهور - وأن يكون مطروقًا بصفة عامة - ومستمرة وأن يكون موضع عناية الحكومة من حيث التعبيد والإنارة وغرس الأشجار وإلا اعتبر أنه ليست له صفة الأملاك العامة وجاز تملكه بوضع اليد ومضي المدة الطويلة المكسبة للملكية - وقد جرى قضاء المحاكم المختلطة على ما جرى به القضاء في فرنسا لأن نصوص القانون المدني المختلط في هذا الموضوع مقتضية كما مر ذكره.
أما في القانون الأهلي فقد تفادى الغموض وقرر بصراحة أنه يعتبر من الأملاك العامة المشروحة شرحًا وافيًا في المادة (9) ما يأتي (يعتبر من الأملاك العامة الطرق والشوارع والقناطر والحواري التي ليست ملكًا لبعض أفراد الناس)، ثم خشى المشرع أن يكون قد فاته ذكر نوع من الأنواع فختم الفقرة (11) من المادة (9) بالقول (كافة الأموال الأميرية المنقولة والثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بالقانون)، وإذن الطرق العمومية مهما كانت عناية الحكومة ومهما كان عدم العناية بها فإن الفارق في كون الطريق عموميًا أم خاصًا هو معرفة ما إذا كان للطريق مالك أم لا - ففي الحالة الأولى لا يكون الطريق عموميًا إلا إذا قامت الحكومة بإثبات أنها تملكته وأنها قامت بجميع الإجراءات التي يفرضها القانون بقانون نزع الملكية للمنفعة العمومية - وأما في الحالة الثانية فيعتبر خاصًا إذا كان له مالك.
وبهذا يمكن الاستنتاج من أن الفقرة (11) مادة (9) بالقول من أن الأموال العامة ستخصص بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر لا ينصب على جميع ما ذكر صراحةً في المادة (9)، ولا يتقرر الطريق العمومي بمقتضى الفعل - وليس ثمة شرط الصرف عدا الطريق.
ومتى ثبت أن الطريق ملك للحكومة فلا يمكن زوال الصفة العامة عنه إلا بمقتضى قانون أو أمر.
وبما أن المدعي الملكية قد أقر أن هذه الطرق كانت من ضمن أملاك الحكومة الخصوصية قبل إنشائها - وبما أنه لا ينازع الحكومة في إنشاء هذه الطرق وهو وجودها وقت الشراء فلا يمكنه أن يدعي ملكيتها بوضع اليد مهما طالت المدة لأنها أملاك عامة.
عبد العزيز سليمان
القاضي بمحكمة إسكندرية الأهلية



[(1)] الجزء الثامن عاشر Carpentier - Répertoire صـ 17، وما بعدها Domaine Public

أموال الدولة العامة والخاصة

مجلة المحاماة - العدد الثالث
السنة العشرون سنة 1939

بحث في أموال الدولة العامة والخاصة
بحث عام وتطور تاريخي
لحضرة الأستاذ عبد العزيز سليمان القاضي بالمحاكم الأهلية

كانت فكرة الأموال العامة في مبدأ أمرها غير معروفة ولما رأى رئيس الدولة أن يحكم اختص بنفسه بملكية كل ما يراه صالحًا لخدمة ملكه وللإدارة الخاصة بعرشه، ولم يكن معروفًا وقتئذٍ من الملكيات الرئيسية إلا أموال الملك وأملاك التاج - ولما غزا الغزاة الدولة اختص الفاتحون أنفسهم كلاً منهم بجزء عظيم من الأملاك والبلاد التي كانوا يفتحونها - فكان يتبع إدارة هذه الأملاك كافة ما هو مخصص الآن للمنفعة العامة ولم تكن هذه الأموال كما هي الآن غير قابلة للتصرف بل تناولها التصرف والتقسيم وآلت من يد إلى يد إما بطريق الإقطاعات أو بطريق الميراث أو بطريق الهبات والوصايا لأشراف الدولة وكبار حكامها وأمرائها، وفي كل ذلك كان من الطبيعي أن تفقد هذه الأموال صفة ما خصص منها للمنفعة العامة وأن لا يستفيد منها الجمهور الذي تمثله الحكومة، ولكن الأمر تطور إلى إصدار الأوامر والقوانين التي تدور بين منع الهبات والإقطاعيات طورًا وبين تحديد التصرفات في حين آخر، وفي فرنسا بالذات فكرة تطور ووجود الأموال العامة هي فكرة عامة في فرنسا بالذات صدر أول قانون هو قانون MOULIN في فبراير سنة 1566 فمنع التصرف في أموال التاج المخصصة للمنفعة العامة وجعلها غير قابلة للتملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة (بند (7) من المرجع الموضح أدناه [(1)]) اللهم إلا في بعض أحوال استثناها القانون وأباح فيها التصرف والتملك بند (10)، وأخيرًا ظهرت فكرة الأموال العامة إلى الوجود بمعناها الحديث وهي تخصيصها للمنفعة العامة على أن تديرها وتستغلها الحكومة أو الدولة التي تمثل الأفراد والجماعات.

طبيعة وصفة الأموال العامة

وأول ما يتبادر إلى الذهن هي أن هذه الأموال هي كل ما يستعمله ويستفيد منه الجمهور PUBLIC وبما أنها للشعب والكافة فلا يمكن أن تكون للفرد الذي يجب أن تفني مصلحته أمام مصلحة المجموع بند (36)، وقد أخذت هذه الأموال تسميتها من الغرض الذي أعد لها أما لأنها خضعت للخدمة العامة وإما لأن حمايتها وإدارتها بيد القوة العامة تحميها من الاعتداء عليها لصالح الهيئة الاجتماعية ولمصلحة الناس سواء أكانوا وطنيين أم أجانب ما دام للجميع حق الاستفادة منها ومن الخدمات التي تؤديها بند (27)، وينتج من هذا أن الحكومة ما هي إلى سلطة عليها واجب حماية هذه الأموال لتؤيد للناس حق تمتعهم جميعًا بهذه الأموال وليس لها حق الملكية في الأموال العامة لأن الحكومة انتدبت لحراسة الناس وحراسة أموالهم المشتركة ذات الفائدة العامة ولحماية ملحقات هذه الأموال les dépendances - وهذه الملحقات شأنها شأن الأموال التي التحقت بها لا تقبل التصرف أيضًا حتى ولو كان التصرف حاصلاً من الحكومة نفسها اللهم إلا إذا كان هذا التصرف بأمر أو قانون بند (39)، ولكن هذا لا يمنع من أن تؤجر وتستولي على ريع الأمكنة العامة لتضيف الحكومة المتحصل من الريع إلى الخزينة العامة كما يحصل عند تأجير بعض الأملاك العامة، وكما يحدث في تأجير الشواطئ Les plages للذين يريدون أن يروحوا عن أنفسهم في نظير أجر بسيط قد يستخدم في المصلحة العامة بند (40) و(41).
وأن من أهم صفات الأموال العامة:
أولاً: هو عدم قابليتها للتصرف.
ثانيًا: وعدم قابليتها لوضع اليد عليها وتملكها بمضي المدة الطويلة.
ثالثًا: ولا يمكن رفع دعاوى اليد بالنسبة إليها من الأفراد ضد الحكومة ولكن للحكومة أن ترفع دعاوى اليد عنها ضد الأفراد.
رابعًا: عدم إمكان تقرير حقوق عينية عليها بارتفاق أو خلافه.
خامسًا: وعدم رفع أحد الأفراد دعوى متعلقة بتملكها أمام المحاكم المدنية إذا ثبتت صفتها العامة.
1 - صفة عدم التصرف فيها:
وفكرة عدم إمكان التصرف في الأموال العامة جاءت من القول بأن كل ما هو قابل للاتجار يمكن التصرف فيه وكل ما لا يقبل الاتجار لا يمكن التصرف فيه - وبما أن الأموال العامة لا يمكن الاتجار فيها لأنها خصصت لخدمة كافة الناس فلهذا يكون التصرف فيها غير متفق مع الغرض الأسمى الذي أعدت له - ويجب أن لا يغيب عن البال أن الأموال العامة وإن كانت تقارب بعض الشيء فيما تحتويه الدنيا من النور والهواء وقد أعدها الله سبحانه وتعالى لفائدة الخلق كافة إلا أنها على كل حال قد نتجت من تفكير الإنسان ووضعه لقانون وضعي يمكن تغييره وتعديله أما النور والهواء فهما من الأشياء الثابتة في الكون لا تتغير وليس للإنسان عليها حول ولا سلطة بند (43) - وينتج من ذلك أن السلطة التي في مقدورها أن تحدد هذه الأموال ذات المنفعة العامة في استطاعتها أن تضعها في حيز التداول الخاص بند (44) ولطالما يستمر تخصيصها للمنفعة العامة فهي إذن وملحقاتها أملاك عامة (م(541) فرنسي، وبند (45) من المرجع السابق)، وإذا زالت هذه الصفة العامة فهي أملاك خاصة - وتطبيقًا لهذا المبدأ فقد حكم أن محلات العبادة (كالمساجد في مصر) أو الكنائس (في فرنسا) المعدة للعبادة لا يمكن أن تكون محلاً للارتفاق عليها ما دامت صفتها العامة لم تفقد بند (46) و(47)، ولا يعتبر تصرفًا يخل بالمنفعة العامة إذا تصرفت الدولة في الملك العام من غرض عام إلى غرض عام ومن مصلحة عامة إلى مصلحة عامة بند (49) les concessions وتصرف الحكومة إلى بعض الأفراد بإعطائهم امتياز الملاحة في قناة لا يعطيهم حق التملك بل هذا يعتبر امتيازًا للملاحة للحصول لأنفسهم على أجر من الجمهور، ولا يعتبر مثل هذه القناة ولا شواطئها ملكًا خاصًا بند (50) و(51)، والأشخاص الذين أعطى لهم هذا الامتياز Concessions بالصيد وإقامة المعامل على الشواطئ ليس لهم الحق أن يأخذوا شيئًا من أتربة هذه الشواطئ (53) و(54)، ومثل هذا الامتياز يعتبر مؤقتًا ويمكن سحبه وإلغاؤه إذ أضر بمجموع الكافة، ووفقًا لهذا حكم بأن حق الممتاز الذي له وبمقتضاه أن يأخذ ماء من fontaine public ما هو إلا حق مؤقت يمكن سحبه إذا أضر هذا بالسكان وبمبانيهم مهما طالت مدة الامتياز، وأن التعدي على الطرق العامة مهما كان قد حصل من مدة طويلة ومهما حصل التسامح فيه من جانب الحكومة فإنه لا يمكن ملكيته لمضي المدة الطويلة ولا يمكن أن يكون هذا الاعتداء محلاً لحق مكتسب لهؤلاء الذين ارتكبوه مهما طالت مدة التعدي بند (57)، ومهما حصل من بيع الأملاك العامة للأفراد فهو بيع باطل، وإذا كان هذا البيع نتيجة خطأ أو إهمال من رجال السلطة الإدارية فكل ما للمشتري والحائز هو تعويض يطلبه بند (58) و(59).
2 - عدم قابلية الأموال العامة للملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة:
لا يجوز تملك الأموال العامة بوضع اليد بمضي المدة الطويلة ومثال ذلك محلات العبادة وملحقاتها فإنها لا تملك بهذه الكيفية بند (72)، وكذلك لا يمكن تملك الطرق بوضع اليد عليها ولا الأموال الأثرية بند (75) و(28)، ولكن إذا زال استعمال الأحوال العامة زالت صفة عدم إمكان تملكها بمضي المدة الطويلة بند (81)، ولقد صار البحث في ماهية وطبيعة عدم استعمال non usage المؤدي إلى زوال الصفة العامة، فقيل هل يكفي عدم الاستعمال نفسه لإيقاف تخصيص المال للمنفعة العامة أم لا ؟ أم أنه يجب صدور أمر من الجهة المختصة بإيقاف هذا التخصيص ؟ فأجيب على ذلك وعلى هذه المسألة بالذات بأنه إذا كان القانون الوضعي نفسه يمكن إزالته وتعديله باتباع عرف معين فلماذا لا تزول الصفة العامة عن الأموال العامة بعدم استعمالها وعدم رعايتها من الحكومة…. بند (82) أما كيف يكون تقدير عدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة وكيف يكون الوصول إلى معرفة الدليل والمعيار الذي يقلب الأموال العامة إلى خاصة بزوال صفتها وعدم استعمالها فقد قيل ما يأتي:
أولاً: حكم بأن دليل تغيير غرض هذه الأملاك العامة يمكن أن ينتج من الحيازة الطويلة التي لا يمكن تذكرها بإثبات التعدي على ملك الحكومة وسكوتها على ذلك واستنتاج رضائها بند (83).
ثانيًا: قيل أن المشرع لم يضع نصوصًا خاصة (خصوصًا في مصر) بانقلاب الأموال العامة إلى خاصة déclassement وخصوصًا فيما يختص بالطرق العامة والميادين والبوابات ولهذا يجب الاحتراس من الاستنتاج بأن عدم الاستعمال يؤدي إلى نية نقل الأموال العامة إلى خاصة إذ قد ينتج عدم الاستعمال من إهمال مراقبة الموظفين فلا يدل هذا على نية الحكومة في التنازل عن الصفة العامة بند (84).
ثالثًا: وقرر أيضًا أنه يجب صدور الأوامر لإخراج الأموال العامة من حيزها إلى حيز الأموال العامة بند (90) (أن هذا الرأي عسير تطبيقه بالنسبة للأموال العامة التي نشأت من غير قانون، وقد يفهم تطبيقه ويكون معقولاً لو أن الأموال العامة تقررت بقانون إذن لأمكن تركها بقانون ولكن الأصح أنه قد يمكن انقلابها من عام إلى خاص بحسب الأمر الواقع والفعل).
رابعًا: ويرى Mr de Récy بأن الأموال العامة إذا مر عليها زمن طويل فزالت وتهدم أثرها فإن فكرة عدم تملكها بمضي المدة تزول بزوال معالمها بند (91).
خامسًا: وقيل أيضًا بأن صفة المنفعة العامة تزول بتملك المال بوضع اليد بمضي المدة الطويلة إذا زالت الصفة العامة إما:
( أ ) بصدور قانون.
(ب) وإما بوجود ظروف ظاهرة واضحة (clairs) تبيح الاعتقاد بتنازل الحكومة عن الصفة العامة لأموالها بشرط أن لا يكون هناك أي غموض في استنتاج التنازل عن هذه الصفة (لكون أن الحكومة لم تستعمل المال العام لإهمال موظفيها الإداريين) بند (9).
وقد قرر Proud hon تطبيقًا لهذا المبدأ أن الطريق العام إذا لم يقف عدم استعماله إطلاقًا (بأن كان يستعمل في فترات متقطعة)، فإنه لا يمكن استنتاج التنازل وتغيير الصفة العامة إذا بدل من جوانبه بواسطة تعد من مجاوريه، وعندئذٍ لا يمكن تملك المناطق والأجزاء المتعدي عليها بمضي المدة الطويلة بند (94).
3 - الصفة التي تخول للأفراد:
- رفع دعاوى اليد على الأموال العامة ضد الحكومة:
قد مر ذكر ذلك ولكن هذا لا يمنع الحكومة من أن تدعي وضع يدها على هذه الأموال برفع دعاوى اليد ضد الأفراد.
4 - الصفة الرابعة:
ولا يمكن تقرير حقوق عينية على الأموال العامة أو تقرير حقوق ارتفاق عليها اللهم إلا إذا كانت هذه الارتفاقات قد تقررت وقت إنشاء تلك الأموال، كأن يبيع شخص للحكومة أعيانًا تقررها للمنفعة العامة ويشترط عليها تقرير حق الارتفاق بنود (103) و(104) و(105).

أنواع الأموال العامة

الأموال العامة إما طبيعية naturels وإما أن تحتاج في إنشائها إلى عمل الفرد artificiel والأموال الطبيعية هي الأملاك البحرية بند (108)، وشاطئ البحر والأملاك النهرية بند (131)، والأنهر ذات الملاحة أو ليس فيها ملاحة وتعتبر من الأملاك العامة وأذرع الأنهر والنهيرات.
والأملاك غير طبيعية، وهي الطرق العامة وملحقاتها كالبوابات والميادين والأرصفة والنباتات التي تنمو على جوانب الطرق، والتماثيل، وشواطئ الأنهر، والمين (يراجع من أول بند (145) وما بعده)، والأملاك الحربية كالاستحكامات والحصون والمباني العامة، والمنقولات المخصصة للمنفعة العمومية.

