بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

10 يونيو 2011

أبحاث هيئة كبار العلماء((تصادم سيارتين وبيان ما يترتب على ذلك))

تصفح برقم المجلد > المجلد الخامس - إصدار : سنة 1422 هـ > حوادث السيارات وبيان ما يترتب عليها بالنسبة لحق الله وحق عباده > الموضوع الأول تصادم سيارتين مثلا وبيان ما يترتب على ذلك من أحكام


الموضوع الأول : تصادم سيارتين مثلا أو صدم إحداهما الأخرى وبيان ما يترتب على ذلك من أحكام

تمهيد :

يحسن بنا أن نمهد بين يدي النقل عن فقهاء الإسلام في الموضوع ببيان منشأ اختلاف الأحكام أو اختلاف الفقهاء فيها بذكر ما يأتي :

إن ما يترتب على تصادم سيارتين مثلا أو صدم إحداهما الأخرى من الأحكام يختلف باختلاف عدة أمور :

الأول : حال القائد أو السائق من كونه عامدا أو مخطئا أو مغلوبا على أمره في وقوع الحادث أو كونه لا يحسن القيادة .

الثاني : اختلاف الفقهاء في ضابط العمد والخطأ وشبه العمد وما تحمله العاقلة وما لا تحمله .

الثالث : اعتبار فعل كل من الجانبين في حق نفسه وحق صاحبه أو اعتباره في حق صاحبه فقط .

الرابع : تعدي كل من الطرفين بالنسبة للحادث أو تعدي أحدهما دون الآخر .

الخامس : اعتبار التسبب أو المباشرة منهما أو من أحدهما أو من غيرهما .

السادس : الاختلاف في تحقيق المناط (التطبيق) .


(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 471)

وفيما يلي نقول من بعض كتب الفقهاء في حكم حوادث المواصلات وآلات النقل في زمنهم يتضح منها حكم وسائل النقل في زمننا :

جاء في [تكملة فتح القدير على الهداية] [تكملة فتح القدير] (8 \ 348) . : (وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر) .

وقال زفر والشافعي : يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر ، لما روي في ذلك عن علي رضي الله عنه ، ولأن كل واحد منهما مات بفعله وفعل صاحبه ؛ لأنه بصدمته آلم نفسه وصاحبه فيهدر نصفه ويعتبر نصفه ، كما إذا كان الاصطدام عمدا أو جرح كل واحد منهما نفسه وصاحبه جراحة ، أو حفرا على قارعة الطريق بئرا فانهار عليهما يجب على كل واحد منهما النصف فكذا هذا . ولنا أن الموت يضاف إلى فعل صاحبه ؛ لأن فعله في نفسه مباح وهو المشي في الطريق ، فلا يصلح مستندا للإضافة في حق الضمان كالماشي إذا لم يعلم بالبئر ووقع فيها لا يهدر شيء من دمه ، وفعل صاحبه وإن كان مباحا لكن الفعل المباح في غيره سبب للضمان ؛ كالنائم إذا انقلب على غيره .

وروي عن علي رضي الله عنه أنه أوجب على كل واحد منهما كل الدية ، فتعارضت روايتاه فرجحنا بما ذكرنا . وفيما ذكر من المسائل الفعلان محظوران فوضح الفرق . اهـ .

وقال الكاساني [بدائع الصنائع] (7 \ 273) . : إذا اصطدم فارسان فماتا فدية كل واحد منهما على

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 472)

عاقلة الآخر في قول أصحابنا الثلاثة رحمهم الله ، وعند زفر رحمه الله على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر ، وهو قول الشافعي رحمه الله (وجه) قول زفر أن كل واحد منهما مات بفعلين : فعل نفسه وفعل صاحبه ، وهو صدمة صاحبه وصدمة نفسه ، فيهدر ما حصل بفعل نفسه ويعتبر ما حصل بفعل صاحبه ، فيلزم أن يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر ، كما لو جرح نفسه وجرحه أجنبي فمات ، أن على الأجنبي نصف الدية لما قلنا ، كذا هذا .

(ولنا) ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال مثل مذهبنا ، ولأن كل واحد منهما مات من صدم صاحبه إياه فيضمن صاحبه ، كمن بنى حائطا في الطريق فصدم رجلا فمات ، أن الدية على صاحب الحائط كذا هذا . وبه تبين أن صدمه نفسه مع صدم صاحبه إياه فيه غير معتبر ، إذ لو اعتبر لما لزم باني الحائط على الطريق جميع الدية ؛ لأن الرجل قد مشى إليه وصدمه ، وكذلك حافر البئر يلزمه جميع الدية وإن كان الماشي قد مشى إليها . رجلان مدا حبلا حتى انقطع فسقط كل واحد منهما ، فإن سقطا على ظهريهما فماتا فلا ضمان فيه أصلا ؛ لأن كل واحد منهما لم يمت من فعل صاحبه ، إذ لو مات من فعل صاحبه لخر على وجهه ، فلما سقط على قفاه علم أنه سقط بفعل نفسه ، وهو مده فقد مات كل واحد منهما من فعل نفسه فلا ضمان على أحد ، وإن سقطا على وجهيهما فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر ؛ لأنه لما خر على وجهه علم أنه مات من جذبه ، وإن سقط أحدهما على ظهره والآخر على وجهه فماتا جميعا فدية الذي سقط على وجهه على عاقلة الآخر ؛ لأنه مات بفعله وهو جذبه ، ودية الذي سقط

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 473)

على ظهره هدر ؛ لأنه مات من فعل نفسه ولو قطع قاطع الحبل فسقطا جميعا فماتا فالضمان على القاطع ؛ لأنه تسبب في إتلافهما ، والإتلاف تسببا يوجب الضمان كحفر البئر ونحو ذلك ، صبي في يد أبيه جذبه رجل من يده والأب يمسكه حتى مات فديته على الذي جذبه ، ويرثه أبوه ، لأن الأب محق في الإمساك ، والجاذب متعد في الجذب ، فالضمان عليه ، ولو تجاذب رجلان صبيا وأحدهما يدعي أنه ابنه والآخر يدعي أنه عبده فمات من جذبهما فعلى الذي يدعي أنه عبده ديته ، لأنه متعد في الجذب ؛ لأن المتنازعين في الصبي إذا زعم أحدهما أنه أبوه فهو أولى به من الذي يدعي أنه عبده ، فكان إمساكه بحق وجذب الآخر بغير حق فيضمن ، رجل في يده ثوب تشبث به رجل فجذبه صاحب الثوب من يده ، فخرق الثوب ضمن الممسك نصف الخرق ؛ لأن حق صاحب الثوب في دفع الممسك وعليه دفعه بغير جذب ، فإذا جذب فقد حصل التلف من فعلهما فانقسم الضمان بينهما ، رجل عض ذراع رجل فجذب المعضوض ذراعه من فيه ، فسقطت أسنان العاض وذهب لحم ذراع هذا تهدر دية الأسنان ، ويضمن العاض أرش الذراع ؛ لأن العاض متعد في العض والجاذب غير متعد في الجذب : لأن العض ضرر وله أن يدفع الضرر عن نفسه .

رجل جلس إلى جنب رجل فجلس على ثوبه وهو لا يعلم فقام صاحب الثوب فانشق ثوبه من جلوس هذا عليه يضمن الجالس نصف ذلك ؛ لأن التلف حصل من الجلوس والجذب والجالس متعد في الجلوس ، إذ لم يكن له أن يجلس عليه فكان التلف حاصلا من فعليهما ، فينقسم الضمان عليهما ، رجل أخذ بيد إنسان فصافحه فجذب يده من يده فانقلب فمات فلا

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 474)

شيء عليه ؛ لأن الآخذ غير متعد في الأخذ للمصافحة ، بل هو مقيم سنة وإنما الجاذب هو الذي تعدى على نفسه ، حيث جذب يده لا لدفع ضرر لحقه من الآخذ وإن كان أخذ يده ليعصرها فآذاه فجر يده ضمن الآخذ ديته ؛ لأنه هو المتعدي ، وإنما صاحب اليد دفع الضرر عن نفسه بالجر ، وله ذلك فكان الضمان على المتعدي ، فإن انكسرت يد الممسك وهو الآخذ بالجذب لم يضمن الجاذب ، لأن التعدي من الممسك فكان جانيا على نفسه فلا ضمان على غيره .

والله سبحانه وتعالى أعلم .

في [المدونة] [المدونة] (4 \ 505) . :

(قلت) : أرأيت إذا اصطدم فارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه ؟

(قال) مالك : عقل كل واحد منهما على قبيل صاحبه ، وقيمة كل فرس منهما في مال صاحبه .

(قال) : أرأيت لو أن سفينة صدمت سفينة أخرى فكسرتها فغرق أهلها ؟

(قال) : قال مالك : إن كان ذلك من الريح غلبتهم أو من شيء لا يستطيعون حبسها منه فلا شيء عليهم ، وإن كانوا لو شاءوا أن يصرفوها صرفوها فهم ضامنون .

وفي [بداية المجتهد] لابن رشد [بداية المجتهد] (2 \ 409) . :

اختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما ، فقال مالك

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 475)

وأبو حنيفة وجماعة : على كل منهما دية الآخر ، وذلك على العاقلة ، وقال الشافعي وعثمان البتي : على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ؛ لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه .

قال أحمد الدردير في [الشرح الكبير لمختصر خليل] [الشرح الكبير لمختصر خليل] (4 \ 247) . : وإن تصادما أي : المكلفان أو غيرهما (أو تجاذبا) حبلا أو غيره ، كأن جذب كل منهما يد صاحبه فسقطا (مطلقا) ، سواء كانا راكبين أو ماشيين أو مختلفين أو بسفينتين على الراجح (قصدا) ، منهما (فماتا) معا فلا قصاص لفوات محله (أو) مات (أحدهما فقط) (فالقود) جواب للمسألتين ، وهو على حذف مضاف ، أي : فأحكامه ثابتة بينهما وحكمه في موتهما نفيه وفي موت أحدهما ثبوته ، ومن أحكامه أنه إذا كان أحدهما بالغا والآخر صبيا فلا قصاص على الصبي أو كان أحدهما حرا والآخر رقيقا فلا يقتص للرقيق من الحر ويحكم بحكم القود أيضا فيما لو قصد أحدهما التصادم أو التجاذب دون الآخر ، وهو داخل في قوله قصدا (وحملا عليه) أي : على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ ، وإنما يظهر في موت أحدهما فقط للقصاص من الحي (عكس السفينتين) إذا تصادمتا فتلفتا أو إحداهما وجهل الحال ، فيحملان على عدم القصد فلا قود ولا ضمان ؛ لأن جريهما بالريح وليس من عمل أربابهما ، وهذه العلة تدل على أن المراد بعدم القصد هو العجز لا الخطأ وهو كذلك على الراجح ، وأما الخطأ ففيه الضمان فظهر أن لقوله : عكس السفينتين فائدة حيث حمل على العجز .


(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 476)

وأما المتصادمان ففي العمد القود كما قال ، وفي الخطأ الضمان . ولو سفينتين فيهما ولا شيء في العجز ، بل هدر ولو غير سفينتين كما أشار له بقوله (إلا لعجز حقيقي) أي : إلا أن يكون تصادمهما لعجز حقيقي ، لا يستطيع كل منهما أن يصرف نفسه أو دابته عن الآخر فلا ضمان ، بل هدر ، ولا يحملان عند الجهل عليه ، بل على العمد كما تقدم ، لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين كالخطأ ، فيه ضمان الدية في النفس والقيم في الأموال بخلاف السفينتين فهدر ، وحملا عند الجهل عليه ؛ لأن جريهما بالريح كما تقدم ، (لا لخوف غرق أو ظلمة) . فخرج من قوله : عكس السفينتين ، أي : فإنهما يحملان على العجز عند الجهل فلا قود ولا ضمان (إلا لخوف غرق أو ظلمة) فالضمان : أي : لا إن قدروا على الصرف فلم يصرفوا خوفا من غرق أو نهب أو أسر أو وقوع في ظلمة حتى تلفتا أو إحداهما أو ما فيهما من آدمي أو متاع فضمان الأموال في أموالهم ، والدية على عواقلهم ؛ لأن هذا ليس من العجز الحقيقي لقدرتهم على الصرف ، وليس لهم أن يسلموا من الهلاك بهلاك غيرهم ، (وإلا) يكن التصادم في غير السفينتين أو فيهما أو التجاذب قصدا ، بل خطأ (فدية كل) من الآدميين (على عاقلة الآخر) للخطأ ، وقيمة فرسه مثلا ، وإنما خص الفرس ؛ لأن التصادم غالبا يكون في ركوب الخيل (في مال الآخر) لا على عاقلته ؛ لأن العاقلة لا تحمل غير الدية (كثمن العبد) أي : قيمته لا يكون على عاقلة ؛ لأنه مال ، بل في مال الحر ، ودية الحر في رقبة العبد حالة ، فإن تصادما فماتا فإن زادت دية الحر على قيمة العبد لم يضمن سيده الزائد ، لأنها تعلقت برقبة العبد ، ورقبته زالت ولو زادت قيمة العبد على دية الحر أخذ سيده الزائد من

(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 477)

مال الحر حالا . اهـ .

قال محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق في شرحه [التاج والإكليل لمختصر خليل] [التاج والإكليل لمختصر خليل] (6 \ 243) . : (وإن تصادما أو تجاذبا مطلقا قصدا فماتا أو أحدهما فالقود ) .

قال مالك : إذا اصطدم فارسان فمات الفرسان والراكبان فدية كل واحد على عاقلة الآخر وقيمة فرس كل واحد في مال الآخر .

قال مالك : ولو أن حرا وعبدا اصطدما فماتا جميعا فقيمة العبد في مال الحر ، ودية الحر في رقبة العبد يتقاصان ، فإن كان ثمن العبد أكثر من دية الحر كان الزائد لسيد العبد في مال الحر ، وإن كانت دية الحر أكثر لم يكن على السيد من ذلك شيء .

وقال في رجلين اصطدما وهما يحملان جرتين فانكسرتا غرم كل واحد ما كان على صاحبه ، وإن انكسرت إحداهما غرم ذلك له صاحبه . قال مالك في السفينتين تصطدمان فتغرق إحداهما بما فيها فلا شيء في ذلك على أحد ؛ لأن الريح تغلبهم إلا أن يعلم أن النواتية لو أرادوا صرفها قدروا فيضمنوا وإلا فلا شيء عليهم .
نتيجة البحث

مجلة البحوث الإسلامية > تصفح برقم المجلد > العدد السادس والعشرون - الإصدار : من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1410هـ > موضوع العدد حوادث السيارات وبيان ما يترتب عليها بالنسبة لحق الله وحق عباده > الموضوع الأول تصادم سيارتين مثلا أو صدم إحداهما الأخرى



(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 28)


الموضوع الأول


تصادم سيارتين مثلا أو صدم إحداهما الأخرى

وبيان ما يترتب على ذلك من أحكام

تمهيد :

يحسن بنا أن نمهد بين يدي النقل عن فقهاء الإسلام في الموضوع ببيان منشأ اختلاف الأحكام أو اختلاف الفقهاء فيها بذكر ما يأتي :

إن ما يترتب على تصادم سيارتين مثلا أو صدم إحداهما الأخرى من الأحكام يختلف باختلاف عدة أمور :

الأول : حال القائد أو السائق من كونه عامدا أو مخطئا أو مغلوبا على أمره في وقوع الحادث أو كونه لا يحسن القيادة .

الثاني : اختلاف الفقهاء في ضابط العمد والخطأ وشبه العمد وما تحمله العاقلة وما لا تحمله .

الثالث : اعتبار فعل كل من الجانبين في حق نفسه وحق صاحبه أو اعتباره في حق صاحبه فقط .

الرابع : تعدي كل من الطرفين بالنسبة للحادث أو تعدي أحدهما دون الآخر .

الخامس : اعتبار التسبب أو المباشرة منهما أو من أحدهما أو من غيرهما .

السادس : الاختلاف في تحقيق المناط " التطبيق " .

وفيما يلي نقول ، من بعض كتب الفقهاء في حكم حوادث المواصلات وآلات النقل في زمنهم يتضح منها حكم وسائل النقل في زمننا : جاء في تكملة فتح القدير على الهداية ص 348 ج 8 من تكملة فتح القدير .:

( وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر ) .


(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 29)

وقال زفر والشافعي : يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر لما روي في ذلك عن علي - رضي الله عنه - ولأن كل واحد منهما مات بفعله وفعل صاحبه لأنه بصدمته آلم نفسه وصاحبه فيهدر نصفه ويعتبر نصفه ، كما إذا كان الاصطدام عمدا أو جرح كل واحد منهما نفسه وصاحبه جراحة أو حفرا على قارعة الطريق بئرا فانهار عليهما يجب على كل واحد منهما النصف فكذا هذا .

ولنا أن الموت يضاف إلى فعل صاحبه لأن فعله في نفسه مباح وهو المشي في الطريق فلا يصلح مستندا للإضافة في حق الضمان كالماشي إذا لم يعلم بالبئر ووقع فيها لا يهدر شيء من دمه وفعل صاحبه وإن كان مباحا لكن الفعل المباح في غيره سبب للضمان كالنائم إذا انقلب على غيره . وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه أوجب على كل واحد منهما كل الدية فتعارضت روايتاه فرجحنا بما ذكرنا . وفيما ذكر من المسائل الفعلان محظوران فوضح الفرق . ا هـ .

وقال الكاساني ص 273 ج 7 من كتاب بدائع الصنائع .:

إذا اصطدم فارسان فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر في قول أصحابنا الثلاثة رحمهم الله وعند زفر رحمه الله على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر وهو قول الشافعي رحمه الله ( وجه ) قول زفر أن كل واحد منهما مات بفعلين فعل نفسه وفعل صاحبه وهو صدمة صاحبه وصدمة نفسه فيهدر ما حصل بفعل نفسه ويعتبر ما حصل بفعل صاحبه فيلزم أن يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر كما لو جرح نفسه وجرحه أجنبي فمات أن على الأجنبي نصف الدية لما قلنا ، كذا هذا ( ولنا ) ما روي عن سيدنا علي - رضي الله عنه - أنه قال مثل مذهبنا ولأن كل واحد منهما مات من صدم صاحبه إياه فيضمن صاحبه كمن بنى حائطا في الطريق فصدم رجلا فمات أن الدية على صاحب الحائط

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 30)

كذا هذا . وبه تبين أن صدمه نفسه مع صدم صاحبه إياه فيه غير معتبر إذ لو اعتبر لما لزم باني الحائط على الطريق جميع الدية لأن الرجل قد مشى إليه وصدمه وكذلك حافر البئر يلزمه جميع الدية وإن كان الماشي قد مشى إليها . رجلان مدا حبلا حتى انقطع فسقط كل واحد منهما فإن سقطا على ظهريهما فماتا فلا ضمان فيه أصلا لأن كل واحد منهما لم يمت من فعل صاحبه إذ لو مات من فعل صاحبه لخر على وجهه فلما سقط على قفاه علم أنه سقط بفعل نفسه وهو مده فقد مات كل واحد منهما من فعل نفسه فلا ضمان على أحد وإن سقطا على وجهيهما فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر لأنه لما خر على وجهه علم أنه مات من جذبه وإن سقط أحدهما على ظهره والآخر على وجهه فماتا جميعا فدية الذي سقط على وجهه على عاقلة الآخر لأنه مات بفعله وهو جذبه ودية الذي سقط على ظهره هدر لأنه مات من فعل نفسه ولو قطع قاطع الحبل فسقطا جميعا فماتا فالضمان على القاطع لأنه تسبب في إتلافهما والإتلاف تسببا يوجب الضمان كحفر البئر ونحو ذلك ، صبي في يد أبيه جذبه رجل من يده والأب يمسكه حتى مات فديته على الذي جذبه ويرثه أبوه لأن الأب محق في الإمساك والجاذب متعد في الجذب فالضمان عليه ، ولو تجاذب رجلان صبيا وأحدهما يدعي أنه ابنه والآخر يدعي أنه عبده فمات من جذبهما فعلى الذي يدعي أنه عبده ديته لأنه متعد في الجذب لأن المتنازعين في الصبي إذا زعم أحدهما أنه أبوه فهو أولى به من الذي يدعي أنه عبده فكان إمساكه بحق وجذب الآخر بغير حق فيضمن ، رجل في يده ثوب تشبث به رجل فجذبه صاحب الثوب من يده فخرق الثوب ضمن الممسك نصف الخرق لأن حق صاحب الثوب في دفع الممسك وعليه دفعه بغير جذب فإذا جذب فقد حصل التلف من فعلهما فانقسم الضمان بينهما ، رجل عض ذراع

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 31)

رجل فجذب المعضوض ذراعه من فيه فسقطت أسنان العاض وذهب لحم ذراع هذا تهدر دية الأسنان ويضمن العاض أرش الذراع لأن العاض متعد في العض والجاذب غير متعد في الجذب لأن العض ضرر وله أن يدفع الضرر عن نفسه . رجل جلس إلى جنب رجل فجلس على ثوبه وهو لا يعلم فقام صاحب الثوب فانشق ثوبه من جلوس هذا عليه يضمن الجالس نصف ذلك لأن التلف حصل من الجلوس والجذب ، والجالس متعد في الجلوس إذ لم يكن له أن يجلس عليه فكان التلف حاصلا من فعليهما فينقسم الضمان عليهما .

