الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً
(المواد 42 ، 43 ، 45 ، 48 2 ، 249 ، 250 من قانون المرافعات )
ماهية الاختصاص النوعي :
الاختصاص النوعي هو سلطة المحكمة في الفصل في دعاوى معينه بالنظر الي طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية أي إلى نوعها ، بصرف النظر عن قيمتها ، وهو نصيب المحاكم من المنازعات التي تعرض علي المحاكم - الوسيط في شرح قانون المرافعات الفقيه الأستـاذ الدكتور فتحي والي الطبعة الثامنة ص 974 .
الإحالة بناء علي عدم الاختصاص النوعي وبيان الغاية منه :
الإحالة كما ذكرنا آنفاً هي نقل الدعوى من المحكمة المرفوعة إليها ابتداء إلى محكمة أخري ، وينظم قانون المرافعات أربع أسباب للإحالة هي :
أولاً : الإحالة بسب عدم الاختصاص .
ثانياً : الإحالة بسبب اتفاق الخصوم .
ثالثاً : الإحالة بسبب وحدة الدعوى أمام محكمتين .
رابعاً : الإحالة بسبب الارتباط .
والحكمة من الإحالة - عموماً - الاقتصاد في الوقت وفي الإجراءات والنفقات حتى لا يتحمل المدعي أعباء رفع دعوى جديدة .
الأساس القانوني للدفع بعدم الاختصاص النوعي :
الاختصاص النوعي ابتدائيا للمحاكم الجزئية : مادة 42 مرافعات
تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها عشرة آلاف جنيه ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز ألفي جنيه .
وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة الابتدائية من اختصاص شامل في الإفلاس والصلح والواقي وغير ذلك مما ينص علي القانون .
الاختصاص النوعي انتهائيا للمحاكم الجزئية : مادة 43 مرافعات
تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائيا مهما تكن قيمة الدعوى وانتهائيا إذا لم تجاوز قيمتها ألفي جنيه فيما يلي:-
1. الدعاوى المتعلقة بالانتفاع بالمياه وتطهير الترع والمساقى والمصارف.
2. دعاوى تعيين الحدود وتقدير المسافات فيما يتعلق بالمباني والأراضي والمنشآت الضارة إذا لم تكن الملكية أو الحق محل نزاع.
3. دعاوى قسمة المال الشائع .
4. الدعاوى المتعلقة بالمطالبة بالجور والمرتبات وتحديدها.
الاختصاص النوعي لقاضي الأمور الوقتية : مادة 45 مرافعات
يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضي من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت.
أما في خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية فيكون هذا الاختصاص لمحكمة المواد الجزئية.
على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية.
الاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية : مادة 47 مرافعات
تختص المحكمة الابتدائية في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز عشرة آلاف جنيه .
وتختص كذلك بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائيا من محكمة المواد الجزئية أو من قاضي الأمور المستعجلة .
كما تختص بالحكم في الطلبات الوقتية أو المستعجلة وسائر الطلبات العارضة وكذلك في الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها .
الاختصاص النوعي للمحاكم الاستئناف : مادة 48 مرافعات
تختص محكمة الاستئناف بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائيا من المحاكم الابتدائية.
الاختصاص النوعي لمحكمة النقض : المواد 48 2 ، 249 ، 250 مرافعات
تختص هذه المحكمة نوعيا بنظر الطعون التي ترفع عن الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف الواردة بالمادة 248 ، وفي الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ( بهيئة استئنافية ) في الأحوال الواردة بالمادتين 249 ، 250 من قانون المرافعات .
المقصود بعبارة (( بالحالة التي تكون التي تكون عليها )) في تنفيذ أمر الإحالة .
المقصود بالحالة التي تكون عليها الدعوى أن تحال الدعوى بما اشتملت عليه من إجراءات وأحكام فرعية وما تم أمام المحكمة المحال منها صحيحاً يبقي صحيحاً ومن ثم يجوز للخصم التمسك به ، وتتابع الدعوى سيرها أما المحكمة المحال إليها علي الحالة التي وقفت عليها أمام المحكمة التي أحالتها .
ويقول العميد الدكتور : أحمد أبو الوفا عميد فقه المرافعات " علي المحكمة الأخيرة - المحال إليها - نظر الدعوى بحالتها التي أحيلت بها ، ذلك أن الخصومة تمتد إلى المحكمة المحال إليها ، وتبقي الإجراءات التي تمت قبل الإحالة صحيحة بما في ذلك إجراءات رفع الدعوى ، فعلي المحكمة المحال إليها أن تتابع نظر الدعوى من حيث انتهت إجراءاتها أمام المحكمة المحيلة ، وينبني علي ذلك أنه إذا كانت المحكمة المحيلة قد قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق وسمعت شهود الطرفين أو أحدهما ، فإن للمحكمة المحال إليها الاعتداد بهذا التحقيق ، وإذا كان حق الخصم في إبداء دفع شكلي قد سقط لعدم إبدائه أمام المحكمة المحيلة فلا يجوز إبداؤه أمام المحكمة المحال إليها .
وقد قضي نقضاً في هذا الشأن : إذا حكمت المحكمة بعدم اختصاصها أمرت بإحالة الدعوى بحالتها الي المحكمة المختصة ، والمقصود بكلمة " حالتها " الواردة في النص ، أن الدعوى تحال بما اشتملت عليه من إجراءات وأحكام فرعية وما تم أمام المحكمة المحيلة صحيحاً يبقي صحيحاً أمام المحكمة المحال إليها الدعوى ويجوز للخصم التمسك به ، وتتابع الدعوى سيرها أما هذه المحكمة الأخيرة علي الحالة التي وقفت عليها أمام المحكمة التي أحالتها "
( الطعن رقم 7654 لسنة 70 ق جلسة 20/6/2000م )
تكييف الدفع : على المحكمة أن تعطى الدعوى وصفها الحق و تكيفها الصحيح بغض الطرف عن التكييف القانوني الذي يطرحه كل من المدعي والمدعي عليه .
تحديد الاختصاص النوعي لكل جهة قضائية : تحديد الاختصاص النوعي لكل جهة قضائية هي بما يوجهه المدعى فى دعواه من الطلبات : العبرة فى تحديد الاختصاص النوعي لكل جهة قضائية هي بما يوجهه المدعى فى دعواه من الطلبات .
بمبدأ التقاضي على درجتين كقاعدة عامة : إن المشرع قد أخذ بمبدأ التقاضي على درجتين كقاعدة عامة إلا أنه استثناء من تلك القاعدة ولاعتبارات خاصة جعل اختصاص محكمة الدرجة الأولى بالفصل فى بعض الدعاوى انتهائياً و لا مخالفة فى ذلك للدستور.
إن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها قد أصبح وفقا لقانون المرافعات الجديد من النظام العام ومن أجل ذلك تعتبر مسـألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى قائمة فى الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني في الاختصاص .
إذا كان الطاعن يؤسس طعنه على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فى شأن قواعد الاختصاص النوعي التي قررها قانون المرافعات الجديد فيما تنص عليه المادة 45 منه ، وكانت المادة 134 من هذا القانون تنص على أن " عدم اختصاص المحكمة بحسب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى ولو فى الاستئناف " فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها قد أصبح وفقا لقانون المرافعات الجديد من النظام العام ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى قائمة فى الخصومة ومطروحة دائما على المحكمة ويعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملا حتما على قضاء ضمني فيه .
( الطعن 351 لسنة 24 مكتب فني 10 صفحة 101 بتاريخ 29-01-1959)
تعتبر مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى قائمة في الخصومة و مطروحة دائما على المحكمة و يعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني فى شأن الاختصاص
لما كانت المادة 45 من قانون المرافعات قد حددت نصاب محكمة المواد الجزئية بالدعاوى التى تتجاوز قيمتها مائتين و خمسين جنيها و كانت المادة 134 منه تنص على " عدم اختصاص المحكمة بسبب عدم ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها و يجوز الدفع به فى أية حالة كانت عليها الدعوى و لو فى الاستئناف " فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بحسب نوع الدعوى أو قيمتها - من النظام العام و من أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى قائمة فى الخصومة و مطروحة دائما على المحكمة و يعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني فى شأن الاختصاص ، فإذا كان الثابت أن الطاعن طلب بدعواه المقامة أمام محكمة شئون العمال الجزئية فى 1952/11/4 الحكم له على المطعون عليها بمبلغ ألفى جنيه تعويضا له عن فصله تعسفيا فقضت المحكمة المذكورة فى هذه الدعوى برفضها - و أيدت المحكمة الابتدائية "بهيئة استئنافية " هذا القضاء - فإن قضاء محكمة الموضوع يعتبر منطوياً على قضاء ضمني باختصاص المحكمة الجزئية بنظر دعوى تتجاوز قيمتها نصاب تلك المحكمة - و هو قضاء مخالف للقانون - إذ كان يتعين على المحكمة الجزئية أن تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى و لو لم يدفع أحد من أطراف الخصومة أمامها بعدم الاختصاص - كما كان يتعين عليها أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الابتدائية اتباعا لنص الفقرة الثالثة من المادة 39 مكررا من القانون رقم 165 لسنة 1953 - أما وهى لم تفعل وأيدتها المحكمة الابتدائية " بهيئة استئنافيه " فى هذا النظر الخاطئ فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
( الطعن 355 لسنة 24 ق جلسة19/11/ 1959 )
اتفاق الخصوم علي اختصاص نوعي مغاير
ما قرره الحكم من انه يترتب على صدور قانون المرافعات وجعله الاختصاص النوعي من النظام العام أن يصبح الاختصاص لمحكمة القاهرة الابتدائية باعتبارها قد حلت محل محكمة عابدين الجزئية المتفق على اختصاصها أصلاً لا مخالفة فيه للقانون لأن مقتضى اتفاق الطرفين على جعل الاختصاص لمحكمة عابدين " محكمة المدعى " هو نقل الاختصاص المحلى من محكمة المدعى عليه كما تقضى بذلك القواعد العامة إلى محكمة المدعى المختصة بحسب قيمة النزاع وهو اتفاق جائز سواء فى ظل قانون المرافعات القائم أو الملغى .
( الطعن 166لسنة 32 مكتب فنى 17 صفحة 701 بتاريخ 24-03-1966)
تجاوز حدود الاختصاص النوعي .
…، و إذ تنص المادة الأولى من هذا القانون على أن " يفوض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة فى جميـع الموضوعات التى تتصل بأمن الدولة و سلامتها ، و تعبئة كل إمكانياتها البشرية و المادية ، و دعم المجهود الحربي و الاقتصاد الوطني ، و بصفة عامة فى كل ما يراه ضرورياً لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية " و مؤدى هذا النص أن التفويض يقتصر على المواضيع المحددة به و الضرورية لمواجهة الظروف الاستثنائية القائمة و وقتئذ التى أعقبها عدوان يونيو 1967 ، و قد صدر هذا التفويض بناء على ما خول لمجلس الأمة بمقتضى المادة 120 من دستور 1964 الذى كان معمولاً به ، و إذ كان القرار بالقانون رقم 84 لسنة 1969 فيما تضمنه من تشكيل مجلس إدارة لنادى القضاة من رئيس و أعضاء بحكم وظائفهم قد صدر فى موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض ، و يخالف مؤدى نصه و مقتضاه ، فإنه يكون مجرداً من قوة القانون و يجعله عديم الأثر و لا يصلح أداة لإلغاء أو تعديل أحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 ، لما كان ما تقدم فإنه يتعين إلغاء القرار بالقانون رقم 84 لسنة 1969 فى شأن نادى القضاة و اعتباره كأن لم يكن .
( الطعن 16 لسنة 43 مكتب فنى 28 صفحة رقم 128 بتاريخ 29-12-1977)
الطلبات الفرعية وأثرها علي تغيير الاختصاص النوعي
إذا كان الواقع أن الدعوى الأصلية قد أقيمت من المطعون عليه على الطاعن فى ظل قانون المرافعات الملغى أمام المحكمة الجزئية بطلبات لم تكن من اختصاصها طبقا لنص المادة 26 من ذلك القانون - إلا أن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظرها - كما أنه من جهته قد أقام على المطعون عليه دعوى فرعية بطلبات تزيد هي الأخرى عن نصاب المحكمة الجزئية - فإن كلا من الخصمين يعتبر قابلا لاختصاص تلك المحكمة بنظر كل من الدعويين وتكون تلك المحكمة مختصة بنظرهما بناء على هذا الاتفاق طبقا للمادة 27 من قانون المرافعات الملغى . ولم يكن لتلك المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بنظر أي من الدعويين - لقيام هذا الاتفاق على اختصاصها من جهة ولأن عدم الاختصاص النوعي لم يكن بحسب قانون المرافعات الملغى من النظام العام من جهة أخرى ، فإذا كان هذا الاختصاص قد ظل معقودا لها إلى أن أصدرت بتاريخ _/_/___م وقبل نفاذ قانون المرافعات الجديد - حكما بتت فيه فى أساس الخصومة وكيفت فيه العلاقة القائمة بينهما بأنها علاقة مقرض بمقترض لا علاقة بائع بمشتر ثم ندبت بذات الحكم خبيرا لتصفية الحساب على هذا الأساس - وبعد أن قدم الخبير تقريره واتضح منه أن ذمة المطعون عليه مشغولة للطاعن بمبلغ 1206 ج و6 م قضت المحكمة فى _/_/___م - بعد نفاذ قانون المرافعات الجديد - فى الدعوى الأصلية برفضها وفى الدعوى الفرعية بإلزام المطعون عليه بالمبلغ الذى انتهى إليه فحص الخبير ، وكان الحكم الصادر من المحكمة الجزئية بتاريخ _/_/___م هو حكم قطعي قد أنهى الخصومة فى أساسها ، فإنه لا يكون لها أن تقضى بعدم اختصاصها بالحكم بالمبلغ الذي ظهر من فحص الخبير ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ضمنـا باختصـاص المحكمـة
الجزئية بنظر الدعوى قد خالف القانون .
( الطعن 351 لسنة 24 ق ، جلسة 1959/1/29 )
الدفع بعدم الاختصاص النوعي وعلاقته بالإخلال بحق الدفاع :
إذا كانت الطاعنة قد قدمت مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى كما أوردت بها دفاعها فى الموضوع ، وقدمت المطعون عليها مذكرة بردها ، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه فى الدفع والموضوع ، فإنه يبين من ذلك أن الفرصة قد أتيحت للطاعنة لإبداء دفاعها الموضوعي وأنها أبدته فعلا ، ولا يكون هناك بطلان فى الإجراءات أثر على الحكم .
( الطعن 129 لسنة 34 مكتب فنى 18 صفحة 1676بتاريخ 14-11-1967)
القضاء الضمني في مسألة الاختصاص النوعي :
مؤدى نص المادة 109 من قانون المرافعات أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام ، و لذا فإن مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى تعتبر قائمة فى الخصومة و مطروحة دائماً على المحكمة و يعتبر الحكم الصادر فى الموضوع مشتملاً حتما على قضاء ضمني فى شأن الاختصاص .
( الطعن 206لسنة 42 مكتب فنى 27 صفحة 422 بتاريخ 10-02-1976)
إن تشكيل دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية للأجانب يدخل في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ، و لا يتعلق بالاختصاص النوعي .
إذا كان القرار الذي أصدرته محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى الدائرة المختصة بنظر دعاوى الأجانب ، لا ينطوى على قضاء بعدم الاختصاص ، فلا محل للتذرع بحكم المادة 135 من قانون المرافعات السابق معدله بالقانون رقم 100 لسنة 1963 - لإثبات الدفع بعدم اختصاص دائرة الأحوال الشخصية للمصريين ، ذلك أن تشكيل دوائر لنظر قضايا الأحوال الشخصية للأجانب يدخل فى نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ، و لا يتعلق بالاختصاص النوعي .
( الطعن 21 لسنة 39 مكتب فنى 25 صفحة 123 بتاريخ 09-01-1974)
إذ كانت الدائرة التي أصدرت الحكم فى طلب رد القاضي قد اختصت بنوع معين من القضايا مما يدخل فى التنظيم الداخلي لكل محكمة ، فإن ذلك لا يتعلق بالاختصاص النوعي للمحاكم و تكون هذه الدائرة باعتبارها إحدى دوائر المحكمة الابتدائية مختصة نوعياً بالفصل ابتدائيا فى طلب الرد .
( الطعن 967 لسنة 44 مكتب فنى 29 صفحة 96 بتاريخ 05-01-1978)
الطلبات
تحدد الطلبات بناء على اوجه الدفوع الى تم سردها
بسم الله الرحمن الرحيم
أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية
23 سبتمبر 2011
الصلح و الوساطة كبدائل لفض المنازعات القضائية طبقا لقانون الاجراءات المدنية و الادارية ((جزائر))
أولا الصلح :
الصلح عامة :
نصت عليه المواد 990 إلى 993 من القانون 09/08 المتضمن قانون الإجراءات المدنية الإدارية ، وهو على العموم إجراء جوازي يمكن ان يعرض من الخصوم الذين يجوز لهم التصالح تلقائيا ، كما يمكن أن يتم بسعي من القاضي .
والصلح غير مقيد بمدة معينة إذ يمكن اللجوء إليه في أي مرحلة كانت عليها الخصومة
والقاضي يما له من سلطة تقديرية هو الذي يحدد الزمان والمكان اللذين يراهما مناسبين لإجراء الصلح مالم توجد نصوص خاصة تقرر خلاف ذلك.
والصلح غير مقيد بمادة معينة إذ يمكن اللجوء إليه في أي مادة كانت بصريح المادة 04 من القانون 09/08 اللهم الاستثناءات المتعلقة بالقواعد الخاصة بالمادة الإدارية .
2-تثبيته:
نصت المادة 992 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على أنه يثبت الصلح في محضر يوقع عليه الخصوم والقاضي وأمين الضبط ويودع بأمانة ضبط الجهة القضائية.
3- آثاره :
- للصلح أثر منه للخصومة طبقا للمادة 220 من قانون 08/09 .
- يأخذ محضر الصلح نفس قيمة وحجية الحكم القضائي .
- يصبح محضر الصلح سندا تنفيذيا بمجرد التأشير عليه من طرف القاضي وإيداعه بامانة الضبط طبقا للمواد 600 فقرة 08 و 993 .
ثانيا الوساطة :
1-الوساطة عامة:
نصت عليه المواد من 994 إلى 1005 من القانون الجديد .
والوساطة عكس الصلح فهي إجراء وجوبي على القاضي القيام بها في الجلسة الأولى ، وهي جائزة في جميع المواد باستثناء قضايا شؤون الأسرة والقضايا العمالية على اعتبار أن لها إجراءات خاصة بها . كما أنها لا تجوز في كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام .
والوساطة يمكن ان تمتد إلى النزاع كله كما يمكن أن تنصب على جزء منه فقط
2- مدتها :
حدد المشرع في المادة 996 مدة الوساطة بثلاثة أشهر قابلة للتجديد لنفس المادة مرة واحدة بطلب من الوسيط إلذا ما اقتضى عمله ذلك شرط موافقة الخصوم : والسلطة التقديرية للقاضي في التمديد
3- الشروط الواجبة في الوسيط :
أ-الشروط الموضوعية :
يمكن ان تسند الوساطة إلى شخص طبيعي كما يمكن ان تسند إلى جمعية ، وعندما تسند إلى هذا الأخيرة يقوم رئيسها بتعين أحد اعضائها بتنفيذ الإجراء باسمها ويخطر القاضي يذلك .
ويجب أن تتوفر في الشخص الطبيعي المكلف بالوساطة فضلا عن حسن السلوك الإستقامة الشروط التالية :
-أن لا يكون قد تعرض إلى عقوبة عن جريمة مخلة بالشرف
- أن لا يكون ممنوعا من ممارسة حقوقه المدنية
-أن يكون مؤهلا بالنظر غ في المنازعة المعروضة عليه
-أن يكون محايدا ومستقلا في ممارسة الوساطة
ونصت المادة 998 المتضمنة كيفية تعين الوسيط وشروطه على ان كيفيات تطبيقها ستحدد لاحقا عن طريق التنظيم
ب- الشروط القانونية :
- أن تصدر في شكل أمر يقضي بتعيين الوسيط
أن يتضمن الأمر موافقة الخصوم
أن يتضمن الأمر تحديد الآجال الأولى الممنوحة للوسيط للقيام بمهمته
وأن يتضمن تاريخ رجوع القضية إلى الجلسة
3-صلاحيات الوسيط والتزاماته:
عندما ينطق بالأمر القاضي بتعيين الوسيط يقوم أمين الضبط بتبليغ نسخة منه للخصوم وللوسيط وعلى هذه الأخير أن يخطر القاضي دون تأخير بقبوله مهمة الوساطة ويستدعي الخصوم إلى أول لقاء للوساطة.
يجوز للوسيط بعد موافقة الخصوم سماع كل شخص يقبل سماعه ويرى في سماعه فائدة لتسوية النزاع
في حالة الاتفاق يحرر الوسيط محضرا يضمنه محتوى الاتفاق ويوقعه مع الخصوم
يلتزم الوسيط بحفظ السر إزاء الغير وأن يخبر القاضي بما توصل إليه الخصوم من اتفاق أو عدمه
4- رقابة القاضي للوساطة وأعمال الوسيط:
يمكن للقاضي في أي وقت إنهاء الوساطة بطلب من الوسيط أو الخصوم كما يمكن له إنهائها تلقائيا عندما يتبين له استحالة السير الحسن لها
يجب في جميع الحالات ان ترجع القضية إلى الجلسة ويستدعى الوسيط والخصوم عن طريق أمانة الضبط
يجب أن ترجع القضية للجدول بالتاريخ المحدد لها مسبقا من قبل القاضي
5- تثبيت الاتفاق:
عندما يتوصل الوسيط إلى اتفاق يحرر محضرا بمحتوى ذلك الاتفاق يوقعه مع الخصوم ، وبعد رجوع القضية للدول يقوم القاضي بالمصادفة على محضر الاتفاق بموجب أمر غير قابل لأي طريق من طرق الطعن
6- آثار الوساطة :
لا يترتب عن الوساطة تخلي القاضي عن القضية وبالتالي يمكنه اتخاذ أي تدبير يراه ضروريا في أي وقت
في حالة نجاح الوساطة يعد محضر الاتفاق بعد المصادقة عليه من القاضي سندا تنفيذيا ويسود نفس حجية الحكم القضائي طبقا لنص
المادة600 فقرة 08 والمدة 1004 من القانون 09/08
مقاربـــــة
وفي ختام المقال نعرض لهذه المقاربة بين الصلح والوساطة من حيث أوجه الشبه والاختلاف
1-أوجه الشبه
-كلاهما له أثر منهي للخصومة إذا ما تم نجاحهما
- كلاهما لهما نفس حجية الحكم القضائي
- كلاهما سند تنفيذي
2- أوجه الاختلاف :
*الوساطة
-الصلح
*إجراء وجوبي
-إجراء جوازي
*تسند إلى شخص طبيعي أو جمعية يسمى الوسيط
-يمكن أن يعرضه الخصوم او يتم بسعي من القاضي
*مدتها 03 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة
-غير مقيد بمدة معينة
*على القاضي القيام بها في الجلسة الأولى
-يمكن اللجوء إليه في أي مرحلة كانت فيها الدعوى
*تتناول الموضوع كليا أو جزء منه
-يتناول الموضوع ككل
*مقيدة ( تستثنى منها مادة الأحوال الشخصية والمادة الاجتماعية وكل ما من شأنه المس بالنظام العام )
-الصلح غير مقيد بمادة معينة
*تثبت في محضر يوقعه الوسيط والخصوم يصادق عليه بأمر قضائي غير قابل للطعن
-يثبت في محضر يوقع عليه الخصوم والقاضي وامين الضبط
*الوساطة سند تنفيذي بعد المصادفة عليه بالأمر القضائي
-محضر الصلح سند تنفيذي بمرد التأشير عليه وإيداعه
الصلح عامة :
نصت عليه المواد 990 إلى 993 من القانون 09/08 المتضمن قانون الإجراءات المدنية الإدارية ، وهو على العموم إجراء جوازي يمكن ان يعرض من الخصوم الذين يجوز لهم التصالح تلقائيا ، كما يمكن أن يتم بسعي من القاضي .
والصلح غير مقيد بمدة معينة إذ يمكن اللجوء إليه في أي مرحلة كانت عليها الخصومة
والقاضي يما له من سلطة تقديرية هو الذي يحدد الزمان والمكان اللذين يراهما مناسبين لإجراء الصلح مالم توجد نصوص خاصة تقرر خلاف ذلك.
والصلح غير مقيد بمادة معينة إذ يمكن اللجوء إليه في أي مادة كانت بصريح المادة 04 من القانون 09/08 اللهم الاستثناءات المتعلقة بالقواعد الخاصة بالمادة الإدارية .
2-تثبيته:
نصت المادة 992 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على أنه يثبت الصلح في محضر يوقع عليه الخصوم والقاضي وأمين الضبط ويودع بأمانة ضبط الجهة القضائية.
3- آثاره :
- للصلح أثر منه للخصومة طبقا للمادة 220 من قانون 08/09 .
- يأخذ محضر الصلح نفس قيمة وحجية الحكم القضائي .
- يصبح محضر الصلح سندا تنفيذيا بمجرد التأشير عليه من طرف القاضي وإيداعه بامانة الضبط طبقا للمواد 600 فقرة 08 و 993 .
ثانيا الوساطة :
1-الوساطة عامة:
نصت عليه المواد من 994 إلى 1005 من القانون الجديد .
والوساطة عكس الصلح فهي إجراء وجوبي على القاضي القيام بها في الجلسة الأولى ، وهي جائزة في جميع المواد باستثناء قضايا شؤون الأسرة والقضايا العمالية على اعتبار أن لها إجراءات خاصة بها . كما أنها لا تجوز في كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام .
والوساطة يمكن ان تمتد إلى النزاع كله كما يمكن أن تنصب على جزء منه فقط
2- مدتها :
حدد المشرع في المادة 996 مدة الوساطة بثلاثة أشهر قابلة للتجديد لنفس المادة مرة واحدة بطلب من الوسيط إلذا ما اقتضى عمله ذلك شرط موافقة الخصوم : والسلطة التقديرية للقاضي في التمديد
3- الشروط الواجبة في الوسيط :
أ-الشروط الموضوعية :
يمكن ان تسند الوساطة إلى شخص طبيعي كما يمكن ان تسند إلى جمعية ، وعندما تسند إلى هذا الأخيرة يقوم رئيسها بتعين أحد اعضائها بتنفيذ الإجراء باسمها ويخطر القاضي يذلك .
ويجب أن تتوفر في الشخص الطبيعي المكلف بالوساطة فضلا عن حسن السلوك الإستقامة الشروط التالية :
-أن لا يكون قد تعرض إلى عقوبة عن جريمة مخلة بالشرف
- أن لا يكون ممنوعا من ممارسة حقوقه المدنية
-أن يكون مؤهلا بالنظر غ في المنازعة المعروضة عليه
-أن يكون محايدا ومستقلا في ممارسة الوساطة
ونصت المادة 998 المتضمنة كيفية تعين الوسيط وشروطه على ان كيفيات تطبيقها ستحدد لاحقا عن طريق التنظيم
ب- الشروط القانونية :
- أن تصدر في شكل أمر يقضي بتعيين الوسيط
أن يتضمن الأمر موافقة الخصوم
أن يتضمن الأمر تحديد الآجال الأولى الممنوحة للوسيط للقيام بمهمته
وأن يتضمن تاريخ رجوع القضية إلى الجلسة
3-صلاحيات الوسيط والتزاماته:
عندما ينطق بالأمر القاضي بتعيين الوسيط يقوم أمين الضبط بتبليغ نسخة منه للخصوم وللوسيط وعلى هذه الأخير أن يخطر القاضي دون تأخير بقبوله مهمة الوساطة ويستدعي الخصوم إلى أول لقاء للوساطة.
يجوز للوسيط بعد موافقة الخصوم سماع كل شخص يقبل سماعه ويرى في سماعه فائدة لتسوية النزاع
في حالة الاتفاق يحرر الوسيط محضرا يضمنه محتوى الاتفاق ويوقعه مع الخصوم
يلتزم الوسيط بحفظ السر إزاء الغير وأن يخبر القاضي بما توصل إليه الخصوم من اتفاق أو عدمه
4- رقابة القاضي للوساطة وأعمال الوسيط:
يمكن للقاضي في أي وقت إنهاء الوساطة بطلب من الوسيط أو الخصوم كما يمكن له إنهائها تلقائيا عندما يتبين له استحالة السير الحسن لها
يجب في جميع الحالات ان ترجع القضية إلى الجلسة ويستدعى الوسيط والخصوم عن طريق أمانة الضبط
يجب أن ترجع القضية للجدول بالتاريخ المحدد لها مسبقا من قبل القاضي
5- تثبيت الاتفاق:
عندما يتوصل الوسيط إلى اتفاق يحرر محضرا بمحتوى ذلك الاتفاق يوقعه مع الخصوم ، وبعد رجوع القضية للدول يقوم القاضي بالمصادفة على محضر الاتفاق بموجب أمر غير قابل لأي طريق من طرق الطعن
6- آثار الوساطة :
لا يترتب عن الوساطة تخلي القاضي عن القضية وبالتالي يمكنه اتخاذ أي تدبير يراه ضروريا في أي وقت
في حالة نجاح الوساطة يعد محضر الاتفاق بعد المصادقة عليه من القاضي سندا تنفيذيا ويسود نفس حجية الحكم القضائي طبقا لنص
المادة600 فقرة 08 والمدة 1004 من القانون 09/08
مقاربـــــة
وفي ختام المقال نعرض لهذه المقاربة بين الصلح والوساطة من حيث أوجه الشبه والاختلاف
1-أوجه الشبه
-كلاهما له أثر منهي للخصومة إذا ما تم نجاحهما
- كلاهما لهما نفس حجية الحكم القضائي
- كلاهما سند تنفيذي
2- أوجه الاختلاف :
*الوساطة
-الصلح
*إجراء وجوبي
-إجراء جوازي
*تسند إلى شخص طبيعي أو جمعية يسمى الوسيط
-يمكن أن يعرضه الخصوم او يتم بسعي من القاضي
*مدتها 03 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة
-غير مقيد بمدة معينة
*على القاضي القيام بها في الجلسة الأولى
-يمكن اللجوء إليه في أي مرحلة كانت فيها الدعوى
*تتناول الموضوع كليا أو جزء منه
-يتناول الموضوع ككل
*مقيدة ( تستثنى منها مادة الأحوال الشخصية والمادة الاجتماعية وكل ما من شأنه المس بالنظام العام )
-الصلح غير مقيد بمادة معينة
*تثبت في محضر يوقعه الوسيط والخصوم يصادق عليه بأمر قضائي غير قابل للطعن
-يثبت في محضر يوقع عليه الخصوم والقاضي وامين الضبط
*الوساطة سند تنفيذي بعد المصادفة عليه بالأمر القضائي
-محضر الصلح سند تنفيذي بمرد التأشير عليه وإيداعه
الدعوى الاستعجالية وفقا للقانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد((جزائر ))
خطة البحث
مقدمة
المبحث الأول: ماهية الدعوى الاستعجالية الإدارية
المطلب الأول: مفهوم الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول:تعريف الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الثاني:حالات الاستعجال
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول:الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الثاني:الشروط الخاصة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
المبحث الثاني:سلطات قاضي الاستعجال الاداري والاستعجال الفوري
المطلب الأول: سلطات قاضي الاستعجال الإداري
الفرع الأول: الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق
الفرع الثاني: الاستعجال في مادة التنسيق المالي
الفرع الثالث: الاستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات
المطلب الثاني: سلطات قاضي الاستعجال الإداري الفوري
الفرع الأول: في سلطات قاضي الاستعجال الإداري الفوري
الفرع الثاني: في طرق الطعن في الأوامر الاستعجالية الإدارية الفورية
المبحث الثالث: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي
المطلب الأول: في إجراءات رفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: في إجراءات الدعوى
الفرع الثاني: الفرق بين إجراءات السابقة والإجراءات الجديدة
المطلب الثاني: طرق الطعن في الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: طرق الطعن العادية
الفرع الثاني: طرق الطعن الغير عادية
خاتمة
المقدمة
انطلاقا من مبدأ المشروعية المكرس دستوريا فان المشرع قد أخضع أعمال الإدارة إلى رقابة القضاء ومنه فان كل مواطن يشعر بأنه متضرر من تصرفات الإدارة القانونية أو المادية أن يلجأ إلى القضاء الإداري لمخاصمة الإدارة المعنية بموجب دعوى قضائية متبعا إجراءات خاصة.