كيفية إدارة الأموال العامة

1 - أن السلطات المخولة لها هذه الإدارة (صـ 26 من أول بند (182) إلى بند (214)) لا يهم التشريع المصري بحثها وكل وزارة لها الإدارة فيما يخصها من الأملاك العامة المتعلقة بها.
2 - (أما تكوين الأملاك العامة Sa constitutnon artificielle
فلأجل أن يكون المال ملكًا للحكومة أو الدولة يجب أن يقوم الدليل على أن الحكومة تملكه لغرض المنفعة العامة بند (215)، وتطبيقًا لهذا المبدأ قرر ما يأتي:
أولاً: ممكن للحكومة أن تدعي قبل الغير التملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة مهما كان للغير من حق بشرط أن تثبت الحكومة بحكم الواقع أن المال خصص للمنفعة العامة بند (216).
ثانيًا: ولكن مسيو دي récy قرر أنه يجب التفرقة بين دعوى وضع اليد التي ترفعها الحكومة على الأفراد ادعاءً منها أن المال خصص للمنفعة العمومية بوضع اليد المدة الكافية، وبين دعوى الملكية استنادًا على وضع اليد بمضي المدة الطويلة، غير أن هذه التفرقة لا سند لها والواقع أن ثبوت الصفة العامة هو أهم ما يجب ملاحظته بند (217).
ثالثًا: قيل أيضًا إنه يوجد لتكوين الملك العام غير ما مر ذكره من الوسائل وسائل أخرى تؤدي لتملك الحكومة تخصيصًا للمنفعة العمومية ومن هذه الوسائل طريق التملك بالتصرف إلى الحكومة من الأفراد بعوض أو بغير عوض وبالشراء الاختياري أو الجبري وبالمبادلة والهبات وبميراث من لا وارث له، أو بنزع الملكية للمنفعة العامة بند (218).

تحديد الأموال العامة
délimitation

استقر الفقه والقضاء على أن السلطة الإدارية هي المختصة بالاعتراف وبتحديد الأملاك العامة فيما بين نفسها وفيما بينها وبين الأملاك الخاصة سواء أكانت للحكومة أو للأفراد - ومرجع التحديد هو قانون خاص صادر في 22 ديسمبر سنة 1789م ، وبمقتضاه إذا حصل نزاع في تحديد الملك الخاص أو العام يجب الالتجاء إلى رجال السلطة الإدارية للتحديد قبل الفصل في النزاع القضائي بند (240)، ويكون حصول هذا التحديد طبقًا للنصوص المنصوص عليها في القانون ولا يكون مطلقًا بالطريق الودي بين الهيئة التنفيذية وبين الأفراد المجاورين للملك العام، بند (241)، والتحديد ليس طريقًا موصلاً للتملك العام - إنما هو تقرير لحالة حاصلة وثابتة بالفعل - ولو أنه مقرر لإثبات المنفعة العامة إلا أنه ليس له أثر رجعي ولا أثر له في المستقبل بل أثره في يوم تقريره فقط وقد يتغير التحديد في المستقبل وقد يكون في الماضي خلال ما أنشئ عليه الآن بند (243) - وهذا التحديد ذاته ليس نزعًا للملكية يترتب عليه التعويض بل الغرض منه تحديد الحد الفاصل بين الأملاك العامة والأملاك الخاصة - ومع ذلك فقد حكمت محكمة النقض الفرنسية بأنه يمكن تعويض أصحاب الأملاك المجاورة إذا ترتب على هذا التحديد نعد على أملاكهم بند (246) - أما مجلس الدولة conseil d’état - هذا فقد أباح إلى الأفراد الحق في الالتجاء للطعن في الأمر الإداري الخاص بالتحديد بطلب تعويض أمام مجلس الدولة وهو المختص دون غيره بمنح التعويض بند (347)، وبقرار صادر في 11 يناير سنة 1873 فصلت محكمة المنازعات في الاختلاف في هذا الرأي بأن أعطت الأمر الإداري صبغته الإدارية مع منع المحاكم من تفسيره أو إلغائه وأعطت المحاكم الحق في أن تمنح الأفراد التعويض إذا اعتدى على أملاكهم أثناء التحديد بند (248)، ويمكن للأفراد فقط أما الالتجاء للسلطة الإدارية لتعديل خط التحديد وإما لمجلس الدولة لإلغاء خط التحديد بند (251) - أما السلطة القضائية وظيفتها محصورة إما بإعادة ما اعتدى عليه من الملك إذا ثبت أن المعتدى عليه ليس له الصفة العامة ومملوك لأصحاب الأملاك المجاورة وإما بإعطاء تعويض مقابل لهذا الاعتداء بند (253).

(التخصيص من الملك الخاص إلى الملك العام Classement )

التخصيص للملك العام من الملك الخاص هو الأمر الذي يصدر بإدراج classement العقار أو المنقول من الملك الخاص إلى الملك العام بند (343) - وهذا الأمر لا ضرورة له بالنسبة للأملاك العامة بطبيعتها لأنها بذاتها موسومة بصفة المنفعة العامة ومع ذلك فتخصيص الأنهر لبعض المنافع العامة وتخصيص مناطق الصيد في البحار قد صدر به قانون 10 يوليه سنة 1835 - أما كون أن النهر صالح للملاحة أو غير صالح فقد يثبت إما بقانون أو بتقرير الواقع بلا حاجة إلى أمر أو قانون بند (346).
أما الأموال التي ليست طبيعية وترجع لعمل الإنسان كالقنوات والطرق والملحقات الطرق (كالميادين والبوابات - والأرصفة - والنباتات التي على الطرق والتماثيل) والطرق الحديدية والاستحكامات والحصون وأبنية الحكومة والجبانات ومحلات العبادة ففي أمرها تفصيل.
أما الطرق العامة وملحقات الطرق فليس هناك ضرورة لإصدار أمر أو قانون لتخصيصها للمنفعة العمومية وهذا ما قضى به مجلس الدولة في فرنسا بند (349) - وأهم ما يجب مراعاته هو ثبوت صفة المنفعة العامة بشكل حقيقي - وليس هناك ما يمنع من إصدار قانون ويكون صدوره عندئذٍ تقريرًا للواقع وإثباتًا للحقيقة ولتنظيم هذا الواقع وتلك الحقيقة بند (350).
أما الاستحكامات والحصون والميادين الحربية والأراضي الحربية فلا يمكن أن تعتبر من الأملاك العامة إلا بصدور قانون يدرجها في حيز الأملاك العمومية وقد صدر بشأنها قانون 10 يوليو سنة 1851 - كما أن مثل هذه الأموال لا تزول ولا تهدم ولا يقضي على صفتها العامة إلا برأي لجنة الدفاع الوطني وبمقتضى قانون يصدر بذلك بند (352).

طرق التصرف في الملك العام

والمقصود بالتصرف هنا ليس البيع ولا الرهن لأن هذا ممنوع لطبيعة تلك الأموال وعدم قابليتها للتصرف إنما التصرف فيها إما أن يكون بطريق déclassement بقلبها من الملك العام إلى ملك خاص - وإما بمنح امتيازات خاصة للأفراد Concesions بند (360).
وأما عن منح الامتيازات الخاصة فهذا يقتضي بيان هذا الامتياز ويُقصد به أنه عقد خاص بمعناه الإداري وغرضه منح شخص معين حق التمتع بجزء من الملك العام وتكون الحكومة قد قامت في تصرفها بالعقد وقتئذٍ لا كأحد الأفراد ولكن يكون قيامها في العقد وقتئذٍ كحارس على المصلحة العامة ونائب عن كافة الجمهور بند (361)، وتطبيقًا لهذا المبدأ يكون الامتياز مؤقتًا مهما طالت مدته كاستقرار الأفراد على شاطئ البحر - وكامتياز مد أنابيب الغاز والكهرباء والمياه في ملك الحكومة - وكامتياز مد أشرطة الترام وامتياز الأشغال المؤقت Stationement وهذا لا يمنع من أن يكون الامتياز على ملك الحكومة الخاصة.
وتوجد في فرنسا امتيازات عديدة تمنح للأفراد ودراستها لا تهم إلا بالقدر السالف ذكره بند (367).

عن إيقاف تخصيص الأملاك العامة وقلبها من عامة إلى خاصة
déclassement

فقد يكون ذلك إما بقانون يغير صفتها العامة وإما من الواقع الذي يثبت منه عدم الاستعمال من (أول بند (432) صـ 40)، وقد مرت دراسة عدم الاستعمال وبيان الأداة التي يفهم منها أن عدم الاستعمال مؤدٍ إلى قلب الأملاك العامة إلى خاصة.
وتتبع نفس قواعد الـ déclassement عن التفرقة بين أنواع الأموال كما سبق بيانه في تخصيص الأموال من خاص إلى عام بند (433).
وزوال الصفة العامة فيما يختص بالأملاك الحربية لا يكون إلا بقانون وكذلك تقليل عرض الطرق الحربية بند (436).
أما زوال الصفة العامة الذي ينتج من الواقع والفعل فقد يكون من زوال عمل الملك العام زوالاً تامًا كتهدم القنطرة وانهيار الأثر - وجفاف القناة الطويل - وزوال معالم الطريق بند (437).
وعدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة يعادل تمامًا صدور قانون بزوال الصفة العامة بند (438)، ومسألة عدم الاستعمال non usage والترك القطعي abandon définitif هي من المسائل الواقعية التي يمكن حلها وفقًا للظروف بند (44)، ودليل تغيير الغرض العام الذي أعدت له الأملاك العمومية (كحالة الطريق العمومي) لا يمكن أن يثبت إلا بوضع يد الأفراد من مدة طويلة لا يمكن تذكرها والرجوع إليها بند (441).
وطبقت محكمة النقض الفرنسية القاعدة السالفة الذكر بأن قالت إن دليل تغيير الصفة العامة لا يمكن أن يستنتج (فيما يختص بطول الطريق وعرضه) ووضع اليد على جزء منه إلا من وضع اليد الذي لا يمكن تذكره (م 442).
وقد صدر قانون في 24 مايو سنة 1842 عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير نافع إلا للمرور المحلي والقروي - أو عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير معدٍ للمنفعة فقضت المادة الأولى منه أنه في الحالة التي تكون فيها أجزاء الطريق portions قد تركت بعدم الاستعمال العام فإن هذه الأجزاء من الطرق يمكن إعادتها إلى المنفعة العامة بناءً على طلب وموافقة المجلس العامة والمجالس البلدية على أن إدراجها بعد تركها لا يكون إلا بأمر ملكي بند (444).
وفي 10 أغسطس سنة 1871 أصبح الأمر فيما يختص بإدراج هذه الطرق بعد تركها ضروريًا بواسطة اجتماع كل المجلس لا جمعيته العمومية - ولا ضرورة لأمر ملكي.
ولا يكون الأمر إلا لإخراج هذا الطريق من منفعته العمومية إلى المنفعة الخاصة إذا ثبت بطريق يقيني أنه عام بند (446).
وإذا تحولت الطرق العامة إلى ملك خاص فهل إذا باعتها الحكومة يكون البيع لمصلحة الحكومة نفسها أو لمصلحة المجالس البلدية والقروية بند (450) قرر مجلس الدولة أن مال هذا البيع يكون للمجلس المحلي.

إجارات الأملاك العامة

الأصل أن الأموال العامة لا يمكن التعامل فيها ولكن ذلك ليس معناه عدم إمكان إعطاء حقوق بالمنفعة لآخرين على أن يكون الغرض من هذا الانتفاع للمستأجر انتفاع الجمهور أيضًا بند (466).
ومع ذلك فقد قضى من محكمة النقض ومجلس الدولة بأنه غير ممكن للإدارة أن تمنح امتيازات على الأملاك العامة (نقض 7 يوليه سنة 1869)، وبعد هذا الحكم الذي صدر في سنة 1869 صدر قانون في 20 ديسمبر سنة 1872 ذكر بالمادة (2) منه (أنه مصرح للحكومة بالحصول على أجرة الأشغال المؤقت occupation أو بالحصول على الأجرة الناشئة عن تأجير الشواطئ وتأجير كل ملحقات الأملاك العامة البحرية) - ثم صدر قانون في 29 يوليه سنة 881 طبق وشمل أجرة كل أشغال ووضع يد مؤقت أو محلي - كما شمل التصريح للحكومة بالحصول على أجرة كل ما هو متحصل من الأملاك العامة بطبيعتها كحق الصيد في الأنهر بند (467) فأصبحت قانونية الحصول على إيجار هذه الأملاك أمرًا لا شك فيه واستقر الفقه والقضاء على ذلك بند (468)، وهذه الامتيازات سواء أكانت إجارة bail أو إشغالاً مؤقتًا Stationnement - هذه الامتيازات - تقترب في شبهها من عقد الإيجار من وجهة أنها تعطي للممنوح له هذه الامتيازات حق التمتع jouissance على شرط أن يدفع الأجر rédevance المقابل لهذا التمتع في نظير أن يتمتع الكافة من هذا الامتياز لفائدة تعود على الناس جميعًا - غير أن هذا لا يمنع بأي حال من الأحوال فكرة توقيت هذه الامتيازات précarité فيمكن إلغاؤها في أي وقت للمصلحة العامة إذا كان وجودها يضر المرور العام Circulation générale بند (469).
وهذه الامتيازات ولو أنها عقود ثنائية إلا أنها أوامر إدارية يمكن إلغاؤها والعدول عنها - ولا يمكن إلغاء أوامر العدول عنها أمام السلطة القضائية إذ أنه ليس في استطاعتها أن تغير ما تجريه جهة الإدارة في هذا الشأن بند (471).

الأملاك الخاصة

1 - هي كل ما تملكه الحكومة كالأفراد (يمكنها التصرف فيه بند (546) صـ 48) والأملاك الخاصة يدخل فيها في فرنسا:
1/ أملاك التاج (بخلاف في مصر فإن القصور الملكية من الأملاك العامة) وأملاك التاج كما عرفها العلامة شوبان chopin هي كل ما أعد لأن يصرف منه على مائدة الملك وحشمه وتوابعه وكل ما أعد لأن يكون مشرفًا لصيانة الملك والعرش وكراهته بند (549).
2 - ويدخل من ضمن الأملاك الخاصة ما يطلق عليه اسم الأملاك الغير عادية بند (590) وهي أملاك الهبات - وأملاك الغزو والفتح.
3 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الـ dotations:
1/ أو هي الأملاك التي تمنح من الحكومة إلى الضباط وأولادهم الذكور إذا قتلوا في ميدان الحرب - وهي خلاف المعاشات لأنها لا تنتقل إلا من الأولاد الذكور إلى أولادهم ولا تنتهي إلا بانتهاء الخلف وانقطاع الذرية - وأما المعاشات فتنتهي بانتهاء الجيل الثاني seconde géneration - وهبات الحكومة هذه لضباطها وأولادهم مقررة محدودة في بعض مناطق فرنسا - في أورليان - وفي جهة القنال دي ميدي.
4 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الغابات - وملحقات الأملاك العامة التي أدرجت ضمن الأملاك الخاصة - والوصايا للحكومة - وما ترثه ممن لا وارث له - والهبات التي تمنح للحكومة والأملاك الخالية التي لا مالك لها Yacants.

إدارة الأملاك الخاصة

تكون إدارتها والتصرف فيها بالبيع الاختياري - أو بالمزاد العلني - ويجوز البيع إذا كان الطريق قد زالت صفته العامة déclassée - ويجوز التصرف في الأموال بطريق المبادلة.
وللمجاورين للطرق Rivérains الحق في الأخذ بالشفعة عن الأجزاء من الطرق (بند (885) صـ 66) المتروكة والتي زالت صفتها العامة وفقًا لقانون 20 مايو سنة 1836 بالمادة الرابعة التي تلزم الحكومة بأن تتنازل عن هذه الأجزاء بشروط خاصة.
وقد قررت المادة السالفة الذكر ما يأتي:
(أجزاء الأرض المخلفة عن طرق قديمة غير مطروقة أصلاً - أو أجزاء الطرق التي أصبحت عديمة الفائدة - إما لتعديل مجرى الطريق - وإما لتغيير فتحته - هذا الأجزاء - يمكن بيعها للملاك المجاورين على شرط أن يعتمد ذلك من وزير المالية وشرط هذا القانون واضح وهو عدم الاستعمال المطلق المؤدي إلى زوال الصفة العامة (يراجع في معنى عدم الاستعمال الذي يزيل الصفة العامة ما سبق ذكره من الشروط التي تزيل الصفة العامة).

التشريع في مصر

أما في مصر فالقانون المختلط قد وصفت الأموال العامة في المادتين (25) و(26) منه وصفًا غير كافٍ إذ قرر أن أملاك الأميري كالاستحكامات والمواني لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد (م 25)، وأن الأشياء المعدة للمنافع العامة كالطرق والقناطر ونحو ذلك لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد.
وجاء القضاء المختلط في أحكامه مقررًا أن أموال الحكومة لا يحجز عليها - وأن الأشياء المنقولة ملحقة بالأموال العامة إذا تخصصت للمنفعة العامة (بوريلي بك صـ 66 - 67).
أما القانون الأهلي فالمادتان (9) و(10) مدني منه قد تكفلتا ببيان ما هو من الأموال العامة على سبيل البيان إلى أن نص في المادة (10) (بأنه يعتبر من الأملاك العامة كافة الأموال الأميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر).
ثم قرر القانون أيضًا في المادة التاسعة عدم جواز تملكها بمضي المدة الطويلة وعدم إمكان التصرف فيها اللهم إلا إذا كان التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر.