رجل أخذ بيد إنسان فصافحه فجذب يده من يده فانقلب فمات فلا شيء عليه لأن الآخذ غير متعد في الأخذ للمصافحة بل هو مقيم سنة وإنما الجاذب هو الذي تعدى على نفسه حيث جذب يده لا لدفع ضرر لحقه من الآخذ وإن كان أخذ يده ليعرصها فآذاه فجر يده ضمن الآخذ ديته لأنه هو المتعدي وإنما صاحب اليد دفع الضرر عن نفسه بالجر ، وله ذلك ، فكان الضمان على المتعدي فإن انكسرت يد الممسك وهو الآخذ بالجذب لم يضمن الجاذب لأن التعدي من الممسك فكان جانيا على نفسه فلا ضمان على غيره .

والله سبحانه وتعالى أعلم . . .

في المدونة ص 505 ج4 .:

( قلت ) أرأيت إذا اصطدم فارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه ( قال ) مالك عقل كل واحد منهما على قبيل صاحبه وقيمة كل فرس منهما في مال صاحبه ( قال ) أرأيت لو أن سفينة صدمت سفينة أخرى فكسرتها فغرق أهلها ( قال ) قال مالك إن كان ذلك من الريح غلبتهم أو من شيء لا يستطيعون حبسها منه فلا شيء عليهم وإن كانوا لو شاءوا أن يصرفوها صرفوها فهم ضامنون .


(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 32)

وفي بداية المجتهد لابن رشد ص 409 ج2 .:

اختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة على كل منهما دية الآخر ، وذلك على العاقلة ، وقال الشافعي وعثمان البتي : على كل واحد منهما نصف دية صاحبه لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه .

قال أحمد الدردير في شرحه الكبير لمختصر خليل ص 247 ج 4: وإن تصادما أي المكلفان أو غيرهما ( أو تجاذبا ) حبلا أو غيره كأن جذب كان منهما يد صاحبه فسقطا ( مطلقا ) سواء كانا راكبين أو ماشيين أو مختلفين أو بسفينتين على الراجح ( قصدا ) منهما ( فماتا ) معا فلا قصاص لفوات محله ( أو ) مات ( أحدهما فقط ) ( فالقود ) جواب للمسألتين وهو على حذف مضاف أي فأحكامه ثابتة بينهما وحكمه في موتهما نفيه وفي موت أحدهما ثبوته ، ومن أحكامه أنه إذا كان أحدهما بالغا والآخر صبيا فلا قصاص على الصبي أو كان أحدهما حرا والآخر رقيقا فلا يقتص للرقيق من الحر ويحكم بحكم القود أيضا فيما لو قصد أحدهما التصادم أو التجاذب دون الآخر ، وهو داخل في قوله قصدا ( وحملا عليه ) أي على القصد عند جهل الحال لا على الخطأ وإنما يظهر في موت أحدهما فقط للقصاص من الحي ( عكس السفينتين ) إذا تصادمتا فتلفتا أو إحداهما وجهل الحال فيحملان على عدم القصد فلا قود ولا ضمان لأن جريهما بالريح وليس من عمل أربابهما وهذه العلة تدل على أن المراد بعدم القصد هو العجز لا الخطأ وهو كذلك على الراجح وأما الخطأ ففيه الضمان فظهر أن لقوله : عكس السفينتين فائدة حيث حمل على العجز .

وأما المتصادمان ففي العمد القود كما قال وفي الخطأ الضمان . ولو سفينتين فيهما ولا شيء في العجز بل هدر ولو غير سفينتين كما أشار له بقوله :

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 33)

( إلا لعجز حقيقي ) أي إلا أن يكون تصادمهما لعجز حقيقي ، لا يستطيع كل منهما أن يصرف نفسه أو دابته عن الآخر فلا ضمان بل هدر ولا يحملان عند الجهل عليه بل على العمد كما تقدم لكن الراجح أن العجز الحقيقي في المتصادمين كالخطأ ، فيه ضمان الدية في النفس والقيم في الأموال بخلاف السفينتين فهدر وحملا عند الجهل عليه لأن جريهما بالريح كما تقدم ( لا لخوف غرق أو ظلمة ) فخرج من قوله : عكس السفينتين أي فإنهما يحملان على العجز عند الجهل فلا قود ولا ضمان ( إلا لخوف غرق أو ظلمة ) فالضمان ؛ أي : لا إن قدروا على الصرف فلم يصرفوا خوفا من غرق أو نهب أو أسر أو وقوع في ظلمة حتى تلفتا أو إحداهما أو ما فيهما من آدمي أو متاع فضمان الأموال في أموالهم والدية على عواقلهم لأن هذا ليس من العجز الحقيقي لقدرتهم على الصرف وليس لهم أن يسلموا من الهلاك بهلاك غيرهم ( وإلا ) يكن التصادم في غير السفينتين أو فيهما أو التجاذب قصدا بل خطأ ( فدية كل ) من الآدميين ( على عاقلة الآخر ) للخطأ ، وقيمة فرسه مثلا ، وإنما خص الفرس لأن التصادم غالبا يكون في ركوب الخيل ( في مال الآخر ) لا على عاقلته لأن العاقلة لا تحمل غير الدية ( كثمن العبد ) أي قيمته لا يكون على عاقلة لأنه مال بل في مال الحر ، ودية الحر في رقبة العبد حالة فإن تصادما فماتا فإن زادت دية الحر على قيمة العبد لم يضمن سيده الزائد ، لأنها تعلقت برقبة العبد ، ورقبته زالت ولو زادت قيمة العبد على دية الحر أخذ سيده الزائد من مال الحر حالا . ا هـ .

قال محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق في شرحه التاج والإكليل لمختصر خليل ص 243 ج 6 .: ( وإن تصادما أو تجاذبا مطلقا قصدا فماتا أو أحدهما فالقود . قال مالك : إذا اصطدم فارسان فمات الفرسان

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 34)

والراكبان فدية كل واحد على عاقلة الآخر وقيمة فرس كل واحد في مال الآخر ، قال مالك : ولو أن حرا وعبدا اصطدما فماتا جميعا فقيمة العبد في مال الحر ودية الحر في رقبة العبد يتقاصان فإن كان ثمن العبد أكثر من دية الحر كان الزائد لسيد العبد في مال الحر وإن كانت دية الحر أكثر لم يكن على السيد من ذلك شيء . وقال في رجلين اصطدما وهما يحملان جرتين فانكسرتا غرم كل واحد ما كان على صاحبه وإن انكسرت إحداهما غرم ذلك له صاحبه . قال مالك في السفينتين تصطدمان فتغرق إحداهما بما فيها فلا شيء في ذلك على أحد لأن الريح تغلبهم إلا أن يعلم أن النواتية لو أرادوا صرفها قدروا فيضمنوا وإلا فلا شيء عليهم قال ابن القاسم : ولو قدروا على حبسها إلا أن فيها هلاكهم وغرقهم فلم يفعلوا فليضمن عواقلهم دياتهم ويضمنوا الأموال في أموالهم وليس لهم أن يطلبوا نجاتهم بغرق غيرهم وكذلك لو لم يروهم في ظلمة الليل وهم لو رأوهم لقدروا على صرفها فهم ضامنون لما في السفينة ودية من مات على عواقلهم ولكن لو غلبتهم الريح أو غفلوا لم يكن عليهم شيء " انتهى . من ابن يونس ابن عرفة قال ابن شاس : وسواء كان المصطدمون راكبين أو ماشين أو بصيرين أو ضريرين أو أحدهما ضريرا وبيده عصا وإن تعمد الاصطدام فهو عمد محض فيه حكم القصاص ولو كانا صبيين ركبا بأنفسهما أو أركبهما أولياؤهما فالحكم فيهما كما في البالغين إلا في القصاص ولو جذبا حبلا فانقطع فتلف فكاصطدامهما وإن وقع أحدهما على شيء فأتلفه ضمناه . ابن عرفة يؤيد هذا ما في المدونة والمجموعة إن اصطدم فرسان فمر أحدهما على صبي فقطع إصبعه ضمناه انظر هنا في ابن عرفة القصاص . من قتل خارجة ولم يلتفت لإثبات قوله أردت عمرا وأراد الله خارجة ومن قتل رجلا عمدا يظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص ومن رمى رجلا بحجر فاتقاها المرمي عليه فقتلت

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 35)

آخر كما لو هرب أمام القاتل فسقط على طفل فقتله كالأربعة الذين تعلق بعضهم ببعض وسقطوا على الأسد فقتلهم ( وحملا عليه عكس السفينتين إلا لعجز حقيقي إلا كخوف غرق أو ظلمة ) قد تقدم جميع ما نقل ابن يونس عن ابن القاسم في اصطدام السفينتين والراكبين ، وقال ابن الحاجب : لو اصطدم فارسان عمدا فإحكام القصاص وإلا فعلى عاقلة كل واحد دية الآخر ثم قال فإن اصطدم سفينتان فلا ضمان بشرط العجز عن الصرف والمعتبر العجز حقيقة لا لخوف غرف أو ظلمة ، ابن عبد السلام : قول ابن الحاجب يوهم أن حكم الفارسين مخالف لحكم السفينتين وليس كذلك لأن الفارسين إذا جمح بهما فرساهما فكان تلف لم يضمنا إلا أن الفرسين إذا جهل أمرهما حمل على أنهما قادران على إمساكهما وفي السفينتين على العجز . ابن عرفة قوله إذا جمح الفرس ولم يقدر راكبه على صرفه أنه لا يضمن يرد بقولها إن جمحت دابة براكبها فوطئت إنسانا فهو ضامن وبقولها إن كان في رأس الفرس اعتزام فحمل بصاحبه فاصطدم فصاحبه ضامن لأن سبب جمحه من راكبه وفعله به إلا أن يكون إنما نفر من شيء مر به في الطريق من غير سبب راكبه فلا ضمان عليه ( وإلا فدية كل على عاقلة الآخر وفرسه في مال الآخر كثمن العبد ) .

وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ص 195 ج2 من المهذب:

( فصل ) وإن اصطدم فارسان أو رجلان وماتا وجب على كل واحد منهما نصف دية الآخر . وقال المزني : إن استلقى أحدهما فانكب الآخر على وجهه وجب على المنكب دية المستلقي وهدر دمه لأن الظاهر أن المنكب هو القاتل والمستلقي هو المقتول وهذا خطأ لأن كل واحد منهما هلك بفعله وفعل صاحبه فهدر النصف بفعله ووجب النصف بفعل

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 36)

صاحبه كما لو جرح كل واحد منهما نفسه وجرحه صاحبه ، ووجه قول المزني لا يصح لأنه يجوز أن يكون المستلقي صدم صدمة شديدة فوقع مستلقيا من شدة صدمته . وإن ركب صبيان أو أركبهما وليهما واصطدما وماتا فهما كالبالغين ، وإن أركبهما من لا ولاية له عليهما فاصطدما وماتا وجب على الذي أركبهما دية كل واحد منهما النصف بسبب ما جنى كل واحد من الصبيين على نفسه والنصف بسبب ما جناه الآخر عليه . وإن اصطدمت امرأتان حاملان فماتتا ومات جنيناهما كان حكمهما في ضمانهما حكم الرجلين ، فأما الحمل فإنه يجب على كل واحدة منهما نصف دية جنينها ونصف دية جنين الأخرى لجنايتهما عليهما .

( فصل ) وإن وقف رجل في ملكه أو في طريق واسع فصدمه رجل فمات هدر دم الصادم لأنه هالك بفعل هو مفرط فيه فسقط ضمانه ، كما لو دخل دار رجل فيها بئر فوقع فيها . وتجب دية المصدوم على عاقلة الصادم لأنه قتله بصدمة هو متعمد فيها وإن وقف في طريق ضيق فصدمه رجل ومات وجب على عاقلة كل واحد منهما دية الآخر لأن الصادم قتل الواقف بصدمة هو مفرط فيها والمصدوم قتل الصادم بسبب هو مفرط فيه وهو وقوفه في الطريق الضيق . وإن قعد في طريق ضيق فعثر به رجل فمات كان الحكم فيه كالحكم في الصادم ، والمصدوم وقد بيناه .

( فصل ) فإن اصطدمت سفينتان وهلكتا وما فيهما فإن كان بتفريط من القيمين بأن قصرا في آلتهما أو قدرا على ضبطها فلم يضبطا أو سيرا في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها فإن كانت السفينتان وما فيهما لهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها ويهدر النصف وإن كانت لغيرهما وجب على كل واحد منهما نصف قيمة سفينته ونصف قيمة ما فيها ونصف قيمة سفينة صاحبه ونصف قيمة ما فيها لما بيناه في الفارسين ، فإن كان في السفن رجال فهلكوا ضمن عاقلة

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 37)

كل واحد منهما نصف ديات ركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه فإن قصدا الاصطدام وشهد أهل الخبرة أن مثل هذا يوجب التلف وجب على كل واحد منهما القصاص لركاب سفينته وركاب سفينة صاحبه وإن لم يفرطا ففي الضمان قولان أحدهما يجب كما يجب في اصطدام الفارسين إذا عجزا عن ضبط الفرسين ، والثاني : لا يجب لأنها تلفت من غير تفريط منهما فأشبه إذا تلفت بضاعة ، واختلف أصحابنا في موضع القولين فمنهم من قال : القولان إذا لم يكن من جهتهما فعل بأن كانت السفن واقفة فجاءت الريح فقلعتها ، فأما إذا سيرا ثم جاءت الريح فغلبتهما ثم اصطدما وجب الضمان قولا واحدا لأن ابتداء السير كان منهما فلزمهما الضمان كالفارسين . وقال أبو إسحاق وأبو سعيد : القولان في الحالين ، وفرقوا بينهما وبين الفارسين بأن الفارس يمكنه ضبط الفرس باللجام والقيم لا يمكنه ضبط السفينة ، فإن قلنا إنه يجب الضمان كان الحكم فيه كالحكم فيه إذا فرط إلا في القصاص فإنه لا يجب مع عدم التفريط وإن قلنا إنه لا يجب الضمان نظرت فإن كانت السفن وما فيها لهما لم يجب على كل واحد منهما ضمان وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيهما أمانة كالوديعة ومال المضاربة لم يضمن لأن الجميع أمانة فلا تضمن مع عدم التفريط وإن كانت السفن مستأجرة والمتاع الذي فيها يحمله بأجرة لم يجب ضمان السفن لأنها أمانة وأما المال فهو مال في يد أجير مشترك فإن كان مع صاحبه لم يضمن وإن لم يكن معه صاحبه فعلى القولين في الأجير المشترك وإن كان أحدهما مفرطا والآخر غير مفرط كان الحكم في المفرط ما ذكرناه إذا كانا مفرطين ، والحكم في غير المفرط ما ذكرناه إذا كانا غير مفرطين .

وقال الشيخ محمد الشربيني الخطيب في شرح المنهاج : \ 1

( فصل ) فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه ، إذا

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 38)

( اصطدما ) أي حران كاملان راكبان أو ماشيان أو راكب وماش طويل سواء أكانا مقبلين أو مدبرين أم أحدهما مقبلا والآخر مدبرا كما يشعر به إطلاقه ، وإن قيد الرافعي بالمدبرين وقيد المصنف الاصطدام بقوله ( بلا قصد ) كاصطدام أعميين ، أو غافلين ، أو كانا في ظلمة ليشمل ما إذا غلبتهما الدابتان ، وسيأتي محترزه في كلامه ، واستفيد تقييد الاصطدام بالحرين من قوله ( فعلى عاقلة كل ) منهما ( نصف دية مخففة ) أما كونه نصف دية فلأن كل واحد هلك بفعله وفعل صاحبه فيهدر النصف كما لو جرحه مع جراحة نفسه وأما كونها مخففة على العاقلة فلأنه خطأ محض ، ولا فرق في ذلك بين أن يقعا منكبين أو مستلقيين ، أو أحدهما منكبا والآخر مستلقيا اتفق المركوبان كفرسين أو لا كفرس وبعير وبغل اتفق سيرهما أو اختلف كأن كان أحدهما يعدو والآخر يمشي على هينته ( وإن قصدا ) جميعا الاصطدام ( فنصفها مغلظة ) على عاقلة كل منهما لورثة الآخر أما كونها نصف دية فلما مر . وأما كونها مغلظة على العاقلة فلأن القتل حينئذ شبه عمد . لأن الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت فلا يتحقق فيه العمد المحض ولذلك لا يتعلق به القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر ( أو ) قصد ( أحدهما ) الاصطدام دون الآخر وماتا ( فلكل ) منهما ( حكمه ) من التخفيف والتغليظ .