بيد أنه عند إتباع الإجراءات العادية في مقاضاة الإدارة قد يستغرق ذلك وقتا طويلا حتى يفصل في الدعوى ، مما يؤدي إلى ضياع الحق المراد حمايته أو تترتب عن ذلك أضرار كما أن الإدارة قد تكون نفذت قرارها الأمر الذي يجعل المشرع يضع إلى جانب إجراءات القضاء العادي إجراءات القضاء المستعجل التي سنها في الباب الثالث من الكتاب الرابع: تحت عنوان الاستعجال من قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/ 09 من المواد 917 إلى 948
وتكون الإشكالية كتالي:
ماهي الامور التي تداركها المشرع الجزائري في قانون الاجراءات المدنية و الادارية ونص عليها في التعديل الجديد ؟و فيما أهم الفروقات التي تميز بين قانون القديم والتعديل الجديد لدعوى الاستعجالية الإدارية ؟
المبحث الأول: ماهية الدعوى الاستعجالية
المطلب الأول: مفهوم الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: تعريف الدعوى الاستعجالية الإدارية
هي مجموعة الإجراءات التي ترمي إلى الفصل بصفة مستعجلة وسريعة في حالات الاستعجال في المسائل المستعجلة أو في الحالات التي تثير فيها السندات والأحكام ا إشكالات عند مباشرة التنفيذ(1)
و يمكن تعريف القضاء الاستعجالي بأنه : الفصل في المنازعة التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس بأصل الحق ، و إنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة او صيانة مصالح الطرفين المتنازعين(2)
والقضاء المستعجل هو قضاء مؤقت لا يمس بأصل الحق وفقا للمادة 918 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد التي ينص على أنه( يأمر قاضي الاستعجال بالتدابير المؤقتة, لا ينظر في أصل الحق ويفصل في أقرب الآجال )
الفرع الثاني : حالات الاستعجال
1التعــدي(3):
إن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوم التعدي و كذا القوانين المقارنة سواء الفرنسي أو المصري إلا أن القضاء الفرنسي ذكر عدة مفاهيم للتعدي.
و قد عرفه مجلس الدولة الفرنسي بأنــه :
تصرف صادر عن الإدارة يظهر أنه لا يتعلق بالصلاحيات المخولة لها قانونــا
في حين عرفته محكمة التنازع الفرنسية بأنه :
تصرف صادر عن الإدارة لا يمكن ربطه بتطبيق نص قانوني أو تنظيمـي
كما جاء في أحكام مجلس الدولة و محكمة التنازع الفرنسيين بأنه لكي يكون هناك تعدي لا بد أن تمس الإدارة بحق الملكية الخاصة أو إحدى الحريات الأساسيـة.
____________________________
(1)الغوثي ابن ملحة.القانون القضائي الجزائري.ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر.2002. ص 336.
(2)المستشار معوض عبد التواب.الوسيط في قضاء الأمور المستعجلة و قضاء التننفيذ.ص16-17. لحسين بن شيخ آث ملويا.المنتقى في قضاء الاستعجال الإداري.دار هومه.الجزائر.2007.ص12.
(3) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-4-
أما الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا فقد إعتبرت الإعتداء المادي أو التعدي
كل تصرف من الإدارة يكون مشوبا بخطا جسيم على الحقوق الأساسية للأفراد
قضية السيدة حاج بن علي ضد والي ولاية الجزائر.
قرار صادر في 09/07/1971.
السيد والي ولاية الجزائر قام بطرد السيدة حاج بن علي من المسكن المؤجر لها دون اللجــوء
الى القضــاء.
و جاء في حيثيات القرار "" حيث أن الوالي إستعمل سلطة لا تدخل بأي حال من الأحوال في إختصاص الإدارة
في حالة التعدي الذي هو عمل مادي يزيد عن العمل الإداري الطبيعة الإدارية، يجوز للقاضي
الإداري خروجا عن المبدأ القائل بعدم جواز توجيه أوامر للإدارة عند الفصل في الدعوى، أن
يوجه أوامرا للإدارة لوقف التعدي و إعادة الحالة الى ما كانت عليه من قبل أو إلزامها بإخلاء
الأماكــن.
2 الاستيـلاء(4):
هو تجريد أحد الأفراد من ملكية خاصة عقارية. و يستخلص هذا التعريف أنه لكي نكون بصدد الاستيلاء يجب توافر بعض الشروط و هــي :
أ- أن يجرد فرد من ملكيته العقارية بواسطة وضع اليد عليها من طرف الإدارة و يكون هناك إستيلاء و لو كان جزئيا "" قرار المحكمة العليا – الغرفة الإدارية رقم 93 مــــــؤرخ في 04/02/1996 بين بلدية بوعنداس و عثماني العياشـي.
" بلدية بوعنداس إستولت على جزء من ملكية المدعي عند إصلاحها للطريق و أعترفت بذلك "
ب- يجب أن يكون الإستيلاء غير مشروع بمعنى ينعدم فيه أي سند قانوني لأنه إذا كان الإستيلاء بناء على سند قانوني أي مشروع فإن قاضي الموضــــوع هو المختص.
ج – يجب أن يكون التجريد من ملكية عقارية
3الغلق الإداري(5):
و هو حالة من الحالات المستثناة من ضابط عدم اعتراض تنفيذ القرارات الادارية ، و يقصد بالغلق الاداري بأنه ذلك الاجراء الذي تتخذه السلطة الادارية المختصة تنفيذا لصلاحياتها القانونية تعمد فيه الى غلق محل ذو استعمال تجاري او مهني او وققف تسييرع بصفة نهائية او مؤقتة
____________________________
(4) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
(5)مقالة بعنوان القضاء الاستعجالي في المواد الادرارية وفقا لتعديلات قانون 2001. خولة كلفاني.مجلة المنتدى القانوني.كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الكفاءة المهنية.العدد3.ماي 2006.ص165-166.
-5-
- و قد يتخذ قرار الغلقل الاداري شكل الجزاء الاداري أي يكون بمثابة عقوبة ادارية لصاحب المحل عما ارتكبه من مخالفات كما تنص عليه مثلا المادة 75 من القانون 196/06 المؤرخ في 25/01/1996 و المتضمن قانون المنافسة التي تسمح للوزير المكلف بالتجارة بالتخاذ قرار غلق المحل لمدة لا تتجاوز 30 يوما في حالة انتهاك صاحب المحل لاحكام هذا القانون المحددة على سبيل الحصر ، و ينفذ بموجب قرار يتخذه الوالي المختص اقليميا .
- كما يتخذ قرار الغلق صورة العقوبة التهديدية من اجل حمل صاحب المحل على احترام المقتضيات القانونية او الشروط الضرورية لممارسة نشاطه بذات المحل .
و اخيرا قد يتخذ الغلق الادراي يهدف حماية ووقاية عتصر او عدة عناصر من النظام العام.
المطلب الثاني:الشروط الواجب توافرها لرفع الدعوى الاستعجالية :
الفرع الأول: الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
أولا: المصلحة:
تنص المادة 13 من قانون الإجراءات الإدارية والمدنية على أنه " لا يجوز لأي شخص التقاضي بما لم تكن له صفة وله مصلحة قائمة ومحتملة يقرها القانون "
وشرط المصلحة يقوم على عنصرين وفقا للمادة السابقة الذكر وهما
1 /ادعاء الحق يستند إلى القانون:
وهو أن يدعى المدعى يعترف به القانون أو يحميه بصفة محددة, وعلى القاضي أن يتأكد من توفر شرط المصلحة وان يتحقق بأن ما يدعيه المدعي هو يعتمد على حق يحميه القانون.
2/ أن يكون الاعتداء على الحق قائما في نفس الوقت:
ومعناه يكون حق المدعى أو المركز القانوني الذي يدعيه ويطلب حمايته من القاضي قد أعتدي عليه فعلا.
وعلى هذا الأساس كأصل عام يجب أن يكون الحق الذي يطالب بحمايته محققا وواضحا وأن لا يكون شيئا محتملا باستثناء أن يكون الغرض من الدعوى هو دفع ضرر محدق.
ثانيا: الصفة:
وفقا للمادة 13 السابقة الذكر فانه لا يجوز لأي شخص التقاضي مالم تكن له صفة. والقاضي يثير تلقائيا انعدام الصفة في المدعى أو المدعى عليه
-6-
ويقصد بالصفة أن يكون صاحب الحق الموضوعي هو القائم بالدعوى.(6)
الفرع الثاني: الشروط الخاصة لرفع الدعوى الاستعجالية
يجب أن تتوافر الدعوى الاستعجالية الإدارية العناصر التالية :
أولا: عنصر الاستعجال:
نصت المادة 919 من قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد " يجوز للقاضي الاستعجالي أن يأمر بوقف نتفيذ هذا القرار أو وقف أثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك . ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من شأنه احداث شك جدي حول مشروعية القرار .عندما يقضي بوقف التنفيذ , يفصل في طلب الغاء القرار في أقرب الاجال , ينتهي أثر وقف التنفيذ عند الفصل في موضوع الطلب "
ومن ذلك يعتبر عنصر الاستعجال شرطا أساسا في كل دعوى استعجالية إدارية يجب توافره حتى ينعقد اختصاص القاضي الإداري الاستعجالي.
- تعريف الاستعجال:(7)
رغم اعتبار الاستعجال كشرط رئيسي جوهري للاختصاص النوعي للتقاضي الاستعجالي فان المشرع الجزائري لم يعرف لفظ الاستعجال بل اكتفى بتعيين نوع الدعاوي التي يرتب لها حكما بوصفه بهذه الصفة.
فيما ذهب الفقه والقضاء مذاهب عدة في تعريف الاستعجال فقضت محكمة النقض الفرنسية وحدى حدودها الكثير من الشرح في فرنسا وبلجيكا ومصر بان الاستعجال لا يتوفر إلا في الأحوال التي يترتب على التأخير فيها ضرر لا يحتمل الإصلاح، واستند الرأي إلى عبارة وردت في خطاب ألقاه المستشار ريال في 11-04-1806 بالمجلس التشريعي في الأعمال التحضيرية لباب القضاء المستعجل إذ قال : " يتردد رئيس المحكمة في الحكم في الدعاوي التي يترتب على اقل تأخير فيها ولو بضعة ساعات ضرر لا يقبل الإصلاح".
كما عرفه البعض بأنه: " الضرورة التي لا تحتمل تأخيرا أو انه الخطر المباشر الذي لا يكفي في إلقائه رفع الدعوى بالطريق المعتاد حتى مع تقصير المواعيد ".
____________________________
(6)المادة 919 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
(7) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-7-
وعرفه البعض الآخر بأنه: " الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده ".
وقال البعض بان: " الاستعجال يوجد في كل حاله يؤدي فيها التأخير في الإجراء المؤقت إلى فوات المصلحة وضياع الحق فضلا عن زوال المعالم ".
وقيل بان الاستعجال هو الضرورة الداعية إلى اتخاذ الإجراء المطلوب ".
وهناك رأي آخر يرى بان الاستعجال هو ضرورة الحصول على الحماية القانونية العاجلة التي لا تتحقق من إتباع الإجراءات العادية للتقاضي نتيجة لتوافر ظروف تمثل خطرا على حقوق الخصم أو تتضمن ضررا قد يتعذر تداركه وإصلاحه.
كما عرف الاستعجال بأنه: " طلب اتخاذ إجراء وقتي يبرره خطر داهم أوامر يتضمن ضرر قد يتعذر أو يصعب إزالته إذا لجأ الخصوم إلى المحاكم بإجراءات الدعوى العادية ".
وعرف كذلك بان: "الاستعجال يتحقق كلما توافر أمر يتضمن خطرا داهما أو يتضمن ضررا قد لا يمكن تلاقيه إذا لجا الخصوم إلى القضاء العادي."
ونجد معظم التعريفات السابقة تتكلم عن الاستعجال خطر وان كان تعريف الاستعجال بأنه الخطر يعد تعريفا غير دقيق ويتضمن خلط بين السبب والمتسبب، لان الخطر هو سبب الاستعجال والاستعجال هو مسبب أو نتيجة لوجود الخطر.
فالاستعجال هو حالة قانونية تنشا من الخطر الناتج عن التأخير أو من فوات الوقت، قبل الحصول على الحماية القضائية الموضوعية، ويولد الخطر الحاجة الملحة إلى حماية قضائية عاجلة يتم بمقتضاها تفادي وقوع الضرر بالحقوق أو المراكز القانونية التي يراد المحافظة عليها".
ويبرر هذا التعريف ثلاثة عناصر هي حالة خطر وضرر.
- فمن ناحية الاستعجال كحالة:
فان حالة الاستعجال تستمد كيانها من الظروف المحيط بالحق وبالدعوى المرفوعة من اجل حمايته، لأمن إرادة الخصوم والوصف الذي يخلعونه على منازعتهم، وبذلك فلا يوجد استعجال لمجرد رغبة الخصم رافع الدعوى في الحصول على حكم مستعجل لطلباته.
وتتغير حالة الاستعجال من قضية لأخرى و تتأثر بظروف الزمان والمكان وتتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط والأزمنة المختلفة ولا يوجد معيار ثابت لتقديرها ويتم توافرها في كل قضية على حدى، ويستخلص القاضي حالة الاستعجال من وقائع الدعوى وظروفها، ولا رقابة عليه من المحكمة العليا عند تقدير ثبوت الوقائع المستعجلة وتقتصر الرقابة على مدى ربط الوقائع بالقانون، وتكييف الوقائع تكييفا قانونيا.
-8-
- من ناحية الخطر كسبب للاستعجال:
ويقصد به الخطر في التأخير أو الخشية من فوات الوقت قبل تحقق الحماية الوقتية للحق أو المركز القانوني.
ويجب أن يكون الخطر الذي يولد الاستعجال:
- حقيقيا: فان لم يكن كذلك زالت حالة الاستعجال ولا اثر للاستعجال في حالة الخطر الوهمي .
- حالا: فإذا زال الخطر الذي كان يوشك أن يوقع ضررا بليغا زال شرط الاستعجال.
- محدقا: أي مؤثرا ومنتجا ويكون كذلك إذا كان من شان استمراره الأضرار بالحق أو المركز القانوني، وكان دفعه أو درؤه لا يحتمل الانتظار.
- من ناحية الضرر : يجب أن يكون الضرر مستقبلا ووشيك الوقوع، ولا يلزم أن يكون قد تحقق وإلا زالت علة الحماية الوقتية المستعجلة، لان الوظيفة الوقائية للقضاء المستعجل هي حماية الطالب من ضرر محتمل، و ليست غاية جزائية تستهدف إزالة ضرر حل أو تحقق.
أن الاستعجال كشرط الاختصاص بالدعاوي المستعجلة هو شرط مستمر لا يلزم توافره عند رفع الدعوى المستعجلة فحسب، وإنما يلزم توافره خلال كافة مراحلها ووقت صدور الأمر المستعجل فيها، إذ يتعين بقاء أمرين:
- المبرر للاختصاص ليظل الاختصاص للمحكمة.
- وسبب إصدار الأمر المستعجل.
فإذا توافر الاستعجال في الدعوى فان هذا الوصف لا يزول عنها ولو تراخى الخصم في إقامة الدعوى المستعجلة، فقد يكون تأخره بقصد حل النزاع وديا أو الحصول على صلح أو الرغبة في تفادي اللجوء إلى القضاء المستعجل ويستخلص القاضي المستعجل من وقائع وظروف الدعوى ما إذا كان التأخير في رفع الدعوى دليلا على تنازل الخصم عن الحماية العاجلة المؤقتة، الأمر الذي يزيل وصف الاستعجال عن الدعوى أم أن التأخير كان لسبب لا يتضمن التنازل، فلا يزول وصف الاستعجال عن الدعوى.
ويترتب على عدم توافر الاستعجال في الدعوى الأمر بعدم اختصاص القاضي الاستعجالي لعدم توفر احد شرطي اختصاصه
حالات التوافر الدائم لشرط الاستعجال(8)
____________________________
(8)عبد العزيز عبد المنعم خليفة. الدفوع الادارية في دعوى الالغاء و الدعوى التأديبية و المستعجلة.منشأة المعارف.2007. ص397-398
-9-
اذا كان طالب وقف تنفيذ القرار الاداري مطالب بالاثبات قيام حالة الاستعجال ، حتى يجاب على طلبه فإنه استثناءا من هذا الاصل هناك من القرارات الادارية ما يتحقق بشأتها شرط الاستعجال عند طلب وقف تنفيذها دون حاجة الى ان يثبت طالب التنفيذ ذلك ، مع عدم قبول دفع الادارة بنفي توافر حالة الاستعجال .
و مرجع ذلك هو خطورة تلك القرارات حال تنفيذها بالنسبة لصاحب الشأن لمساسها المباشر بحقوق كفلها له الدستور او لمساسها بمقومات حياته من الناحيتين المادية و الادبية و من هذاه الحالات قيام حالة الاستعجال في القرارات الماسة بالحقوق الدستورية و ذلك اعمالا لمبدأ تدرج القوانين فإنها لا يجوز لقانون ان يخالف حكم اتى به الدستور و من باب اولى فانه لا يجوز لقرار اداري ان يقيد حقا كلفه الدستور للمواطنين ، فاذا حدث ذلك كان من شأن تنفيذ هذا القرار اصابة صاحب الشأن باضرار يصعب تداركها مما يتوافر معه قيام ركن الاستعجال.
ثانيا: أن لا تمس بأصل الحق:
وهذا وفقا لنص المادة 918 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية الجديد الفقرة الثانية التي ذكرت " لا ينظر في أصل الحق, ويفصل في أقرب الآجال "
فالدعوى الاستعجالية لا تتضمن بشكل جوهري حقوق الأطراف ومراكزهم القانونية لأنها مجرد تدابير تحفظية وقتية لذا أوجب المشرع الجزائري على القاضي الاستعجالي الإداري عند نظره في الدعوى الاستعجالية أن لا يمس أصل الحق,
فالقاضي لا يتناول الحق المراد حمايته بالتفسير والتأويل ولا يقدر أسانيد الخصوم من حيث قيمتها القانونية بل عليه فحص ظاهر المستندات ويستخلص منها من هو الطرف الأجدر بالحماية المؤقتة لحقوقه (9)
والمقصود بأصل الحق هو كل ما يتعلق بالحق وجوداً و عدماً فيدخل في ذلك ما يمس صحته أو يؤثر في كيانه أو يغير فيه أو في الآثار القانونية التي رتبها له القانون أو التي قصدها المتعاقدان، و بذلك فإذا رفعت دعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القضاء المستعجل، كأن ترفع الدعوى بطلب فسخ عقد أوصحته أو بطلانه أو بطلب تعويض أو تثبيت ملكية أو تقرير حق ارتفاق عليها.
و تجدر الإشارة أن القاضي المستعجل مكلف بالبحث في منازعات الطرفين ليتوصل لتحديد اختصاصه، فإن كان ممنوع من التعرض لأصل الحق فلا يمنع من تفحص الموضوع وأصل الحق من حيث الظاهر ليصل إلى القضاء في الإجراء الوقتي المطلوب منه.
____________________________
(9) المادة 918 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-10-
إذ لا يستطيع في الكثير من الأمور أداء مهمته و القضاء في الإجراء الوقتي المطلوب منه، إلا إذا تناول الحق نفسه لتقدير قيمته.
فإذا فحص ظاهر المستندات و تبين له أن الفصل في الدعوى سيمس أصل الحق فإنه يقضي بعدم اختصاصه بنظر الدعوى.
أما إذا توصل من فحصه إلى أنّ الأمر لا ينطوي على مساس بأصل الحق، و أنّ ما أثاره الخصم من منازعات لا تستند إلى أساس جدي فإنه يفصل في الدعوى.
إذ يشترط في المنازعات الموضوعية التي تمنع اختصاص القضاء المستعجل أن تكون جدية و على أساس من القانون، أما مجرد المزاعم و الأقوال غير الجدية فلا تحد من سلطته، ويقضي بالرغم منها في الدعوى المطروحة أمامه، و إن تبين له أنّ المنازعة فيها مساس بالموضوع قضى بعدم اختصاصه.
- كيفية بحث المنازعات الموضوعية:
يتعين على قاضي الأمور المستعجلة عند البحث في المنازعات التي تثار أمامه أن يفحص نقطتين:
الأولى: ما إذا كانت للمسائل المثارة ظل من الصواب من ظاهر المستندات أم لا.
الثانية: ما إذا كان يجب الفصل فيها من محكمة الموضوع قبل الفصل في الدعوى، أي ما إذا كان الفصل في الإجراء المؤقت المطروح أمامه يتضمن الفصل في هذه المسائل و يؤثر بذلك في الحقوق التي يقوم عليها أم لا.(10)
____________________________
(10) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-11-
المبحث الثاني: سلطات قاضي الاستعجالي الإداري و الاستعجالي الفوري(11)
المطلب الأول: سلطات قاضي الاستعجالي الإداري
الفرع الأول: الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق
أولا: في إثبات الحالة:
وقد نصت المادة 939 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على أنه " يجوز لقاضي الاستعجال مالم يطلب منه أكثر من إثبات حالة الوقائع بموجب أمر على عريضة ولو في غياب قرار إداري مسبق,أن يعين خبيرا , ليقوم بدون تأخير بإثبات حالة الوقائع التي من شأنها أن يؤدي إلى نزاع أمام الجهة القضائية يتم إشعار المدعى عليه المحتمل من قبل الخبير المعين على الفور "
فمهمة الموظف أو الخبير الذي كلف بإثبات حالة هي مجرد تصوير الوقائع الحاصلة التي طلب منه إثباتها ووصفها وتحرير محضر من ذلك, مثل إثبات حالة البضائع التي وصلت إلى الميناء وهي فاسدة حتى يتمكن المدعى مطالبة شركة التأمين بالتعويض مستقبلا أمام قاضي الموضوع
والموظف أو الخبير القائم بإثبات الحالة هنا يقوم بتصوير وتقدير الوقائع التي يلاحظها بنفسه وليست الوقائع التي يرونها الأطراف
ثانيا: في تدابير التحقيق:
وقد نصت عليها المادتين:940/ 941 من ق ا م ا
" يجوز لقاضي الاستعجالي بناء على عريضة ولو في غياب قرار إداري مسبق أن يأمر بكل تدبير ضروري للخبرة أو التحقيق "
فالخبرة هي من الإجراءات الكثيرة الاستعمال من طرف القضاة سواء القضاء المدني أو الإداري وأهمية الخبرة تزداد في الأمور المستعجلة أمام الغرف الإدارية خاصة في مجال الأشغال العمومية والمنازعات الضريبية
ويكون تكوين الخبير بناء على طلب أحد الخصوم وهو مجرد إجراء تمهيدي أو تحضيري قبل الفصل في موضوع النزاع بصفة نهائية .
____________________________
(11) المواد من 919 الى 947 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-12-
الفرع الثاني: الاستعجال في مادة التسبيق المالي
وقد نصت على التسبيق المالي المواد من 942/ إلى 945 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
فللقاضي الاستعجالي أن يمنح تسبيقا ماليا إلى الدائن الذي رفع دعوى في الموضوع أمام المحكمة الإدارية وهذا مالم يكن هناك نزاع في وجود الدين بصفة جدية
ويكون هذا الأمر قابلا للاستئناف أمام مجلس الدولة خلال أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي
كما يجوز أن يمنح تسبيقا ماليا من مجلس الدولة اذا نظر في الاستئناف ما لم ينازع في وجود الدين بصفة جدية
الفرع الثالث: الاستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات
ينص عليها المادتين 946/ الى 947 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
يمكن لكل ذي مصلحة في إبرام العقد الذي قد يتضرر منه إخطار المحكمة الإدارية بعريضة وذلك في حالة الإخلال بالالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود والصفقات العمومية قبل إبرام العقد أو بعده وللمحكمة الإدارية أن تأمر المتسبب في الإخلال بالامتثال لا التزاماته وتحديد الأجل الذي يجب أن يتمثل فيه ولها الحكم بغرامة تهديديه تسري من تاريخ انقضاء الأجل المحدد كما لها بمجرد إخطاره أن تأمر بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات ولمدة لا تتجاوز 20يوم.
وتفصل المحكمة الإدارية في أجل 20يوما تسري من تاريخ إخطارها بالطلبات المقدمة لها طبقا للمادة 946 أعلاه وفقا لنص المادة 947 ق ا م ا .
المطلب الثاني: سلطات قاضي الاستعجالي في الاستعجال الفوري:
أولا: يجوز لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري أو وقف آثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك أو متى ظهر للقاضي من خلال التحقيق شك جدي حول مشروعية القرار, وعندما يقضي بوقف التنفيذ يفصل في طلب إلغاء القرار في أقرب الآجال
ثانيا: كما لقاضي الاستعجال حين فصله في الطلب المشار إليه سابقا وإذا كانت ظروف الاستعجال قائمة, أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات الأساسية المنتهكة من الأشخاص
-13-
المعنوية العامة متى كانت هذه الانتهاكات تشكل مساسا خطيرا وغير مشروع بتلك الحريات.
ثالثا: كما أن للقاضي في حالتي التعدي والاستيلاء أو الغلق الإداري أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه حسب نص المادة 921 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد وأساس هذه الفكرة أن قرارات وأعمال الإدارة مفروض فيها أنها تتسم بقرينة الصحة والمشروعية كونها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة, وبالتالي فان فسح المجال للمواطنين للاعتراض على تنفيذ القرارات الإدارية التي تصدرها من شأنه أن يعرقل السير الحسن للمرافق العامة باستثناء التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري.
رابعا: نصت المادة 922 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه " يجوز يجوز لقاضي الاستعجال بطلب من كل ذي مصلحة أن يعدل في أي وقت وبناء على مقتضيات جديدة , التدابير التي سبق أن أمر بها أو بضع حدا لها "
-14-
المبحث الثالث: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي وطرق الطعن فيها
المطلب الأول: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي
الفرع الأول: إجراءات الدعوى(12)
وتنص عليها المواد من 923 الى 935 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
إن التدابير الاستعجالية هي تدابير ذات طابع مؤقتة تتطلب بساطة وسرعة في الفصل لذلك فان رفع الدعوى الاستعجالية والفصل فيها يتم بإجراءات تختلف عن تلك المتبعة أمام قاضي الموضوع وتكون هذه الإجراءات وجاهية , كتابية, وشفوية وفقا لنص المادة 923 ق ا م ا .
بحيث لا يتوافر الاستعجال في الطلب, أو يكون غير مؤسس, يرفض قاضي الاستعجال هذا الطلب بأمر مسبب
وعندما يظهر أن الطلب لا يدخل في اختصاص الجهة القضائية الإدارية, يحكم بعدم الاختصاص النوعي.وفقا لنص المادة 924 ق ا م ا .
ويجب أن ترفع العريضة الرامية إلى استصدار تدابير استعجالية عرضا موجزا للوقائع والأوجه المبررة للطابع الاستعجالي للقضية وفقا لنص المادة 925 ق ا م ا.
ويجب أن ترفع العريضة الرامية إلى وقف تنفيذ القرار الإداري أو بعض آثاره, تحت طائلة عدم القبول, بنسخة من عريضة دعوى الموضوع. وفقا لنص المادة 926 ق ا م ا.
تبلغ رسميا العريضة الى المدعى عليهم, وتمنح للخصوم أجال قصيرة من طرف المحكمة, لتقديم مذكرات الرد أو ملاحظاتهم ويجب احترام هذه الآجال بصرامة وألا استغني عنها دون أعذار وفقا لنص المادة 928 ق ا م ا.
وعندما يخطر قاضي الاستعجال بطلبات مؤسسة وفقا لأحكام المادة 919 أو المادة 920 أعلاه ’ يستدعى الخصوم إلى الجلسة في أقرب الآجال وبمختلف الطرق. وفقا لنص المادة 929 ق ا م ا.
تعتبر القضية مهيأة للفصل فيها بمجرد استكمال الإجراء المنصوص عليه في المادة 926 أعلاه والتأكد
من استدعاء الخصوم بصفة قانونية الى الجلسة وفقا لنص المادة 930 ق ا م ا .
____________________________
(12)المواد 923 الى935 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-15-
يختتم التحقيق بانتهاء الجلسة, مالم يقرر قاضي الاستعجال تأجيل اختتامه إلى تاريخ لاحق ويخطر به الخصوم بكل الوسائل. وفي الحالة الأخيرة يجوز أن توجه المذكرات والوثائق الإضافية المقدمة بعد الجلسة وقبل اختتام التحقيق ومباشرة إلى الخصوم الآخرين عن طريق محظر قضائي, بشرط أن يقدم الخصم المعني الدليل عما قام به أمام القاضي.يفتح التحقيق من جديد في حالة التأجيل إلى جلسة أخرى.وفقا لنص المادة 931 ق ا م ا .
يتم التبليغ الرسمي للأمر الاستعجالي , وعند الاقتضاء , يبلغ بكل الوسائل وفي أقرب الآجال وفقا لنص المادة 934 ق ا م ا .
ويترتب الأمر الاستعجالي أثاره من تاريخ التبليغ الرسمي أو التبليغ للخصم المحكوم عليه.غير أنه, يجوز لقاضي الاستعجال أن يقرر تنفيذه فور صدوره
يبلغ أمين ضبط الجلسة ’ بأمر من القاضي, منطوق الأمر ممهورا بالصيغة التنفيذية في الحال إلى الخصوم مقابل وصل الاستلام, إذا اقتضت ظروف الاستعجال ذلك. وفقا لنص المادة 935 ق ا م ا
الفرع الثاني: الفرق بين إجراءات السابقة والإجراءات المعدلة
في قانون الإجراءات المدنية القديم ( قبل التعديل) كان الفصل في الدعوى الاستعجالية يكون من اختصاص قاضي فرد
حسب نص المادة 171 مكرر / 172 قانون الإجراءات الإدارية القديم
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد طبقا لنص المادة 917 " يفصل في الاستعجال بالشكلية الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع "
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد: اشترط تحت طائلة البطلان إرفاق العريضة الافتتاحية الرامية الى وقف تنفيذ القرار الإداري بنسخة من عريضة دعوى الموضوع حسب نص المادة 926 قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد, لكن لم ينص عليه في القانون القديم.
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد حسب نص المادة 931 تنص على أنه " يختتم التحقيق بانتهاء الجلسة, ما لم يقرر قاضي الاستعجال تأجيل اختتامه إلى تاريخ لاحق ويخطر به الخصوم بكل الوسائل.
وفي الحالة الأخيرة يجوز أن توجه المذكرات والوثائق الاضافية المقدمة بعد الجلسة وقبل اختتام التحقيق ومباشرة إلى الخصوم الآخرين عن طريق محضر قضائي, بشرط أن يقدم الخصم المعني الدليل عما قام به أمام القاضي.يفتتح التحقيق من جديد في حالة التأجيل إلى جلسة أخرى" .لكن هذا الإجراء لم يكن موجود في القانون القديم
المطلب الثاني: طرق الطعن في الدعوى الاستعجالية الإدارية
لم يتطرق المشرع في قانون الاجراءت المدنية و الإدارية إلى كل طرق الطعن في الأوامر
-16-
الاستعجالية ، حيث ذكر فقط الاستئناف كما اضاف المعارضة حديثا وهذا لا يمنع من جواز الطعن في المواد الاستعجالية بالطرق الأخرى
الفرع الأول : طرق الطعن العادية(13)
نصت المادة 936 قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد نصت على أنه " الأوامر الصادرة تطبيقا للمواد 919 و 921و 922 ق ا م ا , غير قابلة لأي طعن "والمواد كتالي:
المادة 919 تنص على أنه " عندما يتعلق بقرار إداري ولو بالرفض, ويكون موضوع طلب إلغاء كلي أو جزئي, يجوز لقاضي الاستعجال ’ أن يأمر بوقف تنفيذ هذا القرار أو وقف أثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك, ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار.
عندما يقضى بوقف التنفيذ, يفصل في طلب إلغاء القرار في أقرب الآجال.
ينتهي أثر وقف التنفيذ عند الفصل في موضوع الطلب."
المادة 921 تنص على أنه "في حالة الاستعجال القصوى يجوز لقاضي الاستعجال, أن يأمر بكل التدابير الضرورية الأخرى, دون عرقلة تنفيذ أي قرار إداري. بوجب أمر على عريضة ولو في غياب القرار الإداري المسبق .
وفي حالة التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري, يمكن أيضا لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه " .
المادة 922 تنص على أنه "يجوز لقاضي الاستعجال, بطلب من كل ذي مصلحة, أن يعدل في أي وقت وبناء على مقتضيات جديدة, التدابير التي سبق أن أمر بها أو يضع حدا لها " .
أولا: المعارضة:
المعارضة هي طريقة من طرق الطعن العادية تجيز للطرف المحكوم عليه غيابيا أن يطعن في ذات الحكم أو القرار عن طريق المعارضة ويكون أمام نفس الجهة القضائية التي أصدرته.
و نجد ان قانون الاجراءات المدنية و الادارية الجديد قد نص في المادة 949 في الفقرة الثالثة على ان تسري هذه الآجال من يوم التبليغ الرسمي وتسري من انقضاء أجل المعارضة اذا صدر غيابيا وتسري هذه الآجال في مواجهة طالب التبليغ ،وهذا يدل على جوازية المعارضة في المواد الاستعجالية الادارية
____________________________
(13)القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-17-
ثانيا: الاستئناف
المادة 949 ق ا م ا . يجوز لكل ذي طرف حضر الخصومة أو استدعى بصفة قانونية ولم يقدم الدفوع أن يرفع استئناف ضد الأمر الاستعجالي صادر من المحكمة الإدارية مالم ينص القانون على خلاف ذلك .