بحث في الطرق العامة

ومن بين ما نصت عليه المادة التاسعة الطرق والشوارع وهذه الممرات إذا كانت غير مملوكة لفرد من الأفراد اعتبرت عامة بوجه عام سواء أكانت ببلد يسري عليه قانون التنظيم الصادر في 8 ديسمبر سنة 1889 أو لا يسري - ومسألة الصفة العامة للطرق العامة مرجعها تخصيص الطرق نفسه لمنفعة الجمهور - فإذا كان الفرد يستعمله لمنفعته الخاصة اعتبر مملوكًا ملكًا خاصًا رغم مرور الناس عليه لأن المرور فيه عندئذٍ يعتبر من قبيل التسامح - إلا إذا راعته الحكومة بالرش والكنس والرصف واهتمت به وأهمله صاحبة المدة المكسبة للملكية بالتقادم الطويل وعندئذٍ يصبح عامًا - فكأن الحكومة نفسها تكسب الملكية العامة بالتقادم من الملكية الخاصة ولكن لا تسمح للأفراد بالتملك بمضي المدة على الأملاك العامة.
والأصل في الطريق العام أن يكون مطروقًا - ولو يستعمله الناس في فترات متقطعة - والقرينة المفروضة بالنسبة إليه هو أن الطريق ملك عام (وعلى من يدعي صفته الخاصة إثبات ذلك بكافة أوجه الإثبات) - ولا يهتم بعدم وجود قرار من الحكومة بانقلاب الطريق إلى ملك خاص - لأن انقلاب الأملاك العامة إلى خاصة قد يرجع إلى الواقع أو القانون (م. أ).
وقد حكم بأنه لا يشترط وجود إجراءات التنظيم لاعتبار الشارع عموميًا (بند (839) من مرجع القضاء)، وقد حكم بأنه إذا ترتب على تعديل خط التنظيم تحويل شارع من جهة إلى أخرى تنتقل أرض الشارع القديم من ملك الدولة العام إلى الملك الخاص فإذا ترتب على تعديل خط التنظيم إلغاء شارع أو جزء من شارع فإنه يصبح ملكًا خاصًا للحكومة باعتباره من زوائد التنظيم - ويتحول من الملك العام إلى الملك الخاص فيجوز للحكومة أن تتصرف فيه - ويكتسب للأفراد بمضي المدة.
أما عن الأرض الأثرية فقد حكم أنه لا تعتبر الأرض أثرية إلا إذا صدر قرار من السلطة المختصة بإدراجها بالكشف الملحق بقرار وزارة الأشغال الصادر في 7 ديسمبر سنة 1909 - وأن الحجارة والأتربة لا تعتبر من المنافع العامة إلا بعد صيرورتها ملكًا للحكومة وبعد وضعها في محلات الآثار حيث تكون المحاكم الأهلية غير مختصة بالفصل في أصل ملكيتها (بند (841) مرجع القضاء) - وهذا المبدأ أقررته المادة السادسة من القانون الصادر في سنة 1912 الذي وضح به أن الأرض الأثرية هي المقررة فعلاً أو التي ستقرر بمقتضى قرار من السلطة المختصة - وفي هذا قرر أن اعتبار الأرض أثرية هو أمر متعلق بقرار يصدر من وزارة الأشغال وعلى ذلك لا يفيد القول بأن القطعة المتنازع عليها بين الجمهور - والحكومة معينة ومرسومة بخريطة فك الزمام وأن مصلحة الآثار قد أدرجتها في بياناتها ورسومها ولا يقيد ذلك إلا صدور القرار الصادر من الجهة المختصة بعد إدراجها بالكشف الملحق.
1 - الترع والجسور:
صدر بشأنها حكم من محكمة النقض المصرية في 4/ 2/ 1937 بالمجموعة الرسمية السنة 38 صـ 272 رقم (107) قيل فيه إن شرط بقاء الملك العام أن تكون الحكومة دائبة على وضع يدها عليه مظهرة سلطتها فترك الحكومة ترعة أو جزءًا من ترعة حصل تعديل مجراها يعد في ذاته نقلاً لهذه الترعة أو لهذا الجزء من الأملاك العامة إلى الأملاك الخاصة التي يجوز فيها التملك بمضي المدة الطويلة - وقد رجع هذا الحكم إلى الـ Pandectes صحيفة 243 - نبذة 1376 - 24 ت ب تحت كلمة Domaine public وإلى أن كثيرًا من الشراح يرون أن الأموال العامة التي لا تقبل التصرف بسبب تخصيصها للمنفعة العامة تكون خاصة إذا وقف وزال هذا التخصيص (يراجع أيضًا أحكام استئناف مصر 2 - 1 - 1907 لسنة 8/ 11/ 110 واستئناف مصر 9/ 4/ 1930 - 11/ 1/ 20).
وقد حكمت محكمة النقض فيما يختص بثبوت الصفة العامة وعدمها بالنسبة للترع والجسور حكمًا في 14 إبريل سنة 1938 السنة 19 عدد 1 صـ 48 رقم (47) ذكر فيه:
( أ ) أن المحاكم الأهلية ممنوعة من نظر الدعاوى المتعلقة بالأموال الأميرية العامة من وجهة طلب الملكية المدعى بها من الأفراد ضد الحكومة وفقًا للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية إذا خصصت هذه الأموال للمنفعة العامة:
أولاً: بالرغم من أنه يتبين أن ملكية الأفراد لهذه الأعيان ثابتة لم تزل عنهم سبب من الأسباب القانونية.
وثانيًا: بالرغم من أن الحكومة لم تتبع طريقًا رسميًا لنقلها للمنفعة العامة (وهذا معقول لأن الملكية العامة قد تتقرر من الملكية الخاصة إما بالقانون وإما بالواقع وإذا تقررت بالواقع فلا حاجة لإجراء رسمي).
(ب) وقرر هذا الحكم مبدأ هامًا هو أن ثبوت الصفة العامة للأعيان العامة هو أمر جوهري وأساس لمنع المحاكم من سماع الدعوى المتعلقة بها من حيث الملكية - فإن كانت الصفة العامة محل نزاع فإن المحاكم تملك البحث في ثبوت هذه الصفة أو عدم ثبوتها ثم تبني حكمها على نتيجة هذا البحث.
(ج) وقررت أيضًا أن كون ترعة عمومية أو غير عمومية هو وصف قانوني حددت لائحة الترع والجسور معناه فمن واجب المحكمة الرجوع إلى هذه اللائحة والأخذ بها في إثبات هذه الصفة وليس بكافٍ ولا يعتبر الاعتماد على تقرير الخبير وحده المبني على خريطة فك الزمام.
وقد حكم أيضًا بالنسبة للمصارف - أن المصرف الذي يصرف لبلاد متعددة يكون عموميًا بشرط أن تصرف عليه وزارة الأشغال، وبشرط أن يكون مندرجًا في جدول وزارة الأشغال (بند (844) مرجع القضاء) وقيل بأن حرم الترعة وجوانبها المنصوص عليه بالمادة (9) لا يكون ملكًا خاصًا - ولا يصح الادعاء بأن الترعة بغير حرم ارتكانًا على أن في الحرم مبانٍ للغير لأن تلك المباني إما أن تكون قد حصلت بطريق التعدي وأما أن تكون الحكومة قد أباحتها من طريق التسامح بند (845) من المرجع السابق.
وقد حكم بأن الجبانات تعتبر من المنافع العامة وملكًا عامًا حتى ولو منعت الحكومة الناس من الدفن فيها بل تبقى هذه الصفة ما دامت الحكومة لم تقرر إعادتها للأملاك الخاصة بأمر (وهذا الحكم لا يتفق مع الرأي بأن الأموال تتغير إما بقانون أو بالواقع من خاصة إلى عامة والعكس جائز (وهذا الحكم منشور بالبند (858) من مرجع القضاء).
وهي تبقى كذلك جبانات ما دامت حافظة لمعالمها غير قابلة للتملك بمضي المدة حتى ولو - أوقف الدفق فيها مدة طويلة والعبرة بزوال الصفة العامة وهي لا تزول إلا بزوال المعالم.
ومن المفهوم بداهة أن المنافع العامة تزول بالترك فإذا تركت الحكومة عقارًا من أملاكها العامة ولم تعد معتبرة جزءًا من تلك الأموال بفقد ذلك العقار صفته ويصبح جزءًا من أملاكها الخاصة التي يجوز التصرف فيه وتملكه بمضي المدة بند (861) - المرجع السابق ولا حق للحكومة في هدم المباني التي تشاد على أرض جبانة لإقامة زائري المقابر بشرط أن لا تحول تلك المباني إلى مساكن مستديمة بند (864).
والجوامع - يمكن أن يكتسب بمضي المدة حق المطل على كل مسجد لا تكون الحكومة قائمة بإدارته أو بالصرف عليه - والمسجد الموقوف والمخصص للعبادة الذي تقوم به الحكومة لا يمكن اكتساب حق المطل عليه ولا يتملك بمضي المدة.
والأملاك العامة من المسلم أنها ني التي تملكها الدولة وللحكومة عليها حق استغلالها وإدارتها والإشراف عليها - ولها حق نقلها إلى أملاك خاصة والتصرف في الملك الخاص - وإذا كانت عامة فهي لا يتصرف فيها - ولا يحجز عليها - ولا تملك بوضع اليد المدة الطويلة - ولا ترفع الدعوى بشأن ملكيتها أمام المحاكم المدنية.
والتفرقة بينهما ليست قديمة بل هي من عمل رجال الفقه الفرنسي ولم يرد نص لا في الفرنسي ولا في المصري في بيان الأداة المميزة للتفرقة بينهما.
وقد اختلف الشراح في بيان هذه الأداة فقال هوريو أن الصفة العامة التي تفرق بينهما هي الوقف والرصد والوجود - وقال Domat أن الأملاك العامة هي ما كانت بحسب طبيعتها وذاتها لا يمكن أن تملك بمضي المدة - ورأى كولان وكابيتان صـ 708 هي أن تكون هذه الأموال لأجل أن تسبغ عليها الصفة العامة - في خدمة المجموع - والواقع أن هذه التعاريف لا تغني عن وجود النص الصريح.
وحق الحكومة على الملك العام لا يأتي من أنها تملك ملكًا خاصًا إنما يأتي من أن الكافة وجمهور الناس هم الملاك للمنفعة العامة وليس للحكومة إلا حق الإشراف والإدارة وعليها جباية هذه الأموال العامة وحفظها وما دام أن الحكومة لا تملكها ملكًا خاصًا فهي لا تستطيع التصرف فيها بالبيع أو بالرهن - إنما لها حق الاستغلال فيجوز لها تأجيرها وضم الإيجار إلى ملك الحكومة.
وتتقرر الملكية العامة من خاصة إلى عامة بمقتضى النص بالمادة (10) إما بفعل الواقع أو بفعل القانون وإما تقرير القانون فالأمر واضح وإما تقريرها بفعل الواقع فمضمونه أن الحكومة تملك الأملاك الخاصة وتقرر عليها المنفعة العامة وتتملكها بمضي المدة الطويلة وتقرير الملك الخاص من عام إلى خاص فيكون بزوال الصفة العامة، وما دام أن القانون يقرر أن اكتساب الملك العام يكون القانون أو الواقع فالعكس صحيح أيضًا أي أن الملك العامة يزول بزوال الصفة العامة وعندئذٍ يترتب للفرد حقوق خاصة على هذا المال ولا يتعارض ذلك مع المبدأ القائل بعدم تملك حقوق عينية على المال العام - لأن محل البحث هو وجود الصفة العامة أو عدم وجودها وليس الأمر خاصًا بوجود حق عيني على المال العام لأن زوال الصفة العامة هو ما يقتضي بحثه أولاً ثم يبحث بعد ذلك فيما إذا كان قد تقرر حق عيني على الملك الخاص أم لا.
وقد اتفق العلم والعمل على أنه إذا فقد العقار صفته العمومية أصبح من الأملاك الخاصة التي يجوز التصرف فيها (ويمكن تملكها بوضع اليد المدة الطويلة) (محاماة 10 سنة 6 صـ 865).
والأملاك الأميرية إذا لم تستمر مخصصة للمنفعة العامة يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة مثلها في ذلك مثل ما إذا كانت قد أخرجت من الملك الخاص إلى الملك العام بمقتضى قانون أو أمر (مجموعة رسمية نمرة 91 صـ 195 محاماة سنة 7 عدد 480 صـ 826).
وقد حكم في كيفية انقلاب الصفة العامة وإرجاع المال العام إلى خاص أن الفقه والقضاء توافقا على التفرقة بين الملك الميري بطبيعته والملك الميري حكمًا (يراجع ما ذكر بالحكم المنشور بمجلة المحاماة لسنة 11 صـ 38).
والملك الميري حكما الذي يصير ملكًا ميريًا بمقتضى قانون أو أمر - والأول (الطبيعي) كمجرى النهر والطرق (وهذا خطأ لأن الطرق ليست أموالاً طبيعية بل هي أموال عامة حكمًا)، وهذا النوع الأول لا حاجة به إلى إصدار قانون أو أمر.
(وهذا صحيح بالنسبة للأموال العامة الطبيعية أما أمر الطرق ولو أنها طبيعية فهي ليست في احتياج إلى إصدار أمر أو قانون لتنقلب إلى ملك خاص بل قد تنقلب إلى ملك خاص بحكم الواقع كما مر ذكره في أكثر التشريع المدني) - أما النوع الثاني كالحصون والقلاع فلا يمكن تغيير من صفة عامة إلى صفة خاصة إلا بمقتضى قانون أو أمر (وهذا صحيح لأن الاستحكامات والحصون في فرنسا صدر بشأن إدراجها في الملك العام وبشأن إخراجها من هذا الملك - صدر بشأن ذلك - قانون خاص قيل فيه أن الأملاك الحربية -……… لا تزول ولا تهدم إلا بمقتضى قانون).
(يراجع الحكم المعلق عليه السابق الإشارة إليه بمجلة المحاماة السنة 11 صحيفة 38).

بحث ملحق في الصفة العامة التي للطرق العمومية

وإتمامًا للدراسة السابق إيضاحها عن التشريع والقضاء من المحاكم المصرية يجب الإشارة إلى ما قضت به محكمة النقض المصرية في هذا الموضوع.
وفي الدعوى رقم (16) لسنة 3 قضائية بالحكم الصادر في 7 ديسمبر سنة 1933 كانت الحكومة قد باعت بمقتضى حجة شرعية بتاريخ 8 إبريل سنة 1886 إلى أحد الأفراد أرضًا على جملة مساحات محددة فيما بينها بطرق لم يشملها البيع فرفعت الحكومة دعوى لأن المشتري اغتصب هذه الطرق وأقام عليها جملة مبانٍ فرفع المجلس المحلي دعوى تثبيت ملكية للقدر المغتصب وإزالة هذه المباني في ظرف مدة معينة وإلا تجري الحكومة إزالتها بمصاريف ترجع بها على المغتصب فقضت المحكمة الابتدائية بالطلبات فاستأنف المغتصب الحكم بالاستئناف رقم (1130) سنة 45 قضائية، وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بإلغاء الحكم المستأنف بعد أن ندبت خبيرًا لأداء الأعمال المبينة بأسباب الحكم التمهيدي.
فطعنت النيابة وبنت طعنها على أن المحكمة الاستئنافية أخطأت في تطبيق القانون لأن الطرق العامة لا تتحول إلى خاصة بمجرد الترك abandon وأنها لا تزول صفتها العامة بفعل الغصب.
وأما محكمة الاستئناف الأهلية فقد قررت في أسباب حكمها:
1 - أن ورود الطرق في حجة المشتري من الحكومة لا يدل في ذاته على تخصيص هذه الطرق للمنفعة العامة بل يجب أن تكون قد خصصت هذه الطرق فعلاً للمنفعة العامة بمرور الأهالي عليها وأن يستمر هذا التخصيص بعد شراء المدعي فإذا أهملت الحكومة هذه الطرق ولم تستعملها للمرور ولم تلاحظها ولم تمنع تعدي الغير عليها زالت عنها الصفة العامة وأصبحت من الأملاك الخاصة التي يجوز تملكها بمضي المدة واستندت في هذا إلى ما جاء بالفقرة (11) من المادة (9)، والمادة (10) من القانون المدني من أن الأملاك العامة تتقرر بمقتضى القانون أو الفعل وبديهي أن الترك وعدم الاستعمال يقلبانها من عامة إلى خاصة، ولكن محكمة النقض رأت أن الحكم المنقوض قد تأثر بأقوال شراح وأحكام المحاكم في فرنسا مع أن نظام القانون المدني في مصر يختلف اختلافًا كليًا عن نظام القانون المدني الفرنسي.
والمادة (538) فرنسي لما نصت عن الطرق اعتبرت الطرق والشوارع والحارات التي على نفقة الحكومة à la charge de l’Etat - فكانت هذه العبارة مدعاة للتفسير وللتأويل وأخيرًا أجمع الشراح في فرنسا على أن الطريق يجب أن يكون مخصصًا لمنفعة الجمهور - وأن يكون مطروقًا بصفة عامة - ومستمرة وأن يكون موضع عناية الحكومة من حيث التعبيد والإنارة وغرس الأشجار وإلا اعتبر أنه ليست له صفة الأملاك العامة وجاز تملكه بوضع اليد ومضي المدة الطويلة المكسبة للملكية - وقد جرى قضاء المحاكم المختلطة على ما جرى به القضاء في فرنسا لأن نصوص القانون المدني المختلط في هذا الموضوع مقتضية كما مر ذكره.
أما في القانون الأهلي فقد تفادى الغموض وقرر بصراحة أنه يعتبر من الأملاك العامة المشروحة شرحًا وافيًا في المادة (9) ما يأتي (يعتبر من الأملاك العامة الطرق والشوارع والقناطر والحواري التي ليست ملكًا لبعض أفراد الناس)، ثم خشى المشرع أن يكون قد فاته ذكر نوع من الأنواع فختم الفقرة (11) من المادة (9) بالقول (كافة الأموال الأميرية المنقولة والثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بالقانون)، وإذن الطرق العمومية مهما كانت عناية الحكومة ومهما كان عدم العناية بها فإن الفارق في كون الطريق عموميًا أم خاصًا هو معرفة ما إذا كان للطريق مالك أم لا - ففي الحالة الأولى لا يكون الطريق عموميًا إلا إذا قامت الحكومة بإثبات أنها تملكته وأنها قامت بجميع الإجراءات التي يفرضها القانون بقانون نزع الملكية للمنفعة العمومية - وأما في الحالة الثانية فيعتبر خاصًا إذا كان له مالك.
وبهذا يمكن الاستنتاج من أن الفقرة (11) مادة (9) بالقول من أن الأموال العامة ستخصص بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر لا ينصب على جميع ما ذكر صراحةً في المادة (9)، ولا يتقرر الطريق العمومي بمقتضى الفعل - وليس ثمة شرط الصرف عدا الطريق.
ومتى ثبت أن الطريق ملك للحكومة فلا يمكن زوال الصفة العامة عنه إلا بمقتضى قانون أو أمر.
وبما أن المدعي الملكية قد أقر أن هذه الطرق كانت من ضمن أملاك الحكومة الخصوصية قبل إنشائها - وبما أنه لا ينازع الحكومة في إنشاء هذه الطرق وهو وجودها وقت الشراء فلا يمكنه أن يدعي ملكيتها بوضع اليد مهما طالت المدة لأنها أملاك عامة.
عبد العزيز سليمان
القاضي بمحكمة إسكندرية الأهلية