( تنبيه ) محل ذلك ما إذا لم تكن إحدى الدابتين ضعيفة بحيث قطع بأنه لا أثر لحركتها ، فإن كانت كذلك لم يتعلق بحركتها حكم كغرز الإبرة في جلدة العقب مع الجراحات العظيمة نقله في الروضة عن الإمام وأقره : وجزم به ابن عبد السلام ولا ينافيه قول الشافعي رضي الله تعالى عنه سواء أكان أحد الراكبين على فيل والآخر على كبش لأنا لا نقطع بأنه لا أثر لحركة الكبش مع حركة الفيل ، ومثل ذلك يأتي في الماشيين كما قاله ابن الرفعة وغيره والصحيح أن على كل منهما في تركته ( كفارتين )

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 39)

إحداهما لقتل نفسه والأخرى لقتل صاحبه لاشتراكهما في إهلاك نفسين بناء على أن الكفارة لا تتجزأ وأن قاتل نفسه عليه كفارة وهو الأظهر والثاني على كل كفارة بناء على أنها تتجزأ ( وإن ماتا مع مركوبهما فكذلك الحكم دية وكفارة ( و ) يزاد على ذلك أن ( في تركة كل ) منهما ( نصف قيمة دابة الآخر ) أي مركوبه لاشتراكهما في الإتلاف مع هدر فعل كل منهما في حق نفسه ، وقد يجيء التقاص في ذلك ولا يجيء في الدية إلا أن يكون عاقلة كل منهما ورثته وعدمت الإبل

( فروع ) لو كان مع كل من المصطدمين بيضة ، وهي ما تجعل على الرأس فكسرت ففي البحر أن الشافعي رضي الله تعالى عنه قال : على كل منهما نصف قيمة بيضة الآخر ، ولو تجاذبا حبلا لهما أو لغيرهما فانقطع وسقطا وماتا فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الآخر وهدر الباقي لأن كلا منهما مات بفعله وفعل الآخر سواء أسقطا منكبين أم مستلقيين أم أحدهما منكبا والآخر مستلقيا فإن قطعه غيرهما فماتا فديتهما على عاقلته لأنه القاتل لهما وإن مات أحدهما بإرخاء الآخر الحبل فنصف ديته على عاقلته وهدر الباقي لأنه مات بفعلهما ، وإن كان الحبل لأحدهما والآخر ظالم فالظالم هدر وعلى عاقلته نصف دية المالك ، ولو كان شخص يمشي فوقع مداسه على مؤخر مداس غيره وتمزق لزمه نصف الضمان لأنه تمزق بفعله وفعل صاحبه ( وصبيان أو مجنونان ) أو صبي ومجنون في اصطدامهما ( ككاملين ) فيما سبق فيهما ومنه التغليظ بناء على أن عمدهما عمد وهو الأصح إن كانا مميزين هذا إن ركبا بأنفسهما وكذا إن أركبهما وليهما لمصلحتهما وكانا ممن يضبط المركوب ( وقيل ) ونص عليه في الأم ( إن أركبهما الولي تعلق به الضمان ) لما فيه من الخطر وجوازه مشروط بسلامة العاقبة ، والأصح المنع كما لو ركبا بأنفسهما :

( تنبيه ) محل الخلاف كما نقلاه عن الإمام وأقراه ما إذا أركبهما لزينة

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 40)

أو لحاجة غير مهمة فإن أرهقت إلى إركابهما حاجة كنقلهما من مكان إلى مكان فلا ضمان عيه قطعا ، قالا: ومحله أيضا عند ظن السلامة فإن أركبهما الولي دابة شرسة جموحا ضمن الولي لتعديه ، قال الأذرعي ، ومحله أيضا فيمن يستمسك على الدابة فلو أركبه دابة هادية وهو لا يستمسك عليها تعلق به الضمان ، قال ابن الرفعة : ويستثنى من عدم تضمين الولي ما إذا كانا غير مميزين كابن سنة وسنتين فأركبهما الولي فيجب على عاقلته دية كل منهما ، قال البلقيني : وينبغي أن يضاف إلى ما ذكره الإمام أن لا ينسب الولي إلى تقصيره في ترك من يكون معهما ممن جرت العادة بإرساله معهما . قال : والمراد بالولي هنا ولي الحضانة الذكر لا ولي المال وذلك ظاهر من قول الشافعي رضي الله تعالى عنه وبسط ذلك . ثم قال ولم أر من تعرض له وقال الزركشي في التكملة : يشبه أنه من له ولاية التأديب من أب وغيره خاص وغيره . وقال في الخادم ظاهر كلامهم والي المال . ا هـ . والأوجه كلام البلقيني ( ولو أركبهما أجنبي ) بغير إذن الولي ولو لمصلحتهما ( ضمنهما ودابتيهما ) لتعديه بإركابهما وحكى ابن المنذر فيه الإجماع .

( تنبيه ) شمل إطلاقه تضمين الأجنبي ما لو تعمد الصبيان الاصطدام وهو كذلك وإن قال في الوسيط يحتمل إحالة الهلاك عليهما بناء على أن عمدهما عمد ، واستحسنه الشيخان لأن هذه المباشرة ضعيفة فلا يعول عليها كما قاله شيخي ، وقوله : ضمنهما ودابتيهما ليس على إطلاقه ، بل الضمان الأول على عاقلته والثاني عليه ، وقضية كلام الجمهور إن ضمان المركب بذلك ثابت ، وإن كان الصبيان ممن يضبطان الركوب وهو كذلك وإن كان قضية نص الأم أنهما إن كانا كذلك فهما كما لو ركبا بأنفسهما وجزم به البلقيني أخذا من النص المشار إليه ، وإن وقع الصبي فمات ضمنه المركب كما قاله الشيخان وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 41)

إركابه لغرض من فروسية ونحوها أو لا ، وهو كذلك في الأجنبي ، بخلاف الولي فإنه إذا أركبه لهذا الغرض وكان ممن يستمسك على الدابة فإنه لا يضمنه ، وقول المتولي لا فرق بين الولي والأجنبي خصه ابن الرفعة في الأجنبي على ما إذا أركب بإذن معتبر . أو اصطدم ( حاملان وأسقطتا ) بأن ألقتا جنينيهما وماتتا ( فالدية كما سبق ) من وجوب نصفها على عاقلة كل منهما وإهدار النصف الآخر ، لأن الهلاك منسوب إلى فعلهما ( وعلى ) أي ويجب في تركة ( كل ) من الحاملين ( أربع كفارات على الصحيح ) بناء على الصحيح أن الكفارة تجب على قاتل نفسه وأنها لا تتجزأ فيجب كفارة لنفسها ، وثانية لجنينها ، وثالثة لصاحبتها ، ورابعة لجنينها لأنهما اشتركا في إهلاك أربعة أنفس . والثاني تجب كفارتان بناء على عدم الوجوب وعلى التجزي ( و ) يجب ( على عاقلة كل ) منهما ( نصف غرتي جنينيهما ) نصف غرة لجنينها ونصف غرة لجنين الأخرى ، لأن الحامل إذا جنت على نفسها فألقت جنينا وجبت الغرة على عاقلتها كما لو جنت على حامل أخرى ولا يهدر من الغرة شيء بخلاف الدية فإنه يجب نصفها ويهدر نصفها كما مر ، لأن الجنين أجنبي عنهما بخلاف أنفسهما .

( تنبيه ) كلامه قد يوهم وجوب رقيق واحد نصفه لهذا ونصفه لذلك وعبارة ابن يونس له أن يسلم نصف رقيق عن واحد ونصف رقيق عن الآخر ، وعلى هذا فكان الأولى للمنصف أن يقول نصف غرة لهذه ونصف غرة للأخرى ( أو ) اصطدم ( عبدان ) وماتا ( فهدر ) سواء ماتا معا بهذا الاصطدام أم أحدهما بعد الآخر قبل إمكان بيعه وسواء اتفقت قيمتهما أم اختلفت ، لأن جناية العبد تتعلق برقبته وقد فاتت .

( أو ) اصطدم سفينتان وغرقتا ( فكدابتين ) اصطدمتا وماتتا في حكمهما السابق ( والملاحان ) فيهما تثنية ملاح ، وهو النوتي صاحب السفينة سمي بذلك لإجرائه السفينة على الماء المالح حكمهما ( كراكبين ) ماتا باصطدام

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 42)

في حكمهما السابق ( وإن كانتا ) أي السفينتان وما فيهما ( لهما ) فيهدر نصف قيمة كل سفينة ونصف بدل ما فيها ، فإن ماتا بذلك لزم كلا منهما كفارتان كما سبق ولزم عاقلة كل منهما نصف دية الآخر .

( تنبيه ) يستثنى من كون الملاحين كالراكبين ما إذا قصد الملاحان الاصطدام بما يعده أهل الخبرة مهلكا مغرقا فإنه يجب نصف دية كل منهما في تركة الآخر ، بخلاف المصطدمين فإنها على العاقلة ، ولو مات أحدهما بما صدر من المتعمد دون الآخر وجب القصاص على الحي بناء على إيجاب القصاص على شريك جارح نفسه ولو كان في السفينة من يقتلان به فعليهما القصاص إذا مات بذلك ، فلو تعدد الغرقى قتل بواحد ووجب في مال كل واحد نصف ديات الباقين وضمان الكفارات بعدد من أهلكا ، وإن كان الاصطدام لا يعد مهلكا غالبا وقد يهلك فشبه عمد فتجب الدية مغلظة على العاقلة ولو كان الملاحان صبيين وأقامهما الولي أو أجنبي فالظاهر كما قال الزركشي إنه لا يتعلق به ضمان لأن الوضع في السفينة ليس بشرط لأن العمد من الصبيين هنا هو المهلك ( فإن ) كانت السفينتان لهما ( وكان فيهما مال أجنبي لزم كلا ) منهما ( نصف ضمانه ) سواء أكان المال في يد مالكه وهو السفينة أم لا لتعديهما ويتخير الأجنبي بين أخذ جميع بدل ماله من أحد الملاحين ثم هو يرجع على الآخر . وبين أن يأخذ نصفه منه ونصفه من الآخر فإن كان الملاحان رقيقين تعلق الضمان برقبتيهما ( وإن كانتا لأجنبي ) والملاحان فيهما أمينين أو أجيرين للمالك ( لزم كلا نصف قيمتهما ) لأن مال الأجنبي لا يهدر منه شيء ، ويتخير كل من المالكين بين أن يأخذ جميع قيمة سفينته من ملاحه ثم يرجع هو بنصفهما على الملاح الآخر . أو يأخذ نصفهما منه ونصفهما من الملاح الآخر ، فلو كان الملاحان رقيقين تعلق الضمان برقبتيهما .

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 43)

( تنبيه ) محل هذا التفصيل إذا كان الاصطدام بفعلهما أو لم يكن وقصرا في الضبط أو سيرا في ريح شديدة فإن حصل الاصطدام بغلبة الريح فلا ضمان على الأظهر بخلاف غلبة الدابة فإن الضبط ثم ممكن باللجام ونحوه فالقول قولهما بيمينهما عند التنازع في أنهما غلبا ؛ لأن الأصل براءة ذمتهما وإن تعمد أحدهما أو فرط دون الآخر فلكل حكمه وإن كانت إحداهما مربوطة فالضمان على مجري السائرة .

وفي المغني لابن قدامة ص 89 من ج 4 .رحمه الله :

( مسألة ) قال ( وإذا اصطدم الفارسان فماتت الدابتان ضمن كل واحد منهما قيمة دابة الآخر ) وجملته : أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر من نفس أو دابة أو مال سواء كانت الدابتان فرسين أو بغلين أو حمارين أو جملين أو كان أحدهما فرسا والآخر غيره سواء كانا مقبلين أو مدبرين ، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق .

وقال مالك والشافعي : على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر لأن التلف حصل بفعلهما فكان الضمان منقسما عليهما كما لو جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منهما ولنا أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه وإنما هو قربها إلى محل الجناية فلزم الآخر ضمانها كما لو كانت واقفة بخلاف الجراحة . إذا ثبت هذا فإن قيمة الدابتين إن تساوتا تقاصا وسقطتا وإن كانت إحداهما أكثر من الأخرى فلصاحبها الزيادة وإن ماتت إحدى الدابتين فعلى الآخر قيمتها وإن نقصت فعليه نقصها .

( فصل ) فإن كان أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني فصدمه فماتت الدابتان أو إحداهما فالضمان على اللاحق لأنه الصادم والآخر مصدوم فهو بمنزلة الواقف .


(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 44)

( مسألة ) قال ( وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا فعلى السائر قيمة دابة الواقف ) نص أحمد على هذا لأن السائر هو الصادم المتلف فكان الضمان عليه وإن مات هو أو دابته فهو هدر لأنه أتلف نفسه ودابته وإن انحرف الواقف فصادفت الصدمة انحرافه فهما كالسائرين لأن التلف حصل من فعلهما وإن كان الواقف متعديا بوقوفه مثل أن يقف في طريق ضيق فالضمان عليه دون السائر لأن التلف حصل بتعديه فكان الضمان عليه كما لو وضع حجرا في الطريق أو جلس في طريق ضيق فعثر به إنسان .

( مسألة ) قال ( وإن تصادم نفسان يمشيان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر ) روي هذا عن علي - رضي الله عنه - والخلاف فيها في الضمان كما الخلاف فيما إذا اصطدم الفارسان إلا أنه لا تقاص هاهنا في الضمان لأنه على غير من له الحق لكون الضمان على عاقلة كل واحد منهما . وإن اتفق أن يكون الضمان على من له الحق مثل أن تكون العاقلة هي الوارثة أو يكون الضمان على المتصادمين تقاصا ولا يجب القصاص سواء كان تصادمهما عمدا أو خطأ لأن الصدمة لا تقتل غالبا فالقتل الحاصل بها مع العمد عمد الخطأ ولا فرق بين البصيرين والأعميين والبصير والأعمى فإن كانتا امرأتين حاملتين فهما كالرجلين فإن أسقطت كل واحد منهما جنينا فعلى كل واحدة نصف ضمان جنينها ونصف ضمان جنين صاحبتها لأنهما اشتركتا في قتله وعلى كل واحد منهما عتق ثلاث رقاب واحدة لقتل صاحبتها واثنتان لمشاركتهما في الجنين وإن أسقطت إحداهما دون الأخرى اشتركتا في ضمانه وعلى كل واحدة عتق رقبتين .

وإن أسقطتا معا ولم تمت المرأتان ففي مال كل واحدة ضمان نصف الجنين بغرة إذا سقطا ميتين وعتق رقبتين وإن اصطدم راكب وماش

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 45)

فهو كما لو كانا ماشيين وإن اصطدم راكبان فماتا فهو كما لو كانا ماشيين .

( فصل ) وإن اصطدم عبدان فماتا هدرت قيمتهما لأن قيمة كل واحد منهما تعلقت برقبة الآخر فسقطت بتلفه وإن مات أحدهما تعلقت قيمته برقبة الحي فإن هلك قبل استيفاء القيمة سقطت لفوات محلها وإن تصادم حر وعبد فماتا تعلقت دية الحر برقبة العبد ثم انتقلت إلى قيمة العبد ووجبت قيمة العبد في تركة الحر فيتقاصان فإن كانت دية الحر أكثر من قيمة العبد سقطت الزيادة لأنها لا متعلق لها وإن كانت قيمة العبد أكثر أخذ الفضل من تركة الجاني وفي مال الحر عتق رقبة ولا شيء على العبد لأن تكفيره بالصوم فيفوت بفواته وإن مات العبد وحده فقيمته في ذمة الحر لأن العاقلة لا تحمل العبد ، وإن مات الحر وحده تعلق ديته برقبة العبد وعليه صيام شهرين متتابعين وإن مات العبد قبل استيفاء الدية سقطت وإن قتله أجنبي فعليه قيمته ويتحول ما كان متعلقا برقبته إلى قيمته لأنها بدله وقائمة مقامه وتستوفى ممن وجبت عليه .

( مسألة ) قال ( وإذا وقعت السفينة المنحدرة على الصاعدة فغرقتا فعلى المنحدرة قيمة السفينة الصاعدة أو أرش ما نقصت إن أخرجت إلا أن يكون قيم المنحدرة غلبته الريح فلم يقدر على ضبطها ) . وجملته أن السفينتين إذا اصطدمتا لم تخلوا من حالين : أحدهما : أن تكونا متساويتين كاللتين في بحر أو ماء واقف ، أو كانت إحداهما منحدرة والأخرى صاعدة فنبدأ بما إذا كانت إحداهما منحدرة والأخرى صاعدة لأنها مسألة الكتاب ولا يخلوان من حالين :

أحدهما : أن يكون القيم بها مفرطا بأن يكون قادرا على ضبطها أو ردها عن الأخرى فلم يفعل أو أمكنه أن يعدلها إلى ناحية أخرى فلم يفعل أو لم يكمل آلتها من الحبال والرجال وغيرهما فعلى المنحدر ضمان الصاعدة لأنها تنحط عليها من علو فيكون ذلك سببا لغرقها فتنزل

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 46)

المنحدرة بمنزلة السائر والصاعدة بمنزلة الواقف وإن غرقتا جميعا فلا شيء على المصعد ، وعلى المنحدر قيمة المصعد أو أرش ما نقصت إن لم تتلف كلها إلا أن يكون التفريط من المصعد بأن يمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادر ولا مفرط فيكون الضمان على المصعد لأنه المفرط وإن لم يكن من واحد منهما تفريط لكن هاجت ريح أو كان الماء شديد الجرية فلم يمكنه ضبطها فلا ضمان عليه لأنه لا يدخل في وسعه ضبطها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

الحال الثاني : أن يكونا متساويتين فإن كان القيمان مفرطين ضمن كل واحد منهما سفينة الآخر بما فيها من نفس ومال كما قلنا في الفارسين يصطدمان ، وإن لم يكونا مفرطين فلا ضمان عليهما وللشافعي في حال عدم التفريط قولان : أحدهما : عليهما الضمان لأنهما في أيديهما فلزمهما الضمان كما لو اصطدم الفارسان لغلبة الفرسين لهما . ولنا أن الملاحين لا يسيران السفينتين بفعلهما ولا يمكنهما ضبطهما في الغالب ولا الاحتراز من ذلك فأشبه ما لو نزلت صاعقة أحرقت السفينة ويخالفان الفرسين فإنه ممكن ضبطهما والاحتراز من طردهما وإن كان أحدهما مفرطا وحده فعليه الضمان وحده فإن اختلفا في تفريط القيم فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم التفريط وهو أمين فهو كالمودع وعند الشافعي أنهما إن كانا مفرطين فعلى كل واحد من القيمين ضمان نصف سفينته ونصف سفينة صاحبه كقوله في اصطدام الفارسين على ما مضى .

( فصل ) فإن كان القيمان مالكين للسفينتين بما فيهما تقاصا وأخذ ذو الفضل فضله وإن كانا أجيرين ضمنا ولا تقاص هاهنا لأن من يجب به غير من يجب عليه وإن كان في السفينتين أحرار فهلكوا وكانا قد تعمدا المصادمة وذلك مما يقتل غالبا فعليهما القصاص وإن كانوا عبيدا فلا ضمان على القيمين إذا كان حرين وإن لم يتعمدا المصادمة أو كان ذلك

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 47)

مما لا يقتل غالبا وجبت دية الأحرار على عاقلة القيمين وقيمة العبيد في أموالهما وإن كان القيمان عبدين تعلق الضمان برقبتيهما فإن تلفا جميعا سقط الضمان وأما مع عدم التفريط فلا ضمان على أحد وإن كان في السفينتين ودائع ومضاربات لم تضمن لأن الأمين لا يضمن ما لم يوجد منه تفريط أو عدوان وإن كانت السفينتان بأجرة فهما أمانة أيضا لا ضمان فيهما وإن كان فيهما مال يحملانه بأجرة إلى بلد آخر فلا ضمان لأن الهلاك بأمر غير مستطاع .

( فصل ) وإن كانت إحدى السفينتين قائمة والأخرى سائرة فلا ضمان على الواقفة وعلى السائرة ضمان الواقفة إن كان مفرطا ولا ضمان عليه إن لم يفرط على ما قدمنا . ا هـ .

وذكر أبو الفرج في شرحه الكبير للمقنع نحو ما تقدم .

وفي الفروع لابن مفلح ص 6 ـ 8 من ج 6 .رحمه الله :

وإن اصطدم راجلان أو راكبان أو ماش وراكب - قال في الروضة: بصيران أو ضريران أو أحدهما - فماتا أو دابتاهما ضمن كل واحد متلف الآخر ، وقيل : نصفه ، وقدم في الرعاية وإن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط لم يضمن وجزم به في الترغيب وإن اصطدما عمدا ويقتل غالبا فهدر ، والأشبه عمد ، وما تلف للسائر منهما لا يضمنه واقف وقاعد ، في المنصوص وقيل : بلى مع ضيق الطرق ، وفي ضمان سائر ما أتلف لواقف وقاعد في طريق ضيق وجهان : وإن اصطدم قنان ماشيان فهدر ، لا حر وقن فقيمة قن . وقيل : نصفها في تركة حر ، ودية حر ويتوجه الوجه أو نصفها في تلك القيمة ، وإن اصطدمت سفينتان فغرقتا ضمن كل واحد متلف الآخر وفي المغني : إن فرطا وقاله في المنتخب وأنه ظاهر كلامه ولا يضمن المصعد منهما بل المنحدر إن لم يغلبه ريح نص عليه . وفي

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 48)

الواضح وجه لا يضمن منحدر . وفي الترغيب السفينة كدابة والملاح كراكب ويصدق ملاح في إن تلف مال بغلبة ريح ولو تعمد الصدم فشريكان في إتلاف كل منهما ومن فيهما فإن قتل غالبا فالقود والأشبه عمد ولا يسقط فعل المصادم في حق نفسه مع عمد ولو خرقها عمدا أو شبه عمد أو خطأ عمل على ذلك ، وهل يضمن من ألقى عدلا مملوءا بسفينة ما فيها أو نصفه أو بحصته ؟ يحتمل أوجها وإن أركب صبيين غير وليهما فاصطدما ضمن وفي الترغيب : تضمن عاقلته ديتهما وإن ركباها فكبالغين مخطئين وكذا إن أركبهما ولي لمصلحة قال ابن عقيل ويثبتان بأنفسهما . وفي الترغيب : إن صلحا للمركوب وأركبهما ما يصلح لركوب مثلهما وإلا ضمن ويضمن كبير صدم الصغير وإن مات الكبير ضمنه من أركب الصغير نقل حرب : إن حمل رجل صبيا على دابة فسقط ضمنه إلا أن يأمره أهله بحمله . ا هـ .