ويحدد ذلك أجل الاستئناف لأوامر الاستعجالية ب 15 يوم مالم ينص القانون على خلاف ذلك
تسري هذه الآجال من يوم التبليغ الرسمي وتسري من انقضاء أجل المعارضة اذا صدر غيابيا وتسري هذه الآجال في مواجهة طالب التبليغ
الفرع الثاني: طرق الطعن الغير عادية(14)
الطعن بالنقض
اذا صدر امر استعجالي عن الغرفة الادارية بالمجلس القضائي ، و تم تبليغه الى الخصم ، و لم يرفع هذا الاخير استئنافا ضد ذلك الامر في الميعاد الخمسة عشر يوما الممنوحة له قانونا ، فإن الامر الاستعجالي يصبح نهائيا فهل هذا لا يمنع بالتالي من رفع طعن بالنقض ضده طبقا للمادة 11 من القانون العضوي رقم 98/01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و التي تنص على انه :
<< يفصل مجلس الدولة في الطعون بالنقض في قرارات الجهات القضائة الادارية الصادرة نهائيا و كذا الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة..>>
يكون الجواب على هذا السؤال بالنفي لان المادة 11 من القانون اعلاه تتكلم عن القرارات الصادرة نهائيا ، أي في آخر درجة ، حيث يجوز الطعن بالنقض ضد الاحكام و القرارت التي تصدر من مجلس قضائي او محكمة على اساس انها صادرة عن آخر درجة من درجات التقاضي ، أي تصدر نهائيا و تبعا لذلك اذا صدر حكم او قرار قضائي ابتدائيا ، ولم يستأنف ضده في الميعاد القانوني فأنه لا يمكن الطعن فيه بالنقض ، لكون المحكوم عليه رضي بالحكم او القرار القضائي عندما لم يرفع ضده استئنافا في الميعاد القانوني و بالتالي لا يعقل ان يقبل منه الطعن بالنقض .
التماس اعادة النظر
و هذا الطريق يجوز اللجوء إليه في المنازعات الإدارية ، و على الأخص بالنسبة للأوامر الإدارية الاستعجالية ، و هذا الطعن ذو طابع استثنائي ، و لا يكون مقبولا الا ضد الاوامر الاستعجالية التي لا تقبل الطعن فيها بطريقتي المعارضة او الاستئناف و يجب ان يكون الاستئناف مبنيا علة احد الاوجه التالية :
____________________________
(14)لحسين بن شيخ آث ملويا.المرجع السابق.ص167-168-169
-18-
1- عدم مراعات الاشكال الجوهرية قبل او وقت صدور تلك الاوامر بشرط ان لا يكون بطلان هذه الاجراءات صححه الاطراف.
2- اذا حكم بما لم يطلب او باكثر مما طلب ، او سهى عن الفصل في احد الطلبات .3- اذا وقع غش شخصي
4- اذا قضى بناءا على وثائق اعترف او صرح بعد صدور الحكم انها مزورة
5- اذا اكتشفت بعد الحكم (الامر) وثائق قاطعة في الدعوى كانت محتجزة لدى الخصم
6- اذا وجدت في الحكم نفسه نصوص متناقضة
7- اذا وجد تناقض في احكام نهائية صادرة بين نفس الاطراف و بناءا على نفس الاسانيد من نفس الجهان القضائية
8- اذا لم يدافع عن عديمي الاهلية
ويجب رفع الالتماس في ميعاد شهرين من تاريخ تبليغ الامر الاستعجالي ، و لا يوقف رفع الاتماس تنفيذ الامر الاستعجالي لانه طريق غير عادي من طرق الطعن .
و على خلاف ذلك ، ذهب الاستاذ زهرة مصطفى الى عدم جواز الطعن بالالتماس لاعادة النظر في الاوامر الاستعجالية ، لكونها مؤقتة ولا تحوز على حجية الشئ المقضي فيه بصفة مطلقة ، معارضا في ذلك رأي الاستاذ بشير بالعيد .
-19-
خاتمة
يمكن القول اننا خرجنا بخلاصة بسيطة من خلال هذا البحث تكمن في ان المشرع الجزائري قد تدارك النقائص التي كانت موجودة في قانون الاجراءات المدنية الذي اصبح يسمة قانون الاجراءات المدنية و الادارية
فالمشرع الجزائري خصص للدعوى الاستعجالية الادارية بابا كامل و هو الباب الثالث تحت عنوان : في الاستعجال وها عكس ماكان في السابق حيث نص عليها في المادة 171 فقط كما انه اضاف حالة الاستعجال القصوى كما تطرق الى حالات الطعن في الدعوى الاستعجالية الادارية الاخرى عكس السابق حيث نص فقط على الاستئناف
مقدمة
المبحث الأول: ماهية الدعوى الاستعجالية الإدارية
المطلب الأول: مفهوم الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول:تعريف الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الثاني:حالات الاستعجال
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول:الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الثاني:الشروط الخاصة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
المبحث الثاني:سلطات قاضي الاستعجال الاداري والاستعجال الفوري
المطلب الأول: سلطات قاضي الاستعجال الإداري
الفرع الأول: الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق
الفرع الثاني: الاستعجال في مادة التنسيق المالي
الفرع الثالث: الاستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات
المطلب الثاني: سلطات قاضي الاستعجال الإداري الفوري
الفرع الأول: في سلطات قاضي الاستعجال الإداري الفوري
الفرع الثاني: في طرق الطعن في الأوامر الاستعجالية الإدارية الفورية
المبحث الثالث: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي
المطلب الأول: في إجراءات رفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: في إجراءات الدعوى
الفرع الثاني: الفرق بين إجراءات السابقة والإجراءات الجديدة
المطلب الثاني: طرق الطعن في الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: طرق الطعن العادية
الفرع الثاني: طرق الطعن الغير عادية
خاتمة
المقدمة
انطلاقا من مبدأ المشروعية المكرس دستوريا فان المشرع قد أخضع أعمال الإدارة إلى رقابة القضاء ومنه فان كل مواطن يشعر بأنه متضرر من تصرفات الإدارة القانونية أو المادية أن يلجأ إلى القضاء الإداري لمخاصمة الإدارة المعنية بموجب دعوى قضائية متبعا إجراءات خاصة.
بيد أنه عند إتباع الإجراءات العادية في مقاضاة الإدارة قد يستغرق ذلك وقتا طويلا حتى يفصل في الدعوى ، مما يؤدي إلى ضياع الحق المراد حمايته أو تترتب عن ذلك أضرار كما أن الإدارة قد تكون نفذت قرارها الأمر الذي يجعل المشرع يضع إلى جانب إجراءات القضاء العادي إجراءات القضاء المستعجل التي سنها في الباب الثالث من الكتاب الرابع: تحت عنوان الاستعجال من قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08/ 09 من المواد 917 إلى 948
وتكون الإشكالية كتالي:
ماهي الامور التي تداركها المشرع الجزائري في قانون الاجراءات المدنية و الادارية ونص عليها في التعديل الجديد ؟و فيما أهم الفروقات التي تميز بين قانون القديم والتعديل الجديد لدعوى الاستعجالية الإدارية ؟
المبحث الأول: ماهية الدعوى الاستعجالية
المطلب الأول: مفهوم الدعوى الاستعجالية الإدارية
الفرع الأول: تعريف الدعوى الاستعجالية الإدارية
هي مجموعة الإجراءات التي ترمي إلى الفصل بصفة مستعجلة وسريعة في حالات الاستعجال في المسائل المستعجلة أو في الحالات التي تثير فيها السندات والأحكام ا إشكالات عند مباشرة التنفيذ(1)
و يمكن تعريف القضاء الاستعجالي بأنه : الفصل في المنازعة التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس بأصل الحق ، و إنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو احترام الحقوق الظاهرة او صيانة مصالح الطرفين المتنازعين(2)
والقضاء المستعجل هو قضاء مؤقت لا يمس بأصل الحق وفقا للمادة 918 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد التي ينص على أنه( يأمر قاضي الاستعجال بالتدابير المؤقتة, لا ينظر في أصل الحق ويفصل في أقرب الآجال )
الفرع الثاني : حالات الاستعجال
1التعــدي(3):
إن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوم التعدي و كذا القوانين المقارنة سواء الفرنسي أو المصري إلا أن القضاء الفرنسي ذكر عدة مفاهيم للتعدي.
و قد عرفه مجلس الدولة الفرنسي بأنــه :
تصرف صادر عن الإدارة يظهر أنه لا يتعلق بالصلاحيات المخولة لها قانونــا
في حين عرفته محكمة التنازع الفرنسية بأنه :
تصرف صادر عن الإدارة لا يمكن ربطه بتطبيق نص قانوني أو تنظيمـي
كما جاء في أحكام مجلس الدولة و محكمة التنازع الفرنسيين بأنه لكي يكون هناك تعدي لا بد أن تمس الإدارة بحق الملكية الخاصة أو إحدى الحريات الأساسيـة.
____________________________
(1)الغوثي ابن ملحة.القانون القضائي الجزائري.ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر.2002. ص 336.
(2)المستشار معوض عبد التواب.الوسيط في قضاء الأمور المستعجلة و قضاء التننفيذ.ص16-17. لحسين بن شيخ آث ملويا.المنتقى في قضاء الاستعجال الإداري.دار هومه.الجزائر.2007.ص12.
(3) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-4-
أما الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا فقد إعتبرت الإعتداء المادي أو التعدي
كل تصرف من الإدارة يكون مشوبا بخطا جسيم على الحقوق الأساسية للأفراد
قضية السيدة حاج بن علي ضد والي ولاية الجزائر.
قرار صادر في 09/07/1971.
السيد والي ولاية الجزائر قام بطرد السيدة حاج بن علي من المسكن المؤجر لها دون اللجــوء
الى القضــاء.
و جاء في حيثيات القرار "" حيث أن الوالي إستعمل سلطة لا تدخل بأي حال من الأحوال في إختصاص الإدارة
في حالة التعدي الذي هو عمل مادي يزيد عن العمل الإداري الطبيعة الإدارية، يجوز للقاضي
الإداري خروجا عن المبدأ القائل بعدم جواز توجيه أوامر للإدارة عند الفصل في الدعوى، أن
يوجه أوامرا للإدارة لوقف التعدي و إعادة الحالة الى ما كانت عليه من قبل أو إلزامها بإخلاء
الأماكــن.
2 الاستيـلاء(4):
هو تجريد أحد الأفراد من ملكية خاصة عقارية. و يستخلص هذا التعريف أنه لكي نكون بصدد الاستيلاء يجب توافر بعض الشروط و هــي :
أ- أن يجرد فرد من ملكيته العقارية بواسطة وضع اليد عليها من طرف الإدارة و يكون هناك إستيلاء و لو كان جزئيا "" قرار المحكمة العليا – الغرفة الإدارية رقم 93 مــــــؤرخ في 04/02/1996 بين بلدية بوعنداس و عثماني العياشـي.
" بلدية بوعنداس إستولت على جزء من ملكية المدعي عند إصلاحها للطريق و أعترفت بذلك "
ب- يجب أن يكون الإستيلاء غير مشروع بمعنى ينعدم فيه أي سند قانوني لأنه إذا كان الإستيلاء بناء على سند قانوني أي مشروع فإن قاضي الموضــــوع هو المختص.
ج – يجب أن يكون التجريد من ملكية عقارية
3الغلق الإداري(5):
و هو حالة من الحالات المستثناة من ضابط عدم اعتراض تنفيذ القرارات الادارية ، و يقصد بالغلق الاداري بأنه ذلك الاجراء الذي تتخذه السلطة الادارية المختصة تنفيذا لصلاحياتها القانونية تعمد فيه الى غلق محل ذو استعمال تجاري او مهني او وققف تسييرع بصفة نهائية او مؤقتة
____________________________
(4) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
(5)مقالة بعنوان القضاء الاستعجالي في المواد الادرارية وفقا لتعديلات قانون 2001. خولة كلفاني.مجلة المنتدى القانوني.كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الكفاءة المهنية.العدد3.ماي 2006.ص165-166.
-5-
- و قد يتخذ قرار الغلقل الاداري شكل الجزاء الاداري أي يكون بمثابة عقوبة ادارية لصاحب المحل عما ارتكبه من مخالفات كما تنص عليه مثلا المادة 75 من القانون 196/06 المؤرخ في 25/01/1996 و المتضمن قانون المنافسة التي تسمح للوزير المكلف بالتجارة بالتخاذ قرار غلق المحل لمدة لا تتجاوز 30 يوما في حالة انتهاك صاحب المحل لاحكام هذا القانون المحددة على سبيل الحصر ، و ينفذ بموجب قرار يتخذه الوالي المختص اقليميا .
- كما يتخذ قرار الغلق صورة العقوبة التهديدية من اجل حمل صاحب المحل على احترام المقتضيات القانونية او الشروط الضرورية لممارسة نشاطه بذات المحل .
و اخيرا قد يتخذ الغلق الادراي يهدف حماية ووقاية عتصر او عدة عناصر من النظام العام.
المطلب الثاني:الشروط الواجب توافرها لرفع الدعوى الاستعجالية :
الفرع الأول: الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية الإدارية
أولا: المصلحة:
تنص المادة 13 من قانون الإجراءات الإدارية والمدنية على أنه " لا يجوز لأي شخص التقاضي بما لم تكن له صفة وله مصلحة قائمة ومحتملة يقرها القانون "
وشرط المصلحة يقوم على عنصرين وفقا للمادة السابقة الذكر وهما
1 /ادعاء الحق يستند إلى القانون:
وهو أن يدعى المدعى يعترف به القانون أو يحميه بصفة محددة, وعلى القاضي أن يتأكد من توفر شرط المصلحة وان يتحقق بأن ما يدعيه المدعي هو يعتمد على حق يحميه القانون.
2/ أن يكون الاعتداء على الحق قائما في نفس الوقت:
ومعناه يكون حق المدعى أو المركز القانوني الذي يدعيه ويطلب حمايته من القاضي قد أعتدي عليه فعلا.
وعلى هذا الأساس كأصل عام يجب أن يكون الحق الذي يطالب بحمايته محققا وواضحا وأن لا يكون شيئا محتملا باستثناء أن يكون الغرض من الدعوى هو دفع ضرر محدق.
ثانيا: الصفة:
وفقا للمادة 13 السابقة الذكر فانه لا يجوز لأي شخص التقاضي مالم تكن له صفة. والقاضي يثير تلقائيا انعدام الصفة في المدعى أو المدعى عليه
-6-
ويقصد بالصفة أن يكون صاحب الحق الموضوعي هو القائم بالدعوى.(6)
الفرع الثاني: الشروط الخاصة لرفع الدعوى الاستعجالية
يجب أن تتوافر الدعوى الاستعجالية الإدارية العناصر التالية :
أولا: عنصر الاستعجال:
نصت المادة 919 من قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد " يجوز للقاضي الاستعجالي أن يأمر بوقف نتفيذ هذا القرار أو وقف أثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك . ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من شأنه احداث شك جدي حول مشروعية القرار .عندما يقضي بوقف التنفيذ , يفصل في طلب الغاء القرار في أقرب الاجال , ينتهي أثر وقف التنفيذ عند الفصل في موضوع الطلب "
ومن ذلك يعتبر عنصر الاستعجال شرطا أساسا في كل دعوى استعجالية إدارية يجب توافره حتى ينعقد اختصاص القاضي الإداري الاستعجالي.
- تعريف الاستعجال:(7)
رغم اعتبار الاستعجال كشرط رئيسي جوهري للاختصاص النوعي للتقاضي الاستعجالي فان المشرع الجزائري لم يعرف لفظ الاستعجال بل اكتفى بتعيين نوع الدعاوي التي يرتب لها حكما بوصفه بهذه الصفة.
فيما ذهب الفقه والقضاء مذاهب عدة في تعريف الاستعجال فقضت محكمة النقض الفرنسية وحدى حدودها الكثير من الشرح في فرنسا وبلجيكا ومصر بان الاستعجال لا يتوفر إلا في الأحوال التي يترتب على التأخير فيها ضرر لا يحتمل الإصلاح، واستند الرأي إلى عبارة وردت في خطاب ألقاه المستشار ريال في 11-04-1806 بالمجلس التشريعي في الأعمال التحضيرية لباب القضاء المستعجل إذ قال : " يتردد رئيس المحكمة في الحكم في الدعاوي التي يترتب على اقل تأخير فيها ولو بضعة ساعات ضرر لا يقبل الإصلاح".
كما عرفه البعض بأنه: " الضرورة التي لا تحتمل تأخيرا أو انه الخطر المباشر الذي لا يكفي في إلقائه رفع الدعوى بالطريق المعتاد حتى مع تقصير المواعيد ".
____________________________
(6)المادة 919 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
(7) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-7-
وعرفه البعض الآخر بأنه: " الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده ".
وقال البعض بان: " الاستعجال يوجد في كل حاله يؤدي فيها التأخير في الإجراء المؤقت إلى فوات المصلحة وضياع الحق فضلا عن زوال المعالم ".
وقيل بان الاستعجال هو الضرورة الداعية إلى اتخاذ الإجراء المطلوب ".
وهناك رأي آخر يرى بان الاستعجال هو ضرورة الحصول على الحماية القانونية العاجلة التي لا تتحقق من إتباع الإجراءات العادية للتقاضي نتيجة لتوافر ظروف تمثل خطرا على حقوق الخصم أو تتضمن ضررا قد يتعذر تداركه وإصلاحه.
كما عرف الاستعجال بأنه: " طلب اتخاذ إجراء وقتي يبرره خطر داهم أوامر يتضمن ضرر قد يتعذر أو يصعب إزالته إذا لجأ الخصوم إلى المحاكم بإجراءات الدعوى العادية ".
وعرف كذلك بان: "الاستعجال يتحقق كلما توافر أمر يتضمن خطرا داهما أو يتضمن ضررا قد لا يمكن تلاقيه إذا لجا الخصوم إلى القضاء العادي."
ونجد معظم التعريفات السابقة تتكلم عن الاستعجال خطر وان كان تعريف الاستعجال بأنه الخطر يعد تعريفا غير دقيق ويتضمن خلط بين السبب والمتسبب، لان الخطر هو سبب الاستعجال والاستعجال هو مسبب أو نتيجة لوجود الخطر.
فالاستعجال هو حالة قانونية تنشا من الخطر الناتج عن التأخير أو من فوات الوقت، قبل الحصول على الحماية القضائية الموضوعية، ويولد الخطر الحاجة الملحة إلى حماية قضائية عاجلة يتم بمقتضاها تفادي وقوع الضرر بالحقوق أو المراكز القانونية التي يراد المحافظة عليها".
ويبرر هذا التعريف ثلاثة عناصر هي حالة خطر وضرر.
- فمن ناحية الاستعجال كحالة:
فان حالة الاستعجال تستمد كيانها من الظروف المحيط بالحق وبالدعوى المرفوعة من اجل حمايته، لأمن إرادة الخصوم والوصف الذي يخلعونه على منازعتهم، وبذلك فلا يوجد استعجال لمجرد رغبة الخصم رافع الدعوى في الحصول على حكم مستعجل لطلباته.
وتتغير حالة الاستعجال من قضية لأخرى و تتأثر بظروف الزمان والمكان وتتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط والأزمنة المختلفة ولا يوجد معيار ثابت لتقديرها ويتم توافرها في كل قضية على حدى، ويستخلص القاضي حالة الاستعجال من وقائع الدعوى وظروفها، ولا رقابة عليه من المحكمة العليا عند تقدير ثبوت الوقائع المستعجلة وتقتصر الرقابة على مدى ربط الوقائع بالقانون، وتكييف الوقائع تكييفا قانونيا.
-8-
- من ناحية الخطر كسبب للاستعجال:
ويقصد به الخطر في التأخير أو الخشية من فوات الوقت قبل تحقق الحماية الوقتية للحق أو المركز القانوني.
ويجب أن يكون الخطر الذي يولد الاستعجال:
- حقيقيا: فان لم يكن كذلك زالت حالة الاستعجال ولا اثر للاستعجال في حالة الخطر الوهمي .
- حالا: فإذا زال الخطر الذي كان يوشك أن يوقع ضررا بليغا زال شرط الاستعجال.
- محدقا: أي مؤثرا ومنتجا ويكون كذلك إذا كان من شان استمراره الأضرار بالحق أو المركز القانوني، وكان دفعه أو درؤه لا يحتمل الانتظار.
- من ناحية الضرر : يجب أن يكون الضرر مستقبلا ووشيك الوقوع، ولا يلزم أن يكون قد تحقق وإلا زالت علة الحماية الوقتية المستعجلة، لان الوظيفة الوقائية للقضاء المستعجل هي حماية الطالب من ضرر محتمل، و ليست غاية جزائية تستهدف إزالة ضرر حل أو تحقق.
أن الاستعجال كشرط الاختصاص بالدعاوي المستعجلة هو شرط مستمر لا يلزم توافره عند رفع الدعوى المستعجلة فحسب، وإنما يلزم توافره خلال كافة مراحلها ووقت صدور الأمر المستعجل فيها، إذ يتعين بقاء أمرين:
- المبرر للاختصاص ليظل الاختصاص للمحكمة.
- وسبب إصدار الأمر المستعجل.
فإذا توافر الاستعجال في الدعوى فان هذا الوصف لا يزول عنها ولو تراخى الخصم في إقامة الدعوى المستعجلة، فقد يكون تأخره بقصد حل النزاع وديا أو الحصول على صلح أو الرغبة في تفادي اللجوء إلى القضاء المستعجل ويستخلص القاضي المستعجل من وقائع وظروف الدعوى ما إذا كان التأخير في رفع الدعوى دليلا على تنازل الخصم عن الحماية العاجلة المؤقتة، الأمر الذي يزيل وصف الاستعجال عن الدعوى أم أن التأخير كان لسبب لا يتضمن التنازل، فلا يزول وصف الاستعجال عن الدعوى.
ويترتب على عدم توافر الاستعجال في الدعوى الأمر بعدم اختصاص القاضي الاستعجالي لعدم توفر احد شرطي اختصاصه
حالات التوافر الدائم لشرط الاستعجال(8)
____________________________
(8)عبد العزيز عبد المنعم خليفة. الدفوع الادارية في دعوى الالغاء و الدعوى التأديبية و المستعجلة.منشأة المعارف.2007. ص397-398
-9-
اذا كان طالب وقف تنفيذ القرار الاداري مطالب بالاثبات قيام حالة الاستعجال ، حتى يجاب على طلبه فإنه استثناءا من هذا الاصل هناك من القرارات الادارية ما يتحقق بشأتها شرط الاستعجال عند طلب وقف تنفيذها دون حاجة الى ان يثبت طالب التنفيذ ذلك ، مع عدم قبول دفع الادارة بنفي توافر حالة الاستعجال .
و مرجع ذلك هو خطورة تلك القرارات حال تنفيذها بالنسبة لصاحب الشأن لمساسها المباشر بحقوق كفلها له الدستور او لمساسها بمقومات حياته من الناحيتين المادية و الادبية و من هذاه الحالات قيام حالة الاستعجال في القرارات الماسة بالحقوق الدستورية و ذلك اعمالا لمبدأ تدرج القوانين فإنها لا يجوز لقانون ان يخالف حكم اتى به الدستور و من باب اولى فانه لا يجوز لقرار اداري ان يقيد حقا كلفه الدستور للمواطنين ، فاذا حدث ذلك كان من شأن تنفيذ هذا القرار اصابة صاحب الشأن باضرار يصعب تداركها مما يتوافر معه قيام ركن الاستعجال.
ثانيا: أن لا تمس بأصل الحق:
وهذا وفقا لنص المادة 918 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية الجديد الفقرة الثانية التي ذكرت " لا ينظر في أصل الحق, ويفصل في أقرب الآجال "
فالدعوى الاستعجالية لا تتضمن بشكل جوهري حقوق الأطراف ومراكزهم القانونية لأنها مجرد تدابير تحفظية وقتية لذا أوجب المشرع الجزائري على القاضي الاستعجالي الإداري عند نظره في الدعوى الاستعجالية أن لا يمس أصل الحق,
فالقاضي لا يتناول الحق المراد حمايته بالتفسير والتأويل ولا يقدر أسانيد الخصوم من حيث قيمتها القانونية بل عليه فحص ظاهر المستندات ويستخلص منها من هو الطرف الأجدر بالحماية المؤقتة لحقوقه (9)
والمقصود بأصل الحق هو كل ما يتعلق بالحق وجوداً و عدماً فيدخل في ذلك ما يمس صحته أو يؤثر في كيانه أو يغير فيه أو في الآثار القانونية التي رتبها له القانون أو التي قصدها المتعاقدان، و بذلك فإذا رفعت دعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القضاء المستعجل، كأن ترفع الدعوى بطلب فسخ عقد أوصحته أو بطلانه أو بطلب تعويض أو تثبيت ملكية أو تقرير حق ارتفاق عليها.
و تجدر الإشارة أن القاضي المستعجل مكلف بالبحث في منازعات الطرفين ليتوصل لتحديد اختصاصه، فإن كان ممنوع من التعرض لأصل الحق فلا يمنع من تفحص الموضوع وأصل الحق من حيث الظاهر ليصل إلى القضاء في الإجراء الوقتي المطلوب منه.
____________________________
(9) المادة 918 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-10-
إذ لا يستطيع في الكثير من الأمور أداء مهمته و القضاء في الإجراء الوقتي المطلوب منه، إلا إذا تناول الحق نفسه لتقدير قيمته.
فإذا فحص ظاهر المستندات و تبين له أن الفصل في الدعوى سيمس أصل الحق فإنه يقضي بعدم اختصاصه بنظر الدعوى.
أما إذا توصل من فحصه إلى أنّ الأمر لا ينطوي على مساس بأصل الحق، و أنّ ما أثاره الخصم من منازعات لا تستند إلى أساس جدي فإنه يفصل في الدعوى.
إذ يشترط في المنازعات الموضوعية التي تمنع اختصاص القضاء المستعجل أن تكون جدية و على أساس من القانون، أما مجرد المزاعم و الأقوال غير الجدية فلا تحد من سلطته، ويقضي بالرغم منها في الدعوى المطروحة أمامه، و إن تبين له أنّ المنازعة فيها مساس بالموضوع قضى بعدم اختصاصه.
- كيفية بحث المنازعات الموضوعية:
يتعين على قاضي الأمور المستعجلة عند البحث في المنازعات التي تثار أمامه أن يفحص نقطتين:
الأولى: ما إذا كانت للمسائل المثارة ظل من الصواب من ظاهر المستندات أم لا.
الثانية: ما إذا كان يجب الفصل فيها من محكمة الموضوع قبل الفصل في الدعوى، أي ما إذا كان الفصل في الإجراء المؤقت المطروح أمامه يتضمن الفصل في هذه المسائل و يؤثر بذلك في الحقوق التي يقوم عليها أم لا.(10)
____________________________
(10) http://www.4shared.com/account/dir/3606424/ec958298/sharing.html
-11-
المبحث الثاني: سلطات قاضي الاستعجالي الإداري و الاستعجالي الفوري(11)
المطلب الأول: سلطات قاضي الاستعجالي الإداري
الفرع الأول: الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق
أولا: في إثبات الحالة:
وقد نصت المادة 939 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على أنه " يجوز لقاضي الاستعجال مالم يطلب منه أكثر من إثبات حالة الوقائع بموجب أمر على عريضة ولو في غياب قرار إداري مسبق,أن يعين خبيرا , ليقوم بدون تأخير بإثبات حالة الوقائع التي من شأنها أن يؤدي إلى نزاع أمام الجهة القضائية يتم إشعار المدعى عليه المحتمل من قبل الخبير المعين على الفور "
فمهمة الموظف أو الخبير الذي كلف بإثبات حالة هي مجرد تصوير الوقائع الحاصلة التي طلب منه إثباتها ووصفها وتحرير محضر من ذلك, مثل إثبات حالة البضائع التي وصلت إلى الميناء وهي فاسدة حتى يتمكن المدعى مطالبة شركة التأمين بالتعويض مستقبلا أمام قاضي الموضوع
والموظف أو الخبير القائم بإثبات الحالة هنا يقوم بتصوير وتقدير الوقائع التي يلاحظها بنفسه وليست الوقائع التي يرونها الأطراف
ثانيا: في تدابير التحقيق:
وقد نصت عليها المادتين:940/ 941 من ق ا م ا
" يجوز لقاضي الاستعجالي بناء على عريضة ولو في غياب قرار إداري مسبق أن يأمر بكل تدبير ضروري للخبرة أو التحقيق "
فالخبرة هي من الإجراءات الكثيرة الاستعمال من طرف القضاة سواء القضاء المدني أو الإداري وأهمية الخبرة تزداد في الأمور المستعجلة أمام الغرف الإدارية خاصة في مجال الأشغال العمومية والمنازعات الضريبية
ويكون تكوين الخبير بناء على طلب أحد الخصوم وهو مجرد إجراء تمهيدي أو تحضيري قبل الفصل في موضوع النزاع بصفة نهائية .
____________________________
(11) المواد من 919 الى 947 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-12-
الفرع الثاني: الاستعجال في مادة التسبيق المالي
وقد نصت على التسبيق المالي المواد من 942/ إلى 945 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
فللقاضي الاستعجالي أن يمنح تسبيقا ماليا إلى الدائن الذي رفع دعوى في الموضوع أمام المحكمة الإدارية وهذا مالم يكن هناك نزاع في وجود الدين بصفة جدية
ويكون هذا الأمر قابلا للاستئناف أمام مجلس الدولة خلال أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ الرسمي
كما يجوز أن يمنح تسبيقا ماليا من مجلس الدولة اذا نظر في الاستئناف ما لم ينازع في وجود الدين بصفة جدية
الفرع الثالث: الاستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات
ينص عليها المادتين 946/ الى 947 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
يمكن لكل ذي مصلحة في إبرام العقد الذي قد يتضرر منه إخطار المحكمة الإدارية بعريضة وذلك في حالة الإخلال بالالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود والصفقات العمومية قبل إبرام العقد أو بعده وللمحكمة الإدارية أن تأمر المتسبب في الإخلال بالامتثال لا التزاماته وتحديد الأجل الذي يجب أن يتمثل فيه ولها الحكم بغرامة تهديديه تسري من تاريخ انقضاء الأجل المحدد كما لها بمجرد إخطاره أن تأمر بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات ولمدة لا تتجاوز 20يوم.
وتفصل المحكمة الإدارية في أجل 20يوما تسري من تاريخ إخطارها بالطلبات المقدمة لها طبقا للمادة 946 أعلاه وفقا لنص المادة 947 ق ا م ا .
المطلب الثاني: سلطات قاضي الاستعجالي في الاستعجال الفوري:
أولا: يجوز لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري أو وقف آثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك أو متى ظهر للقاضي من خلال التحقيق شك جدي حول مشروعية القرار, وعندما يقضي بوقف التنفيذ يفصل في طلب إلغاء القرار في أقرب الآجال
ثانيا: كما لقاضي الاستعجال حين فصله في الطلب المشار إليه سابقا وإذا كانت ظروف الاستعجال قائمة, أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات الأساسية المنتهكة من الأشخاص
-13-
المعنوية العامة متى كانت هذه الانتهاكات تشكل مساسا خطيرا وغير مشروع بتلك الحريات.
ثالثا: كما أن للقاضي في حالتي التعدي والاستيلاء أو الغلق الإداري أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه حسب نص المادة 921 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد وأساس هذه الفكرة أن قرارات وأعمال الإدارة مفروض فيها أنها تتسم بقرينة الصحة والمشروعية كونها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة, وبالتالي فان فسح المجال للمواطنين للاعتراض على تنفيذ القرارات الإدارية التي تصدرها من شأنه أن يعرقل السير الحسن للمرافق العامة باستثناء التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري.
رابعا: نصت المادة 922 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أنه " يجوز يجوز لقاضي الاستعجال بطلب من كل ذي مصلحة أن يعدل في أي وقت وبناء على مقتضيات جديدة , التدابير التي سبق أن أمر بها أو بضع حدا لها "
-14-
المبحث الثالث: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي وطرق الطعن فيها
المطلب الأول: إجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري الاستعجالي
الفرع الأول: إجراءات الدعوى(12)
وتنص عليها المواد من 923 الى 935 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد
إن التدابير الاستعجالية هي تدابير ذات طابع مؤقتة تتطلب بساطة وسرعة في الفصل لذلك فان رفع الدعوى الاستعجالية والفصل فيها يتم بإجراءات تختلف عن تلك المتبعة أمام قاضي الموضوع وتكون هذه الإجراءات وجاهية , كتابية, وشفوية وفقا لنص المادة 923 ق ا م ا .
بحيث لا يتوافر الاستعجال في الطلب, أو يكون غير مؤسس, يرفض قاضي الاستعجال هذا الطلب بأمر مسبب
وعندما يظهر أن الطلب لا يدخل في اختصاص الجهة القضائية الإدارية, يحكم بعدم الاختصاص النوعي.وفقا لنص المادة 924 ق ا م ا .
