بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا بكم فى مدونة محمد جابر عيسى القانونية

21 يونيو 2010

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


احكام نقض جنائى 2003




آثــــار

إن المادة (42/1) من القانون رقم 117 لسنة 1983 مفادها أن ثبوت جريمة سرقة الآثار غير لازم للعقاب على جريمة إخفائها ومخالفة الحكم لذلك هو خطأ في القانون يرتب أثره بالبطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كانت المادة (42/1) من القانون 117 لسنة 1983 تنص على أنه "يعاقب السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنين وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه كل من: (أ) سرق أثراً أو جزءاً مملوك للدولة أو قام بإخفائه أو اشترك في شيء من ذلك ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الآثار والأجهزة والأدوات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح الهيئة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد فسرت نص المادة سالفة الإشارة على أنها اشترطت لقيام جريمة إخفاء الآثار أن تسبقها جريمة سرقة الآثار، بينما عاقب نص المادة المذكورة على جريمة إخفاء الآثار مجردة ومستقلة عن جريمة السرقة ولم يشترط للعقاب عليها قيام جريمة سرقة الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقضه.



(الطعن رقم 22166 لسنة 64 ق – جلسة 3/1/2003)



إجراءات

إن صحة إستجواب المتهم في تحقيق النيابة، دون دعوة محاميه. مادام لم يعلن إسم المحامي سواء في محضر الإستجواب أو بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن، وقد رسم القانون الطريق الواجب على المتهم إتباعه في إعلان محاميه (المادة 124 إجراءات).



فالقاعدة :



أنه حيث إنه عما أثاره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان إجراءات تحقيق النيابة العامة لعدم حضور محام مع المتهم المذكور أثناء إستجوابه، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المتهم الثالث لم يعلن إسم محاميه سواء للمحقق في محضر الإستجواب أو قبل إستجوابه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن، فإن إستجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ذلك أن نص المادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية جاء صريحاً في رسم الطريق الذي يتعين على المتهم أن يسلكه في إعلان محاميه إن شاء أن يستفيد مما أورده هذا النص، وهو الإجراء الذي لم يقم به المتهم ومن ثم يكون دفعه في هذا الخصوص غير قويم.



(الطعن رقم 26634 لسنة 71 ق – جلسة 1/2/2003)



كما إن إطالة مدة التحقيق مع المتهم لا يعد إكراهاً مادام لم يتعمد المحقق ذلك بغية الحصول منه على إعتراف.



فالقاعدة :



أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إطالة مدة التحقيق مع المتهم لا يمثل إكراهاً إلا إذا كان المتهم منكراً للتهمة وتعمد المحقق إطالة مدة التحقيق لإرهاقه بغية الحصول منه على إعتراف.



(الطعن رقم 30639 لسنة 72 ق – جلسة 23/4/2003)



كما أن تعلق حق الدفاع في سماع الشاهد بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهاراً للحقيقة. وعلى ذلك فإن رفض المحكمة سماع شاهد بدعوى عدم مشاهدته الواقعة هو إخلال بحق الدفاع يبطل الحكم.



فالقاعدة :



أنه لما كان من المقرر أن حق الدفاع في سماع الشاهد لا يتعلق بما في التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود، بل بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهاراً لوجه الحقيقة، فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لإحتمال أن تجيء الشهادة التي تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، ولا تصح مصادرة الدفاع في حق سماع شاهد الواقعة بدعوى أنه كان برفقته شاهد آخر لم يتمكن من التوجه لمكان الواقعة لمنع الأهالي له مما ينفي مشاهدته للواقعة، ولا يقبل منها ما ساقته من تبرير رفضها ذلك الطلب لما ينطوي عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح وهو ما لا يصح في أصول الإستدلال ولأن الدفاع يستطيع أن يتنبأ سلفاً بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته.



(الطعن رقم 23578 لسنة 69 ق – جلسة 20/1/2003)



كما أن وجوب إجابة الدفاع إلى طلب سماع الشهود ولو لم يرد ذكرهم في قائمة أدلة الثبوت أو لم يقدم بإعلانهم حق مقرر قانوناً.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أنه يتعين على المحكمة إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات أو يقم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفي بمعنى الكلمة حتى يقوم بإعلانهم ولأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة في ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته في قائمة شهود الإثبات أو تسقط من أسماء الشهود الذي عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها، وإلا إنتفت الجدية في المحاكمة وإنغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء.



(الطعن رقم 13578 لسنة 69 ق – جلسة 20/1/2003)



كما أن النعي على الحكم بعدم حيدة مترجم الإشارات أمر غير مجد مادام الطاعن لم يذهب في نعيه إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها.



فالقاعدة :



أنه لما كان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن بشأن مترجم الإشارات في قوله: "وحيث أنه وعن قالة التشكيك من ترجمة مترجم الإشارات ففضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى صدق المترجم في أداء الترجمة سواء بالتحقيقات أو أمام المحكمة فحسب المحكمة بهيئة سابقة أن ندبت مترجماً آخر غير المترجم سالف الذكر هو..... فترجم للمحكمة ما ردده المتهمون الثالث والرابعة والخامسة مرة أخرى من إعترافات بجلسة المحاكمة – وتنوه المحكمة إلى أنها لم تكن في حاجة لإتخاذ مثل هذا الإجراء مرة أخرى بجلسات إعادة المحاكمة بحسبان ما سلف وأيضاً لأن المتهمين جميعاً قد أنكروا أمامها ما نسب إليهم من إتهام. لما كان ذلك، وكان رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه، وكان الطاعن لم يذهب في وجه النعي إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الإستعانة بمترجم الإشارات فإن هذا النعي يكون غير سديد.



(الطعن رقم 17595 لسنة 72 ق – جلسة 6/5/2003)



كما أن الدعوى في حوزة المحكمة يوجب عليها عند تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب لذلك أحد أعضائها أو قاضياً آخر. ليس لها أن تندب لذلك النيابة العامة لزوال ولايتها وإنتهاء إختصاصها (المادة 294 إجراءات). كما إن بطلان الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تجريه النيابة بناء على ندب المحكمة لها أثناء سير الدعوى. بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. لا يعصمه من ذلك رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وإغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعنة ببطلان قرار النيابة العامة بندب خبير لصدوره بعد إتصال المحكمة بالدعوى. قصور وإخلال الدفاع يبطل الحكم.



فالقاعدة:



إنه من المقرر إنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى على سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها، بل لها إذا تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب أحد أعضائها أو قاضياً آخر لتحقيقه على ما جرى به نص المادة (294) من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك لأنه بإحالة الدعوى من سلطة التحقيق على قضاة الحكم تكون ولاية السلطة المذكورة قد زالت وفرع إختصاصها ومن ثم يكون الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تقوم به النيابة العامة بناء على ندب المحكمة إياها في أثناء سير المحكمة باطلاً، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي لا يصححه رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وكان الحكم قد قعد كلية عن الرد على دفع الطاعنة المار ذكره مع جوهريته لما يترتب على ثبوت صحته من بطلان الحكم لإستناده إلى دليل باطل، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فوق قصوره في البيان معيباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.



(الطعن رقم 11766 لسنة 73 ق – جلسة 17/9/2003)

أحداث

إن إثارة صدور الحكم المطعون فيه بغير سماع للمراقب الإجتماعي. بالمخالفة لما أوجبته المادة (35) من القانون رقم 31 لسنة 1974. دون إيراد ذلك بالأسباب، لا يندرج تحت مدلول الخطأ في تطبيق القانون أو في تأويله الذي يعطي لمحكمة النقض سلطة التصدي له من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم عملاً بالفقرة الثانية من المادة (35) من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لتعلقه بالشروط الإجرائية لصحة الأحكام وإجراءات المحاكمة، ومن ثم فلا تلتفت المحكمة إلى ما أثارته النيابة العامة لدى محكمة النقض في هذا الشأن.



(الطعن رقم 6057 لسنة 64 ق – جلسة 13/4/2003)

إخفاء جثة

من المقرر أنه يشترط لقيام جريمة إخفاء جثة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن بدون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجاني عن أعين السلطات.



إدانة الحكم المطعون فيه للطاعن لقيامه بإلقاء الجثة بمكان مطروق للعامة. يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالبراءة.



فالقاعدة :



أنه لما كان نص المادة (239) من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الإقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أنه يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجاني إلى إخفاء الجثة عن أعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم في أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة في الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر فيه القصد الجنائي في الجريمة التي دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أي نص عقابي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفي يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله في الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.



(الطعن رقم 13157 لسنة 71 ق – جلسة 3/12/2002)



إرتباط

إن الإرتباط في حكم المادة (32) عقوبات. أمر يترتب على توافره إعفاء المطعون ضده من العقاب عن جريمة الرشوة لا يحول دون توقيع العقاب عن جريمة الإشتراك في الإختلاس. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك هو خطأ في تطبيق القانون ومعه يتعين النقض والإعادة.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أن مناط الإرتباط في حكم المادة (32) من قانون العقوبات رهن يكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لأن تماسك الجريمة المرتبطة وإنضمامها بقوة الإرتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يسلب المحكمة حقها في التصدي لباقي الجرائم المرتبطة وأن تنزل العقوبة المقررة لها متى رأت ت وافر أركانها وثبوتها قبل المتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده الثاني بجريمتي الثاني بجريمة الرشوة والإشتراك في الإختلاس وإعفاءه من العقاب عن الجريمة الأولى إعمالاً لنص المادة (107 مكررًا) من قانون العقوبات ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى إرتباطها بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد إرتباطًا لا يقبل التجزئة مع أن قضائه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون العقوبات ويستتبع حتمًا توقيع عقوبة جريمة الإشتراك في الإختلاس التي أثبت وقوعها منه ودلل عليها، إما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل في حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة (32) المشار إليها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المطبق من إطلاقات محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة.



(الطعن رقم 32866 لسنة 72 ق – جلسة 2/2/2003)

أسباب الاباحة وموانع العقاب

إن الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها في المادة (62) عقوبات هي تناول المخدر أو المسكر عن علم وإختيار. لذلك فإن تحدث الحكم عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون بيان مبلغ تأثيرها في شعوره وإدراكه رغم إتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص وإيقاع عقوبة القتل المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه هو قصور يرتب البطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – على مقتضى المادة (62) من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجان يقهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن ما يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجري عليه، في هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور إكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بإعتبارات وإفتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم – وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة (62) من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه للمخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من إتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجبه نقضه.



(الطعن رقم 39918 لسنة 72 ق – جلسة 5/2/2003)



كما أن شرط إباحة عمل الطبيب أن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة. إفراطه في إتباعها أو مخالفتها يوقع عليه المسئولية الجنائية حسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره في عمله.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطه بأن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرز في أداء عمله وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم من عناصر الخطأ التي وقعت من الطاعن تكفي لحمل مسئوليته جنائيًا فإن ما يثيره الطاعن بدعوى الخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالتقرير الطبي الشرعي واستند إليه في تقدير خطأ الطاعن وإثبات إدانته وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى والفصل فيما يوجه إلى هذه التقارير من اعتراضات والمفاضلة بينها والأخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه لتعلق هذا الأمر بسلطتها في تقدير الدليل بما لا يجوز معه مجادلتها فيه أمام محكمة النقض. ولما كانت عناصر الخطأ التي أخذ بها الحكم واطمأن إليها هي عناصر واضحة لا تناقض فيها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.



(الطعن رقم 50587 لسنة 72 ق – جلسة 16/4/2003)



إعلان

إن القضاء في الدعوى بجلسة غير تلك السابق تحديدها بالتقرير دون إعلان الطاعن ورغم تخلفه عن حضورها هو بطلان في الإجراءات يؤثر في الحكم ويرتب بطلانه.



فالقاعدة :



أنه من حيث إنه يبين من المفردات المضمومة أن الحكم الإبتدائي الغيابي قد قضى بحبس المطعون ضدها أسبوعين فعارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءتها مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية وإذ استأنف الطاعن حددت لنظر إستئنافه جلسة 17 من يونيه سنة 1995 – حسب الثابت بتقرير الإستئناف، بيد أنه لم ينظر بتلك الجلسة، بل نظر بجلسة الأول من يوليو سنة 1995 – التي تخلف الطاعن عن حضورها فقضى فيها غيابيًا بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان المشرع بما نص عليه في المادة (408) من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "يحدد قلم الكتاب للمستأنف في تقرير الإستئناف تاريخ الجلسة التي حددت لنظره ويعتبر ذلك إعلانًا ولو كان التقرير من وكيل". إنما أقام قرينة على علم المستأنف بالجلسة المحددة لنظر إستئنافه من توقيعه أو توقيع وكيله على تقرير الإستئناف المشتمل على تحديد تلك الجلسة فإذا لم ينظر الإستئناف بالجلسة المحددة بالتقرير وإنما حددت لنظره جلسة أخرى، سقط حكم القرينة وتعين إعلان المستأنف بالجلسة التي حددت من بعد حتى يتحقق علمه بها ويتاح له أن تسمع أقواله والأوجه التي يستند إليها في إستئنافه على ما نصت عليه المادة (411) من القانون المذكور وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى في الأول من يوليو سنة 1995 برفض إستئناف الطاعن وتأييده الحكم المستأنف وكان يبين من الإطلاع على المفردات أنها خلت من إعلانه بهذه الجلسة على الرغم من أنها غير تلك التي كانت محددة في تقرير الإستئناف فإن الحكم يكون قد أنبنى على إجراءات باطلة أثرت فيه فيتعين نقضه والإعادة.



(الطعن رقم 17894 لسنة 65 ق – جلسة 14/10/2002)



كما أن إعلان الحكم للمحكوم عليه شخصيًا. قرينة قاطعة على علمه بصدوره. أما إعلانه في موطنه لمن ينوب عنه في إستلام الإعلان. فهو قرينة غير قاطعة على العلم بصدور الحكم. له حق دحضها. عدم دحض هذه القرينة أمام محكمة الموضوع وعدم تمسكه بدحضها . سقوط حقه في التمسك بإثباتها عكسها أمام محكمة النقض.