وفي الإنصاف على المقنع ص 35 ج 10 .:

قوله : ( وإن اصطدم نفسان ) قال في الروضة بصيران أو ضريران أو أحدهما ، قلت وكذا قال المصنف والشارح ( فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر ) هذا المذهب جزم به الخرقي والمحرر والمفتي والشرح والزركشي والنظم والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع وقيل يجب على عاقلة كل منهما نصف الدية وهو تخريج لبعضهم .

( تنبيه ) ظاهر كلام المصنف أنه سواء كان تصادمهما عمدا أو خطأ وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقيل إذا كان عمدا يضمنان دون عاقلتهما وقال في الرعاية وهو أظهر ( قوله : وإن كانا راكبين فماتت الدابتان فعلى كل واحد منهما قيمة دابة الآخر ) وهذا

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 49)

المذهب جزم به في المغني والشرح الكبير والمحرر وغيرهم وقدمه في الفروع وغيره وقيل على كل واحد منهما نصف قيمة دابة الآخر وقدم في الرعايتين إن غلبت الدابة راكبها بلا تفريط لم يضمن وجزم به في الترغيب والوجيز والحاوي الصغير . قوله ( وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا فعلى السائر ضمان الواقف ودابته إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان عليه . وعليه ضمان ما تلف به ) ذكر المصنف هنا مسألتين إحداهما : ما يتلف السائر إذا كان الآخر واقفا أو قاعدا فقطع بضمان الواقف ودابته على السائر إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا فلا ضمان عليه وهو أحد الوجهين وهو المذهب منهما ، ونص عليه وجزم به في المغني والشرح والوجيز وهو ظاهر ما جزم به في الرعاية والحاوي وقيل يضمنه السائر سواء كان الواقف في طريق ضيق أو واسع وقدمه في المحرر والنظم والزركشي وهو ظاهر كلام الخرقي وأطلقهما في الفروع .

المسألة الثانية : ما يتلفه الواقف أو القاعد للسائر في الطريق الضيق فجزم المصنف هنا أنه يضمنه وجزم به في الشرح وشرح ابن منجا واختاره المصنف والصحيح من المذهب أنه لا يضمن نص عليه وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وأما ما يتلف للسائر إذا كان الطريق واسعا فلا ضمان على الواقف والقاعد على الصحيح من المذهب وقطع به كثير منهم وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي والفروع وغيرهم وقيل يضمنه ، ذكره الزركشي وغيره .

تنبيهان : أحدهما : قوله ( فعلى السائر ودابته ضمان الواقف يكون على عاقلة السائر وضمان دابة الواقف يكون على نفس السائر صرح به الأصحاب فظاهر كلام المصنف غير مراد .


(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 50)

الثاني : قوله : ( إلا أن يكون في طريق ضيق قاعدا أو واقفا ) قال ابن منجا : لا بد أن يلحظ أن الطريق الضيق غير مملوك للواقف أو القاعد ؛ لأنه إذا كان مملوكا لم يكن متعديا بوقوفه فيه ، بل السائر هو المتعدي بسلوكه ملك غيره بغير إذنه . انتهى .

قال أبو محمد ابن حزم ص 502 ، 503 ، 504 من المحلى لابن حزم ، طبع منير .رحمه الله ابن حزم ، المحلى ، ج 12 ص ( 283 ـ 286 ) مكتبة الجمهورية العربية \ 1391 هـ .:

وأما المصطدمان راجلين أو على دابتين أو السفينتين يصطدمان ، فروي عن الشعبي في السفينتين يصطدمان : لا ضمان في شيء من ذلك . وقال الشافعي : لا يجوز فيه إلا أحد قولين : إما أنه يضمن مدير السفينة نصف ما أصابت سفينته لغيره ، أو أنه لا يضمن البتة إلا أن يكون قادرا على صرفها بنفسه أو بمن يطيعه فلا يفعل فيضمن . والقول قوله مع يمينه أنه ما قدر على صرفها وضمان الأموال إذا ضمن في ذمته وضمان النفوس على عاقلته ، قال أبو محمد : : وقال بعض أصحابنا : : إذا اصطدمت السفينتان بغير قصد من ركابهما لكن بغلبة أو غفلة فلا ضمان في ذلك أصلا ، فإن حملا سفينتيها على التصادم فهلكتا ضمن كل واحد نصف قيمة السفينة الأخرى لأنها هلكت من فعلها ومن فعل ركابها ، وأما الفارسان يصطدمان فإن أبا حنيفة ومالكا والأوزاعي والحسن بن حيي قالوا : إن ماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر كاملة . وقال عثمان البتي وزفر والشافعي : على كل واحد منهما نصف دية صاحبه . وقال بعض أصحابنا بمثل قول الشافعي في ذلك ، وكذلك أوجبوا إن هلكت الدابتان أو إحداهما فنصف قيمتها أيضا ، وكذلك لو رموا بالمنجنيق فعاد الحجر على أحدهم فمات فإن الدية على عواقلهم وتسقط منها حصة المقتول ؛ لأنه مات من فعله وفعل غيره قالوا : فلو صدم أحدهما فقط فمات المصدوم فديته

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 51)

على عاقلة الصادم إن كان خطأ ، وفي مال القاتل إن قتلت في العمد .

قال أبو محمد : والقول في ذلك ، وبالله تعالى التوفيق ، أن السفينتين إذا اصطدمتا بغلبة ريح أو غفلة فلا شيء في ذلك ؛ لأنه لم يكن من الركبان في ذلك عمل أصلا ولم يكسبوا على أنفسهم شيئا وأموالهم وأموال عواقلهم محرمة إلا بنص أو إجماع ، فإن كانوا تصادموا وحملوا وكل أهل سفينة غير عارفة بمكان الأخرى لكن في ظلمة لم يروا شيئا فهذه جناية والأموال مضمونة ؛ لأنهم تولوا إفسادها وقال تعالى ::: :

سورة الشورى الآية 40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا .

وأما الأنفس فعلى عواقلهم كلهم ؛ لأنه قتل خطأ ، وإن كانوا تعمدوا فالأموال مضمونة كما ذكرنا ، وعلى من سلم منهم القود أو الدية كاملة ، والقول في الفارسين أو الرجلين يصطدمان كذلك ، وكذلك أيضا الرماة بالمنجنيق تقسم الدية عليه وعليهم ، وتؤدي عاقلته وعاقلتهم ديته سواء ، برهان ذلك : أنه في الخطأ قاتل نفسه مع من قتلها ، وقد ذكرنا قبل أن في قاتل نفسه الدية بنص قول الله تعالى في قاتل الخطأ ، فعم تعالى كل مقتول ولم يخص خطأ وما كان ربك نسيا .

قال أبو محمد : ثم نرجع إلى مسألتنا فنقول : أما قولهم في المصطدمين أن الميت مات منهما من فعل نفسه ومن فعل غيره فهو خطأ ، والفعل إنما هو مباشرته الفاعل وما يفعله فيه ، وهو لم يباشره بصدمة غيره في نفسه شيئا ولا يختلفون فيمن دفع ظالما إلى ظالم آخر ليقاتله فقتل أحدهما الآخر أن على القاتل منهما القود أو الدية ، كلها إن فات القود ببعض العوارض وهو قد تسبب في موت نفسه بابتداء القتال كما تسبب في موت نفسه بالصدم ، ولا فرق ، وهذا تناقض منهم .

قال أبو محمد : وكذلك القول في المتصارعين ، ولا فرق ، وما أباح الله

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 52)

تعالى في اللعب شيئا حظره في الجد ، وأما من سقط من علو على إنسان فماتا جميعا أو مات الواقع أو الموقوع عليه ، فإن الواقع هو المباشر لإتلاف الموقوع عليه بلا شك وبالمشاهدة ؛ لأن الوقعة قتلت الموقوع عليه ولم يعمل الموقوع عليه شيئا ، فدية الموقوع عليه إن هلك على عاقلة الواقع إن لم يتعمد الوقوع عليه ؛ لأنه قاتل خطأ ، فإن تعمد فالقود واقع عليه إن سلم أو الدية ، وكذلك الدية في ماله إن مات الموقوع عليه قبله ، فإن ماتا معا أو مات الواقع قبل فلا شيء في ذلك لما ذكرنا من أن الدية إنما تجب بموت المقتول المجني عليه لا قبل ذلك ، فإذا مات في حياة قاتله فقد وجبت الدية أو القود في مال القاتل ، وإذا مات مع قاتله أو بعد قاتله فلم يجب له بعد شيء لا قود ولا دية في حياة القاتل ، فإذا مات فالقاتل غير موجود والمال قد صار للورثة ، وهذا لا حق له عندهم وليس هكذا قتل الخطأ ؛ لأن الدية لا تجب في مال الجاني وإنما تجب على عاقلته فسواء مات القاتل قبل المقتول أو معه أو بعده لا يسقط بذلك وجوب الدية إما على العاقلة إن علمت وإما في كل مال المسلمين كما جاء في سهم الغارمين ، وبالله تعالى التوفيق ، ولا شيء لوارث الواقع إن مات في جميع هذه الوجوه لا دية ولا غيرها ؛ لأنه لم يجن أحد عليه شيئا ، وسواء وقع على سكين بيد الموقوع عليه أو على رمح أو غير ذلك لا شيء في ذلك أصلا ؛ لأنه إن عمد فهو قاتل نفسه عمدا ولا شيء في ذلك بلا خلاف ، وإن كان لم يعمد فلم يباشر في نفسه جناية وإنما هو قتيل حجر أو حديدة أو نحو ذلك ، وما كان هكذا فلا شيء في ذلك كله .

وبالله تعالى التوفيق .

مما تقدم تتبين أحكام حوادث آلات النقل والمواصلات في نظر فقهاء الإسلام السابقين بالنسبة لما كان مستعملا منها في زمنهم كالسفن والدواب وأحكام حوادث المصارعة والتجاذب وما إليهما مع اختلاف

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 53)

وجهة نظرهم في بعض المسائل ، ولا يزال الكثير من هذه الآلات والوسائل وأحداثها قائما ، وجد إلى جانبها وسائل أخرى للنقل والمواصلات كالسيارات والطيارات والدبابات والدراجات ، ولا غنى للناس عن استعمالها بل صارت من ضرورات الحياة ، ولذا كثر استعمال الناس لها في تحقيق مصالحهم وقضاء حاجاتهم ، ونشأ عن ذلك كثير من الحوادث فوجب على علماء هذا العصر أن يتبينوا حكمها على ضوء الأصول الشرعية وما سبق من النظائر التي حكم فيها أئمة الفقه الإسلامي باجتهادهم ، وذلك بتخريج حوادث الوسائل الجديدة على نظائرها من حوادث الوسائل القديمة ليعرف الحكم فيها بتحقيق المناط وتطبيق القواعد الشرعية عليها ، كما فعل المجتهدون السابقون في بناء الأحكام على أصولها واستنباطها منها وتخريجها على نظائرها ، وعلى هذا يمكن أن يقال :

أولا : إن تصادمت سيارتان وكان ذلك من السائقين عمدا فإن ماتا فلا قصاص لفوات المحل وتجب دية كل منهما ودية من هلك معه من النفوس وما تلف معه من السيارة والمتاع في مال صاحبه بناء على عدم اعتبار اعتدائه وفعله في نفسه ومن هلك معه ، واعتبار ذلك بالنسبة لصاحبه ومن هلك أو تلف معه ، أو يجب نصف دية كل منهما ونصف دية من هلك معه ونصف قيمة ما تلف معه في مال صاحبه ، بناء على اعتبار اعتدائه وفعله في حق نفسه وحق صاحبه ، وإن مات أحدهما دون الآخر اقتص منه لمن مات بالصدمة ؛ لأنها مما يغلب على الظن القتل به ، وإن كان التصادم منهما خطأ وجبت الدية أو نصفها لكل منهما ولمن مات معه على عاقلة صاحبه ، وتجب قيمة ما تلف من سيارة كل منهما أو متاعه أو نصفها في مال صاحبه بناء على ما تقدم من الاعتبارين ، وإن كان أحدهما عامدا والآخر مخطئا فلكل حكمه

(الجزء رقم : 26، الصفحة رقم: 54)

على ما تقدم ، ومن كان منهما مغلوبا على أمره فلا ضمان عليه إلا إذا كان ذلك بسبب تفريط منه سابق .

ثانيا : إذا صدمت سيارة سائرة سيارة واقفة في ملك صاحبها أو خارج طريق السيارات أو على جانب طريق واسع ، ضمن سائق السائرة ما تلف في الواقفة من نفس ومال بصدمته ؛ لأنه المتعدي فإن انحرفت الواقفة فصادف ذلك الصدمة فالضمان بينهما على ما تقدم في تصادم سيارتين ، وإن كانت واقفة في طريق ضيق غير مملوك لصاحبها فالضمان على صاحب الواقفة ، لتعديه بوقوفه ، ويحتمل أن يكون الضمان بينهما لتفريط كل منهما وتعديه .

وإن صدمت سيارة نازلة من عقبة مثلا سيارة صاعدة فالضمان على سائق المنحدرة إلا إذا كان مغلوبا على أمره فلا ضمان عليه ، أو كان سائق الصاعدة يمكنه العدول عن طريق النازلة فلم يفعل فالضمان بينهما ، وإن أدركت سيارة سيارة أمامها فصدمتها ضمن سائق اللاحقة ما تلف من النفوس والأموال في سيارته والسيارة المصدومة ؛ لأنه متعد بصدمه لما أمامه والأمامية بمنزلة الواقفة بطريق واسع إلا إذا حصل من سائق الأمامية فعل يعتبر سببا أيضا في الحادث ، كأن يوقف سيارته فجأة أو يرجع بها إلى الخلف أو ينحرف بها إلى ممر اللاحقة ليعترض طريقها ، فالضمان بينهما على ما تقدم من الخلاف في حكم تصادم سيارتين .

ثالثا : وإذا وقف سائق سيارة بسيارته أمام إشارة المرور مثلا ينتظر فتح الطريق فصدمت سيارة مؤخر سيارته صدمة دفعتها إلى الأمام فصدمت بعض المشاة مثلا فمات أو أصيب بكسور ضمن من صدمت سيارته مؤخر السيارة الأخرى كل ما تلف من نفس ومال ؛ لأنه متعد بصدمه والسيارة الأمامية بمنزلة الآلة بالنسبة للخلفية فلا ضمان على سائقها لعدم تعديه .

الحقوق المترتبة علي الملكية العقارية وطرق إثباتها

تطرق المستشار ممدوح راغب عبد الظاهر وكيل قطاع الشهر العقاري والتوثيق بوزارة العدل في الورقة التي قدمها للمؤتمر إلى أنواع الملكية في القانون المصري والنصوص المتعلقة بحق الملكية كما ورد بالدستور وتعريف حق الملكية الذي يعطي لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعمال واستغلال التصرف فيه.

وتناول عبد الظاهر أسباب كسب الملكية وهي الوقائع القانونية المؤدية لذلك سواء كانت طبيعية أو أفعالا أو تصرفات قانونية ثم صور الملكية الخاصة أو العامة أو الملكية الشائعة وملكية الطبقات أو الشقق.

وبالنسبة للحقوق والدعاوى العقارية فقد رأي وكيل قطاع الشهر العقاري انه تأتي علي رأسها الحقوق العينية الأصلية التي تقع علي عقار والعقار الذي تقع عليه الحقوق العينية الأصلية قد يكون عقارا بطبيعته كما هو الغالب، وقد يكون عقاراً بالتخصيص.

وأول الحقوق العينية الأصلية هو حق الملكية ثم تأتي الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية وهذه تكون أيضا حقوقا عقارية إذا وقعت علي عقار وهذه حقوق الارتفاق وحق السكني وحق الحكر ومنه ما يقع علي عقار كان حقا عقاريا وهذه هي حق الانتفاع وحق الاستعمال وما وقع منهما علي عقار يكون حقا عقاريا.

كذلك يعتبر حقا عقاريا كل حق عيني تبعي يقع علي عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص ومن هذه الحقوق أيضا ما لا يقع إلا علي عقار فيكون حتميا عقاريا، وهذان هما حق الرهن الرسمي، وحق الاختصاص ومنها ما يقع علي عقار أو يقع علي منقول فإذا وقع علي عقار كان حقا عقاريا وهذه هي حق رهن الحيازة وحقوق الامتياز.

وتعتبر الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية الواقعة علي عقار دعاوى عقارية.


الحقوق المتفرعة عن حق الملكية:

الحقوق العينية الأصلية:

حق الانتفاع: نجد أن حق الاستعمال وحق السكني نوعا من حق الانتفاع وهو حق عيني يخول لشخص معين الخصوص علي منفعة شيء أو حق للغير، ويكون للمنتفع تتبع الشيء في اي يد يكون لاقتضاء حقه منه وباعتبار المنتفع صاحب حق علي منفعة الشيء فإنه يكون له استعماله كما يكون له استثماره المواد من 985 - 998.

حق الحكر: الحكر حق عيني يقوم علي ارض في حاجة إلى الإصلاح ويخول صاحبه وهو المحتكر الانتفاع بهذه الأرض نظير القيام بتعميرها بالبناء عليها أو بالغراس فيها بالإضافة إلى دفع أجرة المثل.

وهذا الحق مستمد من الشريعة الإسلامية وهو فيها يرد علي الاراضي المملوكة الموقوفة علي حد سواء.

وقد قصر القانون المدني الحكر علي الاراضي الموقوفة ونصت علي ذلك المادة 1012 مدني بقولها «لا يجوز ترتيب حق حكر علي ارض غير موقوفة».

وحق الحكر يخول للمحتكر الانتفاع بالأرض المحكرة بطاقة اوجه الانتفاع سواء كان ذلك باستعمالها أو باستثمارها المواد «999 - 1013).

حق الارتفاق:

كما عرفه القانون المدني بالمادة 1015 حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص أخر كحق شرب أو مجري أو مسيل أو مطل أو مرور يتقرر العقار علي عقار.

فالارتفاق عبء علي عاتق العقار المرتفق به.

ويجوز أن يترتب الارتفاق علي مال عام أن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذي خصص له هذا المال . المواد من (1015 - 1029).

الحقوق العينية التبعية:

الرهن الحيازي:

وهو عقد يلتزم به شخص ضمانا لدين عليه أو علي غيره أن يسلم إلى الدائن أو إلى اجنبي يعينه المتعاقدان شيئا يترتب عليه للدائن حقا عينيا يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين وان يتقدم الدائنون العاديون والدائنون التاليون له في المرتبة في اقتضاء حقه من ثمن هذا الشيء في اي يد يكون . المواد من (1096 ـ 1129).

حقوق الامتياز:

الامتياز أولوية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفة ولا يكون للحق امتياز إلا بمقتضى نص في القانون.

وترد حقوق الامتياز العامة علي جميع أموال المدين من منقول وعقار وعلي سبيل المثال: المصروفات القضائية، الضرائب والرسوم ، المواد من 1130 - 1149.


وسائل حماية حق الملكية:

تتمثل وسائل حق الملكية في أمرين:

1) تقترن بحق الملكية دعوي تحميه وهي دعوي الاستحقاق.

2 ) لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه ولا يجوز نزع ملكيته جبرا عنه إلا بشروط.