ويجب أن ترفع العريضة الرامية إلى استصدار تدابير استعجالية عرضا موجزا للوقائع والأوجه المبررة للطابع الاستعجالي للقضية وفقا لنص المادة 925 ق ا م ا.
ويجب أن ترفع العريضة الرامية إلى وقف تنفيذ القرار الإداري أو بعض آثاره, تحت طائلة عدم القبول, بنسخة من عريضة دعوى الموضوع. وفقا لنص المادة 926 ق ا م ا.
تبلغ رسميا العريضة الى المدعى عليهم, وتمنح للخصوم أجال قصيرة من طرف المحكمة, لتقديم مذكرات الرد أو ملاحظاتهم ويجب احترام هذه الآجال بصرامة وألا استغني عنها دون أعذار وفقا لنص المادة 928 ق ا م ا.
وعندما يخطر قاضي الاستعجال بطلبات مؤسسة وفقا لأحكام المادة 919 أو المادة 920 أعلاه ’ يستدعى الخصوم إلى الجلسة في أقرب الآجال وبمختلف الطرق. وفقا لنص المادة 929 ق ا م ا.
تعتبر القضية مهيأة للفصل فيها بمجرد استكمال الإجراء المنصوص عليه في المادة 926 أعلاه والتأكد
من استدعاء الخصوم بصفة قانونية الى الجلسة وفقا لنص المادة 930 ق ا م ا .
____________________________
(12)المواد 923 الى935 من القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-15-
يختتم التحقيق بانتهاء الجلسة, مالم يقرر قاضي الاستعجال تأجيل اختتامه إلى تاريخ لاحق ويخطر به الخصوم بكل الوسائل. وفي الحالة الأخيرة يجوز أن توجه المذكرات والوثائق الإضافية المقدمة بعد الجلسة وقبل اختتام التحقيق ومباشرة إلى الخصوم الآخرين عن طريق محظر قضائي, بشرط أن يقدم الخصم المعني الدليل عما قام به أمام القاضي.يفتح التحقيق من جديد في حالة التأجيل إلى جلسة أخرى.وفقا لنص المادة 931 ق ا م ا .
يتم التبليغ الرسمي للأمر الاستعجالي , وعند الاقتضاء , يبلغ بكل الوسائل وفي أقرب الآجال وفقا لنص المادة 934 ق ا م ا .
ويترتب الأمر الاستعجالي أثاره من تاريخ التبليغ الرسمي أو التبليغ للخصم المحكوم عليه.غير أنه, يجوز لقاضي الاستعجال أن يقرر تنفيذه فور صدوره
يبلغ أمين ضبط الجلسة ’ بأمر من القاضي, منطوق الأمر ممهورا بالصيغة التنفيذية في الحال إلى الخصوم مقابل وصل الاستلام, إذا اقتضت ظروف الاستعجال ذلك. وفقا لنص المادة 935 ق ا م ا
الفرع الثاني: الفرق بين إجراءات السابقة والإجراءات المعدلة
في قانون الإجراءات المدنية القديم ( قبل التعديل) كان الفصل في الدعوى الاستعجالية يكون من اختصاص قاضي فرد
حسب نص المادة 171 مكرر / 172 قانون الإجراءات الإدارية القديم
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد طبقا لنص المادة 917 " يفصل في الاستعجال بالشكلية الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع "
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد: اشترط تحت طائلة البطلان إرفاق العريضة الافتتاحية الرامية الى وقف تنفيذ القرار الإداري بنسخة من عريضة دعوى الموضوع حسب نص المادة 926 قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد, لكن لم ينص عليه في القانون القديم.
أما في قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد حسب نص المادة 931 تنص على أنه " يختتم التحقيق بانتهاء الجلسة, ما لم يقرر قاضي الاستعجال تأجيل اختتامه إلى تاريخ لاحق ويخطر به الخصوم بكل الوسائل.
وفي الحالة الأخيرة يجوز أن توجه المذكرات والوثائق الاضافية المقدمة بعد الجلسة وقبل اختتام التحقيق ومباشرة إلى الخصوم الآخرين عن طريق محضر قضائي, بشرط أن يقدم الخصم المعني الدليل عما قام به أمام القاضي.يفتتح التحقيق من جديد في حالة التأجيل إلى جلسة أخرى" .لكن هذا الإجراء لم يكن موجود في القانون القديم
المطلب الثاني: طرق الطعن في الدعوى الاستعجالية الإدارية
لم يتطرق المشرع في قانون الاجراءت المدنية و الإدارية إلى كل طرق الطعن في الأوامر
-16-
الاستعجالية ، حيث ذكر فقط الاستئناف كما اضاف المعارضة حديثا وهذا لا يمنع من جواز الطعن في المواد الاستعجالية بالطرق الأخرى
الفرع الأول : طرق الطعن العادية(13)
نصت المادة 936 قانون الإجراءات الإدارية والمدنية الجديد نصت على أنه " الأوامر الصادرة تطبيقا للمواد 919 و 921و 922 ق ا م ا , غير قابلة لأي طعن "والمواد كتالي:
المادة 919 تنص على أنه " عندما يتعلق بقرار إداري ولو بالرفض, ويكون موضوع طلب إلغاء كلي أو جزئي, يجوز لقاضي الاستعجال ’ أن يأمر بوقف تنفيذ هذا القرار أو وقف أثار معينة منه متى كانت ظروف الاستعجال تبرر ذلك, ومتى ظهر له من التحقيق وجود وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار.
عندما يقضى بوقف التنفيذ, يفصل في طلب إلغاء القرار في أقرب الآجال.
ينتهي أثر وقف التنفيذ عند الفصل في موضوع الطلب."
المادة 921 تنص على أنه "في حالة الاستعجال القصوى يجوز لقاضي الاستعجال, أن يأمر بكل التدابير الضرورية الأخرى, دون عرقلة تنفيذ أي قرار إداري. بوجب أمر على عريضة ولو في غياب القرار الإداري المسبق .
وفي حالة التعدي أو الاستيلاء أو الغلق الإداري, يمكن أيضا لقاضي الاستعجال أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه " .
المادة 922 تنص على أنه "يجوز لقاضي الاستعجال, بطلب من كل ذي مصلحة, أن يعدل في أي وقت وبناء على مقتضيات جديدة, التدابير التي سبق أن أمر بها أو يضع حدا لها " .
أولا: المعارضة:
المعارضة هي طريقة من طرق الطعن العادية تجيز للطرف المحكوم عليه غيابيا أن يطعن في ذات الحكم أو القرار عن طريق المعارضة ويكون أمام نفس الجهة القضائية التي أصدرته.
و نجد ان قانون الاجراءات المدنية و الادارية الجديد قد نص في المادة 949 في الفقرة الثالثة على ان تسري هذه الآجال من يوم التبليغ الرسمي وتسري من انقضاء أجل المعارضة اذا صدر غيابيا وتسري هذه الآجال في مواجهة طالب التبليغ ،وهذا يدل على جوازية المعارضة في المواد الاستعجالية الادارية
____________________________
(13)القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 ، يتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية
-17-
ثانيا: الاستئناف
المادة 949 ق ا م ا . يجوز لكل ذي طرف حضر الخصومة أو استدعى بصفة قانونية ولم يقدم الدفوع أن يرفع استئناف ضد الأمر الاستعجالي صادر من المحكمة الإدارية مالم ينص القانون على خلاف ذلك .
ويحدد ذلك أجل الاستئناف لأوامر الاستعجالية ب 15 يوم مالم ينص القانون على خلاف ذلك
تسري هذه الآجال من يوم التبليغ الرسمي وتسري من انقضاء أجل المعارضة اذا صدر غيابيا وتسري هذه الآجال في مواجهة طالب التبليغ
الفرع الثاني: طرق الطعن الغير عادية(14)
الطعن بالنقض
اذا صدر امر استعجالي عن الغرفة الادارية بالمجلس القضائي ، و تم تبليغه الى الخصم ، و لم يرفع هذا الاخير استئنافا ضد ذلك الامر في الميعاد الخمسة عشر يوما الممنوحة له قانونا ، فإن الامر الاستعجالي يصبح نهائيا فهل هذا لا يمنع بالتالي من رفع طعن بالنقض ضده طبقا للمادة 11 من القانون العضوي رقم 98/01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة و التي تنص على انه :
<< يفصل مجلس الدولة في الطعون بالنقض في قرارات الجهات القضائة الادارية الصادرة نهائيا و كذا الطعون بالنقض في قرارات مجلس المحاسبة..>>
يكون الجواب على هذا السؤال بالنفي لان المادة 11 من القانون اعلاه تتكلم عن القرارات الصادرة نهائيا ، أي في آخر درجة ، حيث يجوز الطعن بالنقض ضد الاحكام و القرارت التي تصدر من مجلس قضائي او محكمة على اساس انها صادرة عن آخر درجة من درجات التقاضي ، أي تصدر نهائيا و تبعا لذلك اذا صدر حكم او قرار قضائي ابتدائيا ، ولم يستأنف ضده في الميعاد القانوني فأنه لا يمكن الطعن فيه بالنقض ، لكون المحكوم عليه رضي بالحكم او القرار القضائي عندما لم يرفع ضده استئنافا في الميعاد القانوني و بالتالي لا يعقل ان يقبل منه الطعن بالنقض .
التماس اعادة النظر
و هذا الطريق يجوز اللجوء إليه في المنازعات الإدارية ، و على الأخص بالنسبة للأوامر الإدارية الاستعجالية ، و هذا الطعن ذو طابع استثنائي ، و لا يكون مقبولا الا ضد الاوامر الاستعجالية التي لا تقبل الطعن فيها بطريقتي المعارضة او الاستئناف و يجب ان يكون الاستئناف مبنيا علة احد الاوجه التالية :
____________________________
(14)لحسين بن شيخ آث ملويا.المرجع السابق.ص167-168-169
-18-
1- عدم مراعات الاشكال الجوهرية قبل او وقت صدور تلك الاوامر بشرط ان لا يكون بطلان هذه الاجراءات صححه الاطراف.
2- اذا حكم بما لم يطلب او باكثر مما طلب ، او سهى عن الفصل في احد الطلبات .3- اذا وقع غش شخصي
4- اذا قضى بناءا على وثائق اعترف او صرح بعد صدور الحكم انها مزورة
5- اذا اكتشفت بعد الحكم (الامر) وثائق قاطعة في الدعوى كانت محتجزة لدى الخصم
6- اذا وجدت في الحكم نفسه نصوص متناقضة
7- اذا وجد تناقض في احكام نهائية صادرة بين نفس الاطراف و بناءا على نفس الاسانيد من نفس الجهان القضائية
8- اذا لم يدافع عن عديمي الاهلية
ويجب رفع الالتماس في ميعاد شهرين من تاريخ تبليغ الامر الاستعجالي ، و لا يوقف رفع الاتماس تنفيذ الامر الاستعجالي لانه طريق غير عادي من طرق الطعن .
و على خلاف ذلك ، ذهب الاستاذ زهرة مصطفى الى عدم جواز الطعن بالالتماس لاعادة النظر في الاوامر الاستعجالية ، لكونها مؤقتة ولا تحوز على حجية الشئ المقضي فيه بصفة مطلقة ، معارضا في ذلك رأي الاستاذ بشير بالعيد .
-19-
خاتمة
يمكن القول اننا خرجنا بخلاصة بسيطة من خلال هذا البحث تكمن في ان المشرع الجزائري قد تدارك النقائص التي كانت موجودة في قانون الاجراءات المدنية الذي اصبح يسمة قانون الاجراءات المدنية و الادارية
فالمشرع الجزائري خصص للدعوى الاستعجالية الادارية بابا كامل و هو الباب الثالث تحت عنوان : في الاستعجال وها عكس ماكان في السابق حيث نص عليها في المادة 171 فقط كما انه اضاف حالة الاستعجال القصوى كما تطرق الى حالات الطعن في الدعوى الاستعجالية الادارية الاخرى عكس السابق حيث نص فقط على الاستئناف
دعــوى الحيــازة (( جزائر ))
مقدمة:
الحق سواء كان عينيا أو شخصيا ينشأ عن الواقعة القانونية التي تنقسم إلى وقائع طبيعية تقع بفعل الطبيعة ،و إذ لا دخل لإرادة الإنسان في إحداثها .
و لكنها ترتب آثارها في الروابط القانونية القائمة ،ووقائع اختيارية أو إرادية تشمل بدورها أعمالا مادية و أخرى قانونية ،فالأولى مثالها الحيازة موضوع بحثنا بينما الثانية فقد تكون صادرة من جانب واحد كالوصية، أو صادرة من جانبين كالعقد ،فكلها مصادر للحق رتب عليها المشرع آثارا قانونية جعلها أسبابا لكسب الملكية .
و إذن فالمدعي بالحق لا يطلب منه إثبات الحق ذاته ،إذ ذاك يظل فكرة مجردة ،و إنما الذي يطلب منه هو إثبات مصدر الحق الموضوعي و شروطه المتطلبة قانونا و ذلك حتى يكون محلا للحماية القانونية المقررة له ،و التي لا يمكن تجسيدها إلا من خلال استعمال حقه في الدعوى الذي يخول له بمجرد حصول الاعتداء على حقه الموضوعي أو مركزه القانوني .
و لعل أهم مصادر هذه الحقوق و التي نصت عليها مختلف التشريعات في تقنيناتها نجد الحيازة كواقعة مادية يتمتع فيها الحائز بمركز واقعي يحميه القانون لذاته، و يرتب عليها آثارا قانونية قد يصح أن نصفها بالخطيرة ،ذلك أن الحائز لا يستند فيها إلى أي حق ،و هو يجعلها جديرة بأن تكون محل اهتمامنا و موضوع بحثنا هذا، خاصة إذا علمنا أن دوافع حماية المشرع للحيازة إنما تنطلق من اعتبارات تتعلق بأمن المجتمع و استقراره، و ما يقتضيه الصالح العام من عدم الاعتداء على الأوضاع الواقعية القائمة حتى و لو كان المعتدي هو صاحب الحق إذ وجب عليه أن يسلك طريق القضاء للحصول على حقه ،و ذلك أيضا فيه تحقيق لمبدأ استقرار التعامل ،فالحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية قد تنطوي على مجافاة لحق المالك ،لكن هذا القول يتلاشى لأن الهدف من ذلك هو الحفاظ على مصلحة الاقتصاد الوطني بتشجيع الحائز على الاستغلال و الاستعمال وعقابا للمالك المهمل على إهماله.
فإذا كان موضوع الحيازة بهذه الأهمية فما هو تعريفها ؟
أمكن تعريف الحيازة بأنها وضع مادي ،فيه يسيطر الشخص سيطرة فعلية على حق من الحقوق سواء كان هذا الشخص هو صاحب الحق، أم لم يكن كذلك ،هذه السيطرة الفعلية تتأتى عن طريق قيام الشخص بأعمال مادية تتفق مع مضمون الحق الذي يسيطر عليه .
و إذن فالحيازة وضع فعلي أو واقعي قد يكون هذا الوضع متفقا مع الوضع القانوني ،بأن يكون الحائز للشيء مالكا له و قد تخالف هذا الوضع القانوني بألا يكون للحائز أي حق على الشيء محل الحيازة و مع ذلك فالحيازة و بصرف النظر عن مطابقتها للوضع القانوني ترتب آثارا قانونية (1) لها أهميتها .
غير أن الذي يهمنا بهذا الصدد ليس الأثر الموضوعي للحيازة باعتبارها سببا من أسباب الملكية إذ ذاك يخرج عن نطاق معالجتنا للموضوع المختار و إنما الذي يعنينا هو دعاوى الحيازة كأثر إجرائي يتمتع به الحائز الذي توافرت لديه شروط الحماية القانونية المقررة للحق الموضوعي .
و عند ذاك كان لزاما علينا للإلمام بموضوع كهذا أن نطرح سؤالين رئيسيين نرى أنهما بما يحتويانه من أسئلة فرعية تجد إجابات لها كما سنبينه لاحقا في طيات هذا البحث قد يلمان بالموضوع على الوجه الذي يجب أن يكون، و الذي نتمنى أن نكون قد وفقنا فيه و هما السؤالان التاليان :
*ما هي الأحكام أو القواعد العامة التي تحكم دعاوى الحيازة؟
* ما هي الأحكام الخاصة بكل دعوى من هذه الدعاوى ؟
و لعل أول ما يقف عليه قارئ هذين السؤالين ،هو كيف أننا أردنا أن ننطلق من العموم و تدريجيا لنصل إلى التفصيل بتناول قواعد كل دعوى على حدى لاختلاف كل واحدة عن الأخرى في نقاط سنراها لاحقا، و اتحاد جميعهم في أحكام مشتركة تجمع بينهم .
فقولنا الأحكام العامة لدعوى الحيازة إنما يعني فيما تشترك هذه الدعاوى ؟
و ذلك انطلاقا من طرحنا للتساؤلات التالية :
* ما هي شروط قبولها ؟
* ما مدى تعلق ذلك بشروط الحيازة و أركانها ؟
* فيما يتجلى نطاق أو مجال ممارسة هذه الدعاوى ؟
* ما هي النتيجة المتوخاة منها ؟
* ما القواعد التي تحكمها ؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة لا تكفي لوحدها كونها تعطينا الإطار العام الذي تبقى كوامنه خفية لا تنجلي إلا بالإجابة عن تساؤلات أخرى تتعلق بكل دعوى من هذه الدعاوى على حدى أشخاصا ،سببا ،و موضوعا و هو ما تناولناه في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
و توضيح ذلك كله و بأكثر تفصيل تناوله وفقا للخطة الأتي بيانها فيما يلي:
الفصل الأول :
الأحكام العامة لدعاوى الحيازة :
تتمتع الحيازة بين الأنظمة القانونية بمكانة بالغة الأهمية، ليس من الوجهة النظرية فحسب ،و إنما لما يترتب عليها من أثار خطيرة قد تضعها في مكان الصدارة بين أسباب الملكية، فالحيازة هي عنوان الملكية الظاهر، إذ غالبا ما يكون حائز الشيء هو مالكه، و على من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل العكسي على صحة ادعاءه , و إذن فالحيازة و باعتبارها حالة واقعية قد لا تستند إلى أي حق للحائز، و رغم ذلك فقد كفل لها المشرع الحماية القانونية اللازمة، هذه الحماية لا يمكن تجسيدها بواسطة الوسائل المقررة لها قانونا إلا إذا ألممنا بالقواعد أو الأحكام العامة التي تحكمها و تنظمها كمرحلة أولى لتناولها بأكثر توضيح و تفصيل في المرحلة الموالية، و هو ما سنتطرق إليه في الفصل الأول من موضوع بحثنا، و ذلك بداءة ببيان شروط قبول دعاوى الحيازة بصفة عامة، و مرورا بإبراز خصائصها و التي هي سمات تطبعها و تميزها عن غيرها من الدعاوى الأخرى، لنصل إلى تبيان القواعد التي تطبق على جميع هذه الدعاوى و التي اخترنا أن تكون حلقة العبور من العموم إلى التخصيص أين يغلب الطابع الإجرائي و التطبيقي بتفصيل كل دعوى على حدى ببيان أحكامها الخاصة، و على ذاك قسمنا الفصل الأول إلى ثلاث مباحث تناولناها كالأتي بيانه :
المبحث الأول :
شروط قبول دعاوى الحيازة :
الحيازة تحمي الأوضاع الظاهرة كونها قرينة على الملكية، و من ثم فإنها تهدف إلى حماية الحائز بصرف النظر عن المالك الحقيقي ،و بالنتيجة تحقيق حماية الأمن و النظام العامين ، لأنها تقوم على مبدأ أساسي و هو عدم جواز اقتضاء الشخص حقه بنفسه، فما على من يدعي خلاف الظاهر إلا اللجوء إلى القضاء ،و مما لاشك فيه أن دعاوى الحيازة و كغيرها من الدعاوى الأخرى تخضع في رفعها للشروط المنصوص عليها في المادة 459 من ق.ا.م ، غير أن هذه الشروط تعالج بما يتناسب أو يتوافق و طبيعة دعاوى الحيازة ، و هو ما يجعلنا نطرح جملة من الأسئلة بهذا الصدد كقولنا متى تكون المصلحة قانونية ؟ و كيف تكون حالة ؟ من تنصرف له صفة رفع دعاوى الحيازة ؟ هل يمكن ممارسة هذه الدعاوى في أي وقت من حصول الاعتداء أم أن ذلك يخضع لقيد زمني ؟
جميع هذه الأسئلة حاولنا الإجابة عليها من خلال المطلبين المواليين فخصصنا الأول لبيان ضرورة توافر أركان الحيازة و شروطها ، باعتبار أن هذا العنصر يترجم في مضمونه شرط المصلحة بوصفيها و يحوي في طياته بيان من له الصفة في رفعها و نظرا لأهميته و وزنه في الموضوع فقد تناولناه بإسهاب يخدم الغاية المرجوة للوقوف على أهداف المشرع من تقرير هكذا دعاوى، لاسيما عندما يتعلق الأمر بحماية الأمن و النظام العامين ، خاصة و أن شروط الحيازة و أركانها هي الأساس القاعدي لممارسة الدعاوى المقررة لحمايتها ، بينما تناولنا في المطلب الثاني شرط الميعاد كقيد زمني و ضعه المشرع حفاظا على استقرار الأوضاع و ثباتها ، و عقوبة للمتخاذل عن تهاونه في استعمال الحق المقرر له ، و بصدده عرجنا في حديثنا على الآراء المتباينة بشأن شهادة الحيازة ، انطلاقا من أن البعض يعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة ، و إليكم فيما يلي تفصيل ذلك .
المطلب الأول : توافر ركنا الحيازة و شروطها :
حتى تتمتع الحيازة بالحماية المقررة لها و من ثم ممارسة دعاوى الحيازة لابد من توافر ركناها و شروط صحتها . ففيما يتمثل ركناها ؟ و ما هي شروط صحتها ؟
أولا : أركان الحيازة :
حتى تكون الحيازة منتجة لأثارها القانونية لابد أن تتوافر على ركنيها و هما الركن المادي و المعنوي و اللذان سنتناولهما كالأتي :
1- الركن المادي :
الحيازة ما هي إلا حالة واقعية تتكون من سيطرة شخص على الشيء محل الحيازة ظاهرا عليه بمظهر المالك ، و يتحقق ذلك بأن يقوم الشخص بالأعمال المادية التي يباشرها عادة من كان مالكا للشيء ، فمباشرة هذه الأعمال المادية هي التي تكون الركن المادي في الحيازة (1) .
ولكي تتحقق الحيازة يجب أن يصبح الشيء محل الحيازة تحت سيطرة الحائز الفعلية بالاستحواذ الفعلي عليه ، و يقوم الحائز بنفسه بالسيطرة المادية على الشيء محل الحيازة أو بالوساطة أو بالاستخلاف و قد تكون السيطرة المادية على الشيوع أيضا ، و يستوي أن يكون الشيء محل الحيازة مملوكا للغير أو غير مملوك له (2) .
إن قولنا محل الحيازة قد يكون شيئا مملوكا للغير ، أو غير مملوك له يستدعي منا معالجة نطاق الحيازة أو مجالها، و ما نتفق حوله أن هذا الأمر ما كان ليطرح قبل سنة 1990 أي قبل صدور القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 ، المتضمن قانون الأملاك الوطنية إذ أنه لم يكن يتصور أن تنصب الحيازة على مال غير مملوك، لأن العقار الذي ليس له مالك
هو ملك الدولة ، لكن بصدور القانون سالف الذكر أصبحت الحيازة تنصب على الشيء سواء كان مملوكا للغير أو غير مملوك له ، انطلاقا من أن الأملاك الوطنية تم تقسيمها إلى أملاك وطنية عامة و أملاك وطنية خاصة ، هذه الأخيرة يجوز التمسك فيها بالتقادم المكسب عن طريق المطالبة القضائية ، في حين لا ينطبق ذلك على الأملاك الوطنية العامة وفقا لنص المادة 04 من القانون رقم 30/90 و التي تنص أن الأملاك الوطنية العامة غير قابلة للتصرف و لا للتقادم ولا للحجز (1)
و ما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد أن المشرع قد أدمج بنص المادة 13 من الأمر 95/26 المعدل و المتمم للقانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري أراضي العرش ضمن أملاك الدولة الخاصة و بالتالي بإمكان الأشخاص الحائزين على الأراضي من نوع العروشية بعد إكمالهم للمدة المقررة للتقادم المكسب أن يرفعوا دعاوى أمام المحاكم للمطالبة بتمليكها لهم على أساس الحيازة (2) ،في حين هناك من يرى أنه لا جدوى من التفرقة بين أملاك الدولة سواء منها العامة أو الخاصة إذ كلتيهما لا تنطبق عليهما أحكام الحيازة (3) .
سبق القول أن الركن المادي يتحقق بالسيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة من خلال الأعمال المادية التي يباشرها الحائز، ففيما تتجلى هذه الأعمال؟و كيف تتم مباشرتها ؟
يقوم الحائز بمجموعة من الأعمال المادية التي يباشرها عادة صاحب الحق موضوع الحيازة ،و يتحقق ذلك من خلال الاستحواذ الفعلي و الإحراز المادي و الظهور بمظهر صاحب الحق، بحيث يجب أن تكون هذه الأعمال كافية لتحقيق هذا المظهر، فاذا كان الشيء دارا دخلها و استحوذ عليها و سكنها أو أسكن فيها غيره، و إذا كانت أرضا زراعية زرعها و بنى عليها و هكذا، بينما الأعمال القانونية كالبيع و التأجير، فلا تكفي بذاتها لتحقق الركن المادي في الحيازة ، و ذلك لأن مباشرة هذه الأعمال و التصرفات لا تدل بذاتها على السيطرة الفعلية لمن يقوم بها على الشيء ، كما يشترط في الأعمال المادية التي يأتيها الحائز أن تكون من الكثرة و الأهمية ،بحيث تكفي للقول بأن هذا الحائز يظهر بمظهر صاحب الحق (1)
أما عن كيفية مباشرة هذه الأعمال المادية فقد تكون ممارستها من الحائز بنفسه بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، كما قد تكون بواسطة شخص آخر أي عن طريق غيره ، و هو ما يطلق عليه بالوساطة ، و التي تصح الحيازة بها متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز و كان متصلا به اتصالا يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة * مع ملاحظة أن هذا الحكم ينصرف فقط إلى العنصر المادي دون المعنوي .
و كمثال عن ذلك : السيطرة المادية التي يباشرها الحائز بواسطة خدمه، أو أتباعه، أو عماله أو مستخدميه، هؤلاء يحصلون على أشياء باسم مخدوميهم أو متبوعهم بسبب تأدية أعمال و وظائفهم، كذلك ما يباشره الوكيل من أعمال مادية لحساب الموكل فهو يعمل باسمه مؤتمرا بأوامره فيما يتعلق بحيازة الشيء لصالح الموكل طالما كان الوكيل يعمل في حدود الوكالة، و كذا الأمر بالنسبة لناقص الأهلية فانه يباشر أعمال السيطرة المادية عن طريق من ينوب عنه قانونا * ، اذ يباشرها باسمه الولي أو الوصي أو القيم ، فهؤلاء الأخيرين لهم ممارسة دعاوى الحيازة بالنيابة وفقا لما تنص عليه المادة 817 فق 02 من القانون المدني.
كما يمكن مباشرة الأعمال المادية عن طريق الاستخلاف ، و ذلك عندما تنتقل السيطرة المادية إلى الحائز من شخص آخر كانت له السيطرة الفعلية على الشيء من قبل ثم نقلها إليه ، و توضيحا لذلك نورد المثال الأتي : قيام شخص ببيع عقار في حيازته لشخص آخر، فيسلم المبيع للمشتري، فالسيطرة الفعلية كانت للبائع سواء كان مالكا أو غير مالك له ثم نقلها للمشتري، و في هده الصورة لا يشترط الاستحواذ الفعلي على الشيء بل يكفي مجرد التمكن من الاستحواذ فان كان المبيع عقارا مثلا فان السيطرة الفعلية تنتقل إلى المشتري بتسليمه المفاتيح و مستندات الملكية ووضعه تحت تصرفه بحيث يتمكن من تسلمه دون حاجة إلى أن يتسلمه بالفعل (1)
أما الصورة الأخيرة فتمكن في السيطرة المادية على الشيوع، إذ الحائز على الشيوع يكون لديه العنصران المعنوي و المادي في الحيازة فهو في العنصر المعنوي يكون مشتركا مع غيره لا خالصا لنفسه و في العنصر المادي يباشر السيطرة المادية بالاشتراك مع غيره لا خالصا لنفسه مثال ذلك أن يحوز شخصان عقارا ، فيسكنان العقار معا دون أن يستقل أحدهما بالقيام بأي عمل من هذه الأعمال. (1)
غير أنه و إن اختلفت صور مباشرة الأعمال المادية في الحيازة فان المتفق عليه هو وجوب توافرالصفة في رافع دعاوى الحيازة التي لا تقبل إلا من ذي صفة على ذي صفة ، فترفع من الحائز بنفسه أو بواسطة غيره على كل من يعتدي على الحيازة أو يحتمل أن يعتدي عليها (2) .
2 – الركن المعنوي :
لا تكفي أفعال السيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة لوحدها، بل لابد أ ن تتوافر لدى الحائز نية تملكه ، و الظهور بمظهر صاحب الحق و مالكه، و للوقوف على مفهوم الركن المعنوي للحيازة علينا التطرق إلى نظريتين في هذا الصدد ثم تحديد موقف المشرع الجزائري منهما :
أ – النظرية الشخصية *:
لا يكفي لقيام الحيازة القانونية توافر الركن المادي بل يجب أن يقترن بالركن المعنوي المتمثل في نية التملك باستعمال الشيء و استغلاله و التصرف فيه كما يفعل المالك الحقيقي للشيء، و عليه فان هذا العنصر لا يتوافر في حيازة المستأجر و المستعير و المودع عنده * و الموقوف عليه،إذ أنه و بالنسبة لهذا الأخير فحقه ينحصر في الانتفاع بالعين فقط *ذلك أن الأملاك الوقفية لا يمكن تملكها بالتقادم المكسب بسبب زوال حق الملكية سواء كان الوقف عاما أو خاصا، و من ثم تنعدم فيها نية التملك *.
ب – النظرية المادية * : تعترف بالحيازة حيثما وجد سلطان مادي لشخص على شيء معين ، بمباشرته أعمالا إرادية و قصدية عليه، فالإرادة هنا تندمج في السيطرة المادية و لا يمكن أن تنفصل عنها ، فهما عنصران متلازمان لا يكون أحدهما إلا بالآخر.
و بهذا الصدد كان التمييز بين الحيازة الحقيقية أو القانونية و بين تلك العرضية و حسب هذه النظرية فإن مرد التمييز ليس في اختلاف نية الحائز أو قصده بل أن أساس التفرقة هو سبب الحيازة نفسها و هو ما أطلقت عليه هذه النظرية بالعنصر العرضي في الحيازة ، فإذا كان سبب الحيازة هو وضع اليد على الشيء لحساب الغير ، فإن ذلك لا يؤدي إلى نفي الحيازة مطلقا ، بل تنتفي عنها صفة الحيازة الحقيقية لتصبح حيازة عرضية (1) .
و من باب المقارنة بين مختلف التشريعات و أعمالها لكلتا النظريتين فانه و على سبيل المثال أخد من المشرع الفرنسي و المصري و اللبناني بالنظرية الشخصية بينما أخذ كل من التشريع الألماني و السويسري بالنظرية المادية .
- فما هو موقف المشرع الجزائري من كلتيهما ؟
أخد المشرع الجزائري بالنظرية الشخصية في الركن المعنوي للحيازة كقاعدة عامة بينما أخد بالنظرية المادية كاستثناء ، و ذلك عندما حمى حيازة المستأجر ، و هي حيازة عرضية بجميع دعاوى الحيازة وفقا لما تنص عليه المادة 487 من القانون المدني فحيازة المستأجر لا تتوافر إلا على الركن المادي دون المعنوي (2) ، ففي هذه الحالة لا يكسب حق الملكية على العين المؤجرة بالتقادم مهما طالت مدة حيازته للعين ، و إنما يستطيع أن يتمسك باسم المؤجر بحيازته للعين المؤجرة ، كأن يكون المؤجر غير مالك للعين و يكون قد وضع يده عليها مدة اثنتي عشر سنة مثلا ، ثم أجرها و حازها المستأجر مدة ثلاث سنوات أخرى فيعتبر المؤجر قد حاز العين بواسطة المستأجر هذه المدة الأخيرة ، و بالتالي أكمل مدة التقادم لكسب ملكية العين ، و كذلك لا يستطيع المستأجر أن يحمي حيازته بحق ملكية العين المؤجرة بدعاوى الحيازة ، لأن هذه الحيازة حيازة مادية محضة و هي لحساب المؤجر ، فإذا لجأ مثلا إلى دعوى منع التعرض فيما يتعلق بالملكية لم يستطع اللجوء إليها إلا باسم المؤجر ، و هذا لا يمنع من أن يلجأ إلى جميع دعاوى الحيازة ، فيما يتعلق بحيازته لحقه الشخصي كمستأجر ، و يرفع هذه الدعوى أصالة عن نفسه لا باسم المؤجر (1) .