فالقاعدة :



أنه من المقرر قانونًا أن الأصل في إعلان الأوراق طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات أنها تسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، وكانت المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أنه "إذا كان الإعلان لم يحصل لشخص المتهم فإن ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى بمضي المدة "فإن المستفاد من هذا النص أنه إذا حصل الإعلان لشخص المحكوم عليه فإن ذلك يعد قرينة قاطعة على علمه بصدور الحكم الغيابي، إما إذا أعلن في موطنه ولم يسلم الإعلان إليه شخصيًا بل استلمه غيره ممن يجوز لهم قانونًا تسلمه بالنيابة عنه، فإن ذلك يعتبر قرينة على أن ورقته وصلت إليه، ولكنها قرينة غير قاطعة، إذ يجوز للمحكوم عليه أن يدحضها بإثبات العكس. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن أعلن بالحكم الغيابي الإستئنافي في 22/9/1992 مع تابعه، وكان الثابت من محضر جلسة المعارضة الإستئنافية أن المحكوم عليه حضر بتلك الجلسة ولم يثر أي دفاع يبرر تراخيه في التقرير بالمعارضة ولم يدحض القرينة القائمة ضده و التي تفيد علمه بإعلان الحكم، على ما ورد بالطعن، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ولم يبد أمامها الدليل المعتبر على ما يتمسك به من أوجه الدفاع الموضوعية أو المختلطة بالواقع فإن إهماله فيما كان يسعه أن يبديه أمام محكمة الموضوع يسقط حقه أما محكمة النقض، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول المعارضة للتقرير بها بعد الميعاد قد صدر سليماً متفقًا وصحيح القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.



(الطعن رقم 29342 لسنة 63 ق – جلسة 18/2/2003)



كما أن واقعة دشت الملف تعد من الأمور التي لا دخل لإرادة لطاعن فيها له أثره في تصديق محكمة النقض أن سبب عدم حضوره جلسة المعارضة الإستئنافية عدم إعلانه بها ويوجب نقض الحكم للبطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المعارض لم يحضر بالجلسة التي صدر فيها الحكم. وكان الثابت من كتاب نيابة جنوب القاهرة الصادر منها بتاريخ / / برقم ..... والمقيد برقم وارد محكمة النقض في ذات التاريخ برقم ..... والمرفق صورة ضوئية منه معتمدة بختم شعار الجمهورية الخاص بنيابة النقض الجنائي تحمل عبارة طبق الأصل مدونه بخط المسئول بنيابة النقض الذي قرر بفقد أصله (يتضمن الإفادة بأن الملف الأصلي للقضية رقم ..... سنة ..... جنح ..... المقيدة برقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... المطلوب ضمه لملف الطعن الماثل (تبين من الاطلاع على كشوف الدشت أنه (دشت) ولما كانت واقعة دشت الملف تعد من الأمور التي ليس للطاعن إرادة فيها وحتى لا يضار الطاعن بطعنه لسبب لا دخل لإرادته فيه – فإنه لا يكون في وسع هذه المحكمة – محكمة النقض – إلا أن تصدقه بقوله إن سبب تخلفه عن الحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه يرجع إلى عدم إعلانه بها بما لا يصح معه القضاء فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه قد خالف صحيح القانون لقيامه على إجراءات باطلة من شانها حرمان الطاعن (المعارض) من إستعمال حقه في الدفاع الأمر الذي يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.



(الطعن رقم 952 لسنة 64 ق – جلسة 4/6/2003)



التماس إعادة النظر

إن مناط قبول التماس إعادة النظر في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة (441) إجراءات. ظهور وقائع أو أوراق جديدة. لم تكن معلومة عند الحكم تثبت براءة المحكوم عليه، والمقصود بهذه الحالة أن تدل الوقائع أو الأوراق التي تظهر بعد الحكم نهائيًا على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية.



فالقاعدة :



أن المادة (441) من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل تلك الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان ما ظهر من الوقائع والأوراق من أنه بعد صدور الحكم المطلوب إعادة النظر فيه – الصادر بإدانة طالب إعادة النظر ..... – وصيرورة هذا الحكم باتًا، صدر في تاريخ لاحق حكم آخر بالإدانة ضد شقيقه ..... لإرتكابه جناية تزوير في محررين رسميين هما محضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة في الدعوى موضوع طلب إعادة النظر بأن انتحل إسم شقيقة – طالب إعادة النظر المار ذكره – في ذلك المحضر وتلك التحقيقات، وقد صار هذا الحكم باتًا أيضاً بعدم الطعن عليه بطريق النقض، وهو ما يعد بمثابة وقائع وأوراق مجهولة إبان المحكمة في الدعوى المطلوبة إعادة النظر في الحكم الصادر فيها، إذ لم تحدث ولم تظهر إلا بعد الحكم نهائيًا في هذه الدعوى، ولما كانت هذه الوقائع والأوراق تحسم بذاتها الأمر وتقطع بترتيب أثرها في ثبوت براءة الطالب، فإن طلب إعادة النظر يكون قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله والقضاء بإلغاءه الحكم الصادر في الجناية رقم ..... لسنة ..... جنايات الأزبكية والمقيدة برقم ..... لسنة ..... كلي شمال القاهرة بتاريخ ..... من ..... سنة ..... وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها.



(الطعن رقم 1267 لسنة 72 ق – جلسة 6/5/2003)



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


احكام نقض جنائى 2003




آثــــار

إن المادة (42/1) من القانون رقم 117 لسنة 1983 مفادها أن ثبوت جريمة سرقة الآثار غير لازم للعقاب على جريمة إخفائها ومخالفة الحكم لذلك هو خطأ في القانون يرتب أثره بالبطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كانت المادة (42/1) من القانون 117 لسنة 1983 تنص على أنه "يعاقب السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنين وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه كل من: (أ) سرق أثراً أو جزءاً مملوك للدولة أو قام بإخفائه أو اشترك في شيء من ذلك ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الآثار والأجهزة والأدوات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح الهيئة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد فسرت نص المادة سالفة الإشارة على أنها اشترطت لقيام جريمة إخفاء الآثار أن تسبقها جريمة سرقة الآثار، بينما عاقب نص المادة المذكورة على جريمة إخفاء الآثار مجردة ومستقلة عن جريمة السرقة ولم يشترط للعقاب عليها قيام جريمة سرقة الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقضه.



(الطعن رقم 22166 لسنة 64 ق – جلسة 3/1/2003)



إجراءات

إن صحة إستجواب المتهم في تحقيق النيابة، دون دعوة محاميه. مادام لم يعلن إسم المحامي سواء في محضر الإستجواب أو بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن، وقد رسم القانون الطريق الواجب على المتهم إتباعه في إعلان محاميه (المادة 124 إجراءات).



فالقاعدة :



أنه حيث إنه عما أثاره المدافع عن المتهم الثالث من بطلان إجراءات تحقيق النيابة العامة لعدم حضور محام مع المتهم المذكور أثناء إستجوابه، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المتهم الثالث لم يعلن إسم محاميه سواء للمحقق في محضر الإستجواب أو قبل إستجوابه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو أمام مأمور السجن، فإن إستجوابه في تحقيق النيابة العامة يكون قد تم صحيحاً في القانون ذلك أن نص المادة (124) من قانون الإجراءات الجنائية جاء صريحاً في رسم الطريق الذي يتعين على المتهم أن يسلكه في إعلان محاميه إن شاء أن يستفيد مما أورده هذا النص، وهو الإجراء الذي لم يقم به المتهم ومن ثم يكون دفعه في هذا الخصوص غير قويم.



(الطعن رقم 26634 لسنة 71 ق – جلسة 1/2/2003)



كما إن إطالة مدة التحقيق مع المتهم لا يعد إكراهاً مادام لم يتعمد المحقق ذلك بغية الحصول منه على إعتراف.



فالقاعدة :



أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إطالة مدة التحقيق مع المتهم لا يمثل إكراهاً إلا إذا كان المتهم منكراً للتهمة وتعمد المحقق إطالة مدة التحقيق لإرهاقه بغية الحصول منه على إعتراف.



(الطعن رقم 30639 لسنة 72 ق – جلسة 23/4/2003)



كما أن تعلق حق الدفاع في سماع الشاهد بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهاراً للحقيقة. وعلى ذلك فإن رفض المحكمة سماع شاهد بدعوى عدم مشاهدته الواقعة هو إخلال بحق الدفاع يبطل الحكم.



فالقاعدة :



أنه لما كان من المقرر أن حق الدفاع في سماع الشاهد لا يتعلق بما في التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود، بل بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهاراً لوجه الحقيقة، فإنه على المحكمة أن تسمع الشاهد أولاً وبعد ذلك يحق لها أن تبدي ما تراه في شهادته وذلك لإحتمال أن تجيء الشهادة التي تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، ولا تصح مصادرة الدفاع في حق سماع شاهد الواقعة بدعوى أنه كان برفقته شاهد آخر لم يتمكن من التوجه لمكان الواقعة لمنع الأهالي له مما ينفي مشاهدته للواقعة، ولا يقبل منها ما ساقته من تبرير رفضها ذلك الطلب لما ينطوي عليه من معنى القضاء المسبق على دليل لم يطرح وهو ما لا يصح في أصول الإستدلال ولأن الدفاع يستطيع أن يتنبأ سلفاً بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته.



(الطعن رقم 23578 لسنة 69 ق – جلسة 20/1/2003)



كما أن وجوب إجابة الدفاع إلى طلب سماع الشهود ولو لم يرد ذكرهم في قائمة أدلة الثبوت أو لم يقدم بإعلانهم حق مقرر قانوناً.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أنه يتعين على المحكمة إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات أو يقم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفي بمعنى الكلمة حتى يقوم بإعلانهم ولأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة في ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تثبته في قائمة شهود الإثبات أو تسقط من أسماء الشهود الذي عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها، وإلا إنتفت الجدية في المحاكمة وإنغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الإباء.



(الطعن رقم 13578 لسنة 69 ق – جلسة 20/1/2003)



كما أن النعي على الحكم بعدم حيدة مترجم الإشارات أمر غير مجد مادام الطاعن لم يذهب في نعيه إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها.



فالقاعدة :



أنه لما كان الحكم قد عرض لما يثيره الطاعن بشأن مترجم الإشارات في قوله: "وحيث أنه وعن قالة التشكيك من ترجمة مترجم الإشارات ففضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى صدق المترجم في أداء الترجمة سواء بالتحقيقات أو أمام المحكمة فحسب المحكمة بهيئة سابقة أن ندبت مترجماً آخر غير المترجم سالف الذكر هو..... فترجم للمحكمة ما ردده المتهمون الثالث والرابعة والخامسة مرة أخرى من إعترافات بجلسة المحاكمة – وتنوه المحكمة إلى أنها لم تكن في حاجة لإتخاذ مثل هذا الإجراء مرة أخرى بجلسات إعادة المحاكمة بحسبان ما سلف وأيضاً لأن المتهمين جميعاً قد أنكروا أمامها ما نسب إليهم من إتهام. لما كان ذلك، وكان رد الحكم على دفاع الطاعن في هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه، وكان الطاعن لم يذهب في وجه النعي إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الإستعانة بمترجم الإشارات فإن هذا النعي يكون غير سديد.



(الطعن رقم 17595 لسنة 72 ق – جلسة 6/5/2003)



كما أن الدعوى في حوزة المحكمة يوجب عليها عند تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب لذلك أحد أعضائها أو قاضياً آخر. ليس لها أن تندب لذلك النيابة العامة لزوال ولايتها وإنتهاء إختصاصها (المادة 294 إجراءات). كما إن بطلان الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تجريه النيابة بناء على ندب المحكمة لها أثناء سير الدعوى. بطلاناً متعلقاً بالنظام العام. لا يعصمه من ذلك رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وإغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعنة ببطلان قرار النيابة العامة بندب خبير لصدوره بعد إتصال المحكمة بالدعوى. قصور وإخلال الدفاع يبطل الحكم.



فالقاعدة:



إنه من المقرر إنه ليس للمحكمة أن تحيل الدعوى على سلطة التحقيق بعد أن دخلت في حوزتها، بل لها إذا تعذر تحقيق دليل أمامها أن تندب أحد أعضائها أو قاضياً آخر لتحقيقه على ما جرى به نص المادة (294) من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك لأنه بإحالة الدعوى من سلطة التحقيق على قضاة الحكم تكون ولاية السلطة المذكورة قد زالت وفرع إختصاصها ومن ثم يكون الدليل المستمد من التحقيق التكميلي الذي تقوم به النيابة العامة بناء على ندب المحكمة إياها في أثناء سير المحكمة باطلاً، وهو بطلان متعلق بالنظام العام لمساسه بالتنظيم القضائي لا يصححه رضاء المتهم أو المدافع عنه بهذا الإجراء، وكان الحكم قد قعد كلية عن الرد على دفع الطاعنة المار ذكره مع جوهريته لما يترتب على ثبوت صحته من بطلان الحكم لإستناده إلى دليل باطل، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فوق قصوره في البيان معيباً بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.



(الطعن رقم 11766 لسنة 73 ق – جلسة 17/9/2003)

أحداث

إن إثارة صدور الحكم المطعون فيه بغير سماع للمراقب الإجتماعي. بالمخالفة لما أوجبته المادة (35) من القانون رقم 31 لسنة 1974. دون إيراد ذلك بالأسباب، لا يندرج تحت مدلول الخطأ في تطبيق القانون أو في تأويله الذي يعطي لمحكمة النقض سلطة التصدي له من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم عملاً بالفقرة الثانية من المادة (35) من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لتعلقه بالشروط الإجرائية لصحة الأحكام وإجراءات المحاكمة، ومن ثم فلا تلتفت المحكمة إلى ما أثارته النيابة العامة لدى محكمة النقض في هذا الشأن.



(الطعن رقم 6057 لسنة 64 ق – جلسة 13/4/2003)

إخفاء جثة

من المقرر أنه يشترط لقيام جريمة إخفاء جثة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن بدون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجاني عن أعين السلطات.



إدانة الحكم المطعون فيه للطاعن لقيامه بإلقاء الجثة بمكان مطروق للعامة. يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالبراءة.