[(1)] الجزء الثامن عاشر Carpentier - Répertoire صـ 17، وما بعدها Domaine Public

أموال الدولة العامة والخاصة

مجلة المحاماة - العدد الثالث
السنة العشرون سنة 1939

بحث في أموال الدولة العامة والخاصة
بحث عام وتطور تاريخي
لحضرة الأستاذ عبد العزيز سليمان القاضي بالمحاكم الأهلية

كانت فكرة الأموال العامة في مبدأ أمرها غير معروفة ولما رأى رئيس الدولة أن يحكم اختص بنفسه بملكية كل ما يراه صالحًا لخدمة ملكه وللإدارة الخاصة بعرشه، ولم يكن معروفًا وقتئذٍ من الملكيات الرئيسية إلا أموال الملك وأملاك التاج - ولما غزا الغزاة الدولة اختص الفاتحون أنفسهم كلاً منهم بجزء عظيم من الأملاك والبلاد التي كانوا يفتحونها - فكان يتبع إدارة هذه الأملاك كافة ما هو مخصص الآن للمنفعة العامة ولم تكن هذه الأموال كما هي الآن غير قابلة للتصرف بل تناولها التصرف والتقسيم وآلت من يد إلى يد إما بطريق الإقطاعات أو بطريق الميراث أو بطريق الهبات والوصايا لأشراف الدولة وكبار حكامها وأمرائها، وفي كل ذلك كان من الطبيعي أن تفقد هذه الأموال صفة ما خصص منها للمنفعة العامة وأن لا يستفيد منها الجمهور الذي تمثله الحكومة، ولكن الأمر تطور إلى إصدار الأوامر والقوانين التي تدور بين منع الهبات والإقطاعيات طورًا وبين تحديد التصرفات في حين آخر، وفي فرنسا بالذات فكرة تطور ووجود الأموال العامة هي فكرة عامة في فرنسا بالذات صدر أول قانون هو قانون MOULIN في فبراير سنة 1566 فمنع التصرف في أموال التاج المخصصة للمنفعة العامة وجعلها غير قابلة للتملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة (بند (7) من المرجع الموضح أدناه [(1)]) اللهم إلا في بعض أحوال استثناها القانون وأباح فيها التصرف والتملك بند (10)، وأخيرًا ظهرت فكرة الأموال العامة إلى الوجود بمعناها الحديث وهي تخصيصها للمنفعة العامة على أن تديرها وتستغلها الحكومة أو الدولة التي تمثل الأفراد والجماعات.

طبيعة وصفة الأموال العامة

وأول ما يتبادر إلى الذهن هي أن هذه الأموال هي كل ما يستعمله ويستفيد منه الجمهور PUBLIC وبما أنها للشعب والكافة فلا يمكن أن تكون للفرد الذي يجب أن تفني مصلحته أمام مصلحة المجموع بند (36)، وقد أخذت هذه الأموال تسميتها من الغرض الذي أعد لها أما لأنها خضعت للخدمة العامة وإما لأن حمايتها وإدارتها بيد القوة العامة تحميها من الاعتداء عليها لصالح الهيئة الاجتماعية ولمصلحة الناس سواء أكانوا وطنيين أم أجانب ما دام للجميع حق الاستفادة منها ومن الخدمات التي تؤديها بند (27)، وينتج من هذا أن الحكومة ما هي إلى سلطة عليها واجب حماية هذه الأموال لتؤيد للناس حق تمتعهم جميعًا بهذه الأموال وليس لها حق الملكية في الأموال العامة لأن الحكومة انتدبت لحراسة الناس وحراسة أموالهم المشتركة ذات الفائدة العامة ولحماية ملحقات هذه الأموال les dépendances - وهذه الملحقات شأنها شأن الأموال التي التحقت بها لا تقبل التصرف أيضًا حتى ولو كان التصرف حاصلاً من الحكومة نفسها اللهم إلا إذا كان هذا التصرف بأمر أو قانون بند (39)، ولكن هذا لا يمنع من أن تؤجر وتستولي على ريع الأمكنة العامة لتضيف الحكومة المتحصل من الريع إلى الخزينة العامة كما يحصل عند تأجير بعض الأملاك العامة، وكما يحدث في تأجير الشواطئ Les plages للذين يريدون أن يروحوا عن أنفسهم في نظير أجر بسيط قد يستخدم في المصلحة العامة بند (40) و(41).
وأن من أهم صفات الأموال العامة:
أولاً: هو عدم قابليتها للتصرف.
ثانيًا: وعدم قابليتها لوضع اليد عليها وتملكها بمضي المدة الطويلة.
ثالثًا: ولا يمكن رفع دعاوى اليد بالنسبة إليها من الأفراد ضد الحكومة ولكن للحكومة أن ترفع دعاوى اليد عنها ضد الأفراد.
رابعًا: عدم إمكان تقرير حقوق عينية عليها بارتفاق أو خلافه.
خامسًا: وعدم رفع أحد الأفراد دعوى متعلقة بتملكها أمام المحاكم المدنية إذا ثبتت صفتها العامة.
1 - صفة عدم التصرف فيها:
وفكرة عدم إمكان التصرف في الأموال العامة جاءت من القول بأن كل ما هو قابل للاتجار يمكن التصرف فيه وكل ما لا يقبل الاتجار لا يمكن التصرف فيه - وبما أن الأموال العامة لا يمكن الاتجار فيها لأنها خصصت لخدمة كافة الناس فلهذا يكون التصرف فيها غير متفق مع الغرض الأسمى الذي أعدت له - ويجب أن لا يغيب عن البال أن الأموال العامة وإن كانت تقارب بعض الشيء فيما تحتويه الدنيا من النور والهواء وقد أعدها الله سبحانه وتعالى لفائدة الخلق كافة إلا أنها على كل حال قد نتجت من تفكير الإنسان ووضعه لقانون وضعي يمكن تغييره وتعديله أما النور والهواء فهما من الأشياء الثابتة في الكون لا تتغير وليس للإنسان عليها حول ولا سلطة بند (43) - وينتج من ذلك أن السلطة التي في مقدورها أن تحدد هذه الأموال ذات المنفعة العامة في استطاعتها أن تضعها في حيز التداول الخاص بند (44) ولطالما يستمر تخصيصها للمنفعة العامة فهي إذن وملحقاتها أملاك عامة (م(541) فرنسي، وبند (45) من المرجع السابق)، وإذا زالت هذه الصفة العامة فهي أملاك خاصة - وتطبيقًا لهذا المبدأ فقد حكم أن محلات العبادة (كالمساجد في مصر) أو الكنائس (في فرنسا) المعدة للعبادة لا يمكن أن تكون محلاً للارتفاق عليها ما دامت صفتها العامة لم تفقد بند (46) و(47)، ولا يعتبر تصرفًا يخل بالمنفعة العامة إذا تصرفت الدولة في الملك العام من غرض عام إلى غرض عام ومن مصلحة عامة إلى مصلحة عامة بند (49) les concessions وتصرف الحكومة إلى بعض الأفراد بإعطائهم امتياز الملاحة في قناة لا يعطيهم حق التملك بل هذا يعتبر امتيازًا للملاحة للحصول لأنفسهم على أجر من الجمهور، ولا يعتبر مثل هذه القناة ولا شواطئها ملكًا خاصًا بند (50) و(51)، والأشخاص الذين أعطى لهم هذا الامتياز Concessions بالصيد وإقامة المعامل على الشواطئ ليس لهم الحق أن يأخذوا شيئًا من أتربة هذه الشواطئ (53) و(54)، ومثل هذا الامتياز يعتبر مؤقتًا ويمكن سحبه وإلغاؤه إذ أضر بمجموع الكافة، ووفقًا لهذا حكم بأن حق الممتاز الذي له وبمقتضاه أن يأخذ ماء من fontaine public ما هو إلا حق مؤقت يمكن سحبه إذا أضر هذا بالسكان وبمبانيهم مهما طالت مدة الامتياز، وأن التعدي على الطرق العامة مهما كان قد حصل من مدة طويلة ومهما حصل التسامح فيه من جانب الحكومة فإنه لا يمكن ملكيته لمضي المدة الطويلة ولا يمكن أن يكون هذا الاعتداء محلاً لحق مكتسب لهؤلاء الذين ارتكبوه مهما طالت مدة التعدي بند (57)، ومهما حصل من بيع الأملاك العامة للأفراد فهو بيع باطل، وإذا كان هذا البيع نتيجة خطأ أو إهمال من رجال السلطة الإدارية فكل ما للمشتري والحائز هو تعويض يطلبه بند (58) و(59).
2 - عدم قابلية الأموال العامة للملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة:
لا يجوز تملك الأموال العامة بوضع اليد بمضي المدة الطويلة ومثال ذلك محلات العبادة وملحقاتها فإنها لا تملك بهذه الكيفية بند (72)، وكذلك لا يمكن تملك الطرق بوضع اليد عليها ولا الأموال الأثرية بند (75) و(28)، ولكن إذا زال استعمال الأحوال العامة زالت صفة عدم إمكان تملكها بمضي المدة الطويلة بند (81)، ولقد صار البحث في ماهية وطبيعة عدم استعمال non usage المؤدي إلى زوال الصفة العامة، فقيل هل يكفي عدم الاستعمال نفسه لإيقاف تخصيص المال للمنفعة العامة أم لا ؟ أم أنه يجب صدور أمر من الجهة المختصة بإيقاف هذا التخصيص ؟ فأجيب على ذلك وعلى هذه المسألة بالذات بأنه إذا كان القانون الوضعي نفسه يمكن إزالته وتعديله باتباع عرف معين فلماذا لا تزول الصفة العامة عن الأموال العامة بعدم استعمالها وعدم رعايتها من الحكومة…. بند (82) أما كيف يكون تقدير عدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة وكيف يكون الوصول إلى معرفة الدليل والمعيار الذي يقلب الأموال العامة إلى خاصة بزوال صفتها وعدم استعمالها فقد قيل ما يأتي:
أولاً: حكم بأن دليل تغيير غرض هذه الأملاك العامة يمكن أن ينتج من الحيازة الطويلة التي لا يمكن تذكرها بإثبات التعدي على ملك الحكومة وسكوتها على ذلك واستنتاج رضائها بند (83).
ثانيًا: قيل أن المشرع لم يضع نصوصًا خاصة (خصوصًا في مصر) بانقلاب الأموال العامة إلى خاصة déclassement وخصوصًا فيما يختص بالطرق العامة والميادين والبوابات ولهذا يجب الاحتراس من الاستنتاج بأن عدم الاستعمال يؤدي إلى نية نقل الأموال العامة إلى خاصة إذ قد ينتج عدم الاستعمال من إهمال مراقبة الموظفين فلا يدل هذا على نية الحكومة في التنازل عن الصفة العامة بند (84).
ثالثًا: وقرر أيضًا أنه يجب صدور الأوامر لإخراج الأموال العامة من حيزها إلى حيز الأموال العامة بند (90) (أن هذا الرأي عسير تطبيقه بالنسبة للأموال العامة التي نشأت من غير قانون، وقد يفهم تطبيقه ويكون معقولاً لو أن الأموال العامة تقررت بقانون إذن لأمكن تركها بقانون ولكن الأصح أنه قد يمكن انقلابها من عام إلى خاص بحسب الأمر الواقع والفعل).
رابعًا: ويرى Mr de Récy بأن الأموال العامة إذا مر عليها زمن طويل فزالت وتهدم أثرها فإن فكرة عدم تملكها بمضي المدة تزول بزوال معالمها بند (91).
خامسًا: وقيل أيضًا بأن صفة المنفعة العامة تزول بتملك المال بوضع اليد بمضي المدة الطويلة إذا زالت الصفة العامة إما:
( أ ) بصدور قانون.
(ب) وإما بوجود ظروف ظاهرة واضحة (clairs) تبيح الاعتقاد بتنازل الحكومة عن الصفة العامة لأموالها بشرط أن لا يكون هناك أي غموض في استنتاج التنازل عن هذه الصفة (لكون أن الحكومة لم تستعمل المال العام لإهمال موظفيها الإداريين) بند (9).
وقد قرر Proud hon تطبيقًا لهذا المبدأ أن الطريق العام إذا لم يقف عدم استعماله إطلاقًا (بأن كان يستعمل في فترات متقطعة)، فإنه لا يمكن استنتاج التنازل وتغيير الصفة العامة إذا بدل من جوانبه بواسطة تعد من مجاوريه، وعندئذٍ لا يمكن تملك المناطق والأجزاء المتعدي عليها بمضي المدة الطويلة بند (94).
3 - الصفة التي تخول للأفراد:
- رفع دعاوى اليد على الأموال العامة ضد الحكومة:
قد مر ذكر ذلك ولكن هذا لا يمنع الحكومة من أن تدعي وضع يدها على هذه الأموال برفع دعاوى اليد ضد الأفراد.
4 - الصفة الرابعة:
ولا يمكن تقرير حقوق عينية على الأموال العامة أو تقرير حقوق ارتفاق عليها اللهم إلا إذا كانت هذه الارتفاقات قد تقررت وقت إنشاء تلك الأموال، كأن يبيع شخص للحكومة أعيانًا تقررها للمنفعة العامة ويشترط عليها تقرير حق الارتفاق بنود (103) و(104) و(105).

أنواع الأموال العامة

الأموال العامة إما طبيعية naturels وإما أن تحتاج في إنشائها إلى عمل الفرد artificiel والأموال الطبيعية هي الأملاك البحرية بند (108)، وشاطئ البحر والأملاك النهرية بند (131)، والأنهر ذات الملاحة أو ليس فيها ملاحة وتعتبر من الأملاك العامة وأذرع الأنهر والنهيرات.
والأملاك غير طبيعية، وهي الطرق العامة وملحقاتها كالبوابات والميادين والأرصفة والنباتات التي تنمو على جوانب الطرق، والتماثيل، وشواطئ الأنهر، والمين (يراجع من أول بند (145) وما بعده)، والأملاك الحربية كالاستحكامات والحصون والمباني العامة، والمنقولات المخصصة للمنفعة العمومية.

كيفية إدارة الأموال العامة

1 - أن السلطات المخولة لها هذه الإدارة (صـ 26 من أول بند (182) إلى بند (214)) لا يهم التشريع المصري بحثها وكل وزارة لها الإدارة فيما يخصها من الأملاك العامة المتعلقة بها.
2 - (أما تكوين الأملاك العامة Sa constitutnon artificielle
فلأجل أن يكون المال ملكًا للحكومة أو الدولة يجب أن يقوم الدليل على أن الحكومة تملكه لغرض المنفعة العامة بند (215)، وتطبيقًا لهذا المبدأ قرر ما يأتي:
أولاً: ممكن للحكومة أن تدعي قبل الغير التملك بوضع اليد بمضي المدة الطويلة مهما كان للغير من حق بشرط أن تثبت الحكومة بحكم الواقع أن المال خصص للمنفعة العامة بند (216).
ثانيًا: ولكن مسيو دي récy قرر أنه يجب التفرقة بين دعوى وضع اليد التي ترفعها الحكومة على الأفراد ادعاءً منها أن المال خصص للمنفعة العمومية بوضع اليد المدة الكافية، وبين دعوى الملكية استنادًا على وضع اليد بمضي المدة الطويلة، غير أن هذه التفرقة لا سند لها والواقع أن ثبوت الصفة العامة هو أهم ما يجب ملاحظته بند (217).
ثالثًا: قيل أيضًا إنه يوجد لتكوين الملك العام غير ما مر ذكره من الوسائل وسائل أخرى تؤدي لتملك الحكومة تخصيصًا للمنفعة العمومية ومن هذه الوسائل طريق التملك بالتصرف إلى الحكومة من الأفراد بعوض أو بغير عوض وبالشراء الاختياري أو الجبري وبالمبادلة والهبات وبميراث من لا وارث له، أو بنزع الملكية للمنفعة العامة بند (218).