غير أن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد هو هل أن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها مند بدايتها فإن قامت عرضية تبقى كذلك مهما طالت مدتها أو أنه يمكن للحيازة العرضية أن تتحول إلى حيازة صحيحة ؟
القاعدة العامة ووفقا لنص المادة 831 * فقرة 01 من القانون المدني فإن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها ، إذ أنه ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده على أنه لا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته و لا الأصل الذي تقوم عليه .
إلا أن هذه القاعدة العامة يرد عليها استثناء تضمنته الفقرة الثانية من المادة المذكورة آنفا ،إذ أنه يمكن أن تتحول الحيازة العرضية إلى حيازة صحيحة فيستطيع بذلك الحائز أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته بأحد الأمرين :
الأمر الأول : فعل يصدر من الغير * : و الذي عادة ما يكون تصرفا ناقلا للملكية يتلقاه الحائز العرضي من الغير فتتغير به صفة حيازته العرضية و تتحول إلى حيازة أصلية ،إذ أن الحائز يحوز العين من وقت هذا التصرف لحساب نفسه ، لا كحائز عرضي لحساب غيره ، و من ذلك الوقت يستطيع الحائز أن يحتمي كمالك بجميع دعاوى الحيازة ، و لا يشترط أن يكون الحائز العرضي وقت تلقيه التصرف الناقل للملكية حسن النية .
الأمر الثاني : فعل يصدر من الحائز العرضي يعارض به حق المالك، و لا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك و إعلانه ذلك على ملأ من الناس ، بل لا يكفي تصرفه في العين تصرف الملاك فيهدمها متأو يقيم عليها بناءا أو يبيعها ، فهذا يعد تعسفا منه في استعمال حيازته العرضية ، و ليس من شأن هذا التعسف أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة صحيحة ، بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين يدعيها الحائز لنفسه و ينكر المالك عليه ذلك (3).
فإذا كانت الحيازة العرضية قد تتحول إلى حيازة صحيحة بأحد الأمرين سالفي الذكر فهل أن هذه الحيازة سواء كانت عرضية أو قانونية تنتقل محتفظة بصفتها تلك إلى كل من الخلف العام * و الخلف الخاص * أم أنها تتحول إلى خلافها ؟
إن حيازة السلف إذا كانت عرضية تنتقل إلى الخلف العام و تبقى كذلك ما لم تتغير بأحد الأمرين على النحو السابق بيانه ،أما إذا كانت حيازة حيازة السلف صحيحة انتقلت بصفتها هذه إلى الوارث الذي يستطيع أن يستمر في هذه الحيازة و أن يضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته على عكس الحائز عرضيا، فانه تحسب المدة اللازمة لإنتاج الحيازة أثرها من وقت تغيير الوارث صفة حيازته دون أن يكون له الحق في ضم مدة حيازة مورثه .
أما بالنسبة للخلف الخاص فإنه إذا نقل له الحائز العرضي ملكية العين فلا تكون حيازته عرضية بل تكون قانونية مستوفية لشروطها ، فتحمى بجميع دعاوى الحيازة كونه ابتدأ حيازة جديدة متوافر فيها عنصراها المادي و المعنوي ، و معنى ذلك أننا بصدد حيازتين و ليست حيازة واحدة ، و قد يختلفان في بعض الصفات ، كأن تكون حيازة السلف قانونية و حيازة الخلف عرضية .كأن يؤجر المالك عقاره لمستأجر و قد يحدث العكس بأن تكون حيازة السلف عرضية و حيازة الخلف قانونية و مثال ذلك أن يبيع المستأجر العين لآخر، و رغم استقلال حيازة الخلف عن حيازة السلف فإن المشرع مع ذلك أجاز للخلف إن شاء أن يضم مدة حيازة سلفه إن كانت له مصلحة في ذلك بنص المادة 814/02 من الق.م بأنه " ......يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه ليبلغ التقادم ".
و تجدر الإشارة أخيرا أنه كما تقوم الحيازة على توافر الركن المادي و المعنوي فإنها تزول بزوال أحدهما أو بزوالهما معا، على أن الحائز لا يفقد حيازته بسبب مانع مؤقت يعتبر قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض بالمياه (*)
ثانيا / شروط صحة الحيازة : الحيازة لا توجد إلا إذا توافر ركناها على النحو الذي سبق تبيانه فإذا توافر ركناها ووجدت فإنه يجب أيضا أن تكون خالية من العيوب حتى تنتج أثارها و على الأخص حتى تحضى بالحماية المقررة لها بموجب دعاوى الحيازة .
و قد نصت المادة 413 من ق .إ .م على شروط صحة الحيازة و التي يجب أن تكون هادئة ،علنية ، مستمرة ،لا يشوبها انقطاع و غير مؤقتة و غير خفية ، و استمرت لمدة سنة على الأقل .
كما نصت المادة 808 من القانون المدني في فقرتها الثانية (*) أنه( إذا اقترنت الحيازة بإكراه، أو حصلت خفية، أو كانت فيها التباس فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب) .
و بناءا عليه سنتعرض إلى شروط صحة قيام الحيازة من خلال بيان العيوب التي تشوب صحتها كالآتي :
1- عدم استمرار الحيازة أو تقطعها : حتى تسلم الحيازة من هذا العيب لابد أن تتوالى أعمال السيطرة المادية على الشيء في فترات متقاربة ، منتظمة لمدة سنة كاملة ،فيستعمل الحائز الشيء من وقت إلى آخر كلما تقوم الحاجة إلى استعماله كما يستعمل المالك ملكه في العادة ، فإذا مضى بين العمل و الآخر فترة طويلة من الزمن لا يستعمل فيها الحائز الشيء و كانت هذه الفترة من الطول بحيث لا يدعها المالك الحريص على الانتفاع بملكه انتفاعا كاملا، فان الحيازة تكون في هذه الحالة غير مستمرة أو منقطعة ، فلا تصح أساسا لدعاوى الحيازة ،غير أن إنتظام الاستعمال يختلف باختلاف طبيعة الشيء، فمن يحوز حق السكن مثلا، حتى تكون حيازته مستمرة، يجب أن يسكن المنزل و ألا ينقطع عن سكناه إلا عند سفر أو غير ذلك ،و إن كانت أرضا زراعية وجب عليه أن يزرعها في المواسم الفلاحية ، و لا يعتبر الكف عن استعمال الشيء بسبب قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض انقطاعا يخل بالاستمرار في الحيازة (1) ، فحيازة العين يجب أن تستمر سنة كاملة ، إذ يكفي لإثبات استمرارها إثبات قيام الحيازة في وقت سابق معين، وإثباتها في الحال كي توجد قرينة على قيامها في المدة الممتدة بين الزمنين (2) ما لم يقم دليل على خلاف ذلك وفقا لما تنص عليه المادة 830 من القانون المدني .
و تجدر الإشارة إلى أن عيب عدم الاستمرار هو عيب مطلق ،إذ أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، لأن الحيازة في ذاتها تكون غير مستمرة بالنسبة إلى الناس كافة ، بخلاف العيوب الأخرى للحيازة فهي عيوب نسبية ، بمعنى أن الحيازة لا تكون لها أثر إلا بالنسبة لمن وجه إليه العيب وحده (1) ، و هو ما يستفاد من نص المادة 808 من الق.م
2- الخفاء أو عدم العلانية : فيباشرها الحائز على مشهد من الناس أو في القليل على مشهد من المالك أو صاحب الحق الذي يستعمله الحائز ، فإذا أخفاها الحائز عن المالك أو صاحب الحق ، بحيث لا يشعر هذا بأن حقه في حيازة غيره كانت الحيازة مشوبة بعيب الخفاء أو عدم العلانية ، و من ثم لا تكون صالحة لأن تحمى بدعاوى الحيازة (2) ، و هو ما يقضي به نص المادة 413 من ق.ا.م.
و عيب الخفاء يتصور وقوعه بالنسبة للمنقولات لسهولة إخفاءها أما العقارات فإنه لا يتصور إخفاء حيازتها إلا نادرا ،كالجار الذي يحوز شريطا صغيرا من أرض جاره ويدخله في حدود ملكية دون علم صاحبه ، ومهما يكن فالحيازة إذا كانت خفية فلا يؤثر فيها حسن أو سوء نية الحائز، و لكن ليس من الضروري لاعتبار الحيازة علنية أن يعلم بها المالك علم اليقين ، بل يكفي إمكانية و استطاعة العلم (3) .
و على خلاف عيب التقطع فإن عيب الخفاء هو عيب نسبي و ليس مطلقا وفقا لما تقضي به المادة 808 فق 02 من الق .م التي نصت على أن الحيازة إن حصلت خفية فلا يكون لها أثرا تجاه من أخفيت عنه إلا من الوقت الذي زال فيه هذا العيب ، و بالتالي فإن الحيازة قد تكون علنية بالنسبة للناس كافة ماعدا صاحب الحق فإنها خافية بالنسبة له ، ولذلك يكون له وحده أن يحتج بعيب الخفاء دون غيره ، و بالعكس لا يستطيع صاحب الحق أن يحتج بعيب الخفاء إذا كانت الحيازة علنية بالنسبة له و حده دون سائر الناس (1)
3- الإكراه أو عدم الهدوء : تكون الحيازة معيبة بهذا العيب إن حصل عليها صاحبها بالقوة أو بالتهديد، و بقي محتفظا بها دون أن تنقطع القوة أو التهديد الذي حصل عليها به ، و يستوي في ذلك أن تكون القوة أو التهديد قد أستعمل ضد المالك الحقيقي لانتزاع ملكه منه أو استعمل ضد حائز سابق غير مالك لانتزاع حيازته ، كما يستوي أن يكون من استعمل القوة أو التهديد هو الحائز نفسه أو أعوان له يعملون باسمه .
و عيب الإكراه هو عيب نسبي ، فإذا انتزع شخص من آخر حيازة عين بالإكراه كانت حيازة منتزع الحيازة مشوبة بعيب الإكراه بالنسبة إلى الشخص الآخر الذي انتزعت منه الحيازة وحده ، و بالنسبة إلى هذا الشخص الآخر وحده لا يستطيع منتزع الحيازة أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة إلا إذا انقطع الإكراه ، فعيب الإكراه لا يحتج به إلا من وقع عليه الإكراه (2)
و بالرجوع إلى نص المادة 808 فقرة 02 من القانون المدني، فإن عيب الإكراه يزول بانقطاع الإكراه ، إذ جاء فيها أن الحيازة إذا اقترنت بإكراه، فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه، إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب .
غير أن السؤال الذي يجب طرحه هو هل الحيازة التي تبدأ هادئة ثم يضطر صاحبها لاستعمال القوة و التهديد للاحتفاظ بها تعد معيبة ؟ للإجابة عن هذا السؤال انقسمت الآراء إلى وجهتين :
أ / الرأي الأول : يرى القائلون به أنه لا يكفي أن ينقطع الإكراه الذي حصل به الحائز على الحيازة ابتداءا ، حتى تكون الحيازة خالية من عيب الإكراه بل يجب أن تستمر – فوق ذلك – هذه الحيازة الهادئة طوال المدة التي تبقى فيها ، فإذا كانت مهددة يعكر صفوها اضطرار صاحبها في أي وقت للدفاع عنها بالقوة ، فإنها تكون حيازة غير هادئة مشوبة بعيب الإكراه (1) .
إذ أن المقصود بالهدوء هو تمكن الحائز من استعمال الشيء و الانتفاع به دون اللجوء إلى العنف و القوة حتى لا تتحول إلى حيازة مغتصبة (*)
ب/ الرأي الثاني : يرى أصحابه أن الحيازة إذا بدأت هادئة ، فلا يعيبها بعد ذلك أن يضطر الحائز إلى استعمال القوة للاحتفاظ بحيازته ضد من يريد انتزاعها منه إذ أن هذا يكون من قبيل الدفاع الذي يثبت لكل شخص يتمتع بمركز واقعي .
و حسب رأينا فإننا نرجح الرأي الثاني،ذلك أن العبرة ببداية الحيازة و مدى اقترانها بالإكراه أو عدمه و هو ما يستفاد من نص المادة 808 فقرة 02 من الق.م التي تنص ( إذا اقترنت الحيازة بإكراه .......) و بالتالي فإن بدأت الحيازة هادئة ثم شابها عيب الإكراه و قام الحائز بدفعه مستبقيا سيطرته الفعلية على العيب محل الحيازة كانت حيازته صحيحة .
4/ عيب الغموض أو اللبـــس : يتعلق هذا العيب بالركن المعنوي في الحيازة إذ تكون الحيازة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس إذا اشتبه أمرها فيما يتعلق بالركن المعنوي، فيطرح التساؤول، هل أن الحائز يحوز لحساب نفسه أو أنه يحوز لحساب غيره؟أو لحساب نفسه وحساب غيره معا ؟.
و نضرب في هذا مثالا بحيازة أحد الشركاء في الشيوع ، الذي يتمسك بحيازة العين لنفسه خاصة ، فأعمال الحيازة المادية التي يقوم بها كشريك في الشيوع هي نفسها الأعمال التي يقوم بها في ملكية مفرزة ، و قد يأتيها بنية أنه يوجد غيره معه يشاركه في الملك ، فهنا يقوم اللبس في حيازة الشريك في الشيوع للعين الشائعة إذا تمسك بأنه يحوز العين لحسابه ، إذ هي تحتمل هذا المعنى كما تحتمل معنى أن الشريك يحوز لحساب نفسه ولحساب غيره من الشركاء ،فتكون الحيازة في هذه الحالة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس و من ثم لا تنتج أثارها (1)
و عيب الغموض أو اللبس هو عيب نسبي (*) فلا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه أمر الحيازة من حيث الركن المعنوي و هو ما تنص عليه المادة 808 فق 02 من الق.م التي جاء فيها أنه (إذا كان في الحيازة التباس فلا يكون لها اثر تجاه من التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب) .
و تأسيسا على ذلك فانه و بالنسبة للمثال السابق فإن الحيازة الغامضة عند الشريك على الشيوع لا يكون لها أثر إلا قبل الشركاء الآخرين في الشيوع ، إذ لا يحتج عليهم بهذه الحيازة الغامضة و لكن يحتج بها على غيرهم، و تظل هذه الحيازة غامضة إلى أن ينتفي اللبس فيها ، و الذي لا يكون إلا بالمعارضة الساطعة و المنكرة لحقوق الآخرين فإن لم ينكر ذلك تبقى على الشيوع (1) .
و عليه نصل إلى أن الحيازة إن استوفت أركانها و شروطها أصبحت محلا للحماية القانونية ، فتكون بذلك للحائز مصلحة قانونية حيث تحمى الحيازة لذاتها بصرف النظر عن ما إذا كان الحائز مالكا للعقار من عدمه . ومن ثم فان حصل اعتداء على المركز الواقعي أو احتمل الاعتداء عليه كانت المصلحة قائمة و حالة ، و عندها للحائز المطالبة بالحماية القضائية من خلال ممارسته لوسائل الحماية القانونية المقررة قانونا كما سيأتي بيانه بأكثر تفصيل في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
المطلب الثاني / شـــرط المــيعاد :
طبقا لنص المادة 413 فقرة 02 من ق .ا.م فإنه لا تقبل دعاوى الحيازة، و من بينها دعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض كما نصت المادة 817 فق 01 من القانون المدني أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك .
و بناءا عليه فانه يجب أن ترفع دعاوى الحيازة خلال مدة سنة من وقت الاعتداء على الحيازة أو بدء الأعمال التي تثير احتمال الاعتداء عليها (*) لأن التراخي في رفع هذه الدعوى طوال هذه المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا بحيث يخل بالأمن و السلام ، فضلا عن رضا الحائز بذلك الوضع ، و في حالة رفع هذه الدعوى بعد فوات ميعاد السنة يحكم بعدم قبولها (*) ، و لو لم تنشأ حيازة جديدة لمصلحة الغير ، و في حالة نشوء حيازة قانونية لهذا الأخير ، فإنه يتمتع بالحماية القانونية حتى في مواجهة الحائز السابق .
و يلاحظ أنه لا ارتباط بين هذا الشرط و شرط استمرار الحيازة لمدة سنة و الذي ينبغي توفره كي تصبح الحيازة قانونية ، و يؤدي تخلفه إلى رفض دعوى الحيازة من حيث الموضوع (1) .
غير أن السؤال الذي استوقفنا و نحن نتحدث عن شروط قبول دعاوى الحيازة وجعلنا نبحث عن إجابة له هو هل أن الحق في رفع دعاوى الحيازة هو حق مطلق متى توافرت الحيازة على شروطها و أركانها و استوفت وسيلة حمايتها شرط الميعاد ، أم أنه حق مقيد بوجود سند قانوني يبرر هذه الحيازة ؟
إن طرحنا هكذا سؤال إنما مرده الإشكالات و الاختلافات العملية و المثارة بشأن شهادة الحيازة و علاقتها بممارسة دعاوى الحيازة الثلاث ، و هو ما تم طرحه بحدة على صعيد التطبيقات القضائية ، و لعل سبب ذلك هو نص المادة 39 من القانون رقم 90/25 المتضمن ق.ت.ع التي جاء فيها ( يجب على كل حائز لملك عقاري أو شاغل إياه أن يكون لديه سند قانوني يبرر هذه الحيازة أو هذا الشغل ) بموجب هذه المادة أضاف المشرع شرطا جديدا لم يكن منصوصا عليه في القانون المدني .
و التساؤول المطروح بهذا الصدد هل يعتبر هذا الشرط قبليا يجب أن يتوفر في كل من يرفع دعوى حيازة طبقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية ، و القانون المدني ؟
لقد انقسم الرأي بصدد هذه المسألة القانونية إلى اتجاهين (2) :
أ / الاتجاه الأول : لابد من أن يستظهر رافع دعوى الحيازة بشهادة الحيازة،و ذلك استنادا إلى نص المادة المذكورة سابقا ، و الذي ورد بصيغة الوجوب ، و من ثم فإن السند الحيازي يعتبر قيدا على رفع الدعوى إذ لا يمكن اللجوء إلى القضاء إلا باستيفائه (1) .
بينما هناك من يعتبرها تتعلق بشروط قبول الدعوى و تحديدا شرط الصفة (*) ،و لذلك فالبعض يرى أن ما جاء به ق.ت.ع بهذا الصدد هي أحكام كادت أن تؤدي إلى القضاء على أحكام الحيازة التقليدية (2) .
ب / الاتجاه الثاني : يرى القائلون به أنه لا حاجة لرافع دعاوى الحيازة لأن يثبت وضع اليد بشهادة الحيازة كونها مجرد وثيقة إدارية شرعت فقط من أجل تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلاحية و تمتيع صاحبها ببعض الحقوق و الامتيازات التي لا تخول إلا للمالك ، زد على ذلك أن المشرع نفسه مازال يعترف بالحائز الظاهر الذي لا يملك شهادة الحيازة، و هو ما يتجلى من خلال نص المادة 51 من القانون رقم 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري التي نصت على الإجراءات التي تسلط على المستثمر الذي يثبت قانونا عدم استغلاله للأراضي الفلاحية و من ثم لا يمكن اعتبار شهادة الحيازة قيدا على رفع الدعوى التي تبقى خاضعة في رفعها لقانون الإجراءات المدنية (1) .
و بالتالي فشهادة الحيازة كوثيقة إدارية لم تفض على أحكام الحيازة التقليدية المنصوص عليها في كل من القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية كما حاول البعض الذهاب إليه و الذي اعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة بأنواعها الثلاث (2) .
و هو الرأي (*) الذي تبنته الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 914-181 المؤرخ في 28/10/1998 - غير منشور- و الذي جاء فيه ( حيث و من جهة أخرى فان قضاة الاستئناف و لتأسيس قرارهم استخلصوا من أفعال القضية و خاصة من شهادة الاستغلال الفلاحي .... و محضر سماع الشهود المؤرخ في 15/11/1994 بأن هذا الأخير يثبت بسند قانوني الحيازة طبقا للمادة 30 من القانون رقم 90/25 المؤرخ 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري حيث و بالفصل هكذا فإن قضاة الاستئناف قد طبقوا القانون تطبيقا سليما .
أما عن رأينا فإننا نرجح الاتجاه الثاني، أي ما ذهبت إليه الغرفة العقارية،و تأسيسنا في ذلك هو الأتي بيانه :
1- إن الهدف المتوخى من دعاوى الحيازة هو حماية المركز الواقعي للحائز بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، و عليه فان الشروط التي أضافها المرسوم التنفيذي رقم 91/254 بموجب نص المادة 02 منه، و التي فصلت تلك المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 90/25 تتنافى و الهدف المتوخى من الحماية القانونية المقررة للحيازة لا سيما ما يتعلق منها بالشروط الواجب توافرها في العقار المحوز ، و التي سنعالجها كالأتي :
الشرط الأول / أن تكون الأرض ملك خاص : إن هذا الشرط لا يستقيم و مجال الحيازة بمفهومها العام على النحو المشار إليه آنفا و الذي نتناوله بأكثر تفصيل في المبحث الثاني من هذا الفصل، إذ ينطوي على تضييق في مجالها و هو ما ينعكس على نطاق الحماية المقررة لها .
الشرط الثاني / أن يقع العقار في منطقة مسوحة: كون أن عملية المسح تؤدي إلى تشخيص الممتلكات العقارية، و من ثم فلا يتصور تسليم شهادة الحيازة بعد إتمام هذه العملية، بينما تظل الحيازة بمفهومها العام و بما كرس لها ما وسائل لحمايتها قائمة .
الشرط الثالث / أراضي لم تحرر عقود ملكيتها: فحتى و إن لم يتم المسح و كان للأرض عقد ، فلا تكون محلا لتسلم شهادة الحيازة ، بينما و على العكس من ذلك ،و بالنسبة لدعاوى الحيازة فإنه يتمسك بها حتى في مواجهة المالك نفسه ،لقيام ذلك على افتراض مفاده أن من يحوز الأرض هو مالكها،وأن الحيازة تنصب على العقار سواء كان مملوك للغير أو غير مملوك له .
و إذن فإن الشروط المضافة على النحو السابق بيانه تؤكد أن الهدف المتوخى من الحيازة بمفهوم قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 و كذا المرسوم التنفيذي 91/254 غير ذلك المقصود من المفهوم العام للحيازة ، و هو ما يثبت أن شهادة الحيازة قررت لتشجيع الاستثمار ، و خدمة التنمية الاقتصادية و جعلها كضمانة قانونية للحائز.
2- شهادة الحيازة جاءت بموجب المادة 39 من القانون السالف ذكره من أجل معالجة مرحلة انتقالية ووضع راهن تبنى فيه المشرع نظام الشهر العيني بصورة متذبذبة خاصة و أن عمليات المسح لم تشمل سوى جزء يسير من الأراضي ، بينما تلك التي لم يتم مسحها فتحرر بشأنها شهادة الحيازة ، في انتظار تصفية الوضعية العقارية نهائيا ، وتكريس الحاصلين عليها كملاك بعد المسح ، و من ثم الحكم بموتها بانعدام الوضع المقررة من أجله ، فالمشرع بتبنيه نظام الشهر العيني وقع في تناقض مع أحكام القانون المدني و التي نقلت عن القانون المدني المصري الذي تبنى نظام الشهر الشخصي .
3- المادة 02 من المرسوم السابق الإشارة إليه اشترطت دوام الحيازة سنة كاملة للاستفادة من شهادة الحيازة ، و هي المدة نفسها المشترطة في استمرار الحيازة المحمية قانونا كمبدأ عام مع ورود استثناء عليه فيما يخص مدة الحيازة المحمية بدعوى الاسترداد،و هو ما يؤكد مرة أخرى اختلاف الهدف الذي قررت شهادة الحيازة من أجله عن ذلك المتوخى من الحيازة كمفهوم عام و الذي ينصب أساسا على حماية الأوضاع الظاهرة و الحفاظ على السكينة والأمن العامين.
المبحث الثاني :
خصائص دعاوى الحيازة :
المطلب الأول : حماية الحيازة لذاتها :
لما كان وضع اليد هو سلطة فعلية لشخص على شيء من الأشياء المادية فهو المظهر المادي للملكية و لهذا كان وضع اليد شبيها في الظاهر بالملكية، بل كثيرا ما يختلط بها مع أن وضع اليد على العقار يختلف عن ملكيته من الوجهة القانونية إذ تعرف الحيازة بأنها وضع اليد على العقار و السيطرة عليه سيطرة فعلية و استقلاله و السيطرة المادية تكون بمباشرة أعمال مادية مما يقوم عادة بها المالك على النحو الذي تقتضيه طبيعة هذا الحق و تكسب الحيازة ملكية العقار أو الحق العيني عليه بمضي مدة معينة مقترنة بينية التملك فهي واقعة مادية تحدث آثار قانونية و تؤدي إلى اكتساب الحق .
أما الملكية فهي حق تخول للمالك أن يسيطر سيطرة قانونية على الشيء محل الحق فيستأثر به فيتمكن من التصرف فيه و استعماله و استغلاله و الملكية باعتبارها حق فهي لا تثبث إلا بناء على سبب من أسباب كسب الملكية التي حددها القانون كالعقد و الوصية و الميراث و الحيازة ..الخ .
و يحمي القانون الحيازة في ذاتها و لو كان الحائز غير مالك و ذلك لغايات معينة ،ووسيلة لحماية الحيازة هي الدعاوى التي ننظر فيها إن كان حائز مالكا للحق الذي يحوز أو لا يملكه فالحائز لأرض تحميه دعاوى الحيازة و لا يطلب منه في مباشرته لهذه الدعاوى إلا أن يثبت حيازته لأرض بالشروط الواجب توفرها في الحيازة ،فلا يطلب منه أن يثبت أنه مالك للأرض فالملكية تكون محل لدعوى الاستحقاق ،و من هنا يبرز الفرق بين الحيازة و الملكية من حيث وسيلة الحماية و من حيث الإثبات فإذا تم التعرض للحيازة فاللمعتدى عليه استعمال دعوى منع التعرض ،و إذا لم تتعرض حيازته لاعتداء أو التهديد و لكنها توشك أن تتعرض لذلك من جراء أعمال بدئ بها و لم تتم فإنه يستطيع رفع دعوى لوقف الأعمال الجديدة، و إذا انتزعت منه الحيازة عنوة أو خلسة فله أن يستردها بدعوى استرداد الحيازة بشرط أن يثبت حيازته للعقار بوسائل إثبات تمتاز باليسر على خلاف دعوى الملكية التي تمتز بإجراءات طويلة و معقدة و طرق إثبات تزيد كثيرا في الصعوبة و العسر على طرق إثبات الحيازة .
و نفس الشيء يقال في الحقوق الأخرى التي تكون محلا للحيازة، فدعاوى الحيازة تحمي حائز حق الانتفاع أو الإرفاق و الاستعمال .
و عليه فإن القانون يحمي الحائز ما دام أثبت وقت الاعتداء أن حيازته كانت حيازة مادية بمعنى أن يد الحائز كانت متصلة بالعقار و اتصالا فعليا حيث كان العقار تحت تصرفه المباشر و يجب أن يكون اتصال الحائز بالعقار قائما وقت وقوع الاعتداء (1) .
- و العلة في حماية الحيازة ترد إلى اعتباريين :
1/ حماية المصلحة الخاصة للحائز و التي تظهر في عنصريين :
أ- أن الحيازة قرينة على الحق :
نظرا لكون الحائز الغالب هو نفسه صاحب الحق، فإن الحائز لحق يقترض أنه صاحب لهذا الحق حتى يثبت العكس ، فقل أن يوجد مالك لا يحوز ملكه بنفسه أو بواسطة غيره إذ يفترض قانونا أن الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق الحيازة، و من ذلك كانت الحيازة قرينة على الملكية و لكنها قرينة قابلة لإثبات العكس (2) . فحماية الحيازة في ذاتها إنما هي حماية للملكية و لكنها حماية مؤقتة إلى أن يقوم الدليل على أن الحائز لا يملك المال الذي في حيازته .
ب – إن حيازة ممارسة فعلية للحق : إن الحيازة بمعنى السيطرة الفعلية على شيء هي وسيلة ممارسة صاحب الحق لسلطاته عليه، و حرمانه من الحيازة يعني حرمانه من مزايا حقه فحيازة المستأجر ضرورية لممارسة حقه في الانتفاع بها .
ج – الحيازة وسيلة اكتساب الحق : حتى في الحالات التي لا يستند فيها الحائز إلى الحق فإن الحاجة إلى الاستقرار أدت بالمشرع إلى جعل الحيازة متى استوفت شروطها معنية سببا لاكتساب الحق العيني على العقار .
2/ حماية المصلحة العامة :
تعتبر حماية الحيازة حماية للأمن و النظام العام في المجتمع فيعد اغتصاب الحقوق غير شرعي و لو تم ذلك من صاحبها ،لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه و الذي يترتب عنه الفوضى، و لذلك يتعين حماية حيازة الحائز ضد تعرض الغير حتى و لو كان هدا الأخير صاحب الحق، إذ لهذا الأخير اللجوء إلى القضاء لحماية حقه عن طريق دعوى الحق (3)
الجزء الثالث
المطلب الثاني : حماية العقار دون المنقول :
تنصب دعاوى الحيازة على حماية العقار دون المنقول ،إذ يمكن لحائز رفع دعاوى الحيازة كمنع التعرض و استرداد الحيازة و وقف الأعمال الجديدة ،إذا كان محلها عقار خلافا للمنقول الذي تحميه قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية و كذا في حيازة الثمار .
فالمنقول لا يحمى بدعاوى الحيازة ،و كذا المجموع من المال كالتركة فالحائز لمجموع من المال كالوارث إنما يحمي في حيازته لعقار معين من هذا المجموع و لا يحمي في حيازته لمجموع المال ذاته إذ المجموع من المال لا يقبل الحيازة (1) . و إلى جانب العقارات تحمي دعاوى الحيازة أيضا الحقوق العينية و على ذلك نتعرض لحيازة العقارات بأنواعها و لحيازة الحقوق على العقارات التي لا تجوز فيها الحيازة.
1 / الحيازة في العقارات :
بدأت الحيازة في القانون الروماني سيطرة فعلية يباشرها الحائز على شيء مادي على اعتبار أنه مالك لهذا الشيء، فيحرزه إحرازا ماديا و يباشر عليه سلطة المالك فكانت الحازة على ضد النحو استعمالا لحق الملكية على الشيء مادي ،و لما كان حق الملكية عند الرومان يختلط بالشيء المادي فقد كان الرومان يصورون الحيازة على أنها تقع على الشيء المادي ذاته يتصرف فيه الحائز تصرف المالك فيستعمله و يستغله و يتصرف فيه
و يستهلكه، فكانت الحيازة سلطة مادية محضة لا ننطبق إلا على الأشياء المادية.
و من ضمن هذه الأشياء و المحمية بدعاوى الحيازة العقارات على أن يكون هذا العقار معنيا بالذات .
و العقار هو كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول. فكل مالا يدخل ضمن العقار بالمفهوم الوارد في 683 من القانون المدني فهو منقو و الغاية من ذلك أن المنقولات متعددة و لا يمكن حصرها لذا عرف العقار دون المنقول .
و تنقسم العقارات إلى نوعين العقارات بالطبيعة و العقارات بالتخصيص ،و تشمل العقارات بالطبيعة الأراضي بما فيها الزراعية و المعدة للزراعة الصحراوية و الجبلية المعدة للبناءو ما تحت الأرض كالآبار وما في باطنها كالمناجم و ما فوقها من أبنية و أشجار و نباتات ،أما العقارات بالتخصيص فهو في الأصل منقول وضعه وصفه صاحب العقار و خصصه لخدمة هذا العقار أما استغلاله يشرط أن يكون مالك العقار و المنقول شخص واحد و أن يرصد هذا المنقول لخدمة العقار و عندما يغير المنقول بطبيعته عقارا بالتخصيص فيأخذ حكم العقار على اقتراض أنه هو نفسه عقار و تسري عليه أحكام العقار ،بمجرد انتهاء التخصيص عود للعقار بالتخصيص صفته الأصلية كمنقول بطبيعته.
و في حالة وضع اليد على عقار من غير المالك باعتبار أنه المالك فيجوز لواضع اليد هذا أن يرصد منقولا يملكه على خدمة هذا العقار و يصبح المنقول عقارا بالتخصيص و لكن إذا يسترد المالك الحقيقي العقار فإنه يسترده وحده لمنقول الذي رصد (1) لخدمته و يأخذ صاحب المنقول منقوله (2) و عليه فإن حيازة الشيء تفترض حيازة توابعه مالم يثبت العكس .و من ثم فإن الحيازة المكسبة للملكية ترد على العقار بطبيعته و كذلك على العقار بالتخصيص بشرط أن تكون العقارات المراد إكتساب ملكيتها بالحيازة من العقارات التي تخضع للحيازة و أن تكون قابلة للتعامل فيها .