فالقاعدة :



أنه لما كان نص المادة (239) من قانون العقوبات على أن "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الإقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة". مما مفاده أنه يشترط لقيام الجريمة أن يتحقق مع إرتكاب فعل الإخفاء أو الدفن دون إخبار جهات الإقتضاء أن تتجه إرادة الجاني إلى إخفاء الجثة عن أعين السلطات العامة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم في أقوال شهود الإثبات يفيد قيام الطاعن بإلقاء الجثة في الطريق أمام سور سوق الجملة للمزارعين وبجوار مقهى وهو مكان مطروق للعامة ثم وضع بطاقة صاحب الجثة ورخصة قيادته إلى جوارها وهو ما لا يقوم به فعل الإخفاء ولا يتوافر فيه القصد الجنائي في الجريمة التي دان الحكم المطعون فيه الطاعن عنها، ومن ثم يضحى الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه وغير مندرج تحت أي نص عقابي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ودانه بجريمة إخفاء جثة متوفي يكون فضلاً على قصور أسبابه وفساد استدلاله في الرد على دفاع الطاعن قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله بما يوجب نقضه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة المسندة إليه.



(الطعن رقم 13157 لسنة 71 ق – جلسة 3/12/2002)



إرتباط

إن الإرتباط في حكم المادة (32) عقوبات. أمر يترتب على توافره إعفاء المطعون ضده من العقاب عن جريمة الرشوة لا يحول دون توقيع العقاب عن جريمة الإشتراك في الإختلاس. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك هو خطأ في تطبيق القانون ومعه يتعين النقض والإعادة.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أن مناط الإرتباط في حكم المادة (32) من قانون العقوبات رهن يكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب لأن تماسك الجريمة المرتبطة وإنضمامها بقوة الإرتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يسلب المحكمة حقها في التصدي لباقي الجرائم المرتبطة وأن تنزل العقوبة المقررة لها متى رأت ت وافر أركانها وثبوتها قبل المتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المطعون ضده الثاني بجريمتي الثاني بجريمة الرشوة والإشتراك في الإختلاس وإعفاءه من العقاب عن الجريمة الأولى إعمالاً لنص المادة (107 مكررًا) من قانون العقوبات ولم يوقع عليه عقوبة الجريمة الثانية الأخف بدعوى إرتباطها بالجريمة الأولى ذات العقوبة الأشد إرتباطًا لا يقبل التجزئة مع أن قضائه بإعفاء المطعون ضده المذكور من العقاب عن جريمة الرشوة يمتنع معه عليه تطبيق الفقرة الثانية من المادة (32) من قانون العقوبات ويستتبع حتمًا توقيع عقوبة جريمة الإشتراك في الإختلاس التي أثبت وقوعها منه ودلل عليها، إما وقد خالف الحكم هذا النظر وأعمل في حق المطعون ضده حكم الفقرة الثانية من المادة (32) المشار إليها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المطبق من إطلاقات محكمة الموضوع، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونًا بالإعادة.



(الطعن رقم 32866 لسنة 72 ق – جلسة 2/2/2003)

أسباب الاباحة وموانع العقاب

إن الغيبوبة المانعة من المسئولية المنصوص عليها في المادة (62) عقوبات هي تناول المخدر أو المسكر عن علم وإختيار. لذلك فإن تحدث الحكم عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه المخدر دون بيان مبلغ تأثيرها في شعوره وإدراكه رغم إتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص وإيقاع عقوبة القتل المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه هو قصور يرتب البطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية – على مقتضى المادة (62) من قانون العقوبات – هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجان يقهرًا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن ما يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها. فالقانون يجري عليه، في هذه الحالة، حكم المدرك التام الإدراك مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم، فإنه لا يتصور إكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد بإعتبارات وإفتراضات قانونية، بل يجب في هذه الجرائم – وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة (62) من قانون العقوبات – التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن إحتساء الطاعن للخمر وتعاطيه للمخدر دون أن يبين مبلغ تأثيرهما في شعور الطاعن وإدراكه بالرغم من إتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص، وأوقع على الطاعن عقوبة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة وقضى بإعدامه، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجبه نقضه.



(الطعن رقم 39918 لسنة 72 ق – جلسة 5/2/2003)



كما أن شرط إباحة عمل الطبيب أن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة. إفراطه في إتباعها أو مخالفتها يوقع عليه المسئولية الجنائية حسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره في عمله.



فالقاعدة :



أنه من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطه بأن يكون ما يجريه مطابقًا للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرز في أداء عمله وكان ما أثبته الحكم فيما تقدم من عناصر الخطأ التي وقعت من الطاعن تكفي لحمل مسئوليته جنائيًا فإن ما يثيره الطاعن بدعوى الخطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالتقرير الطبي الشرعي واستند إليه في تقدير خطأ الطاعن وإثبات إدانته وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى والفصل فيما يوجه إلى هذه التقارير من اعتراضات والمفاضلة بينها والأخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه لتعلق هذا الأمر بسلطتها في تقدير الدليل بما لا يجوز معه مجادلتها فيه أمام محكمة النقض. ولما كانت عناصر الخطأ التي أخذ بها الحكم واطمأن إليها هي عناصر واضحة لا تناقض فيها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.



(الطعن رقم 50587 لسنة 72 ق – جلسة 16/4/2003)



إعلان

إن القضاء في الدعوى بجلسة غير تلك السابق تحديدها بالتقرير دون إعلان الطاعن ورغم تخلفه عن حضورها هو بطلان في الإجراءات يؤثر في الحكم ويرتب بطلانه.



فالقاعدة :



أنه من حيث إنه يبين من المفردات المضمومة أن الحكم الإبتدائي الغيابي قد قضى بحبس المطعون ضدها أسبوعين فعارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءتها مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية وإذ استأنف الطاعن حددت لنظر إستئنافه جلسة 17 من يونيه سنة 1995 – حسب الثابت بتقرير الإستئناف، بيد أنه لم ينظر بتلك الجلسة، بل نظر بجلسة الأول من يوليو سنة 1995 – التي تخلف الطاعن عن حضورها فقضى فيها غيابيًا بتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان المشرع بما نص عليه في المادة (408) من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "يحدد قلم الكتاب للمستأنف في تقرير الإستئناف تاريخ الجلسة التي حددت لنظره ويعتبر ذلك إعلانًا ولو كان التقرير من وكيل". إنما أقام قرينة على علم المستأنف بالجلسة المحددة لنظر إستئنافه من توقيعه أو توقيع وكيله على تقرير الإستئناف المشتمل على تحديد تلك الجلسة فإذا لم ينظر الإستئناف بالجلسة المحددة بالتقرير وإنما حددت لنظره جلسة أخرى، سقط حكم القرينة وتعين إعلان المستأنف بالجلسة التي حددت من بعد حتى يتحقق علمه بها ويتاح له أن تسمع أقواله والأوجه التي يستند إليها في إستئنافه على ما نصت عليه المادة (411) من القانون المذكور وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى في الأول من يوليو سنة 1995 برفض إستئناف الطاعن وتأييده الحكم المستأنف وكان يبين من الإطلاع على المفردات أنها خلت من إعلانه بهذه الجلسة على الرغم من أنها غير تلك التي كانت محددة في تقرير الإستئناف فإن الحكم يكون قد أنبنى على إجراءات باطلة أثرت فيه فيتعين نقضه والإعادة.



(الطعن رقم 17894 لسنة 65 ق – جلسة 14/10/2002)



كما أن إعلان الحكم للمحكوم عليه شخصيًا. قرينة قاطعة على علمه بصدوره. أما إعلانه في موطنه لمن ينوب عنه في إستلام الإعلان. فهو قرينة غير قاطعة على العلم بصدور الحكم. له حق دحضها. عدم دحض هذه القرينة أمام محكمة الموضوع وعدم تمسكه بدحضها . سقوط حقه في التمسك بإثباتها عكسها أمام محكمة النقض.



فالقاعدة :



أنه من المقرر قانونًا أن الأصل في إعلان الأوراق طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات أنها تسلم إلى الشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، وكانت المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أنه "إذا كان الإعلان لم يحصل لشخص المتهم فإن ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى بمضي المدة "فإن المستفاد من هذا النص أنه إذا حصل الإعلان لشخص المحكوم عليه فإن ذلك يعد قرينة قاطعة على علمه بصدور الحكم الغيابي، إما إذا أعلن في موطنه ولم يسلم الإعلان إليه شخصيًا بل استلمه غيره ممن يجوز لهم قانونًا تسلمه بالنيابة عنه، فإن ذلك يعتبر قرينة على أن ورقته وصلت إليه، ولكنها قرينة غير قاطعة، إذ يجوز للمحكوم عليه أن يدحضها بإثبات العكس. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن أعلن بالحكم الغيابي الإستئنافي في 22/9/1992 مع تابعه، وكان الثابت من محضر جلسة المعارضة الإستئنافية أن المحكوم عليه حضر بتلك الجلسة ولم يثر أي دفاع يبرر تراخيه في التقرير بالمعارضة ولم يدحض القرينة القائمة ضده و التي تفيد علمه بإعلان الحكم، على ما ورد بالطعن، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ولم يبد أمامها الدليل المعتبر على ما يتمسك به من أوجه الدفاع الموضوعية أو المختلطة بالواقع فإن إهماله فيما كان يسعه أن يبديه أمام محكمة الموضوع يسقط حقه أما محكمة النقض، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول المعارضة للتقرير بها بعد الميعاد قد صدر سليماً متفقًا وصحيح القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.



(الطعن رقم 29342 لسنة 63 ق – جلسة 18/2/2003)



كما أن واقعة دشت الملف تعد من الأمور التي لا دخل لإرادة لطاعن فيها له أثره في تصديق محكمة النقض أن سبب عدم حضوره جلسة المعارضة الإستئنافية عدم إعلانه بها ويوجب نقض الحكم للبطلان.



فالقاعدة :



أنه لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المعارض لم يحضر بالجلسة التي صدر فيها الحكم. وكان الثابت من كتاب نيابة جنوب القاهرة الصادر منها بتاريخ / / برقم ..... والمقيد برقم وارد محكمة النقض في ذات التاريخ برقم ..... والمرفق صورة ضوئية منه معتمدة بختم شعار الجمهورية الخاص بنيابة النقض الجنائي تحمل عبارة طبق الأصل مدونه بخط المسئول بنيابة النقض الذي قرر بفقد أصله (يتضمن الإفادة بأن الملف الأصلي للقضية رقم ..... سنة ..... جنح ..... المقيدة برقم ..... لسنة ..... جنح مستأنف ..... المطلوب ضمه لملف الطعن الماثل (تبين من الاطلاع على كشوف الدشت أنه (دشت) ولما كانت واقعة دشت الملف تعد من الأمور التي ليس للطاعن إرادة فيها وحتى لا يضار الطاعن بطعنه لسبب لا دخل لإرادته فيه – فإنه لا يكون في وسع هذه المحكمة – محكمة النقض – إلا أن تصدقه بقوله إن سبب تخلفه عن الحضور بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه يرجع إلى عدم إعلانه بها بما لا يصح معه القضاء فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على نحو ما سلف بيانه قد خالف صحيح القانون لقيامه على إجراءات باطلة من شانها حرمان الطاعن (المعارض) من إستعمال حقه في الدفاع الأمر الذي يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.



(الطعن رقم 952 لسنة 64 ق – جلسة 4/6/2003)



التماس إعادة النظر

إن مناط قبول التماس إعادة النظر في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة (441) إجراءات. ظهور وقائع أو أوراق جديدة. لم تكن معلومة عند الحكم تثبت براءة المحكوم عليه، والمقصود بهذه الحالة أن تدل الوقائع أو الأوراق التي تظهر بعد الحكم نهائيًا على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية.



فالقاعدة :



أن المادة (441) من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات والجنح في خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل تلك الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية. لما كان ما تقدم، وكان ما ظهر من الوقائع والأوراق من أنه بعد صدور الحكم المطلوب إعادة النظر فيه – الصادر بإدانة طالب إعادة النظر ..... – وصيرورة هذا الحكم باتًا، صدر في تاريخ لاحق حكم آخر بالإدانة ضد شقيقه ..... لإرتكابه جناية تزوير في محررين رسميين هما محضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة في الدعوى موضوع طلب إعادة النظر بأن انتحل إسم شقيقة – طالب إعادة النظر المار ذكره – في ذلك المحضر وتلك التحقيقات، وقد صار هذا الحكم باتًا أيضاً بعدم الطعن عليه بطريق النقض، وهو ما يعد بمثابة وقائع وأوراق مجهولة إبان المحكمة في الدعوى المطلوبة إعادة النظر في الحكم الصادر فيها، إذ لم تحدث ولم تظهر إلا بعد الحكم نهائيًا في هذه الدعوى، ولما كانت هذه الوقائع والأوراق تحسم بذاتها الأمر وتقطع بترتيب أثرها في ثبوت براءة الطالب، فإن طلب إعادة النظر يكون قد تكاملت عناصره وتوافرت مقوماته مما يتعين معه قبوله والقضاء بإلغاءه الحكم الصادر في الجناية رقم ..... لسنة ..... جنايات الأزبكية والمقيدة برقم ..... لسنة ..... كلي شمال القاهرة بتاريخ ..... من ..... سنة ..... وبراءة الطالب المحكوم عليه فيها.



(الطعن رقم 1267 لسنة 72 ق – جلسة 6/5/2003)



مكتب / محمد جابر عيسى المحامى


20 يونيو 2010

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى





الدفــع بعــدم توافــر الضــرر

















يثور البحث عادة في جريمة النصب عما إذا كان الضرر يعتبر شرطا في الركن المادي لهذه الجريمة أم لا . والأمثلة التي توضح أهمية هذا التساؤل :









ماذا لو إن دائنا استعمل طرفا احتيالية مع مدينة للحصول على مبلغ منه يوازى قيمة دينه حتى يتمكن من إجباره على الوفاء ؟









أو إذا استعمل مع أخر طرقا احتيالية ولو همه انه سيتعاقد مع شركة تأمين معينة بينما تم التعاقد مع شركة أخرى تتمتع بنفس مكانة الشركة الأولى وطبقا لنفس الشروط ؟ أو إذا استعمل شخص أخر طرق احتيالية إبهامه بأنه سيشترى سلعه معينة ثم باع إليه سلعه أخرى ولكنها تتفق مع الثمن الذي دفعه المشترى ؟









ولقد قضت محكمة النقض المصرية بعدم توافر جريمة النصب بالنسبة إلى من ينتحل صفة غير صحيحة بقصد حمل بائع على تقسيط ثمن شيء مبيع ودفع بعضه معجلا ثم قام بسداد الأقساط ولكنه عجز في النهاية عن دفع باقيها لان اتخاذ الصفة الكاذبة لم يقصد به هذه الحالة سلب مال المجني عليه وإنما قصد به اخذ رضاء البائع بالبيع بثمن بعضه مقسط وبعضه حال .