ــ دعوي الاستحقاق: هي التي يكون محلها المطالبة بملكية الشيء ، عقار كان أو منقولا فهي أذن الدعوى التي تقوم لحماية الملكية ولا تسقط دعوي الاستحقاق بالتقادم كما قضت محكمة النقض بأن دعوي الاستحقاق التي يرفعها المالك لاسترداد ملكه من غاصبه لا تسقط بالتقادم لكون حق الملكية حقا دائما لا يسقط بعدم الاستعمال.


طرق إثبات الملكية في دعوي الاستحقاق:


1 ) الطريق الأول السجل العيني: فمهمة السجل ا ن يجعل تسجيل ملكية العقار ذا دلالة يقينية قاطعة وهو حجة علي الكافة فمتي سجل عقار فيه باسم شخص معين كان الشخص هو المالك، ما في ذلك من ريب ولكن السجل العيني لم يعم بعد في مصر.

2) الطريق الثاني التقادم المكسب الطويل أو القصير وهذا طريق أخر للإثبات ذو دلالة يقينية قاطعة في ثبوت الملكية فمتي اثبت المدعي انه حاز العقار، هو وسلفه من قبله، مدة خمس عشرة سنة تملك العقار بالتقادم وكان هذا دليلا قاطعا علي ملكيته، وهو حجة علي الكافة ما في ذلك ريب بل يستطيع المدعي حسن النية ومعه سبب صحيح أن يمتلك العقار بحيازته مدة خمس سنوات متواليات ويكون التقادم القصير في هذه الحالة دليلا قاطعا علي الملكية.

3 ) الطريق الثالث الحيازة إذا استوفت شرائطها، وبوجه خاص إذا لم تقترن بإكراه ولم تحصل خفية ولم يكن فيها لبس، فعند ذلك تكون الحيازة قرينة قانونية علي الملكية ولكنها قرينة غير قاطعة فهي دليل علي الملكية إلى أن يقوم الدليل علي العكس نص المادة 964 مدني (من كان حائزا للحق اعتبر صاحبه، حتى يقوم الدليل علي العكس).


تحول نظام الشهر العقاري في مصر إلى نظام السجل العيني:

إذا كان تنظيم الشهر العقاري قد تطور تدريجيا علي مدي اكثر من نصف قرن في مصر، فإنه يمكن القول بأن قانون تنظيم الشهر العقاري الصادر عام 1946 يعد وبحق الخطوة النهائية التي خطاها المشرع المصري في سبيل الوصول إلى نظام السجلات العينية وتمهيدا لصدور قانون السجل العيني علي انه وبالرغم من هذا التحول الجوهري نحو تطلب التسجيل لانتقال الحق العيني سواء في العلاقة بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير، وبالرغم من الإصلاحات التي قام المشرع بها، إلا أن قانون تنظيم الشهر العقاري لم يزل يتسم بطابع الشهر الشخصي.

هذا وقد أوضحت الدراسة أن نظام السجل العيني يتميز علي نظام الشهر الشخصي بأن العقار يكون هو أساس التسجيل بحيث تخصص لكل عقار صفحة في السجل العيني يقيد بها محل ما يتعلق بالعقار من بيانات وصفية وقانونية.

ويتميز نظام السجل العيني باليسر في تطبيقه وفي انه يؤدي إلى تبسيط عملية الشهر وتمكين المتعاقدين من إتمام الإجراءات بسرعة ودقة.

كما يتميز السجل العيني بالوضوح وسهولة الكشف عن بيانات الوحدة العقارية في السجل بالمقارنة بالكشف في ظل نظام الشهر الشخصي هذا ويجنب المخاطرة المرتبطة يتشابه أسماء ملاك الوحدات واهم مزايا نظام السجل العيني انه يسمح باستقرار الملكية والحقوق العينية العقارية كما انه يؤدي إلى الفصل بشكل حاسم في الخصومات.

واخيرا فإن التنظيم الدقيق للصفحات المخصصة للعقارات يسمح بتحقيق الثقة للمتعاقدين علي العقار وذلك من خلال تسهيل التعرف علي كل ما يتعلق بالعقار بيسر وسهولة كما يسمح هذا النظام أيضا بتجنب تعارض سندات الملكية ويعد حاسما في شأن التعرف علي صاحب الحق العيني العقاري مما يحجب المشكلات التي تنشأ عن وضع اليد أو عن بيع ملك الغير.

ففي هذا النظام يصبح السجل العيني المصدر الوحيد الذي يمكن من خلاله الاطلاع علي الحقوق العينية العقارية واستخراج سندات الملكية

بحث في قانون الشفعة وقانون التسجيل

على أثر صدور القانون الخاص بالتسجيل قضى بعض المحاكم بعدم قبول دعاوى الشفعة التي لم يسجل المشترون فيها عقودهم مع إلزام رافعيها بالمصاريف وحفظ الحق لهم في العودة إلى الطلب في ظرف خمسة عشر يومًا من التاريخ الذي يسجل فيه المشتري عقده، وهذا بحجة أن القانون المذكور نص على عدم انتقال الملكية حتى بالنسبة للمتعاقدين إلا بالتسجيل وهذا رأي خطأ معطل لحق الشفعة الذي أقره الشرع والقانون معًا ومخالف للمبادئ والنصوص القانونية الصريحة، ويظهر هذا للقارئ بأجلي وضوح من البيانات الآتية:
( أ ) أن البيع شيء وانتقال الملكية للمشتري شيء آخر، فالبيع هو اتفاق إرادتي البائع والمشتري أحدهما على البيع والآخر على الشراء مع توافقهما على المبيع وثمنه. وأما انتقال الملكية للمشتري فهو نتيجة للبيع الذي يتم بتوفر أركانه المذكورة أي أنه ليس منه ولا ركنًا فيه بل ولا شرط صحة، وهذا متفق عليه من العلماء أجمع فضلاً عن النص عليه صريحًا في المادتين (236) و(266) مدني حيث بينت الأولى أركان البيع ونصت الثانية على أن انتقال الملكية للمشتري إنما هو نتيجة للبيع، ومن هذا يظهر خطأ المحاكم المذكورة مجسمًا فيما ذهبت إليه من تعليق الحكم بالشفعة على انتقال الملكية للمشتري بتسجيله عقده لأن الشفعة إنما تترتب على البيع وتوجد بوجوده لا على نتيجته التي هي انتقال الملكية ولا عن الاثنين مجتمعين كما ستراه بعد، ولو فرقت بينهما طبقًا لأحكام القانون وللمبادئ المتفق عليها من علماء الدنيا وتعرفت من طريق الشرع والقانون أن حق الشفعة يوجد من حيث يوجد البيع لا من حيث يوجد التسجيل الذي هو من عمل المشتري وحده لما وقعت فيما وقعت فيه من الخطأ.
(ب) كان انتقال الملكية يحصل بالنسبة للمتعاقدين بمجرد العقد وبالنسبة للغير بالتسجيل فجاء قانون التسجيل مسويًا بين الجميع في الحكم حيث نص على عدم انتقال الملكية حتى بالنسبة للمتعاقدين إلا بالتسجيل. وهذا النص لا يفهم منه البتة أن الشارع أراد أن يزيد على أركان البيع المعروفة ركنًا آخر جديدًا لا يتم ولا يقع بدونه وهو التسجيل حتى كان يصح القول بعدم وجود حق الشفعة لعدم وجود البيع بفقدانه ركنًا من أركانه، بل الذي يفهم منه هو أن الشارع أراد تعليق انتقال الملكية للمشتري على قيامه هو بتسجيل عقده أي أنه أراد تعليق نتيجة البيع على التسجيل حثًا للمشتري على التسجيل حتى تمتنع المنازعات التي كانت تنشأ من عدم التسجيل أو نقل، ويؤيد هذا من القانون المذكور أنه لم يحدد موعدًا للتسجيل بل ترك المشتري حرًا في اختيار الوقت الذي يسجل فيه عقده، ومعنى هذا أن البيع تام وحصل من قبل التسجيل وإلا لما أباح له التسجيل في الوقت الذي يختاره أو لحتم حصول التسجيل في مجلس العقد، على أن جواز التسجيل للمشتري في أي وقت شاء معناه أن التسجيل ليس ركنًا في البيع وأن انتقال الملكية بالتسجيل شيء غير البيع، وإذًا تكون المحاكم المذكورة مخطئة في رأيها لأن الشفعة مترتبة كما تقدم على البيع لا على انتقال لملكية.
(جـ) أن تعليق حق الشفيع على تسجيل المشتري خطأ لأنه في حالة القضاء له بالشفعة يعتبر متلقيًا للعين المشفوعة عن البائع لا عن المشتري وكل ما له من الضمانات القانونية يثبت له قانونًا على البائع دون المشتري ويكون حكمه بمثابة عقد بيع مبتدأ صادر له من البائع ومتى سجل هذا الحكم انتقلت الملكية إليه سواء كان المشتري سجل عقده أو لم يسجله.
(د) أن في الأخذ برأي المحاكم المذكور تعطيلاً للشفعة لأن التسجيل موكول لمشيئة المشتري، وهذا قد لا يسجل عقده حتى تمضي المواعيد المقررة لسقوط حق الشفعة وقد لا يسجل بالمرة لثقته بالبائع واكتفاءً بوضع يده حتى تمضي الخمس سنين المنصوص عليها في المادة (76) مدني فتنتقل له الملكية من هذا الطريق بدلاً من طريق التسجيل وفي كلتا الحالتين يكون حق الشفعة قد قضى نحبه.
(هـ) وفي أحكام المحاكم المذكورة مخالفة ظاهرة لقانون الشفعة وقضاء عليها حيث حفظت الحق للشفيع في العودة إلى الطلب في ظرف خمسة عشر يومًا من تاريخ التسجيل إذا حصل، ومفهوم ذلك أنه لا شفعة إذا لم يحصل التسجيل، وهذا خطأ لأن قانون التسجيل لم يشر إلى تعديل قانون الشفعة أو تقييده يقيد التسجيل، كما أنه لم يشر إلى تعديله من جهة جعل الخمسة عشر يومًا المقررة لإبداء الرغبة وعرض الثمن مبتدأة من تاريخ التسجيل بدلاً من أن تكون مبتدأة من تاريخ العلم بالبيع كما قضت المادة (19) وفي مقدور المشتري في حالة رفع الدعوى الجديدة بعد التسجيل أن يدفع بسقوط حق الشفيع في الشفعة لمضي خمسة عشر يومًا من تاريخ العلم بالبيع ولا يحولن بينه وبين هذا الدفع حفظ الحق للشفيع في الحكم السابق من رفع دعوى جديدة لأن عبارة حفظ الحق ليست من الأحكام في شيء ولا يتقيد بها القضاء في الدعوى الجديدة، ومن الخطأ في هذه الأحكام أيضًا أنها ألزمت رافعيها بالمصاريف مع أنها مرتكزة على عدم حصول التسجيل الذي هو من عمل المشتري وكان يجب لهذا السبب إلزامه بجميع المصاريف حتى غير الرسمية.

الإطار القانوني للملكية الفكرية

حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري



تعد الحيازة وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق , ووسيلة لاكتساب الحقوق , والتي يحميها الفقه الإسلامي والقانون.
%أهمية موضوع البحث
لقد كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات المقارنة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي , ولهذه الدراسات لها أهمية بالغة في توضيح أوجه الشبه بين الشريعة والقانون , ولهذا فلقد اخترت موضوع هام لدراسته وتوضيح أحكامه سواء في الفقه الإسلامي أو في القانون المدني المصري , وهذا الموضوع هو حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري.
وكما ذكرنا من قبل فان الحيازة تعد وهي السلطة الفعلية للشخص علي شئ من الأشياء والذي يستعمله بصفته مالكا له أو صاحب حق عيني عليه , إحدى مظاهر الحق ووسيلة لاكتساب الحقوق , وتستند حماية الحيازة الي اعتبار هام يتعلق بالصالح العام , ويتمثل في ضرورة احترام الأوضاع الظاهرة والمستقرة وعدم التعرض لها , لان اعتراض حيازة الشخص بأي أمر من الأمور يؤدي الي تهديد الأمن والنظام في المجتمع , ومن هنا نشأت الحاجة الي حماية الحيازة , وبخاصة حماية حيازة العقارات, فعن طريق تلك الحماية تستقر المعاملات في المجتمع يما يؤدي الي استقرار الامن في المجتمع.
ولكن يجب أن أنبه إلى أمر هام هو أننا بمقارنتنا هذه بين الدية في الشريعة الإسلامية والتعويض عن الجرائم فى القانون الوضعى لا نساوى بين القانون الوضعى الذى تكفل بوضعه البشر وبين الشريعة الإسلامية التى تكفل بوضعها خالق البشر الله عز وجل , أو نضعهما فى منزلة واحدة , إذ كيف يستوى لعقل أن يقيس بين نفسه وبين ربه , فالشريعة الإسلامية تمتاز عن القوانين الوضعية بمميزات جوهرية منها:-
الكمال, فالشريعة الإسلامية غنية بالمبادئ والنظريات التى تكفل سد حاجات الجماعة فى الحاضر والمستقبل .
السمو, إذ أن قواعدها ومبادئها التى وضعها الله عز وجل أسمى دائما من القواعد التى وضعتها الجماعة.
الـدوام, فقواعد الشريعة الإسلامية تتميز بالدوام والثبات والاستقرار , فنصوصها لا تقبل التعديل مهما مرت الأعوام وطالت الأزمان , على العكس من القواعد التى وضعها البشر فهي دائما متغيرة ولا تصلح لكل وقت زمان.

%خطة البحـث
ينقسم البحث إلى ثلاثة فصول , الفصل الأول نتحدث فيه عن حماية الحيازة في الفقه الإسلامي , وفيه نتحدث عن تعريف الحيازة وعناصرها, ثم عن شروط الحيازة وموانعها , وأخيرا نتحدث عن حماية الحيازة في المذاهب الفقهية المختلفة , أما الباب الثانى نتحدث فيه حماية الحيازة في القانون المدني المصري , متناولين فيه المقصود بالحيازة وعناصرها , ثم وسائل حماية الحيازة في القانون المدني المصري, والباب الثالث نقارن فيه بين قواعد حماية الحيازة في الفقه الإسلامي والقانون المدني.





الفصل الأول
حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى




تعددت التعريفات التى ذكرت فى شأن الحيازة، فكل مذهب فهى يعرفها تبعاً لوجهة نظره، وفى هذا الفصل سوف نتناول تعريف الحيازة فى اللغة وتعريفها الفقهى، كما سوف نتحدث عن عناصر الحيازة، وأقوال الفقهاء فى شأنها، ثم نتبعه بدراسة الشروط الواجب توافرها لقيام الحيازة، ثم موانع الحيازة، وذلك من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول : مفهوم الحيازة وعناصرها

المبحث الثانى : شروط الحيازة وموانعها

المبحث الثالث : حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية والمختلفة






المبحث الأول

مفهوم الحيازة وعناصرها


فى هذا المبحث سوف نتحدث عن المقصود بالحيازة، فى اللغة وفى الاصطلاح وبعد ذلك نتحدث عن عنصرى الحيازة ، العنصر المادى والعنصر المعنوى وذلك من خلال المطلبين التاليين :


المطلب الأول

مفهوم الحيازة


الحيازة فى اللغة تُطلق على عدة معان كثيرة منها الضم والجمع , فمن حاز مالاً فقد جمعه وضمه إلى بقية أمواله، وتعنى أيضاً الملك، فمن حاز الشيء فقد ملكه.
وفى الاصطلاح نجد أن الفقه المالكى قد عرَّف الحيازة بأنها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
ولقد عالج جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية الحيازة أو وضع اليد فى باب الدعاوى والبيان وباب الشهادات وباب القضاء.
ويستخدم غالبية الفقه لفظ وضع اليد على مال الغير مطلقاً، ولم يذكر لفظ الحيازة إلا عند بعض المالكية، هذا ولقد انفرد الفقه المالكى بدراسة الحيازة دراسة موسعة.




المطلب الثانى


عناصر الحيازة



تتكون الحيازة من عنصرين رئيسيين، أولهما هو العنصر المادى وثانيهما هو العنصر المعنوى.
فالحيازة تحتاج لمظهر مادى يدل عليها، كأن يمنع الحائز غيره من استعمال الشيء الذى يحوزه، أو أن يقوم الحائز بتأجير الشيء الذى يحوزه إلى الغير، أو أن يقوم الحائز بأعمال الهدم أو البناء.
ويقول الحطاب " الحيازة تكون بثلاثة أشياء، أضعفها السكنى والإزدراع ويليها الهدم والبنيان، والغرس والاستغلال، ويليها التفويت بالبيع والهبة والصدقة، والعتق، والكتابة، والتدبير والوطء وما أشبه ذلك، مما لا يفعله الرجل إلا فى ماله.
ويكون الاستخدام فى الرقيق، والركوب فى الدابة، والسكنى فيما يسكن والازراع فيما يزرع، والاستغلال فى كالهدم لبنيان فى الدور، والغرس فى الأرض(، ويتضح هنا من عبارات الحطاب أنه يقيس الأعمال المادية فى حيازة المنقول على الأعمال المادية فى حيازة العقار.
وبالنسبة لهدم البناء فإنه لا يعد فعلاً من الأفعال المثبتة للحيازة إلا إذا كان ذلك الهدم للبناء له ضرورة.
ولا يكفى أن يحاز المال بل يجب أن يتصرف فيه الحائز تصرف المالك لأن التصرف فيه من خواص الملك، ولا يشترط أن يكون التصرف مستمراً فيكفى أن يكون موسمياً.
وكذلك ذكر السرخسى فى كتابه المبسوط ما يدل على السيطرة المادية على الشيء المحوز حيث قال "يزرع الأرض ويحصد الزرع ويقطع الشجر ويبنى الدار ويسكنها ويهدمها , ويبيع الشيء الذى يحوزه ويمنع غيره من التصرف فيه.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره ابن قدامه " فإن كان فى يد رجل داراً أو عقاراً يتصرف فيه تصرف الملاك بالسكنى والإعارة والإجارة والعمارة والهدم والبناء من غير منازع يجوز أن يشهد له بملكيتها.
ويستخلص من أقوال الفقهاء السابقة أن السيطرة المادية تتحقق إما بالإستحواز الفعلى من الحائز وبالتصرف فيه بأنواع التصرف المختلفة.
وتكون الحيازة أيضاً فى الفقه الإسلامى بالواسطة،كان يباشر الحيازة بواسطة خدمه.
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفى هذا الشأن فإن للفقهاء أقوالاً كثيرة منها : -
ما قاله الحطاب " وإدعاه ملكاً لنفسه بإبتياع أو صدقة أو هبة.
ويقول العلامة الدسوقى " ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة الشيء المُحاز.
ولم يذكر بعض الفقهاء هذا الركن صراحة لأنهم يرون عدم سقوط الحق بمضى المدة، لأن الظاهر يدل على أن من يتصرف فى الشيء المُحاز تصرف المالك فى الزمن الطويل أنه مالك له، لأنه يدعيه لنفسه.
أما جمهور الفقهاء فيرون أنه يشترط فى الحائز أن يدعى ملكية المال المُحاز لأن الحيازة عندهم دليل على الملك.






المبحث الثانى

شروط الحيازة وموانعها




فى هذا المبحث سوف نتحدث عن الشروط الواجب توافرها حتى يتسنى للحائز المطالبة بالشيء الذى فى حيازته، ويستند فقهاء المالكية فى تحديد شروط الحيازة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه"، ولقد وضع هذا الحديث شرطين فقط ألا وهما، شرط وضع اليد على الشيء، والشرط الثانى هو شرط المدة وهو عشر سنين وأضاف الفقهاء شروط أخرى للحيازة منها سكوت المحاز عليه، وتصرف الحائز فى هذا الشيء. وسوف نتحدث بعد ذلك عن الموانع التى من شأنها تعطيل قيام الحيازة.