- الحيازة في الأملاك الوطنية :
لقد مرت الأملاك الوطنية في الجزائر بعدة مراحل بداية من المرحلة التي امتازت فيها الأملاك الوطنية بفكرة وحدة الأملاك العامة التي تبناها المشروع خلال الفترة الاشتراكية ثم جاء دستور 23 فبراير 1989 و كرس من جديد النظرية التقليدية المبنية على التفرقة بين الأملاك العمومية التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة و الأملاك الخاصة التي تمتلكها الدولة و الجماعات المحلية لتحقيق أغراض امتلاكية بحثة ،و ذلك بموجب المادتين 17 و18 منه
و هي نفس هذا التوجيه صدر قانون التوجيه العقاري رقم 25190 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 و كرس ضده المبادئ في المواد 24،25،26 منه ثم صدر قانون الأملاك الوطنية 90/30 المؤرخ في 1/ديسمبر/1990 ليحدد الأملاك الوطنية و نظامها.
و لعل أكثر ما يهمنا في البحث هو مسألة مدى جواز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بصنفيها و ما هي أهم الأحكام و القرارات الصادرة في هذا الشأن بعد أن نتناول كل الأملاك الوطنية العمومية و الأملاك الوطنية الخاصة.
أ- حيازة الأملاك الوطنية العمومية :
هناك بعض العقارات ترد عليها الحيازة المكسبة للملكية، ذلك إن كانت خارجة عن دائرة التعامل و لا يمكن أن تكون بحكم طبيعتها أو بحكم تخصيصها محلا للتصرفات القانونية كالعقارات التي يشترك النوع الإنساني في الانتفاع بها انتفاعا مطلقا و يستحيل على أي فرد أن يختص بها بطبيعته.
و العقارات العامة هي عقارات الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة و المخصصة لمنفعة عامة، و لقد حرم القانون تملك العقارات العامة بوضع اليد حيث تنص المادة 689 قانون مدني :" لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم"
و في ها الإطار صدر القرار رقم73271 المؤرخ في 21/أكتوبر/1990 مجلة قضائية رقم 92 ص 24 جاء فيه :( حيث أن الطاعنين يزعمون أنهم تحصلوا على القطع المتنازع فيها عن طريق الحيازة لأنهم يشغلون تلك الأراضي بصفة هادئة و مستمرة منذ أوائل 1960 .
حيث يتبين من القرير المعد من طرف مصالح أملاك الدولة أن أملاك الدولة غير قابلة للتصرف فيها أو الحجز عليها أو اكتسابها بالتقادم و بالتالي لا يمكن الحصول على ملكيتها من طرف الطاعنين عن طريق الحيازة كما تنص عليه المادة 827 من القانون المدني .
حيث أن الأمر يتعلق بشاغلين بصفة غير قانونية لأراضي مملوكة للدولة فيمكن للطاعنين الاستفادة من المرسوم 85-212 المؤرخ في 18 أوت 1985 كي يتحصلوا على تسوية وضعيتهم).
لكن هذا لا يمنع من أن الدولة و المجموعات المحلية تستطيع استعمال دعاوى الحيازة لحماية أملاك الدومين العام ،و عليه إذا كان العقار داخلا في الدومين العام فإنه لا يكون في الأصل قابلا للحيازة و كان ينعى أن لا يكون هناك مجال في شأنه لدعاوى الحيازة ،و لكن القضاء في فرنسا جرى على حماية الشخص العام في حيازته للعقار الداخل في الدومين العام ضد أعمال التعرض و الاغتصاب الصادر من الغير ،بل أنه يحمي كل من حصل من الأفراد على ترخيص قي الانتفاع بالعقار الداخل في الدومين العام في حيازته لهذا العقار بجميع دعاوى الحيازة ضد الغير فيما عدا الجهة الإدارية التي منحته الترخيص (1) .
و من ذلك ما نصت عليه المادة 171 من المرسوم 91 -454 بأنه يحق للمؤسسات العمومية المكلفة من طرف الدولة بتسير مرافق عامة أو أداء مهمة منفعة عمومية أن ترفع دعاوى الملكية و الحيازة لحماية الأملاك الوطنية العمومية التي تشغلها في حالة تعرضها لاعتداء من طرف الغير .
و في هذا الإطار جاء القرار رقم 181645 المؤرخ في 24/06/1998 بأنه:
" من المقرر قانونا أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك و لما تبين من قضية الحال أن الحيازة ثابتة منذ عهد الاستعمار و إن ما بين فوقها كان يرخصه من المصالح البلدية دون أية منازعة ك حيازتها و في استصلاحها و غرسها و لما قرر قضاة المجلس بأن الحيازة لا تجدر في الأملاك التابعة لدولة فإن هذا التأسيس خاطىء لأنه لا يوجد أي نص قانوني يتحدث على منع الحيازة في الأملاك العقارية التابعة للدولة التي تمنح للأشخاص بموجب شهادة إدارية من أجل استغلالها و الانتفاع بها مما يستوجب نقص القرار
المطعون فيه " .
ب / حيازة الأملاك الوطنية الخاصة:
و هي العقارات المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية الأخرى ملكية خاصة و لم تخص للمنفعة العامة و يكون التصرف فيها كتصرف ال أموالهم الخاصة و تمنع هذه العقارات بوجب عام لأحكام الملكية شأنها بذلك شأن العقارات المملوكة للأفراد تحق الدولة و العقارات الخاصة ضد حق ملكية مدنية محضة ،أسباب كسب ملكية العقار الخاص حددها المشروع في القانون
90/30 على سبل الحصر وصه التعاقد سواء طبق القانون المدني أو القانون الإداري من خلال ق ص ع عن طريق الأملاك الشاغرة و اكتشاف الكنوز و الهبات ...الخ
و في هذا الاطار سوف تتعرض لبعض القرار رقم 271-73ل 21/10/90 م ق 92 ص 4 *
الأمثلة عن الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة من ذلك أراضي العرش و المستثمرات الفلاحية في إطار القانون 87/19 و القانون 83/18 المتعلق بالاستصلاح.
1/ حيازة أراضي العرش :
أراضي العرش هي تلك الأراضي التي منحت من قبل الدايات الأتراك للقبائل و العروش الذين كانوا موالين لهم على سبيل الانتفاع الجماعي أما عن كيفية الانتفاع فكان كل فرد من أفراد القبيلة له الحق في الاقتناء بالمساحة التي يستطيع استغلالها و خدمتها مع ظفر عملية الإيجار أو الأرض أو البيع أو القسمة و في حالة عدم استغلالها و شراها بورا يحق استرجاعها و إعادة منحها من قبل القبيلة إلى من يتعهد بخدمتها و استغلالها و هذا الاستغلال يعطي للمستغل حق رضي التجار و تملكها و لقد مرت هذه الأراضي بعدة تطورات عبر مراحل زمنية مختلفة إلى غاية الاستغلال تميزت فيها المرحلة الاستعمارية بإصدار عدة قوانين بقصد تمكين الحائزين لهذه الأراضي من تملكها بقصد تمكين المعمرين كما يعد شرائها في إطار سياسة الاستيطان الاستعمارية غير أن نقل ملكية هذه الأراضي لحائزها لم تتم (1) .
أما فترة الاستقلال فأهم ما ميزها هو صدور القانون رقم 90/25/ المؤرخ في 18/11/90 المتعلق بقانون التوجيه العقاري الذي صنف الملكية العقارية إلى أملاك وطنية و أملاك خاصة و أملاك وقفية و بموجب م /85 المعدلة بموجب الأمر 95/26 ل 25/09/1995 اعتبرت أراضي العرش ملك للدولة إذ نصت على أنه تبقى ملكا لدولة أراضي العرش و البلديات المدمجة ضمن الصندوق الوطني للثورة الزراعية بمقتضى الأمر رقم 71/73 ل 8/11/71 و ذلك وقفا للمادة 18 من القانون رقم 900-30 ل 1/12/90 و المتضمن قانون الأملاك الوطنية و في مجال حيازة هذا النوع من الأراضي ضد ما جاء في القرار رقم 196049 المؤرخ في 26/04/2000 الذي كرس الحيازة على أراضي العرش حيث جاء فيه : (حيث أن القضاة المجلس اعتبروا أن الأراضي المتنازع عليها أرض عرش من أملاك الدولة و بالتالي لا يمكن الإدعاء بحيازتها لكن حيث يتبين من عناصر الملف أن المدعية المستأنف عليها لم تتمسك بالحيازة اتجاه الدولة مالكة الأرض بل تمسكت لحيازتها اتجاه التغير الذي حسب مزاعمها تعرضوا لحماية حيازتها بدون وجه حق و حيث أن الدولة ليست طرفا في الدعوى الحالية و لا تنازع المدعية في حيازتها حيث كان على قضاة المجلس أن يطبقوا مقتضيات المادة 822 من القانون المدني و أن يفصلوا من الذي له الحيازة المادية أن من الذي له وثائق تثبت حيازته الحالية و المادية على الأراضي) و هذا عكس المادة 4 من القانون 90/30 المتضمن الأملاك الوطنية التي لم تقر الحماية التقليدية للأموال عدم القابلية للتصرف ،عدم الحجز ،عدم جواز التمسك بالتقادم إلا على الأملاك الوطنية العمومية .
و ما دام أن أراضي العرش تصنف ضمن خانة الأملاك الوطنية الخاصة فبنتيجة فهي لا تخضع لقواعد الحماية المذكورة و بالتالي يجوز التمسك بحيازتها حتى في مواجهة الدولة نفسها (1)
2/ الحيازة في المستثمرات الفلاحية :
و هذا النوع من المستثمرات تم إحداثه بموجب القانون 87/19 و هي في الأصل أملاك وطنية خاصة تم إحداثها بقصد استغلالها في إطار تكريس المحافظة على الأراضي المختصة في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية كالقمح و الشعير و غيره و يتم استغلالها بصورة جماعية كقاعدة عامة،على أنه يجوز أن يتم استغلالها بصفة فردية .
و المستثمرة الفلاحية هي إصلاح اقتصادي تعني وحدة ترابية مسيرة مستغلة طيلة السنة من طرف شخص أو عدة أشخاص، تنظم وسائل الإنتاج و ذلك لخدمة الإنتاج الفلاحي قانونا تكون ملكا للشخص الذي يستغلها أو للغير (2)
و يصبح للمستثمرة الفلاحية الجماعية وجود قانوني عند نشر العقد الإداري في سجل الحفظ العقاري، و يترتب على ذلك أن حق الانتفاع يكون ملك لأعضاء المستمرة في حين أن الملكية الرقبة تكون للدولة. و يمتاز حق الانتفاع هذا عن حق الانتفاع وقفا للقواعد العامة إذا يخول لأعضاء المستمرة اكتساب بعض الحقوق و ترتيب عليهم بعض الالتزامات المغايرة و التي تخرج عن القواعد العامة في المقررة في حق الانتفاع، إذ من شأنه أن يخول لهم حق انتفاع دائم ينتقل للورثة ضمن شروط معينة أقرها القانون 87/19 على خلاف حق الانتفاع العادي الذي ينتهي بوفاة المنتفع. كما يخول لأعضاء المستمرة ممارسة بعض الدعوي التي ترمي إلى حماية حيازتهم لحق الانتفاع الدائم و من ذلك ما جاء في القرار رقم 195.240 المؤرخ في 26/أفريل/2000 م ق 2000 عدد 01 ص 161 ( انه من كانت المستمرة الفلاحية تتمتع بالشخصية المعنوية كشركة مدنية طبقا للمادة 13 من القانون 87/19 فإنه يحق لها ممارسة الدعاوي الرامية إلى حماية حق الانتفاع الدائم على الأراضي التابعة ملكيتها للدولة و بالتالي فلا مانع من تمسك القاضي المدني باختصاصه في هذا المجال ) .
و عليه يتضح أن ملكية أعضاء المستمرة تقتصر على حق الانتفاع الدائم دون ملكية الأرض التي تبق ملك للدولة .
3- الحيازة في الأراضي المستصلحة :
يعد الاستصلاح سبب من الأسباب كسب الملكية العقارية في التشريع الجزائري، و قد جاء التنصيص عليه في المرسوم 83/18 المؤرخ في 13/أوت/1983 المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية .
و يقصد بالاستصلاح بمفهوم القانون 83/18 كل عمل من شأنه جعل أراضي قابلة للفلاحة صالحة للاستغلال، و يمكن أن تنصب هذه الأعمال على أشغال تعبئة المياه و التهيئة و تنقية الأراضي و التجهيز و السقي و التخفيض و الغراسة و المحافظة على التربة قصد إخصابها
و زرعها .
و يتم الاستصلاح في الأراضي التابعة للدولة و الواقعة في المناطق الصحراوية أو المنطوية على مميزات مماثلة و كذا الأراضي الأخرى الغير مخصصة و الممكن استخدامها في الفلاحة بعد الاستصلاح مع استبعاد الأراضي التي أدمجت في صندوق الثورة الزراعية .
و يعد المستصلح حائزا للأرض محل الاستصلاح خلال 5 سنوات المتعلقة بتنفيذ برنامج الاستصلاح فإن تم تنفيذه يسقط الشرط الفاسخ و تنتقل ملكية الأرض للمستصلح على خلاف ما جاء في القرار رقم 228753 المؤرخ في 24/أفريل/2002 ( إن قانون 83/18 المؤرخ في 13/أوت/83 يؤدي إلى امتلاك الأراضي للمترشح لاستصلاحها و عليه فإنه قانون ناقل للملكية يشكل عائقا لدعاوى الحيازة و سند للملكية )
4- الحيازة في الأملاك الوقفية :
وقف العقار هو حبسه عن تمليكه لأحد من العباد و صرف منفعته في وجوه البر ،وكان الوقف قبل سنة 1984 خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية، أما بعد صدور قانون الأسرة في 1984 بموجب القانون 84/11 أصبح خاضعا لأحكام قانون الأسرة الذي نظم الوقف في الفصل الثالث من الكتاب الرابع الخاص بالتبرعات و قد خضع في تنظيمه إلى عدة مراسيم
و مناشير و قوانين من ذلك القانون رقم 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بالأوقاف
و الذي عدل عدة مرات آخرها سنة 2002. و ينقسم الوقف إلى وقف عام و هو ما حبس على جهات خيرية من وقت إنشائه كوقف أرض لحساب مستشفى، و إلى وقف خاص و هو ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور و الإناث أو أشخاص معنيين ثم يؤول إلى الجهة التي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليهم.
و في مجال حيازة الأملاك الوقفية صدر القرار رقم 99.360 المؤرخ في 13/01/1986 الذي جاء فيه: " حيث أنه لا يجوز التمسك بالتقادم في استغلال الأرض المحبسة لانعدام نية التملك "
و كنتيجة لما كل ما سبق بيانه فإنه تجدر الإشارة أن موضوع الحيازة في الأملاك الوطنية ما يزال محل خلان بين عدة فقهاء و على مستوى كل القوانين العربية فمنها من تجيز الحيازة و منها من تمنعها من ذلك الأستاذ السنهوري الذي يرى أنه لا يجوز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بنوعيها العامة و الخاصة و تشاطر في ذات الرأي الأستاذة فريدة زووي .
أما الأستاذ عمر زودة فيرى أنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية العمومية مستندا في ذلك إلى نص المادة 827 من القانون المدني،أما في الأملاك الوطنية الخاصة فإنه يفرق بين مرحلتين زمنيتين قبل سنة 1990 أي قبل صدور قانون الأملاك الوطنية فإنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة أما بعد 90 فإنه يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة و يذهب إلى أن بعد من ذلك إذ يجيز للحائر المطالبة لملكيتها بالتقادم إذ يعتبر أنه الأثر المنطقي و القانوني للحيازة في مواجهة الدولة على خلاف ما ذهبت إليه المحكمة العليا التي تجيز فقط ممارسة الحيازة أما اكتساب الملكية بالتقادم فلا تجيزه .
الحيازة في الحقوق :
سبق القول أن الحيازة في القانون الروماني كانت قاصرة على الأشياء المحسوسة من عقار و منقول، غير أن هذه الفكرة تطورت حيث أصبحت تشمل الحقوق، فأمكن تصور حيازة حق الارتفاق و حق الانتفاع وسميت هذه بشبيه الحيازة quassi passesion و ظلت هذه التفرقة قائمة في القانون الفرنسي القديم. أما القانون المدني الفرنسي الحالي فقد قضى على هذه التفرقة إذ نص عل أن الحيازة هي إحراز شيء أو استعمال حق .
و قبل الخوض في مدى ممارسة الحيازة على الحقوق نتعرض قبل كل شيء إلى تقسيمات الحقوق مع تعريفها حتى يتسنى بشكل دقيق تحديد الحقوق التي تحوز حيازتها من تلك التي لا تجوز فيها الحيازة، و لعل أبرز التقسيمات للحقوق نجد الحق العيني و الحق الشخصي .
فما المقصود بينهما ؟
يعرف الحق العيني على أنه سلطة شخص تنصب مباشرة على شيء مادي معين بحيث يستطيع صاحبه أن يباشره دون تدخل شخص آخر من ذلك حق الملكية ،و تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية لحق الملكية و الذي بدوره تتفرع عنه حقوق آخرى مثل : حقوق الانتفاع و حقوق الارتفاق و حقوق الاستعمال أو السكن (1)
و إلى حقوق عينية تبعية و هذه الأخيرة لا توجد متسقلة بل تكون تابعة لحقوق شخصية (حقوق الدائنية ) و ذلك لضمان الوفاء بها فسميت الحقوق العينية التبعية بالتأمينات العينية
و من أمثلها الرهن الرسمي و حق الاختصاص و الرهن الحيازي و حقوق الامتياز .
أما الحق الشخصي فيمثل في رابطة قانونية بين شخصين بمقتضاها يقوم احدهما و هو المدين قبل الآخر و هو الدائن بأداء مالي معين أو بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل حيث يصبح للدائن الحق بمطالبة المدين بموضوع هذا الالتزام .و عليه يكون الحق الشخصي علاقة بين الأشخاص بينما الحق العيني هو علاقة بين الشيء و صاحبه .
فتقع الحيازة على الحق العيني و معنى ذلك أنها تقع على شيء مادي و أن الحائز يباشر سلطاته ماديا على الشيء المعين بالذات، لذلك لا يصح أن تقع الحيازة لا على المجموعات القانونية كالتركة و لا على مجموعة واقعية من المال كالمحل التجاري و إنما يصح أن تقع الحيازة على الشيء من هذه المجموعات واقع على إنفراد ،و الذي يباشر سلطاته على عين من أعيان التركة لا يمكنه ادعاء حيازة المجموعة الأعيان كما هو الحال بالنسبة للحائز على الشيوع، و ذلك لقيام الالتباس حول ما إذا كان الشريك في الشيوع يحوز لنفسه أو لحساب غيره مع الشركاء و على الشيوع. و الأصل أن يكون محل الحيازة حقا عينيا لأن هذا الحق هو الذي يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الشيء فيمكن حيازته بممارسة الأعمال التي تخولها هذه السلطة على الشيء مباشر (2)
فالحقوق العينية وحدها يمكن أن تكون محلا للحيازة ، مما يستبعد الحقوق الشخصية و الحقوق المعنوية ،فلا تجوز حيازة هذه الأخيرة لأنها ترد على الشيء غير مادي كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية و حق الفنان في مبتكراته الفنية و حق التاجر على الاسم التجاري .
كما لا تجوز حيازة الحقوق الشخصية كالديون فلا تخضع للحيازة و كذا بالنسبة للمستأجر فلا يعد حائزا حقيقيا و العقد المبرم ذاته ينفي عنه هذه الصفة إذن حائز عرضي و القانون عندما أباح للمستأجر رفع دعاوى الحيازة لم يكن يعني أن الحق الشخصي يخضع للحيازة الحقيقية إنما هي حماية مؤقتة لدفع الاعتداء بدليل أن الحائز العرضي لا يكسب الحق الشخصي بالتقادم و أنه لو قام نزاع بين الحائز العرضي و من يعمل الحائز لحسابه فحل النزاع يكون على أساس العقد المبرم بينهما و ليس على أساس دعوى الحيازة (1)
و هو ما أقره المشرع الجزائري في نص المادة 487 من القانون المدني عندما حمى حيازة المستأجر على الرغم من أنها حيازة عرضية مما يفهم أنه أخد بالنظرية الشخصية و خرج عن ذلك باستثناء و أخد بالنظرية المادية عندما نص على حماية حيازة المستأجر بجميع دعاوى الحيازة .
و ما يجدر الإشارة إليه أن بعض الفقهاء يرون أن الحيازة تشمل حتى الحقوق العينية التبعية التي تستلزم حيازة الدائن للشيء المحمل بالحق كالرهن الحيازي فإذا كان الشيء المرهون عقارا غير مملوك للراهن استطاع الدائن المرتهن أن يكسب حق الرهن عليه بالتقادم الطويل أو القصير (2) على خلاف الأمر في التشريع الجزائري أين يعتبر الدائن المرتهن رهن حيازي حائز عرضي و بالتالي لا تحمى حيازته بدعاوى الحيازة. و في هذا الإطار يعد صاحب حق الانتفاع و حق الاستعمال أو السكن حائزين عرضين كونهم يحوزون لحساب الغير إلا أن حيازتهم صحيحة للحق العيني أو الحق الشخصي الذي يحوزنه و يتوافر لديهم عنصري الحيازة المادية و المعنوية بالنسبة لهذا الحق بل أنهم حائزون أصليون له و لكنهم يعتبرون حائزون عرضيون لحق الملكية، فالمنتفع حائز عرضي كون أن سنده يستدعي الاعتراف بحقوق صاحب الرقبة، و عليه فإن المنتفع ليس حائزا عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع نفسه كونه يمارس هذا الحق على أساس أنه سيد عليه مما يخول له تملكه بالتقادم (3)
و من الأمثلة على ذلك حق الانتفاع الدائم الممنوع في إطار القانون 87/19 المتعلق بكيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية إذ يعد أعضاء المستمرة ما يكن لحق انتفاع يخول لهم الاستغلال ،الإنتاج ،غير أنهم حائزون أصليون لحق الانتفاع مما يخول لهم رفع دعاوى الحيازة في حالة وقوع اعتداء من الغير فهم يحوزون لحساب الغير و هي الدولة مالكة الرقبة .
الحق سواء كان عينيا أو شخصيا ينشأ عن الواقعة القانونية التي تنقسم إلى وقائع طبيعية تقع بفعل الطبيعة ،و إذ لا دخل لإرادة الإنسان في إحداثها .
و لكنها ترتب آثارها في الروابط القانونية القائمة ،ووقائع اختيارية أو إرادية تشمل بدورها أعمالا مادية و أخرى قانونية ،فالأولى مثالها الحيازة موضوع بحثنا بينما الثانية فقد تكون صادرة من جانب واحد كالوصية، أو صادرة من جانبين كالعقد ،فكلها مصادر للحق رتب عليها المشرع آثارا قانونية جعلها أسبابا لكسب الملكية .
و إذن فالمدعي بالحق لا يطلب منه إثبات الحق ذاته ،إذ ذاك يظل فكرة مجردة ،و إنما الذي يطلب منه هو إثبات مصدر الحق الموضوعي و شروطه المتطلبة قانونا و ذلك حتى يكون محلا للحماية القانونية المقررة له ،و التي لا يمكن تجسيدها إلا من خلال استعمال حقه في الدعوى الذي يخول له بمجرد حصول الاعتداء على حقه الموضوعي أو مركزه القانوني .
و لعل أهم مصادر هذه الحقوق و التي نصت عليها مختلف التشريعات في تقنيناتها نجد الحيازة كواقعة مادية يتمتع فيها الحائز بمركز واقعي يحميه القانون لذاته، و يرتب عليها آثارا قانونية قد يصح أن نصفها بالخطيرة ،ذلك أن الحائز لا يستند فيها إلى أي حق ،و هو يجعلها جديرة بأن تكون محل اهتمامنا و موضوع بحثنا هذا، خاصة إذا علمنا أن دوافع حماية المشرع للحيازة إنما تنطلق من اعتبارات تتعلق بأمن المجتمع و استقراره، و ما يقتضيه الصالح العام من عدم الاعتداء على الأوضاع الواقعية القائمة حتى و لو كان المعتدي هو صاحب الحق إذ وجب عليه أن يسلك طريق القضاء للحصول على حقه ،و ذلك أيضا فيه تحقيق لمبدأ استقرار التعامل ،فالحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية قد تنطوي على مجافاة لحق المالك ،لكن هذا القول يتلاشى لأن الهدف من ذلك هو الحفاظ على مصلحة الاقتصاد الوطني بتشجيع الحائز على الاستغلال و الاستعمال وعقابا للمالك المهمل على إهماله.
فإذا كان موضوع الحيازة بهذه الأهمية فما هو تعريفها ؟
أمكن تعريف الحيازة بأنها وضع مادي ،فيه يسيطر الشخص سيطرة فعلية على حق من الحقوق سواء كان هذا الشخص هو صاحب الحق، أم لم يكن كذلك ،هذه السيطرة الفعلية تتأتى عن طريق قيام الشخص بأعمال مادية تتفق مع مضمون الحق الذي يسيطر عليه .
و إذن فالحيازة وضع فعلي أو واقعي قد يكون هذا الوضع متفقا مع الوضع القانوني ،بأن يكون الحائز للشيء مالكا له و قد تخالف هذا الوضع القانوني بألا يكون للحائز أي حق على الشيء محل الحيازة و مع ذلك فالحيازة و بصرف النظر عن مطابقتها للوضع القانوني ترتب آثارا قانونية (1) لها أهميتها .
غير أن الذي يهمنا بهذا الصدد ليس الأثر الموضوعي للحيازة باعتبارها سببا من أسباب الملكية إذ ذاك يخرج عن نطاق معالجتنا للموضوع المختار و إنما الذي يعنينا هو دعاوى الحيازة كأثر إجرائي يتمتع به الحائز الذي توافرت لديه شروط الحماية القانونية المقررة للحق الموضوعي .
و عند ذاك كان لزاما علينا للإلمام بموضوع كهذا أن نطرح سؤالين رئيسيين نرى أنهما بما يحتويانه من أسئلة فرعية تجد إجابات لها كما سنبينه لاحقا في طيات هذا البحث قد يلمان بالموضوع على الوجه الذي يجب أن يكون، و الذي نتمنى أن نكون قد وفقنا فيه و هما السؤالان التاليان :
*ما هي الأحكام أو القواعد العامة التي تحكم دعاوى الحيازة؟
* ما هي الأحكام الخاصة بكل دعوى من هذه الدعاوى ؟
و لعل أول ما يقف عليه قارئ هذين السؤالين ،هو كيف أننا أردنا أن ننطلق من العموم و تدريجيا لنصل إلى التفصيل بتناول قواعد كل دعوى على حدى لاختلاف كل واحدة عن الأخرى في نقاط سنراها لاحقا، و اتحاد جميعهم في أحكام مشتركة تجمع بينهم .
فقولنا الأحكام العامة لدعوى الحيازة إنما يعني فيما تشترك هذه الدعاوى ؟
و ذلك انطلاقا من طرحنا للتساؤلات التالية :
* ما هي شروط قبولها ؟
* ما مدى تعلق ذلك بشروط الحيازة و أركانها ؟
* فيما يتجلى نطاق أو مجال ممارسة هذه الدعاوى ؟
* ما هي النتيجة المتوخاة منها ؟
* ما القواعد التي تحكمها ؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة لا تكفي لوحدها كونها تعطينا الإطار العام الذي تبقى كوامنه خفية لا تنجلي إلا بالإجابة عن تساؤلات أخرى تتعلق بكل دعوى من هذه الدعاوى على حدى أشخاصا ،سببا ،و موضوعا و هو ما تناولناه في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
و توضيح ذلك كله و بأكثر تفصيل تناوله وفقا للخطة الأتي بيانها فيما يلي:
الفصل الأول :
الأحكام العامة لدعاوى الحيازة :
تتمتع الحيازة بين الأنظمة القانونية بمكانة بالغة الأهمية، ليس من الوجهة النظرية فحسب ،و إنما لما يترتب عليها من أثار خطيرة قد تضعها في مكان الصدارة بين أسباب الملكية، فالحيازة هي عنوان الملكية الظاهر، إذ غالبا ما يكون حائز الشيء هو مالكه، و على من يدعي خلاف ذلك إقامة الدليل العكسي على صحة ادعاءه , و إذن فالحيازة و باعتبارها حالة واقعية قد لا تستند إلى أي حق للحائز، و رغم ذلك فقد كفل لها المشرع الحماية القانونية اللازمة، هذه الحماية لا يمكن تجسيدها بواسطة الوسائل المقررة لها قانونا إلا إذا ألممنا بالقواعد أو الأحكام العامة التي تحكمها و تنظمها كمرحلة أولى لتناولها بأكثر توضيح و تفصيل في المرحلة الموالية، و هو ما سنتطرق إليه في الفصل الأول من موضوع بحثنا، و ذلك بداءة ببيان شروط قبول دعاوى الحيازة بصفة عامة، و مرورا بإبراز خصائصها و التي هي سمات تطبعها و تميزها عن غيرها من الدعاوى الأخرى، لنصل إلى تبيان القواعد التي تطبق على جميع هذه الدعاوى و التي اخترنا أن تكون حلقة العبور من العموم إلى التخصيص أين يغلب الطابع الإجرائي و التطبيقي بتفصيل كل دعوى على حدى ببيان أحكامها الخاصة، و على ذاك قسمنا الفصل الأول إلى ثلاث مباحث تناولناها كالأتي بيانه :
المبحث الأول :
شروط قبول دعاوى الحيازة :
الحيازة تحمي الأوضاع الظاهرة كونها قرينة على الملكية، و من ثم فإنها تهدف إلى حماية الحائز بصرف النظر عن المالك الحقيقي ،و بالنتيجة تحقيق حماية الأمن و النظام العامين ، لأنها تقوم على مبدأ أساسي و هو عدم جواز اقتضاء الشخص حقه بنفسه، فما على من يدعي خلاف الظاهر إلا اللجوء إلى القضاء ،و مما لاشك فيه أن دعاوى الحيازة و كغيرها من الدعاوى الأخرى تخضع في رفعها للشروط المنصوص عليها في المادة 459 من ق.ا.م ، غير أن هذه الشروط تعالج بما يتناسب أو يتوافق و طبيعة دعاوى الحيازة ، و هو ما يجعلنا نطرح جملة من الأسئلة بهذا الصدد كقولنا متى تكون المصلحة قانونية ؟ و كيف تكون حالة ؟ من تنصرف له صفة رفع دعاوى الحيازة ؟ هل يمكن ممارسة هذه الدعاوى في أي وقت من حصول الاعتداء أم أن ذلك يخضع لقيد زمني ؟
جميع هذه الأسئلة حاولنا الإجابة عليها من خلال المطلبين المواليين فخصصنا الأول لبيان ضرورة توافر أركان الحيازة و شروطها ، باعتبار أن هذا العنصر يترجم في مضمونه شرط المصلحة بوصفيها و يحوي في طياته بيان من له الصفة في رفعها و نظرا لأهميته و وزنه في الموضوع فقد تناولناه بإسهاب يخدم الغاية المرجوة للوقوف على أهداف المشرع من تقرير هكذا دعاوى، لاسيما عندما يتعلق الأمر بحماية الأمن و النظام العامين ، خاصة و أن شروط الحيازة و أركانها هي الأساس القاعدي لممارسة الدعاوى المقررة لحمايتها ، بينما تناولنا في المطلب الثاني شرط الميعاد كقيد زمني و ضعه المشرع حفاظا على استقرار الأوضاع و ثباتها ، و عقوبة للمتخاذل عن تهاونه في استعمال الحق المقرر له ، و بصدده عرجنا في حديثنا على الآراء المتباينة بشأن شهادة الحيازة ، انطلاقا من أن البعض يعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة ، و إليكم فيما يلي تفصيل ذلك .
المطلب الأول : توافر ركنا الحيازة و شروطها :
حتى تتمتع الحيازة بالحماية المقررة لها و من ثم ممارسة دعاوى الحيازة لابد من توافر ركناها و شروط صحتها . ففيما يتمثل ركناها ؟ و ما هي شروط صحتها ؟
أولا : أركان الحيازة :
حتى تكون الحيازة منتجة لأثارها القانونية لابد أن تتوافر على ركنيها و هما الركن المادي و المعنوي و اللذان سنتناولهما كالأتي :
1- الركن المادي :
الحيازة ما هي إلا حالة واقعية تتكون من سيطرة شخص على الشيء محل الحيازة ظاهرا عليه بمظهر المالك ، و يتحقق ذلك بأن يقوم الشخص بالأعمال المادية التي يباشرها عادة من كان مالكا للشيء ، فمباشرة هذه الأعمال المادية هي التي تكون الركن المادي في الحيازة (1) .
ولكي تتحقق الحيازة يجب أن يصبح الشيء محل الحيازة تحت سيطرة الحائز الفعلية بالاستحواذ الفعلي عليه ، و يقوم الحائز بنفسه بالسيطرة المادية على الشيء محل الحيازة أو بالوساطة أو بالاستخلاف و قد تكون السيطرة المادية على الشيوع أيضا ، و يستوي أن يكون الشيء محل الحيازة مملوكا للغير أو غير مملوك له (2) .