ولقد ذهب رأى إلى القول بأنه يلزم أن يلحق المجني عليه في النصب ضرر مادي محقق أو محتمل ، فإذا انتقى هذا الضرر فلا تقوم الجريمة . وهو يجعل بذلك للنصب نطاقا غير نطاق السرقة التي قد تقع على شيء ليس له سوى قيمة أدبية بحث ، كخطاب عادى أو صورة فوتوغرافية لها قيمة تذكارية فحسب .









ويستند هذا الرأي إلى المادة 336 التي تستلزم أن يكون الاحتيال للاستيلاء على " نقود أو عروض أو سندات ...... أو اى متاع منقول " . وبالتالي يقرر انه إذا لم يحصل انتقاص للثروة فلا نصب .









ومن ثم فإنه "لا جريمة ولا عقاب إذا انعدم الضرر كما لو كان المجني عليه قد اخذ مقابل ما سلب منه عند التعاقد " .









وقد وجدت هذه القاعدة بعض تطبيقات لدى قضاء محكمة النقض ، فاستلزم بعضها بيان ركن الضرر المترتب على النصب حتى تتمكن من مراقبة توافره ، كما رتب احدها على انتفاء الضرر المادي انتقاء القصد الجنائي لدى الجاني .









ولكن ذهب رأى ثان إلى أن النصب – كالسرقة – لا يتطلب أكثر من وقوعه على منقول مملوك للغير . وان الضرر هنا – كما هو هناك – عنصر مفترض ومترتب على خصائص الجريمة نفسها ووقوعها على مال الغير . ذلك أن هذه الطائفة من الجرائم بهدف بها القانون إلى حماية حرمه الملكية هي حد ذاتها بما تخوله للمالك من حق التصرف في ملكه بالكيفية التي يريدها ، وفى الوقت الذي يراه ، وبالمقابل يجده مناسبا .









فالضرر المباشر الذي يحظره القانون في هذه الجرائم هو المساس بحقوق المجني عليه على ماله من وجهه مادية بانتقاص ثروته ، أو من وجهه معنوية بإنقاص حريته في التصرف في الشيء عندما يريد ، وبالكيفية التي يريدها هو ، لا عندما يريد الجاني وبالكيفية التي يراها . فالسارق يعد سارقا حتى ولو ترك للمجني عليه الثمن المناسب للسلعة التي اختلسها . أو لو كان دائنا للمجني عليه بالمبلغ الذي سرقه أو بأكثر منه ، وكذلك ينبغي أن تكون الحالة أيضا في النصب وخيانة الأمانة ، وإذ لا فرق بين هذه الجرائم الثلاث فيما يتعلق بمحل الجريمة ، وكل الفرق هو في الوسيلة التي تقع بها فحسب .









أما فيما يتعلق بنص المادة 336 وما تتطلبه من " الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات ....... أو اى متاع منقول ........"









فهو نص عام ، لا يتطلب تحقق ضرر معين بذاته ، كما لا يتطلب أكثر من أن تكون إرادة الجاني قد انصرفت إلى الموضوعي.









ولذلك يقوم النصب متى تمت الطرق الاحتيالية للاستيلاء على خطابات للمجني عليه ليس لها قيمة مادية ولا تصلح لإثبات أمور تمس الذمة المالية ، وفى الاستيلاء على تذاكر انتخابية . كما يقوم النصب متى وقع المجني عليه على عقد تأمين بناء على طرق احتيالية ، حتى ولو كان العقد طبيعيا في شروطه ، وكان مركز الشركة وسمعتها لا غبار عليهما ، وفى واقعة شراء المجني عليه سلعه بناء على طرق احتيالية ، حتى لو كان الثمن مناسبا لقيمتها الفعلية .









والأصل أن يسعى مرتكب النصب إلى الإثراء ، فهو يريد بتسلم المال أن يضعه إلى حيازته ويباشر عليه سلطات المالك ، ولكن تقوم جريمة النصب ولو لم يثر المتهم ، طالما نال الاعتداء الحقوق التي يستهدف الشارع حمايتها .









وتطبيقا لذلك تتوافر أركان النصب إذا حمل المتهم المجني عليه على تسليم المال إلى شخص ثالث متواطئ معه أو حسن النية ، كما لو حمل المتهم جوهريا على تسليم قطعة من الحلي إلى امرأة ، ولو كانت لا تعلم شيئا عن تدليس المتهم . ولا يحول دون توافر النصب يتلف المتهم الشيء بعد الاستيلاء عليه أو يتبرع به أو يرده إلى المجني عليه .









ولا يلزم أن يكون الجاني قد حقق أيه فائدة من الجريمة ، ولذا يقوم الاحتيال سواء أسلمت السلعة بالفعل فكانت الجريمة تامة ، أم لم تسلم فكانت الواقعة مجرد شروع ، وسواء أفاد منها الجاني أم لم يجن منها فائدة ما ، وهو حكم عام يسرى على الجرائم كافة .









ونرى أن الضرر الذي يفترضه النصب هو العنوان على الملكية والمساس بحرية الإرادة ، فكل عدوان على ملكية شخص وكل مساس بحرية إرادته يعد حتما ضررا به . ولا حاجة إلى اشتراك ضرر في صورة أخرى ، اى لا حاجة إلى اشتراط أن يرد نقض على ثروة المجني عليه في مجموعها . أما إشارة المشرع إلى " سلب كل ثروة الغير أو بعضها " ، فهي إشارة إلى غرض المتهم من الاحتيال فهو " لسلب كل ثروة الغير أو بعضها " اى إشارة إلى نيته أو قصده واشتراط قيامه على نية تملك مال للغير .









والخلاصة إذن أن مجرد استيلاء الجاني على مال لمجني عليه بطريق الاحتيال رغما عنه ، يعد في ذاته ضررا وتقع به الجريمة دون النظر إلى أية نتائج غير مباشرة تمس ذمته المالية .









مكتب
مكتب  /  محمد جابر عيسى المحامى


الاجراءات القاطعة للتقادم

=================================

الطعن رقم 2467 لسنة 24 مكتب فنى 06 صفحة رقم 744

بتاريخ 05-04-1955

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي :

فقرة رقم : 6

إن أى إجراء يحصل من السلطة المختصة من شأنه تحريك الدعوى العمومية و تنبيه الأذهان إلى الجريمة التى كان قد إنقطع التحقيق فيها ، يعتبر قاطعاً للتقادم بالنسبة لها حتى لو كان هذا الإجراء خاصاً ببعض المتهمين دون البعض الآخر ، و ليس من الضرورى أن يستوجب المتهم حتى تنقطع مدة التقادم فى حقه .





=================================

الطعن رقم 0307 لسنة 25 مكتب فنى 06 صفحة رقم 1025

بتاريخ 17-05-1955

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 3

إن قواعد التقادم خاضعة لما تقرره المحكمة عن بيان نوع الجريمة .



( الطعن رقم 307 لسنة 25 ق ، جلسة 1955/5/17 )

=================================

الطعن رقم 0658 لسنة 26 مكتب فنى 07 صفحة رقم 803

بتاريخ 04-06-1956

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 2

المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية تنقطع بإجراءات الإتهام و التحقيق و المحاكمة متى إتخذت فى مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمى و تسرى مدة التقادم إبتداء من يوم الإنقطاع ، و من ثم فإن قرار غرفة الإتهام بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته عن التهمة المسندة إليه يعتبر إجراء قاطعاً للمدة المذكورة .



( الطعن رقم 658 لسنة 26 ق ، جلسة 1956/6/4 )

=================================

الطعن رقم 0778 لسنة 26 مكتب فنى 07 صفحة رقم 1268

بتاريخ 18-12-1956

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 1

يترتب على جميع إجراءات التحقيق و المحاكمة بمقتضى المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية إنقطاع المدة بالنسبة إلى المتهم و لو لم يكن طرفاً فى تلك الإجراءات

و سواء علم أو لم يعلم بها .





=================================

الطعن رقم 0778 لسنة 26 مكتب فنى 07 صفحة رقم 1268

بتاريخ 18-12-1956

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 2

إجراءات الضبطية القضائية فى جمع الإستدلالات لا تقطع المدة إذ هى لا تدخل فى إجراءات التحقيق أو المحاكمة ، و لكن رأى المشرع أن يرتب عليها إنقطاع المدة و إشترط لذلك بخلاف إجراءات التحقيق التى تصدر من سلطة مختصة بالتحقيق الجنائى - أن لا تحصل فى غيبة المتهم و على غير علم منه .



( الطعن رقم 778 لسنة 26 ق ، جلسة 1956/12/18 )

=================================

الطعن رقم 0130 لسنة 42 مكتب فنى 23 صفحة رقم 461

بتاريخ 26-03-1972

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 1

مفاد نص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم بقطع المدة . و لو تم فى غيبة المتهم . لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراء إلا بالنسبة لإجراءات الإستدلال دون غيرها .





=================================

الطعن رقم 0132 لسنة 42 مكتب فنى 23 صفحة رقم 465

بتاريخ 26-03-1972

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 1

الأصل أنه و إن كان ليس بلازم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التى تقطع المدة المسقطة للدعوى ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكى يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة . فإذا كان الإجراء باطلاً فإنه لا يكون له أثر على التقادم .





=================================

الطعن رقم 0374 لسنة 42 مكتب فنى 23 صفحة رقم 810

بتاريخ 29-05-1972

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 3

من المقرر أنه لكى تحدث الإجراءات أثرها و تقطع المدة يجب أن تكون صحيحة و مستكملة شرائطها اللازمة فإذا كانت باطلة فإنها لا تقطع المدة إذ أنه متى تقرر بطلان العمل الإجرائى زالت عنه آثاره القانونية فيصبح كأن لم يكن .





=================================

الطعن رقم 0011 لسنة 43 مكتب فنى 24 صفحة رقم 279

بتاريخ 04-03-1973

الموضوع : تقادم

الموضوع الفرعي : الاجراءات القاطعة للتقادم

فقرة رقم : 2

لما كان مفاد نص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة يتصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى إذا إتخذت فى غيبة المتهم ، و كان الثابت أن إجراءات المحاكمة فى هذه الدعوى قد تلاحقت أمام محكمة الموضوع و أمام محكمة النقض و أمام محكمة الموضوع مرة أخرى دون أن تمضى بين إجراء منها و الإجراء الذى سبقه أو تلاه المدة المقررة بإنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة يكون على غير سند

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




مكتب / محمد جابر عيسى المحامى

مـذكرة

في الدفع ببطلان القبض والتفتيش

وما تلاهما من إجراءات

لمخالفة قواعد تفتيش الأنثى

مذكرة بدفاع



السيد / ……………………………………… ……………متهم

ضد

النيابة العامة / …………………………… …………… سلطة اتهام

في القضية رقم … لسنة …… المحدد لها جلسة ……… الموافق _/_/___ م





المبادئ التي تقررت بشأن تفتيش الأنثى



المبدأ الأول ::: لا يشترط قانونا اصطحاب الضابط لأنثى معه عند انتقاله لتنفيذ الإذن بتفتيش أنثي ( متهمة )

لما كان ما ينعاه المدافع عن الطاعنة من عدم اصطحاب الضابط لأنثى معه عند انتقاله لتنفيذ الإذن بتفتيش الطاعنة ، مردوداً بأن هذا الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في مواضع تعتبر من عورات المرأة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل صورة الواقعة - بما لا تمارى فيه الطاعنة - في إنها كانت تحمل المخدر في لفافة تمسك بها فى يدها وإن الضابط باغتها بجذب اللفافة ثم قام بفضها دون أن يتطاول بفعله إلى تفتيش شخصها فإن ذلك لا ينطوى على مساس بما يعد من عورات المرأة التي لا يجوز لرجل أن يتطلع عليها ويكون النعي الموجه إلى إجراءات التفتيش بعيداً عن محجة الصواب .

( الطعن 2350 لسنة 55 ق جلسة 14/1/1986 )



من المقرر أن القانون لا يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عند انتقاله لتفتيش أنثى إذ أن هذا الإلزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في موقع يعتبر من عورات المرأة ، فضلاً عن أن صورة الواقعة حسبما أوردها الحكم في مدوناته أن ضبط المخدر الذي كانت فى حيازة المطعون ضدها الثانية لم يكن وليد تفتيش لشخصها ، ولكنه تم عقب تخليها عن اللفافة التى كانت تحتوى عليه والتقاط الضابط لها وتبينه أنها تحوى مخدر الحشيش .

( الطعن 2905 لسنة 53 ق جلسة 31/1/1984 )



المبدأ الثاني ::: اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى هو الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست عندما يكون التفتيش في المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الإطلاع عليها ومشاهدتها



لما كان مراد الشارع من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى طبقاً للفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية عندما يكون التفتيش فى المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الإطلاع عليها ومشاهدتها هو الحفاظ على عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست ومن ثم فلا يجدي الطاعنة الأولى النعي على الحكم بأنه أخطاء فى الإسناد وإذ بنى قضائه برفض الدفع المبدي منها ببطلان تفتيشها على ما نقله من أقوال الشهود بالتحقيقات من أن اللفافة المحتوية على المخدر كانت بين يديها فى حين أنهم قرروا بالجلسة أنها كانت مستقرة فوق ساقيها عند ضبطها ذلك بأنه من المقرر أن للمحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للشاهد أدلى به فى إحدى مراحل التحقيق ولو خالف قولاً آخر أبداه في مرحلة أخرى دون أن تبين العلة فضلاً عن أن قيام الضابط بضبط اللفافة من فوق ساقي الطاعنة الأولى عند قيامه بتنفيذ إذن التفتيش - يفرض صحة ذلك - لا يتحقق به المساس بعورة لها أو الإطلاع عليها بحيث يبطل التفتيش وما ترتب عليه وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره .

( الطعن 6304 لسنة 52 ق جلسة 22/ 2/1983 )



من المقرر أن مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أخرى على نحو ما توجبه الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية للمرأة التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست ، و إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته قوله - أن المحكمة ترى أن قيام ضابط الواقعة بفض الانتفاخ الذي لاحظه بطرحة المتهمة ويتدلى فوق خصرها من الناحية اليسرى فيه مساس بعورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست . وإذ كان مؤدى ذلك أن الضابط أجرى تفتيش الجزء المنتفخ المتدلي من غطاء الرأس التى ترتديه المطعون ضدها (الطرحة) حيث عثر على المخدر المضبوط ، فإنه لا يكون قد خالف القانون لعدم مساسه بأي جزء من جسمها مما يعد من العورات التي تخدش حياءها إذا مست . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا .النظر فإنه يكون معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون ، وقد حجبه هذا الخطأ بالتالي عن تقدير أدلة الدعوى بما يتعين معه نقضه والإحالة .

(الطعن 270 لسنة 51 ق - جلسة 8/11/1981)



ندب مأمور الضبط لأنثي لتفتيش أنثي



استلزم نص المادة 46 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية إذا كان المتهم أنثى يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي ولم يشترط القانون الكتابة فى هذا الندب لأن المقصود بندب الأنثى ليس تحقيق ضمانات حرية من يجرى تفتيشها ولكن اشتراط ندب الأنثى جاء عندما يكون التفتيش في المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها بقصد الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست . بل يكتفي بالندب الشفوي الأمر الذي تم فى الدعوى حيث ثبت أن الممرضة أجرت تفتيش المتهمة بناء على انتداب نائب مدير المستشفى لها بناء على طلب وكيل قسم مكافحة المخدرات . لما كان ذلك ، وكان القانون قد خلا مما يوجب حلف الأنثى اليمين قبل قيامها بالمهمة التي أسندت إليها إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماعها بيمين طبقا للقاعدة التي وضعتها المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية .

( الطعن 143 لسنة 49 بجلسة 17/ 5/1979 )



من المقرر أن مجال أعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها هو أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التى لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها وهى عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست .

( الطعن 406 لسنة 42 بجلسة 29/ 5/1972 )



المبدأ الثالث ::: إجراء غسيل معدة للمتهمة لا يمكن اعتباره تجاوزاً تعرضاً غير قانوني ومساساً بعورات المرأة مما يبطل التفتيش .

ما يتخذه الضابط المأذون له بالتفتيش من إجراءات لغسيل معده المتهمة بمعرفة طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون تعرضا لها. بالقدر الذي يبيحه تنفيذ إذن التفتيش وتوافر حالة التلبس في حقها بمشاهدة الضابط لها وهى تبتلع المخدر وانبعاث رائحة المخدر من فمها مما لا يقتضي استئذان النيابة فى إجرائه .

( الطعن 177 لسنة 42 ق - جلسة 12/3/1972)



تفتيش ( الأنثى ) المتهمة بمعرفة طبيب لا يرفع الدفع بالبطلان .



إن القول بأن الطبيب يتاح له بحكم مهنته ما لا يتاح لغيره من الكشف على الإناث ، وأنه لا غضاضة عند استحالة تفتيش متهمة بمعرفة أنثى يقوم هو بإجراء التفتيش المطلوب ، ذلك تقرير خاطئ فى القانون .

( الطعن 2410 سنة 24 ق - جلسة 11/11/1955)



المبدأ الرابع ::: إجراء تفتيش الأنثى - بمعرفة أنثي - علي مرأى من مأموري الضبط القضائي يبطل التفتيش لغياب وتخلف الغاية من إجراء التفتيش بمعرفة أنثي حيث الحفاظ علي حياء المرأة .



لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي ، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله أنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة ، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب الطعنها ، والذي يجب إبداؤه فى عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون لا محل له ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه .

[ الطعن 16059 لسنة 59 ق جلسة 10/12/1989 ]





مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
مكتب / محمد جابر عيسى المحامى




إذن التفتيش





أولا :- شكل اذنالتفتيش:



لا يشترط شكلا معينا لإذن التفتيش وكل ماتطلبة القانون هو :-



ان يكون الإذن واضحا



وصحيحا بالنسبة الى الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها



وان يكون مصدرالأذن مختصا مكانيا باصداره



وان يكون مدونا بخطه ( خط مصدرالأذن )



وموقعا عليه بأمضائه ( امضاء مصدرالأذن).



18 يونيو 2010

مكتب / محمد جابر عيسى المحامى
تصرفات الفضولي في الفقه الإسلامي








تصرفات الفُضُوليّ



التّعريف :



الفضوليّ لغةً من يشتغل بما لا يعنيه ، نسبةً إلى الفضول ، جمع فضل ، وهو الزّيادة . غير أنّ هذا الجمع - الفضول - غلب استعماله على ما لا خير فيه ، حتّى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى ، ومن أجل ذلك كان في النّسبة إليه تلك الدّلالة .



وفي اصطلاح الفقهاء يطلق الفضوليّ على من يتصرّف في حقّ الغير بلا إذن شرعيّ وذلك لكون تصرّفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية .



الألفاظ ذات الصّلة :



أ - الوليّ :



الوليّ لغةً : من الوَلْي ، بمعنى القرب والنّصرة ، والوليّ خلاف العدوّ .



وفي الاصطلاح : الوليّ من يملك الولاية ، وهي تنفيذ القول على الغير .



ويختلف معنى الوليّ حسب اختلاف المواضيع ، قال التّمرتاشيّ في باب النّكاح : هو البالغ العاقل الوارث .



ويمكن تعريف الوليّ بوجه عامّ أنّه من يتصرّف للغير بحكم الشّرع ، كالوالد لولده الصّغير أو المجنون ، وكذا القاضي والإمام .



والصّلة بينه وبين الفضوليّ ، أنّ الوليّ له حقّ التّصرّف في حقّ المولّى عليه شرعاً ، بخلاف الفضوليّ .



ب - الوكيل :



من معاني الوكيل لغةً : الحافظ والكافي ، ومنه قوله تعالى : { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } . وفي الاصطلاح : الوكيل فعيل من الوكالة ، وهي تفويض واحد أمره لآخر وإقامته مقامه في ذلك الأمر .



فالوكيل هو المفوّض والنّائب عن الغير في أمر قابل للنّيابة .



والصّلة بينه وبين الفضوليّ أنّ كليهما يتصرّف للغير ، لكنّ الوكيل بالتّفويض من الغير ، والفضوليّ بغير تفويض .



ج - المالك :



المالك فاعل من الملك ، وهو شرعاً اختصاص العمل في التّصرّف ، والمالك صاحب الملك .



وقال ابن نجيم : الملك قدرة يثبتها الشّارع ابتداءً على التّصرّف إلاّ لمانع .



وعلى ذلك فمالك الشّيء هو القادر على التّصرّف فيه ابتداءً ، فهو مقابل الفضوليّ الّذي ليس له التّصرّف ابتداءً ، وإنّما تصحّ بعض تصرّفاته بإجازة المالك انتهاءً عند بعض الفقهاء .



الأحكام المتعلّقة بتصرّفات الفضوليّ :



بيع الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم بيع الفضوليّ - في الجملة - على قولين :



أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : هو أنّ بيع الفضوليّ ينعقد موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّاني للحنابلة والشّافعيّة في المعتمد : وهو أنّ بيع الفضوليّ باطل ، فلا ينقلب صحيحاً ولو أجازه المالك بعد .



شراء الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم شراء الفضوليّ لغيره على أربعة أقوال :



أحدها للمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ شراء الفضوليّ كبيعه ، ينعقد موقوفاً على إجازة من اشترى له ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّاني للشّافعيّ في الجديد والحنابلة في الصّحيح من المذهب : وهو أنّ شراء الفضوليّ باطل لا يترتّب عليه أي حكم أو أثر .



والثّالث للحنفيّة : حيث فرّقوا بين ما إذا أضاف العقد إلى نفسه ، وبين ما إذا أضافه إلى الّذي اشتراه له ، وقالوا : إذا أضافه الفضوليّ إلى نفسه ، كانت العين المشتراة له ، سواء وجدت الإجازة من الّذي اشتراه له أو لم توجد ، لأنّ الشّراء إذا وجد نفاذاً على العاقد أمضي عليه ، لأنّ الأصل أن يكون تصرّف الإنسان لنفسه لا لغيره ، لقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } وشراء الفضوليّ كسبه حقيقةً ، فالأصل أن يكون له إلاّ إذا جعله لغيره ، أو لم يجد نفاذاً عليه لعدم الأهليّة ، فعندئذ يتوقّف على إجازة من اشترى له ، بأن كان الفضوليّ عبداً محجوراً ، أو صبيّاً مميّزاً واشترى لغيره ، فإنّ شراءه يتوقّف على إجازة ذلك الغير ، إذ الشّراء لم يجد نفاذاً عليه ، فيتوقّف على إجازة الّذي اشتري له ضرورةً ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



وإن أضاف الفضوليّ العقد إلى الّذي اشتراه له ، بأن قال الفضوليّ للبائع : بع دابّتك هذه من فلان بكذا ، فقال : بعت ، وقال الفضوليّ : قبلت البيع فيه لأجل فلان ، أو قال البائع : بعت هذا الثّوب من فلان بكذا ، وقبل المشتري الفضوليّ منه الشّراء لأجل فلان ، فإنّ هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المشترى له .



والرّابع للشّافعيّ في القديم ، وحكي عنه في الجديد وقد قسّم شراء الفضوليّ إلى أربع حالات ، وافقه الحنابلة في ثلاث منها في القسمة لا في الحكم .



وبيان ذلك :



الحالة الأولى : أن يشتري للغير بعين مال الغير ، وللشّافعيّ في ذلك قولان : الوقف وهو رواية عن الإمام أحمد ، والبطلان وهو المذهب عند الحنابلة .



والحالة الثّانية : أن يشتري بمال نفسه للغير ، وقد فرّق الشّافعيّ في هذه الحالة بين ما إذا سمّى في العقد من اشترى له ، وبين ما إذا لم يسمّه : فإن سمّاه نظر : فإن لم يأذن لغت التّسمية ، وفي وقوعه عن الفضوليّ وجهان : الوقف ، والبطلان ، وإن أذن له ، فهل تلغو التّسمية أم لا ؟ فإن قلنا : تلغو ، فهل يقع عن المباشر ، أم يبطل من أصله ؟ وجهان ، وإن قلنا : لا تلغو ، وقع العقد عن الآذن .



وإن لم يسمّه وقع عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أم لا .



أمّا الحنابلة فالمذهب عندهم في هذه الحالة هو بطلان الشّراء مطلقاً ، إلاّ ما روي عن بعض فقهائهم من طرد قولي الوقف والبطلان فيها .



والحالة الثّالثة : أن يشتري الفضوليّ لغيره في الذّمّة بغير إذنه ، وفي هذه الحالة ينظر : فإن لم يسمّ ذلك الغير في العقد ، فالشّافعيّ في الجديد قال : يقع عن المباشر ، وفي القديم قال : يتوقّف على إجازة المشتري له ، فإن أجازه نفذ في حقّه ، وإن ردّه نفذ في حقّ الفضوليّ ، وقال الحنابلة : يصحّ - على الصّحيح - ويكون موقوفاً على الإجازة .



وإن سمّاه في العقد ، فقال الشّافعيّة : هو كشرائه بعين مال الغير .



وعند الحنابلة قولان : الصّحيح أنّه لا يصحّ هذا العقد ، والثّاني أنّ حكمه حكم ما إذا لم يسمّه في العقد .



والحالة الرّابعة : أن يضيف الشّراء إلى الغير بثمن معيّن ، وهذه الحالة انفرد بذكرها الشّافعيّة ، ولهم حسب المحكيّ في الجديد وجهان : أحدهما : يلغو العقد ، والثّاني يقع عن المباشر .



إجارة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم إجارة الفضوليّ لأعيان الغير ، هل هي صحيحة موقوفة على الإجارة أم أنّها باطلة شرعاً ؟ وذلك على قولين :



أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ إجارة الفضوليّ تنعقد موقوفةً على إجازة المالك أو وليّه ، فإن أجازها نفذت ، وإن ردّها بطلت .



والثّاني للشّافعيّ في الجديد ، والحنابلة على الصّحيح في المذهب : وهو أنّ إجارة الفضوليّ باطلة ، لأنّها عقد صدر من غير مالك أو ذي ولاية في إبرامه ، فيكون باطلاً .



ثمّ إنّ الحنفيّة فرّقوا بين كون الفضوليّ في عقد الإجارة مؤجّراً وبين كونه مستأجراً ، فجعلوا إجارته كبيعه ، واستئجاره كشرائه .



إنكاح الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم إنكاح الفضوليّ من غير ولاية أو نيابة على أربعة أقوال : أحدها للحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : هو أنّ إنكاح الفضوليّ باطل لا تؤثّر فيه إجازة الوليّ .



والثّاني لأحمد في رواية عنه ، وأبي يوسف : وهو أنّ إنكاح الفضوليّ صحيح ، لكنّه يتوقّف على إجازة الوليّ ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّالث لأبي حنيفة ، ومحمّد بن الحسن : وهو أنّه إذا كان المتولّي لطرفي النّكاح شخصاً واحداً فضوليّاً ، كان العقد باطلاً ، سواء تكلّم بكلام واحد أو بكلامين ومثل ذلك في الحكم إذا كان فضوليّاً بالنّسبة لأحد الطّرفين ، ولو كان أصيلاً أو وكيلاً أو وليّاً عن الطّرف الآخر ، ما دام قد تولّى العقد عن الطّرفين .



أمّا إذا لم يكن المتولّي لطرفي النّكاح فضوليّاً ، فيكون عقده موقوفاً على الإجازة ، سواء قبل فيه فضوليّ آخر أو أصيل أو وكيل .



والرّابع للمالكيّة : وهو التّفريق بين كون الوليّ مجبراً وبين كونه غير مجبر ، فإن كان الوليّ مجبراً ، لم يجز النّكاح الواقع من الفضوليّ ولو أجازه الوليّ ، أمّا إذا لم يكن له الإجبار ، فإمّا أن تكون المزوّجة ذات قدر ، أو دنيئةً ، فإن كانت ذات قدر ، فقال مالك : ما فسخه بالبيّن ، ولكنّه أحبّ إليّ ، وقال ابن القاسم : له إجازة ذلك وردّه ما لم يبن بها الزّوج ، وقال بعض فقهاء المالكيّة : إن دخل بها الزّوج ، وطال مكثه معها بمضيّ ثلاث سنين ، أو ولادة ولدين فأكثر ، لم يفسخ النّكاح ، وإلاّ كان الوليّ مخيّراً بين الفسخ والإمضاء .