تحديد الأموال العامة
délimitation

استقر الفقه والقضاء على أن السلطة الإدارية هي المختصة بالاعتراف وبتحديد الأملاك العامة فيما بين نفسها وفيما بينها وبين الأملاك الخاصة سواء أكانت للحكومة أو للأفراد - ومرجع التحديد هو قانون خاص صادر في 22 ديسمبر سنة 1789م ، وبمقتضاه إذا حصل نزاع في تحديد الملك الخاص أو العام يجب الالتجاء إلى رجال السلطة الإدارية للتحديد قبل الفصل في النزاع القضائي بند (240)، ويكون حصول هذا التحديد طبقًا للنصوص المنصوص عليها في القانون ولا يكون مطلقًا بالطريق الودي بين الهيئة التنفيذية وبين الأفراد المجاورين للملك العام، بند (241)، والتحديد ليس طريقًا موصلاً للتملك العام - إنما هو تقرير لحالة حاصلة وثابتة بالفعل - ولو أنه مقرر لإثبات المنفعة العامة إلا أنه ليس له أثر رجعي ولا أثر له في المستقبل بل أثره في يوم تقريره فقط وقد يتغير التحديد في المستقبل وقد يكون في الماضي خلال ما أنشئ عليه الآن بند (243) - وهذا التحديد ذاته ليس نزعًا للملكية يترتب عليه التعويض بل الغرض منه تحديد الحد الفاصل بين الأملاك العامة والأملاك الخاصة - ومع ذلك فقد حكمت محكمة النقض الفرنسية بأنه يمكن تعويض أصحاب الأملاك المجاورة إذا ترتب على هذا التحديد نعد على أملاكهم بند (246) - أما مجلس الدولة conseil d’état - هذا فقد أباح إلى الأفراد الحق في الالتجاء للطعن في الأمر الإداري الخاص بالتحديد بطلب تعويض أمام مجلس الدولة وهو المختص دون غيره بمنح التعويض بند (347)، وبقرار صادر في 11 يناير سنة 1873 فصلت محكمة المنازعات في الاختلاف في هذا الرأي بأن أعطت الأمر الإداري صبغته الإدارية مع منع المحاكم من تفسيره أو إلغائه وأعطت المحاكم الحق في أن تمنح الأفراد التعويض إذا اعتدى على أملاكهم أثناء التحديد بند (248)، ويمكن للأفراد فقط أما الالتجاء للسلطة الإدارية لتعديل خط التحديد وإما لمجلس الدولة لإلغاء خط التحديد بند (251) - أما السلطة القضائية وظيفتها محصورة إما بإعادة ما اعتدى عليه من الملك إذا ثبت أن المعتدى عليه ليس له الصفة العامة ومملوك لأصحاب الأملاك المجاورة وإما بإعطاء تعويض مقابل لهذا الاعتداء بند (253).

(التخصيص من الملك الخاص إلى الملك العام Classement )

التخصيص للملك العام من الملك الخاص هو الأمر الذي يصدر بإدراج classement العقار أو المنقول من الملك الخاص إلى الملك العام بند (343) - وهذا الأمر لا ضرورة له بالنسبة للأملاك العامة بطبيعتها لأنها بذاتها موسومة بصفة المنفعة العامة ومع ذلك فتخصيص الأنهر لبعض المنافع العامة وتخصيص مناطق الصيد في البحار قد صدر به قانون 10 يوليه سنة 1835 - أما كون أن النهر صالح للملاحة أو غير صالح فقد يثبت إما بقانون أو بتقرير الواقع بلا حاجة إلى أمر أو قانون بند (346).
أما الأموال التي ليست طبيعية وترجع لعمل الإنسان كالقنوات والطرق والملحقات الطرق (كالميادين والبوابات - والأرصفة - والنباتات التي على الطرق والتماثيل) والطرق الحديدية والاستحكامات والحصون وأبنية الحكومة والجبانات ومحلات العبادة ففي أمرها تفصيل.
أما الطرق العامة وملحقات الطرق فليس هناك ضرورة لإصدار أمر أو قانون لتخصيصها للمنفعة العمومية وهذا ما قضى به مجلس الدولة في فرنسا بند (349) - وأهم ما يجب مراعاته هو ثبوت صفة المنفعة العامة بشكل حقيقي - وليس هناك ما يمنع من إصدار قانون ويكون صدوره عندئذٍ تقريرًا للواقع وإثباتًا للحقيقة ولتنظيم هذا الواقع وتلك الحقيقة بند (350).
أما الاستحكامات والحصون والميادين الحربية والأراضي الحربية فلا يمكن أن تعتبر من الأملاك العامة إلا بصدور قانون يدرجها في حيز الأملاك العمومية وقد صدر بشأنها قانون 10 يوليو سنة 1851 - كما أن مثل هذه الأموال لا تزول ولا تهدم ولا يقضي على صفتها العامة إلا برأي لجنة الدفاع الوطني وبمقتضى قانون يصدر بذلك بند (352).

طرق التصرف في الملك العام

والمقصود بالتصرف هنا ليس البيع ولا الرهن لأن هذا ممنوع لطبيعة تلك الأموال وعدم قابليتها للتصرف إنما التصرف فيها إما أن يكون بطريق déclassement بقلبها من الملك العام إلى ملك خاص - وإما بمنح امتيازات خاصة للأفراد Concesions بند (360).
وأما عن منح الامتيازات الخاصة فهذا يقتضي بيان هذا الامتياز ويُقصد به أنه عقد خاص بمعناه الإداري وغرضه منح شخص معين حق التمتع بجزء من الملك العام وتكون الحكومة قد قامت في تصرفها بالعقد وقتئذٍ لا كأحد الأفراد ولكن يكون قيامها في العقد وقتئذٍ كحارس على المصلحة العامة ونائب عن كافة الجمهور بند (361)، وتطبيقًا لهذا المبدأ يكون الامتياز مؤقتًا مهما طالت مدته كاستقرار الأفراد على شاطئ البحر - وكامتياز مد أنابيب الغاز والكهرباء والمياه في ملك الحكومة - وكامتياز مد أشرطة الترام وامتياز الأشغال المؤقت Stationement وهذا لا يمنع من أن يكون الامتياز على ملك الحكومة الخاصة.
وتوجد في فرنسا امتيازات عديدة تمنح للأفراد ودراستها لا تهم إلا بالقدر السالف ذكره بند (367).

عن إيقاف تخصيص الأملاك العامة وقلبها من عامة إلى خاصة
déclassement

فقد يكون ذلك إما بقانون يغير صفتها العامة وإما من الواقع الذي يثبت منه عدم الاستعمال من (أول بند (432) صـ 40)، وقد مرت دراسة عدم الاستعمال وبيان الأداة التي يفهم منها أن عدم الاستعمال مؤدٍ إلى قلب الأملاك العامة إلى خاصة.
وتتبع نفس قواعد الـ déclassement عن التفرقة بين أنواع الأموال كما سبق بيانه في تخصيص الأموال من خاص إلى عام بند (433).
وزوال الصفة العامة فيما يختص بالأملاك الحربية لا يكون إلا بقانون وكذلك تقليل عرض الطرق الحربية بند (436).
أما زوال الصفة العامة الذي ينتج من الواقع والفعل فقد يكون من زوال عمل الملك العام زوالاً تامًا كتهدم القنطرة وانهيار الأثر - وجفاف القناة الطويل - وزوال معالم الطريق بند (437).
وعدم الاستعمال المؤدي إلى زوال الصفة العامة يعادل تمامًا صدور قانون بزوال الصفة العامة بند (438)، ومسألة عدم الاستعمال non usage والترك القطعي abandon définitif هي من المسائل الواقعية التي يمكن حلها وفقًا للظروف بند (44)، ودليل تغيير الغرض العام الذي أعدت له الأملاك العمومية (كحالة الطريق العمومي) لا يمكن أن يثبت إلا بوضع يد الأفراد من مدة طويلة لا يمكن تذكرها والرجوع إليها بند (441).
وطبقت محكمة النقض الفرنسية القاعدة السالفة الذكر بأن قالت إن دليل تغيير الصفة العامة لا يمكن أن يستنتج (فيما يختص بطول الطريق وعرضه) ووضع اليد على جزء منه إلا من وضع اليد الذي لا يمكن تذكره (م 442).
وقد صدر قانون في 24 مايو سنة 1842 عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير نافع إلا للمرور المحلي والقروي - أو عن الحالة التي يصبح فيها الطريق غير معدٍ للمنفعة فقضت المادة الأولى منه أنه في الحالة التي تكون فيها أجزاء الطريق portions قد تركت بعدم الاستعمال العام فإن هذه الأجزاء من الطرق يمكن إعادتها إلى المنفعة العامة بناءً على طلب وموافقة المجلس العامة والمجالس البلدية على أن إدراجها بعد تركها لا يكون إلا بأمر ملكي بند (444).
وفي 10 أغسطس سنة 1871 أصبح الأمر فيما يختص بإدراج هذه الطرق بعد تركها ضروريًا بواسطة اجتماع كل المجلس لا جمعيته العمومية - ولا ضرورة لأمر ملكي.
ولا يكون الأمر إلا لإخراج هذا الطريق من منفعته العمومية إلى المنفعة الخاصة إذا ثبت بطريق يقيني أنه عام بند (446).
وإذا تحولت الطرق العامة إلى ملك خاص فهل إذا باعتها الحكومة يكون البيع لمصلحة الحكومة نفسها أو لمصلحة المجالس البلدية والقروية بند (450) قرر مجلس الدولة أن مال هذا البيع يكون للمجلس المحلي.

إجارات الأملاك العامة

الأصل أن الأموال العامة لا يمكن التعامل فيها ولكن ذلك ليس معناه عدم إمكان إعطاء حقوق بالمنفعة لآخرين على أن يكون الغرض من هذا الانتفاع للمستأجر انتفاع الجمهور أيضًا بند (466).
ومع ذلك فقد قضى من محكمة النقض ومجلس الدولة بأنه غير ممكن للإدارة أن تمنح امتيازات على الأملاك العامة (نقض 7 يوليه سنة 1869)، وبعد هذا الحكم الذي صدر في سنة 1869 صدر قانون في 20 ديسمبر سنة 1872 ذكر بالمادة (2) منه (أنه مصرح للحكومة بالحصول على أجرة الأشغال المؤقت occupation أو بالحصول على الأجرة الناشئة عن تأجير الشواطئ وتأجير كل ملحقات الأملاك العامة البحرية) - ثم صدر قانون في 29 يوليه سنة 881 طبق وشمل أجرة كل أشغال ووضع يد مؤقت أو محلي - كما شمل التصريح للحكومة بالحصول على أجرة كل ما هو متحصل من الأملاك العامة بطبيعتها كحق الصيد في الأنهر بند (467) فأصبحت قانونية الحصول على إيجار هذه الأملاك أمرًا لا شك فيه واستقر الفقه والقضاء على ذلك بند (468)، وهذه الامتيازات سواء أكانت إجارة bail أو إشغالاً مؤقتًا Stationnement - هذه الامتيازات - تقترب في شبهها من عقد الإيجار من وجهة أنها تعطي للممنوح له هذه الامتيازات حق التمتع jouissance على شرط أن يدفع الأجر rédevance المقابل لهذا التمتع في نظير أن يتمتع الكافة من هذا الامتياز لفائدة تعود على الناس جميعًا - غير أن هذا لا يمنع بأي حال من الأحوال فكرة توقيت هذه الامتيازات précarité فيمكن إلغاؤها في أي وقت للمصلحة العامة إذا كان وجودها يضر المرور العام Circulation générale بند (469).
وهذه الامتيازات ولو أنها عقود ثنائية إلا أنها أوامر إدارية يمكن إلغاؤها والعدول عنها - ولا يمكن إلغاء أوامر العدول عنها أمام السلطة القضائية إذ أنه ليس في استطاعتها أن تغير ما تجريه جهة الإدارة في هذا الشأن بند (471).

الأملاك الخاصة

1 - هي كل ما تملكه الحكومة كالأفراد (يمكنها التصرف فيه بند (546) صـ 48) والأملاك الخاصة يدخل فيها في فرنسا:
1/ أملاك التاج (بخلاف في مصر فإن القصور الملكية من الأملاك العامة) وأملاك التاج كما عرفها العلامة شوبان chopin هي كل ما أعد لأن يصرف منه على مائدة الملك وحشمه وتوابعه وكل ما أعد لأن يكون مشرفًا لصيانة الملك والعرش وكراهته بند (549).
2 - ويدخل من ضمن الأملاك الخاصة ما يطلق عليه اسم الأملاك الغير عادية بند (590) وهي أملاك الهبات - وأملاك الغزو والفتح.
3 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الـ dotations:
1/ أو هي الأملاك التي تمنح من الحكومة إلى الضباط وأولادهم الذكور إذا قتلوا في ميدان الحرب - وهي خلاف المعاشات لأنها لا تنتقل إلا من الأولاد الذكور إلى أولادهم ولا تنتهي إلا بانتهاء الخلف وانقطاع الذرية - وأما المعاشات فتنتهي بانتهاء الجيل الثاني seconde géneration - وهبات الحكومة هذه لضباطها وأولادهم مقررة محدودة في بعض مناطق فرنسا - في أورليان - وفي جهة القنال دي ميدي.
4 - ويعتبر من الأملاك الخاصة الغابات - وملحقات الأملاك العامة التي أدرجت ضمن الأملاك الخاصة - والوصايا للحكومة - وما ترثه ممن لا وارث له - والهبات التي تمنح للحكومة والأملاك الخالية التي لا مالك لها Yacants.

إدارة الأملاك الخاصة

تكون إدارتها والتصرف فيها بالبيع الاختياري - أو بالمزاد العلني - ويجوز البيع إذا كان الطريق قد زالت صفته العامة déclassée - ويجوز التصرف في الأموال بطريق المبادلة.
وللمجاورين للطرق Rivérains الحق في الأخذ بالشفعة عن الأجزاء من الطرق (بند (885) صـ 66) المتروكة والتي زالت صفتها العامة وفقًا لقانون 20 مايو سنة 1836 بالمادة الرابعة التي تلزم الحكومة بأن تتنازل عن هذه الأجزاء بشروط خاصة.
وقد قررت المادة السالفة الذكر ما يأتي:
(أجزاء الأرض المخلفة عن طرق قديمة غير مطروقة أصلاً - أو أجزاء الطرق التي أصبحت عديمة الفائدة - إما لتعديل مجرى الطريق - وإما لتغيير فتحته - هذا الأجزاء - يمكن بيعها للملاك المجاورين على شرط أن يعتمد ذلك من وزير المالية وشرط هذا القانون واضح وهو عدم الاستعمال المطلق المؤدي إلى زوال الصفة العامة (يراجع في معنى عدم الاستعمال الذي يزيل الصفة العامة ما سبق ذكره من الشروط التي تزيل الصفة العامة).

التشريع في مصر

أما في مصر فالقانون المختلط قد وصفت الأموال العامة في المادتين (25) و(26) منه وصفًا غير كافٍ إذ قرر أن أملاك الأميري كالاستحكامات والمواني لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد (م 25)، وأن الأشياء المعدة للمنافع العامة كالطرق والقناطر ونحو ذلك لا تقبل أن تكون ملكًا لأحد.
وجاء القضاء المختلط في أحكامه مقررًا أن أموال الحكومة لا يحجز عليها - وأن الأشياء المنقولة ملحقة بالأموال العامة إذا تخصصت للمنفعة العامة (بوريلي بك صـ 66 - 67).
أما القانون الأهلي فالمادتان (9) و(10) مدني منه قد تكفلتا ببيان ما هو من الأموال العامة على سبيل البيان إلى أن نص في المادة (10) (بأنه يعتبر من الأملاك العامة كافة الأموال الأميرية المنقولة أو الثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر).
ثم قرر القانون أيضًا في المادة التاسعة عدم جواز تملكها بمضي المدة الطويلة وعدم إمكان التصرف فيها اللهم إلا إذا كان التصرف فيها بمقتضى قانون أو أمر.