إن قولنا محل الحيازة قد يكون شيئا مملوكا للغير ، أو غير مملوك له يستدعي منا معالجة نطاق الحيازة أو مجالها، و ما نتفق حوله أن هذا الأمر ما كان ليطرح قبل سنة 1990 أي قبل صدور القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 ، المتضمن قانون الأملاك الوطنية إذ أنه لم يكن يتصور أن تنصب الحيازة على مال غير مملوك، لأن العقار الذي ليس له مالك
هو ملك الدولة ، لكن بصدور القانون سالف الذكر أصبحت الحيازة تنصب على الشيء سواء كان مملوكا للغير أو غير مملوك له ، انطلاقا من أن الأملاك الوطنية تم تقسيمها إلى أملاك وطنية عامة و أملاك وطنية خاصة ، هذه الأخيرة يجوز التمسك فيها بالتقادم المكسب عن طريق المطالبة القضائية ، في حين لا ينطبق ذلك على الأملاك الوطنية العامة وفقا لنص المادة 04 من القانون رقم 30/90 و التي تنص أن الأملاك الوطنية العامة غير قابلة للتصرف و لا للتقادم ولا للحجز (1)
و ما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد أن المشرع قد أدمج بنص المادة 13 من الأمر 95/26 المعدل و المتمم للقانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري أراضي العرش ضمن أملاك الدولة الخاصة و بالتالي بإمكان الأشخاص الحائزين على الأراضي من نوع العروشية بعد إكمالهم للمدة المقررة للتقادم المكسب أن يرفعوا دعاوى أمام المحاكم للمطالبة بتمليكها لهم على أساس الحيازة (2) ،في حين هناك من يرى أنه لا جدوى من التفرقة بين أملاك الدولة سواء منها العامة أو الخاصة إذ كلتيهما لا تنطبق عليهما أحكام الحيازة (3) .
سبق القول أن الركن المادي يتحقق بالسيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة من خلال الأعمال المادية التي يباشرها الحائز، ففيما تتجلى هذه الأعمال؟و كيف تتم مباشرتها ؟
يقوم الحائز بمجموعة من الأعمال المادية التي يباشرها عادة صاحب الحق موضوع الحيازة ،و يتحقق ذلك من خلال الاستحواذ الفعلي و الإحراز المادي و الظهور بمظهر صاحب الحق، بحيث يجب أن تكون هذه الأعمال كافية لتحقيق هذا المظهر، فاذا كان الشيء دارا دخلها و استحوذ عليها و سكنها أو أسكن فيها غيره، و إذا كانت أرضا زراعية زرعها و بنى عليها و هكذا، بينما الأعمال القانونية كالبيع و التأجير، فلا تكفي بذاتها لتحقق الركن المادي في الحيازة ، و ذلك لأن مباشرة هذه الأعمال و التصرفات لا تدل بذاتها على السيطرة الفعلية لمن يقوم بها على الشيء ، كما يشترط في الأعمال المادية التي يأتيها الحائز أن تكون من الكثرة و الأهمية ،بحيث تكفي للقول بأن هذا الحائز يظهر بمظهر صاحب الحق (1)
أما عن كيفية مباشرة هذه الأعمال المادية فقد تكون ممارستها من الحائز بنفسه بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، كما قد تكون بواسطة شخص آخر أي عن طريق غيره ، و هو ما يطلق عليه بالوساطة ، و التي تصح الحيازة بها متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز و كان متصلا به اتصالا يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة * مع ملاحظة أن هذا الحكم ينصرف فقط إلى العنصر المادي دون المعنوي .
و كمثال عن ذلك : السيطرة المادية التي يباشرها الحائز بواسطة خدمه، أو أتباعه، أو عماله أو مستخدميه، هؤلاء يحصلون على أشياء باسم مخدوميهم أو متبوعهم بسبب تأدية أعمال و وظائفهم، كذلك ما يباشره الوكيل من أعمال مادية لحساب الموكل فهو يعمل باسمه مؤتمرا بأوامره فيما يتعلق بحيازة الشيء لصالح الموكل طالما كان الوكيل يعمل في حدود الوكالة، و كذا الأمر بالنسبة لناقص الأهلية فانه يباشر أعمال السيطرة المادية عن طريق من ينوب عنه قانونا * ، اذ يباشرها باسمه الولي أو الوصي أو القيم ، فهؤلاء الأخيرين لهم ممارسة دعاوى الحيازة بالنيابة وفقا لما تنص عليه المادة 817 فق 02 من القانون المدني.
كما يمكن مباشرة الأعمال المادية عن طريق الاستخلاف ، و ذلك عندما تنتقل السيطرة المادية إلى الحائز من شخص آخر كانت له السيطرة الفعلية على الشيء من قبل ثم نقلها إليه ، و توضيحا لذلك نورد المثال الأتي : قيام شخص ببيع عقار في حيازته لشخص آخر، فيسلم المبيع للمشتري، فالسيطرة الفعلية كانت للبائع سواء كان مالكا أو غير مالك له ثم نقلها للمشتري، و في هده الصورة لا يشترط الاستحواذ الفعلي على الشيء بل يكفي مجرد التمكن من الاستحواذ فان كان المبيع عقارا مثلا فان السيطرة الفعلية تنتقل إلى المشتري بتسليمه المفاتيح و مستندات الملكية ووضعه تحت تصرفه بحيث يتمكن من تسلمه دون حاجة إلى أن يتسلمه بالفعل (1)
أما الصورة الأخيرة فتمكن في السيطرة المادية على الشيوع، إذ الحائز على الشيوع يكون لديه العنصران المعنوي و المادي في الحيازة فهو في العنصر المعنوي يكون مشتركا مع غيره لا خالصا لنفسه و في العنصر المادي يباشر السيطرة المادية بالاشتراك مع غيره لا خالصا لنفسه مثال ذلك أن يحوز شخصان عقارا ، فيسكنان العقار معا دون أن يستقل أحدهما بالقيام بأي عمل من هذه الأعمال. (1)
غير أنه و إن اختلفت صور مباشرة الأعمال المادية في الحيازة فان المتفق عليه هو وجوب توافرالصفة في رافع دعاوى الحيازة التي لا تقبل إلا من ذي صفة على ذي صفة ، فترفع من الحائز بنفسه أو بواسطة غيره على كل من يعتدي على الحيازة أو يحتمل أن يعتدي عليها (2) .
2 – الركن المعنوي :
لا تكفي أفعال السيطرة الفعلية على الشيء محل الحيازة لوحدها، بل لابد أ ن تتوافر لدى الحائز نية تملكه ، و الظهور بمظهر صاحب الحق و مالكه، و للوقوف على مفهوم الركن المعنوي للحيازة علينا التطرق إلى نظريتين في هذا الصدد ثم تحديد موقف المشرع الجزائري منهما :
أ – النظرية الشخصية *:
لا يكفي لقيام الحيازة القانونية توافر الركن المادي بل يجب أن يقترن بالركن المعنوي المتمثل في نية التملك باستعمال الشيء و استغلاله و التصرف فيه كما يفعل المالك الحقيقي للشيء، و عليه فان هذا العنصر لا يتوافر في حيازة المستأجر و المستعير و المودع عنده * و الموقوف عليه،إذ أنه و بالنسبة لهذا الأخير فحقه ينحصر في الانتفاع بالعين فقط *ذلك أن الأملاك الوقفية لا يمكن تملكها بالتقادم المكسب بسبب زوال حق الملكية سواء كان الوقف عاما أو خاصا، و من ثم تنعدم فيها نية التملك *.
ب – النظرية المادية * : تعترف بالحيازة حيثما وجد سلطان مادي لشخص على شيء معين ، بمباشرته أعمالا إرادية و قصدية عليه، فالإرادة هنا تندمج في السيطرة المادية و لا يمكن أن تنفصل عنها ، فهما عنصران متلازمان لا يكون أحدهما إلا بالآخر.
و بهذا الصدد كان التمييز بين الحيازة الحقيقية أو القانونية و بين تلك العرضية و حسب هذه النظرية فإن مرد التمييز ليس في اختلاف نية الحائز أو قصده بل أن أساس التفرقة هو سبب الحيازة نفسها و هو ما أطلقت عليه هذه النظرية بالعنصر العرضي في الحيازة ، فإذا كان سبب الحيازة هو وضع اليد على الشيء لحساب الغير ، فإن ذلك لا يؤدي إلى نفي الحيازة مطلقا ، بل تنتفي عنها صفة الحيازة الحقيقية لتصبح حيازة عرضية (1) .
و من باب المقارنة بين مختلف التشريعات و أعمالها لكلتا النظريتين فانه و على سبيل المثال أخد من المشرع الفرنسي و المصري و اللبناني بالنظرية الشخصية بينما أخذ كل من التشريع الألماني و السويسري بالنظرية المادية .
- فما هو موقف المشرع الجزائري من كلتيهما ؟
أخد المشرع الجزائري بالنظرية الشخصية في الركن المعنوي للحيازة كقاعدة عامة بينما أخد بالنظرية المادية كاستثناء ، و ذلك عندما حمى حيازة المستأجر ، و هي حيازة عرضية بجميع دعاوى الحيازة وفقا لما تنص عليه المادة 487 من القانون المدني فحيازة المستأجر لا تتوافر إلا على الركن المادي دون المعنوي (2) ، ففي هذه الحالة لا يكسب حق الملكية على العين المؤجرة بالتقادم مهما طالت مدة حيازته للعين ، و إنما يستطيع أن يتمسك باسم المؤجر بحيازته للعين المؤجرة ، كأن يكون المؤجر غير مالك للعين و يكون قد وضع يده عليها مدة اثنتي عشر سنة مثلا ، ثم أجرها و حازها المستأجر مدة ثلاث سنوات أخرى فيعتبر المؤجر قد حاز العين بواسطة المستأجر هذه المدة الأخيرة ، و بالتالي أكمل مدة التقادم لكسب ملكية العين ، و كذلك لا يستطيع المستأجر أن يحمي حيازته بحق ملكية العين المؤجرة بدعاوى الحيازة ، لأن هذه الحيازة حيازة مادية محضة و هي لحساب المؤجر ، فإذا لجأ مثلا إلى دعوى منع التعرض فيما يتعلق بالملكية لم يستطع اللجوء إليها إلا باسم المؤجر ، و هذا لا يمنع من أن يلجأ إلى جميع دعاوى الحيازة ، فيما يتعلق بحيازته لحقه الشخصي كمستأجر ، و يرفع هذه الدعوى أصالة عن نفسه لا باسم المؤجر (1) .
غير أن السؤال الذي يطرح بهذا الصدد هو هل أن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها مند بدايتها فإن قامت عرضية تبقى كذلك مهما طالت مدتها أو أنه يمكن للحيازة العرضية أن تتحول إلى حيازة صحيحة ؟
القاعدة العامة ووفقا لنص المادة 831 * فقرة 01 من القانون المدني فإن الحيازة تظل محتفظة بصفتها التي قامت عليها ، إذ أنه ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده على أنه لا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته و لا الأصل الذي تقوم عليه .
إلا أن هذه القاعدة العامة يرد عليها استثناء تضمنته الفقرة الثانية من المادة المذكورة آنفا ،إذ أنه يمكن أن تتحول الحيازة العرضية إلى حيازة صحيحة فيستطيع بذلك الحائز أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته بأحد الأمرين :
الأمر الأول : فعل يصدر من الغير * : و الذي عادة ما يكون تصرفا ناقلا للملكية يتلقاه الحائز العرضي من الغير فتتغير به صفة حيازته العرضية و تتحول إلى حيازة أصلية ،إذ أن الحائز يحوز العين من وقت هذا التصرف لحساب نفسه ، لا كحائز عرضي لحساب غيره ، و من ذلك الوقت يستطيع الحائز أن يحتمي كمالك بجميع دعاوى الحيازة ، و لا يشترط أن يكون الحائز العرضي وقت تلقيه التصرف الناقل للملكية حسن النية .
الأمر الثاني : فعل يصدر من الحائز العرضي يعارض به حق المالك، و لا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك و إعلانه ذلك على ملأ من الناس ، بل لا يكفي تصرفه في العين تصرف الملاك فيهدمها متأو يقيم عليها بناءا أو يبيعها ، فهذا يعد تعسفا منه في استعمال حيازته العرضية ، و ليس من شأن هذا التعسف أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة صحيحة ، بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين يدعيها الحائز لنفسه و ينكر المالك عليه ذلك (3).
فإذا كانت الحيازة العرضية قد تتحول إلى حيازة صحيحة بأحد الأمرين سالفي الذكر فهل أن هذه الحيازة سواء كانت عرضية أو قانونية تنتقل محتفظة بصفتها تلك إلى كل من الخلف العام * و الخلف الخاص * أم أنها تتحول إلى خلافها ؟
إن حيازة السلف إذا كانت عرضية تنتقل إلى الخلف العام و تبقى كذلك ما لم تتغير بأحد الأمرين على النحو السابق بيانه ،أما إذا كانت حيازة حيازة السلف صحيحة انتقلت بصفتها هذه إلى الوارث الذي يستطيع أن يستمر في هذه الحيازة و أن يضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته على عكس الحائز عرضيا، فانه تحسب المدة اللازمة لإنتاج الحيازة أثرها من وقت تغيير الوارث صفة حيازته دون أن يكون له الحق في ضم مدة حيازة مورثه .
أما بالنسبة للخلف الخاص فإنه إذا نقل له الحائز العرضي ملكية العين فلا تكون حيازته عرضية بل تكون قانونية مستوفية لشروطها ، فتحمى بجميع دعاوى الحيازة كونه ابتدأ حيازة جديدة متوافر فيها عنصراها المادي و المعنوي ، و معنى ذلك أننا بصدد حيازتين و ليست حيازة واحدة ، و قد يختلفان في بعض الصفات ، كأن تكون حيازة السلف قانونية و حيازة الخلف عرضية .كأن يؤجر المالك عقاره لمستأجر و قد يحدث العكس بأن تكون حيازة السلف عرضية و حيازة الخلف قانونية و مثال ذلك أن يبيع المستأجر العين لآخر، و رغم استقلال حيازة الخلف عن حيازة السلف فإن المشرع مع ذلك أجاز للخلف إن شاء أن يضم مدة حيازة سلفه إن كانت له مصلحة في ذلك بنص المادة 814/02 من الق.م بأنه " ......يجوز للخلف الخاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه ليبلغ التقادم ".
و تجدر الإشارة أخيرا أنه كما تقوم الحيازة على توافر الركن المادي و المعنوي فإنها تزول بزوال أحدهما أو بزوالهما معا، على أن الحائز لا يفقد حيازته بسبب مانع مؤقت يعتبر قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض بالمياه (*)
ثانيا / شروط صحة الحيازة : الحيازة لا توجد إلا إذا توافر ركناها على النحو الذي سبق تبيانه فإذا توافر ركناها ووجدت فإنه يجب أيضا أن تكون خالية من العيوب حتى تنتج أثارها و على الأخص حتى تحضى بالحماية المقررة لها بموجب دعاوى الحيازة .
و قد نصت المادة 413 من ق .إ .م على شروط صحة الحيازة و التي يجب أن تكون هادئة ،علنية ، مستمرة ،لا يشوبها انقطاع و غير مؤقتة و غير خفية ، و استمرت لمدة سنة على الأقل .
كما نصت المادة 808 من القانون المدني في فقرتها الثانية (*) أنه( إذا اقترنت الحيازة بإكراه، أو حصلت خفية، أو كانت فيها التباس فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب) .
و بناءا عليه سنتعرض إلى شروط صحة قيام الحيازة من خلال بيان العيوب التي تشوب صحتها كالآتي :
1- عدم استمرار الحيازة أو تقطعها : حتى تسلم الحيازة من هذا العيب لابد أن تتوالى أعمال السيطرة المادية على الشيء في فترات متقاربة ، منتظمة لمدة سنة كاملة ،فيستعمل الحائز الشيء من وقت إلى آخر كلما تقوم الحاجة إلى استعماله كما يستعمل المالك ملكه في العادة ، فإذا مضى بين العمل و الآخر فترة طويلة من الزمن لا يستعمل فيها الحائز الشيء و كانت هذه الفترة من الطول بحيث لا يدعها المالك الحريص على الانتفاع بملكه انتفاعا كاملا، فان الحيازة تكون في هذه الحالة غير مستمرة أو منقطعة ، فلا تصح أساسا لدعاوى الحيازة ،غير أن إنتظام الاستعمال يختلف باختلاف طبيعة الشيء، فمن يحوز حق السكن مثلا، حتى تكون حيازته مستمرة، يجب أن يسكن المنزل و ألا ينقطع عن سكناه إلا عند سفر أو غير ذلك ،و إن كانت أرضا زراعية وجب عليه أن يزرعها في المواسم الفلاحية ، و لا يعتبر الكف عن استعمال الشيء بسبب قوة قاهرة كحدوث فيضان يغمر الأرض انقطاعا يخل بالاستمرار في الحيازة (1) ، فحيازة العين يجب أن تستمر سنة كاملة ، إذ يكفي لإثبات استمرارها إثبات قيام الحيازة في وقت سابق معين، وإثباتها في الحال كي توجد قرينة على قيامها في المدة الممتدة بين الزمنين (2) ما لم يقم دليل على خلاف ذلك وفقا لما تنص عليه المادة 830 من القانون المدني .
و تجدر الإشارة إلى أن عيب عدم الاستمرار هو عيب مطلق ،إذ أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك به ، لأن الحيازة في ذاتها تكون غير مستمرة بالنسبة إلى الناس كافة ، بخلاف العيوب الأخرى للحيازة فهي عيوب نسبية ، بمعنى أن الحيازة لا تكون لها أثر إلا بالنسبة لمن وجه إليه العيب وحده (1) ، و هو ما يستفاد من نص المادة 808 من الق.م
2- الخفاء أو عدم العلانية : فيباشرها الحائز على مشهد من الناس أو في القليل على مشهد من المالك أو صاحب الحق الذي يستعمله الحائز ، فإذا أخفاها الحائز عن المالك أو صاحب الحق ، بحيث لا يشعر هذا بأن حقه في حيازة غيره كانت الحيازة مشوبة بعيب الخفاء أو عدم العلانية ، و من ثم لا تكون صالحة لأن تحمى بدعاوى الحيازة (2) ، و هو ما يقضي به نص المادة 413 من ق.ا.م.
و عيب الخفاء يتصور وقوعه بالنسبة للمنقولات لسهولة إخفاءها أما العقارات فإنه لا يتصور إخفاء حيازتها إلا نادرا ،كالجار الذي يحوز شريطا صغيرا من أرض جاره ويدخله في حدود ملكية دون علم صاحبه ، ومهما يكن فالحيازة إذا كانت خفية فلا يؤثر فيها حسن أو سوء نية الحائز، و لكن ليس من الضروري لاعتبار الحيازة علنية أن يعلم بها المالك علم اليقين ، بل يكفي إمكانية و استطاعة العلم (3) .
و على خلاف عيب التقطع فإن عيب الخفاء هو عيب نسبي و ليس مطلقا وفقا لما تقضي به المادة 808 فق 02 من الق .م التي نصت على أن الحيازة إن حصلت خفية فلا يكون لها أثرا تجاه من أخفيت عنه إلا من الوقت الذي زال فيه هذا العيب ، و بالتالي فإن الحيازة قد تكون علنية بالنسبة للناس كافة ماعدا صاحب الحق فإنها خافية بالنسبة له ، ولذلك يكون له وحده أن يحتج بعيب الخفاء دون غيره ، و بالعكس لا يستطيع صاحب الحق أن يحتج بعيب الخفاء إذا كانت الحيازة علنية بالنسبة له و حده دون سائر الناس (1)
3- الإكراه أو عدم الهدوء : تكون الحيازة معيبة بهذا العيب إن حصل عليها صاحبها بالقوة أو بالتهديد، و بقي محتفظا بها دون أن تنقطع القوة أو التهديد الذي حصل عليها به ، و يستوي في ذلك أن تكون القوة أو التهديد قد أستعمل ضد المالك الحقيقي لانتزاع ملكه منه أو استعمل ضد حائز سابق غير مالك لانتزاع حيازته ، كما يستوي أن يكون من استعمل القوة أو التهديد هو الحائز نفسه أو أعوان له يعملون باسمه .
و عيب الإكراه هو عيب نسبي ، فإذا انتزع شخص من آخر حيازة عين بالإكراه كانت حيازة منتزع الحيازة مشوبة بعيب الإكراه بالنسبة إلى الشخص الآخر الذي انتزعت منه الحيازة وحده ، و بالنسبة إلى هذا الشخص الآخر وحده لا يستطيع منتزع الحيازة أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة إلا إذا انقطع الإكراه ، فعيب الإكراه لا يحتج به إلا من وقع عليه الإكراه (2)
و بالرجوع إلى نص المادة 808 فقرة 02 من القانون المدني، فإن عيب الإكراه يزول بانقطاع الإكراه ، إذ جاء فيها أن الحيازة إذا اقترنت بإكراه، فلا يكون لها أثر تجاه من وقع عليه الإكراه، إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب .
غير أن السؤال الذي يجب طرحه هو هل الحيازة التي تبدأ هادئة ثم يضطر صاحبها لاستعمال القوة و التهديد للاحتفاظ بها تعد معيبة ؟ للإجابة عن هذا السؤال انقسمت الآراء إلى وجهتين :
أ / الرأي الأول : يرى القائلون به أنه لا يكفي أن ينقطع الإكراه الذي حصل به الحائز على الحيازة ابتداءا ، حتى تكون الحيازة خالية من عيب الإكراه بل يجب أن تستمر – فوق ذلك – هذه الحيازة الهادئة طوال المدة التي تبقى فيها ، فإذا كانت مهددة يعكر صفوها اضطرار صاحبها في أي وقت للدفاع عنها بالقوة ، فإنها تكون حيازة غير هادئة مشوبة بعيب الإكراه (1) .
إذ أن المقصود بالهدوء هو تمكن الحائز من استعمال الشيء و الانتفاع به دون اللجوء إلى العنف و القوة حتى لا تتحول إلى حيازة مغتصبة (*)
ب/ الرأي الثاني : يرى أصحابه أن الحيازة إذا بدأت هادئة ، فلا يعيبها بعد ذلك أن يضطر الحائز إلى استعمال القوة للاحتفاظ بحيازته ضد من يريد انتزاعها منه إذ أن هذا يكون من قبيل الدفاع الذي يثبت لكل شخص يتمتع بمركز واقعي .
و حسب رأينا فإننا نرجح الرأي الثاني،ذلك أن العبرة ببداية الحيازة و مدى اقترانها بالإكراه أو عدمه و هو ما يستفاد من نص المادة 808 فقرة 02 من الق.م التي تنص ( إذا اقترنت الحيازة بإكراه .......) و بالتالي فإن بدأت الحيازة هادئة ثم شابها عيب الإكراه و قام الحائز بدفعه مستبقيا سيطرته الفعلية على العيب محل الحيازة كانت حيازته صحيحة .
4/ عيب الغموض أو اللبـــس : يتعلق هذا العيب بالركن المعنوي في الحيازة إذ تكون الحيازة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس إذا اشتبه أمرها فيما يتعلق بالركن المعنوي، فيطرح التساؤول، هل أن الحائز يحوز لحساب نفسه أو أنه يحوز لحساب غيره؟أو لحساب نفسه وحساب غيره معا ؟.
و نضرب في هذا مثالا بحيازة أحد الشركاء في الشيوع ، الذي يتمسك بحيازة العين لنفسه خاصة ، فأعمال الحيازة المادية التي يقوم بها كشريك في الشيوع هي نفسها الأعمال التي يقوم بها في ملكية مفرزة ، و قد يأتيها بنية أنه يوجد غيره معه يشاركه في الملك ، فهنا يقوم اللبس في حيازة الشريك في الشيوع للعين الشائعة إذا تمسك بأنه يحوز العين لحسابه ، إذ هي تحتمل هذا المعنى كما تحتمل معنى أن الشريك يحوز لحساب نفسه ولحساب غيره من الشركاء ،فتكون الحيازة في هذه الحالة مشوبة بعيب الغموض أو اللبس و من ثم لا تنتج أثارها (1)
و عيب الغموض أو اللبس هو عيب نسبي (*) فلا يكون له أثر إلا قبل من التبس عليه أمر الحيازة من حيث الركن المعنوي و هو ما تنص عليه المادة 808 فق 02 من الق.م التي جاء فيها أنه (إذا كان في الحيازة التباس فلا يكون لها اثر تجاه من التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي يزول فيه هذا العيب) .
و تأسيسا على ذلك فانه و بالنسبة للمثال السابق فإن الحيازة الغامضة عند الشريك على الشيوع لا يكون لها أثر إلا قبل الشركاء الآخرين في الشيوع ، إذ لا يحتج عليهم بهذه الحيازة الغامضة و لكن يحتج بها على غيرهم، و تظل هذه الحيازة غامضة إلى أن ينتفي اللبس فيها ، و الذي لا يكون إلا بالمعارضة الساطعة و المنكرة لحقوق الآخرين فإن لم ينكر ذلك تبقى على الشيوع (1) .
و عليه نصل إلى أن الحيازة إن استوفت أركانها و شروطها أصبحت محلا للحماية القانونية ، فتكون بذلك للحائز مصلحة قانونية حيث تحمى الحيازة لذاتها بصرف النظر عن ما إذا كان الحائز مالكا للعقار من عدمه . ومن ثم فان حصل اعتداء على المركز الواقعي أو احتمل الاعتداء عليه كانت المصلحة قائمة و حالة ، و عندها للحائز المطالبة بالحماية القضائية من خلال ممارسته لوسائل الحماية القانونية المقررة قانونا كما سيأتي بيانه بأكثر تفصيل في الفصل الثاني من هذا الموضوع .
المطلب الثاني / شـــرط المــيعاد :
طبقا لنص المادة 413 فقرة 02 من ق .ا.م فإنه لا تقبل دعاوى الحيازة، و من بينها دعوى استردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض كما نصت المادة 817 فق 01 من القانون المدني أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك .
و بناءا عليه فانه يجب أن ترفع دعاوى الحيازة خلال مدة سنة من وقت الاعتداء على الحيازة أو بدء الأعمال التي تثير احتمال الاعتداء عليها (*) لأن التراخي في رفع هذه الدعوى طوال هذه المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا بحيث يخل بالأمن و السلام ، فضلا عن رضا الحائز بذلك الوضع ، و في حالة رفع هذه الدعوى بعد فوات ميعاد السنة يحكم بعدم قبولها (*) ، و لو لم تنشأ حيازة جديدة لمصلحة الغير ، و في حالة نشوء حيازة قانونية لهذا الأخير ، فإنه يتمتع بالحماية القانونية حتى في مواجهة الحائز السابق .
و يلاحظ أنه لا ارتباط بين هذا الشرط و شرط استمرار الحيازة لمدة سنة و الذي ينبغي توفره كي تصبح الحيازة قانونية ، و يؤدي تخلفه إلى رفض دعوى الحيازة من حيث الموضوع (1) .
غير أن السؤال الذي استوقفنا و نحن نتحدث عن شروط قبول دعاوى الحيازة وجعلنا نبحث عن إجابة له هو هل أن الحق في رفع دعاوى الحيازة هو حق مطلق متى توافرت الحيازة على شروطها و أركانها و استوفت وسيلة حمايتها شرط الميعاد ، أم أنه حق مقيد بوجود سند قانوني يبرر هذه الحيازة ؟
إن طرحنا هكذا سؤال إنما مرده الإشكالات و الاختلافات العملية و المثارة بشأن شهادة الحيازة و علاقتها بممارسة دعاوى الحيازة الثلاث ، و هو ما تم طرحه بحدة على صعيد التطبيقات القضائية ، و لعل سبب ذلك هو نص المادة 39 من القانون رقم 90/25 المتضمن ق.ت.ع التي جاء فيها ( يجب على كل حائز لملك عقاري أو شاغل إياه أن يكون لديه سند قانوني يبرر هذه الحيازة أو هذا الشغل ) بموجب هذه المادة أضاف المشرع شرطا جديدا لم يكن منصوصا عليه في القانون المدني .
و التساؤول المطروح بهذا الصدد هل يعتبر هذا الشرط قبليا يجب أن يتوفر في كل من يرفع دعوى حيازة طبقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية ، و القانون المدني ؟
لقد انقسم الرأي بصدد هذه المسألة القانونية إلى اتجاهين (2) :
أ / الاتجاه الأول : لابد من أن يستظهر رافع دعوى الحيازة بشهادة الحيازة،و ذلك استنادا إلى نص المادة المذكورة سابقا ، و الذي ورد بصيغة الوجوب ، و من ثم فإن السند الحيازي يعتبر قيدا على رفع الدعوى إذ لا يمكن اللجوء إلى القضاء إلا باستيفائه (1) .
بينما هناك من يعتبرها تتعلق بشروط قبول الدعوى و تحديدا شرط الصفة (*) ،و لذلك فالبعض يرى أن ما جاء به ق.ت.ع بهذا الصدد هي أحكام كادت أن تؤدي إلى القضاء على أحكام الحيازة التقليدية (2) .
ب / الاتجاه الثاني : يرى القائلون به أنه لا حاجة لرافع دعاوى الحيازة لأن يثبت وضع اليد بشهادة الحيازة كونها مجرد وثيقة إدارية شرعت فقط من أجل تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلاحية و تمتيع صاحبها ببعض الحقوق و الامتيازات التي لا تخول إلا للمالك ، زد على ذلك أن المشرع نفسه مازال يعترف بالحائز الظاهر الذي لا يملك شهادة الحيازة، و هو ما يتجلى من خلال نص المادة 51 من القانون رقم 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري التي نصت على الإجراءات التي تسلط على المستثمر الذي يثبت قانونا عدم استغلاله للأراضي الفلاحية و من ثم لا يمكن اعتبار شهادة الحيازة قيدا على رفع الدعوى التي تبقى خاضعة في رفعها لقانون الإجراءات المدنية (1) .
و بالتالي فشهادة الحيازة كوثيقة إدارية لم تفض على أحكام الحيازة التقليدية المنصوص عليها في كل من القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية كما حاول البعض الذهاب إليه و الذي اعتبرها قيدا على رفع دعاوى الحيازة بأنواعها الثلاث (2) .
و هو الرأي (*) الذي تبنته الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القرار رقم 914-181 المؤرخ في 28/10/1998 - غير منشور- و الذي جاء فيه ( حيث و من جهة أخرى فان قضاة الاستئناف و لتأسيس قرارهم استخلصوا من أفعال القضية و خاصة من شهادة الاستغلال الفلاحي .... و محضر سماع الشهود المؤرخ في 15/11/1994 بأن هذا الأخير يثبت بسند قانوني الحيازة طبقا للمادة 30 من القانون رقم 90/25 المؤرخ 18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري حيث و بالفصل هكذا فإن قضاة الاستئناف قد طبقوا القانون تطبيقا سليما .
أما عن رأينا فإننا نرجح الاتجاه الثاني، أي ما ذهبت إليه الغرفة العقارية،و تأسيسنا في ذلك هو الأتي بيانه :
1- إن الهدف المتوخى من دعاوى الحيازة هو حماية المركز الواقعي للحائز بغض النظر عن كونه مالكا أو غير مالك ، و عليه فان الشروط التي أضافها المرسوم التنفيذي رقم 91/254 بموجب نص المادة 02 منه، و التي فصلت تلك المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 90/25 تتنافى و الهدف المتوخى من الحماية القانونية المقررة للحيازة لا سيما ما يتعلق منها بالشروط الواجب توافرها في العقار المحوز ، و التي سنعالجها كالأتي :
الشرط الأول / أن تكون الأرض ملك خاص : إن هذا الشرط لا يستقيم و مجال الحيازة بمفهومها العام على النحو المشار إليه آنفا و الذي نتناوله بأكثر تفصيل في المبحث الثاني من هذا الفصل، إذ ينطوي على تضييق في مجالها و هو ما ينعكس على نطاق الحماية المقررة لها .
الشرط الثاني / أن يقع العقار في منطقة مسوحة: كون أن عملية المسح تؤدي إلى تشخيص الممتلكات العقارية، و من ثم فلا يتصور تسليم شهادة الحيازة بعد إتمام هذه العملية، بينما تظل الحيازة بمفهومها العام و بما كرس لها ما وسائل لحمايتها قائمة .
الشرط الثالث / أراضي لم تحرر عقود ملكيتها: فحتى و إن لم يتم المسح و كان للأرض عقد ، فلا تكون محلا لتسلم شهادة الحيازة ، بينما و على العكس من ذلك ،و بالنسبة لدعاوى الحيازة فإنه يتمسك بها حتى في مواجهة المالك نفسه ،لقيام ذلك على افتراض مفاده أن من يحوز الأرض هو مالكها،وأن الحيازة تنصب على العقار سواء كان مملوك للغير أو غير مملوك له .
و إذن فإن الشروط المضافة على النحو السابق بيانه تؤكد أن الهدف المتوخى من الحيازة بمفهوم قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 و كذا المرسوم التنفيذي 91/254 غير ذلك المقصود من المفهوم العام للحيازة ، و هو ما يثبت أن شهادة الحيازة قررت لتشجيع الاستثمار ، و خدمة التنمية الاقتصادية و جعلها كضمانة قانونية للحائز.