وإن كانت دنيئةً ، فعندهم في إنكاحه قولان ، أحدهما : أنّ النّكاح ماض مطلقاً ، وهو المشهور في المذهب



والثّاني : أنّها كذات القدر الشّريفة .



وصيّة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم وصيّة الفضوليّ من مال غيره على قولين :



أحدهما للحنفيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة ، وحكي في الجديد عن الشّافعيّ وهو قول عند الحنابلة : وهو أنّه تصحّ وصيّة الفضوليّ ، لكنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، وذلك لأنّ الوصيّة تصحّ بالمعدوم ، فأولى أن تصحّ من الفضوليّ .



والثّاني للمالكيّة - وهو الأصحّ عند الحنابلة والقول الجديد عند الشّافعيّة - : وهو أنّ وصيّة الفضوليّ لا تصحّ مطلقاً ، لأنّه تبرّع ممّن لا ملك له ولا ولاية ولا نيابة ، فيكون باطلاً .



هبة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم هبة الفضوليّ لمال غيره على قولين :



أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة والشّافعيّ في الجديد وعليه المذهب : وهو أنّ هبة الفضوليّ باطلة ، إذ يستحيل على المرء أن يملّك ما لا يملك .



والثّاني للحنفيّة ، وهو رواية عند المالكيّة : وهو أنّ هبة الفضوليّ تنعقد صحيحةً ، غير أنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، فإن ردّها بطلت ، وإن أجازها كان لإجازته حكم الوكالة السّابقة .



وقال المالكيّة : الفرق بين بيع الفضوليّ وهبته أنّ البيع تمليك في نظير عوض ، أمّا الهبة فالتّمليك فيها مجّاناً ، ولهذا اختلف الحكم بينهما .



وقف الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم وقف الفضوليّ لمال غيره على قولين :



أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : وهو أنّ وقف الفضوليّ باطل ، سواء أجازه المالك بعد أم لا .



والثّاني للحنفيّة ، وهو قول عند المالكيّة ، ورواية عن أحمد : وهو أنّ وقف الفضوليّ صحيح ، غير أنّه يكون موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



صلح الفضوليّ :



اتّفق الفقهاء على جريان الصّلح من الفضوليّ كجريانه ممّن عليه الحقّ ، واختلفوا في ضمن ذلك إلى أقوال وصور وشروط كثيرة .









مكتب / محمد جابرعيسى المحامى




 
تصرفات الفضولي في الفقه الإسلامي








تصرفات الفُضُوليّ



التّعريف :



الفضوليّ لغةً من يشتغل بما لا يعنيه ، نسبةً إلى الفضول ، جمع فضل ، وهو الزّيادة . غير أنّ هذا الجمع - الفضول - غلب استعماله على ما لا خير فيه ، حتّى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى ، ومن أجل ذلك كان في النّسبة إليه تلك الدّلالة .



وفي اصطلاح الفقهاء يطلق الفضوليّ على من يتصرّف في حقّ الغير بلا إذن شرعيّ وذلك لكون تصرّفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية .



الألفاظ ذات الصّلة :



أ - الوليّ :



الوليّ لغةً : من الوَلْي ، بمعنى القرب والنّصرة ، والوليّ خلاف العدوّ .



وفي الاصطلاح : الوليّ من يملك الولاية ، وهي تنفيذ القول على الغير .



ويختلف معنى الوليّ حسب اختلاف المواضيع ، قال التّمرتاشيّ في باب النّكاح : هو البالغ العاقل الوارث .



ويمكن تعريف الوليّ بوجه عامّ أنّه من يتصرّف للغير بحكم الشّرع ، كالوالد لولده الصّغير أو المجنون ، وكذا القاضي والإمام .



والصّلة بينه وبين الفضوليّ ، أنّ الوليّ له حقّ التّصرّف في حقّ المولّى عليه شرعاً ، بخلاف الفضوليّ .



ب - الوكيل :



من معاني الوكيل لغةً : الحافظ والكافي ، ومنه قوله تعالى : { وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } . وفي الاصطلاح : الوكيل فعيل من الوكالة ، وهي تفويض واحد أمره لآخر وإقامته مقامه في ذلك الأمر .



فالوكيل هو المفوّض والنّائب عن الغير في أمر قابل للنّيابة .



والصّلة بينه وبين الفضوليّ أنّ كليهما يتصرّف للغير ، لكنّ الوكيل بالتّفويض من الغير ، والفضوليّ بغير تفويض .



ج - المالك :



المالك فاعل من الملك ، وهو شرعاً اختصاص العمل في التّصرّف ، والمالك صاحب الملك .



وقال ابن نجيم : الملك قدرة يثبتها الشّارع ابتداءً على التّصرّف إلاّ لمانع .



وعلى ذلك فمالك الشّيء هو القادر على التّصرّف فيه ابتداءً ، فهو مقابل الفضوليّ الّذي ليس له التّصرّف ابتداءً ، وإنّما تصحّ بعض تصرّفاته بإجازة المالك انتهاءً عند بعض الفقهاء .



الأحكام المتعلّقة بتصرّفات الفضوليّ :



بيع الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم بيع الفضوليّ - في الجملة - على قولين :



أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : هو أنّ بيع الفضوليّ ينعقد موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّاني للحنابلة والشّافعيّة في المعتمد : وهو أنّ بيع الفضوليّ باطل ، فلا ينقلب صحيحاً ولو أجازه المالك بعد .



شراء الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم شراء الفضوليّ لغيره على أربعة أقوال :



أحدها للمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ شراء الفضوليّ كبيعه ، ينعقد موقوفاً على إجازة من اشترى له ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّاني للشّافعيّ في الجديد والحنابلة في الصّحيح من المذهب : وهو أنّ شراء الفضوليّ باطل لا يترتّب عليه أي حكم أو أثر .



والثّالث للحنفيّة : حيث فرّقوا بين ما إذا أضاف العقد إلى نفسه ، وبين ما إذا أضافه إلى الّذي اشتراه له ، وقالوا : إذا أضافه الفضوليّ إلى نفسه ، كانت العين المشتراة له ، سواء وجدت الإجازة من الّذي اشتراه له أو لم توجد ، لأنّ الشّراء إذا وجد نفاذاً على العاقد أمضي عليه ، لأنّ الأصل أن يكون تصرّف الإنسان لنفسه لا لغيره ، لقوله تعالى : { لَهَا مَا كَسَبَتْ } وشراء الفضوليّ كسبه حقيقةً ، فالأصل أن يكون له إلاّ إذا جعله لغيره ، أو لم يجد نفاذاً عليه لعدم الأهليّة ، فعندئذ يتوقّف على إجازة من اشترى له ، بأن كان الفضوليّ عبداً محجوراً ، أو صبيّاً مميّزاً واشترى لغيره ، فإنّ شراءه يتوقّف على إجازة ذلك الغير ، إذ الشّراء لم يجد نفاذاً عليه ، فيتوقّف على إجازة الّذي اشتري له ضرورةً ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



وإن أضاف الفضوليّ العقد إلى الّذي اشتراه له ، بأن قال الفضوليّ للبائع : بع دابّتك هذه من فلان بكذا ، فقال : بعت ، وقال الفضوليّ : قبلت البيع فيه لأجل فلان ، أو قال البائع : بعت هذا الثّوب من فلان بكذا ، وقبل المشتري الفضوليّ منه الشّراء لأجل فلان ، فإنّ هذا العقد يكون موقوفاً على إجازة المشترى له .



والرّابع للشّافعيّ في القديم ، وحكي عنه في الجديد وقد قسّم شراء الفضوليّ إلى أربع حالات ، وافقه الحنابلة في ثلاث منها في القسمة لا في الحكم .



وبيان ذلك :



الحالة الأولى : أن يشتري للغير بعين مال الغير ، وللشّافعيّ في ذلك قولان : الوقف وهو رواية عن الإمام أحمد ، والبطلان وهو المذهب عند الحنابلة .



والحالة الثّانية : أن يشتري بمال نفسه للغير ، وقد فرّق الشّافعيّ في هذه الحالة بين ما إذا سمّى في العقد من اشترى له ، وبين ما إذا لم يسمّه : فإن سمّاه نظر : فإن لم يأذن لغت التّسمية ، وفي وقوعه عن الفضوليّ وجهان : الوقف ، والبطلان ، وإن أذن له ، فهل تلغو التّسمية أم لا ؟ فإن قلنا : تلغو ، فهل يقع عن المباشر ، أم يبطل من أصله ؟ وجهان ، وإن قلنا : لا تلغو ، وقع العقد عن الآذن .



وإن لم يسمّه وقع عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أم لا .



أمّا الحنابلة فالمذهب عندهم في هذه الحالة هو بطلان الشّراء مطلقاً ، إلاّ ما روي عن بعض فقهائهم من طرد قولي الوقف والبطلان فيها .



والحالة الثّالثة : أن يشتري الفضوليّ لغيره في الذّمّة بغير إذنه ، وفي هذه الحالة ينظر : فإن لم يسمّ ذلك الغير في العقد ، فالشّافعيّ في الجديد قال : يقع عن المباشر ، وفي القديم قال : يتوقّف على إجازة المشتري له ، فإن أجازه نفذ في حقّه ، وإن ردّه نفذ في حقّ الفضوليّ ، وقال الحنابلة : يصحّ - على الصّحيح - ويكون موقوفاً على الإجازة .



وإن سمّاه في العقد ، فقال الشّافعيّة : هو كشرائه بعين مال الغير .



وعند الحنابلة قولان : الصّحيح أنّه لا يصحّ هذا العقد ، والثّاني أنّ حكمه حكم ما إذا لم يسمّه في العقد .



والحالة الرّابعة : أن يضيف الشّراء إلى الغير بثمن معيّن ، وهذه الحالة انفرد بذكرها الشّافعيّة ، ولهم حسب المحكيّ في الجديد وجهان : أحدهما : يلغو العقد ، والثّاني يقع عن المباشر .



إجارة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم إجارة الفضوليّ لأعيان الغير ، هل هي صحيحة موقوفة على الإجارة أم أنّها باطلة شرعاً ؟ وذلك على قولين :



أحدهما للحنفيّة والمالكيّة وأحمد في رواية عنه : وهو أنّ إجارة الفضوليّ تنعقد موقوفةً على إجازة المالك أو وليّه ، فإن أجازها نفذت ، وإن ردّها بطلت .



والثّاني للشّافعيّ في الجديد ، والحنابلة على الصّحيح في المذهب : وهو أنّ إجارة الفضوليّ باطلة ، لأنّها عقد صدر من غير مالك أو ذي ولاية في إبرامه ، فيكون باطلاً .



ثمّ إنّ الحنفيّة فرّقوا بين كون الفضوليّ في عقد الإجارة مؤجّراً وبين كونه مستأجراً ، فجعلوا إجارته كبيعه ، واستئجاره كشرائه .



إنكاح الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم إنكاح الفضوليّ من غير ولاية أو نيابة على أربعة أقوال : أحدها للحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : هو أنّ إنكاح الفضوليّ باطل لا تؤثّر فيه إجازة الوليّ .



والثّاني لأحمد في رواية عنه ، وأبي يوسف : وهو أنّ إنكاح الفضوليّ صحيح ، لكنّه يتوقّف على إجازة الوليّ ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



والثّالث لأبي حنيفة ، ومحمّد بن الحسن : وهو أنّه إذا كان المتولّي لطرفي النّكاح شخصاً واحداً فضوليّاً ، كان العقد باطلاً ، سواء تكلّم بكلام واحد أو بكلامين ومثل ذلك في الحكم إذا كان فضوليّاً بالنّسبة لأحد الطّرفين ، ولو كان أصيلاً أو وكيلاً أو وليّاً عن الطّرف الآخر ، ما دام قد تولّى العقد عن الطّرفين .



أمّا إذا لم يكن المتولّي لطرفي النّكاح فضوليّاً ، فيكون عقده موقوفاً على الإجازة ، سواء قبل فيه فضوليّ آخر أو أصيل أو وكيل .



والرّابع للمالكيّة : وهو التّفريق بين كون الوليّ مجبراً وبين كونه غير مجبر ، فإن كان الوليّ مجبراً ، لم يجز النّكاح الواقع من الفضوليّ ولو أجازه الوليّ ، أمّا إذا لم يكن له الإجبار ، فإمّا أن تكون المزوّجة ذات قدر ، أو دنيئةً ، فإن كانت ذات قدر ، فقال مالك : ما فسخه بالبيّن ، ولكنّه أحبّ إليّ ، وقال ابن القاسم : له إجازة ذلك وردّه ما لم يبن بها الزّوج ، وقال بعض فقهاء المالكيّة : إن دخل بها الزّوج ، وطال مكثه معها بمضيّ ثلاث سنين ، أو ولادة ولدين فأكثر ، لم يفسخ النّكاح ، وإلاّ كان الوليّ مخيّراً بين الفسخ والإمضاء .



وإن كانت دنيئةً ، فعندهم في إنكاحه قولان ، أحدهما : أنّ النّكاح ماض مطلقاً ، وهو المشهور في المذهب



والثّاني : أنّها كذات القدر الشّريفة .



وصيّة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم وصيّة الفضوليّ من مال غيره على قولين :



أحدهما للحنفيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة ، وحكي في الجديد عن الشّافعيّ وهو قول عند الحنابلة : وهو أنّه تصحّ وصيّة الفضوليّ ، لكنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، وذلك لأنّ الوصيّة تصحّ بالمعدوم ، فأولى أن تصحّ من الفضوليّ .



والثّاني للمالكيّة - وهو الأصحّ عند الحنابلة والقول الجديد عند الشّافعيّة - : وهو أنّ وصيّة الفضوليّ لا تصحّ مطلقاً ، لأنّه تبرّع ممّن لا ملك له ولا ولاية ولا نيابة ، فيكون باطلاً .



هبة الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم هبة الفضوليّ لمال غيره على قولين :



أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة والشّافعيّ في الجديد وعليه المذهب : وهو أنّ هبة الفضوليّ باطلة ، إذ يستحيل على المرء أن يملّك ما لا يملك .



والثّاني للحنفيّة ، وهو رواية عند المالكيّة : وهو أنّ هبة الفضوليّ تنعقد صحيحةً ، غير أنّها تكون موقوفةً على إجازة المالك ، فإن ردّها بطلت ، وإن أجازها كان لإجازته حكم الوكالة السّابقة .