بحث في الطرق العامة

ومن بين ما نصت عليه المادة التاسعة الطرق والشوارع وهذه الممرات إذا كانت غير مملوكة لفرد من الأفراد اعتبرت عامة بوجه عام سواء أكانت ببلد يسري عليه قانون التنظيم الصادر في 8 ديسمبر سنة 1889 أو لا يسري - ومسألة الصفة العامة للطرق العامة مرجعها تخصيص الطرق نفسه لمنفعة الجمهور - فإذا كان الفرد يستعمله لمنفعته الخاصة اعتبر مملوكًا ملكًا خاصًا رغم مرور الناس عليه لأن المرور فيه عندئذٍ يعتبر من قبيل التسامح - إلا إذا راعته الحكومة بالرش والكنس والرصف واهتمت به وأهمله صاحبة المدة المكسبة للملكية بالتقادم الطويل وعندئذٍ يصبح عامًا - فكأن الحكومة نفسها تكسب الملكية العامة بالتقادم من الملكية الخاصة ولكن لا تسمح للأفراد بالتملك بمضي المدة على الأملاك العامة.
والأصل في الطريق العام أن يكون مطروقًا - ولو يستعمله الناس في فترات متقطعة - والقرينة المفروضة بالنسبة إليه هو أن الطريق ملك عام (وعلى من يدعي صفته الخاصة إثبات ذلك بكافة أوجه الإثبات) - ولا يهتم بعدم وجود قرار من الحكومة بانقلاب الطريق إلى ملك خاص - لأن انقلاب الأملاك العامة إلى خاصة قد يرجع إلى الواقع أو القانون (م. أ).
وقد حكم بأنه لا يشترط وجود إجراءات التنظيم لاعتبار الشارع عموميًا (بند (839) من مرجع القضاء)، وقد حكم بأنه إذا ترتب على تعديل خط التنظيم تحويل شارع من جهة إلى أخرى تنتقل أرض الشارع القديم من ملك الدولة العام إلى الملك الخاص فإذا ترتب على تعديل خط التنظيم إلغاء شارع أو جزء من شارع فإنه يصبح ملكًا خاصًا للحكومة باعتباره من زوائد التنظيم - ويتحول من الملك العام إلى الملك الخاص فيجوز للحكومة أن تتصرف فيه - ويكتسب للأفراد بمضي المدة.
أما عن الأرض الأثرية فقد حكم أنه لا تعتبر الأرض أثرية إلا إذا صدر قرار من السلطة المختصة بإدراجها بالكشف الملحق بقرار وزارة الأشغال الصادر في 7 ديسمبر سنة 1909 - وأن الحجارة والأتربة لا تعتبر من المنافع العامة إلا بعد صيرورتها ملكًا للحكومة وبعد وضعها في محلات الآثار حيث تكون المحاكم الأهلية غير مختصة بالفصل في أصل ملكيتها (بند (841) مرجع القضاء) - وهذا المبدأ أقررته المادة السادسة من القانون الصادر في سنة 1912 الذي وضح به أن الأرض الأثرية هي المقررة فعلاً أو التي ستقرر بمقتضى قرار من السلطة المختصة - وفي هذا قرر أن اعتبار الأرض أثرية هو أمر متعلق بقرار يصدر من وزارة الأشغال وعلى ذلك لا يفيد القول بأن القطعة المتنازع عليها بين الجمهور - والحكومة معينة ومرسومة بخريطة فك الزمام وأن مصلحة الآثار قد أدرجتها في بياناتها ورسومها ولا يقيد ذلك إلا صدور القرار الصادر من الجهة المختصة بعد إدراجها بالكشف الملحق.
1 - الترع والجسور:
صدر بشأنها حكم من محكمة النقض المصرية في 4/ 2/ 1937 بالمجموعة الرسمية السنة 38 صـ 272 رقم (107) قيل فيه إن شرط بقاء الملك العام أن تكون الحكومة دائبة على وضع يدها عليه مظهرة سلطتها فترك الحكومة ترعة أو جزءًا من ترعة حصل تعديل مجراها يعد في ذاته نقلاً لهذه الترعة أو لهذا الجزء من الأملاك العامة إلى الأملاك الخاصة التي يجوز فيها التملك بمضي المدة الطويلة - وقد رجع هذا الحكم إلى الـ Pandectes صحيفة 243 - نبذة 1376 - 24 ت ب تحت كلمة Domaine public وإلى أن كثيرًا من الشراح يرون أن الأموال العامة التي لا تقبل التصرف بسبب تخصيصها للمنفعة العامة تكون خاصة إذا وقف وزال هذا التخصيص (يراجع أيضًا أحكام استئناف مصر 2 - 1 - 1907 لسنة 8/ 11/ 110 واستئناف مصر 9/ 4/ 1930 - 11/ 1/ 20).
وقد حكمت محكمة النقض فيما يختص بثبوت الصفة العامة وعدمها بالنسبة للترع والجسور حكمًا في 14 إبريل سنة 1938 السنة 19 عدد 1 صـ 48 رقم (47) ذكر فيه:
( أ ) أن المحاكم الأهلية ممنوعة من نظر الدعاوى المتعلقة بالأموال الأميرية العامة من وجهة طلب الملكية المدعى بها من الأفراد ضد الحكومة وفقًا للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية إذا خصصت هذه الأموال للمنفعة العامة:
أولاً: بالرغم من أنه يتبين أن ملكية الأفراد لهذه الأعيان ثابتة لم تزل عنهم سبب من الأسباب القانونية.
وثانيًا: بالرغم من أن الحكومة لم تتبع طريقًا رسميًا لنقلها للمنفعة العامة (وهذا معقول لأن الملكية العامة قد تتقرر من الملكية الخاصة إما بالقانون وإما بالواقع وإذا تقررت بالواقع فلا حاجة لإجراء رسمي).
(ب) وقرر هذا الحكم مبدأ هامًا هو أن ثبوت الصفة العامة للأعيان العامة هو أمر جوهري وأساس لمنع المحاكم من سماع الدعوى المتعلقة بها من حيث الملكية - فإن كانت الصفة العامة محل نزاع فإن المحاكم تملك البحث في ثبوت هذه الصفة أو عدم ثبوتها ثم تبني حكمها على نتيجة هذا البحث.
(ج) وقررت أيضًا أن كون ترعة عمومية أو غير عمومية هو وصف قانوني حددت لائحة الترع والجسور معناه فمن واجب المحكمة الرجوع إلى هذه اللائحة والأخذ بها في إثبات هذه الصفة وليس بكافٍ ولا يعتبر الاعتماد على تقرير الخبير وحده المبني على خريطة فك الزمام.
وقد حكم أيضًا بالنسبة للمصارف - أن المصرف الذي يصرف لبلاد متعددة يكون عموميًا بشرط أن تصرف عليه وزارة الأشغال، وبشرط أن يكون مندرجًا في جدول وزارة الأشغال (بند (844) مرجع القضاء) وقيل بأن حرم الترعة وجوانبها المنصوص عليه بالمادة (9) لا يكون ملكًا خاصًا - ولا يصح الادعاء بأن الترعة بغير حرم ارتكانًا على أن في الحرم مبانٍ للغير لأن تلك المباني إما أن تكون قد حصلت بطريق التعدي وأما أن تكون الحكومة قد أباحتها من طريق التسامح بند (845) من المرجع السابق.
وقد حكم بأن الجبانات تعتبر من المنافع العامة وملكًا عامًا حتى ولو منعت الحكومة الناس من الدفن فيها بل تبقى هذه الصفة ما دامت الحكومة لم تقرر إعادتها للأملاك الخاصة بأمر (وهذا الحكم لا يتفق مع الرأي بأن الأموال تتغير إما بقانون أو بالواقع من خاصة إلى عامة والعكس جائز (وهذا الحكم منشور بالبند (858) من مرجع القضاء).
وهي تبقى كذلك جبانات ما دامت حافظة لمعالمها غير قابلة للتملك بمضي المدة حتى ولو - أوقف الدفق فيها مدة طويلة والعبرة بزوال الصفة العامة وهي لا تزول إلا بزوال المعالم.
ومن المفهوم بداهة أن المنافع العامة تزول بالترك فإذا تركت الحكومة عقارًا من أملاكها العامة ولم تعد معتبرة جزءًا من تلك الأموال بفقد ذلك العقار صفته ويصبح جزءًا من أملاكها الخاصة التي يجوز التصرف فيه وتملكه بمضي المدة بند (861) - المرجع السابق ولا حق للحكومة في هدم المباني التي تشاد على أرض جبانة لإقامة زائري المقابر بشرط أن لا تحول تلك المباني إلى مساكن مستديمة بند (864).
والجوامع - يمكن أن يكتسب بمضي المدة حق المطل على كل مسجد لا تكون الحكومة قائمة بإدارته أو بالصرف عليه - والمسجد الموقوف والمخصص للعبادة الذي تقوم به الحكومة لا يمكن اكتساب حق المطل عليه ولا يتملك بمضي المدة.
والأملاك العامة من المسلم أنها ني التي تملكها الدولة وللحكومة عليها حق استغلالها وإدارتها والإشراف عليها - ولها حق نقلها إلى أملاك خاصة والتصرف في الملك الخاص - وإذا كانت عامة فهي لا يتصرف فيها - ولا يحجز عليها - ولا تملك بوضع اليد المدة الطويلة - ولا ترفع الدعوى بشأن ملكيتها أمام المحاكم المدنية.
والتفرقة بينهما ليست قديمة بل هي من عمل رجال الفقه الفرنسي ولم يرد نص لا في الفرنسي ولا في المصري في بيان الأداة المميزة للتفرقة بينهما.
وقد اختلف الشراح في بيان هذه الأداة فقال هوريو أن الصفة العامة التي تفرق بينهما هي الوقف والرصد والوجود - وقال Domat أن الأملاك العامة هي ما كانت بحسب طبيعتها وذاتها لا يمكن أن تملك بمضي المدة - ورأى كولان وكابيتان صـ 708 هي أن تكون هذه الأموال لأجل أن تسبغ عليها الصفة العامة - في خدمة المجموع - والواقع أن هذه التعاريف لا تغني عن وجود النص الصريح.
وحق الحكومة على الملك العام لا يأتي من أنها تملك ملكًا خاصًا إنما يأتي من أن الكافة وجمهور الناس هم الملاك للمنفعة العامة وليس للحكومة إلا حق الإشراف والإدارة وعليها جباية هذه الأموال العامة وحفظها وما دام أن الحكومة لا تملكها ملكًا خاصًا فهي لا تستطيع التصرف فيها بالبيع أو بالرهن - إنما لها حق الاستغلال فيجوز لها تأجيرها وضم الإيجار إلى ملك الحكومة.
وتتقرر الملكية العامة من خاصة إلى عامة بمقتضى النص بالمادة (10) إما بفعل الواقع أو بفعل القانون وإما تقرير القانون فالأمر واضح وإما تقريرها بفعل الواقع فمضمونه أن الحكومة تملك الأملاك الخاصة وتقرر عليها المنفعة العامة وتتملكها بمضي المدة الطويلة وتقرير الملك الخاص من عام إلى خاص فيكون بزوال الصفة العامة، وما دام أن القانون يقرر أن اكتساب الملك العام يكون القانون أو الواقع فالعكس صحيح أيضًا أي أن الملك العامة يزول بزوال الصفة العامة وعندئذٍ يترتب للفرد حقوق خاصة على هذا المال ولا يتعارض ذلك مع المبدأ القائل بعدم تملك حقوق عينية على المال العام - لأن محل البحث هو وجود الصفة العامة أو عدم وجودها وليس الأمر خاصًا بوجود حق عيني على المال العام لأن زوال الصفة العامة هو ما يقتضي بحثه أولاً ثم يبحث بعد ذلك فيما إذا كان قد تقرر حق عيني على الملك الخاص أم لا.
وقد اتفق العلم والعمل على أنه إذا فقد العقار صفته العمومية أصبح من الأملاك الخاصة التي يجوز التصرف فيها (ويمكن تملكها بوضع اليد المدة الطويلة) (محاماة 10 سنة 6 صـ 865).
والأملاك الأميرية إذا لم تستمر مخصصة للمنفعة العامة يجوز تملكها بوضع اليد المدة الطويلة مثلها في ذلك مثل ما إذا كانت قد أخرجت من الملك الخاص إلى الملك العام بمقتضى قانون أو أمر (مجموعة رسمية نمرة 91 صـ 195 محاماة سنة 7 عدد 480 صـ 826).
وقد حكم في كيفية انقلاب الصفة العامة وإرجاع المال العام إلى خاص أن الفقه والقضاء توافقا على التفرقة بين الملك الميري بطبيعته والملك الميري حكمًا (يراجع ما ذكر بالحكم المنشور بمجلة المحاماة لسنة 11 صـ 38).
والملك الميري حكما الذي يصير ملكًا ميريًا بمقتضى قانون أو أمر - والأول (الطبيعي) كمجرى النهر والطرق (وهذا خطأ لأن الطرق ليست أموالاً طبيعية بل هي أموال عامة حكمًا)، وهذا النوع الأول لا حاجة به إلى إصدار قانون أو أمر.
(وهذا صحيح بالنسبة للأموال العامة الطبيعية أما أمر الطرق ولو أنها طبيعية فهي ليست في احتياج إلى إصدار أمر أو قانون لتنقلب إلى ملك خاص بل قد تنقلب إلى ملك خاص بحكم الواقع كما مر ذكره في أكثر التشريع المدني) - أما النوع الثاني كالحصون والقلاع فلا يمكن تغيير من صفة عامة إلى صفة خاصة إلا بمقتضى قانون أو أمر (وهذا صحيح لأن الاستحكامات والحصون في فرنسا صدر بشأن إدراجها في الملك العام وبشأن إخراجها من هذا الملك - صدر بشأن ذلك - قانون خاص قيل فيه أن الأملاك الحربية -……… لا تزول ولا تهدم إلا بمقتضى قانون).
(يراجع الحكم المعلق عليه السابق الإشارة إليه بمجلة المحاماة السنة 11 صحيفة 38).

بحث ملحق في الصفة العامة التي للطرق العمومية

وإتمامًا للدراسة السابق إيضاحها عن التشريع والقضاء من المحاكم المصرية يجب الإشارة إلى ما قضت به محكمة النقض المصرية في هذا الموضوع.
وفي الدعوى رقم (16) لسنة 3 قضائية بالحكم الصادر في 7 ديسمبر سنة 1933 كانت الحكومة قد باعت بمقتضى حجة شرعية بتاريخ 8 إبريل سنة 1886 إلى أحد الأفراد أرضًا على جملة مساحات محددة فيما بينها بطرق لم يشملها البيع فرفعت الحكومة دعوى لأن المشتري اغتصب هذه الطرق وأقام عليها جملة مبانٍ فرفع المجلس المحلي دعوى تثبيت ملكية للقدر المغتصب وإزالة هذه المباني في ظرف مدة معينة وإلا تجري الحكومة إزالتها بمصاريف ترجع بها على المغتصب فقضت المحكمة الابتدائية بالطلبات فاستأنف المغتصب الحكم بالاستئناف رقم (1130) سنة 45 قضائية، وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بإلغاء الحكم المستأنف بعد أن ندبت خبيرًا لأداء الأعمال المبينة بأسباب الحكم التمهيدي.
فطعنت النيابة وبنت طعنها على أن المحكمة الاستئنافية أخطأت في تطبيق القانون لأن الطرق العامة لا تتحول إلى خاصة بمجرد الترك abandon وأنها لا تزول صفتها العامة بفعل الغصب.
وأما محكمة الاستئناف الأهلية فقد قررت في أسباب حكمها:
1 - أن ورود الطرق في حجة المشتري من الحكومة لا يدل في ذاته على تخصيص هذه الطرق للمنفعة العامة بل يجب أن تكون قد خصصت هذه الطرق فعلاً للمنفعة العامة بمرور الأهالي عليها وأن يستمر هذا التخصيص بعد شراء المدعي فإذا أهملت الحكومة هذه الطرق ولم تستعملها للمرور ولم تلاحظها ولم تمنع تعدي الغير عليها زالت عنها الصفة العامة وأصبحت من الأملاك الخاصة التي يجوز تملكها بمضي المدة واستندت في هذا إلى ما جاء بالفقرة (11) من المادة (9)، والمادة (10) من القانون المدني من أن الأملاك العامة تتقرر بمقتضى القانون أو الفعل وبديهي أن الترك وعدم الاستعمال يقلبانها من عامة إلى خاصة، ولكن محكمة النقض رأت أن الحكم المنقوض قد تأثر بأقوال شراح وأحكام المحاكم في فرنسا مع أن نظام القانون المدني في مصر يختلف اختلافًا كليًا عن نظام القانون المدني الفرنسي.
والمادة (538) فرنسي لما نصت عن الطرق اعتبرت الطرق والشوارع والحارات التي على نفقة الحكومة à la charge de l’Etat - فكانت هذه العبارة مدعاة للتفسير وللتأويل وأخيرًا أجمع الشراح في فرنسا على أن الطريق يجب أن يكون مخصصًا لمنفعة الجمهور - وأن يكون مطروقًا بصفة عامة - ومستمرة وأن يكون موضع عناية الحكومة من حيث التعبيد والإنارة وغرس الأشجار وإلا اعتبر أنه ليست له صفة الأملاك العامة وجاز تملكه بوضع اليد ومضي المدة الطويلة المكسبة للملكية - وقد جرى قضاء المحاكم المختلطة على ما جرى به القضاء في فرنسا لأن نصوص القانون المدني المختلط في هذا الموضوع مقتضية كما مر ذكره.
أما في القانون الأهلي فقد تفادى الغموض وقرر بصراحة أنه يعتبر من الأملاك العامة المشروحة شرحًا وافيًا في المادة (9) ما يأتي (يعتبر من الأملاك العامة الطرق والشوارع والقناطر والحواري التي ليست ملكًا لبعض أفراد الناس)، ثم خشى المشرع أن يكون قد فاته ذكر نوع من الأنواع فختم الفقرة (11) من المادة (9) بالقول (كافة الأموال الأميرية المنقولة والثابتة المخصصة لمنفعة عمومية بالفعل أو بالقانون)، وإذن الطرق العمومية مهما كانت عناية الحكومة ومهما كان عدم العناية بها فإن الفارق في كون الطريق عموميًا أم خاصًا هو معرفة ما إذا كان للطريق مالك أم لا - ففي الحالة الأولى لا يكون الطريق عموميًا إلا إذا قامت الحكومة بإثبات أنها تملكته وأنها قامت بجميع الإجراءات التي يفرضها القانون بقانون نزع الملكية للمنفعة العمومية - وأما في الحالة الثانية فيعتبر خاصًا إذا كان له مالك.
وبهذا يمكن الاستنتاج من أن الفقرة (11) مادة (9) بالقول من أن الأموال العامة ستخصص بالفعل أو بمقتضى قانون أو أمر لا ينصب على جميع ما ذكر صراحةً في المادة (9)، ولا يتقرر الطريق العمومي بمقتضى الفعل - وليس ثمة شرط الصرف عدا الطريق.
ومتى ثبت أن الطريق ملك للحكومة فلا يمكن زوال الصفة العامة عنه إلا بمقتضى قانون أو أمر.
وبما أن المدعي الملكية قد أقر أن هذه الطرق كانت من ضمن أملاك الحكومة الخصوصية قبل إنشائها - وبما أنه لا ينازع الحكومة في إنشاء هذه الطرق وهو وجودها وقت الشراء فلا يمكنه أن يدعي ملكيتها بوضع اليد مهما طالت المدة لأنها أملاك عامة.
عبد العزيز سليمان
القاضي بمحكمة إسكندرية الأهلية