المطلب الأول

شروط الحيازة


الشرط الأول : حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه .
يقصد بحضور المحاز عليه، أن يكون موجوداً بالبلد الذى يوجد به المال المحاز ولايكفى الحضور فقط، وإنما يجب أن يثبت رؤيته للحائز وهو يتصرف فى المال المحاز.
ومعنى ذلك أن يشاهد المحاز عليه الحائز يستعمل الشيء الذى يدعى هو ملكيته استعمالاً مألوفاً، أى فيما أعد له هذا الشيء وبما يناسب طبيعته، فالأرض تزرع أو ترعى، أو يغرس فيها الأشجار، والدور تسكن.
والأمر كذلك بالنسبة للمنقولات، فالدواب قد تكون للركوب أو لأعمال الزراعة.
وفى شأن ذلك يقول الحطاب " فإذا كان هذا المدعى حاضراً يراه يبنى ويهدم ويكرى فلا حجة له.
ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء يتطلبون التصرف فى الشيء، عقاراً كان أو منقولاً, لأنهم لا يفرقون فى الحيازة بين العقار والمنقول.
ويشترط فى الحيازة أن يكون المحوز عليه غير خائف من الحائز ولا بينه وبين المحوز عليه قرابة ولا مصاهرة ولا مصادقة، وهذا ما سنتحدث عنه فى موانع الحيازة.
الشرط الثانى : علم المحوز عليه بالحيازة.
يشترط الفقهاء أن يعلم المحاز عليه بحيازة الشيء المملوك له , وفى شأن ذلك تعددت أقوال الفقهاء , فيقول السرخسى "وسبب الملك هو اليد وما يعاينه كل أحد".
ويقول أبو يوسف " على معاينة الشاهد لذى اليد يتصرف فى المال تصرف المالك من غير منازعة على أن يكون مقتنعاً أنه المالك فعلاً للمال الذى فى يده.
فإذا تأكد علم المحوز عليه بحيازة ماله، وتصرف الحائز فيه تصرف المالك فيما يملك ومع ذلك لم يعترض عليه ولم يطالب بحقه، فإنه بذلك يكون متنازلاً عنه.
وفى شأن إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله فلقد اختلفت آراء الفقهاء إلى ثلاثة آراء , الرأى الأول يذهب إلى أنه يفترض أن المحوز عليه الحاضر محمول على العلم حتى يتبين خلافه، وهذا الرأى غير مأخوذ به لأنه لا يتفق مع الاتجاه السائد فى الفقه المالكى الذى يحرص أشد الحرص على حماية حقوق المحوز عليه.
والرأى الثانى يفرق بين إذا ما كان المحوز عليه وارثاً أم لا، فإن كان وارثاً فهو محمول على عدم العلم حتى يتبين خلافه، أما إن لم يكن وارثاً فهو محمول على العلم حتى يتبين خلافه.
أما الرأى الثالث وهو الرأى الذى نأخذ به، فهو يحمل الحائز تبعة إثبات علم المحوز عليه بحيازة ماله، وهذا الرأى يتفق مع ما سار عليه فقهاء المذهب المالكى من إتباع شروط مشددة فى شأن الحيازة مراعيين مصلحة المحوز عليه.
الشرط الثالث : ادعاء الحائز ملكية المال المحاز.
لكى تكون الحيازة شرعية مستوفية لشروطها، يجب على الحائز أن يدعى ملكية الذى يحوزه.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "ويبقى شرط خامس وهو أن يدعى الحائز وقت المنازعة ملك الشيء، أما إذا لم يكن له حجة إلا مجرد الحوز فلا ينفعه".
وقال الإمام الشافعى " إذا تداعى الرجلان الشيء وهو فى يد أحدهما دون الآخر فالقول لصاحب اليد بيمينه.
ويقول ابن تيمية " الأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إذا ادعى ذلك".
ومعظم فقهاء المالكية لم يتعرضوا لهذا الشرط، ولكن هذا الشرط مفهوم ضمناً لأن الأصل فى نظام الحيازة كله، عند معظم فقهاء المذهب المالكى أنها دليل الملك، وأنها تجعل المالك فى وضع متميز من حيث عدم مطالبته بإثبات ملكيته.

الشرط الرابع : استمرار الحيازة مدة معينة.
اشترط الفقهاء استمرار حيازة الشخص للمال الذى يحوزه مدة معينة مع استمرار قيام بأعمال الحيازة كالاستعمال والتصرف.
وبعد شرط المدة شرط أساسى لقيام الحيازة، وقد حددها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "من حاز شيئاً على خصمه عشر سنين فهو أحق به".
ويتضح من هذا الحديث الشريف أن مدة الحيازة هى عشر سنين، ولم يفرق الحديث بين مدة حيازة المنقول والعقار، وذلك لأن الشيء يشمل العقار والمنقول على السواء، وعلى ذلك فمدد الحيازة هى عشر سنوات بالنسبة للمنقول والعقار وعلى السواء.
إلا أن فقهاء المذهب المالكى يرون أن حيازة العشر سنوات تكون للعقار فقط دون المنقول، فتكون المدة فى حيازة المنقول أقل من عشر سنوات.
وقد حددها البعض بسنتين فى العبد والأمة، أما الثياب فيحددها البعض بمدة سنة أو سنتين أو ثلاثة بالنسبة لدواب الركوب.
وفى المذهب الإباضى تكون مدة حيازة الحيوان والعروض ثلاثة أيام فقط , وذلك بشرط أن يكون المال فى يده فعلاً، ويظهر أمام الناس أنه له ففى هذه الحالة يجوز أن يشهد الشهود بالمشهود أن هذا المال مملوك له.
كما تثبت الحيازة بالنتاج إذا ولد الحيوان عند الحائز، بعد الثلاثة أيام أما إذا ولد قبلها فيثبت حقه فيه إذا لم يعارض المحوز عليه قبل انتهاء مدة الثلاثة أيام.



المطلب الثانى

موانع الحيازة




توسع الفقه الإسلامى فى الأسباب المانعة للحيازة من إنتاج آثارها الشرعية، ويترتب على وجود إحدى موانع الحيازة بالنسبة للمحوز عليه حفظ حقه فى المطالبة به مهما طالت مدة الحيازة، ومهما توافرت شروط الحيازة الاخرى، وتتمثل تلك الموانع فى :
1- الخوف أو الإكراه :
يشترط أن تخلو حيازة الحائز من الإكراه الذى يترتب عليه بث الخوف فى نفس المحوز عليه بما يؤدى إلى منعه من المطالبة بحقه فى ملكه.
ويتحقق الإكراه بالقول أو الفعل من الحائز، على المحوز عليه بما يضطره إلى السكوت عن المطالبة بحقه، ولذلك فإن الإكراه يعتبر عنصراً إيجابياً.
وقد يتحقق الإكراه أو الخوف من غير الحائز، كمن يستند إلى قريب له أو صديق له ذى سطوة.
ويقيس الفقهاء موقف المحوز عليه الحاضر الساكت، بموقف المالك لشيء يحضر مجلس البيع ولا يعتبر من على بيعه ولا يطالب به، فلا يجوز له بعد انتهاء المجلس أن يعترض على البيع أو أن يطالب بنقضه.
ومن أقوال الفقهاء فى ذلك الشأن قول الحطاب " الخوف أى خوف المدعى من الذى فى يده العقار لكونه ذا سلطان أو مستند إلى ذى سلطان.
ويقول الدردير "أو قام به مانع من إكراه ونحوه".
ويقول الدسوقى " خوف الحاضر من سطوة الحائز أو من سطوة من استند إليه الحائز".
ويتضح من أقوال الفقهاء السابق ذكرها أن العبارات التى استخدموها للتعبير عن الخوف والإكراه تدل على درجات مختلفة من الإكراه والخوف وأقوى هذه الدرجات هو الحائز ذو سلطان وأدنى هذه الدرجات هو خوف المدين المحوز عليه من أن يطالب الدائن الحائز بحقه.
2- المصاهرة والقرابة :
تعد القرابة عند بعض الفقهاء إحدى موانع الحيازة، وهناك من تشدد فى اعتبارها سبباً للحيازة، واشترطوا شروطاً خاصة ومشددة حتى تعتبر سبب للحيازة، فبالنسبة للحيازة بين الأب , تشدد الفقهاء فلقد ذكروا أنها لا تكون بالسكنى أو الإزراع، ولكن تكون بأعمال التفويت (وهى التى يتم بها نقل ملكية شيء من شخص إلى آخر كالبيع والهبة والصدقة).
كما اشترط الفقهاء أن تكون مدتها ستين سنة، ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدسوقى "لا يصح حوز أحدهما على الآخر إلا أن يطول معهما، أى أمد الحيازة بين الأب والإبن طولاً، بحيث يكون من شأنه أن تهلك فيه البنيان.
وكذلك يقول العلامة الدردير "ولا يكون حيازة بين الأب وابنه وإن سفل إلا بهبة، إلا أن يطول معهما الهدم والبناء مما تهلك فيه البنيان ويتقطع العلم.
وعلى هذا فإن الحيازة بين الأب وابنه لا تكون إلا بأعمال التفويت، وهى التى يفوت بها ملكية الشيء فتنتقل ملكيته من شخص لآخر، وأنها لا تكون بالسكنى وإلازراع، ولقد اختلف الفقهاء فى أنه هل يمكن أن تكون الحيازة بين الأب وابنه بالهدم والبناء، هنا اختلف الفقهاء على قولين أحدهما ينفى الحيازة بينهما والثانى يجيز ذلك.
وبالنسبة للأقارب الشركاء، فلقد اختلف الفقهاء فى أنه هل تصح الحيازة بينهم أم لا. ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجوز الحيازة بين الشركاء الأقارب بشرط التغيير فى العقار المحاز كالهدم والبناء، مع اختلافهم فى مدة الحيازة فقيل عشر سنوات، وقيل أربعين سنة.
ومن أقوال الفقهاء فى هذا الشأن ما قاله الدردير "وفى حيازة الشريك القريب معهما قولان أى الهدم والبناء وما يقوم مقامهما قولان، الأول عشر سنوات والثانى الزيادة على الأربعين عاماً وهو الأصح.
والقول الثانى أنه لا تصلح الحيازة بينهما.
3- الغيبة :
تعتبر الغيبة إحدى موانع الحيازة، فلقد أجمع الفقهاء على أنه لا حيازة على الغائب، والمراد بالشخص الغائب هو الشخص الذى لا يكون موجوداً بالبلد التى يوجد بها المال المحاز.
ويعد الغياب مانعاً إذا كان غياب الشخص يحول بينه وبين العلم بحيازة ماله، أو إذا علم بهذه الحيازة ولكن وجد إلى جانب غيابه عذراً آخر لا يستطيع معه اتخاذ أى إجراء نحو الحائز، سواء بالحضور إلى موضع المال المحاز والاعتراض عليه، أو أن يوكل شخصاً آخر يقوم مقامه فى المطالبة بحقه.
وقد اختلف الفقهاء فى تحديد المسافة التى يعتبر الشخص بعدها غائباً، فيرى البعض أنه إذا كان على مسيرة أربعة أيام من موطنه فإنه يعتبر غائباً، وحددها البعض بمسافة سبعة أيام.
ومن موانع الحيازة أيضاً عوارض الأهلية، ولقد أطلق الفقهاء هذا المانع دون قيد بحيث يتحقق مادام المحجوز عليه صغير السن حتى ولو كان له ولي.






المبحث الثالث

حماية الحيازة فى المذاهب الفقهية المختلفة





سوف نتحدث فى هذا المبحث سوف نتحدث عن حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى، وسوف نعرض لآراء الفقهاء فى هذا الشأن، وسوف نتحدث عن الحيازة العرضية والحيازة الشرعية من حيث وسائل حمايتها فى الفقه الإسلامى.
أولاً : حماية الحيازة العرضية.
الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر والمرتهن، ونجد أن الفقه الإسلامى قد عنى بحماية ذلك النوع من الحيازة.
ويقصد بالحيازة العرضية أن يسيطر الحائز على الشيء المحاز سيطرة مادية تامة دون أن تكون عنده نية تملكه.
ويميز الفقه الإسلامى بين نوعين من الحائزين العرضيين :
النوع الأول : وهم الذين يحوزون لحساب غيرهم بمقتضى سند شرعى ولا يعتبرون أتباعاً للمالك وهم كالمستأجر.
النوع الثانى : وهم أتباع الحائز الأصلى الذين يأتمرون بأمره وليس لهم حرية التصرف إلا فى حدود أوامره، وهم كالوكيل والحارس.
وبالنسبة لحماية حيازة المستأجر نجد أنه يشترط توافر شرطين حتى يحمى الفقه الإسلامى تلك الحيازة.
الشرط الأول : ألا يكون المؤجر غاصباً للعين المحازة.
الشرط الثانى : ألا يكون المستأجر عالماً بهذا الغصب أى أن يكون حسن النية وعلى هذا إذا كان المؤجر غاصباً والمستأجر لا يعلم بهذا الغصب، فإنه وفقاً للمذهب المالكى يكون له الحق فى حماية حيازته.



ثانياً : حماية الحيازة الشرعية.
الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى وهى التى تستأهل الحماية فى الفقه الإسلامى.
وفى الفقه الحنفى نجد أنه يحمى ذى اليد الأولى عند الاعتداء عليها من ذى اليد الأخرى.
ويقصد باليد هنا : هى اليد الدالة على الملك لا اليد العارضة، وفى هذا الشأن يقول الكاسانى "أن اليد المتصرفة فى المال من غير منازع دليل الملك فيه".
وفى الفقه المالكى نجد أن الحيازة الشرعية المستوفية لأركانها وشروطها تجعل الحائز أحق بالمال المحاز من المالك الذى أهمل ملكه وتركه بعلمه ورضاه، ويعتبر هذا إقرار منه بأنه لا حق له فيه.
وعلى هذا فالحائز الذى استوفيت حيازته لشروطها وأركانها، ولم ينازعه فيها أحد هو أحق وأجدر بالحماية من المالك الذى أهمل ملكه وتركه.
وفى الفقه الشافعى يحمى المدعى عليه والحائز "ضد من يدعى أن هذا المال كان فى يده فى وقت سابق، وذلك كان يكون هذا المال فى يده كوديعة أو إجارة أو غصب أو إعارة، أما إذا لو أثبت المدعى أن هذا المال كان فى يده واستولى عليه الحائز بسبب غير مشروع، فإنه يجب رد هذا المال إلى المدعى (المالك).
وفى الفقه الحنبلى نجد أنه إذا لم يكن للمدعى بينة تشهد بملكيته للمال المحاز فصاحب اليد يستحق ما فى يده مع يمينه.
وفى هذا الشأن يقول ابن القيم " وإذا أدعى على رجل عيناً فى يده أو ديناً فى ذمته فأنكره ولا يبينه له فالقول قول المنكر مع يمينه، ولأن الأصل براءة ذمة من الدين والظاهر من اليد الملك".
ونخلص من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.





الفصل الثانى


حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى




فى هذا الفصل سوف نتحدث عن تعريف الحيازة، وسوف نتناول عنصراها من عنصر مادى وعنصر معنى متناولين المقصود بكل عنصر، ثم نختم دراستنا بالحديث عن الوسائل التى وضعها القانون المدنى المصرى لحماية الحيازة وذلك من خلال المبحثين التاليين :
المبحث الأول : تعريف الحيازة وعناصرها

المبحث الثانى : وسائل حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى






المبحث الأول

تعريف الحيازة وعناصرها






فى هذا المبحث سوف نتحدث عن التعريف الفقهى للحيازة من الوجهة القانونية، وكنا قد عرفنا الحيازة فى اللغة وتبين أنه يقصد بها الضم أو الجمع أو الملك، وعرفها الفقهاء بأنها وضع اليد أو السيطرة المادية على الشيء، وسوف نتحدث بعد ذلك عن عناصر الحيازة وذلك من خلال المطلبين التاليين :


المطلب الأول

تعريف الحيازة




كان المشروع التمهيدى للقانون المدنى المصرى يعرف الحيازة بأنها "عبارة عن وضع مادى يسيطر الشخص سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه، أو يستعمل بالفعل حق من الحقوق . وعند صدور القانون لم يرد المشرع تحديد تعريف معين للحيازة تاركاً المجال للفقهاء لتعريفها.
وقد عرفها الفقه المصرى بأنها "عبارة عن سلطة فعلية لشخص على شيء من الأشياء يستعمله بصفته مالكاً له أو صاحب حق عينى عليه، سواء استندت هذه السلطة إلى حق من الحقوق أو لم تستند.
وقيل أيضاً بأنها سيطرة شخص سيطرة فعلية مادية على حق سواء كان حقاً شخصياً أم حقاً معنوياً.
وعرفت أيضاً بأنها سيطرة الشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.






المطلب الثانى

عنصرا الحيازة






الحيازة تتكون من عنصرين هما العنصر المادى والعنصر المعنوى.
أولاً : العنصر المادى (السيطرة المادية)
يتكون الركن المادى من مجموعة الأعمال المادية التى يقوم بها الحائز، والتى تصدر عادة ممن يملك الشيء أو يستعمل عليه حقاً من الحقوق العينية.
وتتحقق السيطرة المادية للحيازة فى عدة صور منها :

1- السيطرة الفعلية : تتحقق تلك السيطرة على الشيء محل الحيازة بأن يحرز الشيء فى يده إحرازاً مادياً، ويباشر عليه من الأعمال المادية ما يباشره المالك فى ملكه عادة، وعلى ذلك إذا كان محل الحيازة أرضاً زراعية فتكون السيطرة الفعلية عليها بحيازتها واستزراعها.
ولا يشترط أن تكون الأعمال التى يباشرها الحائز على العقار متواصلة، بل يكفى أن تكون على اتصال مباشر بالعقار المحار وفقاً لطبيعة العقار.

2- السيطرة الفعلية بواسطة الغير (الاستخلاف)
تنص المادة 951 مدنى على أنه تصح الحيازة بالواسطة متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز، وكان متصلاً به اتصالاً يلزمه الإئتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة.
والأمثلة على ذلك النوع من الحيازة كثيرة منها أن يباشر الحائز السيطرة المادية بواسطة خدمه وأتباعه وعماله ومستخدميه، أو يكون الحائز شخصاً معنوياً كالشركات أو المؤسسات، فيباشر باسمه الأشخاص الذين يفوضهم.


ثانياً : العنصر المعنوى.
يقصد بالعنصر المعنوى انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه. ويحدده البعض بأنه عبارة عن نية الحائز فى استعمال حق من الحقوق.
ونظراً لأن العنصر المعنوى للحيازة قوامه نية الحائز، فإنه يشترط فى الحائز أن يكون مميزاً، أما إذا كان غير مميز فتتم الحيازة عن طريق نائبه القانونى.
ولقد افترض المشرع المصرى تواجد الركن المعنوى لدى الحائز بمجرد توافر الركن المادى، فمتى أثبت الحائز أن له سيطرة مادية على الشيء المحاز افترض أنه يحوز لحساب نفسه واعتبرت بالتالى حيازته حيازة قانونية.






المبحث الثانى

وسائل حماية الحيازة فى القانون المدنى المصرى






التقنين المدنى المصرى شأنه شأن الفقه الإسلامى قد وضع العديد من القواعد التى من شأنها حماية الحيازة، ووقع المشرع المصرى العديد من الدعاوى، دعوى استيراد الحيازة، ودعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة، وسوف نتحدث عن الحماية التى أقرها المشرع المصرى فى القانون المدنى المصرى من خلال التحدث عن تلك الدعاوى.
- خصائص دعاوى الحيازة :
تتميز الدعاوى الخاصة بحماية الحيازة بالعديد من الخصائص منها :
1- دعاوى الحيازة تحمل طابع الاستعجال :
تحمل دعاوى الحيازة طابع الاستعجال إذا توافر لها شرط الاستعجال، وتدخل تلك الدعاوى فى اختصاص القاض الجزئى.
2- دعاوى الحيازة ليست دعاوى تعويض :
لا يقصد بدعاوى الحيازة التعويض عن ضرر أحدثه المتعرض أو المغتصب، ولذلك فليس من شروط قبولها توافر الخطأ ولا يشترط لقبول الدعاوى سوء نية المغتصب.
3- دعاوى الحيازة تحمى حيازة العقار دون المنقول :
خص القانون المدنى دعاوى الحيازة لحماية العقار وما يقع عليه من حقوق عينية مثل حيازة حق الاستعمال والسكنى , ويشترط فى العقار أن يكون قابلا لا ترد عليه الحيازة حتى يمكن حمايته.