وقال المالكيّة : الفرق بين بيع الفضوليّ وهبته أنّ البيع تمليك في نظير عوض ، أمّا الهبة فالتّمليك فيها مجّاناً ، ولهذا اختلف الحكم بينهما .



وقف الفضوليّ :



اختلف الفقهاء في حكم وقف الفضوليّ لمال غيره على قولين :



أحدهما للمالكيّة على المشهور ، والحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : وهو أنّ وقف الفضوليّ باطل ، سواء أجازه المالك بعد أم لا .



والثّاني للحنفيّة ، وهو قول عند المالكيّة ، ورواية عن أحمد : وهو أنّ وقف الفضوليّ صحيح ، غير أنّه يكون موقوفاً على إجازة المالك ، فإن أجازه نفذ ، وإن ردّه بطل .



صلح الفضوليّ :



اتّفق الفقهاء على جريان الصّلح من الفضوليّ كجريانه ممّن عليه الحقّ ، واختلفوا في ضمن ذلك إلى أقوال وصور وشروط كثيرة .









مكتب / محمد جابرعيسى المحامى



القواعد الفقهيّة الضّابطة لأحكام الضّرر








القواعد الفقهيّة الضّابطة لأحكام الضّرر



لقد عنى الفقهاء كثيراً بدراسة موضوع الضّرر ومعالجة آثاره ، وذلك لما له من أهمّيّة بالغة في استقرار العلاقات بين النّاس ، وقعّدوا لذلك مجموعةً من القواعد الفقهيّة الكلّيّة تضبطه ، وتوضّح معالمه العامّة وتنظّم آثاره ، وأهمّ هذه القواعد هي :



الضّرر يزال :



أصل هذه القاعدة قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » لا ضرر ولا ضرار « ويبتنى على هذه القاعدة كثير من أبواب الفقه فمن ذلك الرّدّ بالعيب ، وجميع أنواع الخيارات ، والحجر بسائر أنواعه ، والشّفعة ، وما إلى ذلك .



ويتعلّق بهذه القاعدة قواعد :



الأولى : الضّرورات تبيح المحظورات :



ومن ثمّ جاز أكل الميتة عند المخمصة وإساغة اللّقمة بالخمر .



وزاد الشّافعيّة على هذه القاعدة : " بشرط عدم نقصانها عنها " .



الثّانية : ما أبيح للضّرورة يقدّر بقدرها :



ومن فروعها : المضطرّ لا يأكل من الميتة إلاّ قدر سدّ الرّمق ، والطّعام في دار الحرب يؤخذ على سبيل الحاجة ، لأنّه إنّما أبيح للضّرورة ، قال في الكنز : وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ، وبعد الخروج منها لا ينتفع بها وما فضل ردّ إلى الغنيمة.



الضّرر لا يزال بمثله :



هذه القاعدة مقيّدة لقاعدة " الضّرر يزال " بمعنى أنّ الضّرر مهما كان واجب الإزالة ، فإزالته إمّا بلا ضرر أصلاً أو بضرر أخفّ منه ، كما هو مقتضى قاعدة " الضّرر الأشدّ يزال بالأخفّ " وأمّا إزالة الضّرر بضرر مثله أو أشدّ فلا يجوز ، وهذا غير جائز عقلاً - أيضاً - لأنّ السّعي في إزالته بمثله عبث .



ومن فروع هذه القاعدة ما لو أكره على قتل المسلم بالقتل مثلاً لا يجوز لأنّ هذا إزالة الضّرر بضرر مثله ، بخلاف أكل ماله فإنّه إزالة الضّرر بما هو أخفّ .



ومنها لو ابتلعت دجاجة لؤلؤةً ، أو أدخل البقر رأسه في قدر ، أو أودع فصيلاً فكبر في بيت المودع ولم يمكن إخراجه إلاّ بهدم الجدار ، أو كسر القدر ، أو ذبح الدّجاجة ، يضمن صاحب الأكثر قيمة الأقلّ ، لأنّ الأصل أنّ الضّرر الأشدّ يزال بالأخفّ .



يتحمّل الضّرر الخاصّ لدفع الضّرر العامّ :



هذه القاعدة مقيّدة لقاعدة " الضّرر لا يزال بمثله " أي لا يزال الضّرر بالضّرر إلاّ إذا كان أحدهما عامّاً والآخر خاصّاً ، فيتحمّل حينئذ الضّرر الخاصّ لدفع الضّرر العامّ .



وهذه قاعدة مهمّة من قواعد الشّرع مبنيّة على المقاصد الشّرعيّة في مصالح العباد استخرجها المجتهدون من الإجماع ومعقول النّصوص ، قال الأتاسيّ نقلاً عن الغزاليّ : إنّ الشّرع إنّما جاء ليحفظ على النّاس دينهم وأنفسهم وعقولهم وأنسابهم وأموالهم ، فكلّ ما يكون بعكس هذا فهو مضرّة يجب إزالتها ما أمكن وإلاّ فتأييداً لمقاصد الشّرع يدفع في هذا السّبيل الضّرر الأعمّ بالضّرر الأخصّ .



إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفّهما :



هذه القاعدة وقاعدة " الضّرر الأشدّ يزال بالأخفّ " وقاعدة " يختار أهون الشّرّين " متّحدات والمسمّى واحد وإن اختلف التّعبير وما يتفرّع عليها يتفرّع على أختيها .



ومن فروعها جواز شقّ بطن الميتة لإخراج الولد إذا كانت ترجى حياته .



استعمال الحقّ بالنّظر إلى ما يؤوّل إليه من أضرار :



يقول الشّاطبيّ : جلب المصلحة أو دفع المفسدة إذا كان مأذوناً فيه على ضربين : أحدهما : أن لا يلزم عنه إضرار الغير .



والثّاني : أن يلزم عنه ذلك ، وهذا ضربان :



أحدهما : أن يقصد الجالب أو الدّافع ذلك الإضرار كالمرخّص في سلعته قصداً لطلب معاشه ، وصحبه قصد الإضرار بالغير .



والثّاني : أن لا يقصد إضراراً بأحد ، وهو قسمان :



أحدهما : أن يكون الإضرار عامّاً كتلقّي السّلع وبيع الحاضر للبادي والامتناع عن بيع داره أو فدّانه ، وقد اضطرّ إليه النّاس لمسجد جامع أو غيره .



والثّاني : أن يكون خاصّاً وهو نوعان :



أحدهما : أن يلحق الجالب أو الدّافع بمنعه من ذلك ضرر ، فهو محتاج إلى فعله ، كالدّافع عن نفسه مظلمةً يعلم أنّها تقع بغيره ، أو يسبق إلى شراء طعام ، أو ما يحتاج إليه ، أو إلى صيد أو حطب أو ماء أو غيره عالماً أنّه إذا حازه تضرّر غيره بعدمه ، ولو أخذ من يده تضرّر .



والثّاني : أن لا يلحقه بذلك ضرر وهو على ثلاثة أنواع :



الأوّل : ما يكون أداؤه إلى المفسدة قطعيّاً ، أعني القطع العادي كحفر البئر خلف الدّار في الظّلام ، بحيث يقع الدّاخل فيه ، وشبه ذلك .



والثّاني : ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادراً كحفر البئر بموضع لا يؤدّي غالباً إلى وقوع أحد فيه ، وأكل الأغذية الّتي غالباً لا تضرّ أحداً وما أشبه ذلك .



والثّالث : ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيراً لا نادراً وهو على وجهين :



أحدهما : أن يكون غالباً كبيع السّلاح من أهل الحرب ، والعنب من الخمّار ، وما يغشّ به ممّن شأنه الغشّ ، ونحو ذلك .



والثّاني : أن يكون كثيراً لا غالباً كمسائل بيوع الآجال .



فهذه ثمانية أقسام .



القسم الأوّل : استعمال الحقّ بحيث لا يلزم عنه مضرّة :



استعمال الحقّ إذا لم يلزم عنه مضرّة بالغير ، حكمه أنّه باق على أصله من الإذن ولا إشكال فيه ولا حاجة إلى الاستدلال عليه لثبوت الدّليل على الإذن ابتداءً .



القسم الثّاني : استعمال الحقّ بقصد الإضرار بالغير :



لا إشكال في منع القصد إلى الإضرار من حيث هو إضرار لثبوت الدّليل على أنّه : » لا ضرر ولا ضرار في الإسلام « .



والضّابط الكلّيّ في استعمال الحقّ هو ما ذكره الغزاليّ حيث يقول : أن لا يحبّ لأخيه إلاّ ما يحبّ لنفسه ، فكلّ ما لو عومل به شقّ عليه وثقل على قلبه فينبغي أن لا يعامل به غيره . وجاء في معين الحكّام في شرح حديث » لا ضرر ولا ضرار « فنهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتعمّد أحدهما الإضرار بصاحبه وعن أن يقصدا ذلك جميعاً .



وفيما يلي نذكر بعض الفروع الفقهيّة تطبيقاً لهذا النّوع من استعمال الحقّ :



الإضرار في الوصيّة :



روى الدّارقطنيّ من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعاً : » الإضرار في الوصيّة من الكبائر « .



وورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : » إنّ الرّجل ليعمل والمرأة بطاعة اللّه ستّين سنةً ثمّ يحضرهما الموت فيضارّان في الوصيّة فتجب لهما النّار « قال شهر بن حوشب - راوي الحديث - ثمّ قرأ عليّ أبو هريرة : { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ } إلى قوله : { وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .



والإضرار في الوصيّة تارةً يكون بأن يخصّ بعض الورثة بزيادة على فرضه الّذي فرضه اللّه له فيتضرّر بقيّة الورثة بتخصيصه ، ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » إنّ اللّه قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه فلا وصيّة لوارث « .



وتارةً بأن يوصي لأجنبيّ بزيادة على الثّلث فينقص حقوق الورثة ، ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : » الثّلث ، والثّلث كثير « ومتى أوصى لوارث أو لأجنبيّ بزيادة على الثّلث لم ينفذ ما أوصى به إلاّ بإجازة الورثة .



الإضرار بالرّجعة :



من طلّق زوجته ثمّ راجعها وكان قصده بالرّجعة المضارّة فإنّه آثم بذلك ، وقد نهى اللّه سبحانه وتعالى عن هذا التّصرّف بقوله : { وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } .



يقول الطّبريّ في تفسير هذه الآية : ولا تراجعوهنّ إن راجعتموهنّ في عددهنّ مضارّةً لهنّ لتطوّلوا عليهنّ مدّة انقضاء عددهنّ ، أو لتأخذوا منهنّ بعض ما آتيتموهنّ بطلبهنّ الخلع منكم لمضارّتكم إيّاهنّ ، بإمساككم إيّاهنّ ومراجعتكموهنّ ضراراً واعتداءً .



وبهذا تبيّن أنّ اللّه سبحانه وتعالى نهى الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بقصد إضرارهنّ بتطويل العدّة ، أو أخذ بعض مالهنّ ، والنّهي يفيد التّحريم فتكون الرّجعة محرّمةً في هذه الحالة .



ومن صور الإضرار : الإيلاء ، وغيبة الزّوج ، والحبس ، فيفرّق بين الزّوجين دفعاً للضّرر ، بشروطه على تفصيل وخلاف فيه .



الإضرار في الرّضاع :



إن رغبت الأمّ في إرضاع ولدها أجيبت وجوباً سواء كانت مطلّقةً أم في عصمة الأب على قول جمهور الفقهاء ، لقوله تعالى : { لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا } والمنع من إرضاع ولدها مضارّة لها .



وقيل : إن كانت الأمّ في حبال الزّوج فله منعها من إرضاع ولدها إلاّ أن لا يمكن ارتضاعه من غيرها ، ولكن إنّما يجوز له ذلك إذا كان قصد الزّوج به توفير الزّوجة للاستمتاع ، لا مجرّد إدخال الضّرر عليها ، ويلزم الأب إجابة طلب المطلّقة في إرضاع ولدها ما لم تطلب زيادةً على أجرة مثلها ، أمّا إن طلبت زيادةً على أجرة مثلها زيادةً كبيرةً ، ووجد الأب من يرضعه بأجرة المثل لم يلزم الأب إجابتها إلى ما طلبت ، لأنّها تقصد المضارّة .



الإضرار في البيع :



من أمثلة الضّرر في البيوع بيع الرّجل على بيع أخيه ، والسّوم والشّراء على شراء أخيه ، والنّجش وتلقّي الجلب أو الرّكبان ، وبيع الحاضر للبادي ، وبيع المضطرّ .



وممّا يندرج في القسم الثّاني حسب تقسيمات الشّاطبيّ :



استعمال صاحب الحقّ حقّه لتحقيق مصلحة مشروعة له على وجه يتضرّر منه غيره .



يقول الشّاطبيّ : لكن يبقى النّظر في العمل الّذي اجتمع فيه قصد نفع النّفس ، وقصد إضرار الغير هل يمنع منه فيصير غير مأذون فيه ، أم يبقى على حكمه الأصليّ من الإذن ويكون عليه إثم ما قصد ؟ هذا ممّا يتصوّر فيه الخلاف على الجملة ، وهو جار في مسألة الصّلاة في الدّار المغصوبة مع ذلك فيحتمل الاجتهاد فيه .



وهو أنّه إمّا أن يكون إذا رفع ذلك العمل وانتقل إلى وجه آخر في استجلاب تلك المصلحة ، أو درء تلك المفسدة جعل له ما أراد أو لا ، فإن كان كذلك فلا إشكال في منعه منه ، لأنّه لم يقصد غير الإضرار ، وإن لم يكن محيص عن تلك الجهة الّتي يستضرّ منها الغير ، فحقّ الجالب أو الدّافع مقدّم وهو ممنوع من قصد الإضرار ، ولا يقال : إنّ هذا تكليف بما لا يطاق ، فإنّه إنّما كلّف بنفي قصد الإضرار وهو داخل تحت الكسب لا بنفي الإضرار بعينه .



ومن فروع هذا النّوع ما ذكره التّسوّليّ ، فيمن أراد أن يحفر بئراً في ملكه ويضرّ بجدار جاره ، وأمّا إن وجد عنه مندوحةً ولم يتضرّر بترك حفره فلا يمكّن من حفره لتمحّض إضراره بجاره حينئذ .