[(1)] الجزء الثامن عاشر Carpentier - Répertoire صـ 17، وما بعدها Domaine Public

قضاء التعويض في القانون الإداري المصري

مجلة المحاماة - العدد السابع
السنة الرابعة والثلاثون سنة 1954

بحث قضاء التعويض في القانون الإداري المصري [(1)]
للسيد الأستاذ أحمد رفعت خفاجي وكيل نيابة أمن الدولة

1 - تمهيد:
إن مبدأ فصل السلطات من المبادئ الأساسية في حياتنا القانونية، لقد انبرى لشرحه وتفصيله بحق العلامة الشهيد مونتسكيو في مؤلفه الفذ (روح القوانين) الذي أخرجه عام 1748 ومن بين مظاهر هذا المبدأ وتطبيقاته الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، الأمر الذي يتطلب من المحاكم (السلطة القضائية) ألا تقضى في المنازعات التي تتعلق بجهة الإدارة (السلطة التنفيذية)، وكذا لا يسوغ لجهة الإدارة العاملة أن تمارس الوظائف القضائية بمعنى أنه يمتنع عليها أن تحكم في القضايا، وإنما يتعين أن يعهد هذا العمل إلى هيئة جديدة تسمى بالقضاء الإداري لكي تختص بالفصل في المنازعات التي تكون الإدارة طرفًا فيها.
وموضوع هذه المنازعات إما أن يكون إلغاء قرار إداري صدر مخالفًا للقوانين واللوائح وهو ما يسمى بقضاء الإلغاء récours en annulation ou recours pour excés de pouvoir وإما أن يكون طلب الأفراد الحكم على جهة الإدارة بأداء تعويض لهم عن أضرار نشأت من جراء قرارات أو تصرفات إدارية وهو ما يعبر عنه بقضاء التعويض أو contentieux de l’indemnisation باللغة الفرنسية وهي الترجمة الصحيحة وليست recours de pleine juridiction كما ترجمه بعض الشراح المصريين.
2 - منهج البحث:
ولا شك أنه يجدر بالباحث لقضاء التعويض في مصر أن يستجلي عنصريه أو ينظر إليه من ناحيتين:
ناحية الموضوع probleine de fond وناحية الشكل probleine de forme أما الأولى فتتعلق بنظرية أساسية في فقه القانون العام وهي نظرية المسؤولية الإدارية، ماهيتها، وأساسها القانوني، شروط الضرر الواجب أداء التعويض عنه، الأعمال التي يجوز الحكم فيها بالتعويض سواء كانت صادرة من الدولة بصفتها سلطة تشريعية أو بصفتها سلطة قضائية أو بصفتها سلطة إدارية، وأخيرًا عدم مسؤولية الدولة عن أعمال الحكم أو أعمال السيادة.
وهذه الناحية ليست محل بحثنا في هذا الصدد، وإنما نقتصر على معالجة ناحية الشكل أو بيان مسألة الاختصاص.
3 - القانون الإداري الفرنسي:
وقبل أن نخوض في بحث النظام المصري يجب أن نستعرض الحال في فرنسا فنبين أحكام تشريعها وقضائها وآراء فقهائها، فقد قيل بحق إن فرنسا من الدول ذات النظام الإداري السليم وكل ذلك راجع إلى المجهودات التي بذلها مجلس الدولة الفرنسي في هذا السبيل إلى المعونة الصادقة التي قدمها مفوضو هذا المجلس commissaires du gouvernemeut مثل روميو ودافيد وغيرهم من مشاهير الفقهاء.
يوجد إلى جانب القضاء العادي قضاء إداري يقتسمان الاختصاص في الفصل في المنازعات التي تكون الإدارة طرفًا فيها، ولبيان الحد الذي يفصل الاختصاصين قال بعض الشراح باختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات التي تتعلق بجهة الإدارة بصفتها سلطة عامة أو الأعمال العامة للإدارة acted de puissance publique, acted d’autorité وهي الأعمال التي تقوم بها الإدارة وهي تمارس سلطتها العامة مثل إبعاد الأجانب، وباختصاص القضاء العادي بنظر تصرفات الإدارة المدنية actes de gestion وهي الأعمال التي تقوم بها الإدارة في نشاطها المدني الخاص من بيع أو إيجار أو غيره.
ثم رأى البعض أن المحاكم الإدارية تختص بالفصل في المنازعات التي تهدف إلى المطالبة المالية للدولة دون سائر الأشخاص الإدارية الأخرى التي تظل خاضعة إلى القضاء العادي.
وأخيرًا وتحت تأثير الأحكام Feutry، وTerrier، وBlanco استقر الرأي على أن القضاء الإداري يختص أساسًا وكمبدأ عام بالمنازعات مع الأشخاص الإدارية العامة بصدد إدارة المرافق العامة qui se rattache au fonctiannement d’un service public أما ما عدا ذلك من منازعات فتنظرها المحاكم العادية، وقد أضيفت إليها المنازعات المتعلقة بإدارة مرفق القضاء.
والمرافق العامة الصناعية والتجارية وكذا المنازعات المتصلة بقاعدة معروفة تفيد أن القضاء العادي يحمي الحريات العامة والملكية الخاصة وحالات الأشخاص.
ولقد صدر تشريع في 24 مايو سنة 1872 بإنشاء محكمة تنازع الاختصاص لتنظر في ما قد يقع من تنازع بين جهتي القضاء سالفتي الذكر سواء أكان تنازعًا إيجابيًا أم سلبيًا قد يؤدي إلى إنكار العدالة، وهذه المحكمة مشكلة من ثلاثة مستشارين من مجلس الدولة عن القضاء الإداري وثلاثة مستشارين من محكمة النقض عن القضاء العادي وتعقد جلساتها تحت رئاسة وزير العدل.
وتوزيع الاختصاص بين القضاء الإداري الفرنسي تناوله بالتعديل الأخير القانون الصادر في 30 سبتمبر سنة 1953 [(2)] الذي جعل مجالس الأقاليم conseils de préfecture في فرنسا والجزائر والمحاكم الإدارية في الألزاس واللورين، هي محاكم القانون الأصل أو القانون العام de droit canmun تختص بالفصل في المنازعات الإدارية بصفتها محاكم أول درجة وتحمل اسم المحاكم الإدارية، ومن ثم فقد أصبح مجلس الدولة ذا اختصاص محصور محدد بالحالات التي عددها القانون وكذا جهة استئناف للأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية المذكورة.
وواضح مما تقدم أن الاختصاص الإداري يشمل قضاء التعويض وقضاء الإلغاء.
4 - تطور تاريخي في مصر:
من المعروف أن محكمتنا الإدارية أو قضاءنا الإداري في مجلس الدولة حديث جدًا فقد أنشئ مجلس الدولة المصري في 15 أغسطس سنة 1946 بالقانون رقم (112)، وهذا القانون قد استبدل به القانون رقم (9) الصادر في 3 فبراير سنة 1949 المعدل بالقوانين رقم (87) في 29 يونيه سنة 1950، رقم (6) في 17 يناير سنة 1952، رقم (116) في 27 يوليه سنة 1952.
ولقد مرت مصر بثلاث مراحل في نظام القضاء لمنازعات الإدارة.
5 - لائحة ترتيب المحاكم الأهلية:
في المرحلة الأولى أو ما قبل إنشاء مجلس الدولة لم يكن لدينا قضاء إداري فكانت كل المنازعات الإدارية يقضي فيها المحاكم العادية دستورها في هذا الشأن (المادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية) التي تنص على ما يلي:
(ليس لهذه المحاكم أن تؤول معنى أمر يتعلق بالإدارة ولا أن توقف تنفيذه إنما تختص بالحكم في المواد الآتي بيانها:
أولاً: كافة الدعاوى المدنية أو التجارية الواقعة بين الأهالي وبين الحكومة في شأن منقولات أو عقارات.
ثانيًا: كافة الدعاوى التي ترفع على الحكومة بطلب تضمينات ناشئة من إجراءات إدارية تقع مخالفة للقوانين أو الأوامر الإدارية).
6 - قانون إنشاء مجلس الدولة:
وعندما أنشئ مجلس الدولة في 15 أغسطس سنة 1946 نص في مادته الرابعة [(3)] على اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في مواد عددتها في ست فقرات، ثم جاءت المادة الخامسة [(4)] فقررت باختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات المطعون فيها والموضحة في الفقرات الثلاثة الأخيرة من المادة الرابعة وقضت هذه المادة أيضًا أنه يترتب على تقديم طلب الإلغاء أو التعويض لمحكمة القضاء الإداري نزول الطالب عن رفع دعوى تعويض أمام أية جهة قضائية أخرى.
ومعنى هاتين المادتين أنه في مسائل التعويض يعتبر اختصاص محكمة القضاء الإداري في مصر اختصاصًا محصورًا محددًا بالحالات الواردة فيهما إذا أراد أحد الأخصام compétenc d’attribution بينما يظل القضاء العادي هو قضاء القانون العام compétence de droit commun بل يمكن للمدعي إذا أراد أن يتجنب القضاء الإداري حتى في هذه الحالات أن يلجأ مباشرةً للقضاء العادي فيختص الأخير بنظر دعواه وإنما يترتب على ذلك سقوط حق المدعي في التقاضي أمام القضاء الإداري بصدد هذه الدعوى [(5)].
7 - النظام الحالي:
وهو ما جرى عليه العمل ففي 3 فبراير سنة 1949 صدر القانون رقم (9) خاص بمجلس الدولة بعد إلغاء القانون رقم (112) سنة 1946، وشمل هذا القانون الجديد امتدادًا لاختصاص القضاء الإداري في مصر سواء في الإلغاء أو التعويض.
فبعد أن عددت المادة الثالثة [(6)] منه حالات طلب الإلغاء جاءت المادة الرابعة [(7)] تخول القضاء الإداري سلطة الفصل في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة الثالثة، ويترتب على رفع دعوى الإلغاء أو التعويض إلى محكمة القضاء الإداري عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية كما يترتب على رفع دعوى التعويض إلى المحاكم العادية عدم جواز رفعها أمام محكمة القضاء الإداري.
وقصد المشرع من التوسع في اختصاص القضاء الإداري المصري هو الرغبة الصادقة في توطيد هذا النوع من القضاء وإعانته على أن يؤدي رسالته على أحسن وجه [(8)].
ولا يوجد في مصر إلا محكمة إدارية واحدة هي محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة.
ويعني لنا في هذا المقام أن نتساءل عما إذا كان يوجد بمصر محكمة تنازع اختصاص تفصل في التنازع على الاختصاص بين القضاءين الإداري والعادي كما هو الحال في فرنسا.
نعم جاء قانون نظام القضاء رقم (147) الصادر في 28 أغسطس 1949 بأحكام كيفية نظر هذا التنازع والفصل فيه وجعله من اختصاص محكمة النقض والإبرام [(9)].
ويبدو من مطالعة أحكام هذا القانون أن اختصاص محكمة النقض والإبرام في الفصل في هذا التنازع جاء دون مشاركة محكمة القضاء الإداري لها في هذا الشأن وذلك على خلاف الحال في فرنسا كما ذكرنا آنفًا، ويمكن تبرير موقف المشرع المصري من خصوصية نظام قضائنا الإداري الذي ظل في مواد التعويض قضاءً استثنائيًا بالنسبة لبعض حالات واردة على سبيل الحصر وقضاءً معلقًا على رضاء الخصوم في اختيار الاحتكام إليه.
8 - خاتمة:
ويمكن أن نختتم هذا البحث الموجز مؤكدين أن القضاء الإداري المصري مقصور على محكمة واحدة بعاصمة البلاد هي محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، يشمل اختصاصها عموم الجمهورية المصرية من أقصاها إلى أقصاها، مما يحمل المتقاضي المقيم بعيدًا عن القاهرة عبء الحضور إليها، ولعله هو السبب في أن قضاءنا الإداري في طور الإعداد والتكوين محل للتجربة والاختبار ذو اختصاص محدد بالنسبة للحالات الواردة في ثنايا أحكام القانون.
أما وقد أثبت مجلس الدولة جدارة فائقة في محيط العدالة والقانون وذلك بفضل المجهودات الطيبة، التي بذلها رجاله الأبطال في هذا المضمار، لا يسعني إزاء ذلك إلا أن أستنهض همة المشرع المصري في المبادرة بإنشاء محاكم إدارية في مختلف أرجاء الجمهورية المصرية مترسمًا خطي المحاكم الإدارية الفرنسية في هذا الشأن.
فإذا تم لنا ذلك فيجدر بالمشرع أن يوسع اختصاص هذا القضاء الإداري وبخاصة في مسائل التعويض لكي يصبح القضاء العام فيها.
ولعل قصدنا وهدفنا هو أن نخطو خطوة نحو تحقيق المبدأ المقدس ألا وهو مبدأ الفصل بين السلطات.