2- شهادة الحيازة جاءت بموجب المادة 39 من القانون السالف ذكره من أجل معالجة مرحلة انتقالية ووضع راهن تبنى فيه المشرع نظام الشهر العيني بصورة متذبذبة خاصة و أن عمليات المسح لم تشمل سوى جزء يسير من الأراضي ، بينما تلك التي لم يتم مسحها فتحرر بشأنها شهادة الحيازة ، في انتظار تصفية الوضعية العقارية نهائيا ، وتكريس الحاصلين عليها كملاك بعد المسح ، و من ثم الحكم بموتها بانعدام الوضع المقررة من أجله ، فالمشرع بتبنيه نظام الشهر العيني وقع في تناقض مع أحكام القانون المدني و التي نقلت عن القانون المدني المصري الذي تبنى نظام الشهر الشخصي .
3- المادة 02 من المرسوم السابق الإشارة إليه اشترطت دوام الحيازة سنة كاملة للاستفادة من شهادة الحيازة ، و هي المدة نفسها المشترطة في استمرار الحيازة المحمية قانونا كمبدأ عام مع ورود استثناء عليه فيما يخص مدة الحيازة المحمية بدعوى الاسترداد،و هو ما يؤكد مرة أخرى اختلاف الهدف الذي قررت شهادة الحيازة من أجله عن ذلك المتوخى من الحيازة كمفهوم عام و الذي ينصب أساسا على حماية الأوضاع الظاهرة و الحفاظ على السكينة والأمن العامين.
المبحث الثاني :
خصائص دعاوى الحيازة :
المطلب الأول : حماية الحيازة لذاتها :
لما كان وضع اليد هو سلطة فعلية لشخص على شيء من الأشياء المادية فهو المظهر المادي للملكية و لهذا كان وضع اليد شبيها في الظاهر بالملكية، بل كثيرا ما يختلط بها مع أن وضع اليد على العقار يختلف عن ملكيته من الوجهة القانونية إذ تعرف الحيازة بأنها وضع اليد على العقار و السيطرة عليه سيطرة فعلية و استقلاله و السيطرة المادية تكون بمباشرة أعمال مادية مما يقوم عادة بها المالك على النحو الذي تقتضيه طبيعة هذا الحق و تكسب الحيازة ملكية العقار أو الحق العيني عليه بمضي مدة معينة مقترنة بينية التملك فهي واقعة مادية تحدث آثار قانونية و تؤدي إلى اكتساب الحق .
أما الملكية فهي حق تخول للمالك أن يسيطر سيطرة قانونية على الشيء محل الحق فيستأثر به فيتمكن من التصرف فيه و استعماله و استغلاله و الملكية باعتبارها حق فهي لا تثبث إلا بناء على سبب من أسباب كسب الملكية التي حددها القانون كالعقد و الوصية و الميراث و الحيازة ..الخ .
و يحمي القانون الحيازة في ذاتها و لو كان الحائز غير مالك و ذلك لغايات معينة ،ووسيلة لحماية الحيازة هي الدعاوى التي ننظر فيها إن كان حائز مالكا للحق الذي يحوز أو لا يملكه فالحائز لأرض تحميه دعاوى الحيازة و لا يطلب منه في مباشرته لهذه الدعاوى إلا أن يثبت حيازته لأرض بالشروط الواجب توفرها في الحيازة ،فلا يطلب منه أن يثبت أنه مالك للأرض فالملكية تكون محل لدعوى الاستحقاق ،و من هنا يبرز الفرق بين الحيازة و الملكية من حيث وسيلة الحماية و من حيث الإثبات فإذا تم التعرض للحيازة فاللمعتدى عليه استعمال دعوى منع التعرض ،و إذا لم تتعرض حيازته لاعتداء أو التهديد و لكنها توشك أن تتعرض لذلك من جراء أعمال بدئ بها و لم تتم فإنه يستطيع رفع دعوى لوقف الأعمال الجديدة، و إذا انتزعت منه الحيازة عنوة أو خلسة فله أن يستردها بدعوى استرداد الحيازة بشرط أن يثبت حيازته للعقار بوسائل إثبات تمتاز باليسر على خلاف دعوى الملكية التي تمتز بإجراءات طويلة و معقدة و طرق إثبات تزيد كثيرا في الصعوبة و العسر على طرق إثبات الحيازة .
و نفس الشيء يقال في الحقوق الأخرى التي تكون محلا للحيازة، فدعاوى الحيازة تحمي حائز حق الانتفاع أو الإرفاق و الاستعمال .
و عليه فإن القانون يحمي الحائز ما دام أثبت وقت الاعتداء أن حيازته كانت حيازة مادية بمعنى أن يد الحائز كانت متصلة بالعقار و اتصالا فعليا حيث كان العقار تحت تصرفه المباشر و يجب أن يكون اتصال الحائز بالعقار قائما وقت وقوع الاعتداء (1) .
- و العلة في حماية الحيازة ترد إلى اعتباريين :
1/ حماية المصلحة الخاصة للحائز و التي تظهر في عنصريين :
أ- أن الحيازة قرينة على الحق :
نظرا لكون الحائز الغالب هو نفسه صاحب الحق، فإن الحائز لحق يقترض أنه صاحب لهذا الحق حتى يثبت العكس ، فقل أن يوجد مالك لا يحوز ملكه بنفسه أو بواسطة غيره إذ يفترض قانونا أن الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق الحيازة، و من ذلك كانت الحيازة قرينة على الملكية و لكنها قرينة قابلة لإثبات العكس (2) . فحماية الحيازة في ذاتها إنما هي حماية للملكية و لكنها حماية مؤقتة إلى أن يقوم الدليل على أن الحائز لا يملك المال الذي في حيازته .
ب – إن حيازة ممارسة فعلية للحق : إن الحيازة بمعنى السيطرة الفعلية على شيء هي وسيلة ممارسة صاحب الحق لسلطاته عليه، و حرمانه من الحيازة يعني حرمانه من مزايا حقه فحيازة المستأجر ضرورية لممارسة حقه في الانتفاع بها .
ج – الحيازة وسيلة اكتساب الحق : حتى في الحالات التي لا يستند فيها الحائز إلى الحق فإن الحاجة إلى الاستقرار أدت بالمشرع إلى جعل الحيازة متى استوفت شروطها معنية سببا لاكتساب الحق العيني على العقار .
2/ حماية المصلحة العامة :
تعتبر حماية الحيازة حماية للأمن و النظام العام في المجتمع فيعد اغتصاب الحقوق غير شرعي و لو تم ذلك من صاحبها ،لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه و الذي يترتب عنه الفوضى، و لذلك يتعين حماية حيازة الحائز ضد تعرض الغير حتى و لو كان هدا الأخير صاحب الحق، إذ لهذا الأخير اللجوء إلى القضاء لحماية حقه عن طريق دعوى الحق (3)
الجزء الثالث
المطلب الثاني : حماية العقار دون المنقول :
تنصب دعاوى الحيازة على حماية العقار دون المنقول ،إذ يمكن لحائز رفع دعاوى الحيازة كمنع التعرض و استرداد الحيازة و وقف الأعمال الجديدة ،إذا كان محلها عقار خلافا للمنقول الذي تحميه قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية و كذا في حيازة الثمار .
فالمنقول لا يحمى بدعاوى الحيازة ،و كذا المجموع من المال كالتركة فالحائز لمجموع من المال كالوارث إنما يحمي في حيازته لعقار معين من هذا المجموع و لا يحمي في حيازته لمجموع المال ذاته إذ المجموع من المال لا يقبل الحيازة (1) . و إلى جانب العقارات تحمي دعاوى الحيازة أيضا الحقوق العينية و على ذلك نتعرض لحيازة العقارات بأنواعها و لحيازة الحقوق على العقارات التي لا تجوز فيها الحيازة.
1 / الحيازة في العقارات :
بدأت الحيازة في القانون الروماني سيطرة فعلية يباشرها الحائز على شيء مادي على اعتبار أنه مالك لهذا الشيء، فيحرزه إحرازا ماديا و يباشر عليه سلطة المالك فكانت الحازة على ضد النحو استعمالا لحق الملكية على الشيء مادي ،و لما كان حق الملكية عند الرومان يختلط بالشيء المادي فقد كان الرومان يصورون الحيازة على أنها تقع على الشيء المادي ذاته يتصرف فيه الحائز تصرف المالك فيستعمله و يستغله و يتصرف فيه
و يستهلكه، فكانت الحيازة سلطة مادية محضة لا ننطبق إلا على الأشياء المادية.
و من ضمن هذه الأشياء و المحمية بدعاوى الحيازة العقارات على أن يكون هذا العقار معنيا بالذات .
و العقار هو كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول. فكل مالا يدخل ضمن العقار بالمفهوم الوارد في 683 من القانون المدني فهو منقو و الغاية من ذلك أن المنقولات متعددة و لا يمكن حصرها لذا عرف العقار دون المنقول .
و تنقسم العقارات إلى نوعين العقارات بالطبيعة و العقارات بالتخصيص ،و تشمل العقارات بالطبيعة الأراضي بما فيها الزراعية و المعدة للزراعة الصحراوية و الجبلية المعدة للبناءو ما تحت الأرض كالآبار وما في باطنها كالمناجم و ما فوقها من أبنية و أشجار و نباتات ،أما العقارات بالتخصيص فهو في الأصل منقول وضعه وصفه صاحب العقار و خصصه لخدمة هذا العقار أما استغلاله يشرط أن يكون مالك العقار و المنقول شخص واحد و أن يرصد هذا المنقول لخدمة العقار و عندما يغير المنقول بطبيعته عقارا بالتخصيص فيأخذ حكم العقار على اقتراض أنه هو نفسه عقار و تسري عليه أحكام العقار ،بمجرد انتهاء التخصيص عود للعقار بالتخصيص صفته الأصلية كمنقول بطبيعته.
و في حالة وضع اليد على عقار من غير المالك باعتبار أنه المالك فيجوز لواضع اليد هذا أن يرصد منقولا يملكه على خدمة هذا العقار و يصبح المنقول عقارا بالتخصيص و لكن إذا يسترد المالك الحقيقي العقار فإنه يسترده وحده لمنقول الذي رصد (1) لخدمته و يأخذ صاحب المنقول منقوله (2) و عليه فإن حيازة الشيء تفترض حيازة توابعه مالم يثبت العكس .و من ثم فإن الحيازة المكسبة للملكية ترد على العقار بطبيعته و كذلك على العقار بالتخصيص بشرط أن تكون العقارات المراد إكتساب ملكيتها بالحيازة من العقارات التي تخضع للحيازة و أن تكون قابلة للتعامل فيها .
- الحيازة في الأملاك الوطنية :
لقد مرت الأملاك الوطنية في الجزائر بعدة مراحل بداية من المرحلة التي امتازت فيها الأملاك الوطنية بفكرة وحدة الأملاك العامة التي تبناها المشروع خلال الفترة الاشتراكية ثم جاء دستور 23 فبراير 1989 و كرس من جديد النظرية التقليدية المبنية على التفرقة بين الأملاك العمومية التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة و الأملاك الخاصة التي تمتلكها الدولة و الجماعات المحلية لتحقيق أغراض امتلاكية بحثة ،و ذلك بموجب المادتين 17 و18 منه
و هي نفس هذا التوجيه صدر قانون التوجيه العقاري رقم 25190 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 و كرس ضده المبادئ في المواد 24،25،26 منه ثم صدر قانون الأملاك الوطنية 90/30 المؤرخ في 1/ديسمبر/1990 ليحدد الأملاك الوطنية و نظامها.
و لعل أكثر ما يهمنا في البحث هو مسألة مدى جواز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بصنفيها و ما هي أهم الأحكام و القرارات الصادرة في هذا الشأن بعد أن نتناول كل الأملاك الوطنية العمومية و الأملاك الوطنية الخاصة.
أ- حيازة الأملاك الوطنية العمومية :
هناك بعض العقارات ترد عليها الحيازة المكسبة للملكية، ذلك إن كانت خارجة عن دائرة التعامل و لا يمكن أن تكون بحكم طبيعتها أو بحكم تخصيصها محلا للتصرفات القانونية كالعقارات التي يشترك النوع الإنساني في الانتفاع بها انتفاعا مطلقا و يستحيل على أي فرد أن يختص بها بطبيعته.
و العقارات العامة هي عقارات الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة و المخصصة لمنفعة عامة، و لقد حرم القانون تملك العقارات العامة بوضع اليد حيث تنص المادة 689 قانون مدني :" لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم"
و في ها الإطار صدر القرار رقم73271 المؤرخ في 21/أكتوبر/1990 مجلة قضائية رقم 92 ص 24 جاء فيه :( حيث أن الطاعنين يزعمون أنهم تحصلوا على القطع المتنازع فيها عن طريق الحيازة لأنهم يشغلون تلك الأراضي بصفة هادئة و مستمرة منذ أوائل 1960 .
حيث يتبين من القرير المعد من طرف مصالح أملاك الدولة أن أملاك الدولة غير قابلة للتصرف فيها أو الحجز عليها أو اكتسابها بالتقادم و بالتالي لا يمكن الحصول على ملكيتها من طرف الطاعنين عن طريق الحيازة كما تنص عليه المادة 827 من القانون المدني .
حيث أن الأمر يتعلق بشاغلين بصفة غير قانونية لأراضي مملوكة للدولة فيمكن للطاعنين الاستفادة من المرسوم 85-212 المؤرخ في 18 أوت 1985 كي يتحصلوا على تسوية وضعيتهم).
لكن هذا لا يمنع من أن الدولة و المجموعات المحلية تستطيع استعمال دعاوى الحيازة لحماية أملاك الدومين العام ،و عليه إذا كان العقار داخلا في الدومين العام فإنه لا يكون في الأصل قابلا للحيازة و كان ينعى أن لا يكون هناك مجال في شأنه لدعاوى الحيازة ،و لكن القضاء في فرنسا جرى على حماية الشخص العام في حيازته للعقار الداخل في الدومين العام ضد أعمال التعرض و الاغتصاب الصادر من الغير ،بل أنه يحمي كل من حصل من الأفراد على ترخيص قي الانتفاع بالعقار الداخل في الدومين العام في حيازته لهذا العقار بجميع دعاوى الحيازة ضد الغير فيما عدا الجهة الإدارية التي منحته الترخيص (1) .
و من ذلك ما نصت عليه المادة 171 من المرسوم 91 -454 بأنه يحق للمؤسسات العمومية المكلفة من طرف الدولة بتسير مرافق عامة أو أداء مهمة منفعة عمومية أن ترفع دعاوى الملكية و الحيازة لحماية الأملاك الوطنية العمومية التي تشغلها في حالة تعرضها لاعتداء من طرف الغير .
و في هذا الإطار جاء القرار رقم 181645 المؤرخ في 24/06/1998 بأنه:
" من المقرر قانونا أنه يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته بدأ سريان السنة من وقت انكشاف ذلك و لما تبين من قضية الحال أن الحيازة ثابتة منذ عهد الاستعمار و إن ما بين فوقها كان يرخصه من المصالح البلدية دون أية منازعة ك حيازتها و في استصلاحها و غرسها و لما قرر قضاة المجلس بأن الحيازة لا تجدر في الأملاك التابعة لدولة فإن هذا التأسيس خاطىء لأنه لا يوجد أي نص قانوني يتحدث على منع الحيازة في الأملاك العقارية التابعة للدولة التي تمنح للأشخاص بموجب شهادة إدارية من أجل استغلالها و الانتفاع بها مما يستوجب نقص القرار
المطعون فيه " .
ب / حيازة الأملاك الوطنية الخاصة:
و هي العقارات المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية الأخرى ملكية خاصة و لم تخص للمنفعة العامة و يكون التصرف فيها كتصرف ال أموالهم الخاصة و تمنع هذه العقارات بوجب عام لأحكام الملكية شأنها بذلك شأن العقارات المملوكة للأفراد تحق الدولة و العقارات الخاصة ضد حق ملكية مدنية محضة ،أسباب كسب ملكية العقار الخاص حددها المشروع في القانون
90/30 على سبل الحصر وصه التعاقد سواء طبق القانون المدني أو القانون الإداري من خلال ق ص ع عن طريق الأملاك الشاغرة و اكتشاف الكنوز و الهبات ...الخ
و في هذا الاطار سوف تتعرض لبعض القرار رقم 271-73ل 21/10/90 م ق 92 ص 4 *
الأمثلة عن الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة من ذلك أراضي العرش و المستثمرات الفلاحية في إطار القانون 87/19 و القانون 83/18 المتعلق بالاستصلاح.
1/ حيازة أراضي العرش :
أراضي العرش هي تلك الأراضي التي منحت من قبل الدايات الأتراك للقبائل و العروش الذين كانوا موالين لهم على سبيل الانتفاع الجماعي أما عن كيفية الانتفاع فكان كل فرد من أفراد القبيلة له الحق في الاقتناء بالمساحة التي يستطيع استغلالها و خدمتها مع ظفر عملية الإيجار أو الأرض أو البيع أو القسمة و في حالة عدم استغلالها و شراها بورا يحق استرجاعها و إعادة منحها من قبل القبيلة إلى من يتعهد بخدمتها و استغلالها و هذا الاستغلال يعطي للمستغل حق رضي التجار و تملكها و لقد مرت هذه الأراضي بعدة تطورات عبر مراحل زمنية مختلفة إلى غاية الاستغلال تميزت فيها المرحلة الاستعمارية بإصدار عدة قوانين بقصد تمكين الحائزين لهذه الأراضي من تملكها بقصد تمكين المعمرين كما يعد شرائها في إطار سياسة الاستيطان الاستعمارية غير أن نقل ملكية هذه الأراضي لحائزها لم تتم (1) .
أما فترة الاستقلال فأهم ما ميزها هو صدور القانون رقم 90/25/ المؤرخ في 18/11/90 المتعلق بقانون التوجيه العقاري الذي صنف الملكية العقارية إلى أملاك وطنية و أملاك خاصة و أملاك وقفية و بموجب م /85 المعدلة بموجب الأمر 95/26 ل 25/09/1995 اعتبرت أراضي العرش ملك للدولة إذ نصت على أنه تبقى ملكا لدولة أراضي العرش و البلديات المدمجة ضمن الصندوق الوطني للثورة الزراعية بمقتضى الأمر رقم 71/73 ل 8/11/71 و ذلك وقفا للمادة 18 من القانون رقم 900-30 ل 1/12/90 و المتضمن قانون الأملاك الوطنية و في مجال حيازة هذا النوع من الأراضي ضد ما جاء في القرار رقم 196049 المؤرخ في 26/04/2000 الذي كرس الحيازة على أراضي العرش حيث جاء فيه : (حيث أن القضاة المجلس اعتبروا أن الأراضي المتنازع عليها أرض عرش من أملاك الدولة و بالتالي لا يمكن الإدعاء بحيازتها لكن حيث يتبين من عناصر الملف أن المدعية المستأنف عليها لم تتمسك بالحيازة اتجاه الدولة مالكة الأرض بل تمسكت لحيازتها اتجاه التغير الذي حسب مزاعمها تعرضوا لحماية حيازتها بدون وجه حق و حيث أن الدولة ليست طرفا في الدعوى الحالية و لا تنازع المدعية في حيازتها حيث كان على قضاة المجلس أن يطبقوا مقتضيات المادة 822 من القانون المدني و أن يفصلوا من الذي له الحيازة المادية أن من الذي له وثائق تثبت حيازته الحالية و المادية على الأراضي) و هذا عكس المادة 4 من القانون 90/30 المتضمن الأملاك الوطنية التي لم تقر الحماية التقليدية للأموال عدم القابلية للتصرف ،عدم الحجز ،عدم جواز التمسك بالتقادم إلا على الأملاك الوطنية العمومية .
و ما دام أن أراضي العرش تصنف ضمن خانة الأملاك الوطنية الخاصة فبنتيجة فهي لا تخضع لقواعد الحماية المذكورة و بالتالي يجوز التمسك بحيازتها حتى في مواجهة الدولة نفسها (1)
2/ الحيازة في المستثمرات الفلاحية :
و هذا النوع من المستثمرات تم إحداثه بموجب القانون 87/19 و هي في الأصل أملاك وطنية خاصة تم إحداثها بقصد استغلالها في إطار تكريس المحافظة على الأراضي المختصة في إنتاج بعض المحاصيل الزراعية كالقمح و الشعير و غيره و يتم استغلالها بصورة جماعية كقاعدة عامة،على أنه يجوز أن يتم استغلالها بصفة فردية .
و المستثمرة الفلاحية هي إصلاح اقتصادي تعني وحدة ترابية مسيرة مستغلة طيلة السنة من طرف شخص أو عدة أشخاص، تنظم وسائل الإنتاج و ذلك لخدمة الإنتاج الفلاحي قانونا تكون ملكا للشخص الذي يستغلها أو للغير (2)
و يصبح للمستثمرة الفلاحية الجماعية وجود قانوني عند نشر العقد الإداري في سجل الحفظ العقاري، و يترتب على ذلك أن حق الانتفاع يكون ملك لأعضاء المستمرة في حين أن الملكية الرقبة تكون للدولة. و يمتاز حق الانتفاع هذا عن حق الانتفاع وقفا للقواعد العامة إذا يخول لأعضاء المستمرة اكتساب بعض الحقوق و ترتيب عليهم بعض الالتزامات المغايرة و التي تخرج عن القواعد العامة في المقررة في حق الانتفاع، إذ من شأنه أن يخول لهم حق انتفاع دائم ينتقل للورثة ضمن شروط معينة أقرها القانون 87/19 على خلاف حق الانتفاع العادي الذي ينتهي بوفاة المنتفع. كما يخول لأعضاء المستمرة ممارسة بعض الدعوي التي ترمي إلى حماية حيازتهم لحق الانتفاع الدائم و من ذلك ما جاء في القرار رقم 195.240 المؤرخ في 26/أفريل/2000 م ق 2000 عدد 01 ص 161 ( انه من كانت المستمرة الفلاحية تتمتع بالشخصية المعنوية كشركة مدنية طبقا للمادة 13 من القانون 87/19 فإنه يحق لها ممارسة الدعاوي الرامية إلى حماية حق الانتفاع الدائم على الأراضي التابعة ملكيتها للدولة و بالتالي فلا مانع من تمسك القاضي المدني باختصاصه في هذا المجال ) .
و عليه يتضح أن ملكية أعضاء المستمرة تقتصر على حق الانتفاع الدائم دون ملكية الأرض التي تبق ملك للدولة .
3- الحيازة في الأراضي المستصلحة :
يعد الاستصلاح سبب من الأسباب كسب الملكية العقارية في التشريع الجزائري، و قد جاء التنصيص عليه في المرسوم 83/18 المؤرخ في 13/أوت/1983 المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية .
و يقصد بالاستصلاح بمفهوم القانون 83/18 كل عمل من شأنه جعل أراضي قابلة للفلاحة صالحة للاستغلال، و يمكن أن تنصب هذه الأعمال على أشغال تعبئة المياه و التهيئة و تنقية الأراضي و التجهيز و السقي و التخفيض و الغراسة و المحافظة على التربة قصد إخصابها
و زرعها .
و يتم الاستصلاح في الأراضي التابعة للدولة و الواقعة في المناطق الصحراوية أو المنطوية على مميزات مماثلة و كذا الأراضي الأخرى الغير مخصصة و الممكن استخدامها في الفلاحة بعد الاستصلاح مع استبعاد الأراضي التي أدمجت في صندوق الثورة الزراعية .
و يعد المستصلح حائزا للأرض محل الاستصلاح خلال 5 سنوات المتعلقة بتنفيذ برنامج الاستصلاح فإن تم تنفيذه يسقط الشرط الفاسخ و تنتقل ملكية الأرض للمستصلح على خلاف ما جاء في القرار رقم 228753 المؤرخ في 24/أفريل/2002 ( إن قانون 83/18 المؤرخ في 13/أوت/83 يؤدي إلى امتلاك الأراضي للمترشح لاستصلاحها و عليه فإنه قانون ناقل للملكية يشكل عائقا لدعاوى الحيازة و سند للملكية )
4- الحيازة في الأملاك الوقفية :
وقف العقار هو حبسه عن تمليكه لأحد من العباد و صرف منفعته في وجوه البر ،وكان الوقف قبل سنة 1984 خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية، أما بعد صدور قانون الأسرة في 1984 بموجب القانون 84/11 أصبح خاضعا لأحكام قانون الأسرة الذي نظم الوقف في الفصل الثالث من الكتاب الرابع الخاص بالتبرعات و قد خضع في تنظيمه إلى عدة مراسيم
و مناشير و قوانين من ذلك القانون رقم 91/10 المؤرخ في 27/04/1991 المتعلق بالأوقاف
و الذي عدل عدة مرات آخرها سنة 2002. و ينقسم الوقف إلى وقف عام و هو ما حبس على جهات خيرية من وقت إنشائه كوقف أرض لحساب مستشفى، و إلى وقف خاص و هو ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور و الإناث أو أشخاص معنيين ثم يؤول إلى الجهة التي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليهم.
و في مجال حيازة الأملاك الوقفية صدر القرار رقم 99.360 المؤرخ في 13/01/1986 الذي جاء فيه: " حيث أنه لا يجوز التمسك بالتقادم في استغلال الأرض المحبسة لانعدام نية التملك "
و كنتيجة لما كل ما سبق بيانه فإنه تجدر الإشارة أن موضوع الحيازة في الأملاك الوطنية ما يزال محل خلان بين عدة فقهاء و على مستوى كل القوانين العربية فمنها من تجيز الحيازة و منها من تمنعها من ذلك الأستاذ السنهوري الذي يرى أنه لا يجوز ممارسة الحيازة في الأملاك الوطنية بنوعيها العامة و الخاصة و تشاطر في ذات الرأي الأستاذة فريدة زووي .
أما الأستاذ عمر زودة فيرى أنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية العمومية مستندا في ذلك إلى نص المادة 827 من القانون المدني،أما في الأملاك الوطنية الخاصة فإنه يفرق بين مرحلتين زمنيتين قبل سنة 1990 أي قبل صدور قانون الأملاك الوطنية فإنه لا يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة أما بعد 90 فإنه يجوز الحيازة في الأملاك الوطنية الخاصة و يذهب إلى أن بعد من ذلك إذ يجيز للحائر المطالبة لملكيتها بالتقادم إذ يعتبر أنه الأثر المنطقي و القانوني للحيازة في مواجهة الدولة على خلاف ما ذهبت إليه المحكمة العليا التي تجيز فقط ممارسة الحيازة أما اكتساب الملكية بالتقادم فلا تجيزه .
الحيازة في الحقوق :
سبق القول أن الحيازة في القانون الروماني كانت قاصرة على الأشياء المحسوسة من عقار و منقول، غير أن هذه الفكرة تطورت حيث أصبحت تشمل الحقوق، فأمكن تصور حيازة حق الارتفاق و حق الانتفاع وسميت هذه بشبيه الحيازة quassi passesion و ظلت هذه التفرقة قائمة في القانون الفرنسي القديم. أما القانون المدني الفرنسي الحالي فقد قضى على هذه التفرقة إذ نص عل أن الحيازة هي إحراز شيء أو استعمال حق .
و قبل الخوض في مدى ممارسة الحيازة على الحقوق نتعرض قبل كل شيء إلى تقسيمات الحقوق مع تعريفها حتى يتسنى بشكل دقيق تحديد الحقوق التي تحوز حيازتها من تلك التي لا تجوز فيها الحيازة، و لعل أبرز التقسيمات للحقوق نجد الحق العيني و الحق الشخصي .
فما المقصود بينهما ؟
يعرف الحق العيني على أنه سلطة شخص تنصب مباشرة على شيء مادي معين بحيث يستطيع صاحبه أن يباشره دون تدخل شخص آخر من ذلك حق الملكية ،و تنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية لحق الملكية و الذي بدوره تتفرع عنه حقوق آخرى مثل : حقوق الانتفاع و حقوق الارتفاق و حقوق الاستعمال أو السكن (1)
و إلى حقوق عينية تبعية و هذه الأخيرة لا توجد متسقلة بل تكون تابعة لحقوق شخصية (حقوق الدائنية ) و ذلك لضمان الوفاء بها فسميت الحقوق العينية التبعية بالتأمينات العينية
و من أمثلها الرهن الرسمي و حق الاختصاص و الرهن الحيازي و حقوق الامتياز .
أما الحق الشخصي فيمثل في رابطة قانونية بين شخصين بمقتضاها يقوم احدهما و هو المدين قبل الآخر و هو الدائن بأداء مالي معين أو بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل حيث يصبح للدائن الحق بمطالبة المدين بموضوع هذا الالتزام .و عليه يكون الحق الشخصي علاقة بين الأشخاص بينما الحق العيني هو علاقة بين الشيء و صاحبه .
فتقع الحيازة على الحق العيني و معنى ذلك أنها تقع على شيء مادي و أن الحائز يباشر سلطاته ماديا على الشيء المعين بالذات، لذلك لا يصح أن تقع الحيازة لا على المجموعات القانونية كالتركة و لا على مجموعة واقعية من المال كالمحل التجاري و إنما يصح أن تقع الحيازة على الشيء من هذه المجموعات واقع على إنفراد ،و الذي يباشر سلطاته على عين من أعيان التركة لا يمكنه ادعاء حيازة المجموعة الأعيان كما هو الحال بالنسبة للحائز على الشيوع، و ذلك لقيام الالتباس حول ما إذا كان الشريك في الشيوع يحوز لنفسه أو لحساب غيره مع الشركاء و على الشيوع. و الأصل أن يكون محل الحيازة حقا عينيا لأن هذا الحق هو الذي يخول لصاحبه سلطة مباشرة على الشيء فيمكن حيازته بممارسة الأعمال التي تخولها هذه السلطة على الشيء مباشر (2)
فالحقوق العينية وحدها يمكن أن تكون محلا للحيازة ، مما يستبعد الحقوق الشخصية و الحقوق المعنوية ،فلا تجوز حيازة هذه الأخيرة لأنها ترد على الشيء غير مادي كحق المؤلف في مؤلفاته العلمية و حق الفنان في مبتكراته الفنية و حق التاجر على الاسم التجاري .
كما لا تجوز حيازة الحقوق الشخصية كالديون فلا تخضع للحيازة و كذا بالنسبة للمستأجر فلا يعد حائزا حقيقيا و العقد المبرم ذاته ينفي عنه هذه الصفة إذن حائز عرضي و القانون عندما أباح للمستأجر رفع دعاوى الحيازة لم يكن يعني أن الحق الشخصي يخضع للحيازة الحقيقية إنما هي حماية مؤقتة لدفع الاعتداء بدليل أن الحائز العرضي لا يكسب الحق الشخصي بالتقادم و أنه لو قام نزاع بين الحائز العرضي و من يعمل الحائز لحسابه فحل النزاع يكون على أساس العقد المبرم بينهما و ليس على أساس دعوى الحيازة (1)
و هو ما أقره المشرع الجزائري في نص المادة 487 من القانون المدني عندما حمى حيازة المستأجر على الرغم من أنها حيازة عرضية مما يفهم أنه أخد بالنظرية الشخصية و خرج عن ذلك باستثناء و أخد بالنظرية المادية عندما نص على حماية حيازة المستأجر بجميع دعاوى الحيازة .
و ما يجدر الإشارة إليه أن بعض الفقهاء يرون أن الحيازة تشمل حتى الحقوق العينية التبعية التي تستلزم حيازة الدائن للشيء المحمل بالحق كالرهن الحيازي فإذا كان الشيء المرهون عقارا غير مملوك للراهن استطاع الدائن المرتهن أن يكسب حق الرهن عليه بالتقادم الطويل أو القصير (2) على خلاف الأمر في التشريع الجزائري أين يعتبر الدائن المرتهن رهن حيازي حائز عرضي و بالتالي لا تحمى حيازته بدعاوى الحيازة. و في هذا الإطار يعد صاحب حق الانتفاع و حق الاستعمال أو السكن حائزين عرضين كونهم يحوزون لحساب الغير إلا أن حيازتهم صحيحة للحق العيني أو الحق الشخصي الذي يحوزنه و يتوافر لديهم عنصري الحيازة المادية و المعنوية بالنسبة لهذا الحق بل أنهم حائزون أصليون له و لكنهم يعتبرون حائزون عرضيون لحق الملكية، فالمنتفع حائز عرضي كون أن سنده يستدعي الاعتراف بحقوق صاحب الرقبة، و عليه فإن المنتفع ليس حائزا عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع نفسه كونه يمارس هذا الحق على أساس أنه سيد عليه مما يخول له تملكه بالتقادم (3)
و من الأمثلة على ذلك حق الانتفاع الدائم الممنوع في إطار القانون 87/19 المتعلق بكيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية إذ يعد أعضاء المستمرة ما يكن لحق انتفاع يخول لهم الاستغلال ،الإنتاج ،غير أنهم حائزون أصليون لحق الانتفاع مما يخول لهم رفع دعاوى الحيازة في حالة وقوع اعتداء من الغير فهم يحوزون لحساب الغير و هي الدولة مالكة الرقبة .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)