ومذهب الحنابلة ومتأخّري الحنفيّة قريب من مذهب المالكيّة في هذا الصّدد ، إذ هم يقيّدون حقّ المالك في التّصرّف بملكه بما يمنع الإضرار الفاحش عن جاره فقد جاء في المغني : ليس للجار التّصرّف في ملكه تصرّفاً يضرّ بجاره ، نحو أن يبني فيه حمّاماً بين الدّور ، أو يفتح خبّازاً بين العطّارين .



والزّيلعيّ من الحنفيّة يقرّر هذا المعنى ويقول : إنّ للإنسان أن يتصرّف في ملكه ما شاء من التّصرّفات ما لم يضرّ بغيره ضرراً ظاهراً ، ولو أراد بناء تنّور في داره للخبز الدّائم ، كما يكون في الدّكاكين ، أو رحاً للطّحن ، أو مدقّات للقصّارين لم يجز ، لأنّ ذلك يضرّ بالجيران ضرراً ظاهراً فاحشاً لا يمكن التّحرّز منه ، والقياس أنّه يجوز لأنّه تصرّف في ملكه ، وترك ذلك استحساناً لأجل المصلحة .



القسم الثّالث : لحوق الضّرر بجالب المصلحة أو دافع المفسدة عند منعه من استعمال حقّه :

هذا لا يخلو أن يلزم من منعه الإضرار به بحيث لا ينجبر أوّلاً ، فإن لزم قدّم حقّه على الإطلاق .



ومن فروع هذا النّوع ما ذكره ابن قدامة من أنّه إذا اشتدّت المخمصة في سنة المجاعة وأصابت خلقاً كثيراً ، وكان عند بعض النّاس قدر كفايته وكفاية عياله ، لم يلزمه بذله للمضطرّين ، وليس لهم أخذه منه لأنّ ذلك يفضي إلى وقوع الضّرر به ولا يدفعه عنهم ، وكذلك إن كانوا في سفر ومعه قدر كفايته من غير فضلة ، لم يلزمه بذل ما معه للمضطرّين، لأنّ البذل في هذه الحالة يفضي إلى هلاك نفسه وهلاك عياله فلم يلزمه ، كما لو أمكنه إنجاء الغريق بتغريق نفسه ، ولأنّ في بذله إلقاءً بيده إلى التّهلكة ، وقد نهى اللّه عن ذلك .



أمّا إذا أمكن انجبار الإضرار ورفعه جملةً فاعتبار الضّرر العامّ أولى فيمنع الجالب أو الدّافع ممّا همّ به ، لأنّ المصالح العامّة مقدّمة على المصالح الخاصّة بدليل النّهي عن تلقّي السّلع وعن بيع الحاضر للبادي ، واتّفاق السّلف على تضمين الصّنّاع مع أنّ الأصل فيهم الأمانة ، وقد زادوا في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غيره ممّا رضي أهله وما لا ، وذلك يقضي بتقديم مصلحة العموم على مصلحة الخصوص لكن بحيث لا يلحق الخصوص مضرّة - لا تنجبر - وهو مفاد قاعدة " يتحمّل الضّرر الخاصّ لدفع الضّرر العامّ " .



القسم الرّابع : دفع الضّرر بالتّمكين من المعصية :



فمن ذلك الرّشوة على دفع الظّلم إذا لم يقدر على دفعه إلاّ بذلك ، وإعطاء المال للمحاربين وللكفّار في فداء الأسرى ، ولمانعي الحاجّ حتّى يؤدّوا خراجاً ، كلّ ذلك انتفاع أو دفع ضرر بتمكين من المعصية ، ومن ذلك طلب فضيلة الجهاد ، مع أنّه تعرّض لموت الكافر على الكفر ، أو قتل الكافر المسلم ، بل قال عليه الصلاة والسلام : » والّذي نفسي بيده لوددت أنّي أقتل في سبيل اللّه ثمّ أحيا ثمّ أقتل « ولازم ذلك دخول قاتله النّار ، وقول أحد ابني آدم : { إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ } .



بل العقوبات كلّها جلب مصلحة أو درء مفسدة يلزم عنها إضرار الغير ، إلاّ أنّ ذلك كلّه إلغاء لجانب المفسدة لأنّها غير مقصودة للشّارع في شرع هذه الأحكام ، ولأنّ جانب الجالب والدّافع أولى .



القسم الخامس : التّصرّف المفضي إلى المفسدة قطعاً :



المفروض في هذا الوجه أنّه لا يلحق الجالب للمصلحة أو الدّافع للمفسدة ضرر ، ولكنّ أداءه إلى المفسدة قطعيّ عادةً فله نظران :



نظر من حيث كونه قاصداً لما يجوز أن يقصد شرعاً من غير قصد إضرار بأحد ، فهذا من هذه الجهة جائز لا محظور فيه .



ونظر من حيث كونه عالماً بلزوم مضرّة الغير لهذا العمل المقصود مع عدم استضراره بتركه ، فإنّه من هذا الوجه مظنّة لقصد الإضرار ، لأنّه في فعله إمّا فاعل لمباح صرف لا يتعلّق بفعله مقصد ضروريّ ولا حاجيّ ولا تكميليّ فلا قصد للشّارع في إيقاعه من حيث يوقع ، وإمّا فاعل لمأمور به على وجه يقع فيه مضرّة مع إمكان فعله على وجه لا يلحق فيه مضرّة وليس للشّارع قصد في وقوعه على الوجه الّذي يلحق به الضّرر دون الآخر . وعلى كلا التّقديرين فتوخّيه لذلك الفعل على ذلك الوجه مع العلم بالمضرّة لا بدّ فيه من أحد أمرين : إمّا تقصير في النّظر المأمور به وذلك ممنوع ، وإمّا قصد إلى نفس الإضرار وهو ممنوع - أيضاً - فيلزم أن يكون ممنوعاً من ذلك الفعل ، لكن إذا فعله يعدّ متعدّياً بفعله ويضمن ضمان المتعدّي على الجملة .



القسم السّادس : التّصرّف المفضي إلى المفسدة نادراً :



المفروض في هذا الوجه أنّ الجالب أو الدّافع لا يقصد الإضرار بأحد إلاّ أنّه يلزم عن فعله مضرّة بالغير نادراً ، هو على أصله من الإذن ، لأنّ المصلحة إذا كانت غالبةً فلا اعتبار بالنّدور في انخرامها ، إذ لا توجد في العادة مصلحة عريّة عن المفسدة جملةً ، إلاّ أنّ الشّارع إنّما اعتبر في مجاري الشّرع غلبة المصلحة ولم يعتبر ندور المفسدة إجراءً للشّرعيّات مجرى العاديّات في الوجود ، ولا يعدّ - هنا - قصد القاصد إلى جلب المصلحة أو دفع المفسدة - مع معرفته بندور المضرّة عن ذلك - تقصيراً في النّظر ولا قصداً إلى وقوع الضّرر ، فالعمل إذن باق على أصل المشروعيّة ، والدّليل على ذلك أنّ ضوابط المشرّعات هكذا وجدناها : كالقضاء والشّهادة في الدّماء والأموال والفروج مع إمكان الكذب والوهم والغلط ، وكذلك إعمال الخبر الواحد والأقيسة الجزئيّة في التّكاليف مع إمكان إخلافها والخطأ فيها من وجوه ، لكن ذلك نادر فلم يعتبر واعتبرت المصلحة الغالبة .



القسم السّابع : التّصرّف المؤدّي إلى المفسدة ظنّاً :



قد يكون التّصرّف وسيلةً موضوعةً للمباح إلاّ أنّه يظنّ أداؤه إلى المفسدة فيحتمل الخلاف ، أمّا أنّ الأصل الإباحة والإذن فظاهر ، وأمّا أنّ الضّرر والمفسدة تلحق ظنّاً فهل يجري الظّنّ مجرى العلم فيمنع من الوجهين المذكورين أم لا ، لجواز تخلّفهما وإن كان التّخلّف نادراً ؟ لكن اعتبار الظّنّ هو الأرجح ، ولا يلتفت إلى أصل الإذن والإباحة لأمور : أحدها : أنّ الظّنّ في أبواب العمليّات جار مجرى العلم فالظّاهر جريانه هنا .



والثّاني : قوله تعالى : { وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } فحرّم اللّه تعالى سبّ آلهة المشركين مع كون السّبّ غيظاً وحميّةً للّه وإهانةً لآلهتهم ، لكونه ذريعةً إلى سبّهم للّه تعالى وكانت مصلحة ترك مسبّته تعالى أرجح من مصلحة سبّنا لآلهتهم ، وهذا كالتّنبيه بل كالتّصريح على المنع من الجائز لئلاّ يكون سبباً في فعل ما لا يجوز .



القسم الثّامن : التّصرّف المؤدّي إلى المفسدة كثيراً :



إذا كان أداء التّصرّف إلى المفسدة كثيراً لا غالباً ولا نادراً ، فهو موضع نظر والتباس واختلف الفقهاء في حكمه :



فيرى فريق من الفقهاء أنّ الأصل فيه الحمل على الأصل من صحّة الإذن ، لأنّ العلم والظّنّ بوقوع المفسدة منتفيان ، إذ ليس - هنا - إلاّ احتمال مجرّد بين الوقوع وعدمه ولا قرينة ترجّح أحد الجانبين على الآخر ، واحتمال القصد للمفسدة ، والإضرار لا يقوم مقام نفس القصد ولا يقتضيه .



وذهب الفريق الآخر إلى المنع من مثل هذا التّصرّف ، لأنّ القصد لا ينضبط في نفسه لأنّه من الأمور الباطنة لكن له مجال - هنا - وهو كثرة الوقوع في الوجود أو هو مظنّة ذلك ، فكما اعتبرت المظنّة وإن صحّ التّخلّف ، كذلك نعتبر الكثرة لأنّها مجال القصد .



دفع الضّرر بترك الواجب :



المعهود في الشّريعة دفع الضّرر بترك الواجب إذا تعيّن طريقاً لدفع الضّرر كالفطر في رمضان ، وترك ركعتين من الصّلاة لدفع ضرورة السّفر ، وكذلك يستعمل المحرّم لدفع الضّرر كأكل الميتة لدفع ضرر التّلف ، وتساغ الغصّة بشرب الخمر كذلك ، وذلك كلّه لتعيّن الواجب أو المحرّم طريقاً لدفع الضّرر .



أمّا إذا أمكن تحصيل الواجب ، أو ترك المحرّم مع دفع الضّرر بطريق آخر من المندوبات أو المكروهات فلا يتعيّن ترك الواجب ولا فعل المحرّم ، ولذلك لا يترك الغسل بالماء ، ولا القيام في الصّلاة ولا السّجود لدفع الضّرر والألم والمرض ، إلاّ لتعيّنه طريقاً لدفع ذلك الضّرر ، وهذا كلّه قياس مطّرد .



وجوب دفع الضّرر :



قال الحصكفيّ : يجب قطع الصّلاة لإغاثة ملهوف وغريق وحريق ويقول ابن عابدين: المصلّي متى سمع أحداً يستغيث وإن لم يقصده بالنّداء ، أو كان أجنبيّاً وإن لم يعلم ما حلّ به ، أو علم وكان له قدرة على إغاثته قطع الصّلاة فرضاً كانت أو غيره .



وفي الجملة يجب إغاثة المضطرّ بإنقاذه من كلّ ما يعرّضه للهلاك من غرق أو حرق ، فإن كان قادراً على ذلك دون غيره وجبت الإعانة عليه وجوباً عينيّاً ، وإن كان ثمّ غيره كان ذلك واجباً كفائيّاً على القادرين ، فإن قام به أحد سقط عن الباقين وإلاّ أثموا جميعاً .



وهذا محلّ اتّفاق بين الفقهاء ، وإنّما اختلفوا في تضمين من امتنع عن دفع الضّرر عن المضطرّ مع قدرته على ذلك ، فيرى أكثر الفقهاء أنّ كلّ من رأى إنساناً في مهلكة فلم ينجّه منها مع قدرته على ذلك لم يلزمه ضمانه ، وقد أساء ، لأنّه لم يهلكه ، ولم يكن سبباً في هلاكه كما لو لم يعلم بحاله .



وذهب المالكيّة وأبو الخطّاب من الحنابلة إلى أنّ الممتنع مع القدرة يلزمه الضّمان ، لأنّه لم ينجّه من الهلاك مع إمكانه ، فيضمنه كما لو منعه الطّعام والشّراب .



الحجر لدفع الضّرر :



يحجر على بعض النّاس الّذين تكون مضرّتهم عامّةً ، كالطّبيب الجاهل ، والمفتي الماجن ، والمكاري المفلس ، لأنّ الطّبيب الجاهل يسقي النّاس في أمراضهم دواءً مخالفاً يفسد أبدانهم لعدم علمه ، ومثله المفتي الماجن وهو الّذي يعلّم الحيل الباطلة ، كتعليم المرأة الرّدّة لتبين من زوجها ، أو لتسقط عنها الزّكاة ، ثمّ تسلم ، وكالّذي يفتي عن جهل ، وكذا المكاري المفلس ، لأنّه يأخذ الكراء أوّلاً ليشتري بها الجمال والظّهر ويدفعه إلى بعض ديونه مثلاً ، فإنّ كلّ واحد من هؤلاء مضرّ بالعامّة ، الطّبيب الجاهل يهلك أبدانهم ، والمفتي الماجن يفسد عليهم أديانهم ، والمكاري المفلس يتلف أموالهم فيحجر على هؤلاء ، لكن المراد من الحجر المنع من إجراء العمل لا منع التّصرّفات القوليّة ، والمنع في هذه الحالة من باب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر .



التّفريق لضرر عدم الاتّفاق :



ذهب المالكيّة والشّافعيّة في الأظهر والحنابلة في قول إلى أنّ الزّوج إذا أعسر بالنّفقة فالزّوجة بالخيار إن شاءت صبرت وأنفقت على نفسها من مالها أو ممّا اقترضته ، وإن شاءت رفعت أمرها إلى القاضي وطلبت فسخ نكاحها .



وروي نحو ذلك عن عمر وعليّ وأبي هريرة ، وبه قال سعيد بن المسيّب والحسن وعمر بن عبد العزيز وربيعة وحمّاد ويحيى القطّان وعبد الرّحمن بن مهديّ وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور .



ويرى الحنفيّة وعطاء والزّهريّ وابن شبرمة أنّ من أعسر بنفقة امرأته لم يفرّق بينهما ، ويقال لها : استديني .