أولاً : دعوى استرداد الحيازة :
نظم المشرع دعوى استرداد الحيازة فى ثلاث مواد (958-959-960مدنى)، ويقصد بها " تلك الدعوى التى يرفعها حائز العقار الذى فقد حيازته ضد الغير طالباً فيها رد حيازته للعقار التى سلبها منه بالقوة.
وتتأسس تلك الدعوى على حماية الأمن العام والنظام، باعتبار أنه مغتصب الحيازة يعتبر معتديا على حق الملكية بما يؤدى إلى الإخلال باستقرار المعاملات.
ويشترط فى دعوى استرداد الحيازة عدة شروط منها :
- الشرط الأول : أن يكون المدعى حائزاً لعقار.
تتضمن الفقرة الأولى من المادة 958م على أنه لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب .... ردها إليه" ويتضح من تلك الفقرة أنه يجب أن يكون المدعى حائزاً للعقار المطلوب استرداد حيازته حيازة مادية صحيحة.
- الشرط الثانى : أن يقع اعتداء على الحيازة يؤدى إلى سلبها.
تنص المادة 958/1 مدنى على أن "...... لحائز العقار إذا فقد الحيازة "ومعنى فقد الحيازة أى سلبها من الحائز. حرمانه من الانتفاع الكامل بها.
ويتخذ سلب الحيازة صوراً عديدة قد تكون عن طريق القوة الظاهرة أو فى صورة خفية، وقد يتخذ صورة القوة المادية عن طريق الغصب سواء كان ذلك الغصب مصحوباً بالاعتداء على الحائز الأصلى أم لا. وقد يكون عن طريق استعمال الحيل والتدليس وأساليب الغش والخداع.
ويشترط فى العمل الذى يقع من المعتدى ثلاثة شروط.
1- أن يكون عملاً عدوانياً :
فلا يشترط أن يكون هذا العمل من الأعمال التى تعد جريمة فى القانون الجنائى، بل يكفى أن يكون هذا العمل عملاً غير مشروعاً من الناحية المدنية، ويكون اعتداءاً إيجابياً على حيازة العقار.
2- أن يقع الاعتداء على العقار الذى هو فى حيازة الحائز.
3- أن يكون هذا العمل العدوانى قد انتهى إلى سلب الحيازة من الحائز.
- الشرط الثالث : استمرار الحيازة مدة لا تقل عن سنة.
مدة حيازة المدعى سنة كاملة بدون انقطاع قبل سلبها منه، وذلك حتى يتمكن من رفع دعوى استرداد الحيازة، طبقاً للقاعدة العامة فى الحيازة، إلا أن المشرع قد خرج على تلك القاعدة، وأجاز للمدعى أن يطلب استرداد حيازته حتى ولو لم يكن قد مضى على حيازته سنة كاملة قبل فقدها وذلك فى الحالات التالية :
الحالة الأولى : إذا كان الحائز قد فقد حيازته بالقوة أو العنف، ففى هذه الحالة فإنه يكون له الحق فى طلب استرداد حيازته ولو لم يكن قد مضى عليها سنة.
الحالة الثانية : إذا كانت حيازة المدعى تقوم على سند قانونى دون حيازة خصمه كأن يكون حائزاً للعقار بمقتضى حكم صادر له أو عقد لم يكن الشخص المنازع له فى الحيازة طرفاً فيه.
الحالة الثالثة : إذا تعادلت السندات التى يتخذها كل حائز سبباً لحيازته، أو لم يكن بيد أحد منهم سنداً، فتكون الحيازة الأحق هى الأسبق فى التاريخ.
- الشرط الرابع : أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ السلب.
يجب على الحائز أن يرفع دعوى استرداد الحيازة خلال سنة من تاريخ سلب الحيازة، إذا كان هذا السلب قد وقع بالقوة. لأن الحائز فى هذه الحالة يكون عالماً بوقت سلب حيازته، أما إذا كان السلب قد وقع خفية ففى هذه الحالة تبدأ مدة السنة من تاريخ انكشاف سلب الحيازة.
- الشرط الخامس : أن يتوافر شرط الاستعجال فى الدعوى.
يشترط لاختصاص القضاء المستعجل ينظر دعوى الاسترداد توافر شرط الاستعجال، واذا تخلف هذا الشرط، كان ترفع الدعوى بعد مرور سنة ففى هذه الحالة يجب على القاضى الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم رفعها فى الميعاد.
- الشرط السادس : عدم المساس بأصل الحق.
إذا اتضح للقاضى المستعجل أن الفصل فى دعوى الاسترداد يقتضى بحث موضوعى يتطرق إلى أصل الحق المتنازع فيه ففى هذه الحالة يجب على القاضى أن يحكم بعدم الاختصاص.
ثانياً : دعوى وقف الأعمال الجديدة.
نظم المشرع المصرى تلك الدعوى فى المادة 962 من القانون المدنى، حيث نص على :
1- من حاز عقاراً، واستمر حائزاً له سنة كاملة، وخشى لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضى طالباً وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذى يكون من شأنه أن يحدث الضرر.
2- وللقاضى أن يمنع استمرار الأعمال أو يأذن فى استمرارها.
ومن النص السابق فإنه يمكن تعريفها بأنها الدعوى التى يرفعها الحائز ضد الغير الذى شرع فى عمل لو تم لأصبح تعرضاً للحيازة، وذلك بطلب منه من إتمام هذا العمل
وتتأسس تلك الدعوى على توافر مصلحة قائمة وحاله للحائز فى درء التعرض قبل حصوله، لأنه ليس من المتصور حرمان الحائز من الحماية القانونية إلى أن يتم الاعتداء على حيازته.

ويشترط لقبول دعوى وقف الأعمال الجديدة بعض الشروط منها :
1- أن يكون المدعى حائزاً للعقار.
وهذا الشرط نصت عليه المادة 962 مدنى بقولها "من حاز عقاراً " فيجب أن يكون المدعى حائزاً للعقار المطلوب وقف الأعمال الجديدة، التى لو تمت لأصبحت تعرضاً لحيازته، ويشترط فى حيازة المدعى أن تكون صحيحة وقانونية أى يتوافر فيها ركنى الحيازة المادى والمعنوى.
2- أن يشرع المدعى عليه فى عمل لو تم من شأنه أن يصبح عرضاً للحيازة.
ترفع دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا شرع المدعى عليه فى القيام بأعمال يخشى لأسباب معقولة، إذا تركت أن تصبح تعرضاً لحيازة المدعى ويشترط فى تلك الأعمال :
أ – أن يكون المدى عليه قد شرع فيها فعلاً أو على وشك القيام بها
ب- أن تكون تلك الأعمال قد بدأت فى عقار المدعى عليه. ليس فى عقار المدعى أو الغير.
ج- أن تؤدى تلك الأعمال إلى التعرض للحيازة ذاتها لا إلا مجرد الإضرار بالحائز.
3- أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة.
يشترط أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة بدون انقطاع وذلك قبل شروع المدعى عليه فى الأعمال الجديدة.
4- أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ بدء الأعمال.
يجب على المدعى رفع الدعوى خلال سنة من تاريخ بدء الأعمال التى تمثل اعتداء على وشك الوقوع على الحيازة، ومدة السنة هى مدة سقوط وليست مدة تقادم.
وينعقد الاختصاص بنظر تلك الدعاوى للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار الذى يوشك أن يقع الاعتداء على حيازته.


ثالثاً : دعوى منع التعرض.
تعتبر دعوى منع التعرض إلى الدعوى الرئيسية لدعاوى الحيازة، وذلك لأنها تحمى الحيازة فى ذاتها، لذا يصفها الشراح بأنها أهم دعاوى الحيازة.
ولقد نظم المشرع المصرى أحكام هذه الدعوى فى المادة 961 مدنى حيث نص على أنه "من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى منع التعرض".
ويمكن تعريف تلك الدعوى بأنها الدعوى التى يرفعها الحائز ضد المتعرض أو للغير، طالباً منع التعرض له فى حيازته للعقار.
وللتعرض الذى يبيح رفع هذه الدعوى هو كل عمل مادى أو قانونى من شأنه أن يعرقل انتفاع الحائز بالعقار ويتضمن إنكاراً لهذه الحيازة.
وللتعرض الذى يعرقل الانتفاع قد يكون فى صورة مادية أو قانونية، والتعرض المادى هو كل عمل مادى من أعمال التعدى الذى يضمن منازعة الحائز فى حيازته. وقد يتم ذلك بطريقة مباشرة، وذلك كان يقوم شخص بأعمال تمنع الحائز من ممارسة حق الارتفاق المقرر له على عقاره.
ولا يشترط فى التعرض أن يكون قد ألحق ضرراً بالمدعى، ولا يشترط كذلك أن تقع أعمال التعرض فى العقار الذى يحوزه المدعى، فقد تقع أعمال التعرض فى عقار المعتدى أو الغير ولكن يترتب عليها إضرار بالحائز.
أما التعرض القانونى فهو يقوم على تصرف يصدر من المدعى عليه (المعتدى) يعلن به عن نيته فى المعارضة فى حيازة الحائز، وذلك كان ينفرد المدعى عليه المستأجر بدفع الأجر له دون المدعى.


والتعرض القانونى قد يكون تعرضاً قضائياً أو تعرضاً غير قضائياً.
والتعرض القانونى قد يكون فى شكل خصومة أمام القضاء، أما التعرض غير القضائى هو الذى لا يكون بصدد خصومة قائمة أمام القضاء، وإنما يكون تمهيداً لقيام تلك الخصومة، وذلك كالإنذارات التى توجه للحائز وتتضمن تعرضاً له فى حيازته، كان يوجه المدعى عليه إنذاراً للحائز وعدم البناء فى العقار الذى يحوزه.
ويشترط فى تلك الدعوى ما يلى :
1- أن يكون المدعى حائزاً للعقار وقت التعرض الحاصل له حيازة قانونية صحيحة، أى مستوفية لشروطها وأركانها، وعلى هذا فإن تلك الحيازة المراد حمايتها يجب أن تكون حيازة قانونية وليست عرضية، أى يحوز الحائز لحساب نفسه لا لحساب غيره، لأن دعوى منع التعرض لا يحمى بها سوى الحيازة القانونية.
2- أن تستمر مدة الحيازة سنة كاملة بدون انقطاع.
3- أن يقع للحائز تعرض فى حيازته للعقار.
4- أن ترفع الدعوى خلال سنة من تاريخ التعرض، فسكون الحائز مدة تزيد عن سنة عما يحدث له من تعرض دليل على اعترافه بأحقية للمعترض فى اعتراضه.
ومما سبق يتضح لنا أن القانون قد حمى الحيازة شأنه فى ذلك شأن الفقه الإسلامى وذلك بأن قرر للحائز العديد من الدعاوى التى يجوز له الالتجاء إليها حالة وقوع اعتداء على حيازته.



الفصل الثالث

مقارنة بين حماية الحيازة فى الفقه الإسلامى والقانون المدنى المصرى





فى هذا الفصل سوف نقارن بين الحماية المقررة للحيازة في الفقه الإسلامي والحماية التي قررها القانون المدني المصري.
فبالنسبة لتعريف الحيازة , نجد أن الفقه الإسلامي عرفها بانها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء
اما في القانون المدني نجد أن الفقهاء عرفوها بأنها السيطرة لشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.
ومن هنا نجد تشابه كلا التعريفين في الفقه الإسلامى والقانون المدني , فالفقه الإسلامى يعرفها بانها وضع اليد علي الشي , وهو ما يمثل السيطرة لشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً.
وبالنسبة لعنصري الحيازة , نجد ان الحيازة في كلا من الفقه الإسلامى والقانون المدني المصري, تتكون من عنصرين هما العنصر المادي والعنصر المعنوي.
وكذلك نجد انه في الركن المادي وهو الذي يمثل وضع اليد في الفقه الإسلامى , السيطرة المادية في القانون المدني , يمكن ان تكون الحيازة بواسطة الشخص الحائز نفسه , كما يمكن ان تكون من غير الحائز (الاستخلاف) كعماله او مستخدميه الذين يأتمرون بأوامره
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها واما في القانون المدني فيتمثل في انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه. ويحدده البعض بأنه عبارة عن نية الحائز فى استعمال حق من الحقوق.

وبالنسبة لحماية الحيازة , نجد انه في الفقه الاسلامي , قد فرق بين الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى , وبين الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر.
فنجد انه في الحيازة الشرعية يحمي الفقه الحنفى ذى اليد الأولى عند الاعتداء عليها من ذى اليد الأخرى.
وفى الفقه المالكى نجد أن الحيازة الشرعية المستوفية لأركانها وشروطها تجعل الحائز أحق بالمال المحاز من المالك الذى أهمل ملكه وتركه بعلمه ورضاه، ويعتبر هذا إقرار منه بأنه لا حق له فيه.
وفى الفقه الشافعى يحمى المدعى عليه والحائز "ضد من يدعى أن هذا المال كان فى يده فى وقت سابق، وذلك كان يكون هذا المال فى يده كوديعة أو إجارة أو غصب أو إعارة، أما إذا لو أثبت المدعى أن هذا المال كان فى يده واستولى عليه الحائز بسبب غير مشروع، فإنه يجب رد هذا المال إلى المدعى (المالك).
وفى الفقه الحنبلى نجد أنه إذا لم يكن للمدعى بينة تشهد بملكيته للمال المحاز فصاحب اليد يستحق ما فى يده مع يمينه.
وما هو الشأن في الحيازة الشرعية, نجد ان الفقه الإسلامى قد عني ايضا بحماية الحيازة العرضية.
ونخلص من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة بنوعيها , وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.
اما في القانون المدنى نجد انه ايضا قد حذا حذو الفقه الإسلامى في حماية الحيازة , وذلك بان قرر لها العديد من الدعاوي التي يجوز ان يلجا اليها الشخص الذي تم الاعتداء علي حيازته , ومنها دعوي منع التعرض , ودعوي وقف الاعمال الجديدة , ودعوي استرداد الحيازة.



} الخـــاتــمـة{


أولا وقبل كل شئ أحـمد اللــه عـز وجـل وأشكـره على فضله ونعمته علـىّ بأن أعانني ووفقني عـلـى إتمام هـذا البحـث.


وبعــد ,,


فإننا لا نقصد بهذه الخاتمة وضع تلخيص لما أشتمل عليه البحث من موضوعات , وانما أردنا بها إيضاح بعض النتائج التي توصلنا إليها من خلال بحثنا , وذلك على النحو التالي:-
تحدثنا في الفصل الأول عن حماية الحيازة في الفقه الإسلامى ,وقسمنا هذا الفصل الي ثلاثة مباحث, المبحث الأول تحدثنا فيه عن تعريف الحيازة وعناصرها , وتبن أن الفقهاء يعرفون الحيازة بانها وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه والتصرف فيه بواحد من أمور سكنى أو إسكان أو غرس أو زرع أو بيع أو هدم أو بناء.
وبالنسبة لعنصري الحيازة , نجد ان الحيازة في من الفقه الإسلامى , تتكون من عنصرين هما العنصر المادي والعنصر المعنوي.
ووجدنا انه في العنصر المادي يمثل وضع اليد في الفقه الإسلامى , يمكن ان تكون الحيازة بواسطة الشخص الحائز نفسه , كما يمكن ان تكون من غير الحائز (الاستخلاف) كعماله او مستخدميه الذين يأتمرون بأوامره
أما العنصر الثانى للحيازة، ألا وهو العنصر المعنوى، فيتمثل فى الفقه الإسلامى، فى وجوب ادعاء الحائز أنه مالك فعلا للعين التى يحوزها.
وفي المبحث الثاني , تحدثنا عن شروط الحيازة وموانعها , وحددنا بعض شروط الحيازة ومنها , الشرط الأول , حضور المحاز عليه وعدم اعتراضه , والشرط الثانى علم المحوز عليه بالحيازة , والشرط الثالث إدعاء الحائز ملكية المال المحاز , والشرط الرابع استمرار الحيازة مدة معينة.
اما موانع الحيازة , فتتمثل في الخوف او الإكراه , المصاهرة او القرابة , الغيبة


وفي المبحث الثالث تناولنا دراسة حماية الحيازة في الفقه الاسلامي , ووجدنا ان الفقه الاسلامي قد فرق بين الحيازة الشرعية هى التى يتوافر لها عنصراها المادى والمعنوى , وبين الحيازة العرضية هى التى يتوافر لها العنصر المادى دون العنصر المعنوى، كحيازة المستأجر.
وخلصنا من آراء الفقهاء اتفاقهم على حماية الحيازة بنوعيها , وذلك احتراما للأوضاع الظاهرة واستقراراً للمعاملات بين الناس.
اما في الفصل الثاني تناولنا حماية الحيازة في القانون المدني المصري , وفسمنا ذلك الفصل الي مبحثين , المبحث الاول تناولنا فيه تعريف الحيازة وعناصرها , وتبين ان الفقهاء عرفوا الحيازة بانها سيطرة الشخص بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادى ظاهراً عليه بمظهر المالك أو صاحب حق عينى أو شخصى ويباشر عليه الأعمال التى يباشرها عادة صاحب الحق.
اما عناصر الحيازة , فوجدنا انها شأنها في القانون المدني شان الفقه الاسلامي , تتكون من عنصرين , عنصر مادي يتمثل في السيطرة المادية , والعنصر الثاني وهو العنصر المعنوي ويتمثل في انصراف نية الحائز فى أن يظهر على الشيء المحاز بمظهر المالك أو صاحب حق عينى عليه.
وفي المبحث الثاني , درسنا حماية الحيازة في القانون المدني المصري , واتضح ان القانون المدني المصري , قد قرر العديد من الدعاوي التي يستطيع عن طريقها الشخص الغتصبة حيازته او الشخص المهددة حيازته , اللجوء اليها لحماية حيازته , وتتمثل تلك الدعاوي في دعوي منع التعرض , ودعوي وقف الاعمال الجديدة , ودعوي استرداد الحيازة.

المواعيد والمدد القانونية فى المدنى

حساب المواعيد والمدد في القانون المدني
مادة 3
تحسب المواعيد بالتقويم الميلادي ، ما لم ينص القانون على غير ذلك.

ميعاد بلغ الشخص سن الرشد القانوني
مادة 44
(1) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ، ولم يحجر عليه ، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
(2) وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة.

ميعاد وأسباب اعتبار عدم اكتمال الأهلية
مادة 45
(1) لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التميز لصغر في السن أو عته أو جنون.
(2) وكل من لم يبلغ السابعة يعتبر فاقدا للتميز.

ميعاد صدور الإيجاب والقبول
مادة 94
(1) إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد ، دون أن يعين ميعاد القبول ، فان الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فورا ، وكذلك الحال إذا صدر الإيجاب عن شخص إلى آخر بطريق التليفون او بأي طريق مماثل .
(2) ومع ذلك يتم العقد ، واو لم يصدر القبول فورا ، إذا لم يوجد ما يدل على أن الموجب قد عدل عن إيجابه في الفترة ما بين الإيجاب والقبول ، وكان القبول قد صدر قبل أن ينفض مجلس العقد.

ميعاد الإيجاب والقبول بين المتعاقدين الغائبين
مادة 97
(1) يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
(2) ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذان وصل إليه فيهما هذا القبول.