[(1)] المراجع: في القانون المصري: مجموعات أحكام محكمة القضاء الإداري (ست مجلدات) التشريعات الصادرة بشأن قانون مجلس الدولة ومذكراتها الإيضاحية، مجلات مجلس الدولة والأبحاث الواردة بها وبخاصة أبحاث دكتور محمود سعد الدين الشريف مستشار الدولة، مذكرات دكتور محمد عبد الله العربي في مسؤولية الدولة أمام القضاء، شرح قانون مجلس الدولة للعميد الدكتور عثمان خليل عثمان، نظرية سوء استعمال السلطة للدكتور سليمان محمد سليمان الطحاوي أستاذ القانون العام بجامعة إبراهيم.
في القانون الفرنسي: شرح القانون الإداري لفالين، مؤلف أندريه دي لوبادير، مؤلف رولان، نظرية المسؤولية الإدارية لروسو، مجموعات أحكام مجلس الدولة الفرنسي (ليبون، دالوز) مقاولات فيدل في خضوع الإدارة للقانون بمجلة القانون الاقتصاد.
[(2)] منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الفرنسية العدد 232 في يوم الخميس أول أكتوبر سنة 1952 المرسوم رقم 934 - 53 في 30 سبتمبر سنة 1953 بشأن إصلاح القضاء الإداري.
[(3)] المادة الرابعة:
(تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في المسائل الآتية، يكون لها فيها دون غيرها ولاية القضاء كاملة:
1 - الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات الإقليمية والبلدية.
2 - المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لموظفي الحكومة ومستخدميها أو لورثتهم.
3 - الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في وظائف الحكومة أو بالترقية أو منح علاوات متى كان مرجع الطعن مخالفة القوانين واللوائح.
4 - الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون الدائمون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية إذا وقعت مخالفة للقوانين واللوائح.
5 - الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون الدائمون بإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة بفصلهم من غير الطريق التأديبي إذا كان مرجع الطعن مخالفة القوانين أو اللوائح أو إساءة استعمال السلطة.
6 - الطلبات التي يقدمها الأفراد بإلغاء القرارات الإدارية النهائية إذا كان مرجع الطعن عدم اختصاص الهيئة التي أصدرت القرار المطعون فيه أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض أو امتناع السلطة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين واللوائح).
[(4)] المادة الخامسة: (في الحالات المبينة بالفقرات الثلاث الأخيرة من المادة السابقة تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات المطعون فيها سواء رفعت إليها بصفة أصلية أو تبعًا لطلب الإلغاء.
ويترتب على تقديم طلب الإلغاء أو التعويض لمحكمة القضاء الإداري نزول الطالب عن رفع دعوى تعويض أمام أية جهة قضائية أخرى تبني على القرار الإداري الذي كان مثار الطلب).
[(5)] راجع في هذا الأحكام الآتية: حكم محكمة القضاء الإداري في 10/ 12/ 1947 مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة 2 صـ 144 قاعدة (25)، وحكم محكمة القضاء الإداري في 16/ 12/ 1947 مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة 2 صـ 163 قاعدة 28، وحكم محكمة القضاء الإداري في 26/ 5/ 19489 مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة 2 صـ 741 قاعدة (132) وحكم محكمة القضاء الإداري في 2/ 6/ 1948 مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة 2 صـ 770 قاعدة 136، وحكم محكمة القضاء الإداري في 22/ 6 / 1948 مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة 2 صـ 851 قاعدة 152، ولقد جاء بصراحة في الحكم الصادر في 16 ديسمبر سنة 1947 ما يلي:
(اختصاص محكمة القضاء الإداري في مصر محصور في المسائل والمنازعات المنصوص عليها صراحةً في القانون بخلاف الحال في فرنسا، ويشترط للاختصاص أن تقوم الدعاوى على الطعن في قرارات إدارية نهائية فيخرج من ولايتها الفصل في المنازعات القانونية سواء أكان العقد إداريًا أم مدنيًا ودعاوى التضمينات التي يرفعها الأفراد على الحكومة بسبب الأفعال المادية التي تقع أثناء تأدية الوظيفة، والمنازعات المتعلقة بإدارة الأموال التي تقوم بها الحكومة كفرد من الأفراد.
أما في فرنسا فيختص مجلس الدولة بالفصل في كل الدعاوى التي ترفع من الأفراد على الإدارة للمطالبة بحقوق ثابتة لهم قبلها أيًا كان نوع هذه الحقوق لا فرق بين الحقوق الناشئة عن عقد إداري أو فعل مادي لأن مجلس الدولة الفرنسي هو المحكمة الإدارية العامة تختص بنظر كل القضايا الإدارية التي لم يمنح المشرع حق النظر فيها لمحكمة أخرى).
[(6)] المادة الثالثة: (تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية ويكون لها فيها ولاية القضاء كاملة:
1 - الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات الإقليمية والبلدية.
2 - المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم.
3 - الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية أو بمنح علاوات.
4 - الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
5 - الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو بفصلهم من غير الطريق التأديبي.
6 - الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
ويشترط في الفقرات المنصوص عليها في البنود (3) و(4) و(5) و(6) أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقًا للقوانين أو اللوائح.
[(7)] المادة الرابعة: (تفصل محكمة القضاء الإداري في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها بالمادة السابعة إذا رفعت إليها بصفة أصلية أو تبعية.
ويترتب على رفع دعوى الإلغاء أو التعويض إلى هذه المحكمة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية كما يترتب على رفع دعوى التعويض إلى المحاكم العادية عدم جواز رفعها أمام محكمة القضاء الإداري).
[(8)] راجع المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (9) لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، راجع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 26 مايو سنة 1949، مجموعة أحكام محكمة القضاء الإداري السنة الثالثة صـ 851، راجع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 9 يونيه سنة 1949 المحاماة السنة 32 صـ 1104 راجع بحث دكتور محمود سعد الدين الشريف في مجلة مجلس الدولة السنة الأولى في موازنة قانوني مجلس الدولة، راجع تقرير لجنة العدل بمجلس الشيوخ في 22 ديسمبر سنة 1948، راجع تقرير لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب في 27 يناير سنة 1949.
[(9)] المادة (18) من قانون نظام القضاء: (ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة في أعمال السيادة، ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه أن تفصل:
1 - في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة بشأن عقار أو منقول على الحالات التي ينص فيها القانون على غير ذلك.
2 - في دعاوى المسؤولية المدنية المرفوعة على الحكومة بسبب إجراءات إدارية وقعت مخالفة للقوانين واللوائح.
3 - في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها).
المادة (19): (إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم وأمام محكمة القضاء الإداري أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية ولم تتخلَ إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها يرفع طلب تعيين المحكمة التي تفصل فيها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشارًا من مستشاريها.
وتختص هذه المحكمة كذلك بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو إحدى محاكم الأحوال الشخصية).
المادة (20): (يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة المنصوص عليها في المادة السابقة وقف السير في الدعوى المقدم بشأنها طلب تعيين المحكمة المختصة.
وإذا قدم الطلب بعد الحكم في الدعوى فلرئيس هذه المحكمة أن يأمر بوقف تنفيذ الحكمين المتناقضين أو أحدهما).
المادة (21): (يرفع الطلب في الأحوال المبينة في المادة (19) بعريضة تودع قلم كتاب محكمة النقض تتضمن عدا البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحل إقامته موضوع الطلب وبيانًا كافيًا عن الدعوى التي وقع في شأنها التنازع أو التخلي.
وعلى الطالب أن يودع مع هذه العريضة صورًا منها بقدر عدد الخصوم مع حافظة بالمستندات التي تؤيد طلبه ومذكرة.
وعلى قلم الكتاب إعلان الخصوم بصورة من هذه العريضة مع تكليفهم الحضور في الجلسة التي يحددها رئيس المحكمة ولهم تقديم مستنداتهم ومذكراتهم قبل اليوم المحدد لنظر الدعوى، ولا تحصل رسوم على هذا الطلب).
المادة (22): (تفصل النقض في الطلب على وجه السرعة بعد سماع أقوال النيابة العامة)، راجع أبحاث الأستاذ محمود يوسف القاضي رئيس نيابة الاستئناف بلجنة التشريع والقضاء.

تعليقات على الأحكام (بحثان من أبحاث المرافعات في التنفيذ العقاري)

مجلة المحاماة

أبحاث قانونية وشؤون قضائية
التعليقات على الأحكام
حكم محكمة المحلة الكبرى الجزئية الصادر بتاريخ 8 فبراير سنة 1923
بحثان من أبحاث المرافعات في التنفيذ العقاري

( أ ) اختصاص القاضي الجزئي بنظر دعاوى بطلان زيادة العُشر وإجراءاتها ؟
(ب) فيمن له الحق بتقرير الزيادة المذكورة في حالة بيع العقار لعدم إمكان القسمة عينًا. الموضوع: عقار مشترك، رفع أحد الشركاء فيه دعوى بطلب القسمة القضائية Action en partage en justice لأن بينهم قاصرًا (م 452) مدني أهلي [(1)] ومحكمة المحلة الجزئية عينت خبيرًا لتقدير وتقويم الحصص فوجد أن العقار غير قابل للقسمة وقدر قيمته بمبلغ 3579 جنيهًا، فاستمر بعد ذلك طالب القسمة في طلب وإجراءات البيع طبقًا لنص المادة (458) مدني حيث جاء (إذا لم تمكن القسمة عينًا تباع الأموال على حسب الأوجه المبينة بقانون المرافعات) وفي مادة (626) مرافعات (يكون البيع بناءً على طلب مريد القسمة) وبعد تحديد يوم البيع رسا المزاد في الجلسة على الطالب بمبلغ 900 جنيه.
قرر أحد الشركاء الآخرين في الميعاد المحدد بالمادة (587) مرافعات (عشرة أيام من يوم البيع) بزيادة العُشر على الثمن الراسي به المزاد ودفع من ذلك الخُمس وأعفته المحكمة من الكفالة (م 575)L’adjudicataire reconnu solvable peut être sa propre caution.
وبعد أن قام مقرر الزيادة بجميع الإجراءات اللازمة للبيع الثاني من نشر وإعلان وتعليق إلخ حضر وكيل الراسي عليه المزاد الأول بجلسة البيع الثانية وطعن بعدم جواز نظر الزيادة المذكورة لأن المزايد شريك والزيادة هنا لا تجوز إلا من أحد أرباب الديون المسجلة أو الدائن الذي بيده سند واجب التنفيذ لأن هذا البيع بيع اختياري.
ومحكمة المحلة للأسف تمشت مع هذا الرأي وأصدرت بالجلسة الحكم الآتي:
حيث إن مقرر الزيادة هو أحد الشركاء في المنزل الراسي فيه المزاد.
وحيث إن بيع العقار لعدم إمكان قسمته تتبع فيه القواعد المقررة لبيع العقار اختيارًا (م 626).
وحيث إن المادة (627) مرافعات تنص على أنه في هذه الحالة لا يجوز قبول زيادة العُشر إلا من أرباب الديون المسجلة أو الدائن بسند واجب التنفيذ.
وحيث إن الشريك ليس أحد هؤلاء.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم قبول الزيادة الحاصلة من (….) وألزمته بالمصاريف ومائتين قرش أتعاب محاماة.
نحن في تعليقنا على هذا الحكم نجد أنه أخطأ في نقطتين:
أولاً: دعوى بطلان زيادة العُشر الحاصلة هنا ليست من اختصاص القاضي الجزئي.
لقد نصت المادة (603) مرافعات على أن (تقدم دعاوى بطلان المزايدة الثانية وإجراءاتها إلى المحكمة الابتدائية أو الجزئية حسب الأحوال لغاية النشر عن البيع الثاني).
والذي يستنتج من هذه المادة أمرين:
1 - دعاوى بطلان فيما يختص بالمزايدة الثانية وإجراءاتها قبل النشر عن البيع، وهذه أما أن تكون قيمتها أقل من 150 جنيهًا أو أكثر فإن كان الأول فالنظر في الدعوى يكون للمحكمة الجزئية، وإن كان الثاني يكون للمحكمة الابتدائية.
2 - دعاوى بطلان خاصة بالإجراءات ابتداءً من النشر كما لو كان عمل في صحيفتين أم لا والإعلان واللصق إلخ، فهذه الدعاوى كلها من اختصاص قاضي البيوع الذي هو القاضي الجزئي بالمحكمة الجزئية، وهو إنما أعطى حق النظر فيها منفردًا لأنها كلها مسائل تتعلق بأمور إدارية محضة ولا تتعرض للقانون أو الموضوع أي (Question de forme) مسائل شكلية.
وإذن يتعين أن ننظر هل كان موضوع دعوى البطلان هنا أحد هذه المسائل الشكلية ؟ اللهم كلا ! إن موضوع الدعوى هو هل يجوز للشريك في حالة بيع العقار لعدم إمكان القسمة عينًا أن يقرر بالزيادة عُشر الثمن أم لا ؟ هذه نقطة قانونية محضة وقيمة النزاع تزيد على 150 جنيهًا فيكون حتمًا الاختصاص بالنظر من متعلقات المحكمة الابتدائية.
وبناءً عليه تكون محكمة المحلة لم تراعِ القانون في هذه النقطة وحكمت فيما هو خارج عن اختصاصها، ويكون حكمها في غير محله.
ثانيًا: فيمن له الحق بزيادة العُشر في حالة بيع العقار لعدم إمكان القسمة ؟

La surenchére du dixiéme en matiére de vente d’immeuble qui ne peut être partagé.

لقد طبقت محكمة المحلة القانون على ظاهره أيضًا في هذه النقطة دون أن تنظر لترتيب المواد أو تفسير الشراح أو أحكام المحاكم، وإننا بمناقشة الحكم الذي أتينا على حيثياته آنفًا نجد أنه اعتمد على المادة (626) في أنها صريحة بأنه (إذا لم تمكن قسمة العقار بغير ضرر يباع على حسب القواعد المقررة كبيع العقار اختيارًا) ثم أردفها مباشرةً بالمادة (627) وقال إن هذه تمنع زيادة العُشر في البيع الاختياري إلا من أرباب الديون المسجلة أو الدائن بسند واجب التنفيذ، وعليه تكون هذه الزيادة في البيع لعدم إمكان القسمة باطلة. ونحن نلاحظ على ذلك ما يأتي:
1 - ترتيب المواد لا يسمح بالإحالة من المادة (626) إلى المادة (627) التي منعت زيادة العُشر في حالة البيع الاختياري. وذلك لأن المواد الخاصة بإجراءات البيع الاختياري جاءت في مادة (620) مرافعات، فمادة (626) تحيل عليها وهذه المادة (620) قررت أن البيع الاختياري يحصل بالأوجه المعتادة أي على التعميم وتلك الأوجه هي التي سبق ذكرها في البيع الجبري وتشمل الحق بزيادة العُشر لكل إنسان (م 578) وأما مادة (667) فقد جاءت بعد ذلك على سبيل الاستثناء من القاعدة العامة، ولو كان الشارع أراد أن يستثني البيع لعدم إمكان القسمة لكان نص عليه أيضًا كما نص على الأول وحينئذٍ تكون القاعدة هي إباحة الزيادة لكل إنسان والاستثناء هو القصر على فئة مخصوصة والقاعدة الشرعية (كما قال حكم محكمة كفر الزيات رئاسة مصطفى بك النحاس 21 فبراير سنة 1916 مج سنة 16 صـ 151) هو أن (الاستثناء يقيد بنصه ولا يتوسع فيه).
2 - من وجهة التفسير - إن الادعاء بأن البيع لعدم إمكان القسمة بيع اختياري فيه شيء من مخالفة الحقيقة لأن ما جاء بمادة (626) مرافعات من أنه (تتبع في هذا البيع القواعد المقررة لبيع العقار اختيارًا) لا يستفاد منه أن هذا البيع اختياري إنما المقصود هو اتباع الإجراءات التي ذكرت في طريقة البيع الاختياري كإيداع قائمة شروط وروابط البيع مقدمًا بقلم كُتاب المحكمة وجواز تعيين الثمن الأساسي للمزايدة وإعلان قائمة الشروط لأرباب الديون المسجلة وعمل النشر والإعلان إلخ. ولذا جاء بالنص الفرنسي لهذه المادة procédé á la vente فحقيقة هذا البيع هو أنه بيع جبري لأنه متى طلبه أحد الشركاء لا يمكن الرجوع فيه وعلى ذلك تكون زيادة العُشر فيه جائزة لأن هذا حق من الحقوق ولم يوجد ما يلغيه.
رأى البعض أن هذا ليس هو البيع الجبري المعروف بنزع الملكية ونحن نرد على ذلك بأنه أيضًا ليس البيع الاختياري الذي يمكن الرجوع فيه وأنه أيضًا محتم أن يباع العقار إذا لم تمكن قسمته لأنه لا يجبر أحد على الشيوع كما سبق أن أسلفنا فهو بيع جبري على الشركاء.

أقوال الشراح والقضاء ومنشور لجنة المراقبة القضائية

وممن يؤيد هذا الرأي من الشراح ومن أخذنا عنهم الدكتور أبو هيف بك في مؤلفه التنفيذ والتحفظ صـ 648 بند (1101) تحت قوله الرأي الغالب (ورأي أغلب المحاكم أن هذا البيع تجوز فيه زيادة العُشر من كل إنسان يستطيعها لأنه بيع جبري لا يمكن الشركاء منعه إذا طلبه أحدهم وأن القانون إنما أوجب فيه اتباع إجراءات البيوع الاختيارية لا قواعدها فلا تنطبق أحكام المادة (627) مرافعات التي تقصر زيادة العُشر على طائفة من الدائنين).
وأيضًا الأستاذين قمحة بك وعبد الفتاح السيد بك في كتابهما الأخير عن إجراءات التنفيذ.
وكذلك الأستاذ كامل مرسي بك في كتابه العقود الصغيرة في باب الشركات.
منشور لجنة المراقبة القضائية بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1910 مج 12 صـ 294 ومجموعة المنشورات باللغة الفرنسية وملخصه.

La régle speciale de l’article 627 C.C.P. d’après laquelle la surenchère n’est ouverte qu’au profit des creanciers inscrits ou de créanciers porteurs d’un titre exécutoire, ne doit s’appliquer qu’à la vente volontaire dont traite l’art 620 et non à la vente par licitation visée à l’art 626 C.C.P.

وقد أيدت لجنة المراقبة رأيها هذا بحكمين صادرين من محكمة الاستئناف المختلطة وهما.

23 Nov. 1893 B. L. j. VI. P 36
29 Octob. 1910 B. l. J. XII. No. 12

وهناك أحكام أخرى من الاستئناف الأهلي والمختلط هي:
- استئناف مختلط Table Décennale.
- مجموعة العشر سنوات الأولى نمرة (4756).
- مجموعة العشر سنوات الثانية نمرة (4506).
- ومن الاستئناف الأهلي 3 يناير سنة 1901 مج 2 صـ 339 وهذا بخصوص الشريك في العقار فله (إذا بيع العقار لعدم إمكان قسمته عينًا جاز لكل من الشركاء أن يطلب إعادة البيع بزيادة العُشر فيه) - وأيضًا 27 سبتمبر سنة 1909 مج 12 صـ 23.
وهذا الرأي على ما نعتقد موافق لمصلحة الشركاء بل فيه منفعة كبرى لهم لما في اتباعه من زيادة وارتفاع قيمة العقار فتزداد بذلك أنصباؤهم، ويجب على القضاء العمل به خصوصًا في حالة وجود القصر وعديمي الأهلية بين الشركاء فإنه يتعين على المحاكم أن تجيز الزيادة من كل إنسان كان في مثل هذه البيوع حتى تتحقق العدالة لمن لم يبلغ الرشد ولا يغتاله شريك آخر بأن يشتري العقار عند رسو أول مزاد بثمن بخس وهذا لا أشك أنه موافق لروح التشريع وللنظام العام.
مختار الشريف
المحامي