وقت رفع دعوي إبطال العقد لوقوع أحد المتعاقدين في غبن
مادة 129
(1) إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الآخر ، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشا بينا أو هوى جامحا ، جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو ينقص التزامات هذا المتعاقد.
(2) ويجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد ، وإلا كانت غير مقبولة.
(3) ويجوز في عقود المعاوضة أن يتوفى الطرف الآخر دعوى الأبطال ، إذا عرض ما يراه القاضي كافيا لرفع الغبن.

ميعاد سقوط الحق في طلب الإبطال
مادة 140
(1) يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات.
(2) ويبدأ سريان هذه المدة ، في حالة نقض الأهلية ، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب ، وفي حالة الغلط أو التدليس ، من اليوم الذي ينكشف فيه ، وفي حالة الإكراه من يوم انقطاعه ، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الأبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد.

ميعاد سقوط دعوي البطلان
مادة 141
(1) إذا كان العقد باطلا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة.
(2) وتسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد.

ميعاد سقوط دعوي التعويض عن العمل الغير مشروع
مادة 172
(1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة ع العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه . وتسقط هذه الدعوى في كل حال ، بانقضاء خمس عشرة سنه من يوم وقع العمل غير المشروع.
(2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة ، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة ، فان دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.

ميعاد دعوي التعويض عن الإثراء بلا سبب
مادة 180
تسقط دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من لحقته الخسارة بحقه في التعويض ، وتسقط الدعوى ، كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.

ميعاد سقوط دعوي الفضالة
مادة 197
تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه . وتسقط كذلك في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق.

ميعاد سقوط دعوي عدم نفاذ التصرف
مادة 243
تسقط بالتقادم دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وتسقط في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه.

ميعاد المعارضة في الأحكام الصادرة في حالات الإعسار المدني
مادة 252
مدة المعارضة في الأحكام الصادرة في شان الإعسار ثمانية أيام ، ومدة استئنافها خمسة عشرة يوما ، تبدأ من تاريخ إعلان تلك الأحكام.

ميعاد التظلم من الحجز الواقع علي إيرادات المدين
مادة 259
إذا أوقع الدائنون الحجز على إيرادات المدين ، كان لرئيس المحكمة المختصة بشهر الإعسار أن يقرر للمدين ، بناء على عريضة يقدمها ، نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة ، ويجوز التظلم من الأمر الذي يصدر على هذه العريضة ، في مدة ثلاثة أيام من تاريخ صدوره ، أن كان التظلم من المدين ، ومن تاريخ إعلان الأمر للدائنين إن كان التظلم منهم.


ميعاد الاعتراض علي حوالة الدين
مادة 322
(1) لا يتتبع بيع العقار المرهون رهنا رسميا انتقال الدين المضمون بالرهن إلى ذمة المشتري إلا إذا كان هناك اتفاق على ذلك.
(2) فإذا اتفق البائع والمشتري على حوالة الدين ، وسجل عقد البيع ، تعين على الدائن متى أعلن رسميا بالحوالة أن يقرها أو رفضها في ميعاد لا يجاوز ستة أشهر ، فإذا انقضي هذا الميعاد دون أن بيت برأي اعتبر سكوته إقرارا.

ميعاد تقادم الالتزام
مادة 374
يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية.

ميعاد تقادم الحقوق الدورية
مادة 375
(1) يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد واو اقر به المدين ، كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر ، وكالفوائد والإيرادات المترتبة والمهايا والأجور والمعاشات.
(2) ولا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية ، ولا الريع الواجب على ناظر الوقف أداؤه للمستحقين ، إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.

ميعاد تقادم أتعاب الأطباء والمهندسين والمحامين والأطباء
مادة 376
تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين ، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات.
ميعاد تقادم الرسوم والضرائب المستحقة للدولة
مادة 377
(1) تتقادم بثلاث سنوات الضرائب والرسوم المستحقة للدولة ويبدأ سريان التقادم في الضرائب والرسوم السنوية من نهاية السنة التي تستحق عنها ، وفي الرسوم المستحقة عن الأوراق القضائية من تاريخ إنهاء المرافعة في الدعوى التي حررت في شانها هذه الأوراق ، أو من تاريخ تحريرها إذا لم تحصل مرافعة.
(2) ويتقادم بثلاث سنوات أيضا الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق . ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها.
(3) ولا تخل الأحكام السابقة بأحكام النصوص الواردة في القوانين الخاصة.

ميعاد تقادم حقوق الخدم والتجار والعمال والصناع
مادة 378
(1) تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية :
( أ ) حقوق التجار والصناع عن أشياء وردها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء ، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم.
( ب ) حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات.
(2) ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدي الدين فعلا . وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصرا ، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء.

ميعاد تقادم دعوي تكملة الثمن بسبب غبن لحق بأحد أطراف العقد
مادة 426
(1) تسقط بالتقادم دعوى تكمله الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي بموت فيه صاحب العقار المبيع.
(2) ولا تلحق هذه الدعوى ضررا بالغير حسن النية إذا كسب حقا عينيا على العقار المبيع.

ميعاد سقوط دعوي الضمان
مادة 452
(1) تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكشف المشتري العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان لمدة أطول.
(2) على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالنسبة لتمام التقادم إذا ثبت به تعمد إخفاء العيب غشا منه.

ميعاد رفع دعوي الضمان - سقوط
مادة 455
إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع ، فعلي المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره وأن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار ، وإلا سقط حقه في الضمان ، كل هذا ما لم يتفق على غيره.

ميعاد انقضاء الشركة
مادة 526
(1) تنتهي الشركة بانقضاء الميعاد المعين لها أو بانتهاء العمل الذي قامت من أجله.
(2) فإذا انقضت المدة المعينة أو انتهي العمل ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها.
(3) ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على هذا الامتداد ويترتب على اعتراضه وقف أثره في حقه.

ميعاد استحقاق فوائد الدين
مادة 544
إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت سنة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة اشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلا من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه.

ميعاد انتهاء عقد الإيجار إذا لم تحدد مده بعقد الإيجار أو حددت لأجل غير محدد
مادة 563
إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة ، اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة . وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في المواعيد الآتي بيانها.
( أ ) في الأراضي الزراعية والأراضي البور إذا كانت المدة المعينة لدفع الأجرة ستة أشهر أو أكثر ، يكون التنبيه قبل إنهائها بثلاثة أشهر ، فإذا كانت المدة أقل من ذلك ، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير ، كل هذا مع مراعاة حق المستأجر في المحصول وفقا للعرف.
( ب ) في المنازل والحوانيت والمكاتب والمتاجر والمصانع والمخازن وما إلى ذلك إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة أربعة أشهر أو أكثر وجب تنبيه قبل انتهائها بشهرين ، فإذا كانت الفترة أقل من ذلك وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.
( جـ ) في المساكن والغرف المؤثثة وفي أي شيء غير ما تقدم إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة شهرين أو أكثر ، وجب التنبيه قبل نهائيا بشهر فإذا كانت اقل من ذلك ، وجب التنبيه قبل نصفها الأخير.

ميعاد أقصي مدة ينعقد لها إيجار الوقف
مادة 633
(1) لا يجوز للناظر بغير إذن القاضي أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول ، انقضت المدة إلى ثلاث سنين .
(2) ومع ذلك إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له ان يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه فى طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين.

ميعاد الضمان في عقود المقاولات
مادة 651
(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها ، أو كان ر العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات .
(2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
(3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .

ميعاد سقوط دعوي الضمان
مادة 654
تسقط دعاوى الضمان المتقدمة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب .

ميعاد سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل الفردي
مادة 698
(1) تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت إنهاء العقد ، إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة فى الأرباح والنسب المئوية فى جملة الإيراد ، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذى يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد .
(2) ولا يسرى هذا التقادم الخاص على الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرمة الأسرار التجارية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التى ترمى إلى ضمان احترام هذه الأسرار .

ميعاد تقادم الحقوق الناشئة عن عقد التأمين
مادة 752
(1) تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى .
(2) ومع ذلك لا تسرى هذه المدة :
أ. فى حالة إخفاء بيانات متعلقة بالخطر المؤمن منه ، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة عن هذا الخطر إلا من اليوم الذي علم فيه المؤمن بذلك .
ب. فى حالة وقوع الحادث المؤمن منه إلا من اليوم الذي علم فيه ذوى الشأن بوقوعه.

ميعاد دعوي براءة الذمة ذمة الكفيل
مادة 785
(1) لا تبرأ ذمة الكفيل لمجرد أن الدائن تأخر فى اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه لم يتخذها .
(2) على أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر نم إنذار الكفيل للدائن ؟، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا .

ميعاد رفع دعوي نقص القسمة
مادة 845
(1) يجوز نقض القسمة الحاصلة بالتراضي إذا أثبت أحد المتقاسمين أنه قد لحقه منها غبن يزيد على الخمس ، على أن تكون الغبرة فى التقدير بقيمة الشيء وقت القسمة .
(2) ويجب أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية للقسمة . وللمدعى عليه أن يقف سيرها ويمنع القسمة من جديد إذا أكمل للمدعى نقدا أو عينا ما نقص من حصته .

مدة عقد قسمة المهاياة
مادة 846
(1) فى قسمة المهيأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته فى المال الشائع ، متنازلا لشركائه فى مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء . ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد على خمس سنين . فإذا لم تشترط لها مدة أو انتهت المدة المتفق عليها ولم يحصل اتفاق جديد ، كانت مدتها سنة واحدة تتجدد إذا لم يعلن الشريك إلى شركائه قبل انتهاء السنة الجارية بثلاثة أشهر أنه لا يرغب فى التجديد .
(2) وإذا دامت هذه القسمة خمس عشرة سنة ، انقلبت قسمة نهائية ، ما بم يتفق الشركاء على غير ذلك . وإذا حاز الشريك على الشيوع جزءا مفرزا من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة ، افترض أن حيازته لهذا الجزء تستند إلى قسمة مهيأة .

مدة الاتفاق علي ملكية الأسرة
مادة 852
(1) يجوز الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ، على أنه يجوز لكل شريك أن طلب من المحكمة الأذن له فى إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل القضاء الأجل المتفق عليه إذا وجد مبرر قوى لذلك .
(2) وإذا لم يكن للملكية المذكورة أجل معين ، كان لكل شريك أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم ان يعلن إلى الشركاء رغبته فى إخراج نصيبه .

ميعاد فقد الملكية بسبب عدم الاستعمال
مادة 874
(1) الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة .
(2) ولا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقا للوائح .
(3) إلا أنه زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك فى الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات خلال الخمس العشرة السنة التالية للتمليك .

ميعاد الأخذ بالشفعة
مادة 942
(****1) إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسميا وإلا كان باطلا . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل .
(2) وخلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ هذا الاعلان يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذى حصل بع البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة.

ميعاد رقع دعوي المطالبة بالشفعة
مادة 943
ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار وتقيد بالجدول . ويكون كل ذلك فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ الاعلان المنصوص عليه فى المادة السابقة وإلا سقط الحق فيها ويحكم فى الدعوى على وجه السرعة .

ميعاد سقوط الحق في المطالبة بالشفعة
مادة 948
يسقط الحق فى الأخذ بالشفعة فى الأحوال الآتية:
( أ ) إذا نول الشفيع عن حقه فى الأخذ بالشفعة ولو قبل البيع.
(ب) إذا انقضت أربعة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع .
(جـ) فى الأحوال الأخرى التى نص عليها القانون .

ميعاد انقضاء الحيازة
مادة 957
(1) لا تنقضي الحيازة إذا حـال دون مباشرة السيطرة الفعلية على الحق مانع وقتي .
(2) ولكن الحيازة تنقضي إذا أستمر هذا المانع سنة كاملة ، وكان ناشئا من حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه . وتحسب ابتداء من الوقت الذى بآت فيه الحيازة الجديدة ، إذا بدأت علنا ، او من وقت علم الحائز الأول بها إذا بدأت خفية .

ميعاد رفع دعاوى استرداد الحيازة
مادة 958
(****1) لحائز العقار أن يطلب خلال السنة التالية لفقدتها ردها إليه . فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك .
(2) ويجوز أيضا أن يسترد الحيازة من كل حائزا بالنيابة عن غيره .

ميعاد رفع دعوي الحيازة التي اغتصبت بالقوة
مادة 959
(1) إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقده فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . والحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة التى تقوم على سند قانوني . فإذا لم يكن لدى أى من الحائزين سند أو تعادلت سنداتهم كانت الحيازة الأحق هي الأسبق فى التاريخ .
(2) أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة فللحائز فى جميع الأحوال أن يسترد خلال السنة التالية حيازته من المتعدى .

ميعاد رفع دعوي منع التعرض
مادة 961
من حاز عقارا واستمر حائزا لسنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته جاز أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض .

المدة اللازمة لتملك العقار أو المنقول بحيازته
مادة 968
من حاز منقولا أو عقارا دون أن يكون مالكا له ، أو حاز حقا عينيا على منقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصا به ، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة .

ميعاد التقادم المكسب
مادة 969
(1) إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات.
(2) ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقى الحق .
(3) والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون .

ميعاد اكتساب حقوق الإرث بالتقادم
مادة 970
فى جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة .
ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عيني على هذه الأموال بالتقادم.
ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة وفى حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق أزالته إداريا .

مدة التحكير
مادة 999
لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة أعتبر الحكر معقوداًُ لمدة ستين سنة .

ميعاد انتهاء التحكير بسبب عدم سداد الأجرة
مادة 1009
يجوز للمحتكر إذا لم تدفع له الأجرة ثلاث سنين متوالية أن يطلب فسخ العقد .

ميعاد انتهاء حق الحكر
مادة 1011
ينتهي حق الحكر بعدم استعماله مدة خمس عشر سنة ، إلا إذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث ثلاثين سنة .

ميعاد انتهاء حقوق الارتفاق
مادة 1027
(1) تنتهي حقوق الارتفاق بعدم استعمالها مدة خمس عشرة سنة ، فإن كان الارتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة كانت المدة ثلاثا وثلاثين سنة . وكما يسقط التقادم حق الارتفاق يجوز كذلك بالطريقة ذاتها أن يعدل من الكيفية التى يستعمل بها .
(2) وإذا ملك العقار المر تفق عدة شركاء على الشيوع فانتفاع أحدهم بالإرتفاق يقطع التقادم لمصلحة الباقين ، كما أن وقف التقادم لمصلحة أحد هؤلاء الشركاء يجعله موقوفاً لمصلحة سائرهم .

مدة نفاذ مخالصة الأجرة
مادة 1046
(1) لا تكون المخالصة بالأجرة مقدما لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ولا الحوالة بها كذلك نافذة فى حق الدائن المرتهن إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية .
(2) أما إذا كانت المخالصة أو الحوالة لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، فأنها لا تكون نافذة فى حق الدائن المرتهن ما لم تكن مسجلة قبل قيد الرهن ، وإلا خفضت المدة إلى ثلاث سنوات مع مراعاة الحكم الوارد فى الفقرة السابقة .

ميعاد طلب بيع العقار المطلوب تطهيره
مادة 1067
يجوز لكل دائن قيد حقه ولكل كفيل لحق مقيد أن يطلب بيع العقار المطلوب تطهيره ، ويكون ذلك فى مدى ثلاثين يوما من أخر إعلان رسمي يضاف إليها مواعيد المسافة ما بين الموطن الأصلى للدائن وموطنه المختار ، على ألا تزيد مواعيد المسافة على ثلاثين يوما أخرى.

ميعاد إعلان الدائن بتخلية العقار المرهون
مادة 1071
(1) تكون تخلية العقار المرهون بتقرير يقدمه الحائز إلى قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة ، ويجب عليه أن يطلب التأشير بذلك فى هامش تسجيل التنبيه بنزع الملكية ، وأن يعلن الدائن المباشر للإجراءات بهذه التخلية فى خلال خمسة أيام من وقت التقرير بها .
(2) ويجوز من له مصلحة التعجيل أن يطلب إلى قاضى الأمور المستعجلة تعيين حارس تتخـذ فى مواجهته إجراءات نزع الملكية ويعين الحائز حارسا إذا طلب ذلك .

ميعاد الإنذار بدفع الدين أو تخلية العقار
مادة 1072
إذا لم يختر الحائز أن يقضى الديون المقيدة أو يطهر العقار من الرهن أو يتخلى عن هذا العقار ، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ فى مواجهته إجراءات نزع الملكية وفقا لأحكام قانون المرافعات إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار ، ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه فى وقت واحد .

تمسك الحائز بحقوق الدائن
مادة 1073
(1) يجوز للحائز الذى سجل سند ملكيته ولم يكن طرفا فى الدعوى التى حكم فيها على المدين بالدين ، أن يتمسك بأوجه الدفع التى كان للمدين أن يتمسك بها ، إذا كان الحكم بالدين لاحقا لتسجيل سند الحائز .
(2) ويجوز للحائز في جميع الأحوال أن يتمسك بالدفوع التى لا يزال للمدين بعد الحكم بالدين حق التمسك بها .

عرض الحائز ثمنا للعقار محل البيع - شروط
مادة 1074
يحق للحائز أن يدخل فى المزاد على شرط ألا يعرض فيه ثمنا أقل من الباقي فى ذمته من ثمن العقار الجاري بيعه .

ميعاد تملك الحائز للعقار المرهون الذي اشتراه بالمزاد
مادة 1075
إذا نزعت ملكية العقار المرهون ولو كان ذلك بعد اتخاذ إجراءات التطهير أو التخلية ورسا المزاد على الحائز نفسه ، اعتبر هذا مالكا للعقار بمقتضى سند ملكيته الأصلي ، ويتطهر العقار من كل حق مقيدا إذا دفع الحائز الثمن الذي رسا به المزاد أو أودعه خزانة المحكمة.

إيجار الدائن المرتهن للعقار المرهون
مادة5 1 1 1
يجوز للدائن المرتهن لعقار أن يؤجر العقار إلى الراهن دون أن يمنع ذلك من نفاذ الرهن فى حق الغير . فإذا أتفق على الإيجار فى عقد الرهن وجب ذكر ذلك فى القيد ذاته . أما إذا أتفق عليه بعد الرهن وجب أن يؤشر به فى هامش القيد ، إلا أن هذا التأشير لا يكون ضروريا إذا جدد الإيجار تجديدا ضمنيا .

ميعاد نفاذ الإيجار الخاص بالعقار المرهون وشروطه
مادة 1123
(1) لا يكون رهن الدين نافذا فى حق المدين إلا بإعلان هذا الرهن إليه أو بقبوله له وفقا للمادة 305 .
(2) ولا يكون نافذا فى حق الغير إلا بحيازة المرتهن لسند الدين المرهون ، وتحسب للرهن مرتبته من التاريخ الثابت للإعلان أو القبول .

لا حاجة إلى الإعلان عن الرهن – حالة خاصة
مادة 1124
السندات الاسمية والسندات الإذنية يتم رهنها بالطريقة الخاصة التي رسمها القانون لحوالة هذه السندات على أن يذكر أن الحوالة قد تمت على سبيل الرهن ، ويتم الرهن دون حاجة إلى إعلان.

إخطار الراهن بسداد الدائن المرتهن لدين مستحق
مادة 1126
(1) للدائن المرتهن أن يستولي على الفوائد المستحقة عن الدين المرهون والتي تحل بعد الرهن ، وكذلك له أن يستولي على كل الاستحقاقات الدورية التى لهذا الدين على أن يخصم ما يستولي عليه من المصروفات ثم من الفوائد ثم من أصل الدين المضمون بالرهن ، كل هذا ما لم يتفق على غيره .
(2) ويلتزم الدائن المرتهن بالمحافظة على الدين المرهون ، فإذا كان له أن يقتضي شيئا من هذا الدين دون تدخل من الراهن ، كان عليه أن يقتضيه فى الزمان والمكان المعينين للاستيفاء وأن يبادر بإخطار الراهن بذلك .